«دحبــــــــــــاش»

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

«دحبــــــــــــاش»

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

«دحبــــــــــــاش» :wink:

الأربعاء 4/5/2005 فكري قاسم صحيفة الشورى

عندما ظهر مسلسل «دحباش» لأول مرة في تلفزيون صنعاء بداية التسعينيات.. عرف المشاهد اليمني لأول مرة في حياته معنى «الضحكة» المحلية.. ومعنى أن يصعد نجم، فنان «شعبي»، وتصل شهرته الى حد لم يصدقه حتى «آدم سيف» نفسه.
اختلف الجمهور في الداخل حول المسلسل وحول شخصية دحباش، بين مؤيد ومعارض لبساطة الطرح والإمكانيات، وجو العمل ومشاغبات «دحباش» الغير مبررة أو منطقية، لكن الجميع اتفق في النهاية أن «آدم سيف» بعث للدراما اليمنية المحلية روحها، وجعل الناس يضبطون ساعات أياديهم، ليس على موعد نشرة الأخبار كما جرت العادة.. بل على موعد بدء عرض المسلسل.. وربما كان هذا ذنب الرجل؟!
آدم سيف عموماً فنان بسيط، موهوب بالسليقة. صحيح أنه لم يحمل شهادة أكاديمية، ولم يجلس ذات يوم على كراسي معهد أو أكاديمية الفنون، لأن بلادنا بلا أكاديمية فنية من أصله..!
لكن «آدم» قدم نفسه، ونجح، حاول، ووصل.. وصارنجماً إسمهُ يغري الصغير والكبير رغم أنف الجميع!
والسؤال ماذا قدمنا له نحن حتى نعاقب فيه بساطة طرحه الفني، وتواضع رؤاه الإبداعية.
هل أخذنا بيده إلى حيث ينبت الفن بشكله الصحيح، هل فكرنا أن نأخذه في دورة تدريبية خارج البلد تعلمهُ كيف يكتب السيناريو مثلاً، أو حتى كيف يحافظ على ظهوره كنجم صار ملك الناس؟!
إننا لا نجيد غير صناعة الإحباط، وركل كل قادم يحمل في روحه بذرة الإبداع.. وتحتاج فقط لمن يلتقطها ويحولها الى ممارسة مدروسة وقادرة على الثبات.
لكن صناعة النجوم، وإستثمارهم، تبدو «شُغلانه» لا يفقهها هؤلاء القوم لأنهم أصلاً يعيشون دونما إحساس بالجمال.. ولا حتى إحساس بالآخر، لذا فإننا وبامتياز بلد في غرفة الإنعاش؟!
آدم سيف «دحباش» نموذج واحد من بين عشرات النمادج في كل مجالات الحياة الإبداعية.
إن كثيراً من القدرات تموت أمام عيوننا ونحن مشغولون بعناوين التنمية: «تنمية إيش؟» والله ما لي علم؟ تنمية الكروش، تنمية الارصدة في البنوك؟ تنمية الفلل والعقارات؟
تنمية إيش؟ والله مالي علم؟!!
إن الشيء الوحيد الذي ينمو ويكبر -أمام عيوننا- هو الفساد، وما دون ذلك كل شيء يصغر، ويتراجع، حتى خارطة البلد؟!.
بين مصر -مثلاً- واليمن، تشابه كبير في التعامل الروتيني، أخذنا عنهم أشياء كثيرة رتيبة، حتى أهداف الثورة كما يعلق بعض كتبة التاريخ اليمني المعاصر...
لكن أوجه الشبه في تدفق الحياة، ونبضها بيننا وبين المحروسة، تقاس بالسنين الضوئية.!
هي مقارنة ظالمة فعلاً، لكني أحاول فقط أن أفتح باباً للحديث عن صناعة النجوم، ودفنهم -أحياء- في اليمن السعيد؟!
تحدثت عن «دحباش» كمبدع درامي وصلت شهرته أكثر من شهرة اكبرها كبير في البلد.. ومع هذا «دفناه حياً».
أين هو الآن؟
إنه ينام تحت سقف بيت آيل للسقوط! ماذا لو كان «شعبان عبدالرحيم» هل ستصمت الصحافة المصرية مثلاً، وهل سيتقدم «حسني مبارك لانتخابات الرئاسة ضارباً بكل ذلك عرض الحيطة؟!
ولا يختلف حالاً عن «دحباش» الفنان المنلوجست القدير/ فؤاد الشريف، أول منلوجست في شبه الجزيرة العربية، أين هو الآن؟
أقسم أن وزير الثقافة نفسه لا يستطيع أن يرد على هذا السؤال.. هذا إن كان يعرف من هو فؤاد الشريف أصلاً؟!
إن البلد يتحول يوماً بعد يومٍ إلى مطحنة إبداعية. ويا ريتنا نستفيد من المصريين في صناعة نجومهم.
أو حتى من التجربة السعودية -مؤخراً- من خلال سلسلة «طاش ما طاش».
ما الذي ينقصنا حتى صرنا هكذا أشبه بالقطة التي تأكل أبناءها، وتتجشأهم في أعياد الثورة فقط؟!
مثلاً مثلاً.. ظهر فجأة كاتب جميل إسمه محمد صالح الحاضري لم يلتقطه أحد.. لا في الدولة، ولا في الأحزاب السياسية، جميعهم شاركوا في طحنه، وها هو الآن «الحاضري» كاتب عظيم انشغل بالفلسفة، وإنشغلنا بـ«الحشوش» عليه ككاتبٍ تراجع مستواه!
حاول «عبدالسلام الشعيبي مجتهداً» أن يفلسف طريقة بناء الاهرامات في مصر وقال وجهة نظره في ذلك وبجرأة تستحق الدراسة والانتباه، لكن فخامته ذات زيارة لمصر رد علي أسئلة بعض الصحفيين -حد ما يتداول- وقال: «مالكم منه.. هذا مجنون».
«تفوووو» عليها ظروف هذه التي لا ترحم، ولا تخلي رحمة ربنا تنزل؟!
الأمثلة كثيرة، كثيرة جداً.. إننا بجد في بلدٍ -او بالأصح- إننا بين أيادي نخبة مسؤولين هم قمة في القُبح.. والوصولية، و... الله يخارجنا منهم وبس؟!
على كل حال.. لا أستطيع أن أكتب ساخراً كما تعود البعض، لأنني اصلاً موجوع من الداخل! والبكاء وحده هو ما يشبه الضحك في بلدٍ بلا معايير كهذا الذي وقفنا لسنين طوال نحييه في طابور الصباح! وشعرنا في لحظة ما كم كنا أغبياء!!
سأض إجلالاً لحضوره.. ويستحق الآن أن نسأل:
أين ذهبت نجوم اليمن -كما كانوا يلقبونهم مطلع التسعينيات؟
يااااااااااااااااااه.. الإجابة على ذلك تجعل الواحد منا يكره أبوه بلد.
قبل فترة لحفاري القبور..!!
Fekry19@hotmail.com
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“