كيف لعبت أمريكا الشطرنج خلال الربيع العربي

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
عبدالوكيل التهامي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 105
اشترك في: الخميس مارس 30, 2006 2:21 pm

كيف لعبت أمريكا الشطرنج خلال الربيع العربي

مشاركة بواسطة عبدالوكيل التهامي »

بسم الله الرحمن الرحيم

كيف لعبت أمريكا الشطرنج خلال الربيع العربي

أمريكا تلعب الشطرنج .. الرقعة هي العالم العربي .. والقطع هي القيادات السياسية .. والهدف هو التحكم في مصيرنا .. وكما يضحي أبطال العالم في الشطرنج بقطع هامة كالوزير والقلعة وغيرهما من أجل الفوز بالمباراة يبدو أن الأمريكيين قد فعلوا ذلك في العالم العربي حتى لقد خدعوا أعداءهم بل وحتى حلفاءهم .. وذلك في السياق التالي :

1- التضحية بعملاء كبار في قيمة "زين العابدين بن علي - حسني مبارك" للإيحاء بأن هناك حركات تحررية حقيقية في العالم العربي ، وأن بإمكاننا التغيير والتحرر وبالطبع لن يشمل ذلك تحررنا من أمريكا ونفوذها وهيمنتها والتبعية لها بل على العكس سيتكرس النفوذ الأمريكي وستضعف الأنظمة السياسية في تلك الدول التي ستعاني من الانقسامات الحادة والعميقة وسيلجأ كل طرف من أطراف الصراع للاستقواء بأمريكا التي تتحكم بخيوط اللعبة وتحدد من الرابح ومن الخاسر مما يؤدي إلى مزيد من الضعف والتشرذم والتسابق على التبعية ، وذلك يقتل أي تحول استراتيجي تحرري أو دور وطني مستقبلي محتمل في مواجهة الهيمنة الأمريكية التامة للعالم العربي

2- هذه التضحية بطاغيتي تونس ومصر ستؤدي إلى تحريك أحجار الدومينو في البركة العربية الراكدة والمتعفنة .. وستؤدي في النهاية لزعزعة الاستقرار في جميع البلدان العربية بما في ذلك الحصن الأخير للعرب - سوريا - والتي كانت عصية على الكسر والانصياع

3- بواسطة الأدوات الإعلامية الناطقة بالعربية التابعة لأمريكا والمنابر المذهبية التابعة لآل سعود يمكن التحكم بالنتائج الواسعة للحركة العربية (الفيسبوكية) ، وتوجيه الأضواء نحو ما يريدون بل وتضخيمه جدا ، وفي المقابل يمكن التغاضي عما لا يريدون ، وبذلك يمكن استخدام ذلك كسلاح يضربون به أعداءهم (من الداخل وبأياد عربية ومذهبية) ويمكنهم احتواء أي خطر يواجهه عملاؤهم الأكبر والأخطر (كما حدث في البحرين والسعودية والأردن والمغرب)

الحصيلة : لقد نجحت هذه الخدعة التاريخية الشاملة في حصول أمريكا على هذه المكاسب التي كانت بعيدة المنال قبل الربيع العربي :

المكسب الأول : التفاهم مع الإخوان المسلمين وتحييدهم في الصراع العربي الاسرائيلي بل وتحويلهم إلى أداة لضرب إيران والمقاومة الاسلامية وقداحة لإشعال الفتنة المذهبية الشاملة بين المسلمين

المكسب الثاني : امتصاص نقمة الشارع العربي وحماسه الثوري عقودا إلى الوراء تلك النقمة وذلك الحماس الذي كان بالإمكان أن ينفجر في أي وقت ويتحول إلى بركان يلتهم النفوذ الأمريكي ويكرر سيناريو ثورة الامام الخميني في إيران

المكسب الثالث : إظهار أمريكا كداعم للتحرر العربي وكراعي للتحول نحو الديمقراطية (وهي التي ترعى الديكتاتوريات) ، والتخلص من أفراد كانوا يحكمون السيطرة على دول مركزية قوية ، وهم إن كانوا عملاء اليوم من الممكن أن يتحولوا في لحظة لتتحول معهم دولهم الكبرى بمقدراتها وقيمتها الاستراتيجية لاسيما وقد استجد على الساحة انسحاب أمريكي من العراق على وقع المقاومة قام على إثره نظام سياسي غير معاد لإيران إن لم يكن متحالفا معها

المكسب الرابع : السيطرة على نفط ليبيا وتقاسمه وبناء قاعدة عسكرية في طرابلس

المكسب الخامس : توجيه ضربة نوعية لمعسكر الممانعة الإسلامي بإضعاف النظام السوري تمهيدا لاسقاطه وهو الحلقة الوسطية الأبرز والعمق الاستراتيجي للمقاومة والحصن الأخير للعرب في المعركة ضد إسرائيل ، وهذا يمهد بدوره لاستنساخ النموذج السوري داخل لبنان لادخال حزب الله في حرب داخلية مع سنة سعد الحريري ومسيحيي جعجع ، وفي النهاية لاراحة إسرائيل وأمريكا من هم حزب الله

المكسب السادس : إشعال الفتنة المذهبية الشاملة بين السنة والشيعة والتي ستمتد آثارها إلى سنوات قادمة ستنهكهم وستؤدي في الحصيلة إلى تعزيز موقف إسرائيل ووجودها وهي التي كان يتوعدها السيد نصر الله بهزيمة نكراء وبتحرير شمال فلسطين في الحرب القادمة!!

المكسب السابع : إيجاد أنظمة عربية مفككة وضعيفة وغير مركزية ومنهكة في ظل نظام ديمقراطي شكلي كما هو حاصل في العراق وفي تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن ، وربما تلحق بهم السعودية والسودان والمغرب والجزائر وجميع الدول العربية الكبيرة.

المكسب الثامن : تسويق النموذج التركي (الهجين) في العالم العربي لاحتواء النفوذ الإيراني (المتطرف) النموذج التركي (العلماني - المتحالف مع أمريكا وإسرائيل - ذي الواجهة الإسلامية السنية) بديلا للنموذج الإيراني (الإسلامي - المعادي لأمريكا وإسرائيل - ذي الواجهة الإسلامية الشيعية) ، بما يتضمنه ذلك من مفردات ، فتكون ثورية أتاتورك بديلا لثورية الإمام الخميني ، والجيش العلماني التركي بديلا للحرس الثوري الإيراني ، والتحالف مع أمريكا والغرب بديلا لمواجهتها ، والاعتراف بإسرائيل بديلا لمقاومتها ، ونموذج أردوغان بديلا لنموذج أحمدي نجاد ، والنموذج الاعلامي والاجتماعي والتربوي لمسلسل مهند بديلا للنموذج الاعلامي والاجتماعي والتربوي لمسلسل النبي يوسف عليه السلام.

المكسب التاسع : قيادة العرب الآن في يد مشيخة قطر الذين لا جيش لهم ولا عمق استراتيجي ولا عناصر حقيقية للقوة ويعتمدون في وجودهم ونفوذهم على الولاء لامريكا وقد قبلوا أن يكون مركز القيادة العسكرية الأمريكية في السيلية جنبا إلى جنب مع قصر الأمير ومع قناة الجزيرة ، وبالتالي من المستبعد جدا أن يفكر أولئك المشائخ في استبدال الولاء المطلق لامريكا التي تضمن لهم الوجود والنفوذ والوجاهة وهم في حقيقة الأمر - لا شيء - ويمكن قلعهم من كراسيهم بفرقة موسيقية ..

والآن قطر تستعد لهذا الدور القيادي بهذه الخطوات الثلاث :
1- السيطرة على الحركة السلفية الوهابية والتي كانت في يد آل سعود واستخدمت مرارا في ضرب كل أعداء بريطانيا وأمريكا مرورا بالدولة العثمانية وجمال عبدالناصر والاتحاد السوفيتي والخميني وصدام حسين وحزب الله وأخيرا وليس آخرا النظام السوري ..

2- امتلاك أهم أسطول إعلامي عربي يسيطر على العالم العربي بالطول والعرض ويوجهه كيفما شاء ويربيه على ما يريد وهو اسطول الجزيرة (الاخبارية - الوثائقية - الرياضية - براعم - الجزيرة للاطفال) وأتوقع قريبا أنه سيضيف قنوات ترفيهية وقنوات إسلامية لتكتمل السيطرة والهيمنة الاعلامية وربما سيرث القنوات الترفيهية والمذهبية للنظام السعودي والتي تسيطر على قطاع الترفيه والمذهبية في الاعلام العربي

3- الاعتراف بإسرائيل وإقامة تحالف استراتيجي معها ومحاولة إغواء قيادات حماس والجهاد للاستسلام لها كما أغوت الاخوان المسلمين من قبل وكما استحوذت على عقل الشيخ يوسف القرضاوي.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“