بسم الله الرحمن الرحيم
ندوة لمناقشة دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة
تحت شعار ( من أجل قضاء عادل ومستقل) عقدت منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية بالتعاون مع منظمتي هود والمرصد اليمني لحقوق الإنسان صباح يوم الخميس الموافق 21/4/2005م بقاعة فندق صنعاء الدولي الندوة الخاصة بمناقشة دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة والتي شارك فيها نخبة من المثقفين القانونيين و الناشطين الحقوقيين و السياسيين.
ويشكل موضوع المحكمة الجزائية إشكالية كبرى لدى الكثير من المهتمين بقضايا الحقوق والحريات ولا سيما وأن هناك انتهاكات تمارسها هذه المحكمة من خلال طرحها للقضايا بصورة متعسفة ، وضمن إجراءات استثنائية مغايرة لما يحدث في المحاكم الطبيعية ، وبالرغم أن للمحكمة عدد كبير من الضحايا إلا أن إشكاليتها لم تبرز على السطح إلا في الفترة الأخيرة من خلال تفاصيل محاكمة العالمين يحي الديلمي ومحمد مفتاح ، حيث توجه إليهما تهم هي عبارة عن خواطر وأفكار كلها مشروعة دستوراً وقانوناً ، كما أن بعض ممارسات المحكمة مثل عدم تصوير ملف القضية لهيئة الدفاع قد أثار جدلاً واسعاً لدى نقابة المحاميين التي طالبت بمقاطعة هذه المحكمة ، ويأتي عقد هذه الندوة كخطوة في طريق توفير مناخ حر وحقوق متساوية ومحاكمة عادلة ومستقلة لكل المواطنين.
وقد تم تقسيم الندوة إلى جلستين و رأس الجلسة الأولى الأستاذ محمد عبد الرحمن الرباعي رئيس حزب اتحاد القوى الشعبية ، ورأست الجلسة الثانية الأستاذة أمل الباشا رئيسة منتدى الشقائق العربي
الجلسة الأولى : - بدأت بكلمة الأستاذ الرباعي والتي تطرق فيها إلى أهمية احترام الدستور والقانون واعتبر ما يحدث هو خروج عن الطريق الذي ينبغي الاتجاه إليه والسير فيه ودعا إلى تعاضد مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقيام بدورها الحقيقي ودعا أن يمتلك كل مواطن نسخة من الدستور يضعها في جيبه ليعرف ما هو الأساس الذي يجب أن تتعامل به كل سلطات الدولة .
- وبعد ذلك قدم الأستاذ أحمد الوادعي المحامي المعروف ورقة بعنوان دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة حيث تحدث عن المحكمة ودستوريتها بمعايير دستورية عند تفحص قرارات هذه المحاكم وممارسة نشاطاها ، وقد ذكر أنها مخالفة للدستور وتخالف نصوصه وروحه في أكثر من موضع سواء بطريقة صريحة ومباشرة أو بطريقة ضمنية وغير مباشرة ، أما المباشر فهو في المادة رقم (150) ، وغير المباشر في المواد رقم (6, 14).
فالمادة ( 150) مكرسة للقضاء والمحاكم القضائية وقد ذيل نصها بأنه لا يجوز إنشاء محاكم استثنائية في أي صورة من الصور ، وفي أي حالة من الأحوال ، ولأي سبب أو هدف من الأهداف ، وكلمة حالة أشمل والقانون صادر بالمحاكم المتخصصة بقرار جمهوري وليس بقرار من مجلس النواب،كما تحدث الوادعي عن مخالفة الدستور في إنشاء هذه المحاكم بالقرار الجمهوري الصادر بعام 1999م.
والمادة (6) والتي تقرر بأن اليمن تلتزم بالإعلانات الحقوقية العالمية التي تمنع إنشاء محاكم استثنائية ويحاكم الناس المحاكمة عادلة ، وأن يكون أمام القاضي الطبيعي ، ويجب النظر في القضايا جميعها في إجراءات عادلة صغيرة كانت أو كبيرة ويجب على القاضي أن يكون هو الأقرب إلى المتهمين ، كما أن المادة (51) قد نصت على أن المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات وينطوي عليه عدة مبادئ في المادة ومنها الحقوق السياسية والدستورية وهذا يعني المساواة أمام القانون.
- وقدم الأستاذ المحامي عبد العزيز البغدادي في ورقته بعنوان ( هل المحكمة خاصة أم استثنائية أم جنائية أم سياسية ) ، وعرج فيها على التعريف بالمحاكم ذات الاختصاص والسياسية والاستثنائية وبعد أن وضح في ورقته أن كل محكمة لها سماتها وخصائصها حيث وجد أنه يعجز عن التعريف الذي ينبغي أن نعرف بها المحكمة الجزائية المتخصصة في اليمن حيث أنها مختلطة الاختصاص وبالتالي فتعريفها بالتخصصية مازال تعريف قاصر ولا يتناسب مع ما أورده القرار الجمهوري بشان هذه المحكمة وهو عندما يتحدث عن الاختصاص لا يعني بالضرورة أنه يعترف بهذه المحكمة المختصة ، وتطرق إلى محاكمة العلامة يحي حسين الديلمي والعلامة محمد مفتاح التي تنظر فيها هذه المحكمة ، وهي قضية أغرب من الخيال في تاريخ القضاء اليمني ، وذكر أن قضية العالمين لا تدخل في اختصاص هذه المحكمة الممنوح لها وفق القرار الجمهوري النص (3)، وأن هذه المحاكمة خارج نطاق المعقول من حيث ممارساتها.
الجلسة الثانية : - بدأت بتقديم المحامي محمد ناجي علاو ورقة بعنوان( عدم دستورية المحكمة المتخصصة).أكد فيها على عدم دستورية المحكمة ، ورفض تسميتها بمحكمة ، حيث اعتبرها جهة تقاد من قبل مجموعة من الفضوليين ، وأن مصدر نشأتها غير صادر من السلطة القضائية بل من السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الجمهورية ووزير العدل ورئيس الوزراء ، وجميع إجراءاتها غير قانونية ،كما أكد على أن جميع البلاد تفتقر إلى آلية الديمقراطية.
وكانت الورقة الثانية مقدمة من الدكتور محمد المخلافي بعنوان (حقوق الانسان والمحكمة المتخصصة) ، اعتبر فيها أن هذه المحكمة لا ينطبق عليها حتى محكمة استثنائية ، يعني أن هذه محكمة وقضاة غير شرعيين وجدت في عصور الاستبداد والدكتاتورية وصار على الدولة بعد التوقيع على إعلانات حقوق الإنسان والتصديق والالتزام بتعهداتها وتنفيذها ، وهي معاهدات تشترط المحاكمة العادلة
- الاستاذ / أحمد الوادعي، حول دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة.
وأكد على ضرورة التفريق بين القضاء الطبيعي والاستثنائي من ناحيتين:
الأولى: وجود نظام قانوني متكامل للقضاء وأي محكمة خارجة عنه هي المحكمة الإستثنائية .
الثاني: جعل المحكمة مختصة للنظر في أي قضية تصدر إليه ليوفر الآمان.
واختتم ورقته بأننا سنجد أن المحكمة المتخصصة إستثنائية من حقوق الإنسان التي تلتزم بها اليمن وهي محكمة خارج الدستور ، وخارج القانون ، وأن هذه المحكمة هي استدعاء لماضي الاستبداد ونقيض للنظام الدستوري القائم على حرية التعبير.
وبعد النقاش الذي تخلله عدد من مداخلات المشاركين خرجت الندوة بالتوصيات التالية:
1- أكد المشاركون على عدم دستورية المحكمة باعتبارها من القضاء الاستثنائي، وطالبو منظمات حقوق الإنسان و النقابات المختصة ورجال القانون السعي والعمل من أجل عدم وجود محاكمات استثنائية.
2- مخاطبة رئيس الجمهورية تطالبه بالإفراج عن كافة السجناء و السياسيين.
3- مناشدة القوى السياسية و المنظمات المدنية في أن تُفعِل دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان والتنسيق فيما بينها وكذا مناشدة السلطة بإيجاد دولة النظام والقانون
والمواطنة المتساوية وإيجاد قضاء عادل ومستقل.
4- طالب المشاركون بإلغاء هذه المحكمة وعدم ترافع المحامين أمامها واعتبار الأحكام الصادرة عنها أحكام لاغية ولا تنتج أي تأثير.
5- دعا المشاركون إلى ضرورة تفعيل هذه الندوة وتوثيقها ونشرها على منظمات حقوق الإنسان في الداخل و الخارج و الحث على إقامة ندوات مماثلة للتأكيد على عدم جواز انتهاك حقوق الإنسان ، و أن الإعلان على حقوق الإنسان لا يكفي وأن المطلوب هو الحصول فعلاً على هذه الحقوق.
الوحدوي نت - خاص - سامية الاغبري
الجمعة/22ابريل2005
قال المحامي محمد ناجي علاو بان المحكمةالجزائية التى وصفها بـ"المخصخصة" غير قانونية لان المحاكم لاتنشئ الا بقانون والمحكمة الجزائية انشئت بقرار جمهوري عام 99م وقع عليه الاستاذ اسماعيل الوزير وزير العدل حينها ورئيس مجلس الوزراء د عبد الكريم الارياني ورئيس الجمهورية
واوضح علاو في الندوة الخاصة بمناقشة دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة التي اقامتها منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية صباح اليوم بالتعاون مع منظمة هود والمرصد اليمني لحقوق الانسان تحت شعار من احل قضاء عادل مستقل أن اجراءات انشئاء المحكمة غير دستورية
ووصف الاشخاص الذي ن انشأوا المحكمة بـ"مجموعة من الفضوليين "ممن يقومون بالحبس والاعدامحسب قوله
وتسائل علاو ماهي الصفة التي جعلت رئيس مجلس الوزراء يوقع على قرار كهذا دون ان تكون له اي صلاحية دستورية اوقانونية
وطالب المحامي جمال الجعبي المدير التنفيذي لمنظمة الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية في كلمة القاها باسم المنظمة بقضاء مستقل ونزيه ومحاكم عادلة لان بوابة الوصول الى العدالة هي القضاء
من جتهه طالب محمد الرباعي الامين العام لاتحاد القوى الشعبية- بضرورة ان يكون الدستور في جيب كل مواطن ليعرف حقوقه التي تهدر بسبب جهله
وقدم المحامي عبد الرحمن الوادعي ورقة عمل الى الندوة اكد فيها بان هذه المحاكم تنهتك حقوق الانسان ومن يحاكم امامها لا يتمتع بتلك الحقوق التي يتمتع بها من يحاكم امام المحاكم العادية والعامة وان الناس لا يتساوون في الدفاع عن انفسهم امام هذه المحاكم
وتسائل المحامي عبد العزيز البغدادي هل هذه المحاكم "محاكم الاختصاص الخاص "استثنائية ام سياسية اما انها لاتنتمي لاي منهما؟؟
واشار الى ان المحكمة الجزائية لاتنطبق عليها هذه الصفات بل هي خارج نطاق المعقول واتهم الدكتور محمد المخلافى الدولة بعدم احترامها لابسط مظاهر التزاماتها الشكلية وقال ان هذه المحكمة خارجة عن النظام القانوني المتكامل مؤكدا بانها لاتوفر الضمانات والاجراءات اللازمة وفي مقدمتهامن حق الدفاع سواء قبل اواثناء المحاكمة المكفولة في المحاكم العادية
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة والأخوات رؤساء وأعضاء المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات ومنظمة هود ومنظمة المرصد المحترمون
تحية ألم وأمل نهديكم من أعماق السجن المركزي ، ألم لما يعانيه الإنسان اليمني من ظلم واضطهاد وقهر واستبداد باسم العدل الذي هو اسم لله عز وجل في بيت العدل .. في المحكمة .
المأساة الحقيقية التي لمسناها أن كل الجرائم والانتهاكات التي مورست ضدنا وما زالت تمارس في بيت العدل .
لقد تم اختطافنا من أمام المساجد بيوت الله منذ ثمانية أشهر وأخفينا عن أهلنا وأقاربنا في غياهب الأمن السياسي لتمارس ضدنا كل أنواع الإرهاب والتعذيب النفسي لمدة أربعة أشهر ، ثم نقلنا إلى السجن المركزي المكان المعد للقتلة واللصوص والمجرمين ومن نبذهم المجتمع لنعيش تحت أيدي السجانين الذين مارسوا ضدنا بالذات أساليب قبيحة ، لننقل من زنزانة إلى أخرى ونعاقب في إحدى نزوات ما يسمى بالمحكمة في زنزانة لا تليق حتى بالحيوانات لقذارتها ، ليس معنا فرش ولا بطانية مع مجموعة نبذهم مجتمع المنبوذين .
والمصيبة والطامة أنه لا يوجد لنا ذنب يذكر فكلانا خطيب مسجد ، نعلم الناس من المنبر مستمدين شريعتنا من القرآن والدستور والقانون ، وها نحن نحاكم لأننا نعلم الناس ديننا العظيم الذي يأمر المسلم أن يكون حراً كريما ( إن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ) .
ولأننا نحمل فكر ومعتقد الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ونؤمن بحقنا في التعبير عن آرائنا ومعتقداتنا ونشرها بكل الوسائل السلمية وفي ظل القبول بالرأي الآخر في إطار الدستور والقانون .
إن كل ما يمارس ضدنا من جرائم ما هو إلا محاولة عقيمة لإلغاء الرأي الآخر وحرية الفكر ومحاولة في قمع كل حر وكل صاحب فكر ، وبما أننا الحلقة الأضعف في المجتمع كوننا ليس لنا تيار حزبي ولا نملك السلاح القبلي وليس لنا ظهر إلا الله بدأ تنفيذ المخطط الآثم بداية بنا ثم كل من يحمل فكراً أو رأياً مخالفاً لهم .
ولكن يبقى الأمل في مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني لتقفوا صفاً واحداً لمقاومة هذا الظلم الآثم ، ولتفضحوا ما تمارسه ما تسمى بالمحكمة الجزائية المتخصصة ، لتكشفوا كل الجرائم التي وقعت علينا من خلالها .
فهذه المسماة بالمحكمة ما هي إلا صورة من صور الظلم والقهر في بلادنا ، والاختراق للدستور والقانون والشريعة الإسلامية بل وكل القوانين والأعراف الإنسانية في العالم .
هذه المسماة بالمحكمة التي أهدرت جميع حقوقنا من منع المحامين من ملف القضية ، وإخراجنا قسراً من المحكمة ، وتنصيب شخص منهم لم نوكله ولم نأذن له ليترافع بدلاً عنا ، إلى آخر الانتهاكات التي تعرض لها أقاربنا وأصدقائنا في بوابة معقل الظلم هذا من السب والشتم وإطلاق الرصاص الحي والإرهاب بالمصفحات والرشاشات وكل أنواع الإرهاب والانتشار الرهيب للجنود والاعتقالات لأقاربنا وأصدقائنا .
الأخوة والأخوات ؛ ما نحن إلا مثال بسيط لما تمارسه هذه المحكمة ضد أبناء وطننا الغالي ، وكم هو الظلم الذي مورس ضد مواطنين أمام هذا المعقل .
نحن بحاجة إلى التكاتف والتعاضد لكي نعيش في مجتمع تسوده المساواة والعدالة ، يحتكم فيه الجميع للدستور والقانون ، ولن يكون ذلك إلا بمنع أي جهة من استغلال نفوذها لخرم وهدم الحقوق والحريات وانتهاك الدستور والقانون ، وإلغاء المحاكم الاستثنائية ومعاقل الظلم والتي منها المحكمة الجزائية المتخصصة .
ويبقى الأمل فيكم في بناء الوطن وإصلاحه ولتكونوا الصخرة القوية التي تتكسر عليها أمواج الفساد والطغيان والظلم .
وفي الأخير نشكر لكم اجتماعكم واهتمامكم بالوطن وقضاياه ، وها نحن نضع أيدينا بأيديكم لبناء وطن سماؤه قضاء عادل ومستقل .
أخوكم يحيى حسين الديلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي كتب على نفسه الرحمة ، وحرم الظلم بين خلقه وأمر بالعدل والإحسان ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ،
وصلاته وسلامه ورحمته وبركاته على خاتم النبيين الباذل للإنصاف من نفسه وماله ، وعلى آله الذين أحيا الله بهم قيم العدل والحق وأصحابه الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ، وعلى المؤمنين الأخيار في كل زمان ومكان الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم .
والتحية وجزيل السلام لكم أيها الأخوة المنظمون لهذه الندوة والمشاركون فيها ، والشكر الجزيل لكل من أسهم في إقامتها .
وبعد ؛
فإن المسؤولية الشرعية والأخلاقية تلقي على عواتقنا مهمة جسيمة ألا وهي دفع الظلم ونصرة العدل ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، وتعرية بؤر الفساد وكشف حقيقتها للمجتمع ليتخذ إزائها الموقف الصحيح ولا ينخدع بالزخارف والمظاهر المضللة التي تتستر ورائها هذه البؤر .
لقد اتضح لي من خلال فاجعة الاعتداء علي وعلى أولادي وزوجتي ونهب ممتلكاتنا ومختصاتنا وودائع الناس والأمانات التي لدينا ، ومن خلال أطوار هذا العدوان أن بعض مستنقعات الظلم والفساد مموهة بعناوين مخادعة وبراقة ، فهي كالحية ناعم ملمسها والسم الناقع في أحشائها .
وقد لا يستطيع أحد اكتشاف حقيقتها إلا عندما يكتوي بنارها ويستعر بلظاها . (( إن من البديهات أن من يدعي أنه حارس النظام والقانون يجب عليه أن يكون أحرص الناس على احترام ما يدعي الوصاية عليه والحراسة له ، وقد اتضح بما لا يدع مجالاً لشك ولا مدخلاً لريب بأن الأجهزة الموكل إليها هذه المهمة في بلادنا هي أشد إهانة وأوسع خرقاً للأنظمة والقوانين من أي فرد أو مجموعة قد تلم بشئ من ذلك )) .
بل إن بعض الأجهزة بنيت خارج القانون وتعمل باسمه لسحق كل ما هو نافع وقويم ، وتتغاضى عن ما يفسد الحياة والمجتمع إن لم تكن متورطة بشكل أو بآخر في دعمه ، ومن هذه الأجهزة ما يسمى بأجهزة الضبط ، والتي منها البحث الجنائي الذي لا يخفى عليكم ما ترتكبه من جرائم تعذيب ونهب وابتزاز ، وكم من برئ أقر بما ليس عليه أو مات تحت التعذيب ، ونتيجة لذلك فكم من برئ قد حكم بعقوبات جائرة من حبس وغرامات ، بل وقد يحكم بإزهاق روحه رغم برائته في الواقع .
ومنها ما يسمى بجهاز الأمن السياسي الذي يمارس أبشع أنواع الإرهاب والتعذيب النفسي والجسدي ، وهو بالنسبة لي أحد الأطوار الفاجعة التي أعاني منها مع جميع عائلتي .
لقد اطلعت خلال محنتي هذه على فظائع بشعة تمارس في معتقلات هذا الجهاز التابع لمكتب رئاسة الجمهورية ، فهو يخترق القانون أثناء القبض على المطلوبين له ، فيلقي القبض عليه بدون أوامر خطية يعرضها عليهم ويرسل عناصره متخفين بلباس مدني ويمتنعون عن التعريف بأنفسهم أو إبراز ما يثبت تبعيتهم ، ويأتون في غير أوقات الدوام الرسمي ، ولا يراعون حرمة المساكن والمساجد ودور العلم ، وبالجملة لا يستطيع الضحية التفريق بين أسلوب وعناصر هذا الجهاز وأسلوب وعناصر العصابات .
وقد تعرضت خلال شهرين لمرتين من هذا الاعتقال الهمجي ، ففي المرة الأولى تم خطفي من باب الجامع الكبير بالروضة بعد إمامتي للناس في صلاة المغرب ، وكان بجانبي ابني البالغ من العمر أحد عشر سنة وأخوه البالغ حوالي سبع سنوات ، والذي أصيب بصدمة نفسية وعصبية فقد على أثرها الوعي والقدرة على الكلام لليلة كاملة ولا يزال يعاني من حالة خوف شديدة إلى الآن رغم مرور ما يقارب عشرة أشهر .
وكان ذلك نتيجة الهمجية التي شاهد عناصر الأمن السياسي وهم يتعاملون بها معي من السحب وتصويب الأسلحة والجلبة والترويع .
وفي المرة الثانية تم خطفي أثناء عودتي بعد يوم عمل مرهق ابتدأ من الفجر ولم بنته في الساعة العاشرة ليلاً ، وقد تم ترويع الطفلين سالفي الذكر حيث كانا نائمين في السيارة فاستيقظا على مشادات وبنادق مصوبة نحو صدر والدهما وباب حوش المنزل مفتوح والسيارة مضاءة ومشغلة ومهيأة لينزعها أي سارق .
أما بعد ذلك فحدث ولا حرج فمعتقل الأمن الساسي ليس سوى مشرحة بشعة تمزق فيها الأنظمة والقوانين ويستهان فيها بحق الإنسان وكرامته .
حيث يتم يجريد المعتقل من ملابسه وانتزاع كل حاجياته فور وصوله ولا يبقى معه سوى ثوب واحد رغم البرودة داخل المعتقل ، ويخضع المعتقل لتفتيش مخجل لا يستثني أي عضو في بدنه ، ويمنع عنه كل شئ سوى مياه الحنفية وكمية الأكل الرديئة المخصصة لكل سجين ، وفي عبارة عن أربع كدم لليوم والليلة سيئة التجهيز ، وغالباً ما تكون تحمل في طياتها ما يكرهها إلى نفس السجين ، وقد عثرت على واحدة وبها وصلة شعر بارزة وكبيرة تقدر بنصف حجمها .
وفي الصباح والمساء يؤتى بقليل من الفول أو الفاصوليا الرديئة جداً والتي غالباً ما يرفضها السجناء ويلجئون لها عند الضرورة ، إضافة إلى مقدار كوب من مشروب يسمى مجازاً بالشاي ، والغداء نفر من الرز مع قليل من الطبيخ ، وعلى هذا الحال تمر الأشهر والسنوات .
إن الدور تحت الأرضي الذي مكثت فيه قرابة شهرين ونصف هو أبشع مكان في المعتقل كما أظن ، فالزنازن الفردية التي فيه وطريقة معاملة المعتقلين كلها جرائم ضد الإنسانية ، حيث يتم إخفاء السجين عن أهله وإنكار وجوده لمدة لا تقل عن أسبوع وقد تصل إلى سنوات ، وقد تم إخفائي عن أهلي لما يقارب شهراً ، وعندما يتم الاعتراف بوجود السجين لديهم يكون بعبارات غامضة وغير مطمنة لتبدأ عملية متابعة السماح بزيارة السجين والتي قد تمنع لأشهر أو سنوات ، وقد منعت من الزيارة لما يقارب شهرين .
وقد اتضح خلال الشهرين والنصف التي قضيتها في الدور تحت الأرضي أن بعض المعتقلين يعانون من تقييد أرجلهم بالحديد بصفة دائمة ، حيث أدخلت أنا في الزنزانة رقم (9) في الجناح الغربي وأنا أسمع أصوات القيود من فجر 16 سبتمبر 2004 م وحتى نقلت منها القيود لا زالت تسمع في أرجل نزلاء حوالي ست زنزانات من 13 زنزانة .
وأكثر السجناء لا يدري أهلهم بمصيرهم ولا يزورهم أحد ، وبعضهم له مدة طويلة كما سمعت أحدهم يقول بأن له أكثر من سنة وثلاثة أشهر وهو لا يدري عن أهله شئ .
وبعض السجناء كانوا جرحى جراح بعضهم بليغة جداً كما عرفت من خلال إنزال أحدهم بالزنزانة المجاورة لي رقم (8) والذي فقد إحدى رجليه وربما كان به جراحات أخرى .
وبعض السجناء مرضى بشكل مستمر ولا يكفون عن الأنين والبكاء كما سمعت نزيل الزنزانة رقم (11) ، (12) ومع ذلك العناية الصحية مفقودة ، ويبقى السجين يئن ويشكو لأيام حتى يسمح لطبيب المعتقل بزيارته ليقرر هل يلزم إسعافه أن يعطى بعض العقاقير التي تبقى لدى الحراس وأحياناً يضيعونها أو يخالفون بينها ويبقى السجين داخل زنزانته لا يغادرها إلا بضع دقائق لدورة المياه التي يسمح له بزيارتها أربع مرات في اليوم واللية ، وإذا حصل له طارئ قد لا يسمح له بدورة المياه إلا بعد مشقة وعناء ، ويقوم حراس السجن بإغلاق الحمام عليه من الخارج ويظلون خلف الباب يحثونه على السرعة وإذا أبطأ قد يتم فتح الباب عليه .
والسجين هنا يجب أن ينسى شكل الشمس ، وقد قضيت شهرين ونصف من الشتاء بلا شمس مطلقاً ، والسجين هنا منقطع كلياً عما يدور خارج زنزانته فالصحف ممنوعة والقلم ممنوع والورق ممنوعة والكلام ممنوع ، وحتى اسم السجين ممنوع ، ويتم استبداله برقم الزنزانة التي ينزل فيها ، وينادى برقم زنزانته فقط ، وإذا أخطأ أو نسي فله الويل ، فالهراوات هنا كثيرة .
وسرعان ما يتعرض السجين للصفع والإهانات لأتفه الأسباب والحراسة هنا أكثر من مشددة ، فالجنود لا يغادرون بوابة الجناح دقيقة واحدة ، يحصون على السجناء كل نفس ، إذا قال أحد السجناء لا إله إلا الله سرعان ما يأمره الجنود بأن يقول في نفسه فقط وإذا رفعه صوته بتلاوة القرآن يقال له كذلك ، واللحظة الوحيدة التي يستطيع السجين الكلام فيها هو وقت الأذان ، فكل سجين مسموح له أن يرفع صوته بالأذان فقط .
أما الزيارة بعد السماح بها لمن سمح له فهي نوع من التعذيب حيث لا يسمح لأكثر من شخصين بالزيارة بشرط أن يكونا من أقرب الأقارب كالوالدين والأولاد والأخوة والزوجة ، ولا تزيد مدة الزيارة عن خمس دقائق يوم الخميس والجمعة فقط ، ويمنع حتى الاتصال بالمحامي ، وهذه الزيارة يتعرض خلالها السجين وزواره لمضايقات شديدة من تفتيش مشدد جداً إلى احتشاد مجموعة كبيرة من عناصر الأمن السياسي وإحاطتهم بالسجين وزواره بشكل مستفز ، ويحول بين السجين والزائر سياجان من الحديد بينهما مسافة حوالي مترين .
وقلما تسمع كلمة من الزائر بسبب المضايقات الكريهة ، وما يأتي به الزائر معه من ملابس وأكل يرد أكثرها باعتبارها ممنوعات ، والباقي يفتش حتى يتعرض للتلف ، فالخبز يمزق ، والكعك يكسر ، والبطاط يفتت ، والشربة أو المرق تجوبها المجسات القذرة ، حتى التمرة تشق نصفين .
أما إذا طلب السجين أي كتاب ووصل الكتاب إلى يد مدير السجن فقد يبقى الكتاب تحت الفحص ليالي وأياماً حتى يتم إما السماح به أو مصادرته .
ومدير السجن هنا يدعي أنه أعلم من شيخ الأزهر ، فقد منع دخول دعاء زين العابدين ، ومنع كتاب نهج البلاغة بشرح أبرز من تولى مشيخة الأزهر الشيخ الإمام محمد عبده رحمه الله .
ومن الممنوعات أدوات الحلاقة ومقص الأظافر والمرآة ، هذا جزء مما تيسر لي كتابته عن هذا المعتقل ، أما التحقيقات فهي تجري غالباً في الليل ، ويتم تقييد اليدين وعصب العينين ، وتعريض السجين للضغط النفسي وتهديده بالتعذيب وإخضاعه للتعذيب ، وقد سمعت بكاء وعويل أشخاص بعد التحقيق معهم وأثناء التحقيق .
أما النيابة – مع احترامي وتقديري للنزيهين فيها – فقد أصبح دورها إضفاء المشروعية على ما يجري من انتهاكات في البحث والأمن ، وأبرز مثال ما يسمى بالنيابة الجزائية المتخصصة التي أبرز أعمالها نصب الشباك للأبرياء وتلفيق التهم الكاذبة وإضفاء المشروعية على القمع والتعذيب ، ومصادرة الحقوق والحريات ، بل إن هذه النيابة مع محكمتها ليست إلا شعبة من شعب جهاز الأمن السياسي ، فرئيس ذه النيابة يحضر بنفسه بعض تحقيقات الأمن ، ويشرف عليها ، ولديه مكتب داخل مقر الأمن السياسي .
وعناصر هذه النيابة لا يحترمون القانون ، ويصادرون حقوق الضحية في الدفاع ويخولون لأنفسهم اقتحام منازل المواطنين ونهب ممتلكاتهم خارج القانون كما جرى معي ، حيث تم اقتحام منزلي بدون حضوري ولا حضور وكيلي ، وخارج وقت الدوام ، وتم نهب بعض ممتلكاتي ومختصاتي ومختصات زوجتي وأطفالي مثل أشرطة الفيديو والكاست الخاصة بالمناسبات العائلية كالأعراس وغيرها .
أكَّدَ المشاركون في الندوة الخاصَّة بمناقشة دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة والتي اقامتها منظمة الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية بالتعاون مع منظمة هود والمرصد اليمني لحقوق الإنسان يوم الخميس الموافق 21 من إبريل 2005م تحت شعار »من أجل قضاء عادل ومستقل«، أن هذه المحكمةَ غيرُ دستورية باعتبارها من القضاء الإستثنائي، مطالبين بإلغائها ومعتبرين الأحكام الصادرة عنها لاغية، داعين كل المحامين الى عدم الترافع امامها، كما طالبوا منظمات حقوق الإنسان، والنقابات المختصة، ورجال القانون برفع دعوى عدم دستوريتها، مخاطبين فخامة رئيس الجمهورية بالإفراجَ عن كافة السُُّجناء السياسيين، والعمل على إيجاد دولة النظام القانون والمواطنة المتساوية، وإيجاد قضاء عادل ومستقل، جاء ذلك ضمن التوصيات التي خرجت بها الندوةُ التي قُدمت خلال جلستَيها العديد من أوراق العمل من قبل مجموعة من المثقفين القانونيين والأكاديميين والناشطين الحقوقيين والسياسيين تحدثت في مجملها عن عدم دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة، فيما تخللت جلسةَ الندوة الثانيةَ مجموعةٌ من المداخلات، :
العلامةُ/ إبراهيمُ الوزير : الديمقراطيةُ هي السبيلُ لكلِّ خير نريدُه لبلادنا
حيث شدَّدَ العلامةُ/ إبراهيمُ مُحمد الوزير في مداخلة له في هذه الندوة على أن إنشاء محكمة غير عادية غير صحيح وغير سليم إسلامياً وقانونياً، مشيراً الى أنه يجبُ ان يكونَ القضاءُ مُستقلاً، والقضايا المطروحة والمثارة منشأُها عدمُ الإلتزام بالديمقراطية الحقيقية التي اعتبرها السبيلَ لكلِّ خير نريدُه ان يكونَ لبلدنا، مضيفاً نحنُ سعدنا وفرحنا كثيراً بالإعلان عن الديمقراطية والإلتزام بها وبحرية التعبير، وان لكلِّ واحد الحقَ في النشاط السياسي بدون استخدام القوة، وقد قلنا أن القيادةَ السياسيةَ والرئيسَ علي عبدالله صالح سيكونُ أحسنَ وأعظمَ إنسان تولى اليمنَ لو ثبت على هذا المبدأ، وحققته اليمنُ.. كما جاء في مداخلته ان ما جاء في صحيفة »الوحدة« بان »لجنة رسمية أوصت بإلغاء حيَّ على خير العمل« مُتساءلاً هل هذه هي الديمقراطية؟!!، لازم يعتبرونها جزءً من دينهم وجزءً من مذهبهم، فمن اراد أن يؤذنَ بحيَّ على خير العمل يؤذن ومن أراد أن يؤذنَ بدونها يؤذن لا مشكلة، والذي يريدُ يضم يضم والذي يريد يرسل يرسل، مؤكداً ان هناك هجمةً رهيبةً جداً ضد العلماء، متطرقاً الى ما تعرض له العالمان شرف النعمي وابراهيم الجلال من امتهان بقوله: سُجنا في يوم واحد وبتُهمة واحدة، واُطلق إبراهيمُ الجلال لأنه وقّع على أن يكون عالماً »جمنه« لا ينطقُ بشيء، ولا ينشدُ ولا يقولُ رأيَه بينما النعمي رفض ان يوقِّعَ على ان يكون مستعداً ليبقى عالم »جمنه« ولهذا سيظل مسجوناً، مطالباً القيادة السياسية والاحزابَ والمجتمعَ كافة العملَ على الحفاظ على الوحدة الوطنية واتاحة الفرصة للجميع.. للإشتراكي والبعثي، للعالم الزيدي والشافعي لمحمد الامام صاحب معبر ما دام الجميعُ لا يستخدمُ القوةَ في أي شيء.
مختتماً بقوله: هذا إذا كانوا يريدون ديمقراطيةً لا بد أن يُتاحُ لكلِّ شخص ان يتكلمَ، يدرسَ فنحن لا نريدُ تدخلَّ أمريكا ولا تدخلَ المجتمع الدولي ولا نريدُ أيَّ شيء، ما نريدُه هو أن نعمرَ بلدنا في ظل الوحدة التي يُسمحُ للناس من خلالها ان يقولوا آراءهم، هذا اذا كانوا فعلاً يريدون ديمقراطيةً فهكذا، ما لم يعلنوا بوضوح أنه لا توجدُ ديمقراطيةٌ وسنعودُ الى بيوتنا ننامُ..
أكَّدَ الأستاذُ/ جمالُ الجعبي في كلمته التي ألقاها باسم المنظمات التي أعدت لهذه الندوة: ان العدل هو أساسُ الحكم وبابُه الوصولُ الى العدالة فهي القضاء، وان جوهرَ النظام القضائي ومدماكَ بنيانة فيما هو الثقةُ في أحكامه، وان الدساتيرَ والقوانينَ والاتفاقيات الدولية أكدتْ على إستقلال ونزاهة القضاء على وجوب ان يُحاكمَ الانسانُ امام قاضيه الطبيعي، وهذا يعني ان تكونَ المحاكمة امام محكمة تتوافرُ فيها شروطُ ا لحياد والنزاهة ولا يُصطنعُ قاضٍ وفقَ شروط يضعُها مَن بيده توجيهُ الإتهام، حيث يكونُ هذا المشتَّرط هو الخصمُ والحكمُ، وان المادة رقم »10« من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان قد اكدتها المادةُ رقم »٦« من دستور بلادنا والتي تنصُّ على أن لكلِّ إنسان الحقََّ في إن تنظرَ قضيته محكمة مستقلة ومحايدة بصورة منصفة وعلنية بغرض الفصل في حقوقه وإلتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه.
وانطلاقاً مما سبق فقد ادان المجتمع الانساني القضاء الاستثنائي واعتبره انتهاكاً لحقوق الإنسان، مضيفاً بأن انشاء المحكمة الجزائية المتخصصة في 17 نوفمبر من عام 1991م من القرن الفائت وفق قرار جمهوري رقم »١٩٣« في ذلك العام جاءت لتعيد عجلة الزمن إلى الوراء ولتنبش أسوأ ذكريات الماضي، حيث ان هذه المحكمة لم تخيِّبْ توقعُّات المتشائمين، فقد جاءت أسوءُ خلف لأسوء سلف، حيث جاءت أحكامُها لتؤكدَ إستثنائيتها.
الأستاذُ الرباعي: يُفترضُ أن يكونَ دستورُُُُُُُُُُُُُنا في جيب كل مواطن
وأوضح الأستاذُ/ مُحمدُ الرباعي -الأمين العام لحزب إتحاد القوى الشعبية في كلمة الافتتاح لجلسة الندوة الأولى أن حقوق الانسان في بلادنا تبدو مُهدَرَة من أصحابها ومن سلطات ومؤسسات الدولة المختلفة، مشيراً ان اهدار اصحاب الحقوق لحقوقهم يكمنُ في تجاهُل اهمية الحفاظ على علاقة سوية في ظل الدستور الذي يحكمُ كل الاحكام القانونية التي تبدو وكانها لا تعنينا عندما نمر بنص دستوري يحرِّم محكمة إستثنائية كما جاء في المادة 150 التي تنصُّ على تحريم إنشاء هذه المحكمة بأي حال من الأحوال، ونحن نمر عليها مرور الكرام، ونتيجةً لذلك التجاهُل نجدُ قانوناً يصدرُ يعطي لاية حق الفصل في قضايا خاصة وتُهَم تُهدرُ حقوقَ المواطنين دونما سند قانوني يلحقُه، مؤكداً: إن أيَّ قانون فيه ريحةُ المساس بروح الدستور ونصوصه يُعتبرُ لاغياً تلقائياً، لانه يتصادمُ مع الأساس المنظم لعلاقاتنا داخل الدستور الذي يفترضُ ان يكونَ في جيب كل مواطن لكي يعرفَ الأساسَ الذي يجبُ ان تتعاملَ معه كلُّ سلطات الدولة، فالمحكمةُ الجزائيةُ خارجَ الإطار الدستوري ولا يجوزُ بأيِّ حال من الأحوال إنشاؤها.
المحامي/ الوادعي : إنشاءُ المحكمة الجزائية مُخالفٌ للدستور ولقانون السلطة القضائية
وجاء في ورقة العمل المقدَّمة من الأستاذ المحامي/ احمد الوادعي التي عنونها بـ»دستورية المحكمة الجزائية المتخصصة«: ان قرار إنشاء تلك المحكمة لم يكنْ مُخالفاً للدستور فحسب بل جاء مُخالفاً أيضاً للقانون الذي استند عليه وهو قانون السلطة القضائية الصادر عام ١٩٩١م، معتبراً ايضاً قراَر الإنشاء مُخالفةً صريحةً ومباشرةً للدستور الذي جعل القضاء واحداً لكل القضايا أيَّنْ كانت جسامتُها او طبيعتُها بما فيها الحدودُ الشرعية والتي تعتبرُ عقوبتُها اقسى انواع العقوبات على الإطلاق، هذا من جانب.. ومن آخر فقد جاء هذا القرار مُخالفاً ايضاً بصورة غير مباشرة، جاء ذلك في المادة »٦« من الدستور التي تنصُّ على إلتزام بلادنا بالإعلانات العالمية المتعلقة بحقوق الانسان، والتي تمنعُ إنشاءَ محاكم إستثنائية وتلتزمُ ان يُحاكَمَ الناسُ مُحاكمةً عادلةً ُتحترَمُ فيها حُقوقُ الدفاع ويُشرطُ في عدالة هذه المحاكمة ان تكونَ أمام القاضي الطبيعي، كما خالف قرارُ إنشاء هذه المحكمة الدستورَ في المادة »51« والتي تنصُّ على ان يكونَ المواطنون جميعُهم متساوين امام القانون في كل شيء، وتكمنُ المخالفةُ في أن قانونَ هذه المحكمة قد أفردَ وأخرجَ بعضَ القضايا وجعلها من إختصاص المحاكم المتخصِّصة، والتي منها جرائمُ الحرابة والإختطاف والقرصنة البحرية وسرقة المال العام والخاص.
المحامي البغدادي: المحكمةُُُُُ الجزائيةُُُُُُُُُُُُ لا ينطبقُ عليها أيُّ نوع من الـمَحَاكم
وأورد المحامي/ عبدُالعزيز البغدادي في ورقته المقدمة في هذه الندوة انواعَ المحاكم الخاصَّة والإستثنائية والسياسية، مشيراً الى أن المحكمة الاستثنائية تأتي لمواجهة ظروف إستثنائية خاصة »مؤقتة« وتُشكَلُ غالباً من غير القضاة لغلبة الهاجس الثوري او الأمني على إنشائها، وهذا النوعُ من المحاكم لا يُعتبرُ من القضاء الطبيعي، لذا لا يجبُ إنشاؤها وفق الشريعة الدستورية.. وقد تطرق البغدادي الى جوانب القضاء السياسي والى الضمانات التي تنبغي مراعاتُها فيه لكلٍّ من القائمين على السلطة والأفراد العاديين، إضافة الى المعايير التي حدَّدها فُقهاءُ القانون الجنائي للقضاء السياسي، مشيراً الى ان المحكمة الجزائية المتخصصة في بلادنا لا ينطبقُ عليها ايُّ نوع من أنواع الـمَحَاكم فهي ليستْ محكمةً خاصَّةً ولا إستثنائية، فهي مُخالفةٌ للدستور وللقانون والذي أُنشأت بموجبه، ودليلٌ ذلك وعلى سبيل المثال قضيةُ العالِـمَين/ الديلمي ومفتاح نرى أن هذه القضية لا تندرجُ ضمن إختصاصات هذه المحكمة الممنوحة لها وفق المادة »٣« من قانون إنشائها والتي سردتْ أنواعَ الجرائم التي تختصُّ بها وما نُسبَ الى هذىن العالِـمَين او حتى الى القاضي لُقمان لا يدخلُ ضمن إختصاصها.
المحامي/ علاو: المحكمةُُُُُُُُُُ غيرُُُُُُُ دستورية ومصدرُُُُُ نشأتها من غير السلطة القضائية
وفي ورقة عمل قدمها المحامي/ محمد ناجي علاو وبعنوان »عدم دستورية المحكمة المتخصِّصة« اعتبر فيها: إن المحكمةَ الجزائيةَ المتخصصةَ غيرُ قانونية ولا دستورية ولاتستحقُ ان يُطلقَ عليها اسمُ محكمة.. مُعتبراً إياها جهةً تُقادُ من قبَل مجموعة من الفُضوليين، بحيث وان مصدرَ نشأتها غيرُ صادر من السلطة القضائية التي ينصُّ قانونها رقم »١« الصادر سنة 1990م وفي مادته »٨« الفقرة »أ« بعدم جواز انشاء محاكم استثنائية من قبل اية جهة، فيما قانون هذه المحكمة صدر من السلطة التنفيذية التي يمثلُها رئىس الجمهورية ورئيسُ الوزراء ووزيرُ العدل، مُؤكداً ان جميع اجراءاتها غيرُ قانونية وان جميعَ البلاد تفتقرُ الى آلية الديمقراطية.
د. المخلافي: المحكمةُ الجزائيةُ إستدعاءٌ لماضي الإستبداد
> أما ورقةُ العمل الرابعةُ التي قُدمت في جلسة الندوة الثانية فقد كانت بعنوان »حقوق الإنسان والمحكمة الجزائية« قدَّمَها الدكتور/ مُحمد المخلافي اعتبر فيها المحكمةَ الجزائيةَ وقضاتَها غيرَ شرعيين، خصوصاً وان مثيلاتها لم توجد إلا في عصور الاستبداد والدكتاتورية، مؤكداً على ضرورة التفريق بين القضاء الطبيعي والاستثنائي من جانبين، الأول وجود نظام قانوني متكامل للقضاء، واية محكمة خارجة هي استثنائية، والثاني جعل المحكمة مختصة بالنظر في اية قضية تصدرُ آلية لتوفر الأمان، خلص إلى القول: المحكمةُ المتخصِّصةُ خارجَ الدستور والقانون وتعدُ إستدعاءً لماضي الاستبداد.
تقريرُ بما تعرَّضَ له العلامة/ يحيى حسين الديلمي والعلامة/ محمد احمد مفتاح
وكانت أوراقُ الندوة قد ضمَّت ورقةً تضمنت أهم الإنتهاكات، واحتوت على:
أولاً: في جهاز الأمن السياسي
١- القبضُ الغيرُ القانوني للعلامة/ يحيى حسين الديلمي في حجز الخميس ٩/٩/2004م، والعلامة / محمد أحمد مفتاح بتأريخ 16/٩/2004م إنتهاكٌ لحقوق الانسان المكفولة بالمادة »48« من الدستور ومخالفةٌ لأحكام قانون الإجراءات المتعلقة بالقبض، وهو الأمرُ الذي يعدُ جريمةً جسيمةً وفقاً لنصِّ المادة 246 من قانون العقوبات - القبض غير القانوني -.
٢- تمَّ حرمانُهم من حقهما بالإتصال بأحد أقاربهما أو محاميهما، وكذا عدم إحاطتهما علماً بالتهمة الموجهة اليهما مخالفة لنص المادتين »73 ، ٧٧« من قانون الإجراءات والمادة »48« من الدستور الفقر »د«.
٣- إخفاؤهما لمدة طائلة ووضعُهما في زنازين إنفرادية حجزاً إنفرادياً ورغم متابعة أقاربهما، وفي وضع سيِّء، وعدم السماح لهما حتى بوصول المأكل والملبس، مخالفة لحقوقهما المكفولة بنصِّ المادة »48« من الدستور »أ،ب« وكذا المواد ٦، ٧ من قانون الإجراءات.
٤- إستمرارُ حرّيّتهما أكثرَ من شهر دونَ أيِّ مسوغ قانوني، خرقاً لنص المادة 48 من الدستور الفقرة »ج« والمادة 76 من قانون الاجراءات، ويعدُ جريمةً وفقاً للمادة »16-246 من قانون العقوبات.
٥- تعرُّضُهما لذلك الوضع في ظل ما ذُكر سابقاً يعد جريمة إكراه مادي ومعنوي للإدلاء بأقوال ومعلومات أمرٌ مجرَّمٌ، وفقاً لنص المادة 17-166.
ثانياً أمام النيابة:
١- إستمرارُ الوضع والجرائم في الفقرات ٢-٣-٤-٥ من البند الأول.
٢- تعرضُهما وإفراد اسرتَيهما لجرائم المساس بحرمة حياتهم الخاصة بالتفتيش لمسكنيهما دون مراعاة للشروط القانونية والمساس باشيائهم الخاصة مما يعد جريمة انتهاك حرمة مسكن وتفتيش غير قانوني وفقاً لنصوص المادة »16/170-169-253« ويعد الانتهاك جريمة جسيمة لانه كان بقوة الاسلحة حتى المتوسطة منها.
٣- السرقة بالإكراه »النصب« وهذا متجسد فيما تعرض له مخزن الكتب التابع للمكتبة التي كانت مملوكة للعلامة/ محمد مفتاح.
٤- إنتهاكُ واختراقُ كافة المبادئ والضمانات للقضاء والتقاضي لمخالفة جميع المواد القانونية المقررة لكفالة حرية الإدعاء وحرية الدفاع او مبدأ المواجهة أو المساواة او مبدأ الإلتزام بالقوانين النافذة وسير الاجراءات ومحاكاتها لجانب واحد وعدم اتاحة اية فرصة للدفاع او الإلتفاف لطلباته او شكاويه.
٥- حرمانُهما من حقهم في اللجوء إلى القضاء المكفول بنص المادة٠٥ من الدستور برفض شكاويهما ودعاويهما بشأن ما يتعرضان له وعدم الالتفات اليهما.
ثالثاً في المحكمة:
لم يتغيرْ الوضعُ إطلاقاً عمَّا في السابق إلا أنه في الضغط عليه تعرضا للآتي:
١- الأمرُ من المحكمة بعرقلة سير العمل برفضها تنفيذ قرار قضائي صدر بتأريخ 28/12/2004م قضى بتمكين هيئة الدفاع من صورة الأوراق مخالفة لنص المادتين 17/165 عقوبات.
٢- الأمرُ بتعذيب العالمين بوضعهما في سجن إنفرادي لمدة اسبوع معاقبة لهما لتمسكهما بحقهما المكفول بنصِّ المادة اجراءات بطلب التأجيل للمحاكمة حتى حضور المحامين عنهما وإحتجاجهما على إصرار المحكمة السير في الإجراءات في ظل تغييبهم.
٣- تجاوزُ المحكمة لمبادئ العدالة في سابقة خطيرة حيث سارت في الإجراءات في مواجهة طرف واحد فقط هو طرف الإدعاء بعد ان انسحبت هيئة الدفاع للأسباب السابقة واستجابةً منهم لطلب نقابة المحامين الذي سبق ان قررت مقاطعة المحكمة الجزائية المتخصصة لاهدارها حقوق الدفاع.
٤- يُضافُ الى ذلك وما يعدُ اكثرَ خطورة هو ما قامت به المحكمة عند اتخاذهما تلك الاجراءات من استبعاد العالمين من قاعة الجلسات.
٥- ما تعرض له الحضور من الجمهور وخاصة اقارب العالمين من ممارسات ومضايقات واهانات واعتداءات بالشتم والتهديد باطلاق النار والاعتقالات والارهاب بإكراههم على التوقيع على تعهُّدات بعدم حضور جلسات المحكمة مما يعد مساساً وانتهاكاً لمبدأ العلنية، يُضافُ الى ذلك حضر النشر والتعتيم على ما يجري.