هناك مسائل تعتبر محطات عظيمة في تاريخ الأمة الإسلامية انبثقت عن هذه المسائل طوائف وفرق ، وتعتبر هذه المسائل علامات كبرى لتمييز الفرق والمذاهب بعضها عن بعض .
فمثلا: مسألة ولاية الإمام علي عليه السلام كانت أول مسألة شقت المسلمين إلى قسمين شيعة وسنة . وأصبحت ولاية الإمام علي عليه السلام العلامة الكبرى لتمييز الشيعي من السني - فلو ادعى شخص مثلا بأنه شيعي وهو لا يقول بولاية الإمام علي لصنفناه بأنه سني وليس شيعي - .
ومن المسائل المهمة التي قسمت المسلمين مسألة التحكيم التي انبثق عنها الخوارج . وكذلك أمر عثمان بن عفان ومقتله الذي انبثق عنها الناكثون والقاسطون .
ومن المسائل المهمة التي عملت على انقسام المسلمين وتجزئتهم إلى طوائف مسألة مرتكب الكبيرة- المنزلة بين المنزلتين - التي حصلت بين واصل بن عطاء والحسن البصري والتي انبثق عنها مذهب الأشاعرة ومذهب المعتزلة وأصبحت علامة كبرى تميز كلى الفرقتين عن الأخرى .
الأمام زيد بن علي ومسألة خروجه محطة كبرى ميزت فرقة من المسلمين عن غيرهم وهم الزيدية ، وأصبحت مسألة الخروج من مميزات المذهب الزيدي .
واستشهد بقول عبد الله المحض بن الحسن المثنى : (العََلَم بيننا وبين الناس علي بن أبي طالب ، والعَلَم بيننا وبين الشيعة زيد بن علي) الذي ذكره أخي الكاظم أيده الله .
إذا هناك مسائل معينة نستطيع من خلالها تمييز المذاهب عن بعضها البعض بكل سهولة . فالقول بأن الأمة اثنى عشر فقط ، علامة كافية ومميزة لمذهب الاثنى عشرية .
وكذلك القول بأن الأئمة سبعة علامة نستطيع من خلالها تصنيف القائل بها إلى مذهب الإسماعيلية .وهكذا .
ومن العلامات الهامة للزيدية هي القول بالإمامة وأن الإمام علي عليه السلام هو وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والخليفة من بعده ،ومن بعده الإمام الحسن (ع)، ومن بعده الإمام الحسين (ع) وأن الإمامة من بعدهما في ذريتهما .
وهذا ما لم تقل به المعتزلة . وهي علامة كبرى لتمييز مذهب الزيدية عن المعتزلة وإن توافقت بقية أصولهما في التوحيد والعدل .
وهذا ومن البديهي أن تتوافق أصول الزيدية وأصول المعتزلة في العدل والتوحيد لأن القول بهما هو المطابق للفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وأسبغها في قلوبهم ، وجاءت نصوص القرآن بتأييدها وتوضيحها بآيات محكمات .
ومن العجيب أن يحصل اختلاف بين المسلمين في مثل هذه الأصول الهامة الخطيرة التي كانت الهدف الأول لرسالة الإسلام ، القول بالا إله إلا الله بلا تشبيه ولا تجسيم ليس كمثله شيء عدل في جميع أفعاله ، ولا بخلف الميعاد .... الخ .
إذا فمن الطبيعي أن تتطابق أصول الزيدية مع أصول المعتزلة في مثل هذه المسائل ، بل إنه من الغريب أن لا تتوافق هذه الأصول ، خاصة وأن المنبع واحد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البت عليهم السلام باعتبار أن واصل بن عطاء هو تلميذ محمد بن الحنفية بن الإمام علي عليهما السلام .
ملحوظة : صحيح أنه توجد خلافات في بعض فرعيات الأصول بين الزيدية والمعتزلة ، ولكن هذه الفرعيات اللاقطعية لا تؤثر في سلامة الاعتقاد ، ولا يمكن من خلالها تمييز كل فرقة عن الأخرى .
ومن مميزات المذهب الزيدي تميزه بفقة أهل البيت عليهم السلام ومع أن مسألة الفقة فرعية إلا أننا إذا أخذنا المسألة بالإجمال فستصبح مسألة جوهرية .
أوافق الأخ الكريم/ واصل بن عطاء على أن المعتزلة يمثلون منهج أهل البيت عليهم السلام (في الأصول الخمسة) ، وأن أرآهم توافقت وتطابقت في هذه المسائل2-أردت إثبات أن الزيدية يمثلون فكر آل البيت كما هو وأنا معك في ذلك ، ولكن ألا يمثله المعتزلة أيضا ؟؟
لا أوافق كلامك أخي الكريم على أنه يوجد معتزلي زيدي ، ولكن يوجد زيدي معتزلي ، لأنه يأخي الكريم المعتزلة مثلت منهج أهل البيت عليهم السلام في الأصول الخمسة ، ولم تمثلهم في بعض المسائل الأصولية كالإمامة وكذلك المسائل الفرعية كالفقة . فالزيدية أشمل في الإحاطة بمنهج أهل البيت عليهم السلام .فالمعتزلي هو من قال بالأصول الخمسة فقط ، ولذلك هناك معتزلي زيدي
ولذلك أرى أن سيدي الكاظم كان موفقًا في بحثه لفصل وتمييز الزيدية عن المعتزلة.
ولو كان المعتزلة يمثلون منهج أهل البيت عليهم السلام 100% لما وجد شيء اسمه معتزلة وشيء اسمه زيدية .ولأصبحت التسميتان شيء لأسم واحد . ولكن هناك فروق ميزت كلى الفرقتين عن الأخرى.
وأعتقد في وجهة نظري - والله أعلم - أنه بالإمكان القول لولا مسألة الإمامة لكانت المعتزلة زيدية والعكس . .بمعنى أنه لو قال شخص معتزلي بالإمامة بالشكل الذي يطابق به الزيدية لاعتبرناه زيديًا ، ولو قال أن زيديًا قال بنفي الإمامة من الإمام علي (ع) لاعتبرناه معتزلي .
وفي الأخير تتلخص وجهة نظري بأن مسألة الإمامة مسألة كافية لتمييز كلى الفرقتين عن الأخرى وهي العلامة الكبرى بين الفرقتين .
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين