السياسات الخاطـــــــئة ، توقع السلطة في شر أعمالها:-
عقيل سيف الدين
دخلت اليمن في العقود الثلاثة الأخيرة مرحلة جديدة من التعاسة و البؤس في ظل حكم الرئيس علي عبدالله صالح ، وقد بدأت المشاكل و الأزمات تتوالى عليها بسبب إستهتار السلطة و عدم جديتها في إخراج اليمن من دائرة تلك الأزمات ..الفقر و الجهل و التدهور الصحي و الإقتصادي و السياسي كانت وحدها كافية لإثقال كاهل المواطن اليمني البسيط ، و لكن السلطة لم تتوجه بصدق لمعالجة تلك المشاكل بل أدخلت اليمن في مزيد من المصاعب .
وهاهي بعض المحافظات الشمالية تعيش اليوم حالة من الغليان على النظام بسبب التصرفات اللامسؤلة و الحرب الظالمة التي شنتها السلطة على أبناء صعدة و غيرها من المحافظات الشمالية ، و على الجانب الآخر تحتبس الأنفاس أثناء مراقبة الوضع المتفجر بين أبناء المحافظات الجنوبية و بين السلطة الحاكمة ..
و لكن الغريب أن تلك السلطة إلى الآن لم تقدم أية حلول لحل مشكلة أبناء صعدة و أبناء المناطق الجنوبية ، و يصاب الإنسان بالذهول و هو يستمع إلى الخطاب الإعلامي و السياسي للسلطة ، فكل الذي تقوم به الآن ليس إلا سوق للتهم و المبررات المختلقة لشرعنة الحرب على صعدة و الحصار و التنكيل بأبناء المحافظات الجنوبية ..
فهاهم يتهمون الحوثيين بالتمرد على الحكومة المركزية ، و يتهمونهم برفع السلاح في وجه الدولة ، و تارة يتهمونهم بالتجهيز لإنقلاب عسكري على النظام و إعادة الإمامة إلى اليمن ..بينما يتهمون الحراكيين في الجنوب بالعصيان المدني و إثارة الشغب و مقاومة رجال الأمن ، و أخيرآ سمعنا بأنهم يتهمونهم بمحاولة إعادة حكم السلاطين ، و لم نشهد أو نسمع أن السلطة قد قامت بأعمال من شأنها إنهاء تلك التوترات و القضاء على أسبابها ..
و للأسف فإن هذا الخطاب و هذه التهم و المبررات لا تدل إلى على أحد أمرين ، إما أن السلطة لاتريد إخراج اليمن من هذه الأزمات بسبب ضغوط خارجية أو مصالح خاصة ، و إما أنهم يعيشون حالة من الجهل السياسي و التخلف الإعلامي ، لأن الحقيقة واضحة و لاداعي لوضع المزيد من المبررات ، فالحوثيون فعلآ تمترسوا في الجبال و حملوا السلاح و وقفوا في وجه الجيش الذي لم يأت لمجرد النزهه بل جاء من أجل إعتقالهم أو قتلهم وفعلآ شرع في ذلك ، و لذلك فتلك الأعمال كانت نتاج طبيعي لخطأ كبير إرتكبته السلطة في حقهم .
و بدلآ من أن تقوم السلطة بمعالجة الأسباب التي جعلت الحوثيين يرفعون السلاح أمامها بوقف تلك الحملة مباشرة و البدأ في معالجة نتائجها ، إستمترت في الحرب و بوتيرة عالية ، بل أضافت إلى ذلك حربآ من نوع آخر و هي تضييق الخناق على المذهب الزيدي بأكمله عن طريق الإستعانة بالسلفيين مباشرة حيث سهلوا لهم التمدد في المناطق الزيدية ، و تعدوا على المساجد الزيدية و قاموا بتغيير أئمتها بأئمة سلفيين ، بل و استقطبوا أئمة من علماء الأزهر إلى عدد من المساجد الزيدية ، و قاموا بطباعة كتب و منشورات تهاجم المذهب الزيدي وأهله ، كما أمروا بإغلاق المدارس العلمية الأهلية، مما فاقم المشكلة و زادها تعقيدآ ، و أضاف تظلمات جديدة إلى مسألة العدوان العسكري ، و تجددت الحرب لعدة جولات و كان لكل حرب نتائج جديدة فقد تمكن الحوثيون من السيطرة على بعض المواقع و الأسلحة و أسر بعض الجنود.
لم تعترف السلطة بأن تلك الأعمال هي عبارة عن نتائج لقراراتها المشؤومة بشن الحرب الأولى ثم الثانية و هكذا ، و أصرت على إعتبارها أسبابآ مستقلة لشن حروب جديدة ، بينما الحل الوحيد لتلك الأزمة هو تراجع السلطة عن القرارات التي كانت سببآ حقيقيآ لتلك الأعمال التي توصل إليها الحوثيون و تتمثل في سرعة إيقاف الحرب و سحب الجيش من فوق القرى و من داخل الأحياء و المدن ، و إطلاق المعتقلين ، و الكشف عن مصير المفقودين ، و المسارعة إلى معالجة الآثار الناتجة عن الحرب و إعادة إعمار ما دمروه ، وتعويض المتضررين من الحرب ، و وتقديم ضمانات تلزم السلطة بعدم الإعتداء من جديد على أي مواطن بدون وجه حق مالم يخالف الشرع و القانون و الدستور ، ولكي يأمن الحوثيون على أنفسهم و يتأكدوا من عدم تكرار ما حدث بعد الحرب الرابعة حيث قاموا بتطبيق إتفاقية الدوحة و سلموا عددآ كبيرآ من المواقع و المعدات العسكرية فما كان من السلطة إلا الغدر بهم و شن الحرب الخامسة ظلمآ وجورآ ، و مهما إعتبرت السلطة أنها تنازلات لا ينبغي عليها تقديمها ، إلا أنها تتحمل كامل المسؤلية و كل التبعات الناتجة عن سياساتها الخاطئة .
و كذلك هي نفس النظرة تجاه أبناء المحافظات الجنوبية ، حيث قاموا فعلآ بتنظيم حراكآ سلميآ مناهض لسياسة السلطة في مناطقهم و ربما دعا بعضهم لفك الإرتباط ، وكل ذلك ما كان ليحدث لولا الإستبداد بثروات الجنوب و سلب حقوق المواطنين و إقصائهم من أقل الإستحقاقات الواجبة لهم ، وبدلآ من قيام السلطة بإيقاف تلك الممارسات المشينة و إعادة الإعتبار و الحقوق إلى أبناء الجنوب ، قامت بمضاعفتها واعتدت على المواطنين و اعتقلت الكثير منهم ، مما زاد من تعقيد القضية ، وازدادت الأصوات الرافضة لتلك السياسة الهمجية و لتلك السلطة المستبدة .
و مهما إستمرت السلطة في إنتهاج سياسة تجاهل الأسباب و الإصرار على النتائج ، فإن اليمن لن يشهد إستقرارآ أمنيآ ، و سيضطر الشعب إلى مواصلة النضال و التضحية حتى رحيل تلك السلطة الظالمة و بدون رجعة.
http://www.sadahnow.com/index.php/featu ... 2-01-26-36
السياسات الخاطـــــــئة ، توقع السلطة في شر أعمالها
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1155
- اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 6:42 am