النبى (ص)و التوراة
النبى (ص)و التوراة
توراة موسى التى يقصدها القران ليست هى ما يسمى " العهد القديم ", فهى كتاب الهى كالقران يخاطب فيه الله الناس , و ليس كذلك ما نراه فى اسفار العهد القديم
و هذه التوراة مفقودة حاليا , لكن نفهم من بعض القرائن القرانية انها كانت موجودة عند اهل الكتاب فى زمن النبى صلى الله عليه و سلم ,و تراث اهل الكتاب فى الحجاز فى تلك الفترة غير معروف لنا و لا للمسيحيين الحاليين , و افضل وثيقة تاريخية تعرفنا بحقائق تلك الفترة هى القران الكريم الذى لا يتصور عاقل ان يقرر فيه محمد -ص- امرا يعلم ان الناس تعلم انه غير صحيح ,كتقريره ان فى تلك التوراة النص عليه صلى الله عليه و سلم , و واضح انه كان فيها ايضا من الاخبار التاريخية التى حكاها القران و لا نجدها الان فى اسفار ما يسمى بالعهد القديم, و حيث قرر القران ان ما ورد فيه موجود فى زبر الاولين و فى صحف موسى و لا يتصور ان يقرر ذلك و لا ينكر عليه اليهود بل كانوا سيتمسكون بذلك كحجة ضده و يخبرنا القران بان اهل الكتاب فى الحجاز فى تلك الفترة كانوا مختلفين اختلافا شديدا فى كتابهم :
"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ " البقرة :176
"كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" البقرة: 213
" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ " ال عمران :19
"فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 13 وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ 14 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ " المائدة :12-14
-------
يقول تعالى : "وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ .."
فقد اتهم كفار مكة النبى (ص) بالتلقى من اهل الكتاب , و واضح انهم كانوا يقصدون اشخاصا من اهل الكتاب وقت نزول هذه الاية ,فلم يخطر ببالهم قط اتهام النبى (ص) بتلقى مضمون القران من ورقة بن نوفل , تلك الشخصية التى سلط الضوء عليها الحديث المنكر الذى صححه البخارى ,و استند اعداء الاسلام الى ذلك الحديث للطعن فى الرسالة المحمدية ,و بغض النظر عن الرواية فلا شك انه لم يكن ثمة نسخة عربية من التوراة انذاك ,و كان علماء اليهود يحتفظون بالنسخة العبرية و يجعلونها - كما حكى القران - قراطيس يبدون بعضها و يترجموه و يخفون بعضها ,و لو كان هناك اى احتمال حقيقى لتتلمذ النبى -ص- على ورقة لما تاخر كفار مكة عن الاحتجاج و التشكيك بذلك بدلا من ان يتهموا النبى -ص- بتلقى القران من حداد رومى !
و حتى النصارى القدامى لم يكونوا يحتجون مطلقا بحكاية ورقة تلك , كما نجد مثلا فى رسالة عبد المسيح الكندى ,حيث اضطر الى اتهام النبى -ص- بتلقى مضمون القران من سرجيوس !!
يقول الكندى :
"إنه ينبغي لك أن تعلم أولاً كيف كان السبب في هذا الكتاب، ذلك أن رجلاً من رهبان النصارى اسمه سرجيوس أحدث حَدَثاً أنكره عليه أصحابه، فحرموه من الدخول إلى الكنيسة وامتنعوا عن كلامه ومخاطبته، على ما جرت به العادة منهم في مثل هذا الموقف. فندم على ما كان منه، فأراد أن يفعل فعلاً يكون له حجة عند أصحابه النصارى، فذهب إلى تُهامة فجالها حتى بلغ مكة، فنظر البلد غالباً فيها صنفان من الديانة: دين اليهود وعبادة الأصنام، فلم يزل يتلطف ويحتال بصاحبك حتى استماله وتسمَّى عنده نسطوريوس، وذلك أنه أراد بتغيير اسمه إثبات رأي نسطوريوس الذي كان يعتقده ويتديَّن به. فلم يزل يخلو به ويكثر مجالسته ومحادثته إلى أن أزاله عن عبادة الأصنام ثم صيَّره داعياً وتلميذاً له يدعو إلى دين نسطوريوس. فلما أحست اليهود بذلك ناصبته العداوة، فطالبته بالسبب القديم الذي بينهم وبين النصارى. فلم يزل يتزايد به الأمر إلى أن بلغ به ما بلغ. فهذا سبب ما في كتابه من ذكر المسيح والنصرانية والدفاع عنها وتزكية أهلها والشهادة لهم أنهم أقرب مودّة، وأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون (مائدة 82).
فلما توفي وارتدّ القوم وانتهى الأمر إلى أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب عن تسليم الأمر لأبي بكر، فعلم عبد الله بن سلام وكعب الأحبار اليهوديان أنهما ظفرا بما كانا يطلبان ويريدان في نفسيهما، فاندسَّا إلى علي بن أبي طالب فقالا له: ألا تدَّعي أنت النبوّة ونحن نوافقك على مثل ما كان يؤدب به صاحبك نسطوريوس النصراني، فلست بأقل منه؟ ولكن أبا بكر عرف بما كان من أمرهما مع علي، فبعث إلى علي. فلما صار إليه ذكّره الحرمة. ونظر علي إلى أبي بكر وإلى قوته، فرجع عما كان عليه ووقع بقلبه. "
انتهى هذيان الكندى , و قد نقض رسالته تلك السيد نعمان الالوسى فى كتاب سماه :"الجواب الفسيح لما لفقه عبد المسيح "
و اية "و ليقولوا درست .." كرر الاحتجاج بها القس يوسف الحداد فى كتبه , و زعم ان القران لم يرد عليها متجاهلا هو و اضرابه من خصوم الاسلام ان القران نسف هذه الشبهة, حيث بين ان الجالية التى كانت فى مكة من اهل الكتاب ,قد شهدت بنبوة محمد -ص-,و امنوا بان القران وحى الهى لما راوه يخبر بما فى صحف موسى و نحوه من الكتب التى لم يطلع عليها محمد (ص) ,و القران مشحون بالايات التى تقرر ذلك و تحتج بايمان هؤلاء على كفار مكة :
قال تعالى فى سورة الانعام التى وردت فيها تلك الاية :
["أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " الانعام :114
و قال تعالى :
"قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا 107 وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً 108 وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" الاسراء :107-109
" وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ 47 وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "العنكبوت :47-48
"أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ " هود :17
"وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " سبا :6
"وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " الرعد:43
و هذه التوراة مفقودة حاليا , لكن نفهم من بعض القرائن القرانية انها كانت موجودة عند اهل الكتاب فى زمن النبى صلى الله عليه و سلم ,و تراث اهل الكتاب فى الحجاز فى تلك الفترة غير معروف لنا و لا للمسيحيين الحاليين , و افضل وثيقة تاريخية تعرفنا بحقائق تلك الفترة هى القران الكريم الذى لا يتصور عاقل ان يقرر فيه محمد -ص- امرا يعلم ان الناس تعلم انه غير صحيح ,كتقريره ان فى تلك التوراة النص عليه صلى الله عليه و سلم , و واضح انه كان فيها ايضا من الاخبار التاريخية التى حكاها القران و لا نجدها الان فى اسفار ما يسمى بالعهد القديم, و حيث قرر القران ان ما ورد فيه موجود فى زبر الاولين و فى صحف موسى و لا يتصور ان يقرر ذلك و لا ينكر عليه اليهود بل كانوا سيتمسكون بذلك كحجة ضده و يخبرنا القران بان اهل الكتاب فى الحجاز فى تلك الفترة كانوا مختلفين اختلافا شديدا فى كتابهم :
"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ " البقرة :176
"كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" البقرة: 213
" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ " ال عمران :19
"فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ 13 وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ 14 يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ " المائدة :12-14
-------
يقول تعالى : "وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ .."
فقد اتهم كفار مكة النبى (ص) بالتلقى من اهل الكتاب , و واضح انهم كانوا يقصدون اشخاصا من اهل الكتاب وقت نزول هذه الاية ,فلم يخطر ببالهم قط اتهام النبى (ص) بتلقى مضمون القران من ورقة بن نوفل , تلك الشخصية التى سلط الضوء عليها الحديث المنكر الذى صححه البخارى ,و استند اعداء الاسلام الى ذلك الحديث للطعن فى الرسالة المحمدية ,و بغض النظر عن الرواية فلا شك انه لم يكن ثمة نسخة عربية من التوراة انذاك ,و كان علماء اليهود يحتفظون بالنسخة العبرية و يجعلونها - كما حكى القران - قراطيس يبدون بعضها و يترجموه و يخفون بعضها ,و لو كان هناك اى احتمال حقيقى لتتلمذ النبى -ص- على ورقة لما تاخر كفار مكة عن الاحتجاج و التشكيك بذلك بدلا من ان يتهموا النبى -ص- بتلقى القران من حداد رومى !
و حتى النصارى القدامى لم يكونوا يحتجون مطلقا بحكاية ورقة تلك , كما نجد مثلا فى رسالة عبد المسيح الكندى ,حيث اضطر الى اتهام النبى -ص- بتلقى مضمون القران من سرجيوس !!
يقول الكندى :
"إنه ينبغي لك أن تعلم أولاً كيف كان السبب في هذا الكتاب، ذلك أن رجلاً من رهبان النصارى اسمه سرجيوس أحدث حَدَثاً أنكره عليه أصحابه، فحرموه من الدخول إلى الكنيسة وامتنعوا عن كلامه ومخاطبته، على ما جرت به العادة منهم في مثل هذا الموقف. فندم على ما كان منه، فأراد أن يفعل فعلاً يكون له حجة عند أصحابه النصارى، فذهب إلى تُهامة فجالها حتى بلغ مكة، فنظر البلد غالباً فيها صنفان من الديانة: دين اليهود وعبادة الأصنام، فلم يزل يتلطف ويحتال بصاحبك حتى استماله وتسمَّى عنده نسطوريوس، وذلك أنه أراد بتغيير اسمه إثبات رأي نسطوريوس الذي كان يعتقده ويتديَّن به. فلم يزل يخلو به ويكثر مجالسته ومحادثته إلى أن أزاله عن عبادة الأصنام ثم صيَّره داعياً وتلميذاً له يدعو إلى دين نسطوريوس. فلما أحست اليهود بذلك ناصبته العداوة، فطالبته بالسبب القديم الذي بينهم وبين النصارى. فلم يزل يتزايد به الأمر إلى أن بلغ به ما بلغ. فهذا سبب ما في كتابه من ذكر المسيح والنصرانية والدفاع عنها وتزكية أهلها والشهادة لهم أنهم أقرب مودّة، وأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون (مائدة 82).
فلما توفي وارتدّ القوم وانتهى الأمر إلى أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب عن تسليم الأمر لأبي بكر، فعلم عبد الله بن سلام وكعب الأحبار اليهوديان أنهما ظفرا بما كانا يطلبان ويريدان في نفسيهما، فاندسَّا إلى علي بن أبي طالب فقالا له: ألا تدَّعي أنت النبوّة ونحن نوافقك على مثل ما كان يؤدب به صاحبك نسطوريوس النصراني، فلست بأقل منه؟ ولكن أبا بكر عرف بما كان من أمرهما مع علي، فبعث إلى علي. فلما صار إليه ذكّره الحرمة. ونظر علي إلى أبي بكر وإلى قوته، فرجع عما كان عليه ووقع بقلبه. "
انتهى هذيان الكندى , و قد نقض رسالته تلك السيد نعمان الالوسى فى كتاب سماه :"الجواب الفسيح لما لفقه عبد المسيح "
و اية "و ليقولوا درست .." كرر الاحتجاج بها القس يوسف الحداد فى كتبه , و زعم ان القران لم يرد عليها متجاهلا هو و اضرابه من خصوم الاسلام ان القران نسف هذه الشبهة, حيث بين ان الجالية التى كانت فى مكة من اهل الكتاب ,قد شهدت بنبوة محمد -ص-,و امنوا بان القران وحى الهى لما راوه يخبر بما فى صحف موسى و نحوه من الكتب التى لم يطلع عليها محمد (ص) ,و القران مشحون بالايات التى تقرر ذلك و تحتج بايمان هؤلاء على كفار مكة :
قال تعالى فى سورة الانعام التى وردت فيها تلك الاية :
["أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ " الانعام :114
و قال تعالى :
"قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا 107 وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً 108 وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" الاسراء :107-109
" وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ 47 وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ "العنكبوت :47-48
"أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ " هود :17
"وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " سبا :6
"وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ " الرعد:43
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
أخي الغزالي
مرحبا بك بيننا وأهلا وسهلا
لي عودة على موضوعك هذا ولا أدري هل قد استكملتم إنزاله أم لا
-------------------------
أخي ابن حريوة السماوي ارجو التفاعل مع الموضوع فهو مهم ويخدم دراساتك كما اظن
السلام عليكم
مرحبا بك بيننا وأهلا وسهلا
لي عودة على موضوعك هذا ولا أدري هل قد استكملتم إنزاله أم لا
-------------------------
أخي ابن حريوة السماوي ارجو التفاعل مع الموضوع فهو مهم ويخدم دراساتك كما اظن
السلام عليكم

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
الاخ الكريم
القران الكريم نص فى سورة الاحقاف على ان التوراة مثل القران "و شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله ",اى مثله فى المضمون الذى لا يقبل النسخ اى اصول العقائد و الوصايا الاخلاقية و القصص التاريخى ..و هو ما يعنيه القران بنصه على انه فى زبر الاولين و انه فى الصحف الاولى ..
لكن لا يعنى ذلك التماثل بينهما فى كل الاحكام العملية التى تقبل النسخ ,و لا التماثل بالطبع فى الفصاحة او الحجم !
القران الكريم نص فى سورة الاحقاف على ان التوراة مثل القران "و شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله ",اى مثله فى المضمون الذى لا يقبل النسخ اى اصول العقائد و الوصايا الاخلاقية و القصص التاريخى ..و هو ما يعنيه القران بنصه على انه فى زبر الاولين و انه فى الصحف الاولى ..
لكن لا يعنى ذلك التماثل بينهما فى كل الاحكام العملية التى تقبل النسخ ,و لا التماثل بالطبع فى الفصاحة او الحجم !
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد ....
مرحباً بكم سيدي الغزالي ... ضيفاً وأخاً عزيزاً بين إخوتك من الشيعة الزيدية .
و أحسن الله إليكم بما سطّر بنانكم الشريف ... من تنبيهات مهمة ... نُعلّقُ عليها ببضاعةٍ مُزجاة في هذا الفنّ من العلوم ( الديانات السماوية ) ، ونتكلّم فيها بلغة العقول قدرَ المُستطاع ، فما أصبنا فيه فبتوفيق الله ، وما أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان ، وفي ذلك نقول :
* أنّ كُتُب الله لا تتناقض فيما لأجله أُرسِلَ أصحابُها من أهدافٍ دينيّة أصوليّة ثابتة ، وما سواها من الفروع قد يختلف من كتاب إلهي إلى آخر ، وهُو ما يُعرَف بنسخ الشرائع .
-- ومن الأهداف الأصولية الثابتة التي لا يمكن ويُستحال أن تتناقضَ فيها كُتُب الله السماوية المُنزلة على الأنبياء عليهم السلام : هُو إخلاص العبادة لله وحده ، بدون شريك ، وأنّه واحدٌ أحد فردٌ صمد ، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً ، الغني عن العالمين ، المُتنزّه عن مُقاربَة العِباد ومُجالستهم والتصوّر بصورِهم ، أو بصورِ ملائكته الكرام ، الذي لَم يرَهُ لا ملكٌ ولا نبيٌّ ولا إنسٌ ولا جان .
-- ومن الفروعيات التي قد تتغير من كتابٍ إلى كتاب ، وتنسخ فيها شريعة الرسول اللاحق شريعة الرسول السابق ، ولا يُعدُّ هذا من التناقض في شيء : منها تحليل الغنائم لأمة محمد (ص) ، ومنها تحريم لحم الخنزير عليهم ، ومنها تحليل بعض ما كان حُرّم على الأمم السابقة فيقول الله تعالى حاكياً عن عيسى (ع) : (( وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ )) آل عمران : 50 .
فوائد :
الفائدة (1) :
بعثَ الله كلمته المسيح (ع) ليُعيدَ ويُحيي ما بُعِثَ به الأنبياء من قبله ، ومنهم موسى (ع) ، فلمّا كادت ملامح توراة موسى (ع) الأصلية تندرس ، وبدأت أيدي رُهبان بني إسرائيل تتناولها بالتعديل والتبديل بِما يخدمُ جانبَهُم الاقتصادي ( إذ أنّهُم من أشدّ النّاس حُبّاً للمال ) ، فكانَ زكريّا (ع) يَعملُ على تصحيح المفاهيم المغلوطة الُمضافَة والمُحرّفَة على التوراة ، فلاقى منهُم زكريّا أصناف التعدّي والتهكّم السُخريَة ، فعضّد الله جانبهُ بابنه يحيى (ع) وبعيسى (ع) ، وكانَ يحيى أكبر من عيسى (ع) بأشهر قلائل لا تعدو الخمسة أو الثلاثة أشهر ، ماتَ زكريّا وقُتِلَ يحيى (ع) ، وبقيَ عيسى (ع) يُكملُ مشوار سابقيه من أنبياء الله وعباده الصالحين ، يُحقّ الحقّ فيما كانَ بينَ يدي اليهود من التوراة ويُبطلُ الباطل ، فأنزلَ الله عليه إنجيله المُقدّس ، الذي ما كانَ ليُخالفَ توراة موسى (ع) في أصلٍ من الأصول ، ولا في قصّةٍ من القصص ، ولا في إخبارٍ غيبي مُستقبلي سيحصُل ، وفي ذلك يقول الله تعالى مُتكلّما عن بعثة عيسى (ع) : (( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) )) المائدة . وكمَا أنَّ الله أنقذَ النّاس بإنجيل عيسى (ع) ، أنقذَهُم بقرآن محمّد (ص) ، وكما صدّق إنجيل موسَى بما بينَ يديه من توراة موسى (ع) ، صدّقَ قرآن محمد (ص) بما بينَ يديه من إنجيل عيسى (ع) وذلكَ بعدَ أن تعرّض الأخير للتحريف على أيدي الشمامسة والقساوسة و غيرهِم من النصارى ، وفي ذلكَ يقول الله تعالى ، مُشيداً بالقرآن وبتصديقه للإنجيل ، وبهيمنته على جميعِ الكُتب أي بأفضليته ونسخه لبعض ما كانَ فيها من الشرائع الفروعيّة : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْ هَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (4 )) المائدة .
وبإثبات تصديق كُتب الله لبعضها البعض ، فمن هذا يُستنتجُ اتحادُ أهدافهم في تبليغ دين الله تعالى ، ألا وهُو إخلاص العبودية لله تعالى ، وأنّه ليسَ له شريكٌ في الملك ، وأنّه القادرُ فوق عباده ، والرؤوف والرحيم بهم ، وأنّ طريقهُ أمثلُ الطُرق ، وما عداها فهي من طُرق الشيطان الرجيم اللعين ، وعلى هذا بُعثَ موسى (ع) إلى قومه ،وجاءَ بعدهُ بزمنٍ عيسى (ع) ليُجدّد الدعوة إلىإخلاص العبوديّة لله وأنّه واحدٌ أحدٌ فردٌ صمَد ، وفي ذلك يقول تعالى على لسان عيسى (ع) مُخاطباً لقومه : (( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا ل ِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) )) ، وقوله تعالى على لسان المسيح (ع) : (( إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (51) )) آل عمران ، وحَذوَ القذّة بالقذّة كان هذا هُوَ الهدف الذي أُرسِلَ من أجله خاتم الأنبياء وأفضلهم محمد بن عبدالله (ص) ، فيقول الله تعالى مُخاطباً له (ص) : (( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19) )) .
إذاً فالتوراة الصحيحة ، والإنجيل الصحيح ، والقرآن الصحيح ، وسائرُ كُتب الله المُنزلة على أنبياءه ورُسله ، ثابتةٌ الأصول ، يُصدّق بعضُها بعضاً ، تُرشدُ إلى الهُدى والصرّاط المستقيم ، وإلى جنات النعيم . وأنّ أهداف أنبياء الله واحدَة وإن اختلفَت أزمانهُم .
وهُنا انظُر الله تعالى يصفُ التوراة بالهُدى وأنّ الأنبياء (ع) بعد موسى (ع) كانوا يَحكمونَ بها ، ومنهُم عُزيرٌ (ع) الذي كان حافظاً لها ومُعلّماً بها . فقال تعالى : (( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ )) .
وهنا انظر قول الله تعالى : (( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) )) المائدة ، انظر الله تعالى يأمُر النصارى بالحُكم بما في الإنجيل الذي أنزلَه ، (( وهُو حَتماً ليسَ الذي بين أيديهم اليوم لا السفر القديم ولا الجديد لمُخالفته لكتاب الله القرآن الكريم ، وقد أشرنا إلى أن كُتبَ الله يُصدّق بعضها بعضاً ، فكيفَ بإنجيل اليوم يُخالفُ كتاب الله تعالى )) ، ومن الآية الكريمة نفهم أنّ الله يَرضى حُكمَ الإنجيل الذي أنزلَه ( الخالي من التحريف ) حتّى لَو كانَ في زمن محمد بن عبدالله (ص) ، وفي هذا دلالةٌ على اتفاق أصول عقائد وأحكام كُتب الله السماوية ، وأنّ العمل بحُكمِ ما جاء في الإنجيل لا يُخالفُ حُكم ما جاء في القرآن الكريم ، وهُوَ حتماً كذلك في التوراة .
أيضاً انظر الله تعالى يُشيدُ باليهود بالنّصارَى لَو أنّهُم حكمُوا بتوراة الله وإنجيله الله الذي بعثَ بهما موسى وعيسى (ع) ، على السواء حرفاً بحرف ، لأكلوا من فوقهم ومِن تحتِ أرجُلِهِم ، فقال الله عزّ وجل : (( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ (66) )) المائدة .
والخلاصة
هيَ صفاء كُتب الله عن المُخالفَة ، وأنّ الحُكمَ بأحدِهَا على الوجه الذي يرضاهُ الله من غير تحريفٍ ولا تبديل ، فهو الحقّ والهُدَى . وهُنا قد يطرأ إشكال يقول فيه القائل : فما القول فيما يُنسخُ من الشرائع ؟ وهَل حُكم السابقون المنسوخة شرائعة يُرضي حُكم اللاحقين الناسخة شرائعهُم ؟ والقول في هذا والله أعلم : أنَّ الله تعالى وضفهُم في الآية السباقة بالأكل من فوقهم ومن تحت أرجلهم لَو أنّهم أقاموا التوراة والإنجيل الحقّة ، فلَو أنّهٌُم أقاموها حقّاً حقّاً لآمنوا بنبوّة اللاحق ، وبإيمانهِم به ، يؤمنون بما نسخَهُ من شريعة نبيّهم السّابق ، انظُر الله تعالى يقول على لسان عيسى (ع) : (( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6))) الصف . ، فلَو أنّ النصارى أقاموا شريعَة عيسى (ع) على التمام ، لآمنوا بنبوّة محمّد (ص) ، ولآمنوا بما نسخَ به الإسلام ما كانَ في عهد عيسى (ع) من الشرائع الفروعية . والله أعلم .
الفائدة (2) :
أنّ الله رؤوفٌ رحيمٌ بعباده ، يُريدُ أن يستنقذهُم من النيران، وألاّ يجعلَ لهُم عليه حُجّة يوم القيامة ، فعَمِلَ على إرسالِ الرسول تلو الرسول إلى بني آدم ، الرسولُ يُجدّدُ دَعوة الرسول الذي قبله ، إلى عهدِ عيسى (ع) وهُو آخر الرّسل قبل محمد (ص) ، ثمّ بعد 500 عام أرسلَ الله محمّداً بدين الحق ليُظهرهُ على الدّين والشرائع السابقَة كُلّها ، بأن يجعلَ منه خاتمَ الرّسل ، وأن يَجعلَ كِتابَهُ القرآن الكريم أفضلُ الكُتب ، وأسلمها من التحريف والإبطال ، إذ أنّ كُتبَ مَن قبلَه من الأنبياء نالها من التحريف ما الله به عليم ، فكانت حِكمةُ الله وعدله ورحمته مُتكفّلةٌ بحفظِ كتابه الأخير عن أيدي العابثين ، لما عَلِم من ختم النبوّة بمحمّد (ص) ، فكانَت هذه أعظمُ رحمةٍ منه على الإنس والجن ، إذ لَو حُرّفَ القرآن ولَم يتكفّل الله بحفظه ، ومع ذلكَ ختمَ بعث الأنبياء والمُرسلين ، لكانَ في هذا من الخطر ما لا تتوقعهُ الأذهان ، فالحمدُ لله ربّ العالَمين .
ويتبعُ هذا ، مُعجزَة الله في هذا الكِتاب الكريم ، نعني المُعجزَة البلاغيّة ، والفصاحَة العربيّة ، وقِصر الآيات المُعبّرات ، ولَن يعرِفَ هذا حقّا إلاّ مَن اطّلع الآيات في الإنجيل والتوراة اليوم ، والكلامُ على فصاحَة القرآن ، وانبهارِ الكثير من السابقين بها ، وعَجز فُصحاء العرب عن الإتيان عن الإتيان بسورةٍ مِن مثله ، الكلام على هذا وضربُ الأمثلة عليه يجعلنا نُسهب إسهاباً طويلاً ، ولكنّا نكتفي بالإحالَة إلى الإنجيل والقرآن والمُقارنَة بين ألفاظهما وجزالتها . ومِن هُنا انبهرَ يهود ونصارى العرب من هذا القرآن الذي ما بلغَ ما بين أيديهم من الأسفار عُشرَ ولا معشار فصحاته ، فكانَت هذه مُعجزةُ الله على يد محمد (ص) ، ولا يُسمّى الإنجيل والتوراة مُعجزات ( مُقارنة بإعجاز القرآن "تنبّه" ) لأنّ البشر قد عَملُوا على تزييف بعض آياتها ، فانطلَى هذا على النّاس ، وأمّا القرآن فإنّ التحريف فيه سيكونُ ظاهرَ البُطلان ، لصعوبة تركيب ألفاظٍ على ألفاظٍ بحيث تتناسب مع نمط الآيات السابقة أو اللاحقة في القرآن الكريم ، والله أعلم .
فائدة (3) :
أنّهُ لَو لَم يكفِ في إثبات صِدق رسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ، وصدق ما جاء به ، إلاَّ أنّهُ لَم يَظهرٌ دينٌ بعدَه يَزعُمُ أنّهُ من السماء ، وبتبعه أنهُ لم يظهر نبيٌّ أرسلَهُ الله إلى أهل الأرض مُؤيّدٌ بمَا أُيّدَ به أنبياء الله السابقين من المعجزات والخوارق .
أيضاً لو لَم يكفِ في إثبات صدق رسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وصدق ما جاء به ، إلاَّ أنَّ القُرآن الكريم على مَدى 1400 عام لَم يَحصُل له تحريفٌ ولا تبديل ، بينما نجدُ أنّ توراة موسى (ع) احتاجت لأنبياء كثيرون لُيعيدوا تصحيحها للنّاس ، وفي هذا دلالة على تحريفها ، وأنّ إنجيل عيسى (ع) في غضون 500 عام ظهرًَ منه أناجيلٌ وأناجيلٌ يُخطّئ كُلّها الآخر ، ولكنّ القرآن كتاب الله العكريم الشريف بقيَ كمَا وعدَ الله ورسوله ، محفوظاً من التغيير والتبديل ، قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ،:حدثني أبي ، عن أبيه ( القاسم الرسي (ع) ) أنّه قال : : (( قَرأتُ مُصحَف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، عِندَ عَجوزٍ مُسنة - يعني السيدة نفيسة (ت208هـ) - مِن ولَد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فَوجَدتهُ مَكتوباً أجزاء بِخطُوطِ مُختَلفَة، في أسفل جزء منها مَكتوب : وكَتَبَ عَلي بن أبي طالب، وفي أسفل آخر وكتبَ عمّار بن ياسر، وفي آخر وكتبَ المقداد، وفي آخر وكتبَ سلمان الفارسي، وفي آخر وكتبَ أبو ذر الغفاري، كأنهم تعاونوا على كتابته. قال جَدّي القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه: فَقرأتُه فإذَا هُو هَذا القرآن الذي فِي أيدي النّاس حرفًا حرفاً، لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً )) ، كتاب الرد على من زعمَ أنّ القرآن ذهبَ بعضُه .
هذا وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
اللهم صل على محمد وآل محمد ....
مرحباً بكم سيدي الغزالي ... ضيفاً وأخاً عزيزاً بين إخوتك من الشيعة الزيدية .
و أحسن الله إليكم بما سطّر بنانكم الشريف ... من تنبيهات مهمة ... نُعلّقُ عليها ببضاعةٍ مُزجاة في هذا الفنّ من العلوم ( الديانات السماوية ) ، ونتكلّم فيها بلغة العقول قدرَ المُستطاع ، فما أصبنا فيه فبتوفيق الله ، وما أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان ، وفي ذلك نقول :
* أنّ كُتُب الله لا تتناقض فيما لأجله أُرسِلَ أصحابُها من أهدافٍ دينيّة أصوليّة ثابتة ، وما سواها من الفروع قد يختلف من كتاب إلهي إلى آخر ، وهُو ما يُعرَف بنسخ الشرائع .
-- ومن الأهداف الأصولية الثابتة التي لا يمكن ويُستحال أن تتناقضَ فيها كُتُب الله السماوية المُنزلة على الأنبياء عليهم السلام : هُو إخلاص العبادة لله وحده ، بدون شريك ، وأنّه واحدٌ أحد فردٌ صمد ، لم يتّخذ صاحبةً ولا ولداً ، الغني عن العالمين ، المُتنزّه عن مُقاربَة العِباد ومُجالستهم والتصوّر بصورِهم ، أو بصورِ ملائكته الكرام ، الذي لَم يرَهُ لا ملكٌ ولا نبيٌّ ولا إنسٌ ولا جان .
-- ومن الفروعيات التي قد تتغير من كتابٍ إلى كتاب ، وتنسخ فيها شريعة الرسول اللاحق شريعة الرسول السابق ، ولا يُعدُّ هذا من التناقض في شيء : منها تحليل الغنائم لأمة محمد (ص) ، ومنها تحريم لحم الخنزير عليهم ، ومنها تحليل بعض ما كان حُرّم على الأمم السابقة فيقول الله تعالى حاكياً عن عيسى (ع) : (( وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ )) آل عمران : 50 .
فوائد :
الفائدة (1) :
بعثَ الله كلمته المسيح (ع) ليُعيدَ ويُحيي ما بُعِثَ به الأنبياء من قبله ، ومنهم موسى (ع) ، فلمّا كادت ملامح توراة موسى (ع) الأصلية تندرس ، وبدأت أيدي رُهبان بني إسرائيل تتناولها بالتعديل والتبديل بِما يخدمُ جانبَهُم الاقتصادي ( إذ أنّهُم من أشدّ النّاس حُبّاً للمال ) ، فكانَ زكريّا (ع) يَعملُ على تصحيح المفاهيم المغلوطة الُمضافَة والمُحرّفَة على التوراة ، فلاقى منهُم زكريّا أصناف التعدّي والتهكّم السُخريَة ، فعضّد الله جانبهُ بابنه يحيى (ع) وبعيسى (ع) ، وكانَ يحيى أكبر من عيسى (ع) بأشهر قلائل لا تعدو الخمسة أو الثلاثة أشهر ، ماتَ زكريّا وقُتِلَ يحيى (ع) ، وبقيَ عيسى (ع) يُكملُ مشوار سابقيه من أنبياء الله وعباده الصالحين ، يُحقّ الحقّ فيما كانَ بينَ يدي اليهود من التوراة ويُبطلُ الباطل ، فأنزلَ الله عليه إنجيله المُقدّس ، الذي ما كانَ ليُخالفَ توراة موسى (ع) في أصلٍ من الأصول ، ولا في قصّةٍ من القصص ، ولا في إخبارٍ غيبي مُستقبلي سيحصُل ، وفي ذلك يقول الله تعالى مُتكلّما عن بعثة عيسى (ع) : (( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) )) المائدة . وكمَا أنَّ الله أنقذَ النّاس بإنجيل عيسى (ع) ، أنقذَهُم بقرآن محمّد (ص) ، وكما صدّق إنجيل موسَى بما بينَ يديه من توراة موسى (ع) ، صدّقَ قرآن محمد (ص) بما بينَ يديه من إنجيل عيسى (ع) وذلكَ بعدَ أن تعرّض الأخير للتحريف على أيدي الشمامسة والقساوسة و غيرهِم من النصارى ، وفي ذلكَ يقول الله تعالى ، مُشيداً بالقرآن وبتصديقه للإنجيل ، وبهيمنته على جميعِ الكُتب أي بأفضليته ونسخه لبعض ما كانَ فيها من الشرائع الفروعيّة : (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْ هَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (4 )) المائدة .
وبإثبات تصديق كُتب الله لبعضها البعض ، فمن هذا يُستنتجُ اتحادُ أهدافهم في تبليغ دين الله تعالى ، ألا وهُو إخلاص العبودية لله تعالى ، وأنّه ليسَ له شريكٌ في الملك ، وأنّه القادرُ فوق عباده ، والرؤوف والرحيم بهم ، وأنّ طريقهُ أمثلُ الطُرق ، وما عداها فهي من طُرق الشيطان الرجيم اللعين ، وعلى هذا بُعثَ موسى (ع) إلى قومه ،وجاءَ بعدهُ بزمنٍ عيسى (ع) ليُجدّد الدعوة إلىإخلاص العبوديّة لله وأنّه واحدٌ أحدٌ فردٌ صمَد ، وفي ذلك يقول تعالى على لسان عيسى (ع) مُخاطباً لقومه : (( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا ل ِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) )) ، وقوله تعالى على لسان المسيح (ع) : (( إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (51) )) آل عمران ، وحَذوَ القذّة بالقذّة كان هذا هُوَ الهدف الذي أُرسِلَ من أجله خاتم الأنبياء وأفضلهم محمد بن عبدالله (ص) ، فيقول الله تعالى مُخاطباً له (ص) : (( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19) )) .
إذاً فالتوراة الصحيحة ، والإنجيل الصحيح ، والقرآن الصحيح ، وسائرُ كُتب الله المُنزلة على أنبياءه ورُسله ، ثابتةٌ الأصول ، يُصدّق بعضُها بعضاً ، تُرشدُ إلى الهُدى والصرّاط المستقيم ، وإلى جنات النعيم . وأنّ أهداف أنبياء الله واحدَة وإن اختلفَت أزمانهُم .
وهُنا انظُر الله تعالى يصفُ التوراة بالهُدى وأنّ الأنبياء (ع) بعد موسى (ع) كانوا يَحكمونَ بها ، ومنهُم عُزيرٌ (ع) الذي كان حافظاً لها ومُعلّماً بها . فقال تعالى : (( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ )) .
وهنا انظر قول الله تعالى : (( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) )) المائدة ، انظر الله تعالى يأمُر النصارى بالحُكم بما في الإنجيل الذي أنزلَه ، (( وهُو حَتماً ليسَ الذي بين أيديهم اليوم لا السفر القديم ولا الجديد لمُخالفته لكتاب الله القرآن الكريم ، وقد أشرنا إلى أن كُتبَ الله يُصدّق بعضها بعضاً ، فكيفَ بإنجيل اليوم يُخالفُ كتاب الله تعالى )) ، ومن الآية الكريمة نفهم أنّ الله يَرضى حُكمَ الإنجيل الذي أنزلَه ( الخالي من التحريف ) حتّى لَو كانَ في زمن محمد بن عبدالله (ص) ، وفي هذا دلالةٌ على اتفاق أصول عقائد وأحكام كُتب الله السماوية ، وأنّ العمل بحُكمِ ما جاء في الإنجيل لا يُخالفُ حُكم ما جاء في القرآن الكريم ، وهُوَ حتماً كذلك في التوراة .
أيضاً انظر الله تعالى يُشيدُ باليهود بالنّصارَى لَو أنّهُم حكمُوا بتوراة الله وإنجيله الله الذي بعثَ بهما موسى وعيسى (ع) ، على السواء حرفاً بحرف ، لأكلوا من فوقهم ومِن تحتِ أرجُلِهِم ، فقال الله عزّ وجل : (( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ (66) )) المائدة .
والخلاصة
هيَ صفاء كُتب الله عن المُخالفَة ، وأنّ الحُكمَ بأحدِهَا على الوجه الذي يرضاهُ الله من غير تحريفٍ ولا تبديل ، فهو الحقّ والهُدَى . وهُنا قد يطرأ إشكال يقول فيه القائل : فما القول فيما يُنسخُ من الشرائع ؟ وهَل حُكم السابقون المنسوخة شرائعة يُرضي حُكم اللاحقين الناسخة شرائعهُم ؟ والقول في هذا والله أعلم : أنَّ الله تعالى وضفهُم في الآية السباقة بالأكل من فوقهم ومن تحت أرجلهم لَو أنّهم أقاموا التوراة والإنجيل الحقّة ، فلَو أنّهٌُم أقاموها حقّاً حقّاً لآمنوا بنبوّة اللاحق ، وبإيمانهِم به ، يؤمنون بما نسخَهُ من شريعة نبيّهم السّابق ، انظُر الله تعالى يقول على لسان عيسى (ع) : (( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6))) الصف . ، فلَو أنّ النصارى أقاموا شريعَة عيسى (ع) على التمام ، لآمنوا بنبوّة محمّد (ص) ، ولآمنوا بما نسخَ به الإسلام ما كانَ في عهد عيسى (ع) من الشرائع الفروعية . والله أعلم .
الفائدة (2) :
أنّ الله رؤوفٌ رحيمٌ بعباده ، يُريدُ أن يستنقذهُم من النيران، وألاّ يجعلَ لهُم عليه حُجّة يوم القيامة ، فعَمِلَ على إرسالِ الرسول تلو الرسول إلى بني آدم ، الرسولُ يُجدّدُ دَعوة الرسول الذي قبله ، إلى عهدِ عيسى (ع) وهُو آخر الرّسل قبل محمد (ص) ، ثمّ بعد 500 عام أرسلَ الله محمّداً بدين الحق ليُظهرهُ على الدّين والشرائع السابقَة كُلّها ، بأن يجعلَ منه خاتمَ الرّسل ، وأن يَجعلَ كِتابَهُ القرآن الكريم أفضلُ الكُتب ، وأسلمها من التحريف والإبطال ، إذ أنّ كُتبَ مَن قبلَه من الأنبياء نالها من التحريف ما الله به عليم ، فكانت حِكمةُ الله وعدله ورحمته مُتكفّلةٌ بحفظِ كتابه الأخير عن أيدي العابثين ، لما عَلِم من ختم النبوّة بمحمّد (ص) ، فكانَت هذه أعظمُ رحمةٍ منه على الإنس والجن ، إذ لَو حُرّفَ القرآن ولَم يتكفّل الله بحفظه ، ومع ذلكَ ختمَ بعث الأنبياء والمُرسلين ، لكانَ في هذا من الخطر ما لا تتوقعهُ الأذهان ، فالحمدُ لله ربّ العالَمين .
ويتبعُ هذا ، مُعجزَة الله في هذا الكِتاب الكريم ، نعني المُعجزَة البلاغيّة ، والفصاحَة العربيّة ، وقِصر الآيات المُعبّرات ، ولَن يعرِفَ هذا حقّا إلاّ مَن اطّلع الآيات في الإنجيل والتوراة اليوم ، والكلامُ على فصاحَة القرآن ، وانبهارِ الكثير من السابقين بها ، وعَجز فُصحاء العرب عن الإتيان عن الإتيان بسورةٍ مِن مثله ، الكلام على هذا وضربُ الأمثلة عليه يجعلنا نُسهب إسهاباً طويلاً ، ولكنّا نكتفي بالإحالَة إلى الإنجيل والقرآن والمُقارنَة بين ألفاظهما وجزالتها . ومِن هُنا انبهرَ يهود ونصارى العرب من هذا القرآن الذي ما بلغَ ما بين أيديهم من الأسفار عُشرَ ولا معشار فصحاته ، فكانَت هذه مُعجزةُ الله على يد محمد (ص) ، ولا يُسمّى الإنجيل والتوراة مُعجزات ( مُقارنة بإعجاز القرآن "تنبّه" ) لأنّ البشر قد عَملُوا على تزييف بعض آياتها ، فانطلَى هذا على النّاس ، وأمّا القرآن فإنّ التحريف فيه سيكونُ ظاهرَ البُطلان ، لصعوبة تركيب ألفاظٍ على ألفاظٍ بحيث تتناسب مع نمط الآيات السابقة أو اللاحقة في القرآن الكريم ، والله أعلم .
فائدة (3) :
أنّهُ لَو لَم يكفِ في إثبات صِدق رسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم ، وصدق ما جاء به ، إلاَّ أنّهُ لَم يَظهرٌ دينٌ بعدَه يَزعُمُ أنّهُ من السماء ، وبتبعه أنهُ لم يظهر نبيٌّ أرسلَهُ الله إلى أهل الأرض مُؤيّدٌ بمَا أُيّدَ به أنبياء الله السابقين من المعجزات والخوارق .
أيضاً لو لَم يكفِ في إثبات صدق رسالة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلّم ، وصدق ما جاء به ، إلاَّ أنَّ القُرآن الكريم على مَدى 1400 عام لَم يَحصُل له تحريفٌ ولا تبديل ، بينما نجدُ أنّ توراة موسى (ع) احتاجت لأنبياء كثيرون لُيعيدوا تصحيحها للنّاس ، وفي هذا دلالة على تحريفها ، وأنّ إنجيل عيسى (ع) في غضون 500 عام ظهرًَ منه أناجيلٌ وأناجيلٌ يُخطّئ كُلّها الآخر ، ولكنّ القرآن كتاب الله العكريم الشريف بقيَ كمَا وعدَ الله ورسوله ، محفوظاً من التغيير والتبديل ، قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) ،:حدثني أبي ، عن أبيه ( القاسم الرسي (ع) ) أنّه قال : : (( قَرأتُ مُصحَف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، عِندَ عَجوزٍ مُسنة - يعني السيدة نفيسة (ت208هـ) - مِن ولَد الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فَوجَدتهُ مَكتوباً أجزاء بِخطُوطِ مُختَلفَة، في أسفل جزء منها مَكتوب : وكَتَبَ عَلي بن أبي طالب، وفي أسفل آخر وكتبَ عمّار بن ياسر، وفي آخر وكتبَ المقداد، وفي آخر وكتبَ سلمان الفارسي، وفي آخر وكتبَ أبو ذر الغفاري، كأنهم تعاونوا على كتابته. قال جَدّي القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه: فَقرأتُه فإذَا هُو هَذا القرآن الذي فِي أيدي النّاس حرفًا حرفاً، لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً )) ، كتاب الرد على من زعمَ أنّ القرآن ذهبَ بعضُه .
هذا وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .

الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الغزالي شكرا على التوضيح المعدل
أخي الكريم دعني هنا اتبنى وجهة نظر مغايرة .
مما لا إشكال فيه أن كتب الله القديمة التي قبل القرآن قد تعرضة للتحريف
ويبقى السؤال متى حدث هذا التحريف ؟
اظن انه بمجرد موت موسى قام الخلاف بين الاتباع فختلفت وجهات النظر حول مفاهيم التوراة فسارع القوم الى تقاسم الكتاب والزيادة فيه وتغيير بعض اللفاظة ليتسنى لهم خلق تشريعات تتناسب مع ما يذهبوا اليه من وجهات نظر أيضا لكسب القداسة الدينية ونعني بهؤلاء مجموعة الاحبار والرهبان الذين يهمهم جمع المال كما أخبر القرآن عنهم بقولة في سورة التوبة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[34]
كما أن صفة التحريف وتغيير الكلام عن مواضعه صفة متجذرة داخل المجتنع اليهودي قال تعالى في سورة المائدة ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[13]
وقال ايضا ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[41]
بل لقد فعلوها في زمن النبي موسى فحولوا كلمة ((حطة)) الى كلمة حنطة بل قد تعدى هذا الطبع المنتشر بينهم بفعل عدوى المكر والخديعة الى صفة فعل فذهبوا الي منهج الحيل ومخادعة الرب كما يقال فحولوا الشحم المحرم الى مادة الصابون لينتفعوا من هذه الشحوم كما أنهم جمعوا الحوت يوم السبت بطريقتهم الخاصة .
إن قضية التحريف مرتبة بهم دائما لذا تأمل هذه الاية والتي بعدها من سورة النساء فقد عقب الله بعد أن وصفهم بممارسة التحريف بالتهديد والعقاب يقول ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾[46]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾[47]
أخي تحريف الكلم عن مواضعة ميزة تميز بها الشعب اليهودي منذ زمن النبي موسى الي يومنا هذا .
وعليه فإن التوراة التي كانت موجودة عند يهود الجزيرة ليس لها وجود ولا حضور البتة ولا تسمى توراة .
وهذا للعديد من الاسباب
• لم يتكفل الله بحفظ نصوصها
• صفة تحريف الكلم كان منذ زمن النبي موسى وستمر وما زال مستمر الى يومنا هذا
• وجود نصوص في القرآن تصفهم بصفة التحريف والتلاعب بمجموع الكتب السماوية .
بلى لم يتكفل بحفظ هذه النصوص فسرى اليها التحربف بسرعة ولم تلبثت طويلا .
وعليه فإن دعوى وجودها عند اهل الكتاب القاطنين في جزيرة العرب دعوى غير صحية .
ودعوى أن النبي استفاد من هذه النصوص دعوى بالية وهزيلة .
اليك السبب
القرآن يؤكد على أمية النبي وأنه لم يتعلم ولم يدخل الى أي أماكن التعليم والتي كانت محضورة في الاصل على العرب .
ايضا مكث النبي في مكة وجاءه الوحي وهو في سن الاربعين من عمره الشريف مع العلم أن النبي كان يعش في مجتمع مكة مجتمع جاهلي مجتمع شركي يعبد الاصنام وينبذ الثقافات اللاخرى ويرى فيها خطرا قائما على مجموع الطقوس التى كانت تمارس والمتوارثة عن النبي إبراهيم واسماعيل وبشكل مغلوط .
أذا كان هناك حربٌ باردة بين هاتين الملتين ملة اهل الكتاب المنتشرة في الجزية بشكل قليل وفي أماكن محصورة كاضواحي يثرب والتي تبعد عن مكة عاصمة الحضارة الشركية في حينه الحضارة الشركية التى لها خصوصيتها ولها حضورها في أغلب قبائل العرب .
أخي الكريم
القرآن الكريم يصف النبي الموجود في العاصمة ((مكة)) في أكثر من موقع أنه أمي وضال وقليل المعرفة وجاهل .
وهناك الكثير من الشواهد في العديد من الاماكن في كتاب الله تؤكد امية النبي وهذه الشواهد أدلة قاطعة ولها القدرة على رد الكثير من الاحاديث التي تتعارض مع مقتضى أمية النبي وحديث العرض هو من ينص على هذا .
وما رواه البخاري في قضية ورقة بن نوفل لا يتاعرض مع أمية النبي ((هذا من وجهة نظري))
بل إن هذه القصة إن صحت تؤكد أمية النبي
فالنبي بعد نزول الوحى عليه لم يكن يعرف الناموس الاكبر وفي هذا دليل على أنه كان يجهل ما في التوراة المحرفة بل ويجهل الثقافات الاخرى حتى ثقافة قومه القائمة على ثوابت الشرك .
ما كان يحصل له قبل الوحى والبعثة هو رفض هذه الثقافات التى لا ترقي الى درجت الحق وهذا الرفض لم يقم على اساس دراسة منهجية متخصصة بل هو شعور فطري كان يتمتع به النبي ويحس به كما أن الالطاف الربانية والتي تولدة بفعل الرفض كان لها تأثير في سلوكياته فعلم الله وهو العالم أن هذه الشخصية هي محل الرسالة فكلفه الله بها .
لذا كان يبتعد عن قومه ويحب العزلة والتحنث وغار حراء في جبل النور يبعد عن مكة بمسافة تجعلك تشعر أن النبي كان يكره هذا المجتمع وما يدور فيه من أعمال شركية وطاغوتية وشيطانية .
فإذا لا تتعارض رواية ورقة بن نوفل مع أمية النبي بل تتماشى مع نصوص القرآن ومع امية النبي .
السلام عليكم أخي الكريم
أخي الغزالي شكرا على التوضيح المعدل

أخي الكريم دعني هنا اتبنى وجهة نظر مغايرة .
مما لا إشكال فيه أن كتب الله القديمة التي قبل القرآن قد تعرضة للتحريف
ويبقى السؤال متى حدث هذا التحريف ؟
اظن انه بمجرد موت موسى قام الخلاف بين الاتباع فختلفت وجهات النظر حول مفاهيم التوراة فسارع القوم الى تقاسم الكتاب والزيادة فيه وتغيير بعض اللفاظة ليتسنى لهم خلق تشريعات تتناسب مع ما يذهبوا اليه من وجهات نظر أيضا لكسب القداسة الدينية ونعني بهؤلاء مجموعة الاحبار والرهبان الذين يهمهم جمع المال كما أخبر القرآن عنهم بقولة في سورة التوبة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾[34]
كما أن صفة التحريف وتغيير الكلام عن مواضعه صفة متجذرة داخل المجتنع اليهودي قال تعالى في سورة المائدة ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾[13]
وقال ايضا ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[41]
بل لقد فعلوها في زمن النبي موسى فحولوا كلمة ((حطة)) الى كلمة حنطة بل قد تعدى هذا الطبع المنتشر بينهم بفعل عدوى المكر والخديعة الى صفة فعل فذهبوا الي منهج الحيل ومخادعة الرب كما يقال فحولوا الشحم المحرم الى مادة الصابون لينتفعوا من هذه الشحوم كما أنهم جمعوا الحوت يوم السبت بطريقتهم الخاصة .
إن قضية التحريف مرتبة بهم دائما لذا تأمل هذه الاية والتي بعدها من سورة النساء فقد عقب الله بعد أن وصفهم بممارسة التحريف بالتهديد والعقاب يقول ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾[46]
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾[47]
أخي تحريف الكلم عن مواضعة ميزة تميز بها الشعب اليهودي منذ زمن النبي موسى الي يومنا هذا .
وعليه فإن التوراة التي كانت موجودة عند يهود الجزيرة ليس لها وجود ولا حضور البتة ولا تسمى توراة .
وهذا للعديد من الاسباب
• لم يتكفل الله بحفظ نصوصها
• صفة تحريف الكلم كان منذ زمن النبي موسى وستمر وما زال مستمر الى يومنا هذا
• وجود نصوص في القرآن تصفهم بصفة التحريف والتلاعب بمجموع الكتب السماوية .
بلى لم يتكفل بحفظ هذه النصوص فسرى اليها التحربف بسرعة ولم تلبثت طويلا .
وعليه فإن دعوى وجودها عند اهل الكتاب القاطنين في جزيرة العرب دعوى غير صحية .
ودعوى أن النبي استفاد من هذه النصوص دعوى بالية وهزيلة .
اليك السبب
القرآن يؤكد على أمية النبي وأنه لم يتعلم ولم يدخل الى أي أماكن التعليم والتي كانت محضورة في الاصل على العرب .
ايضا مكث النبي في مكة وجاءه الوحي وهو في سن الاربعين من عمره الشريف مع العلم أن النبي كان يعش في مجتمع مكة مجتمع جاهلي مجتمع شركي يعبد الاصنام وينبذ الثقافات اللاخرى ويرى فيها خطرا قائما على مجموع الطقوس التى كانت تمارس والمتوارثة عن النبي إبراهيم واسماعيل وبشكل مغلوط .
أذا كان هناك حربٌ باردة بين هاتين الملتين ملة اهل الكتاب المنتشرة في الجزية بشكل قليل وفي أماكن محصورة كاضواحي يثرب والتي تبعد عن مكة عاصمة الحضارة الشركية في حينه الحضارة الشركية التى لها خصوصيتها ولها حضورها في أغلب قبائل العرب .
أخي الكريم
القرآن الكريم يصف النبي الموجود في العاصمة ((مكة)) في أكثر من موقع أنه أمي وضال وقليل المعرفة وجاهل .
وهناك الكثير من الشواهد في العديد من الاماكن في كتاب الله تؤكد امية النبي وهذه الشواهد أدلة قاطعة ولها القدرة على رد الكثير من الاحاديث التي تتعارض مع مقتضى أمية النبي وحديث العرض هو من ينص على هذا .
وما رواه البخاري في قضية ورقة بن نوفل لا يتاعرض مع أمية النبي ((هذا من وجهة نظري))
بل إن هذه القصة إن صحت تؤكد أمية النبي
فالنبي بعد نزول الوحى عليه لم يكن يعرف الناموس الاكبر وفي هذا دليل على أنه كان يجهل ما في التوراة المحرفة بل ويجهل الثقافات الاخرى حتى ثقافة قومه القائمة على ثوابت الشرك .
ما كان يحصل له قبل الوحى والبعثة هو رفض هذه الثقافات التى لا ترقي الى درجت الحق وهذا الرفض لم يقم على اساس دراسة منهجية متخصصة بل هو شعور فطري كان يتمتع به النبي ويحس به كما أن الالطاف الربانية والتي تولدة بفعل الرفض كان لها تأثير في سلوكياته فعلم الله وهو العالم أن هذه الشخصية هي محل الرسالة فكلفه الله بها .
لذا كان يبتعد عن قومه ويحب العزلة والتحنث وغار حراء في جبل النور يبعد عن مكة بمسافة تجعلك تشعر أن النبي كان يكره هذا المجتمع وما يدور فيه من أعمال شركية وطاغوتية وشيطانية .
فإذا لا تتعارض رواية ورقة بن نوفل مع أمية النبي بل تتماشى مع نصوص القرآن ومع امية النبي .
السلام عليكم أخي الكريم

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

الاخوة الكرام بارك الله فيكم
و النص الذى نقله الاخ الكاظم عن الامام القاسم الرسى مهم جدا فى الرد على احاديث الحشوية التى لطخت سمعة القران الكريم ,و استغلها خصوم الاسلام للطعن فى سلامة الكتاب العزيز من التحريف ,و منها روايات منسوبة للامام على و سلمان الفارسى
و قد نقلت نص الامام القاسم من قبل فى منتدى حوار مع النصارى :
http://forum.nadyelfikr.net/viewthread. ... #pid203385
و انا اميل الى ان الزنادقة كانوا يدسون احاديث فى كتب المحدثين المغفلين كرواية الغرانيق و رواية سحر النبى (ص)التى اعترف بعض علماء اهل السنة بان البلاء فيها من الزنادقة ..
و الله المستعان
و النص الذى نقله الاخ الكاظم عن الامام القاسم الرسى مهم جدا فى الرد على احاديث الحشوية التى لطخت سمعة القران الكريم ,و استغلها خصوم الاسلام للطعن فى سلامة الكتاب العزيز من التحريف ,و منها روايات منسوبة للامام على و سلمان الفارسى
و قد نقلت نص الامام القاسم من قبل فى منتدى حوار مع النصارى :
http://forum.nadyelfikr.net/viewthread. ... #pid203385
و انا اميل الى ان الزنادقة كانوا يدسون احاديث فى كتب المحدثين المغفلين كرواية الغرانيق و رواية سحر النبى (ص)التى اعترف بعض علماء اهل السنة بان البلاء فيها من الزنادقة ..
و الله المستعان
-
- مشرف الجناح التاريخي
- مشاركات: 679
- اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am
السلام عليكم .
أخي الكريم الغزالي حياك الله بيننا واهلا وسهلا بمن داس العدو و أقبل .
أخي الكريم اعذرني لم افهم ماذا تريد من مقالك فهل من الممكن أن توضح لي ؟
والمعذرة ففهم أخيك على قدره .
وسلااااااامي لك وللأستاذ الغالي محمد وللأخ الأجل الكاظم .
أخي الكريم الغزالي حياك الله بيننا واهلا وسهلا بمن داس العدو و أقبل .
أخي الكريم اعذرني لم افهم ماذا تريد من مقالك فهل من الممكن أن توضح لي ؟
والمعذرة ففهم أخيك على قدره .
وسلااااااامي لك وللأستاذ الغالي محمد وللأخ الأجل الكاظم .
مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح
وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح
وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح
الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه