هل نحن اليمانون نمزق ملابسنا بأيدينا ..؟؟ سؤال تبادرلي وأنا أبحث عن خياط يحيك لي زنة <ثوب> يمني ، وجدت أن أكثر من يزوال المهنة هم يمانون ولكن لوحات متاجرهم تقول ثوب مثلاخليجي وثوب عماني وثوب شامي .. ولم تتطرق للثوب اليمني على الإطلاق وبكل الأماكن ، ولا شك أنها إعترتني حالة من الذهول والحزن المصاحب لإحباط عميق .. اليمانون لم يعد لهم ثوبا وطنيا ... ولم يعودوا يعرفونه ، وهو الأسواء .
يكاد المؤرخين بعلوم الإنسانيات أن يجمعوا على أن فن حياكة النسيج، القماش إختراع يمني قديم ، حيث عرف أن الشعوب المنتمية لليمن " الساميين" كانت لهم ملابس منسوجة ،، وأشتهرت اليمن بصناعة النسيج وعرفت به ، وكان سيدنا رسول الله يلبس هنداما يمنيا ويقتني البرود اليمنية ويهديها ، كهدية لها معنى عظيم ، وحدثني أبي رحمه الله أنه كان بزبيد مع مطلع القرن الماضي مئات المصابغ ومعامل الحياكة والنسيج وأن المصابغ كانت ممتلئة بالنسيج الآتي لها من المناطق المجاورة لزبيد والمصابغ كانت تعتمد على أصبغة تنتج محليا مثل النيلة وغيرها ... وأردف أبي أن العمال عندما يخرجون من أعمالهم بآخر النهار كانوا من الكثافة أن تحدث زحمة بشرية هائلة بشوارع مدينة زبيد ...
وبمثل زبيد كانت بيت الفقيه والحديدة ، وتريم بحضرموت وحبان بشبوة وحريب بمأرب ... والحوطة بلحج .. كان لليمن لباس ينتجه ويلبسه ويصدره ، والعهد قريب جدا أمتد حتى منتصف القرن العشرين تقريبا ..
وبالطبع لوتناولنا التحولات التي حدثت لغيرنا لوجدنا شيئا من السلوان ، فمثلا الهند والبنغال بالذات وكانت لاتزال متحدة ، حيث كانت كلكتا عاصمة البنغال تظم ملايين العمال بصناعة النسيج ، فالبنغال أكبر مصدر عالمي لمادة الكتان ، ثم بجوراها شمالا مناطق تنتج الحرير الطبيعي والصوف وبالهند يغزر إنتاج القطن ، فكانت البنغال من أثرى بلدان العالم لصناعة النسيج ... وحدثت تحولات بالعالم أولها بالبنغال نفسها حيث إنفجر السكان بحيث أن زوجين يصبحان بعد عشرة أعوام عبارة عن درزن ، والدرزن ينقسم لدرازن وفي خلال خمسة عقود نام البنغاليين على الأرصفة ... وربما سنلحق بهم باليمن إذا لم يتم إجراء حقيقي .... عموما سحبت اليابان البساط من تحت كل صانعي النسيج حيث أنتجت مادة البوليستر وأنتهت أهمية القطن ومشتقاته وكذا أهمية بنقلاديش وكتانها ... وربما لحقت اللعنة صناعة النسيج باليمن ..
تدهورت صناعة النسيج باليمن نتيجة لوضع عدن كميناء حر حيث كان التاجر بعدن يرسل لليابان عينة من البرود اليمنية الأصيلة فيقومون بصناعة أمثالها من خيوط البوليستر وبثمن زهيد جدا .... ثم التجاذب الإقتصادي بقيام إقتصادات محلية فتية تعتمد على النفط ... وخسر اليمن إلى جانب النسيج طاقته العاملة وتخلخلت مدخولات أبنائه المالية وأصبحوا يتسابقون على الإغتراب ..
وبعد التوعك والمخاظ الصعب برزت للوجود وجوه جديدة .... تعد بحشو مواعدنا زبدا وعسلا وتلبسنا ديباجا وإستبرقا .... لكنها كانت وجوها كالحة ماقعة أمية ثقافيا ،، كان همها الأكبر أن تصل لأفضل مقائل القات وتتناول الأطرى منه ،،، فتحولت اليمن لمقيل قات عامر ... كان الواحد من هؤلاء يعتبر أن كشف رأسه وحلق ذقنه كفيل بإدخال اليمن لعالم الفضاء ، ولكنهم في الحقيقة مسخوا ثقافة اليمن وملابسه وهندامه وأنكئوا الجراح وهرولوا باليمن كمشية الغراب ... ولم تعد تستوعب ذاكرتهم سوى الخنجر ... وهو رمز الشراسة والعنف بالحضارة اليمنية , وتركوا الزنة أو الثوب اليمني وكذا الإزار اليمن والبرد والعمامة المنظمة الثابتة ، ولعل مناسبة زيارة رئيس السنيقال عبده واد لليمن كانت ربما وعظا لووجد متعظا ... ملابسه كانت يمنية القميص ، غطاء الراس ، الشال أو البرد ،، بيمنا مرافقيه اليمنيين بملابسهم المهرولة بين كوت أوروبي وثوب متوسطي كنسي ... بوظع لايشرف أي يمني ...
وهنا لاألوم الخياطين لضياع كلمة ثوب يمني من قاموسهم فعلية القوم ببلادنا نسوه وتجاهلوه رغم أنه لم يمض عليه أكثر من ثلاثة عقود .... بل لايزال متواجدا ببعض الأماكن ..
هل ... نحن اليمانون نمزق ملابسنا بأيدينا ..؟
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال:
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال:
ألستم معي أن هناك حملة لتجريد اليمني من ثقافته الأصيلة ... ربما كان دافعها الجهل المطبق بالثقافة ومثله الإقتصاد والتمنية ،،، والشاهد أننا نشاهد بالعين المجردة من يلبس الكوت الطويل الصوفي والذي عادة يرتدى بشتاء سيبيريا وقبعة صوفية وتحتها بذلة إفرنجية ... لكن المكان يكن أحيانا الحديدة ، ذات الطقس الحار الإستوائي على مدار العام ... وعندما تسأل عن ذلك المتدثر تجده من منظري الثورة ... ويدعو العامة لتقليدة بحلق الذقن وتدثر الملابس ...