دور السعودية في حرب صعدة, واضطهاد الزيدية؟!
صحيفة الوسط
الأحد 20 فبراير 2005
بقلم / محمد محمد المقالح
حرب صعدة الدموية (16/6 - 10/9/2004م) وما تخللها وتلاها من انتهاكات مؤكدة لحقوق الإنسان في صعدة, ومن اجراءات قمعية واسعة النطاق لا تزال متواصلة ومتصاعدة ضد الفكر والمذهب الزيدي والمنتمين إليه عموماً وضد فئة اجتماعية بعينها وبهدف عزلها خصوصاً.. الخ. تلك الحرب القذرة وهذه الاجراءات القمعية القاسية كان لها ولا يزال اسبابها وعواملها ودوافعها المحلية (الداخلية) البحتة والتي يعود بعضها إلى طبيعة تركيب السلطة العشائرية الفئوية وطبيعة تحالفاتها العقائدية (الايدلوجية السلفية) والعنصرية (.....)
ويعود بعضها الآخر إلى تعبيرات ومخرجات الأزمة اليمنية المتفاقمة عموماً التي تعبر عن نفسها عنفاً وتطرفاً وحروباً وفي كل اتجاه في ظل سياسة قمع الحريات واغلاق منافذ التعبير السلمي والمشاركة الشعبية في القرار وتفتيت المجتمع السياسي والحزبي وتراجع دوره وتأثيره في الحياة العامة, وانفلات المؤسسة العسكرية وتفتيتها وتحويلها إلى وحدات ومؤسسات وفرق وكتائب مستقلة عن بعضها البعض ولا تخضع لسيطرة الدولة وقرارها السياسي بقدر خضوعها لقرارات وتوجيهات افراد الحرب وفي ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية وضيق عيش المواطن اليمني وسياسة قمع الحريات عموماً واضطهاد الأقليات الدينية والمذهبية ومحاولة هذه للتعبير عن نفسها ورد اعتبارها المقموعة من خلال التطرف والتعصب المذهبي فضلاً عن الأزمة الطاحنة التي تعيشها السلطة في قمتها استوطنتها فكرة "توريث الحكم" وشغلتها عن بقية القضايا الملحة الأخرى, مع شعورها المتفاقم بصعوبة بل استحالة تحقيق "حكم التوريث" على الأرض ما لم يتم تغيير وتبديل كامل المنظومة السياسية والعسكرية والاجتماعية القائمة والتي تكونت وتحالفت للحفاظ على وضع سياسي آخر يراد اليوم تغييره وفك وشائجه لاتاحة الفرصة وجعلها سانحة للقادم الجديد الذي لا يبدو على ملامحه الطموح ولا يوجد حوله التفاف أو اتفاق فضلاً عن الاجماع الذي كان يحظى به والده المتقادم في الحكم .. الخ. كل هذه الأسباب والعوامل المحلية وفي كثير من الأحيان الذاتية والشخصية هي التي افرزت حرب صعدة وادت إلى تداعياتها القمعية المتواصلة والتي لم يحصل ان عاشتها دولة الوحدة منذ قيامها والتي وصلت إلى درجة احراق ومصادرة الكتب التراثية ومنع وتحريم احياء المناسبات الاجتماعية الدينية, والزج بالمئات والآلاف من الشباب العلماء المنتمين إلى المذهب الزيدي يصل عددهم إلى 1500 معتقل) معظمهم بدون محاكمات وكثير منهم غيرمعروفة أماكن أو أكثر احتجازهم وممنوعين من حقهم في الزيارة فضلاً عن ممارسة أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي للعشرات منهم .. الخ.
غير أن هذه الأسباب والدوافع المحلية البحتة لم توقف محاولات السلطة الحاكمة الحثيثة ومنذ اللحظة الاولى في تسويق واستثمار تلك الحرب وتداعياتها خارجياً ولدى كل الاطراف الأقليمية والدولية المعنية باسم الحرب العالمية ضد الارهاب. ومرة أخرى باسم الوقوف أمام "الخطر الشيعي" المتفاقم على المنطقة العربية عموماً والخليجية خصوصاً بعد انهيار الطاغية صدام وفي ظل الدعم الايراني لطموحات الغالبية الشيعية في العراق من اجل نيل حقوقها السياسية والمسلوبة "تاريخياً"!! أو هكذا تم ويتم تصوير الوضع في العراق والبحرين والسعودية وغيرها وبشيء من المبالغة والتهويش المرضي الاستبدادي حول الخطر الشيعي, وهو ما حاول النظام في صنعاء اللعب فيه والعمل على استنفار حالة الرهاب التاريخي من الشيعة يرى النظام العربي العشائري تصوير الحرب في صعدة كجزء من حرب تلك الأنظمة المتواصلة ضد الحالة الشيعية في بلدانها مع الاختلاف الواضح بين الأمرين هنا وهناك" والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو إلى أي مدى استجابت الأطراف الدولية الأقليمية لمنطق وخطاب السلطة اليمنية في حربها ضد الحوثي في صعدة .. وما تقوم به من اجراءات قمعية متواصلة ضد المنتمين إلى مذهب الحوثي حتى الآن وبصورة أدق ما هو موقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الاروبي من ناحية وكل من السعودية وعدد من بلدان الخليج من ناحية أخرى من حرب صعدة وتداعياتها , ولماذا رفضت أمريكا ادراج تلك الحرب ضمن الحرب على الارهاب بينما وافقت السعودية على ادراجها ضمن الحرب ضد الشيعة, والحد من خطرها وذهبت أكثر من ذلك إلى المشاركة في الحرب عسكرياً وبصورة مباشرة وإذا كان هذا هو ما حصل بالفعل, فما هي مصلحة السعودية في اصطياد وقمع شرائح واسعة من أبناء المجتمع اليمني هم اتباع المذهب الزيدي في وقت تعاني منه من مشكلة اخرى هي مشكلة الوهابيين العنيفة ومحاولة البعض إعادة تصديرها إلى اراضيها عنفاً وارهاباً وتكفيراً.
هذا هو موضوع الجزء التالي من المقال.