مخاطر طول فترة تأجيل الانتخابات
بقلم/ د. محمد القاهري(37 قراءة) السبت 28 فبراير-شباط 2009 11:08 ص
أتت فترة التأجيل للانتخابات حتى سنتين أطول من الحاجة الظاهرة. ولا يخلو ذلك من مخاطر.
أولاً، قبول المشترك بفترة تذهب حتى سنتين يثير مخاوف من عدم جاهزيته. وعدم الجاهزية أمر معيب نبهنا مراراً إلى معالجته ولكن دون جدوى.
فلو كانت اجندة المشترك للتعديلات والإضافات المطلوبة جاهزة لكفته أيام او اسابيع لطرحها. ومع اعطاء فرصة للجوانب الفنية وللطرف الآخر لانجاز مالديه، يمكن إجراء الانتخابات في موعد لا يتجاوز الـ6 اشهر. فلماذا التمديد إلى سنتين؟
ومساوئ عدم الاستعداد مقلقة اكثر لو تخيلنا ان الظروف دعت المشترك للحكم بدلاً عن السلطة القائمة. حينها لن يجيب المشترك "حاضر" وانما سيذهب في مهلة حتى يبرد الحديد او سيغرق في ارتجال مليئ بالأخطاء. وهذا يبخر آمال الشعب بتغيير قريب وموثوق للسلطة الفاشلة القائمة الآن.ونأمل ان يتدارك المشترك هذه المسألة باستخدام مؤسساته الذاتية واطر التشاور التي يرعاها.
ثانياً، فترة سنتين تطيل حالة الرجل المريض اكثر مما هو محتمل. وهذا بالذات يخدم اطراف السلطة الفاشلة والفساد. فطول الحالة افضل مايكون لهذه الأطراف طالما وتستمر الميزانيات والموارد تتدفق إلى أيديها دون أن تؤدي كالعادة اية مسؤولية. وقد رأينا هذا في مواجهة الظروف الاقتصادية القاسية عندما اكتفت السلطة بقرار لامسؤول خفَّض المشروع الاستثماري إلى النصف.
ثالثاً، لم يطرح المشترك مقترحات بتدابير لهذا الجانب الاقتصادي وهو الأكثر الحاحاً. فأسعار النفط هبطت خلال أيام ولم تنتظر سنتين. والسلطة تصرفت كما ذكرنا في ايام عبر خفض المشروع الاستثماري، وفي ذلك خطر شديد على الشعب. وإزاء تصرف الحكومة اللامسؤول كان على المعارضة طرح مشروع انقاذ اقتصادي عاجل، فالحاجة لهكذا مشروع تتجاوز الأغلبية والأقلية والانتخابات ولا تطيق الآجال، فالملايين من الضعفاء يتضورون جوعا كل يوم والخدمات الضرورية لهم تتدهور كل يوم، ومن شأن ذلك ان يقوض أسس الامن والاستقرار اكثر ومن ثم سلامة الملعب السياسي. فبعد سنتين على هذا المنوال قد لايبقى ملعب سياسي اصلاً.
رابعاً، فيما حكومات ومعارضات دول عظمى تنشط كالنحل من اجل خطط للتكفل بالوضع الاقتصادي ترك الرئيس الأحزاب "ضمن استراتيجية ثانوية" تتكلم سياسة غير مضمونة النتائج، وذهب "ضمن استراتيجية رئيسية" إلى الخارج لتطوير خطة عسكرية. فهل ظرف تسوية الملعب السياسي غير المكتملة والصعوبات الاقتصادية الصارخة مناسب لخطط التطوير العسكري؟
ان في ذلك غياب تام لأي اعتبار للشعب في حسابات الرئيس، واهانة لقيادات المشترك التي دعيت الى طاولة حوار لتمديد المدة لأغلبية المؤتمر بينما رئيس المؤتمر في الخارج يشتري أسلحة للانقلاب عليها. فأقل ماينبغي على المشترك عمله إذاً هو ان يقطع الطريق علي الخطة العسكرية ويستبدلها بخطة للاقتصاد. فحتى لو كانت خطة التطوير العسكرية ضرورية فيجب ان تنتظر تسوية الملعب السياسي وإفراز شرعية جديدة. كما يجب ان تكون ذات توجه داخلي وعام وليس توجها خارجيا، أي ان تعمد الى رفع مرتبات الجنود والضباط لأن في ذلك فائدة اقتصادية عامة للداخل كمكافحة الفقر وحفز الطلب والانتاج، وليس استيراد أسلحة يفيد الخارج والفساد (عمولات، وفواتير مغشوشة، وأسلحة لاتستخدم اصلا وانما يعاد بيع وتصدير الكثير منها ليذهب العائد الى جيوب مجهولة ولتسبب مشاكل للشعب مع الجيران اوتحت عنوان الإرهاب...الخ).
اخيراً، رغم ان اتفاق التأجيل معني بتسوية ملعب الانتخابات فقد اهمل عناصر جوهرية. اذ من الضروري تحرير الإعلام العام بشكل كامل من سيطرة الحكومة وبفترة كافية قبل الانتخابات وذلك كوسيلة لتجنيب الناخبين التجهيل العام.
كما من الضروري فرض التدابير القادرة على منع استخدام المال العام في شراء الذمم والأصوات وعلى إلغاء أية نتائج انتخابية يتورط أصحابها في ذلك.
http://aleshteraki.net/articles.php?id=1157