لا اكراه فى الدين
لا اكراه فى الدين
من ابرز الشبهات التى يثيرها خصوم الاسلام : مسالة موقف الاسلام من حرية الاعتقاد .
و الواقع ان القران الكريم قد قرر حرية الاعتقاد , بل هذه الحرية هى قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الغراء كما بينها القران الكريم , بعيدا عن اخبار الاحاد و اقوال الفقهاء المخالفة للقران .
قال تعالى :
"لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " البقرة : 256
و هذه الاية الكريمة دليل واضح على عدم مشروعية فرض الاسلام على اى انسان .
و قد قيل ان الاية منسوخة , و الواقع انها ليست منسوخة بل لا يوجد نسخ فى القران الكريم اصلا كما بين جماعة من العلماء المحققين
فالاية واضحة فى ان عدم الاكراه إنما هو لعدم الحاجة إليه من جهة وضوح الرشد وتبينه من الغي
وإذا كان هذا هو المراد فلا يمكن نسخه
لان دين الاسلام كان واضح الحجة من أول الامر و وضوحه مستمر ان لم يكن يزداد بمضى الوقت ، ومعنى هذا أن الاكراه في أواخر دعوة النبي (ص) أحرى بأن لا يقع لان برهان الاسلام في ذلك العهد أسطع و أوضح
يقول الدكتور يوسف القرضاوى :
" أن مثل هذه الآية لا تنسخ؛ لأنها معللة بعلة لا تقبل النسخ، فهي تبين أن الدين الحق –وهو دين الإسلام- لا يقبل الإكراه، ولا يجوز الإكراه، لعلة ظاهرة، وهو: أنه لا يحتاج إلى إكراه قط، لجلاء بنيانه، ووضوح دلائله، يقول الإمام ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى: (لا إكراه في الدين): أي لا تكره أحدا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره له، ونور بصيرته: دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه، وختم على سمعه وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا...
ومما يؤكد ما جاءت به هذه الآية من نفي الإكراه بصيغة مطلقة: ما جاء القرآن المكي من مثل قوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (يونس:99) بهذا الاستفهام الإنكاري، وقوله تعالى على لسان نوح لقومه: "أَرَأَيْتُمْ إِن كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ" (هود:28).
ومما يؤيد ما دلت عليه الآية من النفي المطلق للإكراه في الدين: ما عللت به الآية ذلك. بقوله تعالى: (قد تبين الرشد من الغي) فلا حاجة إذن إلى الإكراه، ولا مبرر له. "
و قيل ان الاية خاصة باهل الكتاب ,لكنه قول غير صحيح لان علة وضوح الرشد و تبينه من الغى علة مشتركة بين جميع طوائف الكفار ، فلا يصح تخصيص الحكم ببعض الطوائف دون بعض .
و ليس صحيحا ان القران الكريم يجيز اكراه غير اهل الكتاب من المشركين على الاسلام , و قوله تعالى :"سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ " لا يدل على ذلك , فقوله " يسلمون " اى : ينقادون و هو معنى للاية ذكره الامام الزمخشرى , و هو الذى يتعين حملها عليه لدلالة النصوص الاخرى على عدم الاكراه على الدين ,و قد قال فريق من المفسرين ان الاية عن قتال بعض اهل الكتاب من الروم و لا شك فى عدم جواز فرض الاسلام عليهم.
و كذلك قوله تعالى :" فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم"
فالاية خاصة بفريق خاص من المشركين: كان بين رسول الله (ص) وبينهم عهد، فنقضوه، وظاهروا عليه أعداءه , المشركين، بدليل قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
و ليس الغرض من قتال هذا الفريق اكراههم على دخول الاسلام بل الهدف هو اجلاؤهم عن الحجاز و منطقة المسجد الحرام خصوصا . وبهذا يكون للإسلام معقله الخاص، وحماه الذي لا يشاركه فيه أحد.
ولله حكمة في ذلك، وهي أن يكون الحجاز وما حوله من أرض الجزيرة هو الملاذ والمحضن لهذا الدين، الذي يلجأ إليه الإسلام كلَّما نزلت المحن والشَّدائد بأطرافه المختلفة. وهذا ما أثبت لنا التَّاريخ جدواه وأهميته خلال العصور والأزمات الَّتي مرَّ بها تاريخ الأمة.
وفي هذا نزلت آيات سورة التَّوبة في البراءة من المشركين وتأجيلهم أربعة أشهر، يسيحون خلالها في الأرض ثم يختارون لأنفسهم: الإسلام، أو الرحيل من هذه الأرض أو القتال.
فليست الغاية إذن من قتالهم هي إكراههم على الدخول في الإسلام بقوة السلاح، ولا أدل على هذا من قول الله عز وجل لنبيه، في الآية التي تليها :
" وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ " (التوبة:6)
؛ فإن في هذه الآية أمرًا من الله عز وجل لرسوله بأن يجير من يستجير به من المشركين، ثم يدعوه إلى الإيمان بالله، ويبين له ما في هذا الإيمان من خير له، فإن هو ـ بعد هذا ـ أصر على ضلاله، واستمرأ البقاء على كفره بالله، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغه المكان الذي يأمن فيه، فعلى الرسول أن يجيبه إلى طلبه، وأن يؤمنه حتى يصل إلى ذلك المكان
اخيرا حمل بعضهم قوله " لا اكراه فى الدين " على انه ينفى مجرد الجبر اى اكراه الله للناس على الدين , لكن حتى على هذا المحمل فان الاية تدل ايضا على عدم جواز اكراه احد على الدين ,فنفى اكراه الله للناس على الدين يتضمن نفى ان يشرع الله اكراه الناس على الدين , فالله تعالى لا يكره احدا على الدين لا بفعله مباشرة و لا بواسطة عباده المؤمنين .
فدلالة الاية واضحة لا لبس فيها على حرية الاعتقاد .
و يقول تعالى :
(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (يونس: 99).
و بهذا يتضح ايضا ان ما يسمى حد الردة مخالف للقران الكريم , فلا اكراه لاحد على دخول الدين او البقاء فيه
و هناك ملاحظات عليه :
اولا - ليس فى القران الكريم اى نص على هذه العقوبة
و قد انزل الله القران تبيانا لكل شىء,و ترك النبى (ص) فى امته كتاب الله كما فى قال فى حجة الوداع و قال اننا لن نضل اذا اعتصمنا به , فعلى الاقل يجب ان يتضمن القران جميع اصول الشريعة و جميع احكام الفرائض و المحرمات او على الاقل يتضمن ذكر لها ,
فلماذا لم ينص الكتاب العزيز على هذه العقوبة مع انه اشار فى اكثر من اية الى مسالة الردة و عقوبة المرتد فى الاخرة ؟
بل بالعكس نجد ان القران يقرر انه" لا اكراه فى الدين"
و يقول الدكتور محمد سليم العوا فى كتابه حق التعبير :
[القران قد حكى عن جماعة من اليهود انهم كانوا يترددون بين الكفر و الاسلام ليفتنوا المسلمين عن دينهم و يردوهم عن الاسلام
(وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (ال عمران :72)
و قد كانت هذه الردة الجماعية فى المدينة و الدولة الاسلامية قائمة و النبى حاكمها, و مع ذلك لم يعاقب هؤلاء المرتدين الذين يرمون بنص القران الى فتنة المؤمنين عن دينهم و صدهم عنه ].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله فى تفسير الاية :
[ قال ابن أبي نجيح: عن مجاهد في قوله تعالى إخباراً عن اليهود بهذه الآية، يعني: يهوداً صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، وكفروا آخر النهار؛ مكراً منهم؛ ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه]
ثانيا -الاحاديث :
ما ورد فى المسالة احاديث احاد ,فهل احاديث الاحاد تثبت بها الحدود؟
فى المسالة خلاف ,و خبر الاحاد حتى لو كان صحيحا فانه ظنى الصدور عن النبى صلى الله عليه و سلم ,
و ازهاق روح انسان امر جلل فكيف يعتمد فيه على دليل ظنى ؟
و اهم ما ورد من روايات : رواية " من بدل دينه فاقتلوه " و هو حديث طعن فيه بعض علماء الزيدية لانه يتضمن تجهيلا للامام على ,و تخطئة ابن عباس له و هو ما يخالف الموقف الثابت لابن عباس من فقه الامام على , , و فى اسناد رواية " من بدل دينه .." عكرمة المتهم بانه من الخوارج خصوم الامام على ,
و مع ذلك فقد خصص الاحناف هذا الحديث بالمرتد الرجل ,فالمراة المرتدة عند الامام ابى حنيفة لا يقام عليها حد الردة , فلا مانع ان نخصص الحديث - موافقة لكتاب الله - بالمرتدين المحاربين .
و الحديث الاخر" التارك لدينه المفارق للجماعة " يتضمن نصا على رجم الزانى و هو ما يخالف نص القران الكريم الذى حدد عقوبة الزنى بالجلد , و مع ذلك فيمكن حمل الخبر على ان المراد به عقوبة من جمع بين الردة و بين الخروج المسلح على الدولة .
و فى الحديث الصحيح الذى اخرجه الامام مسلم عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم , فقال رجل : اعدل يا محمد .."
لكن لم يقم عليه النبى (ص) حد الردة المزعوم مع انه ارتد ردة صريحة .
و لا يثبت عن رسول الله (ص) انه قتل احدا لمجرد انه ارتد عن الاسلام .
اما حروب الردة فافعال الخلفاء ليست مصدرا للتشريع الاسلامى ,و مع ذلك فانى اعتقد ان هذه الحروب كانت مجرد مواجهة لتمرد سياسى على الدولة الاسلامية قام به مرتدون محاربون .
و الواقع ان القران الكريم قد قرر حرية الاعتقاد , بل هذه الحرية هى قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الغراء كما بينها القران الكريم , بعيدا عن اخبار الاحاد و اقوال الفقهاء المخالفة للقران .
قال تعالى :
"لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ " البقرة : 256
و هذه الاية الكريمة دليل واضح على عدم مشروعية فرض الاسلام على اى انسان .
و قد قيل ان الاية منسوخة , و الواقع انها ليست منسوخة بل لا يوجد نسخ فى القران الكريم اصلا كما بين جماعة من العلماء المحققين
فالاية واضحة فى ان عدم الاكراه إنما هو لعدم الحاجة إليه من جهة وضوح الرشد وتبينه من الغي
وإذا كان هذا هو المراد فلا يمكن نسخه
لان دين الاسلام كان واضح الحجة من أول الامر و وضوحه مستمر ان لم يكن يزداد بمضى الوقت ، ومعنى هذا أن الاكراه في أواخر دعوة النبي (ص) أحرى بأن لا يقع لان برهان الاسلام في ذلك العهد أسطع و أوضح
يقول الدكتور يوسف القرضاوى :
" أن مثل هذه الآية لا تنسخ؛ لأنها معللة بعلة لا تقبل النسخ، فهي تبين أن الدين الحق –وهو دين الإسلام- لا يقبل الإكراه، ولا يجوز الإكراه، لعلة ظاهرة، وهو: أنه لا يحتاج إلى إكراه قط، لجلاء بنيانه، ووضوح دلائله، يقول الإمام ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى: (لا إكراه في الدين): أي لا تكره أحدا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره له، ونور بصيرته: دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه، وختم على سمعه وبصره، فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا...
ومما يؤكد ما جاءت به هذه الآية من نفي الإكراه بصيغة مطلقة: ما جاء القرآن المكي من مثل قوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ" (يونس:99) بهذا الاستفهام الإنكاري، وقوله تعالى على لسان نوح لقومه: "أَرَأَيْتُمْ إِن كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ" (هود:28).
ومما يؤيد ما دلت عليه الآية من النفي المطلق للإكراه في الدين: ما عللت به الآية ذلك. بقوله تعالى: (قد تبين الرشد من الغي) فلا حاجة إذن إلى الإكراه، ولا مبرر له. "
و قيل ان الاية خاصة باهل الكتاب ,لكنه قول غير صحيح لان علة وضوح الرشد و تبينه من الغى علة مشتركة بين جميع طوائف الكفار ، فلا يصح تخصيص الحكم ببعض الطوائف دون بعض .
و ليس صحيحا ان القران الكريم يجيز اكراه غير اهل الكتاب من المشركين على الاسلام , و قوله تعالى :"سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ " لا يدل على ذلك , فقوله " يسلمون " اى : ينقادون و هو معنى للاية ذكره الامام الزمخشرى , و هو الذى يتعين حملها عليه لدلالة النصوص الاخرى على عدم الاكراه على الدين ,و قد قال فريق من المفسرين ان الاية عن قتال بعض اهل الكتاب من الروم و لا شك فى عدم جواز فرض الاسلام عليهم.
و كذلك قوله تعالى :" فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم"
فالاية خاصة بفريق خاص من المشركين: كان بين رسول الله (ص) وبينهم عهد، فنقضوه، وظاهروا عليه أعداءه , المشركين، بدليل قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
و ليس الغرض من قتال هذا الفريق اكراههم على دخول الاسلام بل الهدف هو اجلاؤهم عن الحجاز و منطقة المسجد الحرام خصوصا . وبهذا يكون للإسلام معقله الخاص، وحماه الذي لا يشاركه فيه أحد.
ولله حكمة في ذلك، وهي أن يكون الحجاز وما حوله من أرض الجزيرة هو الملاذ والمحضن لهذا الدين، الذي يلجأ إليه الإسلام كلَّما نزلت المحن والشَّدائد بأطرافه المختلفة. وهذا ما أثبت لنا التَّاريخ جدواه وأهميته خلال العصور والأزمات الَّتي مرَّ بها تاريخ الأمة.
وفي هذا نزلت آيات سورة التَّوبة في البراءة من المشركين وتأجيلهم أربعة أشهر، يسيحون خلالها في الأرض ثم يختارون لأنفسهم: الإسلام، أو الرحيل من هذه الأرض أو القتال.
فليست الغاية إذن من قتالهم هي إكراههم على الدخول في الإسلام بقوة السلاح، ولا أدل على هذا من قول الله عز وجل لنبيه، في الآية التي تليها :
" وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ " (التوبة:6)
؛ فإن في هذه الآية أمرًا من الله عز وجل لرسوله بأن يجير من يستجير به من المشركين، ثم يدعوه إلى الإيمان بالله، ويبين له ما في هذا الإيمان من خير له، فإن هو ـ بعد هذا ـ أصر على ضلاله، واستمرأ البقاء على كفره بالله، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغه المكان الذي يأمن فيه، فعلى الرسول أن يجيبه إلى طلبه، وأن يؤمنه حتى يصل إلى ذلك المكان
اخيرا حمل بعضهم قوله " لا اكراه فى الدين " على انه ينفى مجرد الجبر اى اكراه الله للناس على الدين , لكن حتى على هذا المحمل فان الاية تدل ايضا على عدم جواز اكراه احد على الدين ,فنفى اكراه الله للناس على الدين يتضمن نفى ان يشرع الله اكراه الناس على الدين , فالله تعالى لا يكره احدا على الدين لا بفعله مباشرة و لا بواسطة عباده المؤمنين .
فدلالة الاية واضحة لا لبس فيها على حرية الاعتقاد .
و يقول تعالى :
(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) (يونس: 99).
و بهذا يتضح ايضا ان ما يسمى حد الردة مخالف للقران الكريم , فلا اكراه لاحد على دخول الدين او البقاء فيه
و هناك ملاحظات عليه :
اولا - ليس فى القران الكريم اى نص على هذه العقوبة
و قد انزل الله القران تبيانا لكل شىء,و ترك النبى (ص) فى امته كتاب الله كما فى قال فى حجة الوداع و قال اننا لن نضل اذا اعتصمنا به , فعلى الاقل يجب ان يتضمن القران جميع اصول الشريعة و جميع احكام الفرائض و المحرمات او على الاقل يتضمن ذكر لها ,
فلماذا لم ينص الكتاب العزيز على هذه العقوبة مع انه اشار فى اكثر من اية الى مسالة الردة و عقوبة المرتد فى الاخرة ؟
بل بالعكس نجد ان القران يقرر انه" لا اكراه فى الدين"
و يقول الدكتور محمد سليم العوا فى كتابه حق التعبير :
[القران قد حكى عن جماعة من اليهود انهم كانوا يترددون بين الكفر و الاسلام ليفتنوا المسلمين عن دينهم و يردوهم عن الاسلام
(وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (ال عمران :72)
و قد كانت هذه الردة الجماعية فى المدينة و الدولة الاسلامية قائمة و النبى حاكمها, و مع ذلك لم يعاقب هؤلاء المرتدين الذين يرمون بنص القران الى فتنة المؤمنين عن دينهم و صدهم عنه ].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله فى تفسير الاية :
[ قال ابن أبي نجيح: عن مجاهد في قوله تعالى إخباراً عن اليهود بهذه الآية، يعني: يهوداً صلت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، وكفروا آخر النهار؛ مكراً منهم؛ ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد أن كانوا اتبعوه]
ثانيا -الاحاديث :
ما ورد فى المسالة احاديث احاد ,فهل احاديث الاحاد تثبت بها الحدود؟
فى المسالة خلاف ,و خبر الاحاد حتى لو كان صحيحا فانه ظنى الصدور عن النبى صلى الله عليه و سلم ,
و ازهاق روح انسان امر جلل فكيف يعتمد فيه على دليل ظنى ؟
و اهم ما ورد من روايات : رواية " من بدل دينه فاقتلوه " و هو حديث طعن فيه بعض علماء الزيدية لانه يتضمن تجهيلا للامام على ,و تخطئة ابن عباس له و هو ما يخالف الموقف الثابت لابن عباس من فقه الامام على , , و فى اسناد رواية " من بدل دينه .." عكرمة المتهم بانه من الخوارج خصوم الامام على ,
و مع ذلك فقد خصص الاحناف هذا الحديث بالمرتد الرجل ,فالمراة المرتدة عند الامام ابى حنيفة لا يقام عليها حد الردة , فلا مانع ان نخصص الحديث - موافقة لكتاب الله - بالمرتدين المحاربين .
و الحديث الاخر" التارك لدينه المفارق للجماعة " يتضمن نصا على رجم الزانى و هو ما يخالف نص القران الكريم الذى حدد عقوبة الزنى بالجلد , و مع ذلك فيمكن حمل الخبر على ان المراد به عقوبة من جمع بين الردة و بين الخروج المسلح على الدولة .
و فى الحديث الصحيح الذى اخرجه الامام مسلم عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم , فقال رجل : اعدل يا محمد .."
لكن لم يقم عليه النبى (ص) حد الردة المزعوم مع انه ارتد ردة صريحة .
و لا يثبت عن رسول الله (ص) انه قتل احدا لمجرد انه ارتد عن الاسلام .
اما حروب الردة فافعال الخلفاء ليست مصدرا للتشريع الاسلامى ,و مع ذلك فانى اعتقد ان هذه الحروب كانت مجرد مواجهة لتمرد سياسى على الدولة الاسلامية قام به مرتدون محاربون .
الساكت عن الحق شيطان اخرس
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 625
- اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
- اتصال:
أخي الكريم الغزالي بحث قيم جدا تشكر عليه وكتبه الله في ميزان حسناتك.
أخي الكريم لم تتضح لي هذه الردة الصريحة في هذا الحديث.
و فى الحديث الصحيح الذى اخرجه الامام مسلم عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم , فقال رجل : اعدل يا محمد .."
لكن لم يقم عليه النبى (ص) حد الردة المزعوم مع انه ارتد ردة صريحة .
أخي الكريم لم تتضح لي هذه الردة الصريحة في هذا الحديث.
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85


-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
-
- مشرف الجناح التاريخي
- مشاركات: 679
- اشترك في: الأحد مايو 30, 2004 3:03 am
المعتمد في التاريخ كتب:بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الاخ الغزالي هل أنت نفس الشخص الذي يكتب في اللادينية الذي ترك الاسلام ثم أصبح إثنى عشريا ثم زيديا ثم أباضيا ثم ارتد ثم اسلم واصبح سنيا سلفيا؟









مدحي لكم يا آل طه مذهبي .... وبه أفوز لدى الإله وأفلح
وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح
وأود من حبي لكم لو أن لي .... في كل جارحة لسانا يمدح
الحسن بن علي بن جابر الهبل رحمة الله عليه
الاخ العزيز المعتمد
انا " المنصور بالله " الذى كان يكتب فى شبكة هجر ,هل تذكرنى ؟
و قد مررت بمعاناة فكرية قاسية الفترة الماضية, فبعد ان كنت زيديا شككت فى التشيع و تاثرت بالاباضية , ثم خضت حوارات مع اللادينيين وطالعت كتب شككتنى فى الاسلام , لكن حسمت كل شكوكى بفضل الله
انا " المنصور بالله " الذى كان يكتب فى شبكة هجر ,هل تذكرنى ؟
و قد مررت بمعاناة فكرية قاسية الفترة الماضية, فبعد ان كنت زيديا شككت فى التشيع و تاثرت بالاباضية , ثم خضت حوارات مع اللادينيين وطالعت كتب شككتنى فى الاسلام , لكن حسمت كل شكوكى بفضل الله
آخر تعديل بواسطة الغزالى في الخميس إبريل 14, 2005 5:15 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
الساكت عن الحق شيطان اخرس
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الاخ الغزالي حفظكم المولى عز وجل حصل خيرا إن شاء الله. وقد كنت أتوقع هذا الشيئ من الوهابية لا من أخي عزيزي مدحه علماؤنا في شبكة هجر. ولكن الي صار صار كما يقال.
ما هذا الذي رأيته في توقيعك.
لقد وجدت أن كثرة النقاش على شبكات الحوار تميت القلب.
السلام عليكم
الاخ الغزالي حفظكم المولى عز وجل حصل خيرا إن شاء الله. وقد كنت أتوقع هذا الشيئ من الوهابية لا من أخي عزيزي مدحه علماؤنا في شبكة هجر. ولكن الي صار صار كما يقال.
ما هذا الذي رأيته في توقيعك.
أرى ان الكثير من الناس يعتقلونالاستاذ محمد عزان فك الله اسره

لقد وجدت أن كثرة النقاش على شبكات الحوار تميت القلب.
الاخ العزيز
لا تؤمن على حى فتنة , و الحمد لله اننى تمكنت من حسم شكوكى و اصبحت مقتنعا بالاسلام بناءا على الحجة و البرهان لا عن تقليد كما كنت من قبل ,و انا حاليا اركز فى الرد على خصوم الاسلام و احاول تاليف كتاب فى قضية مصدر القران الكريم ردا على خصوم الاسلام
و دمتم فى حفظ الله و رعايته
لا تؤمن على حى فتنة , و الحمد لله اننى تمكنت من حسم شكوكى و اصبحت مقتنعا بالاسلام بناءا على الحجة و البرهان لا عن تقليد كما كنت من قبل ,و انا حاليا اركز فى الرد على خصوم الاسلام و احاول تاليف كتاب فى قضية مصدر القران الكريم ردا على خصوم الاسلام
و دمتم فى حفظ الله و رعايته
آخر تعديل بواسطة الغزالى في الجمعة إبريل 15, 2005 1:18 pm، تم التعديل مرة واحدة.
الساكت عن الحق شيطان اخرس
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 625
- اشترك في: الأربعاء أكتوبر 06, 2004 10:39 pm
- اتصال:
الأخ الغزالي كتب:
أخي الكريم قوله قدح وسوء أدب كبير مع النبي صلوات الله وسلامه عليه, ولكن ذلك كان متوقعا من حديثي الإسلام. إنما هل يعتبر ذلك ردة صريحة؟؟؟؟ أنا أعتقد لا والذي أعرفه أن النبي قال له : ويحك إن لم أعدل أنا فمن يعدل؟؟؟؟ وهي عبارة كما ترى تعليمية لا حكم فيها بالردة.
اعتقد ان قوله " اعدل يا محمد " قدح فى النبى صلى الله عليه و اله و سلم ,و لو كان لك راى اخر فتفضل بايضاحه
أخي الكريم قوله قدح وسوء أدب كبير مع النبي صلوات الله وسلامه عليه, ولكن ذلك كان متوقعا من حديثي الإسلام. إنما هل يعتبر ذلك ردة صريحة؟؟؟؟ أنا أعتقد لا والذي أعرفه أن النبي قال له : ويحك إن لم أعدل أنا فمن يعدل؟؟؟؟ وهي عبارة كما ترى تعليمية لا حكم فيها بالردة.
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }{وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ }{وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ }الشعراء83-85


هذا مقال قيم للدكتور محمد عمارة حفظه الله توصل فيه الى الراى الصواب فى المسالة و هو ان عقوبة المرتد هى للمرتد المحارب ,و هو حاصل و مقتضى مذهب الاحناف فى المسالة و كل من منع من اهل العلم قتل المرتدة, فالمرتدة عندهم لا تقتل لانها لا تقاتل , اذن علة قتل المرتد عند ابى حنيفة رحمه الله انه محارب ,فهو يقتل للحرابة لا لمجرد الردة .
كتب الدكتور محمد عمارة فى جريدة " افاق عربية " المصرية بتاريخ 5/5/2005 :
"وحتي عندما كانت فلتات اللسان تُظهر ما في البواطن -بواطن المنافقين- فيطلب بعض الصحابة عقابهم, كان رسول الله, صلي الله عليه وسلم, يرفض إقامة العقاب الدنيوي عليهم, ويقول: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".. وكما يقول ابن القيم [691 - 751هـ 1292 - 1350م]: "فإن نفاق عبدالله بن أُبي [9هـ 630م], وأقواله في النفاق كانت كثيرة جدا, كالمتواترة عند النبي, صلي الله عليه وسلم, وأصحابه, وبعضهم -[أي بعض المنافقين]- أقر بلسانه, وقال: "إنما كنا نخوض ونلعب", ولما قيل للنبي, صلي الله عليه وسلم: ألا تقتلهم? قال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".
ولم يقم رسول الله, صلي لله عليه وسلم حدا ولا عقوبة دنيوية علي الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا.. ولا علي الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره..
{لا إكًرّاهّ فى الدين } [البقرة: 256]" لأن الإكراه يثمر نفاقا, ولا يثمر إيمانا, إذ الإيمان تصديق قلبي يبلغ مرتبة اليقين, فاجتماعه مع الإكراه مستحيل..
وما الردة والزندقة والإلحاد إلا أمراض تعتري العقل -كالأمراض العضوية التي تعتري البدن- وعلاج الأولي بالحوار مع العلماء, وطلب الهداية والشفاء عند الهداة والحكماء.. كما أن علاج الأمراض العضوية هو من اختصاص الأطباء, لا المؤسسات العقابية للدولة..
ولذلك, جعل القرآن الكريم عقوبة الردة عن الدين أخروية, لا دنيوية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54) .
ولم يُقم رسول الله, صلي الله عليه وسلم -وهو رأس الدولة - حدا علي مرتد إلا في الحالة الواحدة التي لم يقف فيها الأمر عند الردة عن الدين, وإنما بلغ الأمر مرتبة الحرابة والخروج المسلح علي الأمة والدولة.. فالنفر الذين اغتصبوا إبل الصدقة -مال الدولة- وقتلوا الغلمان الذين كانوا يرعون هذه الإبل -عمال الدولة- ومثّلوا بجثثهم, وارتدوا عن الإسلام, قد ارتكبوا جريمة مركبة, صنّفها الإسلام تحت حد الحرابة, وليس في باب الردة, وذلك عندما نزل في هؤلاء النفر قول الله سبحانه وتعالي: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 33, 34].
ولهذه الحكمة, جاء تصنيف "باب الردة" -في الفقه الإسلامي- ضمن "كتاب الحرابة".. وقال كثير من الفقهاء -ومنهم علي بن أبي طالب [23ق هـ - 40هـ -600 - 661م] وابن عباس [3ق هـ - 68هـ 619 -687م] والحسن البصري [21 - 110هـ 642 - 728م] وسفيان الثوري [97 - 161هـ 716 - 778م], وأبو حنيفة [80 - 150هـ 699 - 767م] وأصحابه وعطاء [27 - 114هـ 647 - 732م] وابن عُلية [110 - 193هـ 728 - 809م] -قالوا إن المرأة المرتدة لا يقام عليها الحد, لأنها غير محاربة, فلم تتحقق الحرابة في ردتها.
فالردة, إذا كانت مجرد اختيار فكري ذاتي, فإنها تدخل في حرية الاعتقاد.. وتعالَج بالحوار
ذلك أنها مرض, والمرض لا يعالَج بالعقاب..
وكما يقول الإمام محمد عبده [1266 - 1323 - 1849 - 1905م]: "فإن الرجوع عن الإيمان إلي الكفر يشبه الآفة تصيب المخ والقلب فتذهب بالحياة, فإن لم يمت المصاب بعقله وقلبه, فهو في حكم الميت, لا ينتفع بشيء, وكذلك الذي يقع في ظلمات الكفر بعد أن هُدي إلي نور الإيمان, تفسد روحه, ويظلم قلبه, فيذهب من نفسه أثر الأعمال الصالحة الماضية, ولا يعطي شيئا من أحكام المسلمين الظاهرة, فيخسر الدنيا والآخرة..". انتهى
و من العلماء المعتبرين الذين قرروا ذلك ايضا الشيخ عبد المتعال الصعيدى رحمه الله فى كتابه القيم " الحرية الدينية فى الاسلام " و مما قاله فيه :
"المسلمين كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حالة حرب؛ فكان من يرتد بعد إسلامه لا يلزم بيته، بل ينضم إلى أعداء الإسلام يقاتل معهم؛ فكان الأمر بقتله على قتاله مع أولئك الأعداء لا على ردته عن الإسلام، وكان عدم قتله للمنافقين الذين ارتدوا بعد إيمانهم؛ لأنهم لم يقاتلوا المسلمين، بل كانوا أحيانًا يقاتلون بجانبهم، ولم يكن عدم قتلهم للجهل بكفرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم نفاق كثير منهم، وحينئذ تكون تفرقته بين المرتدين في ذلك راجعة إلى حملهم للسلاح مع ارتدادهم أو عدم حملهم له؛ فمن حمل السلاح مع ارتداده يُقتَل، ومن لم يحمل السلاح لم يُقاتَل ولم يُقتَل، وهذا هو أحسن ما يُجمع به بين الاختلاف الذي ورد في هذه المسألة."
كتب الدكتور محمد عمارة فى جريدة " افاق عربية " المصرية بتاريخ 5/5/2005 :
"وحتي عندما كانت فلتات اللسان تُظهر ما في البواطن -بواطن المنافقين- فيطلب بعض الصحابة عقابهم, كان رسول الله, صلي الله عليه وسلم, يرفض إقامة العقاب الدنيوي عليهم, ويقول: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".. وكما يقول ابن القيم [691 - 751هـ 1292 - 1350م]: "فإن نفاق عبدالله بن أُبي [9هـ 630م], وأقواله في النفاق كانت كثيرة جدا, كالمتواترة عند النبي, صلي الله عليه وسلم, وأصحابه, وبعضهم -[أي بعض المنافقين]- أقر بلسانه, وقال: "إنما كنا نخوض ونلعب", ولما قيل للنبي, صلي الله عليه وسلم: ألا تقتلهم? قال: "لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".
ولم يقم رسول الله, صلي لله عليه وسلم حدا ولا عقوبة دنيوية علي الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا.. ولا علي الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره..
{لا إكًرّاهّ فى الدين } [البقرة: 256]" لأن الإكراه يثمر نفاقا, ولا يثمر إيمانا, إذ الإيمان تصديق قلبي يبلغ مرتبة اليقين, فاجتماعه مع الإكراه مستحيل..
وما الردة والزندقة والإلحاد إلا أمراض تعتري العقل -كالأمراض العضوية التي تعتري البدن- وعلاج الأولي بالحوار مع العلماء, وطلب الهداية والشفاء عند الهداة والحكماء.. كما أن علاج الأمراض العضوية هو من اختصاص الأطباء, لا المؤسسات العقابية للدولة..
ولذلك, جعل القرآن الكريم عقوبة الردة عن الدين أخروية, لا دنيوية {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54) .
ولم يُقم رسول الله, صلي الله عليه وسلم -وهو رأس الدولة - حدا علي مرتد إلا في الحالة الواحدة التي لم يقف فيها الأمر عند الردة عن الدين, وإنما بلغ الأمر مرتبة الحرابة والخروج المسلح علي الأمة والدولة.. فالنفر الذين اغتصبوا إبل الصدقة -مال الدولة- وقتلوا الغلمان الذين كانوا يرعون هذه الإبل -عمال الدولة- ومثّلوا بجثثهم, وارتدوا عن الإسلام, قد ارتكبوا جريمة مركبة, صنّفها الإسلام تحت حد الحرابة, وليس في باب الردة, وذلك عندما نزل في هؤلاء النفر قول الله سبحانه وتعالي: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 33, 34].
ولهذه الحكمة, جاء تصنيف "باب الردة" -في الفقه الإسلامي- ضمن "كتاب الحرابة".. وقال كثير من الفقهاء -ومنهم علي بن أبي طالب [23ق هـ - 40هـ -600 - 661م] وابن عباس [3ق هـ - 68هـ 619 -687م] والحسن البصري [21 - 110هـ 642 - 728م] وسفيان الثوري [97 - 161هـ 716 - 778م], وأبو حنيفة [80 - 150هـ 699 - 767م] وأصحابه وعطاء [27 - 114هـ 647 - 732م] وابن عُلية [110 - 193هـ 728 - 809م] -قالوا إن المرأة المرتدة لا يقام عليها الحد, لأنها غير محاربة, فلم تتحقق الحرابة في ردتها.
فالردة, إذا كانت مجرد اختيار فكري ذاتي, فإنها تدخل في حرية الاعتقاد.. وتعالَج بالحوار
ذلك أنها مرض, والمرض لا يعالَج بالعقاب..
وكما يقول الإمام محمد عبده [1266 - 1323 - 1849 - 1905م]: "فإن الرجوع عن الإيمان إلي الكفر يشبه الآفة تصيب المخ والقلب فتذهب بالحياة, فإن لم يمت المصاب بعقله وقلبه, فهو في حكم الميت, لا ينتفع بشيء, وكذلك الذي يقع في ظلمات الكفر بعد أن هُدي إلي نور الإيمان, تفسد روحه, ويظلم قلبه, فيذهب من نفسه أثر الأعمال الصالحة الماضية, ولا يعطي شيئا من أحكام المسلمين الظاهرة, فيخسر الدنيا والآخرة..". انتهى
و من العلماء المعتبرين الذين قرروا ذلك ايضا الشيخ عبد المتعال الصعيدى رحمه الله فى كتابه القيم " الحرية الدينية فى الاسلام " و مما قاله فيه :
"المسلمين كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حالة حرب؛ فكان من يرتد بعد إسلامه لا يلزم بيته، بل ينضم إلى أعداء الإسلام يقاتل معهم؛ فكان الأمر بقتله على قتاله مع أولئك الأعداء لا على ردته عن الإسلام، وكان عدم قتله للمنافقين الذين ارتدوا بعد إيمانهم؛ لأنهم لم يقاتلوا المسلمين، بل كانوا أحيانًا يقاتلون بجانبهم، ولم يكن عدم قتلهم للجهل بكفرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم نفاق كثير منهم، وحينئذ تكون تفرقته بين المرتدين في ذلك راجعة إلى حملهم للسلاح مع ارتدادهم أو عدم حملهم له؛ فمن حمل السلاح مع ارتداده يُقتَل، ومن لم يحمل السلاح لم يُقاتَل ولم يُقتَل، وهذا هو أحسن ما يُجمع به بين الاختلاف الذي ورد في هذه المسألة."
الساكت عن الحق شيطان اخرس
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 144
- اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 4:49 pm
طيب ما حكم الفتوحات الاسلامية؟
وسمعت أن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أوقف الفتوحات الاسلامية و قال ان الله بعث محمد هاديا و لم يبعثه جابيا
و الرسول صلى الله عليه و اله و سلم بشر بفتح كثير من الدول كفارس و الروم
و ما هو موقف الامام علي من تلك الفتوحات و هل كان يشير عل الخلفاء قبله بايقافها؟
و شكرا
وسمعت أن عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه أوقف الفتوحات الاسلامية و قال ان الله بعث محمد هاديا و لم يبعثه جابيا
و الرسول صلى الله عليه و اله و سلم بشر بفتح كثير من الدول كفارس و الروم
و ما هو موقف الامام علي من تلك الفتوحات و هل كان يشير عل الخلفاء قبله بايقافها؟
و شكرا
قال عبد اللّه بن بابك: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل قال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد (ص)
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 156
- اشترك في: السبت مايو 14, 2005 10:32 am
أخي الكريم الغزالي :
جماهير علماء المسلمين مطبقون على حد الردة " القتل " لمن ترك دين الإسلام .
والآية ليس فيها إلا نفي الإكراه على الكافر الأصلي لا من عرف الدين ودخله ثم انتكس وتركه .
وحديث " من بدل دينه فاقتلوه " حديث صحيح لا مطعن فيه ، تلقاه الأئمة بالقبول . والقول بموجبه هو الحق الذي لا مرية فيه .
قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قتله لمن ارتد في عهده ،
وللحديث بقة .
\أنا مستعجل الآن

مرحبا بك اخى ابو العباس
ما يهمنىهو الدليل من الكتاب و السنة النبوية ,و قد اقررت بدلالة الاية الكريمة على عدم جواز اكراه الكافر الاصلى على الاسلام فكيف استثنيت الكافر المرتد من دلالة الاية ؟!
فعلة عدم الاكراه هى تبين الرشد من الغى ,و هى علة متحققة بالنسبة للمرتد ايضا و لا يوجد اى فرق بين الكافر الاصلى و بين المرتد فى ذلك ,فالعلة مشتركة بين جميع طوائف الكفار
و هل اكراه الكافر الاصلى على دخول الاسلام اكراه فى الدين تمنعه الاية , بينما اكراه المرتد على دخول الاسلام الذى تركه ليس اكراها فى الدين ؟!!
و حديث " من بدل دينه فاقتلوه " الذى رواه عكرمة - و لا اعلم هل سمعه من ابن عباس ام لا -محمول على المرتد المحارب , فالحديث خصصه الاحناف بالمرتدة ,فالمراة المرتدة عند الامام ابى حنيفة لا يقام عليها حد الردة , فلا مانع ان نخصص الحديث - موافقة لكتاب الله - بالمرتدين المحاربين . بل هذا حاصل مذهب الاحناف فى المسالة , فالمرتدة عندهم لا تقتل لانها لا تقاتل , اذن علة قتل المرتد عند ابى حنيفة رحمه الله انه محارب فهو يقتل للحرابة لا لمجرد الردة
و لم يقتل النبى صلى الله عليه و اله و سلم احدا لمجرد انه ارتد بل قتل مرتدين محاربين , و ينبغى ملاحظة ان المسلمين كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حالة حرب؛ فكان من يرتد بعد إسلامه لا يلزم بيته، بل ينضم إلى أعداء الإسلام يقاتل معهم؛ فكان الأمر بقتله على قتاله مع أولئك الأعداء لا على ردته عن الإسلام، وكان عدم قتله للمنافقين الذين ارتدوا بعد إيمانهم؛ لأنهم لم يقاتلوا المسلمين، بل كانوا أحيانًا يقاتلون بجانبهم، ولم يكن عدم قتلهم للجهل بكفرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم نفاق كثير منهم، وحينئذ تكون تفرقته بين المرتدين في ذلك راجعة إلى حملهم للسلاح مع ارتدادهم أو عدم حملهم له؛ فمن حمل السلاح مع ارتداده يُقتَل، ومن لم يحمل السلاح لم يُقاتَل ولم يُقتَل
و كان الاستاذ الفاضل محمد عزان سلمه الله قد طرح اعتراضا ايضا على اعدام المرتد فى حوار هنا لم يكتمل للاسف :
http://al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=496
اكتفى بهذا القدر و اعتذر عن مواصلة المشاركة لانى مرتبط حاليا باختبارات فى الدراسات العليا
و الله الموفق
ما يهمنىهو الدليل من الكتاب و السنة النبوية ,و قد اقررت بدلالة الاية الكريمة على عدم جواز اكراه الكافر الاصلى على الاسلام فكيف استثنيت الكافر المرتد من دلالة الاية ؟!
فعلة عدم الاكراه هى تبين الرشد من الغى ,و هى علة متحققة بالنسبة للمرتد ايضا و لا يوجد اى فرق بين الكافر الاصلى و بين المرتد فى ذلك ,فالعلة مشتركة بين جميع طوائف الكفار
و هل اكراه الكافر الاصلى على دخول الاسلام اكراه فى الدين تمنعه الاية , بينما اكراه المرتد على دخول الاسلام الذى تركه ليس اكراها فى الدين ؟!!
و حديث " من بدل دينه فاقتلوه " الذى رواه عكرمة - و لا اعلم هل سمعه من ابن عباس ام لا -محمول على المرتد المحارب , فالحديث خصصه الاحناف بالمرتدة ,فالمراة المرتدة عند الامام ابى حنيفة لا يقام عليها حد الردة , فلا مانع ان نخصص الحديث - موافقة لكتاب الله - بالمرتدين المحاربين . بل هذا حاصل مذهب الاحناف فى المسالة , فالمرتدة عندهم لا تقتل لانها لا تقاتل , اذن علة قتل المرتد عند ابى حنيفة رحمه الله انه محارب فهو يقتل للحرابة لا لمجرد الردة
و لم يقتل النبى صلى الله عليه و اله و سلم احدا لمجرد انه ارتد بل قتل مرتدين محاربين , و ينبغى ملاحظة ان المسلمين كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حالة حرب؛ فكان من يرتد بعد إسلامه لا يلزم بيته، بل ينضم إلى أعداء الإسلام يقاتل معهم؛ فكان الأمر بقتله على قتاله مع أولئك الأعداء لا على ردته عن الإسلام، وكان عدم قتله للمنافقين الذين ارتدوا بعد إيمانهم؛ لأنهم لم يقاتلوا المسلمين، بل كانوا أحيانًا يقاتلون بجانبهم، ولم يكن عدم قتلهم للجهل بكفرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم نفاق كثير منهم، وحينئذ تكون تفرقته بين المرتدين في ذلك راجعة إلى حملهم للسلاح مع ارتدادهم أو عدم حملهم له؛ فمن حمل السلاح مع ارتداده يُقتَل، ومن لم يحمل السلاح لم يُقاتَل ولم يُقتَل
و كان الاستاذ الفاضل محمد عزان سلمه الله قد طرح اعتراضا ايضا على اعدام المرتد فى حوار هنا لم يكتمل للاسف :
http://al-majalis.com/forum/viewtopic.php?t=496
اكتفى بهذا القدر و اعتذر عن مواصلة المشاركة لانى مرتبط حاليا باختبارات فى الدراسات العليا
و الله الموفق
الساكت عن الحق شيطان اخرس