ربما الكثير لم يسمعو عن جبران خليل جبران ولم يقراو له ربما:(
هو باختصار شدسد من ادباء المهجر لبناني الاصل توفى عام 1932 م
له عدة مؤلفات من اشهرها النبي والاجنحه المتكسره ترجمة كتبه الى اكثر من 50 لغه
من اشهر اشعاره قصيدة غنتها الرائعه دوما فيروز
اعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود .. وانين الناي يبقى بعد ان يفنى الوجود
وقصيدة سكن الليل وفي ثوب الكون تختبي الاحلام
يمكن محد يسمع لفيروز واللي ما يسنعها يعني ما فيه عنده اذن بالاصل ههههه راي متشدد..
المهم اليكم القصه كامله
عرا ئس المروج
رماد الاجيال والنار الخالده
(في خريف 116 قبل الميلاد(
سكن الليل ورقدت الحياة في مدينة الشمس (وهي مدينة بعلبك بسوريا).
وانطفأت السرج في المنازل المنتثرة حول الهياكل العظيمة القائمة بين أشجار الزيتون والغار .
وطلع القمر فانسكبت أشعته على بياض الاعمده الرخامية المنتصبة كالجبابرة تخفر في هدوء الليل مذابح الالهه وتنظر تيها ً وإعجابا نحو بروج لبنان الجالسه في الوعر على جبهات الروابي البعيده .
في تلك الساعه المملؤه بسحر الهدوء الموحده بين ارواح النيام واحلام اللانهايه
جاء ناثان ابن الكاهن حيرام ودخل هيكل عشتروت ( وتسمى عند اليونان افروديت والرومان يدعونها فينيس وهي الهة الحب والجمال( حاملا مشعلا وبيد مرتجفه انار المسارج واوقد المباخر فتصاعدت روائح المر واللبان ووشحت تمثال المبعوده بنقاب لطيف يشابه برقع الاماني المحيط بالقلب البشري .
ثم ركع امام الذبح المصفح برقوق العاج والذهب ورفع يديه ونظر نحو العلى ,
ومن عينيه الدموع تستدر الدموع , وبصوت تخفظه الغصات الاليمه وتقطعه اللوعه القاسيه
صرخ قائلا:
رحماك يا عشتروت العظيمه رحمالك يا ربة الحب والجمال ترأفي بي وأزيلي يد الموت عن حبيبتي التي اختارتها نفسي بمشيئتك .
لقد نبت اعاصير الاطباء ومساحيقهم وباطلا ً ضاعت تعازيم الكهان والعرافين ولم يبق لي غير اسمك المقدس عوناً ومساعداً , فاستجيبي تضرعاتي وانظري انسحاق قلبي
وتوجع عواطفي وابقي شطر نفسي حيا بجانبي , لنفرح باسرار محبتك ونسعد بجمال الشبيبه المعلنة خفايا مجدك .
من هذه الاعماق اصرخ اليكي يا عشتروت المقدسه , من وراء ظلمة هذا الليل استجير بحنانك فاسمعيني , انا عبدك ناثان ابن الكاهن حيرام الذي وقف عمره على خدمة مذبحك
قد احببت صبية من بين الصبايا واتخذتها رفيقة فحسدتنا عرالئس الجان ونفثن في جسدها اللطيف لهاث علة غريبه ثم بعثن رسول المنايا ليقودها الى مغاورها السحريه .
وهاهو الان رابضٌ بقرب مضجعها يزمجر كالنمر الجائع , مخيما عليها باجنحته السوداء ماداً مقابظه الخشنه ليغتالها من بين ظلوعي .
من اجل ذلك جئت اليك متذللا ً فارحميني وابقيها زهرة لم تفرح بعد بجمال صيف الحياه وطائرا ً لم يكمل تغريد مسرته لمجيء فجر الشبيبه .
انقذيها من بين اظفار الموت
فنبتهج باغاني مدائحك مقدمين المحروقات لمجد اسمك .
ناحرين الضحايا على مذبحك , مالئين بالخمرالقديمه والزيت المطيب آنية خزائنك , فارشين بالورود والياسمين رواق هيكلك .
محرقين البخور والعود الزكي الرائحه امام تمثالك .
خلصينا يا ربة المعجزات , ودعي المحبة تغلب الموت فانتي ربة الموت والمحبه .
وسكت دقيقه كانت فيها لوعته تسيل دموعا وتتصاعد تنهدا ً
ثم عاد فقال :
أواه .. لقد تضعضعت احلامي ياعشتروت المقدسه وذاب حشاشتي ومات قلبي في داخلي والتهبت دموعي في عيني فاحيــيني بالرأ فه وابقي لي حبيبتي .
ودخل إذ ذاك عبد من عبيده
واقترب منه ببطء وهمس في اذنه هذه الكلمات:
لقد فتحت عينيها يا سيدي ونظرت حول مظجعها فلم ترك ,
ثم نادتك بلجاجه فجئت لادعوك اليها ..
فقام ناثان ومشى مسرعاً والعبد يتبعه ولما بلغ صرحه دخل حجرة العليله وانحنى فوق سريرها اخذاً يدها النحيله بين يديه مقبلا شفتيها مراراً كأنه يريد ان ينفخ في جسدها السقيم حياة جديده من حياته ,
فحولت نحوه وجهها الغارق بين المساند الحريريه وفتحت اجفانها قليلا وظهر على شفتيها خيال ابتسامه هي بقية الحياة في جسدها اللطيف ,
هي اخر اشعة من نفسها المودعه , هي صدى نداء القلب المتسارع نحو الوقوف .
ثم قالت ومقاطع صوتها تشبه انفاس طفل فقير جائع :
(قد نادتني الآلهه يا عروس نفسي , وجاء الموت ليفصلني عنك فلا تجزع لان مشيئة الالهه مقدسه ومطالب الموت عادله ,
انا ذاهبه الان وكأس الحب والشبيبه ما برحتا طافحتين في ايدينا ومسالك الحياه الجميله مازالت منبسطه امامنا ,
أنا راحله يا حبيبي إ لى مسارح الارواح وسوف اعود الى هذا العالم لأن عشتروت العظيمه تــــُرجع الى هذه الحياة ارواح المحبين الذين ذهبوا الى الابديه قبل ان يتمتعوا بملذات الحب وغبطة الشبيبه ,
سوف نلتقي يا ناثان ونشرب معا ندى الصباح من كؤوس النرجس ونفرح مع عصافير الحقل بأشعة الشمس الى اللقاء يا حبيبي) .
وانخفض صوتها وبقيت شفتها ترتجفان مثل زهرة اقاح ذابله امام نسيمات الفجر ,
فضمها حبيبها وبلل عنقها بالعبرات ولما قرب شفتيه من ثغرها وجده بارداً كالثلج , فصرخ صراخا هائلا ً ومزق ثوبه وارتمى على جثتها الهامده ,
وروحه المتوجعه تراوح بين لجج الحياة وهاوية الموت .
في هدوء ذلك الليل ارتجفت اجفان الراقدين وجزعت نساء الحي,
وذعرت ارواح الاطفال إذ تبطنت ملابس الدجى بنواح موجع وبكاء مر وعويل اليم متصاعد من جوانب قصر كاهن عشتروت .
ولما جاء الصباح طلب القوم ناثان ليعزوه ويواسوه في مصيبته فلم يجدوه ,
وبعد ايام جائت قافله من المشرق اخبر زعيمها انه رأى ناثان تائهاً في البرية البعيده
هائماً مع اسراب الغزلان .
مرت الاجيال ساحقة باقدامها الخفيه اعمال الاجيال , وبعدت الالهه عن البلاد وحل مكانها آلهة غضوب يلذ لها الهدم ويبهجها التخريب فدكت هياكل مدينة الشمس الفخمه وتقوضت قصورها الجميله ويبست حدائقها النظره واجدبت حقولها الخصيبه ولم يبقى في تلك البقعه غير طلل بال ٍ يعيد للذاكره اشباح الامس فيؤلمها ,
ويرجع للنفس صدى تهاليل المجد القديم فيحزنها.
ولكن الاجيال التي تمر وتسحق اعمال الانـسان لاتفني احلامه ولا تضعف عواطفه.
فالاحلام والعواطف تبقى بقاء الروح الكلي الخالد وقد تتوارى حيناً وتهجع آونة متشبهه
بالشمس عند مجيء الليل وبالقمر عند مجيء الصباح .
في ربيع سنة 1890 م
توارى النهار واظمحل النور ولمت الشمس وشاحها عن سهول بعلبك
فعاد (علي الحسيني)
امام قطيعه نحو خرائب الهيكل وهناك جلس بين الاعمده الساقطه كأنها أضلع جندي متروك مزقتها الهيجاء وجردتها العناصر فربضت اغنامه حوله مستأمنة بأنغام شبابته.
انتصف الليل والقت السماء بذور الغد في أعماق ظلمته , فتعبت اجفان علي من اشباح اليقظه وكلت عاقلته من مرور مواكب الاخيله السائره بسكينة مخيفه بين الجدران المهدومه .
فاتكأ على زنده واقترب النعاس ولامس حواسه بأطراف ثنايا نقابه مثلما يلامس الضباب اللطيف وجه البحيرة الهادئه , فنسي ذاته المقتبسه والتقى بذاته المعنويه الخفيه المفعمه بالاحلام المترفعه عن شرائع الانسان وتعاليمه ,
واتسعت دوائر الرؤيا امام عينيه وانبسطت له خفايا الاسرار فانفردت نفسه عن موكب الزمن المتسارع نحو اللاشيء ووقفت وحدها امام الافكار المتناسقه والخواطر المتسابقه .
ولأول مره في حياته عرف أو كاد يعرف اسباب المجاعه الروحيه الملاحقه شبــيـبـتـه
تلك المجاعه التي توحد بين حلاوة الحياة ومرارتها ,
ذلك الظمأ الجامع بين تأوه الحنين وسكينة الاستكفاء , ذلك الشوق الذي لا تزيله أمجاد العالم , ولا تثنيه مجاري العمر .
لأول مره شعر علي الحسيني بعاطفه غريبه ايقظتها خرائب الهيكل . عاطفه رقيقه هي الذكرى بمنزلة البخور من المجامر .
عاطفة سحريه قد انعكفت على حواسه انعكاف انامل الموسيقيّ على صفوف الاوتار.
عاطفة جديده قد انبثقت من اللاشيء او من كل شيء ونمت وتدرجت حتى عانقت كليته المعنويه وملأت نفسه بشغف مدنف بلطفه وتوجع مستعذب بمرارته مستطيب بقساوته.
عاطفة تولدت من خلايا دقيقه واحده مفعمه بالنعاس ومن دقيقه واحده تتولد رسوم الاجيال
مثلما تتناسل الامم من نطفه واحده .
نظر علي نحو الهيكل المهدوم وقد تبدل النعاس بيقظه روحيه فظهرت بقايا المذبح المخدشه واتظحت اماكن الاعمده المرتميه واسس الجدران المتداعيه فجمدت عيناه وخفق قلبه ومثل ضريرعاد النور الى عينيه فجأه فصار يرى ويفكر ويتأمل ومن تموجات التفكر ودوائر التامل تولدت في نفسه اشباح الذكرى فتذكر تلك الاعمده منتصبه بفخر وعظمه.
تذكر المسارج والمباخر الفضيه محيطه بتمثال معبوده مهابه .
تذكر الكهان الوقورون يقدمون الضحايا امام مذبح مصفح بالعاج والذهب
تذكر الصبايا الضاربات الدفوف والفتيان المترنمين بمدائح ربة الحب والجمال.
تذكر ورأى هذه الصور متضحه لبصيرته المتكهربه وشعر بتأثيرات غوامضها تحرّك سواكن اعماقه .
ولكن الذكرى لا تعيد غير اشباح الاجسام التي نراها في ما غبرمن اعمارنا ولا يرجع الى مسامعنا الا صدى الاصوات التي وعتها آذاننا . فأية علاقه بين هذه التذكارت السحريه وماظي حياة فتى ولد بين المظارب وصرف ربيع عمره يرعى قطيعا ً من الغنم في البريه.
قام علي ومشى بين الحجارة المتقوظه وتذكاراته البعيده تزيح اغشية النسان عن مخيلته مثلما تزيل الصبيه نسيج العنكبوت عن بلور مرآتها , حتى اذا ما بلغ صدر الهيكل وقف كأن في الارض جاذبا يتمسك بقدميه فنظر واذا به اما تمثال مهشم ملقى على الحضيض ,
فركع في جانبه على غير هدى وعواطفه تتدفق في أ حشائه مثلما يتسارع نزيف الدماء من جوانب الكلوم البليغه , ونبضات قلبه تتكاثر وتتهامل مثل امواج البحر المتصاعده المنخفضه .
فخشع بصره وتأوه بمراره وبكى بكاء اليماً لانه شعر بوحده جارحه وبعاد متلف فاصل بينه وبين روح جميله كانت بقربه قبل مجيئه إلى هذه الحياه .
شعر بأن جوهر نفسه لم يكن شطر من شعله متقده فصلها الله عن ذاته قبيل انقضاء الدهر
شعر بحفيف اجنحة لطيفه ترفرف بين اظلعه الملتهبه وحول لفائف دماغه المنحله .
شعر بالحب القوي يشمل قلبه ويمتلك انفاسه ذلك الحب الذي يبيح مكنونات انفس للنفس
ويفصل بتفاعيله بين العقل وبين عالم المقاييس والكميه .
ذلك الحب الذي نسمعه متكلما عندما تخرس السنة الحياه ,
ونراه منتصبا كعمود النور عندما تحجب الظلمه كل الاشياء,
ذلك الحب ذلك الاله قد هبط في تلك الساعه الهادئه على نفس علي الحسيني ,
وايقظ فيها عواطف حلوه ومره مثلما تستنبت الشمس الزهور بجانب الاشواك.
ولكن ما هذا الحب؟ ومن اين اتى؟ وماذا يريد من فتى رابض مع قطيعه بين تلك الهياكل الرميمه؟ ماهذه الخمره السائله في كبد لم تحركها قط لواجظ الصبايا .
وماهذه الاغنية السماويه المتموجه في مسامع بدوي لم يطربه بعد شدو النساء.
ماهذا الحب ومن اين اتى ؟ وماذا يريد من علي المشغول عن العالم بأغنامه وشبّابته؟
هل هي نواة القتها محاسن بدويه بين اعشار قلبه على غير من معرفه من حواسه
ام هو شعاع كان محتجبا ً بالضباب لينير خلايا نفسه ؟
هل هو حلم سعى في سكينة الليل ليسخر بعواطفه , ام هي حقيقه كانت منذ الازل وستبقى الى اخر الدهر.
اغمض علي اجفانه المغلفه بالدموع كالمتسول المستعطف , وارتعشت روحه في داخله ومن ارتعاشاتها المتواصله انبثقت الزفرات المتقطعه المؤلفه بين تذلل الشكوى وحرقة الشوق.
وبصوت لا يميزه عن النتهد غير رنات الالفاظ الضعيفه هتف قائلا ً: -ـ
(من انت ايتها القريبه من قلبي البعيده عن ناظري الفاصله بيني وبيني؟
الموثقه حاظري بأزمنه بعيده منسيه. اطيف حورية جائت من عالم الخلود لتبين لي بـُطل الحياة وضعف البشر . ام روح مليكة الجان تصاعدت من شقوق الارض لتسترق من عاقلتي
وتجعلني سخرية بين فتيان عشيرتي .
من انت وما هذا الفتون المميت المحي القابض على قلبي وما هذه المشاعر المالئه جوانحي نورا ونارا ,
ومن انا وما هذه الذات الجديده التي ادعوها انا وهي غريبة عني.
هل تجرعت ماء الحياه مع دقائق الاثير فصرت ملاكا ارى واسمع خفايا الاسرار ام هي خمر وسواس ســُكرت ُ بها فتعاميت عن حقائق المعقولات( .
وسكت دقيقه وقد نمت عواطفه وتسامت روحه فقال :
( يامن تبينها النفس وتدنيها ويحجبها الليل ويقصيها ايتها الروح الجميله الحائمه في فضاء احلامي
قد ايقظت في باطني عواطف كانت نائمه مثل بذور الزهور المختبئه تحت اطباق الثلج .
ومررت كالنسيم الحامل انفاس الحقول , ولامست حواسي فاهتزت واضطربت كاوراق الاشجار .
دعيني اراكي ان كنت لابسة الماده ثوباً او اؤمري النوم ان يغمض اجفاني فاراك في المنام
ان كنت معتوقه من التراب .
دعيني المسك , اسمعيني صوتك , مزقي هذا النقاب الحاجب كليتي.
واهدمي هذا البناء الساتر الوهيتي
وهبيني جناحا فاطير ورائك الى مسارح الملاأ الاعلى إن كنت من سكانها
او لامسي عيني بالسحر فاتبعك الى مكامن الجان إن كنت من عرائسها .
ضعي يدك الخفيه على قلبي , امتلكيني ان كنت حريا ً بإتباعك.
كان علي يهمس في آذان الدجى كلمات متناسخه عن صدى نغمة متمايله في اعماق صدره
وبين ناظره ومحيطه تنسل اشباح الليل كأنها ابخره متولده من مدامعه السخينه .
وعلى جدران الهياكل تتمثل له صور سحريه بالوان قوس قزح .
كذا مرت ساعه وهو فرح بدموعه مغتبط بلوعته سامع نبظات قلبه ناظر الى ما وراء الاشياء ,
كانه يرى رسوم هذه الحياه تضمحل ببطء ويحل مكانها حلم غريب بمحاسنه
هائل بهواجسه .
ومثل نبي يتامل نجوم السماء مترقبا ً هبوط الوحي صار ينتظر مآتي الدقائق
وتنهيداته المسرعه توقف انفاسه الهادئه , ونفسه تتركه وتسبح حوله ثم تعود اليه كأنها تبحث بين تلك الخرائب عن ضائع عزيز .
لاح الفجر وارتجفت السكينه لمرور نسيماته وسال النور البنفسجي بين دقائق الاثير ,
وابتسم الفضاء ابتسامة نائح لاح له في الحلم طيف حبيبته ,
فظهرت العصافير من شقوق جدران الخرائب وصارت تنتقل بين تلك الاعمده وتترنم وتتناجى متنبئه بمآتي النهار.
فانتصب علي واضعا يده على جبهته الملتهبه ونظر حوله بطرف جامد ومثل آدم عندما فتحت عينيه نفخة الله صار ينظر مستغربا كل ما يراه .
ثم اقترب من نعاجه وناداها فقامت وانتفضت ومشت ورائه بهدوء نحو المروج الخظراء.
سار علي امام قطيعه وعيناه الكبيرتان محدقتان بالفضاء الصافي ,
وعواطفه المنصرفه عن المحسوسات تبين له غوامض الوجود ومستتراته
وتريه ما غبر من الاجيال وما بقي منها بلمحة واحده .
وبلمحه واحده تنسيه كل ذلك وتعيد اليه الشوق والحنين
فيجد ذاته متحجباً عن روح روحه انحجاب العين عن النور.
فيتنهد ومع كل تنهيده تنسلخ شعلة من فؤاده المتقد .
بلغ الجدول المذيع بخريره سرائر الحقول فجلس على ضفته , تحت اغصان الصفصاف المتدليه الى المياه , كأنها تروم امتصاص عذوبتها وانثنت نعاجه ترتعي الاعشاب وندى الصباح يتلمع على بياض صوفها .
ولم تمر دقيقه حتى شعر بتسارع نبضات قلبه وتضاعف اهتزازات روحه ,
ومثل راقد اجفلته اشعة الشمس فتحرك وتلفت حوله ,
فرأى صبية قد ظهرت من بين الاشجار تحمل جره على كتفها وتتقدم على مهل نحو الغدير وقد بلل الندى قدميها العاريتين.
ولما بلغت حافة الجدول انحنت لتملأ جرتها التفتت نحو الحافه المقابله فالتقت عينيها بعيني علي فشهقت ورمة بالجره ثم تراجعت قليلا ً الى الوراء .
وشخصت به شخوص ضائع من يعرفه .
مرت دقيقه كانت ثوانيها مثل مصابيح تهدي قلبيهما الى قلبيهما ,
مبتدعه من السكينه انغاما غريبه تعيد الى نفسيهما صدى تذكارات مبهمه وتبين الواحد منهما للاخر في غير ذلك المكان محاطا بصور واشباح بعيده عن ذلك الجدول وتلك الاشجار.
فكان كل منهما ينظر للاخر نظرة الاستعطاف ويتفرس فيه مستلطفا ملامحه .
مصغيا لتنهداته بكل ما في عواطفه من مسامع مناجيا اياه بكل ما في نفسه من الالسنه .
حتى إذا ما تم التفاهم وتكامل التعارف بين الروحين عبر علي الجدول مجذوباً بقوة خفيه واقترب من الصبيه وعانقها وقبل شفتيها وقبل عنقها وقبل عينيها فلم تبدي حراكا بين ذراعيه
كأن لذة العناق قد انتزعت منها ارادتها ورقت الملامسه قد اخذت منها قواها .
فاستسلمت استسلام انفاس الياسمين لتموجات الهواء ,
والقت راسها على صدره ,
كمتعب وجد راحه وتنهدت تنهدة عميقه تشير الى حدوث انبساط في فؤاد منقبض وتعلن ثورات جوانح كانت راقدة فأفاقت ثم رفعت رأسها ونظرت الى عينيه ,
نظرة من يستصغر الكلام المتعارف بين البشر بجانب السكينه ,
لغة الارواح , نظرة من لا يرظى ان يكون الحب روحاً في أجساد من الالفاظ .
مشى الحبيبان بين اشجار الصفصاف ووحدانية كليهما لسان ناطق بتوحيدهما ,
ومسمع منصت لوحي المحبه وعين مبصرة مجد السعاده , تتبعهما الخراف مرتعيه رؤوس الاعشاب والزهور .
وتقابلهما العصافير من كل ناحيه مرتلة اغاني السحر ,
ولما بلغا طرف الوادي وكانت الشمس قد طلعت والقت على تلك الروابي رداء مذهبا ,
جلسا بقرب صخرة يحتمي البنفسج بظلها ,
وبعد هنيهة نظرت الصبيه في سواد عيني علي وقد تلاعب النسيم بشعرها كأن النسيم
شفاه خفيه تروم تقبيلها فشعرت بأنامل سحريه تداعب لسانها وشفتيها رغم ارادتها ,
فقالت وفي صوتها حلاوة جارحه :
( قد اععادت عشتروت روحينا الى هذا الحياة كي لا نحرم ملذات الحب ومجد الشبيبه
يا حبيبي) .
فأغمض علي أجفانه وقد استحظر موسيقى كلماتها رسوم حلم طالما رآه في نومه
وشعر بأجنحه غير منظوره قد حملته من ذلك المكان وأوقفته في حجرة غريبة الشكل
بجانب سرير ملقى عليه جثمان امرأة جميله أخذ الموت بهائها وحرارة شفتيها .
فصرخ ملتاعا ً من هول المشهد ثنم فتح أجفانه فوجد تلك الصبيه جالسة بجانبه ,
وعلى شفتيها ابتسامة محبه , وفي لحظها أشعة الحياه .
فأشرق وجهه وانتعشت روحه وتضعضعت أخيلة رؤياه ونسي الماضي ومآتيه .
تعانق الحبيبان وشربا من جمرة القبل حتى سكرا ونام كل منهما ملتـــفا ً بذراعي الاخر الى أن مال الظل وايقظتهما حرارة الشمس ..............
The End
اللي عجبته القصه يرد والل ما عجبته يرد هههههه
واللي ما تعجبه القصص يرد
واللي ما سمع فيروز يرد
وهناك ايضا رسائل بين جبران خليل جبران ومي زباده
رسائل ستبقى مليئة بالعاطفة والشوق والحنين
للعلم لم يلتقي جبران ومي لانه كان يعيش في امريكا وكانت تعيش في مصر
اللي يحب ان اكتب من رسائلهم يرفع ايده هههههههههههه اقصد يكتب تعليق
والسلام ختام
(((( خالد))))
من قصص عرائس الروج لجبران خليل جبران
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 29
- اشترك في: الاثنين مايو 16, 2005 11:07 pm
- مكان: الارض
من قصص عرائس الروج لجبران خليل جبران
وإني من القوم اليمانيين َ سيــــــدٌ .. وما الناس ُ إلا سيــد ٌ ومســودُ
اللهم العن كل من ناصب آل البيت العداء
اللهم العن كل من ناصب آل البيت العداء
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 29
- اشترك في: الاثنين مايو 16, 2005 11:07 pm
- مكان: الارض