ابو بكر وعمر (الشيخان)

إستقبال الأسئلة والإستفسارات من المشاركين،وعرض أهمها على العلماء ، مع امكانية مشاركة الجميع ...
طالب الحق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 15
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:11 am
اتصال:

ابو بكر وعمر (الشيخان)

مشاركة بواسطة طالب الحق »

مارايكم في قضية الشيخان ابو بكروعمر في انهم ظلموا فاطمة الزهراء وهناك حديث عن الرسول صلى الله علية والة وسلم (فاطمة بضعة مني من اغضبهافقد اغضبني ومن اغضبني فقد اغضب الله ))
ماهي القصة الكاملة لهذة الحادثة
ومن الذي قتل الهبل وهل قتل بسبب لعن الشيخان
وهل يجوز لعن الشيخان وهل حرب الردة التي قام بها ابو بكر هل من اجل الزكاة ام من انهم لم يرضوا بابوا بكر امام على المسلمين حيث ان الامامة للامام علي وهل بايع جميع الصحابة ابو بكر وهل كان ابوا بكر محق عندما اخذالولية مع ان هناك حديث بتولية الامام علي هل هو في ذلك مخطىء في ذلك افتونى في امري رحمكم الله .

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

أخي الفاضل
يبدو أن الكثير من المعلومات البسيطة غائبة عنك .
إن كنت تقصد بظلم الشيخين للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام منعها فدك ، فهذه قضية فقهية أعطى كل طرف فيها دليله وحكم أبو بكر رضي الله عنه حكما بناء على فهمه ، فسواء أحسن الفهم أو أساء الفهم فهي قضية فقهية فرعية لا تمس عدالته .
وأبو بكر لم يأخذ فدك ولا غير فدك لنفسه بل جعلها ملكا عاما للمسلمين ينتفعون به .
أما قصة الهجوم على الدار وإحراقه وإسقاط جنينها فهي خرافات باطلة كما قال القاضي عبد الجبار لو انشغلنا بها لانشغلنا بما يرويه النواصب والخوارج عن علي عليه السلام.
مسألة الهبل يجيبك عنها غيري لكن أعتقد أن محقق ديوانه أشار إلى رجوعه عما تفوه به رحمه الله وتجاوز عنه .
أما حروب الردة فبعد وفاة النبي الكريم (ص) أرسل الأعراب مندوبين عنهم إلى المدينة لجس نبض المسلمين وأميرهم أبا بكر فقالوا في البداية أنهم ملتزمون باسم الإسلام ولكنهم لن يدفعوا الزكاة ، فرفض أبو بكر ذلك وقال (لو منعوني عقال بعير كانوا يأدونه لرسول الله (ص) لقاتلتهم عليه ) فعندما عادوا إلى ديارهم ارتدوا ردتهم الكاملة ، وهي ليست ردة دينية فقط بل ردة سياسية وبدأوا في حشد جنودهم للقضاء على الإسلام نهائيا فبادرهم أبو بكر رضوان الله عليه وحمى الإسلام ، وقد أخذ الإمام علي (ع) نصيبه من الغنائم وكان من نصيبه السيدة خولة الحنفية أم ولده محمد المعروف بابن الحنفية .
أما أنهم ارتدوا رفضا لأبي بكر بالذات فهي خرافة جديدة .
وقد بايع غالبية الصحابة أبا بكر ولم يمس من لم يبايعوه بسوء بل أعطى أحدهم قيادة جيش ، ورعى حقوق من بايعه ومن لم يبايعه .
وعلى افتراض وجود نص بتولية الإمام علي فقد قال (ع) عند تولية عثمان (لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة، إلتماسا لأجر ذلك وفضله، وزهدا فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه.)
إذن فالإمام علي سكت وبرر سكوته رغم شعوره بأنه الأحق بأن من سبق يسيرون بالعدل ويحفظون حقوق المسلمين وأمنهم .
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

صرخة حق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 42
اشترك في: الأحد إبريل 04, 2004 11:43 pm

مشاركة بواسطة صرخة حق »

أحسن الله إليك أخي واصل بن عطاء

لكن أرى أن نحدد أولا مذهب الرجل ( طالب حق ) فكل ٌ يجاب بحسب مذهبه صح :wink:

فإن كان من الزيدية فهل توافق الزيدية الأخ واصل فيما قال أم لها رأي آخر :roll:

أرجوا أن أسمع رأي الزيدية في هذا

:idea:
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحيٍ مُقْفِرَ العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالركن والتعريف والجمرات
ديار عليٍّ والحسين وجعفرٍ * وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبدالله والفضل صنوه * نجيِّ رسول الله في الخلوات

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

مشاركة بواسطة المتوكل »

الأخ الكريم / طالب الحق
مارايكم في قضية الشيخان ابو بكروعمر في انهم ظلموا فاطمة الزهراء وهناك حديث عن الرسول صلى الله علية والة وسلم (فاطمة بضعة مني من اغضبهافقد اغضبني ومن اغضبني فقد اغضب الله )) .
القضية ليست في رأينا ورأي غيرنا !
القضية معروفة وذكرتها كتب التاريخ
وقد ظلم الشيخان سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ،،، وماتت وهي غاضبة عليهما
ماهي القصة الكاملة لهذة الحادثة
راجع كتاب المصابيح لأبي العباس الحسني ، على الرابط التالي :-
http://www.albasair.org/ebooks/Msabeeh/ ... _index.htm

ومن الذي قتل الهبل وهل قتل بسبب لعن الشيخان
يفيدك في ذلك إن شاء الله ،، أحد الإخوة الذين لديهم إطلاع كامل على قصة الهبل سلام الله عليه .
وهل يجوز لعن الشيخان
كما ورد عند أهل البيت ( ع) فإنه لا يجوز ،،، وقد قال امير المؤمنين (ع ) : ( إني لأكره لكم أن تكونوا سبابين لعانين ) .
خاصة أن اللعن لن يأتي بفائدة ،،، بل غالباً ما يؤدي للفتن .
ولنكتفي بالبراءة من الأفعال التي ارتكبوها بحق سيدة نساء العالمين صلوات ربي عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .

وهل حرب الردة التي قام بها ابو بكر هل من اجل الزكاة ام من انهم لم يرضوا بابوا بكر امام على المسلمين حيث ان الامامة للامام علي
حرب الردة هي حربٌ على من ارتد عن الإسلام
أما من امتنعوا عن إعطاء الزكاة لأبي بكر ،، فهم قوم آخرون وليسوا مرتدين .
وهل بايع جميع الصحابة ابو بكر
لا طبعاً
بل من كبار الصحابة كانوا من المقاطعين لبيعة أبي بكر .
وهل كان ابوا بكر محق عندما اخذالولية مع ان هناك حديث بتولية الامام علي
لايوجد أحد محق في أخذ ما أعطي لغيرة .

هل هو في ذلك مخطىء في ذلك افتونى في امري رحمكم الله .
إذا كنت تريد رأينا فنقول : ( بالطبع مخطئ ) ،،، إما إن كنت تريد فتوى فهذا على العلماء وليس علينا .


أخيراً ،،، أخي الكريم / طالب الحق
نرجوا منك الإطلاع على الكتب والبحث في تلك المسائل ،، بدلاً من مجرد طرح الأسئلة التي قد ترى في أجوبة المشاركين تبايناً فيها .
خاصة أن مسألة الولاء والبراء من أصول الدين والتقليد فيها محرم .
فلا تقلد أحد من المشاركين ،، وعليك أن تبحث في المسألة وتقتنع ذاتياً بالحق الذي تصل إليه
.
صورة
صورة

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

أخي الكريم طالب الحق

يوجد العديد من الابحاث المفيدة في مجلس الدراسات والابحاث حول هذه المسائل التى تسأل عنها اليك الرابط
http://www.al-majalis.com/forum/viewforum.php?f=2

أما عن الشاعر الحسن فلم يمت مسموما ولا مغدورا به بل مات موتة طبيعية اظن بسبب داء اصابه وعن ذكره للثلاثة الخلفاء بما ذكرت أو اشرت اليه فهذه وجهة نظره رحمه الله وهي لا تمثل الخط الزيدية بشكل عام فعامة الزيدية لا ترى الترضية ولا ترى اللسب والشتم بل تكتفي بالتشكي والتوقف وذهب بعضهم الى البرآءة فقط وذهب البعض الى السب وهم بعض من فرقة الجارودية .

ارجو لك التوفيق وإن احتجت أمر ا اثناء بحثك داحل مجلس الدراسات والابحاث فلن نقصر والسلام عليكم أجمع
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

لكن أرى أن نحدد أولا مذهب الرجل ( طالب حق ) فكل ٌ يجاب بحسب مذهبه صح
الأخ يكتب باسم طالب الحق ، وقد قلت له ما أعتبره حقا وفقا لما لدي من أدلة ، ولا أعتقد أن علي أن أجيب إماميا بإجابة وأجيب زيديا بإجابة مختلفة والسؤال واحد لأن هذا لا يمكن تسميته إلا بالنفاق وهي صفة يعلم الجميع أنني لا أتمتع بها كغيري .
أرجوا أن أسمع رأي الزيدية في هذا
يمكنك أن تعتبر ما كتبته هو رأي الزيدية التي تنتسب للإمام زيد بن علي (ع) 100%
وإليك كتاب الصحابة عند الزيدية للأستاذ محمد عزان
http://www5.domaindlx.com/maktbah/alsahbah-zaidiah.doc
وأعدك أن أضع غدا أو بعد غد رسالة الإمام يحيى بن حمزة الرضوي (الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين).
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

صرخة حق
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 42
اشترك في: الأحد إبريل 04, 2004 11:43 pm

مشاركة بواسطة صرخة حق »

الأخ يكتب باسم طالب الحق ، وقد قلت له ما أعتبره حقا وفقا لما لدي من أدلة ، ولا أعتقد أن علي أن أجيب إماميا بإجابة وأجيب زيديا بإجابة مختلفة والسؤال واحد لأن هذا لا يمكن تسميته إلا بالنفاق وهي صفة يعلم الجميع أنني لا أتمتع بها كغيري .
كان بإمكاني أن أجيب الأخ طالب حق وفقاً لما لدي من أدلة أنا الآخر وبهذا سأختلف معك ولن يصل السائل لجواب واضح
أخيراً ،،، أخي الكريم / طالب الحق
نرجوا منك الإطلاع على الكتب والبحث في تلك المسائل ،، بدلاً من مجرد طرح الأسئلة التي قد ترى في أجوبة المشاركين تبايناً فيها .
خاصة أن مسألة الولاء والبراء من أصول الدين والتقليد فيها محرم .
فلا تقلد أحد من المشاركين ،، وعليك أن تبحث في المسألة وتقتنع ذاتياً بالحق الذي تصل إليه .
لهذا لم أبدي رأيي ولم يكن يجدر بك أخي أن تبدي رأيك في الاستفسار :wink:

فهل توضح الأمر لك الآن :idea:
مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحيٍ مُقْفِرَ العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالركن والتعريف والجمرات
ديار عليٍّ والحسين وجعفرٍ * وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبدالله والفضل صنوه * نجيِّ رسول الله في الخلوات

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

الأخ الفاضل صرخة الحق لقد أجبتك من قبل وقلت لك أن السائل طلب رأي الزيدية وهو ما ذكرته له ، رأي الزيدية التي تنتسب للإمام زيد بن علي عليهما السلام ، وأنقل لك كلاما للإمام يحيى بن حمزة الرضوي الموسوي من كتابه (الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي ) وهو شرح لنهج البلاغة ولي الشرف أنه موضوع رسالتي للماجستير .
قال الإمام يحيى عليه السلام
(وكلام أمير المؤمنين دالٌّ على موجدة في صدره على القوم فيما كان منهم من الا ستئثار، من غير أن يصدر منه قول أوفعل يثلم الدين، ويكون قاطعاً للموالاة، وهذا هو الذي عليه أفاضل أهل البيت وعلماؤهم، و[هو] يحكى عن زيد بن علي أنه قال: البرآءة من أبي بكر وعمركالبرآءة من علي، إن شئت فتقدَّم، وإن شئت فتأخر.
ويحكى عن الباقر أيضاً أنه قال: من شكَّ فيهما كمن شك في السنة، بغض أبي بكر وعمر نفاق، وبغض الأنصار نفاق، إنه كان بين بني عديٍّ وبني تيم، وبين بني هاشم شحناء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام تحابُّوا، حتى كان أبو بكر يشتكي خاصرته، فيسخن علي يده في النار، ثم يضمد بها على خاصرة أبي بكر حباً له، ونزل القرآن: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:47].
وعنه أيضاً أنه سئل عن أبي بكر وعمر؟، فقال: مسلمان هما رحمهما الله، فقال له السائل: أتولاهما وأستغفر لهما؟، فقال: نعم، فقال: أتأمرني بذلك؟ فقال: نعم، ثلاث مرات، فما أصابك من ذلك فعلى عنقي، ووضع يده على عنقه.
وأحاديث كثيرة في توليهما، وهذا هو المعتمد عليه عند أكابر أهل البيت.
وعن سالم بن أبي حفصة قال: دخلت على جعفر بن محمد أعوده وهو مريض، فقال: اللَّهُمَّ، إنّي أحبُّ أبا بكر وعمر وأتولاهما، اللَّهُمَّ، إن كان في نفسي خلاف ذلك فلا نالتني شفاعة محمد يوم القيامة.
فأين هذا عن هذيان الروافض والجارودية!، فالله حسبهم فيما قالوه، ومكافأتهم على ما نقلوه وكذبوه!.)


ملحوظة : ما سبق باللون النيلي كله من كلام الإمام يحيى عليه السلام ، خاصة السطر الأخير :idea:
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

من كتاب مدح القلة وذم الكثرة من مجموع رسائل الإمام زيد (ع)

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

من كتاب مدح القلة وذم الكثرة من مجموع رسائل الإمام زيد عليه السلام
و يمكن تحميله كاملاً من: http://hamidaddin.net/ebooks/Rasael.chm

لقاء خالد بن صفوان بالإمام زيد في الرصافة
قال خالد بن صفوان: قدم علينا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الرصافة رصافة هشام فبلغني فصاحته وكثرة علمه وبيان حجته، فدخلت عليه وهو متكئ وبين يديه حنطة مَقْلُوَّة يقضم منها، فسلمت عليه.

فحمدت اللّه تعالى وأثنيت عليه، وذكرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وما أكرمه اللّه به، وذكرت حيث توفاه اللّه تعالى فبايع الناس أبا بكر، فذكرت عدله، وسيرته، ثم ذكرت عمر بمثل ذلك، ثم عثمان بمثل ذلك، وذكرت فضله واختيار الناس وتفضيلهم إياه على سائر الناس، ورأوا أنه ليس أحد أحق بالخلافة منه.

وزيد بن علي يتبسم إلي، وهو يقضم حبة بعد حبة.

ثم قلت: فوثب عليه قوم ليسوا من المهاجرين ولا من الأنصار فقتلوه، فلن يزالوا في فتنة إلى يوم الناس هذا.

فاستوى زيد بن علي فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، وذكر ما اختصه اللّه به من الكرامة، واختيار اللّه إياه فبلغ رسالته، فلما قبضه اللّه إليه انطلق المسلمون إلى رجل صالح فبايعوه، ثم بايعوا بعده رجلا، ثم انطلقوا بعده إلى رجل ظنوا به الخير، وظنوا أنه سيجري مجرى صاحبيه، فمكثوا زماناً ثم نقموا عليه شيئاً بعد شيء، حتى إذا آوى أقاربه السفهاء والطلقاء وأقصى المهاجرين الأولين والأنصار، وآذاهم وأخرجهم من ديارهم، فاستعتبوه مرة بعد مرة، فأبى إلا اختيار أهل بيته والأثرة لهم، وكان المسلمون عليه بين قاتل ومحضض خاذل.

فلما قتل انطلق ولاة هذا الدين من المهاجرين والأنصار من أهل بدر وغيرهم من التابعين لهم بإحسان إلى ((أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام)) حتى أخرجوه من بيته فبايعوه غير مكرهين، ثم أنهم نكثوا بيعته - يعني طلحة والزبير - من غير حَدَث، فلو أن الذين نكثوا بيعته نكثوا على أبي بكر وعمر لاستحل أبو بكر وعمر قتالهم.

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

من كتاب تثبيت الإمامة من مجموع الإمام القاسم الرسي (ع)

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

من كتاب تثبيت الإمامة من مجموع الإمام القاسم الرسي عليه السلام
ويمكن تحميله كاملاً من: http://hamidaddin.net/ebooks/Alrassi.chm

واعلم أنه لا يجوز أن يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وآله مَن إذا قضى بقضية أو أحدث حدثاً مما لم يأت عن الله ولم يحكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وراجعه فيه من هو أعلم منه بالله رجع عن حكمه واعتذر، وكان قوله: ( عَلَيَّ شيطانٌ يعتريني، فإذا رأيتم مني ذلك فاجتنبوني لا أبدر في أشعاركم وأبشاركم ) فهذا لا يصلح للإمامة، ولا يجلس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولا من كان إذا حكم بحكم فقيل له أصبت يا أمير المؤمنين يعلوه بالدرة، ويقول: ( لا تزكونا في وجوهنا فوالله ما أدري أصبتُ أم أخطأت، وما هو إلا رأي رأيته من نفسي ). فيخبرهم أنه لا يدري أصاب أم أخطأ، وهم يشهدون له أن ( السكينة تنطق على لسانه ). يخبرون عنه بخلاف ما يخبر عن نفسه، ويجعلون له من التوفيق ما يجعلون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وإنما يصلح للإمامة ويخلف النبي صلى الله عليه وآله في أمته، من كان إذا صعد المنبر يقول: (سلوني قبل أن تفقدوني، فعندي علم المنايا والقضايا، والحكمة والوصايا، وفصل الخطاب، والله لأنا أعلم بطرق السماء من العالم منكم بطرق الأرض، وما من آية نزلت في ليلٍ ولا نهارٍ، ولا سهلٍ ولا جبلٍ إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وفيما أنزلت، ولقد أسرَّ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكنون علمه ألف بابٍ يفتح لي كل بابٍ منها ألف باب، نحن النجباء، وأبناء النجباء، وأنا وصي الأوصياء، وأنا من حزب الله وحزب رسوله، والفئة الباغية من حزب الشيطان والشيطان منهم، وأفراطنا أفراط الأنبياء ولا يقوم أحدٌ يسأل عن شيء إلا أخبرتُه به غير مُتريِّث) والله تعالى يقول: ? أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ? [يونس:35]. والإمامة لا تكون إلا في موضع الطهر، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وجوهر النبوة ?الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ? [الأحزاب: 33] وأمر بمودتهم بعد نهيه عن مودة مَن حآده، وليس يخالف الحق إلا أهل العناد لله ولرسوله، والبغي والحسد والجهالة، ممن لا رَوِيَّة له من المرجئة، والقدرية، والنواصب، وجميع الخوارج، ممن خالفنا أو حاد عن الحق، وقال برأيه، وقد فسرنا في كتابنا هذا ما يدخل على من خالفنا ما يستدل بدونه مَن نصح لنفسه، وترك المحاباة على ما سبق إلى قلبه، فمَن فهم بعض ما وصفنا، دَلَّه على كثير مما يريد وبالله نستعين، وعليه نتوكل وإليه نفوض أمورنا مستسلمين له، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وأهله وسلم.
آخر تعديل بواسطة معاذ حميدالدين في السبت أغسطس 06, 2005 6:28 am، تم التعديل مرة واحدة.

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

من جواب لأهل صنعاء من مجموع الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

من جواب لأهل صنعاء من مجموع الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام
ويمكن تحميله كاملاً من: http://hamidaddin.net/ebooks/Majmou.chm


ولا أنتقص أحداً من الصحابه الصادقين والتابعين بإحسان، المؤمنات منهم والمؤمنين، أتولى جميع من هاجر، ومن آوى منهم ونصر، فمن سب مؤمناً عندي استحلالا فقد كفر، ومن سبه استحراما فقد ضل عندي وفسق، ولا أسب إلا من نقض العهد والعزيمة، وفي كل وقت له هزيمة، من الذين بالنفاق تفردوا وعلى الرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرة بعد مرة تمردوا، وعلى أهل بيته اجترءوا وطعنوا. وإني أستغفر الله لأمهات المؤمنين اللواتي خرجن من الدنيا وهن من الدين على يقين، وأجعل لعنة الله على من تناولهن بما لا يستحققن من ساير الناس أجمعين.
آخر تعديل بواسطة معاذ حميدالدين في الأحد مايو 15, 2005 8:16 pm، تم التعديل مرة واحدة.

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

من الجزء الثاني من رسائل الإمام عبدالله بن حمزة (ع)

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

من القسم الأول من الجزء الثاني من رسائل الإمام عبدالله بن حمزه عليه السلام.
ويمكن تحميله كاملاً من : http://hamidaddin.net/ebooks/Mansuri2.chm


مسألة[ في الصحابة الذين تقدموا على علي عليه السلام ]
في الصحابة الذين تقدموا على علي عليه السلام ومن اتبعهم وتابعهم كيف يجوز الترضية عنهم وقد عدلوا عمن صحت إمامته عندهم؛ لأن الأدلة على إمامته عليه السلام كانت معلومة لهم ضرورة .

فإن قال قائل: إنهم علموا الأدلة وأنهم [لا] يعلموا كونها أدلة، قلنا: عن هذا جوابان:

أحدهما: إن تركهم للنظر فيها يكون معصية .

والثاني: إنهم كانوا أعلم بمقاصد الكلام ومعانيه من أهل هذا الزمان، فكيف يصح بأن يقال: إنهم لم يعرفوا كونها أدلة، فمع هذه الأمور كيف تجوز الترضية عنهم، بل لو قال بلعنهم وسبهم والبراءة منهم لكان أسعد حالاً ممن رضّى عنهم؛ لأنهم طردوا بنت نبيهم عن مالها، وأخرجوها من بيتها وأرادوا تحريق بيتها وقتل بعلها، وكان تقدمهم أول خلاف جرى في الإسلام وهو سبب قتل أهل البيت عليهم السلام وطردهم وأخذ حقهم إلى الآن.

وبعد، فقد ثبت أن من امتنع من إجابة داعي أهل البيت كبه الله على منخريه في النار، فمن قاتله فهو أكثر ذنباً وأعظم جرما، وقد علمنا أن عليا عليه السلام لو أراد أخذ الأمر دونه لحاربوه على ذلك.

وأيضاً فإنهم أُمروا بمودة أهل البيت فلم يفعلوا ذلك لما ظهر من رفضهم لهم، وقلة احتفالهم بهم وهو يقتضي زوال المودة، بل ربما دل على البغض رفضهم لعلي عليه السلام وأخذهم الأمر دونه، والاستئثار عليه بحقه، وأحداث عثمان كثيرة جمة، وتفصيل ما جرى منهم يتعذر إحصاؤه في هذا الموضع ولكن الإشارة إلى جمله يكفي.

الجواب عن ذلك: إن الصحابة عندنا أفضل بعد الأئمة عليهم السلام قبل إحداثهم، وبعد الإحداث لنا أئمة نرجع إليهم في أمور ديننا، ونقدم حيث أقدموا ونحجم حيث أحجموا، وهم علي وولداه عليهم السلام والحادث عليهم وغضبنا فيهم، ولم نعلم من أحد منهم سب أحدا من الصحابة ولا لعنه ولا شتمه لا في مدة حياتهم ولا بعد وفاتهم.

فالذي تقرر عندنا أن عليا عليه السلام أفضل الأمة بعد رسول اللهً وولديه أفضلهم بعد علي عليه السلام لما تظاهر فيهم من الأدلة عن الله سبحانه وتعالى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتقدم عليهم من أبي بكر وعمر وعثمان نقول بتخطئتهم ومعصيتهم لترك الاستدلال على علي عليه السلام بالنصوص الواردة عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في إمامته، ونقول: إن النصوص استدلالية؛لأنها محتملة، ولذلك جرى فيها النزاع الطويل والجدال الشديد من ذلك اليوم إلى يوم الناس هذا وإلى انقطاع التكليف، وكل يحتج بما له وجه.

وقولنا: هو الأحق والأولى لما ظاهرنا عليه من البراهين، ونصبنا من الأدلة التي لا توجد مع خصومنا، وندعي عليهم انقطاع المرام في تصحيح ما توسموه، وتلك الخطايا والمعاصي بالتقدم فتنقطع العصمة، وإنما يجوز أن يكون كفرا وأن يكون صغيرة، ولمَّا يظهر لنا على ذلك دليل ولا بلغنا عن سلفنا الصالح عليه السلام ما نعتمده في أمرهم، ولهم أعظم حرمة في الإسلام؛ لأنهم أول من أجاب دعوة جدنا صلى الله عليه وآله وسلم ونابز عنه وعز به الإسلام، وقاتل الآباء والأبناء والأقارب في الله حتى قام عمود الإسلام، وأتى فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يأت في غيرهم، وكان فيهم حديث بدر وآية بيعة الرضوان، فصار الإقدام في أمرهم شديدا.

وإنما نقول: إن كانت معاصيهم كبيرة، فالله تعالى لا يتهم في حال، والكبائر تبطل الطاعات وإن عظمت، وإن كانت صغيرة فلبعض ما تقدم من عنايتهم في الإسلام وسبقهم إلى الدين ولا يمكن أحد من أهل العصر ولا من قبله من الأعصار أن يدعي مثل سعيهم ومثل عنايتهم في الدين، وعلي عليه السلام وولداه هم القدوة فلا نتجاوز ما بلغوه في أمر القوم، وهو نعي أفعالهم عليهم وإعلامهم لهم أنهم أولى بالأمر منهم، ولم يظهروا لنا أحكام أولئك إن خالفوهم ولا باينوهم مباينة الفاسقين في عصرهم.

فأما من خالف عليا عليه السلام وولديه -سلام الله عليهما- فلا شك في فسقهم، ويتعدى الحال إلى تكفير بعضهم كمعاوية وولده لعنهم الله تعالى؛ فإن معاوية كفر بسب علي عليه السلام، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيه: ((من سبك فقد سبني)) وسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفر بالإجماع، وقال ً: ((يا علي بحبك يعرف المؤمنون وببغضك يعرف المنافقون، يا علي من أحبك لقي الله مؤمناً ومن أبغضك لقي الله منافقاً)) والنفاق، ولئن أمكن أولياءه الدفاع في هذه الأخبار وإنكارها [لم] يمكنهم ادعاؤه زياداً أو رده لما علم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة من قوله: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر))، فقال الولد للعاهر، فلا يظهر غيره، فكفر لذلك بالنص المعلوم من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإجماع الأمة على أنه فعل ذلك وأنه خلاف دين الإسلام.

وأما ولده فإنما كفر بقتله ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسين بن علي عليهما السلام وقد ثبت أن من آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفر، وقتل ولده أعظم الأذية، ولأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم المدينة ما بين لابتيها، وأمر أن لا يقطع شجرها ولا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها، ومن فعل ذلك فعليه لعنة الله، فاستحل حرمتها وقتل أبناء المهاجرين والأنصار فيها ستة آلاف مسلم مستحل لذلك، فقطع غصن من أغصان شجرها استحلالاً، يكفر من قطع ذلك، فكيف بقتل ستة آلاف مسلم، وأمر برمي الكعبة واستباحة حرمة مكة حرسها الله -وقد منعها الله من أصحاب الفيل- وإنما أملى لهذه الأمة وأخر عقابهم إلى دار الآخرة.

وأما المودة لأهل البيت عليهم السلام فهي فرض الله على عباده، وأجر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، وقد ورد الوعيد في من ظلم محمد صلوات الله عليه وآله وسلم وإنما نقول: إن القوم لم يقع منهم البغضة، بل يدعون المحبة والمودة، ويظهرون الولاية والشفقة، وبواطن الأمور لا يعلمها إلا الله عز وجل.

وأما أمر فدك فقد كان فيها النزاع، وتأولوا خبر النبي ً: ((نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما خلفناه صدقة)) على غير ما تأولناه؛ لأن عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن أن ما قبضه من الصدقة لا يكون إرثاً لوارثه، وإنما يكون مرجعه إلى بيت المال ف(ما) عندنا اسم ناقص بمعنى الذي، فكأنه قال: الذي نتركه من الصدقات لا يورث عندنا معاشر الأنبياء، وأما أملاكهم فلم نعلم أن الله سبحانه فرق بينهم وبين غيرهم في ذلك.

وقد وقعت أمور هنالك رددنا أمرها إلى الله عز وجل، ورضينا على الصحابة عموماً، فإن دخل المتقدمون على علي عليه السلام في صميمهم في علم الله سبحانه لم نحسدهم رحمة ربهم، وإن أخرجهم سبحانه بعلمه لاستحقاقهم فهو لا يتهم في بريته، وكنا قد سلمنا خطر الاقتحام، وأدّينا ما يلزمنا من تعظيم أهل ذلك المقام، الذين حموا حوزة الإسلام، ونابذوا في أمره الخاص والعام.

وأما عثمان وإحداثه فلا شك في قبحها، وجوابنا فيها ما قال علي عليه السلام: إنه قد قدم على عمله فإن كان محسناً فقد لقي رباًّ شكوراً يكافئه على إحسانه، وإن كان مسيئاً فقد أتى رباً غفوراً لا يتعاظم أن يعفو عن شأنه، وهذا كلام علي عليه السلام فيه مثل قوله: إنه استأثر فأساء في الأثرة، وعاقبتم فأسأتم في العقوبة، ولله حكم في المستأثر والمعاقب، وهذا ما قضى به الدليل وأدى إليه النظر، ومن الله سبحانه نستمد التوفيق في البداية والنهاية والبلوغ إلى أسعد غاية.

معاذ حميدالدين
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 212
اشترك في: الجمعة مارس 12, 2004 6:47 am
مكان: جدة
اتصال:

فرع من فصل من الباب الثالث من كتاب الكشف الأمين

مشاركة بواسطة معاذ حميدالدين »

فرع من فصل من الباب الثالث من كتاب الكشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
و يمكن تحميله كاملاً من: http://hamidaddin.net/ebooks/Alkashif.chm

الفرع الثالث: في حكم من خالف أمير المؤمنين عليه السلام
واعلم أن المخالفين له ثلاثة أصناف:

صنف حاربوه وقاتلوه، وهذا الصنف لا شك ولا ريب ولا خلاف في فسقهم بين أئمتنا عليهم السلام ومن وافقهم وهم جميع الزيدية والإمامية والمعتزلة وغيرهم، وهؤلاء ثلاث فرق كما أفاده الحديث النبوي:

الناكثون: وهم أصحاب الجمل طلحة والزبير ومن معهما وجميع من في معسكرهما، وقد رويت توبة عائشة وطلحة والزبير والله أعلم بصحة ذلك، قال زيد بن علي عليهما السلام: قد ثبت ما أجرموا وإلى الله المصير.

والمارقون: وهم الخوارج الذين أصروا على حرب أمير المؤمنين عليه السلام حتى أهلكهم الله تعالى على يده صلوات الله عليه، وأبادهم حتى لم يبق منهم دون عشرة.

والقاسطون: وهم معاوية اللعين ومن معه من الأمراء والأجناد والمعادين لأمير المؤمنين عليه السلام من تبعته وسائر رعيته، وقد ذهب بعض العلماء إلى كفره وكفى بجهنم سعيراً سواء قيل بكفره أو فسقه.

الصنف الثاني: الذين توقفوا عن إمامته عليه السلام ونصرته والجهاد معه وهم: سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن سلمة الأنصاري، وزيد بن ثابت أخو حسان بن ثابت، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل، واختلفت الروايات عن هؤلاء هل توقفوا عن بيعته والدخول تحت إمامته أم عن النصرة والقتال فقط، وعلى كل حال فاختلف أئمتنا عليهم السلام في حكمهم فمنهم من فسقهم، ومنهم من تولاهم، ومنهم من توقف في حكمهم، وهو الأولى لعدم الدلالة القاطعة على صحة أي الأمرين المذكورين، ولكن الإجماع منعقد على خطئهم وإثمهم ومعصيتهم على الجملة، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: " واخذل من خذله ".

الصنف الثالث: الذين تقدموا عليه في الإمامة وتواثبوا عليها وهو مشتغل بتجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم الثلاثة ومن أعانهم على ذلك، وهؤلاء لا خلاف أيضاً بين أئمتنا عليهم السلام في معصيتهم وظلمهم لأمير المؤمنين عليه السلام وتعديهم لما ليس لهم من التقدم على أمير المؤمنين عليه السلام بلا مخالف من أهل البيت عليهم السلام في ذلك إلا ما مر من الحكاية عن عبد الله بن الإمام شرف الدين عليهما السلام، وكذلك لا خلاف أيضاً بينهم في معصيتهم وظلمهم بما فعلوه بالزهراء صلوات الله عليها من الأذية والإغضاب وأخذ فدك إلى زمن الإمام يحيى بن حمزة عليهما السلام، فنشأ القول منه بتصويب أبي بكر على رواية الأساس ومن بعض الزيدية كالقرشي صاحب المنهاج، ثم تبعهم على ذلك المهدي عليه السلام في القلائد وشارحها النجري، وذلك لما اعتمدوا عليه من استنشاق ريح الاعتزال وعدم الاشتياق إلى مطالعة كتب الآل حتى يظهر لهم إجماع العترة عليهم السلام قبلهم واتفاق من سلف من الزيدية على ظلم بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لو لم يكن إلا اتفاق أمير المؤمنين عليه السلام والزهراء عليها السلام في عصرها لكفى في انعقاد إجماع العترة عليهم السلام لأنه ليس غيرهما من يعتد به في إجماع أهل البيت عند تلك الحادثة إلا الحسنين عليهما السلام وهما صبيان حينئذٍ فمنذ بلغا صارا على منهاج أبويهما المعصومين، ولم يخالف أحد منهما أن أبويهما كانا مظلومين.

حكم من تقدم الوصي عليه السلام وأخذ فدكاً
وحينئذٍ فقد وقع الاختلاف بين متأخري الزيدية في حكم من تقدم الوصي عليه السلام وأخذ فدكاً ونحوها من يد فاطمة عليها السلام ومنعها إرثها من أبيها صلى الله عليه وآله وسلم على ثلاثة أقوال:

الجمهور: على التوقف في حكم هاتين المعصيتين هل كبيرة فتجب المعاداة والبراءة منهم، أم صغيرة فتجب الموالاة والترضي عليهم ؟ وذهب بعضهم إلى أنها ملتبسة فتجب الموالاة استصحاباً بالأصل، قالوا: لأنا من إيمانهم على يقين فلا ننتقل عنه إلا بيقين، وفي الحقيقة إنما الحكم في حكم هذه المعصية وماذا تبلغ بصاحبها إلى الله تعالى الذي هو أعلم بكيفية وقوعها من أولئك الأصحاب وهو العليم بمقادير أجزاء الثواب والعقاب، لأنا وإن قطعنا أن ذلك معصية على الجملة فالعلم بكبر المعصية أو صغرها مفتقر إلى دليل آخر قطعي غير الدليل الدال على المعصية إجمالاً كما هو حكم هذه المسألة في جميع ما وقع من المعاصي التي لم تعلم من الدين ضرورة كبرها كالشرك بالله تعالى والسرق والزنا وشرب الخمر وقتل النفس المحرمة والخروج على الإمام أو صغرها كالخطأ والنسيان وما يصدر من المعصوم وما وقع لشبهة محتمله أو تأويل محتملة، وحينئذ فقول الجمهور هو الجاري على الأصول والقواعد المقررة عند علماء الكلام وهو الأحوط والأسلم عند السؤال يوم تزل الأقدام، فيكون التوقف عن الموالاة وما يدل عليها من ترضية وترحم ومحبة بالقلب، وعن المعاداة وما يدل عليها من لعن أو شتم هو الواجب مع التجرم والتظلم والتشكي بهم إلى الله تعالى والبغاضة وعدم المحبة لهم في القلب لأن ذلك هو لازم المعصية الملتبسة، وموافق لما ورد من الأحاديث أن من أغضب الزهراء صلوات الله عليها فقد أغضب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

لا يقال: إن غضب الله تعالى وغضب رسوله صلى الله عليه وآله وسلم يدل على كبر المعصية.

لأنا نقول: إن الله تعالى يغضب لكل معصية صغيرة أو كبيرة بمعنى يكره وقوعها من فاعلها باجتنابه الكبائر أو بوقوعها منه على جهة الخطأ والنسيان أو التأويل وعروض الشبهة عند النظر في تحريمها أمر وراء ذلك، فقد يتعلق الغضب بما هو صغيرة، وقد يتعلق بما هو كبيرة كالغضب على الشرك والزنا وشرب الخمر ونحو ذلك، وقد يتعلق بما هو ملتبس الحال كسائر المعاصي الملتبس حالها بالنسبة إلينا، فأما الباري عز وجل فلا ملتبس في حقه لأنه بكل شيء عليم وهو العدل الحكيم، والحاصل أن وصف المعصية بالكبر أو الصغر أمر نسبي يختلف باختلاف أحوال فاعلها من العلم بالتحريم أو عدمه والإقدام جُرأة أو بتأويل أو أن الدلالة عنده قطعية أو ظنية أو أن له من الثواب ما يكفرها أو لا أو أنه ملجأ إلى الفعل أو مكره عليه أو لا أو نحو ذلك من الأحوال العارضة للفاعل فيما لم يعلم من الدين ضرورة كبره أو صغره كم مُثِّل، وهذه الأحوال قد يتعذر أو يتعسر على الغير العلم بها فيمن فعل المعصية سيما من كان غير معاصر لذلك الفاعل أو غائباً عنه، بل المعلوم في كثير من الأشخاص الفاعلين لما هذا حاله من المعاصي أن لا يعلم بحقيقة أمره إلا الله تعالى.

وحينئذ يعلم من هذا أن من أراد السلامة والأحوط له في دينه وأن لا يكون بينه وبين أحد مخاصمة بين يدي الله عز وجل هو كف اللسان عن السب واللعن وعن الترضية والترحم مع الغضب والتجرم والتشكي والتوجع بالقلب، لأن ذلك واجب تأسياً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واقتداء بأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين والزهراء والحسنين لما قد علم لنا ذلك منهم بالتواتر، ولا حاجة إلى التكثر بقول فلان ولا قول فلان بعد أولئك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

النعم التي اختص الله بها الصحابة بوجود الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
غير أنا نذكر هاهنا نبذة من الكلام يعرف بها حق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعظم النعمة على الصحابة التي اختصهم الله تعالى بها، وثبتت المنة عليهم بها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون سائر الأمة من المسلمين الذين لم يكونوا عنده صلى الله عليه وآله وسلم في حياته ممن هو ناءٍ عنه في عصره أو نشأ بعد مماته من التابعين فمن بعدهم إلى يوم الدين، فما رعى الصحابة تلك النعمة الخاصة بهم حق رعايتها، ولا أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أجره في مقابلتها إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم، فلينظر الناظر وليعتبر المعتبر وليتفكر المتفكر وإن ربك هو يحكم بينهم يوم القيامة فيما هم فيه يختلفون، وعند الساعة يخسر المبطلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

فأقول وبالله أصول: اعلم أن الله سبحانه وتعالى أنعم على كافة العالمين عموماً من سلف منهم ومن غبر إلى يوم الدين ببعثه سيد المرسلين ورسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم:?رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ? {آل عمران:164}، فمن اتبعه فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومن تركه فقد بدل نعمة الله من بعد ما جاءته واستحق العذاب الأليم، ثم اختص الصحابة رضي الله عن الراشدين منهم بنعم انفردوا بها، فكانوا أسعد الناس به صلى الله عليه وآله وسلم، وأوجب عليهم حقاً له لما ألف الله بين قلوبهم على يده بعد أن كانوا أعداءً، وأعزهم ببركته بعدما كانوا أذلاء، وأورثهم أرض الكفار وديارهم وأموالهم بعد إذ كانوا فقراء، وأنكحهم ما ملكهم من بناتهم الحسان، وأخدمهم الرقيق من أولئك الولدان، وكان صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرهم نعمة يغدون إليها ويروحون، ويمسون فيها ويصبحون، وينقلبون عليها ويستريحون، يشاورهم في الأمر وهو عنهم في غُنيَة، ويفاوضهم عند الحوادث بلا حاجة منه إليهم ضرورة إلا تطييباً لأنفسهم وتكرماً منه صلى الله عليه وآله وسلم بإدخال السرور عليهم وإيناساً لهم وتحبيباً إليهم، أنكحهم بناته الطاهرات وهم عنهن في انحطاط، وخالطهم بنفسه الشريفة وليسوا له بأخلاط يتزوج يتيمتهم، ويكرم كريمتهم، ويعول أرملتهم، ويخلف من مات منهم أو غاب في أهله أحسن خلافة، ويبذل لمن نزل منهم بداره موجودة الضيافة، يرحم صغيرهم، ويوقر كبيرهم، ويجهز أميرهم، ويعين مأمورهم، ويتفقد بنفسه الرفيعة أمورهم، ويتدارك بأخلاقه المتواضعة ما فسد من تدابيرهم، يعلم جاهلهم، ويرشد ضالهم، ويوصل من وصلهم، ويقطع من ناواهم، ونازلهم يحل لهم ما كان محرماً لديهم، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، كل يوم ينظرون إلى جسمه الشريف، وكل حين يبصرون طلعة نوره المنيف يتمتعون من خلقه العظيم، ويرتعون حول رياض تخلقه الكريم يأجرهم الله تعالى على النظر إليه، ويتعبدهم بغض الصوت لديه، جعل الله مجاورته لهم حماية ومكرمة، وكتب في مساكنته إياهم أمنهم من العذاب، ومرحمة يشاركهم في المطاعم والمشارب فتنـزل عليهم البركة، ويجيب داعيهم إلى الولائم والمواجب فتحف بهم الملائكة يستنشقون ريح مسكه المختوم، ويرتشفون من رحيق لفظ دره المنظوم نفثه على مرضاهم شفاء لهم من كل علة، ومسحته على أبدانهم دواء له من كل خلة، وتقدم شربته عليهم رواء لهم من كل علة، وتناوله الطعام قبلهم غذاءً لهم في كل أكله، يشاهدون معجزاته العظيمة فتكسبهم إيماناً، ويعاينون كراماته الجسيمة فتزيدهم إيقاناً، ويرون أماكن وحي الله بآي الذكر الحكيم، ويبصرون مهابط أوامر الله بأحكام التحليل والتحريم، ويشعرون بنـزول ملائكة الله ومختلف الروح الأمين، ويسمعون آيات كتاب الله طرية وقريبة عهد بتنـزيل رب العالمين فيصيرون أول متصف بمعرفتها وحكمتها، ويكونون أول مقتطف لثمرتها وبركتها يسألونه صلى الله عليه وآله وسلم عما اشتبه عليهم من وجوه تأويلها، ويستوضحونه ما خفي عليهم من مصالح تنجيمها وتنـزيلها، ويقتبسون بنور علمه صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير مبهمها ومجملها، ويستعينون بقويم هديه، وما سبق لديهم من سنته في استنباط أحكامها وتفصيلها، ويستفتحون بأدوات مباشرته العمل بها مقفلها ويستخرجون بكيفيات سيرته صلى الله عليه وآله وسلم كنوز فروعها عن أصولها، ويستكشفون ما طوي من الحِكم اللطيفة تحت مفصولها وموصولها، يسمع أقوالهم فيرد سقيمها إلى الصحيح، ويشاهد أفعالهم فيعلم لديهم فيما سكت عنه الظفر بالمتجر الربيح، ويبين لهم الصواب فيما جرى منهم على خلافه بأكمل توضيح، ويعرفهم ما قصرت عنه أفهامهم من وجوه الترجيح فتماط عنهم شبه الأوهام الكاسدة، ويحط عنهم غب الآثام فيما سبق إليهم من الأفهام الكاسدة، لا يخافون معه زلة في قول ولا عمل، ولا يخشون لوجوده فيهم أي حادثة توقعهم في هول ولا زلل، ولا يَئِسون لمراعاته مصالحهم عن إصابة كل أمل، ولا يقنطون لحسن نظره فيهم عن روح الله في كل أمر حصل، أمره الله بالاستغفار لهم عند أن يأتوا إليه تائبين عن سيئاتهم وألزمه الصلاة عليهم حين يأتونه بصدقاتهم، يصفح عن مسيئهم فينقلبوا فرحين مسرورين، وينصح من ضل منهم عن الحق فيئوبوا مصلحين مأجورين، ونهاه الله أن يكون فظاً غليظ القلب لئلا ينفظوا عنه بغير فائدة، وألزمه لين الجانب لهم لما في ذلك من اللطف بهم والظفر بكل عائدة، ثم لم يقبضه صلى الله عليه وآله وسلم إلا وقد أمره أن ينصب لهم من يقوم فيهم مقامه في إيضاح ما اختلفوا فيه من الحق والمفسدة، فأقام لهم من هو كنفسه، وكهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده، ونصب لهم سفينة نوح، وباب السلم المفتوح، وترك فيهم الثقلين، وألزمهم التمسك بذينك الحبلين، وأمنهم وقوع الافتراق إلى يوم التلاق، وفتح لهم باب حطة من دخله غفر له، وجعل الحسنين بعده عليهم السلام إمامين هاديين إلى الحق عند كل مشكلة، وجعل أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم نجوماً يستضاءُ بها في كل عصر، وقرنهم بالكتاب، وأمن هذه الأمة بوجودهم من نزول العذاب في كل دهر، وأفترض مودة أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم أجراً على التبليغ وقال: ?قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُم?ْ{سبأ:47}، وعلى الجملة فالأمر كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: " ما تركت شيئاً يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئاً يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ".

فهذه مائة وخمسة وعشرون نعمة مما أنعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة ببعثة سيد المرسلين ورسالة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم اختص الصحابة رضي الله عن الراشدين منهم بمائةٍ وعشرٍ، وشاركوا سائر الأمة فيما عداها فكان الحق عليهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوجب، ورعاية هذه النعمة عليهم آكد منه على غيرهم من سائر الأمة، فما كان جزاؤه صلى الله عليه وآله وسلم ما صدر منهم من التواثب على الأمر بعده صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام مشغولون بتجهيزه ودفنه، وما كان أجره صلى الله عليه وآله وسلم التجمع عليهم وطلبهم البيعة لهم مع كونهم مصابين بموته صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو مصاب كل مؤمن، وما كانت مودتهم المفروضة عليهم التهديد والوعيد الشديد إن لم يسلموا الأمر إليهم، وما كان إغضاب فاطمة عليها السلام التي هي بضعة من نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ونزعهم ميراثها ونحلتها وسهم ذوي القربى مناسباً تجنب غضب الله ورسوله بإغضابها، وما كان التسبب على قتل ريحانتي رسول الله وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم الدين رأياً سديداً في العدول عمن اختارهما الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وجعلهم حججه على الخلق أجمعين:

رويدكُما لن يُعجزَ اللهَ هاربُه
سوى يوم السقيفةِ جَالِبُه


فقل لأخي تيمٍ وصاحبِهِ ألا
فكل مصابٍ نال آل محمدٍ فليس



حكم الكبيرة والصغيرة مع الالتباس
نعم وحيث قد وقع الاستدراك والمناقشة على القول بالقطع بكبر معصية القوم، فلا بأس بذكر ما يرد على من قطع بصغرها أو ذهب إلى الترضية مع التباسها لديه.

فنقول: أما القول بصغر المعصية فلا سبيل إلى العلم به لاتفاق العلماء أن ما عدا الكبيرة فملتبس، ولا أصل للمعاصي يرجع إليه عند الالتباس إلا أن ما وقع من المعصوم أو على جهة الخطأ والنسيان فقد دل الدليل على صغره كما سيأتي تقرير ذلك في بابه إن شاء الله تعالى، وليست معصية القوم في شيء من ذلك فلا يصح القول بصغرها البتة.

وأما من ذهب إلى الترضية والتولي مع التباس المعصية لديه، فذلك باطل من حيث أن مقتضى الالتباس هو التوقف كما في غير ذلك من سائر المسائل دون الترضية والتولي، فلا تصح ولا يجب إلا في حالين: إما مع العلم بعصمة الفاعل أو أنه صدر منه ذلك على جهة الخطأ والنسيان، وإما مع سلامة المترضى عنه والموالى عن المعصية في الظاهر، وليست هذه حال المتقدمين ومن أعانهم لما تقرر من القطع بوقوع المعصية منهم ولهذا قال في القلائد للإمام المهدي عليه السلام :

مسألة: المحققون من الزيدية خطأوا المتقدمين على علي عليه السلام في الخلافة قطعي لمخالفتهم الدليل القطعي، قال الشارح: وكذلك من اعتقدوا إمامتهم وإصابتهم، ولكن لا نقطع عليهم بالفسق وأن ذلك الخطأ كبيرة، إذ لم يفعلوا ما فعلوه من التقديم في الخلافة ومخالفة تلك النصوص تمرداً بل الشبهة الخ ما ذكره الشارح.

قلت: وكونهم لم يفعلوا ما فعلوه تمرداً بل لشبهة تحتاج إلى دليل بل الأظهر حسبما مر من محاججة الوصي عليه السلام لهم وسائر ما نقل من الأخبار التمرد والتمسك بما ليس شبهة محتملة كنفرة الناس عن الوصي أو تقديم أبي بكر للصلاة، ولكون النصوص على إمامة أمير المؤمنين لا تخفى على من جالس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسمع كثرة ما قاله في أخيه ووصيه وأولى الناس به، ولكن الموجب لعدم القطع بكبر المعصية هو أنه اختلف في حد الكبيرة على أقوال فقيل: كل عمد كبيرة، وقيل: ما ورد الوعيد عليه مع الحد أو لفظ يفيد العظم أو الكبر، وقيل: ما توعد الله صاحبها النار بعينها دون مجرد الإثم أو المقت أو البغض للفاعل، وقيل: ما زاد عقاب فاعلها على ثوابه، ثم قال أهل الثلاثة الأخيرة: وما عدا ذلك فملتبس، ولاختلافهم في حد الكبيرة لم يحصل القطع بأن ما فعله القوم كبيرة، وإن فرضنا تمرداً أو بدون شبهة إلا مع الاستحلال والأصل عدمه ولا يكفي في العلم به مجرد الظاهر.

فإن قيل: يلزم على هذا أن لا يفسق الباغي وقد انعقد الإجماع على فسقه.

قلنا: إنما يتحقق كون الباغي باغياً بعد قيام الإمام بأعباء الإمامة وتحمله أثقال الزعامة، وهذا لم يكن قد وقع من الوصي عليه السلام حتى يصدق على المتقدم البغي الشرعي.

فإن قيل: فالنصوص على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام لا تتوقف صحتها ودلالتها على ذلك على قيامه بأعباء الإمامة وتحمله أثقال الزعامة، بل قد ثبتت إمامته بتلك النصوص عقيب وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فيثبت اسم الباغي لمن منعه واجباً أو فعل ما أمره إليه مع كراهته أو نحو ذلك مما ذكر في حد الباغي، وإنما اعتبر القيام وتحمل أعباء الإمامة في بغي من بغى على سائر الأئمة لأنه هو الطريق إلى إثبات إمامة من لم يكن منصوصاً عليه.

قلنا: إنه وإن كان الأمر كما ذكرت من الفرق بأن إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ثبتت بالنصوص فلا يعتبر في صحتها أو نفاذها القيام والتحمل لأعباء الإمامة بخلاف غيره هو والحسنين عليهما السلام، فلا بد من اعتبار ذلك غير أنه لا يمتنع أن قيامه عليه السلام بذلك شرط في تحقق كون من خالفه باغياً عليه، لأن فعل ما أمره إلى الغير لا يعد منازعاً ولا يتحقق كونه باغياً مما له وجوب في أصل الشرع إلا مع قيام من أمره إليه به.

فإن قيل: فهم الذين منعوه عليه السلام من القيام لذلك بسبب ما فعلوه من ثبوتهم على الأمر والعقد لأنفسهم واغتنامهم الفرصة باشتغاله بشأن أخيه صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكن عدم قيامه إذ ذاك تفريطاً منه وقعوداً عن الإمامة حتى يكون كما ذكرتم فيمن قام بما أمره إلى الغير من الواجبات مع عدم قيامه به.

قلنا: نعم إن الأمر كما ذكرت من أنهم هم الذين منعوه القيام واغتنموا الفرصة باشتغاله بسيد الأنام لكن هذا لا يدفع أن كون القيام شرطاً في تحقيق البغي الشرعي وفيه ما فيه، ولهذا قطع كثير من أئمة الزيدية وشيعتهم الزكية على كبر معصية القوم وحكموا بفسقهم ووجوب البراءة منهم، بل حكاه القاضي العلامة الشهيد إسماعيل بن حسين هادي جغمان رحمه الله تعالى في العسجد المذاب عن أكثر أهل البيت عليهم السلام، وقال: إن أهل التوقف هم القليل، وإن أهل الترضية أقل من القليل، والله أعلم.

ثم احتج من ذهب إلى الترضية ووجوب موالاتهم بأنا من إيمانهم على يقين فلا ننتقل عنه إلا بيقين، فيجب استصحاب الحكم الأصلي وهو الإيمان فنحكم فيهم به، ويلزمه وجوب الموالاة والترضية.

قال الإمام القاسم بن محمد عليهما السلام في الأساس في رد هذا القول: حصول الالتباس - أي التباس إيمانهم - بسبب تلبسهم بالمعصية نسخ العلم بإيمانهم في الظاهر ولا يصح التولي إلا مع العلم بالإيمان في الظاهر بإجماع العترة عليهم السلام، وهذا مع الفرض بأن معصيتهم لم يعلم قدرها وقد علم تلبسهم بها انتهى من الأساس وشرحه، وقد أطال القرشي في المنهاج والإمام المهدي عليه السلام في الغايات الاحتجاج على صحة الترضية ووجوب الموالاة، لكن الإمام المهدي عليه السلام رجع عن القول بالترضية إلى التوقف وقال: إنه هو الصحيح لأنا وإن قطعنا على خطأهم فلا نعلم أكبيرة هو أم صغيرة، هذا لفظه في غرر الفوائد شرح نكت الفرائد، قال شيخنا صفي الإسلام رحمه الله تعالى: وهي آخر ما صنف.

أحمد الشرفي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 4
اشترك في: الخميس يناير 05, 2006 4:29 pm
مكان: اليمن - عدن
اتصال:

مشاركة بواسطة أحمد الشرفي »

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ طالب الحق وفقني الله وإياك الى هداه فما فعل الشيخان بفاطمه فالزيدية متبرأة مما فعلاه
وإنهما قد أخطئا وعملا مالا ينبغي أن يفعلاه وأنهما مخطيئين ولكن لا نلعنهما إذ اللعن ليس من صفات المؤمنين ولنا في أهل البيت قدوة ولا نترضى عليهما لان الإمام زيد والقاسم والهادي لم يترضوا عليهم بل كانوا ينقدونهما فقط كما فعل الإمام علي عليه السلام وأريد أن ابين لك وللأخ واصل بن عطاء ما قاله الإمام زيد بن علي (ع) لواصل بن عطاء في عهده وكذلك قول الإمام القاسم في ولاية الشيخان فاهل البيت لا يختلفون فيما فعلاه وإليك هذا
جوابات وفتاوى الإمام زيد
(1) جواب الإمام زيد على واصل بن عطاء في الإمامة
سأل واصلُ بن عطاء الإمامَ زيد أبا الحسين زيد بن علي عليهما السلام، هل الإمامة بالإختيار كانت فتكون، أو التَّعيين والنَّص؟

فقال عليه السلام: إن الإمامة أمانةُ اللّه عند أئمة الهدى، إن أدوها إليه سلموا من التَّبِعة فيها، واستحقوا الرعِّاية.
جوابات وفتاوى الإمام زيد
(1) جواب الإمام زيد على واصل بن عطاء في الإمامة
سأل واصلُ بن عطاء الإمامَ زيد أبا الحسين زيد بن علي عليهما السلام، هل الإمامة بالإختيار كانت فتكون، أو التَّعيين والنَّص؟

فقال عليه السلام: إن الإمامة أمانةُ اللّه عند أئمة الهدى، إن أدوها إليه سلموا من التَّبِعة فيها، واستحقوا الرعِّاية.

فقال واصل: أجبني، وإن أحببت إعفائي أعفيتك.

فقال (ع): سأكتب إليك برأيي في ذلك، وبما أعتقده في الإمامة.

فقال واصل: حسبي حسبي أنا منتظر رسالتك.

فقال الإمام الأعظم أبو الحسين زيد بن علي عليهما السلام:


بسم اللّه الرحمن الرحيم


حاطَك اللّه أبا خذيفة، وعَصَمَك، وَوَفَّقَك، وسَدَّدَك، سألت عن الإمامة، فقلت: عن خَيرة كانت فتكون، أو عن نصوص؟ فإحْبَبْتُ أن أطرح خلاف الناس في ذلك، وما قاله كلُ فريقٍ، منهم إذْ قد عَنَيْتَنِي بمسألتك، وقَصَدْتَ تَحَرِّي قولي في ذلك. فأقول: الحمدلله على ما خَصَّ وَعَمّ من نِعَمٍ وإحسان، وتوفيق وامتنان، وصلى اللّه على خِيْرةِ اللّه من جميع خلقه، وبارك اللّه لنا ولك في المنقلب وفي المثوى.

إن الإمامة أولُ خلافٍ وقع في الأمة بعد مُضِيِّ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ووفاته، انْتَهَبَهَا قومٌ كما يُنتهب تراث الدنيا، فكل يقول إنه أحق - برأيه وبزعمه -، وإنه أخَصَّ وأولى.فَحَاجَّ أبوبكرٍ الأنصارَ بحجج عامة لسائر قريش، ثم أخْتَصَّ بها دونهم من غير مُشَاوَرَةٍ من جميعهم، ولا أخذ إقرارهم أنه أوْلاَهم بها، ثم قام بها أيام حياته، وتَضَمَّنها بعد وفاته بما جعل لعمر بن الخطاب منها، وما خصه بها من تسليمها له دون غيره، نصاً وتسمية وتعييناً، فقام عمرٌ ينحو نحوه، ولا يتغير عن طريقته، حتى كان من أمر عَبدِ المغيرة بن شعبة ما كان، فجعلها في سِتَّةٍ ليختاروا أحدَهم، وكان من عبدالرحمن بن عوف الذي كان، فَسَلَّمَهَا إلى عثمان...... فيما خيروه، وعاتبوه، واستتابوه، فلم يَتُبْ، فهجموا على داره فقتلوه.

فأتى قومٌ من المهاجرين أميرَ المؤمنين علياً وهو لا يشعر فنعوا إليه عثمان بن عفان، وقالوا: قتله المِصْرِيُّون وإنا لا نجد عنك غنى ولا ملجأ ولا معاذاً، فكان منه الجواب الذي أخفيه عنك، فلا يضرك إن أخفيته، ولا ينفعك إن رسمته في كتابي هذا، فبايعوه على كتاب اللّه تعالى، والعمل بما فيه، فأقام لهم العدل وعمل فيهم بالقرآن.

إمامة من تقدم علي السلام
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الإمام القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه:

يسأل الذين قدموا أبا بكر. فيقال لهم: خبرونا عن جميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الله، وأَمَرنَا به من طاعة الله، ما هو وهل يخلو من ثلاثة أوجهٍ ؟!

إما فريضةٌ أوجبها عليهم من الله.

وإما سُنَّة سنها لهم.

وإما تطوعٌ أمرهم به على الترغيب فيه، إن شاءوا فعلوه، وإن شاءوا تركوه.

فَمَن قولهم: لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه، ولا سبيل لَهُمْ إلى أكثر من ذلك؛ لأن ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه أحد هذه الثلاث الخصال.

يقال لهم: فأخبرونا عن هذه الفرائض التي أمرهم النبي بها عليه السلام، عن الله، معروفة معلومة، أو مجهولةٌ غير معروفة ؟

فمن قولهم: لا. بل معروفة غير مجهولة.

فيقال لهم: فمثل أيّ شيء ؟

فمن قولهم: مثل صلاة الظهر أربع ركعات، وصلاة المغرب ثلاث ركعات، والصبح ركعتان، ومثل الزكاة من مأتي درهم خمسة دراهم، ومن أربعين ديناراً دينارٌ، ومثل فرائض المواريث للبنت النصف، وللذكر مثل حظ الأنثيين.

فيقال لهم: هل يجوز لأحد أن يُحوِّل هذه الفرائض فيجعلها على خلاف ما فرض الله ؟

فإن قالوا: نعم . أبطلوا جميع الفرائض. وإن قالوا: ما تعنون بقولكم يُحوِّلُها ؟

قيل لهم مثل المغرب يجعلها ركعتين، ومثل الصبح يجعلها ثلاثاً، ومثل أن يفرض للبنت الواحدة الثلث، ويعطي الذكر مثل حظ الأنثى، وفي ست من الإبل شاةً، وفي مأتي درهم ثلاثةَ دراهم، وفي ثلاثين من الغنم شاةً، وفي عشرين من البقر بقرةً.

فمن قولهم: هذا لا يجوز.

قيل لهم: لم لا يجوز ؟

فإن قالوا: لأن هذه الفرائض جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معروفة معلومة محدودة، فإن زادوا فيها أو نقصوا خالفوا الله ورسوله فيما أمرهم به، وفرضه عليهم، وفي خلاف هذا هدمُ الدين.

قيل لهم: فجميع الفرائض على هذه الحال ؟

فإن قالوا: لا. تركوا قولهم إنه لا يجوز أن يتركوا ما أمرهم الله به. فيكون في قولهم إنه يجوز في بعض ولا يجوز في بعضٍ.

وإن قالوا: لا يجوز النقصان ولا الزيادة في جميع الفرائض.

قيل لهم: هذه الفرائض قد أجمعتم عليها أنه لا يجوز فيها زيادة ولا نقصانٌ. فأخبرونا من السنن ما هي عندكم ؟ فمن قولهم مثل مواقيت الصلاة، الظهر إذا زالت الشمس، والمغرب إذا غربت، والصبح إذا طلع الفجر، ومثل زكاة الفطر، ومثل صلاة الوتر بالليل ثلاث، وركعتان قبل الصبح، ومثل هذا من المناسك والسنن.

قيل لهم: ما تقولون: هل يجوز لأحدٍ أن يحوِّل هذه السنن عن جهاتها، فيجعل الوتر بالنهار، ووقت الظهر لوقت العصر، وصلاة النهار بالليل، وزكاة الفطر في الأضحى، وركعتي الفجر قبل الصبح، وكل شيء من السنن يحوِّلُها على هذا النحو ؟!

فمن قولهم وقولنا: لا يجوز تحويل هذه الأشياء على خلاف ما سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قيل لهم: وكذلك جميع السنن!

فإن قالوا نعم. قادوا قولهم إنه لا يجوز تغيير شيء من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما لا يجوز تغيير شيء من الفرائض التي ذكرنا.

قيل لهم: فما تقولون في التطوع ؟

فإن قالوا: الناس كلهم في التطوع بالخيار، إن شاءوا فعلوه وإن شاءوا تركوه، وكذلك قول الله تعالى: ﴿فمن تطوع خيراً فهو خيرٌ له﴾ [البقرة:184].

يقال لهم عند ذلك: ما تقولون في الإمامة هي من دين الله أم من غير دين الله ؟

فإن قالوا: ليست من دين الله، لزمهم في إجماع من أجمع على إمامة أبي بكر أنهم لم يكونوا على دين الله.

وإن قالوا: الإمامة من دين الله.

قيل لهم: من أي دين الله ؟! من الفرائض، أم من السنن، أم من التطوع ؟! فقد زعمتم أن الدين لا يخلو من أحد هذه الثلاثة الوجوه.

فإن قالوا من الفرائض.

قيل لهم: كيف فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمامة لأبي بكرٍ، سماه لكم رسول الله صلى الله عليه باسمه وعيَّنه، أو دَلَّ عليه بصفته، أو تركها شورى، أو سكت فلم يقل من ذلك شيئاً ؟! ولا بد من إحدى هذه الخصال ولا خامسة معهنَّ.

فإن قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نص لنا أبا بكر بعينه واسمه ونسبه.

قيل لهم: فما بالهم وقفوا عنه ثلاثة أيام يشاورون فيه، وقد سماه رسول الله باسمه ونصبه بعينه، وما بال أبي بكر، قال لهم: أنا أرضى لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أحدهما أبا عبيدة بن الجراح، أو عمر بن الخطاب ؟ فقال أبو عبيدة وعمر لسنا نفعل ولا نبايع أحداً إلا أنت، ابسط يدك حتى نبايعك. فبسط يده فبايعاه. فسماه رسول الله صلى الله عليه وآله باسمه ونصبه بعينه ؟! وهو يقول: بايعوا أبا عبيدة أو عمر! هذا خلاف ما فرض الله عليهم، أن يكون رسول الله سماه وهم يتشاورون فيه! وهو أيضاً يسمي لهم وينص على من لم يُسَمِّه رسول الله ولم يرضه لهم!! ولا يجوز في فريضة الله خلاف ما فرض. مع أنهم إن كانوا تركوا رسول الله صلى الله عليه وآله لشكٍ منهم في قوله كفروا، وإن كان لخلافٍ منهم فقد عاندوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن عاند رسول الله فقد كفر.

وإن قالوا: لم يكن وقوفهم تلك الثلاثة الأيام لشكٍ منهم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم! ولكنهم وقفوا ليجتمع الناس مَن غَابَ وحضر.

قيل لهم: أَوَ كذلك فرض الإمامة الوقوف والتشاور بعد الاسم والنص ؟!

فإن قالوا نعم.

قيل لهم: فهل يجوز لهم أن يحولوا هذه الفريضة عن جهتها ؟

فإن قالوا: لا يجوز لهم.

فهل أدَّى أبو بكرٍ هذه الفريضة كما أمر الله ؟!

فإن قالوا: نعم. وسمى لنا عمر ونصبه بعينه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قيل لهم: فما بالكم لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر بعد النبي عليه السلام ؟!

فإن قالوا: لأن ذلك جائزٌ لنا.

قيل لهم: فقد نقضتم قولكم لا تُغيَّر الفريضة. وهذا نقض الفريضة التي فرض الله ورسوله لكم في أبي بكر، إذ لم تشاوروا في عمر كما تشاورتم في أبي بكر. ولم تشاوروا في قول أبي بكرٍ، كما تشاورتم في قول النبي صلى الله عليه وآله.

فإن قالوا: لأن المشورة إليهم.

قيل لهم: فأيهما أوثق في قوله، النبي صلى الله عليه وآله أم أبو بكر ؟!

فإن قالوا: أبو بكر كفروا! وإن قالوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوثق.

قيل لهم: ما أَبْيَنَ نفاقكم، إنكم تقولون النبي أوثق وأنتم تشاورون بعده. وأبو بكر عندكم ليس بأوثق من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنتم لا تحتاجون بعد قوله إلى المشورة. فقد لزمكم أن أبا بكر عندكم أوثق من النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن أوثق الأوثاق الذي لا تَشَاوُرَ في قوله. وهذا التناقض من الكلام غير معقول، ممن قاله ولا مقبول.

ويُسألون أيضاً: هل كان لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة، كما أدى رسول الله صلى الله عليه وآله في أبي بكر، وكما أدى أبو بكرٍ في عمرَ ؟!

فإن قالوا: لا. صيَّروا لعمر ديناً على حدة. وإن قالوا: لله على عمر أن يؤدي فريضة الإمامة على مثل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله.

قيل لهم: فَلِمَ جعلها عمر شورى بين ستة ؟! وإنما كان فعل النبي صلى الله عليه وآله في أبي بكر، كما زعمتم أنه سماه باسمه ونصبه بعينه! وكذلك فِعلُ أبي بكر في عمر، كما زعمتم.

فإن قالوا: لأن الخلاف في هذه الفريضة جائز.

قيل لهم: فقد نقضتم قولكم، حيث زعمتم أن فرائض الله لا يجوز تحويلها عن جهاتها. ونحن نراكم تقولون في أوكد الفرائض إنه يجوز أن يُخَالَفَ فيها الله ورسوله!!

ويسألون ما تقولون، هل جعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الإمامة شورى بين ستة ؟

فإن قالوا: نعم . كذَّبَتْهُم الأمةُ ! وإن قالوا: لم يجعل فيها شورى.

قيل لهم: فهل جعلها عمر شورى بين ستةٍ ؟

فإن قالوا: لا.

قيل لهم: فقد خالف عمر النبي صلى الله عليه وآله؛ لأن النبي جعلها شورى، ولم يجعلها عمر شورى. وتكذبهم الأمة أيضاً أن عمر لم يجعلها شورى، وكفى بتكذيب الأمة حجة عليهم.

وإن قالوا: نعم قد جعلها عمر شورى بين ستةٍ.

قيل لهم: فمن كان أوثق في فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم عمر ؟!

فإن قالوا: النبي صلى الله عليه وآله أوثق في فعله.

قيل لهم: فَلِمَ خالف عمر الفرض في الإمامة أن يتبعوا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: ﴿ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ [الحشر: 7] ؟! فإن قالوا: كلٌ صوابٌ وتوفيق. شَبَّهوا فعل عمر بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطوه من التوفيق مثل ما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه خالفَ رسول الله صلى الله عليه وآله في فريضة الإمامة، وكان خلافه فيما أمر الله به صواباً وتوفيقاً.

ويقال لهم: أخبرونا لو أنَّ عمر عمد إلى صلاة الظهر فجعلها خمساً كان ذلك جائزاً ؟!

فإن قالوا: لا.

قيل لهم: وَلِمَ ؟!

فإن قالوا: لأن الفرائض لا تُغيرَّ، ولا يجوز أن يُصيَّرَ ما جعل الله أربعاً خمساً.

قيل لهم: كيف جاز لعُمر في فريضة الإمامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله نَصَّ أبا بكرٍ، وأن أبا بكر نص عمُرَ، وأن خالفهما جميعاً فجعلها شورى بين ستة، فهذا خلاف فريضة الله ورسوله. وعمل بخلاف ما فَعَلاه.

وإن قالوا: إن ذلك جائزٌ في الإمامة ولا يجوز في غيرها. نقضوا قولهم في أول المسألة إنه لا تُغيَّر فرائض اللهِ. وصاروا إلى أن فرائض الله يجوز تغييرها. ويلزمهم في ذلك إن جاز في بعضها، جاز في كلها، حتى لا يبقى دينٌ إلا غُيِّر!! وهذا فاسدٌ منكسرٌ على من قال بهذه المقالة في فرض الإمامة أنه نص أبا بكر!!

ويسأل الذين قالوا: فرض الإمامة شورى بين المسلمين، ما تقولون: كيف فرض الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

فإن قالوا: جعلها شورى بين المسلمين.

قيل لهم: وما الدليل على ذلك ؟

فإن قالوا: قول الله بتارك وتعالى: ﴿ وأمرهم شورى بينهم﴾ [الشورى: 38]. فلذلك فعلوا في أبي بكر ما فعلوا، حيث أقاموا ثلاثة أيامٍ يتشاورون فيه حتى أقاموا أفضلهم، يقال لهم: فهل يجوز لأحد أن يُحَوِّل هذه الفرضة فيجعلها على خلاف ما فرضها رسولُ الله صلى الله عليه وآله.

فإن قالوا: نعم. نقضوا قولهم، وفارقوا الإجماع في أنه لا تُحَوَّل فرائض الله. ولو جاز ذلك لجاز أن يجعل الظهر خمساً والعصر ستاً، والمغرب ركعتين، وكذلك الفرائض. وهذا نقضٌ لدين محمد عليه السلام.

وإن قالوا: لا يجوز في الإمامة تغييرٌ، ولا خلافٌ لقول رسول الله صلى الله عليه وآله.

قيل لهم: فما بَالُ أبي بكر لم يجعلها شورى بين المسلمين كما جعلها النبي عليه السلام ؟!

فإن قالوا: لأن خلاف أبي بكر صوابٌ.

قيل لهم: وكذلك خلاف عمر صوابٌ، وكل من يأتي بعدهما إلى يوم القيامة، يخالفون رسول الله وأبا بكر وعمر، وجميع الأئمة.

فإن قالوا: ذلك جائزٌ.

قيل لهم: وكذلك جميع الفرائض!

فإن قالوا: لا.

قيل لهم: لِمَ لا يجوز وقد جوزتم في بعضٍ ؟! ولا حجةَ لهم!

وإن قالوا: يجوز. لزمهم نقض الدين كله. فإذا اضطروا أنه لا يجوز إلا الشورى، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله لزم أبا بكرٍ أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث استخلف عمر ونصبه بعينه، ولم يجلها شورى بين المسلمينَ كما جعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

[وخالف عمرُ رسولَ الله وأبا بكر] حيث جعلها شورى بين ستة، فلا هو اقتدى برسول الله صلى الله عليه وجعلها شورى بين المسلمين، ولا هو اقتدى بأبي بكر فنص بعده رجلاً كما نصه أبو بكر بعينه واسمه. وهذه فريضة متناقضة. لأنا وجدنا أبا بكر لم يتبع فعل النبي عليه السلام في فريضة الإمامة، إذ زعمتم أنه جعلها شورى بين المسلمين، وكذلك عمر جعلها شورى بين ستةٍ. فكل واحدٍ منهما قد خالف صاحبه، وخلافهما جميعاً خلافٌ لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن كان صواباً ما خالفا به رسول الله في الدين قاسوا أبا بكر وعمرَ برسول الله عليه السلام، وزعموا أنه يجوز لكل واحدٍ منهما خلاف صاحبه، وأنه يجوز لهما أيضاً خلاف رسول الله، فإن قالوا: ذلك لا يجوز لهما. فقد ابتدعا في الاسلام ما لم يكن لهما.

ويُسألون عن فعل أبي بكرٍ وعمر في الإمامة، كان أصْوَبَ أم فعل النبي ؟!

فإن قالوا: فعلُهما. كفروا!!

وإن قالوا: فعل النبي عليه السلام أصوب.

قيل لهم: فأيهما كان أولى بأبي بكر وعمر يقتديان بالنبي أم لا يقتديان به ؟

فإن قالوا: يقتديان بالنبي خير لهما.

قيل لهم: فحيث خالفا النبي عليه السلام في الإمامة اقتديا به أم لم يقتديا به ؟!

فإن قالوا: لا. بل اقتديا. خالفوا أن تكون الشورى بين المسلمين مثل الشورى بين ستة، وأن تسمية أبي بكر لعمر وحده هي شورى بين المسلمين. وهذا المحال من الكلام.

وإن قالوا: لم يقتديا بالنبي ولو اقتديا به كان خيراً لهما.

قيل لهم: أفيجوز لهما ما فعلا أم لا يجوز ؟

فإن قالوا: نعم. هذا جائز لهما.

قيل لهم: أفصوابٌ ذلك أم خطأ ؟!

فإن قالوا: بل خطأ. لزمهم أنه يجوز أن يُخَالَفَ رسول الله صلى الله عليه وآله. وإن زعموا أنه صوابٌ فقد زعموا أن خلاف النبي عليه السلام صوابٌ. وهذا ما لا يقول به أحدٌ من المصلين. وزعموا أن أبا بكر وعمر جائزٌ لهما أن لا يقتديا برسول الله صلى الله عليه وآله. وهذا شر ما أضيف إليهما تركُ الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله.

وقال بعضهم: إذا كانت الشورى بين المسلمين فليس بمتناقض إنما هو ما رأى المسلمون، إذا أجمعوا على أن يُصيِّروا رجلاً بعينه، وأن يجعلوه بين ستةٍ فهو ما فعلوا، فلهم ذلك، وليس في هذه الفريضة تناقض، إنما كان الأمر شورى.

فيقال لهم الشورى من الجميع أم من بعض ؟!

فإن قالوا: من الجميع. قيل لهم :فكيف جعل أبوبكر عمرَ بغير شورى بين المسلمين ؟! وقد وجدناهم يقولون ننشدك الله أن تستعمل علينا عمر فإنه فظ غليظ. فقال: أتخوفونني بالله، أقيموني فلما أقاموه، قال اللهم إني إذا لقيتك قلت استعملت عليهم خيرَ خلقك. والدليل على أنها لم تكن شورى أنه ساعة مات أبو بكر كان الخليفة من بعده عمر. وقد أجمع الناس على هذا. وقد أقاموا بعد رسول الله ثلاثة أيام يشاورون في أبي بكر. إلا أن يكون عمر بَانَ من الفضل بما لم يكن بَانَ به أبو بكر عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم!! فإذا انكسر هذا لم يكن يجوز لأبي بكر أن يقدم عمر إلا بشورى، ولا يجوز له ذلك دون المسلمين جميعاً.

وكذلك أيضاً يلزمهم في ستة دون المسلمين . فيلزمهم إن كانت إصابة الإمامة لا تكون إلا بالشورى من الجميع، أن الذي فعل أبو بكرٍ خطأ، وأن الذي فعل عمر خطأ، وإن كانت الشورى بين ستة كما فعل عمر فقد أخطأ أبو بكر، وإن كانت كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد أخطأا جميعاً!

ويسأل الذين زعموا أن فريضة الإمامة من رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي بكر بالصفة والدلالة، وأنهم إنما أقاموا أبا بكر بتلك الدلالة، مثل قول النبي صلى الله عليه : (صل بالناس). ومثل: يوم بدر أقعده معه في العريش، وكان مجلسه عن يمين رسول الله عليه السلام. قالوا بهذه الصفات اختاروا أبا بكر.

قيل لهم: فما بَالُ أبي بكر لم يدل على عمر بالصفة حيث سماه لهم باسمه ونصبه بعينه، وأقامه بعده، كما دلَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي بكر ؟! ولا يجدون إلى دفع ذلك سبيلاً. وهذا خلاف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفرض فريضة بالدلالة، ويجعلها أبو بكر بالنص وكذلك عمر أيضاً جعلها شورى. وهذا ما لا يجوز، أن يحوّل فريضة من فرائض الله عن جهتها، وإن جاز أن يُخالَفَ رسول الله صلى الله عليه وآله في فريضة واحدةٍ، جاز أن يُخالَف في سائر الفرائض، حتى تعطل جميع فرائض الله، وتحدث فرائض أخرى.

وإن قالوا: لا يجوز هذا إلا في فريضة الإمامة. سُئلوا الدليل على ذلك ؟

وكذلك أيضاً إن قالوا: الإمامة سنةٌ على مثل قياس الفريضة، فإن جوزوا تبديل سنن الله وسنن رسوله صلى الله عليه وآله، مثل صلاة الوتر بالنهار، وزكاة الفطر في الأضحى، وصلاة العصر في وقت المغرب، وصلاة الصبح في وقت العتمة، حتى تبطل جميع سنن الله.

فإن قالوا: لا يجوز تحويل السنة إلا في الإمامة. سئلوا الدليل على ذلك ؟ ولا يجدون إلى ذلك سبيلاً. ويلزمهم من ذلك مثل ما لزمت الحجة في مسألة الفريضة.

وإن قالوا: إن الإمامة تطوع. لزمهم أن سننَ الله وفرائضه لا تقوم إلا بالتطوع. وهذا ما لا نحب لأحد أن يقوله.

ويُسأل الذين يزعمون أن الإمامة لا تكون إلا بالشورى من جميع المسلمين، يقال لهم: أخبرونا عن الشوررى، في الأمة جميعا أم في كل جنسٍ، أم في الفاضل أم لا تكون إلا في جنس واحدٍ؟

فإن قالوا: لا تكون إلا في جنس واحد. نقضوا قولهم إن الشورى لا تكون إلا بالمسلمين جميعاً.
وإن قالوا: لا تكون إلا من الأجناس جميعاً.

قيل لهم: فما بَالُ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يُدخلوا معهم في الشورى غيرهم ؟ وما بَالُ عمر لم يجعلها في الأجناس جميعاً ؟ وما باله لم يجعلها شورى بين المسلمين كلهم ؟ وهذا متناقض لا يستقيم. فأي ذلك قال انكسر عليه حتى يرجع إلى أهل الحق!

واعلم أن أَفْرضُ الفرائض وآكدها فرضٌ الإمامة؛ لأن جميع الفرائض لا تقوم إلا بها. ولا يجوز تبديل فريضة الإمامة بوجهٍ من الوجوه، لأن فيها من الإفساد ما ليس في غيرها.

وإن سألوا فقالوا: ما تقولون في الإمامة فريضة هي، أم سنة، أم تطوع ؟

قيل لهم: بل أَفْرَضُ الفرائض، وآكده في الفرض.

فإن قالوا: هل يجوز أن يخالَف في هذه الفريضة ( بوجه من الوجوه ؟

قيل له: لا. لأنه لو جاز أن يخالف فريضة لجاز أن يخالف الفرائض ) كلها ؟

فإن قالوا: فما وجه الإمامة عندكم ؟

قيل: وَجْهُ الإمامة موضع الإختيار من الله معدن الرسالة ليكون الموضع معروفاً. والدليل على ذلك أن الإمامة موضع حاجة الخلق، فلا يجوز أن تكون في موضع غير معروفٍ، إذاً بطلت الحاجة وضاع المحتاجون، وإذا كان ذلك كذلك فسد التبيين، ودخل الوهنُ في الدين؛ لأن الله تبارك وتعالى، وضع الأشياء موضع الحاجة، ووضع للمحتاجين ما فيه صلاحهم. ولو لا ذلك لفسد التدبير، وهلك الخلق.

والدليل على ذلك أن الله بعث الرسل لحاجة الخلق، ليبين لهم ما فيه صلاحهم، وإذا لم يبين لهم ما فيه صلاحهم هلكوا. فلذلك قلنا: لا يجوز أن تكون الإمامة بعد النبوة إلا في موضع معروفٍ لحاجة الخلق إليها، وإلا فسد التدبير وضاع الخلق.

ومما يصدق قولنا أن الإمامة موضع حاجة الخلق، وأنه لا غناء بالناس عنه، قول الله تبارك وتعالى في كتابه: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾ [النساء: 59]. وقوله: ﴿ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾ [النساء: 59]. فأمر بطاعةِ معلوم غير مجهول، وأوجب على الخلق ثلاث طاعات ترجع إلى طاعة واحدةٍ، وهي طاعة الله عز وجل. وأنه لا غناء بالناس بعد الرسول صلى الله عليه وآله من الإمام، وإلا سفكوا الدماء وانتهكوا المحارم، وغلب القويُّ الضعيف، وبطلت الأحكام والحدود، وحقوق اليتامى والمساكين، ورجع الدِّين جاهلية. فلذلك قلنا إن الإمامة لا تكون إلا في موضع معروف، حتى متى قصدوا إلى ذلك الموضع وجدوا حاجتهم، وإلا اختلفوا وهلكوا.

فإن قالوا: بينوا لنا وجه الفريضة ؟

قيل لهم: الوجه على مثال قياس الفرائض كلها، يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه عليه السلام أن ينص رجلاً بعينه من موضع معروف، ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم به عارفون في النسب والتقى، ليكون موضع القنوع حتى لا يقول أحدٌ أنا أولى. كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه. وكذلك الإمامة في أرفع المواضع، وهو معدنُ الرسالة لقطع الحجة.

والدليل على ما قلنا أن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة، ووقع الاختلاف، وفي الاختلاف إبطال الدين.

فإن قالوا: إنك ادعيت أن الإمامة بخبر من رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينص رجلاً بعينه، فإذا قبض النبي انقطع الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله فقد تغيرت الفريضة عن جهتها ؟!

قيل لهم: من هاهنا غَلِطتُّم. إن الفرائض كلها على مثل ما أخبرناكم، تنزل الآية في الشيء بعينه حتى تُؤدَّى تلك الفريضة ( في كل زمان على مثل الخبر الذي أنزل الله في الشيء بعينه، حتى تؤدى تلك الفريضة ) على تلك الجهة وإنما عِبْنَا على من قال بخلافنا أنهم غيروا الفريضة عن جهتها، فجعلوها مرةً نصاً في رجل بعينه، ومرةً شورى، ومرةً بين ستةٍ. وإنا قلنا نحن: لا تكون إلا على هيئة واحدةٍ. ألا ترى أن صلاة الظهر نزلت في يوم من الأيام جمعةً أو سبتاً أو أحداً أو غير ذلك من الأيام مسمىً باسمٍ، ثم هي في الأيام كلها على هيئة واحدة لا تُغيَّرُ.

وكذلك قلنا في رجل بعينه في ذلك الزمان ثم في كل زمانٍ في رجل واحدٍ، ولو كانت الأسماء مختلفة والقرابة والتقى والفضل واحدٌ، فهذا قياس ما قلنا، فافهموا مغاليط أهل الخلاف. وكذلك على الناس أن يؤدوا جميع الفرائض على مثل هذا القياس. وكذلك الإمامة في أبرِّ الخلق وأتقاهم، وأن يؤدوا هذه الفريضة حيث أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فإن قالوا: فقد زعمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصه بعينه، كذلك قلنا: نحن بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن لنا صفته. فوجدنا أبا بكر في تلك الصفة، فَلِمَ عبتم علينا ؟!

قلنا لهم: لأنا ادعينا أن الله تبارك وتعالى أنزل الآية والموصوف موجودٌ. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بإقامته للناس باسمه وصفته. وقولنا: أولى من قولكم إن الناس كانوا أولى بأن يخرجوا الموصوف. وأنتم إن أبطلتم بألفاظكم هذا، فقد يدل فعالكم عليه، حيث زعمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يسمه باسمه، ولم ينصبه لهم، إنهم حيث سموه وأقاموه بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا توفيق من الله بعد النبي صلى الله عليه وآله ما لم يُبَيِّن لهم في حياته. ونحن قلنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أولى بأن يبين الاسم والصفة؛ لأن البيان من رسول الله صلى الله عليه وآله ليس كالبيان من غيره. فمن هاهنا قلنا إن رسول الله صلى الله عليه وآله نصبه باسمه ونسبه.

فإن قالوا: إنا قد نراكم رجعتم إلى قولنا في الصفة والاسم بعد الأول أيضاً بالصفة، فما الفرق بيننا وبينكم ؟

قيل لهم: إن اسم رجل بعينه لا يكون للناس كلهم، ولكن يكون النسب والفضل واحدٌ. وأنتم زعمتم أن الاسم والنسب مخالفٌ. فهذا الفرق بيننا وبينكم في الدعوى.

فإن قالوا من أين ادعيتم أنه معدنٌ واحدٌ دون المعادن كلها ؟

قيل لهم: لأنه لو كانت معادن مختلفة لم يجز أن يكون الأمر إلا بالشورى. ولا تجوز الشورى إلا في القبائل التي تجوز لهم الإمامة. فإذا ذهبوا إلى أن يجمعوا أهل الشورى من كل قبيلة، لم يجز إلا أن يختاروا من أهل الاسلام جميعاً، وإذا كان ذلك لم يجز إلا جمعهم من الآفاق كلها جميعاً، مع أنه لا يكون ذلك إلا برضاهم جميعاً، ولو جاز اجتماعهم اختلفت هممهم أن يكون الأمر فيهم. وفي اختلاف هممهم ومشاورتهم منازعة، لأن كل قومٍ يقولون: لهم فضل الإمامة؛ لأن البنية على هذا. فإذا وقعت المنازعة وقعت الفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقع الحرب، وإذا كان ذلك تفانوا. فإذا ما وقعوا فيه من الشر والفساد أعظم مما طلبوا من الصلاح في طلب الإمامة، ولم يكن الله تبارك وتعالى يفرض عليهم فريضةً يريد بها صلاح عباده، فتكون تلك الفريضة عليهم وبالاً وهلاكاً وفساداً. مع ما يدخل من النقص في التوحيد والرسالة، فمِن قِبَل ذلك قلنا: لا يجوز إلا أن تكون في مكانٍ معروفٍ.

فإن قال قائلٌ: إنما جعل الله الإمامة في قريش وهي معروفةٌ، فما دليلكم في الموضع الذي تدَّعون ؟

قيل لهم: لأنكم إذا ادعيتم أنها في قريش دون غيرها كانت الحجة لنا عليكم، ولقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا غيرها. فإن كان ما قلتم حقاً فنحن أولى بما ادعينا من القرابة؛ لأنهم أقرب برسول الله من موضعكم الذي ادعيتم وأبينُ فضلاً.

واعلم أنه لا يجوز أن يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وآله مَن إذا قضى بقضية أو أحدث حدثاً مما لم يأت عن الله ولم يحكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وراجعه فيه من هو أعلم منه بالله رجع عن حكمه واعتذر، وكان قوله: ( عَلَيَّ شيطانٌ يعتريني، فإذا رأيتم مني ذلك فاجتنبوني لا أبدر في أشعاركم وأبشاركم ) فهذا لا يصلح للإمامة، ولا يجلس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولا من كان إذا حكم بحكم فقيل له أصبت يا أمير المؤمنين يعلوه بالدرة، ويقول: ( لا تزكونا في وجوهنا فوالله ما أدري أصبتُ أم أخطأت، وما هو إلا رأي رأيته من نفسي ). فيخبرهم أنه لا يدري أصاب أم أخطأ، وهم يشهدون له أن ( السكينة تنطق على لسانه ). يخبرون عنه بخلاف ما يخبر عن نفسه، ويجعلون له من التوفيق ما يجعلون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وإنما يصلح للإمامة ويخلف النبي صلى الله عليه وآله في أمته، من كان إذا صعد المنبر يقول: (سلوني قبل أن تفقدوني، فعندي علم المنايا والقضايا، والحكمة والوصايا، وفصل الخطاب، والله لأنا أعلم بطرق السماء من العالم منكم بطرق الأرض، وما من آية نزلت في ليلٍ ولا نهارٍ، ولا سهلٍ ولا جبلٍ إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وفيما أنزلت، ولقد أسرَّ إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكنون علمه ألف بابٍ يفتح لي كل بابٍ منها ألف باب، نحن النجباء، وأبناء النجباء، وأنا وصي الأوصياء، وأنا من حزب الله وحزب رسوله، والفئة الباغية من حزب الشيطان والشيطان منهم، وأفراطنا أفراط الأنبياء ولا يقوم أحدٌ يسأل عن شيء إلا أخبرتُه به غير مُتريِّث) والله تعالى يقول: ﴿ أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ﴾ [يونس:35]. والإمامة لا تكون إلا في موضع الطهر، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وجوهر النبوة ﴿الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ﴾ [الأحزاب: 33] وأمر بمودتهم بعد نهيه عن مودة مَن حآده، وليس يخالف الحق إلا أهل العناد لله ولرسوله، والبغي والحسد والجهالة، ممن لا رَوِيَّة له من المرجئة، والقدرية، والنواصب، وجميع الخوارج، ممن خالفنا أو حاد عن الحق، وقال برأيه، وقد فسرنا في كتابنا هذا ما يدخل على من خالفنا ما يستدل بدونه مَن نصح لنفسه، وترك المحاباة على ما سبق إلى قلبه، فمَن فهم بعض ما وصفنا، دَلَّه على كثير مما يريد وبالله نستعين، وعليه نتوكل وإليه نفوض أمورنا مستسلمين له، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وأهله وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم

الصارم
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 315
اشترك في: الثلاثاء مارس 14, 2006 1:42 pm
اتصال:

الشيخان

مشاركة بواسطة الصارم »

السلام عليمكم ورحمة الله وبركاتة

حياكم الله

انا الان في اول يوم لي في المشاركة في هدا المنتدئ الدي لطالما بحثت عنة لم احتاج من معلومات عن الزيدة حيث واني زيدي يمني

المهم اول رسائلة سوف تكون اني ارغب بالتعرف على الاخ الغيل ومعاد حميد الدين ولاني ليس لي الوقت الكثير سوف اكتب رسالة عامة

حيث واني لست في اليمن ولكن في المانيا

لدا من وجد الرسالة اولان فل يرسل لي عىل الاميل hssanwfaّ hotmail .com

اخوكم بني هاشم [/quote][/i][/b]

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الإستفسارات“