مواجهة الفكر بالحرب.. الخوف من الصحوة الزيدية (1-2)

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مواجهة الفكر بالحرب.. الخوف من الصحوة الزيدية (1-2)

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

مواجهة الفكر بالحرب.. الخوف من الصحوة الزيدية (1-2)


الأربعاء 4/5/2005 الشورى الكاتب عبد الفتاح الحكيمي
(الاهداء.. الى المفكر الكبير الأستاذ فهمي هويدي)

على خط المواجهة بين السلطة وقبائل صعدة مؤخراً والشباب المؤمن العام الماضي يونيو 2004م دخل الفكر الشيعي الزيدي بصورة مباشرة ضمن ادوات النزاع، ربما باعتباره احد الهواجس الخفية التي دفعت بالسلطة الى موقع التخندق والتهيئة لمنازلة جلفة خرجت بها عن حدود العقل والمعقول الى انهار من الدماء.
ادركت السلطة منذ وقت مبكر من يناير 2003م عندما خططت لتصفية العلامة المجدد حسين بدر الدين الحوثي انها سوف تحشر نفسها بلاضرورة في مواجهة غير متكافئة، ستكلفها الكثير من اهل المذهب الزيدي كلهم، وهم يمثلون %50 من سكان البلاد.
وحصلت في الوقت نفسه على غطاء الشرعية المذهبية للمواجهة.
تأسست فكرة السلطة للتخلص من جماعة الشباب المؤمن اذن باتجاهين:
الاول: عزل الجماعةعن انتمائها للمذهب الزيدي الشيعي حتى لايقال ان الرئيس تنكر للمذهب الذي كان ينتمي اليه وانه يسعى لالغائه ومواجهته.
الثاني: عزل الجماعة عن الشارع فالالتفاف الشعبي حولها، خصوصا في اوساط الشباب الذين وجدوا في (الشباب المؤمن) الروح الجديدة للتعبير العقائدي السياسي الرافض للسياسة الامريكية في البلدان الاسلامية، ومنها اليمن.
وكلما توسعت خارطة الجماعة ودعوتها تراجعت شعبية الرئيس بين اتباع الزيدية مع مواقفه العملية المعلنة المتوائمة مع النهج الامريكي في المنطقة، خصوصا بعد احداث 11 سبتمبر 2001م، وتوقيع السلطة اتفاق الشراكة مع واشنطن فيما يسمى بـ(مكافحة الارهاب) اواخر نوفمبر 2002م، وهي الفترةا لتي تحولت معها جماعة الشباب المؤمن من فئة مذهبية عقائدية تتشيع للزيدية وتوالى آل البيت الى جماعة سياسية ثقافية ناشئة لها رؤيتها ومواقفها من الاحداث والقضايا والتحولات الفكريةالتي تمس هوية الشخصية اليمنية الاسلامية في الصميم.. وفي مقدمة ذلك التدخل المباشر في اعادة صياغة مناهج التعليم والتربية الاسلامية برؤية أمريكية تلغي الخصوصية الثقافية وتنتهكها.
مع الانتقال الفكري للجماعة في تبني قضايا راهنة جديدة فقد ميزت تمامآً بين رفضها المطلق والمشروع للتدخل السياسي الامريكي في خصوصيات الشعوب، وبين عدم رفض الشباب المؤمن لكل ماهو امريكي بالضرورة الا من باب رفض الوصاية والهيمنة الامريكية على الشعوب الاسلامية، تتضح اهداف الجماعة بجلاء من خلال الشعار الذي اطلقته بكثرة، من محافظة صعدةالى صنعاء ومناخة وعمران وذمار وحجة منذ يناير 2003م (الله اكبر.. الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للاسلام)، مايؤثر في توجهات السلطة السرية للتطبيع مع اسرائيل.
فالشعار يوائم بين امريكا وإسرائيل الى درجة (التوأمة) بما يعني ان الموقف يناهض سياسة أمريكا الداعمة لبقاء احتلال فلسطين، وماتبع ذلك من تمادٍ اسرائيلي وحشي في استئصال وقتل وتشريد اصحاب الحق بعد احداث ال11 من سبتمبر 2001م، بدعوى مكافحة الارهاب الفلسطيني، ممثلا بالمقاومة الاسلامية، وماتلا ذلك من غزو افغانستان في 7 اكتوبر 2001م واحتلال العراق في 9 ابريل 2003م وماتبعه بسقوط نظام صدام حسين من انفراد اسرائيلي بالفلسطينيين وتجاهل امريكا لحقوقهم بعد وقوع بغداد سياسيا بيد الاحتلال.
يستطيع القارىء المحايد للاحداث والمغيرات الدولية الاستنتاج بان جماعة الشباب المؤمن في اليمن في ادبياتها الفكرية المعلنة لاتحمل الضغينة الايديولوجية العقائدية التاريخية للامريكان، بل هي ضد سياسة الاستعلاء والممارسة العملية التي ينتهجها الامريكان بمؤازراتهم للطغيان الاسرائيلي، وتدخلهم في إعادة توجيه وتكييف مناهج التعليم والتربية الاسلامية في اليمن وغيرها، وبتعبير واداوت سلمية يكفلها الشرع الاسلامي الحنيف والقانون الوضعي.
وتتلخص مواقف جماعةالشباب المؤمن السياسية في قضيتين:
القضية الاولى: استنكار انحياز ودعم امريكا للاسرآئيليين ضد حقوق الشعب الفلسطيني العادلة في حياة كريمة وحرة، ودولة مستقلة.
القضية الثانية: التمسك بالهوية الاسلامية المستقلة في تطوير مناهج التعليم في اليمن وغيرها.
فوبيا الامريكان

عندما شخص العلامة المجدد حسين بدر الدين الحوثي ازمة الثقافة الاسلامية المعاصرة في اليمن والبلدان الاخرى لخصها في جملة واحدة بليغة وهي (ابتعاد الامةعن ثقافة القرآن وعدم تدبره).
لكن السلطة كانت تعاني من مرض رهاب الامريكان او (فوبيا الامريكان)، فعندما توجهت احدى المظاهرات بعد صلاة الجمعة 9 مارس 2003م للتنديد بالتهديد الامريكي لاجتياح العراق، سارعت السلطة باتهام الشباب المؤمن بالوقوف وراء المظاهرة وقال الرئيس يوم 2004/7/3م (عندما حصلت المظاهرة على السفارةالامريكية مازهدنا الا وهم في المقدمة).
وتحدث الرئيس بعد ذلك عن الثمن الكبير الذي دفعته اليمن جراء ترديد شعارات (الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل) بعد صلاة الجمعة اعتبارا من يناير 2003م،وسقط 4 قتلى في مظاهرة الجمعة الدامية امام السفارة الامريكيةعلى ايدي الامن الحكومي، لكن السلطة زجت باسم الشباب المؤمن عنوة دون دليل، على الرغم من أن التظاهر تعبير سلمي لايحتمل ارتفاع درجة هلع السلطة من الامريكان، وزاد سقوط الرئيس صدام حسين بعد شهر على المظاهرة من سيطرة مرض الفوبيا على السلطة في اليمن، وان وجود اي مظهر للتعبير السلمي الرافض لسياسة امريكا الجديدة يعني عند الرئيس نهاية السلطة في اليمن.
المرجح ان التهويل من ظاهرة (الشباب المؤمن) في صنعاء وصعدة ناجم عن خوف السلطة من الامريكان وليس بسبب حقيقة تأثير هذه الجماعة الفعلي، بل استمد الشباب اهميتهم المبالغ فيها عند السلطة من ارتباطهم بالمتيغرات السياسية الكبرى في المنطقة، لكنهم لم يتحولوا الى كتلة مؤثرة تحسب لها السلطة فعلا الا بعد ان اختارت هي مواجهتهم المسلحة في 18 يونيو 2004م في منطقة مران- صعدة واكراههم على حمل السلاح للدفاع عن انفسهم وزعيمهم العلامة المجدد حسين بدر الدين الحوثي في منطقة قبلية بطبعها والسلاح يباع في اسواق رسمية، يتاجر به في سوق الطلح الشهيرة بصعدة.
اع المجال امام الاختلاف الفكري الحاد بين المسلمين
حتى في ذروة الاعتقالات التي شنتها السلطة منذ يناير 2003م في صفوف الشباب المؤمن بسبب ترديد الشعار بعد صلاة كل جمعة وسجن 800 من الجماعة في البداية وطرد 500 اخرين من وظائفهم في صعدة لم يلوح الشبان باي رد فعل فوضوي او عنيف ضد السلطة، اذ التزموا الصمت والهدوء والاذعان لزعيمهم العلامة حسين بدر الدين الحوثي، فلم يتركوا للسلطة مبررات لادانتهم سياسياً اوا منيا رغم الضرر المعنوي والمادي الفادح الذي لحقهم. الا ان صبر السلطة بدأ ينفد من اوائل مايو 2004م بزعم ان الشباب بدأوا يرددون في صعدة حديث (لا طاعة في معصية الله) ونطيع الحاكم ما اطاع الله ونعصيه ماعصى الله، ولم تأبه السلطة الى ان رد الفعل الطبيعي هذا نجم بفعل سياسة العقاب الجماعي المكثف التي اتبعتها، في سجون الامن السياسي لمئات الاشخاص الذين امضوا اكثر من عام ونصف في الزنازن من يناير 2003م بسبب ترديد شعار (الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل) الا ان السلطة تطلب لنفسها الطاعة والتوقير دون اكتراث منها بحقوق وكرامة الاخرين.. وهي فترة كبيرة بكل المقاييس الاخلاقية والقانونية لاناس يمضون شبابهم في السجون دون تهمة او قضية او محاكمة.
وبالفعل اظهر الامريكان تخوفهم من ترديد الشعارات، خصوصا بعد تنديد مواطني صعدة بزيارة السفير الامريكي السابق في النصف الثاني من عام 2003م، لكن الصلابة التي ابداها الشبان في ثباتهم على المبدأ ورفض خروجهم من المعتقلات مقابل تحريرهم تعهدات بعدم ا لعودة الى ترديد الشعارات، يفقد السلطة رشدها، وربما جعلها تعيد الحسابات بتصعيد اسلوب التعامل مع الشباب المؤمن وزعيمهم، الامر الذي ارتبط بدرجة معينة بعودة الرئيس علي عبدالله صالح من امريكا بعد حضوره (ضيفاً) على قمة الدول الثماني في سي آيلاند 2004/6/10-8م واللقاءات التي اجراها مع مدير جهاز الـ(سي. آي. إيه) بعد القمة، وبحسب باحث امريكي زار اليمن في فترة اندلاع الاحداث قال في مقابلة شخصية (من المحتمل ان جهاز الـ(سي. آي. إيه) ناقش مع الرئيس صالح موضوع جماعة الحوثي، لكنني استبعد انه تلقى توجيهات او طلبات بالضربة العسكرية).. والمرجح ان حضور الرئيس قمة الثماني كان ثانوياً بالنسبة الى مهمته الامنية الرئيسية، وفي 18 يونيو 2004م، بعد اسبوع على قمة الثماني، زحفت وحدات من الجيش الحكومي معززة بالأسلحة الثقيلة والطيران لضرب وتطويق منطقة مران في صعدة، حيث يقطن الزعيم الروحي لجماعة الشباب المؤمن.
قال العلامة حسين الحوثي، عقب اندلاع المواجهة الأولى بأسبوعين لصحيفة الشورى (ان الرئيس علي عبدالله صالح قام بضربنا ارضاءً لأمريكا)، وادعت السلطة بان العملية العسكرية ضد الحوثي جاءت بسبب قيام مجموعة من انصاره بمهاجمة بعض النقاط العسكرية واقسام الشرطة وقتل 4 جنود، فيمااكدت معلومات اخرى ان الجنود قتلوا على ايدي مهربي سلاح ظنوا انهم ملاحقون من قبل قوات الامن.
وبين طاعة ولي الامر التي تستجديها السلطة من الشباب المؤمن وارضاء امريكا التي اتهم الحوثي السلطة بها توزعت الاتهامات لمعرفة الطرف الذي استخدم العنف المسلح أولاً، عدا الدوافع الخاصة، الخفية والمعلنة، فثأر السلطة من الشباب المؤمن لايخفى بعد ان تحول عملها العسكري الى جريمة بهذا الحجم الذي تحصد اليمن مساوئه الى اللحظة، فالسلطة تصرفت في الاحداث بوحي ذاتي لارضاء امريكا، ولو لم يطلب منها ذلك.. وكون تصفية الشباب المؤمن والمذهب الزيدي عسكريا قد يمثل رغبة مشتركة للسلطة والامريكان، فذلك لا يعفي السلطة في النهاية، فهي مسؤولة امام الله والناس والتاريخ على غشامة ما حدث.
تغطية على النوايا
في حرب الصيف الماضي بصعدة 18 يونيو 10 سبتمبر 2004م اطلقت السلطة مجموعة من الإدعاءات لتبرير الحملة العسكرية ضد جماعة الشباب المؤمن وزعيمها ومنها ا نهم يدعون الى اقامة حكم الإمامة، وحصرالولاية في البطنين (نسل الحسن والحسين) ورفع علم حزب الله اللبناني في مران- صعدة، تشكيل مليشيات مسلحة ومقاومة السلطات. لكن حسابات السلطة الخفية نبعت اساسا من خشيتها من صحوةالمذهب الشيعي (الزيدي) وتحوله الى تيار شعبي كبير يناهض تقارب النظام مع الأمريكان ويعجل بسقوط الحكم من الداخل بكل ماللمذهب الزيدي من تأثير روحي ومبادىء اخلاقية تعبر بمضمونها ا لمتجدد عن مقتضيات المرحلة ونبض الشارع الاسلامي في اليمن، بعد ان استطاعت السلطة تدجين واحتواء التيارات الاسلامية الفاعلة، تارة كما هو حال جماعة الاسلام السياسي، وقمعها وارهابها تارة اخرى، كما فعلت مع الجماعات الجهادية والمشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، وعددهم 3000 شخص، اودعتهم السلطة زنازن المعتقلات تحت الارض من اكتوبر 2000م، بعد تفجير المدمرة كول في ميناءعدن مرورا بما رافق احداث 11 سبتمبر 2001م في نيويورك وواشنطن من توسع قائمة المطلوبين بطلب امريكي تحت بند (اجراءآت وقائية احترازية).
من مبادىء المذهب الزيدي قاعدة (جواز الخروج على الحاكم الظالم) ،وهو ما استغلته الاجهزة السرية لتضخيم ردود فعل الشباب المؤمن الطبيعية على اجراءات الاعتقال الجماعي وطرد المئات من وظائفهم باعتبار ان التذمر من السلطة الذي ساد اوساط الشباب في صعدة وصنعاء يمثل وفق المذهب الزيدي بداية الخروج على الرئيس الذي انطلت عليه (خدعة الاجهزة). وعلقت في ذهنه الفكرة اكثر عندما تباطأ العلامة حسين بدر الدين الحوثي في الوصول الى صنعاء لمقابلة الرئيس منتصف 2004م بعد وساطات، بحجة احترازه على حياته من التصفية الجسدية بطائرة امريكية بدون طيار في طريق مغادرته تماماً كما حصل ذلك لـ(ابو علي الحارثي) في نوفمبر 2002م بمارب، هذا الكلام ورد على لسان الرئيس اوائل يوليو 2004م في لقائه بعلماء الزيدية عندما قال (لم يصل حسين الحوثي إلى صنعاء وقال يخشى ان الامريكان يضربوه في الطريق).
في اوائل يونيو 2004م عندما فشلت خطابة وزير الاوقاف في مساجد صعدة بإعادة الشباب المؤمن الى (بيت الطاعة) ربما اقنع الرئيس علي عبدالله صالح نفسه ان العلامة حسين الحوثي وجماعته قرروا الخروج عليه وفق مبادىء المذهب الزيدي دون ان يكلف نفسه من باب المسئولية اطلاق سراح 800 من الشباب المعقتلين منذ عام ونصف بالضبط في زنازن السلطة..
حتى عدم طاعة الحاكم وعدم الاعتراف به من اي فرد او جماعة (سلمياً) لايقتضي اية عقوبة على اصحابه، باجماع كل اصحاب المذاهب الاسلامية، على قاعدة (الطاعة في المعروف) بينما لاتعدو مجاهرة الشباب المؤمن بعدم طاعة الحاكم، كونها مجرد احتجاج رمزي انساني على انتهاك السلطة حقوق وكرامة اقاربهم ورفاقهم في المعتقلات، دون تهمة او محاكمة، ولم يتبعوا ذلك اي عنف اومواجهة الا حينما دبرت قوات امن حكومية يوم 18 يونيو 2004م محاولة اختطاف لحسين الحوثي وقامت بمطاردة سيارة مجهولة في منطقة ضحيان بصعدة، اعتقدت انها تقل الشخص المطلوب، ثم اتضح بعد الاشتباك معها انهاتتبع مهربي السلاح الذين قتلوا أربعة من رجال الأمن.
أماكيف تداخلت المواجهة العسكرية بالفكرية وتداعياتها ومخاطرها، فذلك موضوع الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى.
لا تضق ذرعاً بحالٍ *** فالذي سواك حاضرْ *** وهو بي أرحم مني *** كلما دارت دوائرْ *** لا تخف لا تخشَ مهما *** كنتَ للرحمانِ ذاكرْ

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“