إليــك....خلف القضبــان

مواضيع سياسية مختلفة معاصرة وسابقة
أضف رد جديد
ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

إليــك....خلف القضبــان

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

بسم الله الرحمن الرحيم

إليــك....خلف القضبــان

بقلم / رضية المتوكل
أستاذي القدير شرف الدين النعمي..

صورة

شهور مرت وأنت ما تزال خلف أسوار مبنى جهاز الخوف السياسي ، تحديداً منذ ذلك اليوم الذي ارتدينا فيه نظارات بيضاء استجابة لنصيحة رئيس الجمهورية ووقفنا نتأمل أسوار المحكمة الجزائية المتخصصة التي يحاكم خلفها العالمان محمد مفتاح ويحيى الديلمي ،لا نملك شيئاً سوى الإيمان بعدالة الله والقضية ولا نتسلح بغير آيات القرآن ولوحة قماشية مكتوب عليها (( العلماء ورثة الأنبياء)) ، خذلتنا النصيحة وأصبح النفق أكثر ظلاماً لا نسمع فيه سوى دوي رصاصات أطلقت تهديداً للمعتصمين أمام المحكمة ، وكنت أنت من بين أحد عشر شخصاً تم القبض عليهم بتهمة التضامن.
لم تكن معتصماً معنا يومها ، وليس الاعتصام سبباً للاحتفاظ بك في غياهب سجون الأمن السياسي ، فلماذا اعتقلوك ؟ سؤال تحكي إجابته قصة وطن اختار قادته أن يضعوا الشرفاء في السجون ليبقى خارجها متسع أكبر للفساد.
قيل إن أمر الإفراج عنك قد صدر ، لكنه مذيل بشرط رخيص وورقة تتعهد فيها بالامتناع عن التدريس والخطابة ، لا عجب يا أستاذي فأمثالك ممن يدعون إلى ضبط النفس والحكمة في التعامل مع الأخ المسلم وإلى القوة والحزم في التعامل مع من يعتدي على الأمة من الصهاينة والأمريكان لم يعد مرغوباً فيهم على المنابر، الآن تفرض على الخطباء في صعدة خطب لا تختم بالدعاء للانتفاضة في فلسطين والمقاومة في العراق ، إنما تدعو ( لجيش اليمن) بالانتصار على من أسموهم بالرافضة ، و من هم الرافضة ؟؟ لا أدري ، ربما هم أهل صعدة الذين رفضوا الهوان و قامت جماعة منهم تهتف ( الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا) فقامت الدنيا ولم تقعد ، لقد أصبحنا في مرحلة المطلوب فيها هو الترويج لثقافة سمعتها من أفواه بعض (الداعيات الإسلاميات) وهن يفتين الناس بأنه لا يجوز الدعاء على شارون ،لأنه قد يتوب يوماً ويدخل في دين الإسلام ! هل تضحك الآن ؟ تبكي ؟ كل ردود الفعل تتضاءل أمام مصيبة كهذه . وعلى كل، سواءً وقعت يا أستاذي على التعهد بعدم الخطابة أو لم توقع فإن جامع الشهيد( عبده علي عثرب) الذي دفع كل ما يملك من مال لبنائه ومن ثم دفع دمه ليبقى منبره نظيفاً لا يعتليه إلا أنت أو أمثالك ممن لا يخافون في الحق لومة لائم قد أصبح له خطيب غيرك عينته وزارة الأوقاف ، ولا أدري إن كان خطباء وزارة الأوقاف ممن شملتهم وصية الشهيد.
كنت قد حذرتني قبل أيام من تغييبك خلف أسوار جهاز الخوف السياسي من شخصنة القضايا ووضعها في إطار ضيق ، مؤكداً على أن قضية المعتقلين من العلماء وغيرهم هي قضية دين ووطن ، وبعد أن أصبحت أنت خلف القضبان ظلت كلماتك تتجسد أمامي كلما أردت أن أكتب عنك ،فأتردد سائلة نفسي ، هل أنا مفجوعة أكثر في معلم جمعتني به حلقة علم تحفها الملائكة لأكثر من عام ، أم في مصير وطن يقذف بعلمائه وخيرة أهله خلف القضبان؟
لا أنكر أني في الفترة الأولى لاعتقالك كانت تمر بي لحظات أتمنى فيها أن أذهب للجلوس على أعتاب مبنى الأمن السياسي والبكاء كالأطفال مطالبة أشباحه بإخراج أستاذي ، لكن سياط الظلم المتزايدة على ظهر هذا الوطن جعلتني أدرك أن وجودك خلف تلك الأسوار هو حكمة أراد الله بها أن يفضح جرائم قاسية بحق الضعفاء من أبناء هذا الشعب طال جهلنا بها وسكوتنا عنها.
لقد خرج الصحفي عبد الكريم الخيواني من سجنه ليحدثنا عن ظلم ، وقهر ، وإنسانية تحتضر خلف الأسوار ، فأرهق ضمائرنا بموسم عيد يبحث فيه سجناء مقيدون بثقافة تعتبر الدموع عاراً عن فرصة يغطون فيها وجوههم ليذرفوا دموعهم خلسة ، وقد رسم بين أعيننا صورة أبدية لطاهر الحرازي الذي يرفض أن يأكل من طعام السجن ويردد بأنه متسخ من الخارج ، وأن المسؤولين والمجتمع متسخون من الداخل ، كما أن العلامة محمد مفتاح قد كتب رسالة من داخل سجنه ليجعل أيامنا ممزوجة بأنين وبكاء نزلاء جهاز الأمن السياسي فأصبحنا كأننا كلنا نزلاء الزنزانة رقم (9) نعاني البرد ونسمع أصوات القيود في أرجل سجناء خلف النسيان، أضف إلى ذلك أن الحكم الصادر على القاضي محمد لقمان ونصه و المحاكمة الهزلية لكل من العالمين محمد مفتاح ويحيى الديلمي قد وضعتنا أمام حقيقة طال جهلنا بها وتجاهلنا لها ، وهي وجود مسلسل ظلم يدار من خلال محكمة غير دستورية ، تقاد من قبل مجموعة من الفضوليين كما وصفها المحامي محمد ناجي علاو ، كما أن وجود الخيواني والديلمي ومفتاح خلف قضبان السجن المركزي قد جعلنا نعرف كيف يسمح للفكر الإرهابي التكفيري بالنمو داخله من خلال التسهيل لشخص مثل السعواني ( قاتل الشهيد جار الله عمر ) ليكون خطيباً وإماما ومعلماً داخل السجن ، كيف كنا سنعرف عن كل ذلك يا أستاذي لو لم تحسن السلطة صنعاً وتزج إليه من يملكون القدرة على توصيل أصواتهم للرأي العام؟
أستاذي .. عدد المعتقلين لأسباب لا نعرفها ، لمدة لا نعرفها ، وأحياناً في أماكن لا نعرفها يتزايد في كل أرجاء هذا الوطن فيزداد عدد العوائل المنكوبة بفقدان أفرادها ، واسمح لي أن اختم رسالتي إليك بالحديث عن ولدك المطهر ( أبن الأربعة أعوام ) كرمز لطفولة محرومة ، لقد ظل المطهر يطرد كلمة سجن كلما دخلت أذنه رغماً عنه ، ويسأل والدته بإلحاح متى يعود بابا من ( دمت)؟* لماذا طال سفره هذه المرة؟ حتى كان اليوم الذي سمح فيه لعائلتك بزيارتك فذهب إليك بصحبة جده ، فعاد من الزيارة مذهولاً لا يعرف كيف أصبح والده الذي اعتاد أن يراه خطيباً وعالماً معلماً محترماً بين الناس مسجوناً في ذلك المكان ، شكا لوالدته أن أصابعك كانت لا تزال ممسكة بالشبك وأنت تتحدث إليه عندما جاء رجل من خلفك لينتزعك بعيداً عنه ، تم شكواه واستأذن أمه ليذاكر دروسه ، لم يكن يذاكر ولكنه كان يحاول إخفاء دموعه خلف كتب المدرسة .


صحيفة صوت الشورى ، العدد (503) الاربعاء 24 ربيع الانور 1425 هـ الموافق 4مايو 2004م
-----
*( دمت ) مدينة يمنية في محافظة الضالع تكثر فيها الحمامات البخارية الطبيعة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

الشكر لك موصول أبو عز الدين على نقل هذه الرائعة :) ومرحبا بك بيننا أخا وصديقا ورفيق درب

أختي وجدان الامة

سلمت اناملكِ الذهبية وهكذا الوفاء يصنع بإهله دمتي لنا مشعلا نهتدي به في سماء هذه الظلمة

مقال صادق ولو كنت المعني به أعني لو كنت في مكان من يتخذ القرار من حكامنا أو مسؤلينا لدفنت نفسي في قبر مهجور لا يعرف ولا تصله دعوات المظلومين وكيف لي ذلك ..!!


لقد فاضت عيني فعذريني أختي فسلام الله عليكِ من اخت كريمة الاصل والمنبت وشكرا لكِ على هذا التضامن منقطع النظير مع قضايا الفكر الزيدي بل مع الاسلام وروح الاسلام والذي أنتِ أحد رموزه ودعي حدسي يعمل والسلام عليكم
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

ابو عز الدين
مشرف مجلس الفتوى
مشاركات: 416
اشترك في: السبت مارس 20, 2004 9:41 am

مشاركة بواسطة ابو عز الدين »

أولا : شكرا لك أخي محمد الغيل على ترحيبك بي

ثانيا : من يستحق الشكر هو الاخت رضية المتوكل التي ابدعت في مقالها الرائع والفذ

ثالثا : هذا واجبنا نحو فكرنا وديننا وعلينا أن نسعى بالذي نقدر عليه وهذا اقل الواجب

والسلام عليكم

حيدرة الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 144
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 4:49 pm

مشاركة بواسطة حيدرة الحسني »

الحقيقة أنه مقال رائع يعكس حال وضع مرير و مأساة اجتماعية مكررة على مدى الازمنة و تأبى سنن الله في الكون الا ان تتحقق فايشروا ان شاء الله بنصر الله و يجب علينا المحاولة في رفع الظلم سلميا و الله المستعان و اليه الشكوى
قال عبد اللّه بن بابك: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل قال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد (ص)

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس السياسي“