أصحاب مذهب (السلطة للسلطة)!
الأربعاء 27/4/2005 عبد الفتاح الحكيمي
عندما يصبح المذهب الزيدي تهمة او نَكِرَة، يحتاج الامر الى تفحص ومراجعة قبل ان نلقي بالاحكام جزافاً على الاخرين - اما ضغينة او لجهالة.
ذلك ماسوف يخرج به من قرأ المقابلة (المحاكمة) التي اجرتها صحيفة الوسط الاسبوع الماضي مع القاضي (حمود الهتار) الذي افصح عن اكتشاف اجتماعي سياسي جديد، لم يسبقه اليه احد، ويرقى الى مستوى (الفتوحات) والذي ملخصه ان صنعاء لم تعد زيدية بنسبة %90، وان صعدة كذلك لم تعد زيدية وتغيرت تركيبتها المذهبية، وبها نحو 3000 سلفي من طراز جديد في معهد دماج وهلم جرا من الفتوحات والكشوفات.
مسألة الهوية المذهبية تشغل الهتار اكثر من انشغاله بحل المنازعات والخصومات بين الناس باعتباره رئيس محكمة ا ستئناف صنعاء، الجوف بل تحول الى شخص يثير الخصومة والأحقاد المذهبية والطائفية منذ تقلد رئاسة (لجنة الحوار) المعروفة.
على الرغم انه لايهم ان تكون صنعاء زيدية او شافعية او سلفية، لكن شطحات الهتار تجاوزت حدود المعقول، دون ان تخبرنا نبوءته عن مصدر الاحصائيات والمعلومات، هل قرأ ذلك في نتائج التعداد السكاني الاخير، أم في نشرة فلكي (بيت الفقيه)، أم هي الأماني الشخصية والنزوع الكامن لالغاء الآخر ورفضه، ولو باللغو واطلاق الكلام على عواهنه.
لاتحتاج الزيدية الى من يدافع عنها او ينتقص من مكانتها ايضاً في ثقافة الحوار (الغائبة) فهي مذهب فكري اسلامي منفتح حتى على المخالفين والمتحرشين، ولا تفرض قبول مبادئها واصولها على اهل المذاهب الاخرى.
وللامانة فان المذهب الزيدي .... الاثير العقلاني لم يأخذ مكانته اللائقة بين الناس لا في المناطق التقليدية التي ظهر فيها، ولا في مناطق اليمن الاخرى مثل، تعز، إب، حضرموت، الحديدة وغيرها. لم يعرف الناس في هذه المناطق من الزيدية سوى صورة عسكري الامام احمد او عسكر الرئيس علي عبدالله صالح فقط.. اما المذهب الزيدي باعتباره منهج دين ودنيا وارتقاء في الكمالات، من أصول العقيدة واصول الحكم والفقه، مثله في ذلك مثل المذهب الشافعي، عندما تحول الى مسمى جغرافي لتمييز سكان منطقة في اليمن.. والاختلاف الجوهري بين المذهبين هو ان الزيدية استطاعت الحفاظ على رصانتها ومدرستها الفقهية ورموزها العلمية، بينما انمحت معالم الشافعية بحلول مذاهب ومشارب فكرية جديدة، مثل السلفية (السنية) والسلفية الوهابية والحنبلية.
القاسم المشترك
قال البعض ان مذهب الزيدية هو اقرب الى مذهب اهل السنة دون ان يحق لأهل المذاهب الاخرى الحكم على غيرهم بالاعتراف او الالغاء.
لعل مايميز مذهب الامام زيد (عليه السلام) هو قربه من اهل السنة واهل الشيعة بالدرجة نفسها، مايجعله القاسم المشترك الحميم بين اهل المذاهب المختلفة، والأحرى القول ان مذاهب السنة والشيعة هي اقرب الى الزيدية وليس العكس بصرف النظر عن مسألة شرط (النسب) في الولاية العامة بالنسبة لنظرية الحكم (الإمامية)، التي لاتقول بها معظم فرق المذهب الزيدي، مع احتفاظ من يقول بشرط النسب الى آل البيت (عليهم السلام) بحقه في الاجتهاد، تماما كما هو حق بعض الفرق الزيدية التي لم تشترط (النسب) في تولي الحكم (الرئاسة، الامارة، الامامة).. فالزيدية اشبعت نفسها نقداً من الداخل اكثر من غيرها، وهو سر تجددها الفقهي والفكري، لكن الاختلاف الجوهري يظل مع اولئك الذين ينتظرون استصدار شهادة وفاة رسمية للمذهب الزيدي واقامة خيمة عزاء لدفن علماء المذهب واتباعه، وتحريض السلطة والاستقواء بها عليهم في لحظة ضعفها، باعتبار الزيدية الخصم المذهبي لا باعتبارها المشترك بين اهل المذاهب في اليمن، والمذاهب الاخرى اينما وجدت، سنة وشيعة.
السلفيون (السنة) مجازاً هم جماعة جديدة تبحث عن نفسها، بصرف النظرعن تجربتها التي شوهتها السلطة. لكن فرحة القاضي حمود الهتار الغامرة وهو يعلن عن وجود ثلاثة الاف سلفي في معهد دماج بصعدة، أشبه باعلان نصر مذهبي لا وجود له الا في خيال صاحبه، إذ لا عيب من التعايش بين اهل المذاهب في صنعاء أو صعدة، أو تعز، السنة، الشيعة، البهرة وغيرهم.. لكن الهتار يصور في صحيفة الوسط ان هذا العدد من السلفيين تخلى عن زيديته في صعدة، وليس باعتبارهم طلاب علم قدموا اليها من مختلف مناطق اليمن تعز، عدن، أبين، ذمار، حضرموت، صنعاء وغيرها.. اما اذا كانت لهذا العدد مهمة اخرى غير طلب العلم كما توحي مقابلة الهتار فان الرقم يثير الارتياب، خصوصا ان السلطة اعتمدت في حرب الصيف الماضي 2004م على عناصر سلفية لمواجهة العلامة المجدد حسين بدر الدين الحوثي. عندما يتحول بعض ابناء المناطق الشافعية (فكرياً) الى السلفية الجديدة (الحنبلية) و(الوهابية) فذلك دليل على ان اهل هذه المناطق منفتحون على التعايش المذهبي مع الآخر ومنهم الزيدية، مثلما ان التشدد والتطرف عند هؤلاء الشبان مجرد مرحلة عابرة وناشئة عن استغلال السلطة لمبدأ (طاعة ولي الامر) عندهم في تصفية حساباتها مع الآخرين، مثل احزاب، الاصلاح، القوى الشعبية، الاشتراكي والحق.. لكن الحصار الذي تفرضه السلطة على المذهب الزيدي ومدارسه أدى الى محاصرة نهج المذهب وتراثه العلمي والتربوي ومحاربته، حتى في المناطق التقليدية القديمة لظهوره، فما بالنا في بحث ودراسة امكانية نشر هذا المذهب مثل غيره في مناطق اليمن الاخرى.. والسبب له علاقة بتعميق الوحدة الوطنية (ثقافياً) من حيث ان ابناء إب، تعز، عدن، حضرموت، والحديدة، ابعد ما يكونون عن فهم روح المذهب الزيدي ورحابته وأصوله، وكل مايعرفونه في هذه المناطق هي صورة بائسة لعسكري الامام ودجاجات الرعوي او عسكري الرئيس والاستيلاء على اراضي الغير والفساد، اي ان الزيدية في اذهان هؤلاء ارتبطت بـ(الظلم) الذي تظهر معه احيانا دعوات خافتة للانفصال بسبب تكريس السلطة صورة مشوهة عن حكم الزيدية.
بينما حقائق التاريخ تبرهن على ان الزيدية الاصيلة نشأت اساساً ضد الظلم والجور والطغيان، ومع التحرر والانعتاق والكرامة، وان الامام والرئيس هما زيود (شكلاً) بالانتماء المناطقي فقط وليس عن انتماء والتزام بالمذهب واصوله، فهم عبء على المذهب.
فالزيد كانت في استراحة طويلة فقط.
من هنا نفهم حجم المؤامرة على الصحوة الاسلامية الزيدية المباركة، كغيرها من الصحوات التي حمل لواءها في فترات سابقة، الاخوان المسلمون، تيارات التنوير والنهوض الاسلامي في مصر والمغرب وايران وتركيا وغيرها.
اما اصحاب مذهب (السلطة للسلطة) امثال الهتار فهم ضد الجميع، زيدية، شافعية، اخوان، سلفيين، يرفعون قميص (الحوار) ويحرضون على قتلك وتصفيتك فكراً وجسداً وهم يضحكون!
أصحاب مذهب (السلطة للسلطة)!
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 7
- اشترك في: الأحد مايو 01, 2005 2:50 am
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال: