لاتحسديني (( مقال ))

[ابن الهادي]

سيدتي ..
: صباح الخير ..
أعرف أنك ستستيقظين الآن وستنفضين عن حياتك تلك الأيام الجميلة والرائعة ، الهادئة والغجرية ، أيام الصيف والحرية المطلقة .
أتمنى لو كنت النشاط لأسكن مقلتيك ، فأنا أعرف شعورك الآن جيدا ، شعور ذلك الطفل البريء المستعد لتنفيذ كل أوامر أمه لتعطيه قليلا من الحب والحنان داخل ذاك النوم .!
أتمنى لو كنت ذاك الشعور الغريب الذي ينتاب قليلا من الناس ، شعور الفرحة الصادقة بالعودة للمدرسة ، لكني سيدتي فعلا أكره ذاك الشعور .
أتمنى لو كنت العلم أو المدرسة ، أه لو كنت أنا تلك الحيوية التي يمارسها طلاب التسعينات .!!
سيدتي أتمنى أن تصنعي لك قلبا في المدرسة فغدا تصبح ذكرى وغدا تصبح أحلى ، فالمدرسة بريئة بسيطة ، أكبر مشكلاتها كشف العلامات أما القاسي الرقيق الأب .
سيدتي لا تتضجري كثيرا فأمك ستعود الآن قريبا جدا وللمرة الثانية ستطلب ذاك الطلب الذي تتمنى كل قطرة دم فيك أنه لم يخلق .
: هيا اصحي من النوم !!
سيدتي أعرف أنك ستصطنعين المرض وتتخليّ عن الصحة بأرخص الأثمان لتنال عيناك قليلا من ذاك السلطان النوم . وأعرف أنك أيضا تفكرين الآن في الماء البارد الذي تقشعر له الأبدان ، وخاصة في صباح بارد كصباح مدينتكم ، لكنه يا سيدتي ألم الأمل فلا بد لكي من أن ترمي ذاك اللحاف الدافئ فأمك قادمة الآن .
: هيا اصحي من النوم !!
أه إنه موقف مذهل وعالم صعب وحياة شقية ، أكل يوم يجب أن أستيقظ ؟! ألا يحق لي كإنسانة أن أنام ؟! لماذا تسلب الحريات في هذا العالم الذي يدعو إليها مع كل نشرة أخبار في الساعة التاسعة ؟!!
سيدتي لا داعي أبدا لفلسفة الصباح الزائدة فهذه الأم أحن كثيرا من الأب إذا فكر اليوم في أن يزور غرفتك ورائك وأنت ما تزالي نائمة حالمة .
أرجوك فقد انهزمت المقاومة وذلك الأب قادما مسرعا فقد تأخرت جدا هذا اليوم وأخرته .
: أين هي ؟
: إنها تستحم .!
لا داعي للتأمل سيدتي فأنت الآن ذاهبة لا محالة ، إنهم لا يسمعون صوت الماء ولكنهم ينتظرون وينظرون إلى ساعة الحائط _ التي فرحتي جدا بشرائها ، ويعاودون النظر إليها كل دقيقة وثانية فلا تبطئ واستعجلي .

أعرف جدا يا سيدتي أن هناك أمور كثيرة تدور في رأسك ، وأفكار مذهلة وفلسفات تعتبر فتحا للإنسانية وانك لا ترين ما في المدرسة من علم يستحق منك كل هذا الجهد ، لكن مع كل هذا الذكاء العميق يجب أن تكملي اللبس وأن تستعدي للخروج .
سيدتي ..
أعذريني وسامحيني ، فأنا الآن متعب جدا وسريري يناديني والأحلام تدور في رأسي استعدادا للنوم فاذهبي إلى مدرستك مطمئنة ودعيني لنومي وسريري قليلا ولا تحسديني ..
: تمسين على خير .. أحبك .!