صـعـــدة .. ثأر قبلي لاعقائدي!
الأربعاء 6/4/2005 عبد الفتاح الحكيمي _ الشورى نت
قال لنا: احتسبوا مالحق بكم من الاذى في سبيل الله، ولا تحزنوا لما اصابكم فهوكله بعين الله، وماحصل قد حصل، الا لأننا قلنا كلمة حق عند سلطان جائر. هذه هي الكلمات الاخيرةالتي قالها الشهيد حسين بدر الدين الحوثي بعد صلاة فجر يوم الجمعة 10 سبتمبر 2004م اثر اصابته البليغة جراء قصف جوي قامت به الليلة السابقة طائرة مجهولة على الكهف الذي تحصن فيه مجموعة من اتباعه واسرته واصدقائه.
لم يعترف العلامة بدر الدين الحوثي حتى هذه اللحظة بمقتل ابنه زعيم الشباب المؤمن، الذي كان يتفاوض صبيحة ذلك اليوم مع ضباط في الجيش عن طريقة وصوله الى صنعاء ومقابلة الرئيس. المرجح ان زعيم الشباب المؤمن لم يقتل في حادثه (الكهف) كما يروج لذلك الاعلام الموالي للسلطة مثل صحيفة (الشموع)، المؤتمر (نت)، و26 سبتمبر، وإن كان من المحتمل مغادرته خارج البلاد بطريقة ما للعلاج من اصابته البليغة. مع حلول هذا الصيف وجهت السلطة اصابع الاتهام للعلامة بدر الدين الحوثي، بزعم وقوفه وراءعمليات مسلحة جديدة، تعرضت لها مناطق ومواقع مختلفة تتواجد فيها القوات الحكومية بمحافظة صعدة الاسبوع قبل الماضي، خصوصاً بعد عودته المفاجئة من صنعاء الى منطقة (نشور)، حيث فضَّل المرجعية الزيدية قبل ذلك في اجواء المعركة الحقيقية، باللجوء اليها، والتزام الصمت الطويل رغم فقدانه 3 من ابنائه قضوا على يد عساكر السلطة في اليوم الاخير من حرب صيف 2004م. السلطة بادئة التسلسل المنطقي للوقائع والاحداث لايؤكد وجود أي رابط بين عودة الحوثي (الاب) الى صعدة في 14 مارس الماضي وبين مايحدث من مواجهات مسلحة جديدة بين مجاميع قبلية لاعلاقة لها بـ(الشباب المؤمن) وقوات حكومية، فالسلطة اعترفت انها بدأت بقتل 4 اشخاص كانوا قريبين من سوق (الطلح) وزعمت انهم قضوا حينما اصطدمت سيارتهم باحد الاطقم العسكرية الا ان السلطة ارادت تبرير تصفياتها الجسدية لاتباع حسين الحوثي وبعض المجاميع القبلية الاخرى وملاحقتها لهم بحجة محاولتهم شراء صفقة سلاح. الواضح ان السلطة جعلت من السوق مصيدة فقط لاستدراج من ترغب بتصفيتهم او ملاحقتهم، أكانوا من رجال القبائل الذين رفضوا مناصرة السلطة في الحرب او غيرهم، بزعم الانتماء الى (الشباب المؤمن)، والا ماحرصت السلطة على استمرار تجارة السلاح وتداوله في سوق (الطلح) ثم تدعي بعد ذلك بحسب تصريح مصدر امني يوم 19 مارس 2005م (ان تبادل اطلاق النار جاء بعد ماحاول رجال الامن ايقاف تلك العناصر، بعد ان فشلت في ابرام صفقة شراء اسلحة كانت تريد الحصول عليها من احد الاشخاص في المنطقة (صحيفة الايام 20 مارس 2005م). وبرر البيان الرسمي القتل بأنهم كانوا (من المطلوبين) وانهم يتبعون جماعة الشباب المؤمن وحسين الحوثي.. ومن حق السلطة ملاحقة من ثبت تلبسهم بأفعال حقيقية، اما تصريح المصدر فهو من باب التغطية على ان السلطة اقدمت على القتل خارج القانون ودون ادلة وتحاول تبرير قتل الـ4 اشخاص بانقلاب سيارتهم أثناء الملاحقات!.
هذا وجهي!
غادر العلامة بدر الدين الحوثي صنعاء الى صعدة (تعبيراً عن الغضب من عدم استقبال الرئيس له وحل القضايا المتعلقة بحرب صعدة والشباب المؤمن بحسب وعد الرئيس (الوسط 16 مارس 2005م) لكن السبب الآخر لمغادرة الحوثي الأب الى صعدة هو حضوره حفل تزويج احدى بنات ولده حسين على شاب يدعى (يوسف المداني)، لكن السلطة وجدت في الاشتباكات الجديدة بين بعض المجاميع المسلحة والقوات الحكومية في صعدة يوم 28 مارس 2005م ذريعة للتنصل من التزاماتها الاخلاقية والانسانية التي قطعها الرئيس علي عبدالله صالح واخوه علي محسن الاحمر للعلامة الحوثي، المتمثلة بالإفراج عن المعتقلين المحسوبين على الشباب المؤمن، مقابل قدوم العلامة الى صنعاء وبقائه فيها حتى لايتجمع الناس حوله في صعدة، وذلك ما يؤكده الوالد بدرالدين الحوثي في مقابلته لصحيفة الوسط قبل وقوع الاشتباكات الاخيرة (لقد طلب الرئيس منا الخروج الى صنعاءحتى لايتجمع الناس حولنا، وقال ان السلطة مستعدة لتنفيذ جميع الطلبات، ووعد بذلك الرئيس وعلي محسن الاحمر والتزموا وقالوا لصالح الوجمان (التزم وهذا وجهي!) وقد حضرنا منذ شهرين ولم يوفوا بالتزامهم، ونحن ما زلنا نطالب (صحيفة الوسط 16 مارس 2005م). اقام الحوثي (الاب) في صنعاء اكثر من شهرين نزولاً عند دعوة الرئيس له لتسوية المشكلة، لكن الرئيس تجاهل بعد ذلك قضية بهذه الخطورة، وكأن وجود الرجل في صنعاء او تعليق ازمة صعدة لا يعني الرئيس او اخاه، دون اعتبار لحسن النوايا. ورغم ان الحوثي (83) عاماً احتسب امره الى الله بعد مقتل 3 من ابنائه في حرب الصيف الماضي الا ان السلطة تعمد الى اذلاله واهانته بتصريح مصدر امني يوم 28 مارس 2005م مع المواجهات الجديدة. تبين ان السلطة لم تكن جادة او صادقة في ازالة آثار ونتائج حرب صعدة سلميا وبالحوار، بل ذهبت ابعد من ذلك إلى كل التعهدات التي قدمها للدولة وانتقل الى وادي نشور حيث قام بتجميع عناصر تخريبية وتحريضهم للاعتداء على اقسام الشرطة والنقاط الامنية في محافظة صعدة في محاولة لاشعال فتنة جديدة في المنطقة (صحيفة الثورة 29 مارس 2005م).
(عرس لا تمرد)
هكذا تتحول مشاركة الحوثي (الاب) في حفل زواج حفيدته عند السلطة الى تهمة (اشعال فتنة جديدة في المنطقة). لم تمنح ماتسمى بـ(الدولة) الامان للحوثي بل ارادت ابقاءه تحت الاقامة الجبرية في صنعاء والانتقام المعنوي منه جراء ماالحقه بها ابنه حسين الذي صمد ثلاثة اشهر بثمانين مقاوماً فقط في مواجهة جحافل السلطة وعتادها. تجاهلت السلطة بقاء العلامة الحوثي كل هذه المدة في صنعاء لتطفيشه، ودفعه الى مغادرتها قسراً الى صعدة لإظهار عدم وفائه بالوعود أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، وتبرير تصفيته الجسدية بعد ذلك بتهمة التحريض على تمرد جديد. وبالفعل ارسلت السلطة قوة كوماندوز خاصة من الحرس الجمهوري الى صعدة (نشور) لاقتحام مكان اقامة السيد بدر الدين الحوثي، لكنها فشلت وعادت خائبة، بعد مقتل معظم افراد القوة على يد خمسة من حرس العلامة يوم 27 مارس 2005م. دوافع الموقف الشخصي للرئيس قد تعود الى تصريح العلامة بدر الدين الحوثي لصحيفة الوسط التي سألته عن قناعته بوجـــــود الرئيس في الحكم فقال (لاتحرجوني) (الوسط 2005/3/9م). (ثأر قبلي فقط) تتخذ المواجهات المسلحة بين السلطة وبعض قبائل صعدة هذه المرة طابع الثأر القبلي المحض وليس لها اي علاقة بتنظيم الشباب المؤمن او شعارات (الموت لامريكا.. الموت لاسرائيل.. العزة للاسلام) فالقبائل تطالب السلطة باطلاق ابنائها واقاربها المعتقلين (4000 شخص) منذ عامين، وتعويض المنكوبين (11 ألف اسرة) عن بيوتهم المنكوبة وما اصابهم في حرب صيف 2004م الماضي. يستحيل على السلطة استعداء الامريكان وتضليل المجتمع الدولي والانساني هذه المرة، كونهم يعلمون ان القضية عبارةعن ثأر قبلي وليس عداءً فكرياً او عقائدياً ضد الامريكان او الشيطان. وتحاول السلطة استخدام شعار (الشباب المؤمن) للخداع والبحث عن شرعية وغطاء سياسي لسفك الدماء بزعم الحرب على الارهاب وليس ثأراً من القبائل، التي تطالب السلطة بدماء أبنائها، واعادة توطين اللاجئين وتعويضهم العادل عن الأرواح والممتلكات في حرب الصيف الماضي. والآن من الواضح جداً كيف ان السلطة في اليمن لم تصادق على مواثيق المحكمة الجنائية الدولية رغبة منها في المضي بالقتل على النهج ذاته في حرب العام الماضي بصعدة، واذا عرف السبب بطل العجب!.