[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

أحاديث، أدعية ، مواعظ .....
أضف رد جديد
المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة المتوكل »

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]


مدخل :-

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي قارئ القرآن :
أختي قارئة القرآن :

بلا شك أنـنا جميعاً وأغلب المسلمين ، نـتسابق في شهر رمضان المبارك ، في تلاوة القرآن الكريم .
نـتسابق في جمع أكبر قدر ممكن من الحسنات .. بتلاوة أكبر قدر ممكن من الآيات

لا بأس في ذلك

ولـــكــــــن

:: كيف هي علاقتنا بالقرآن الكريم ؟

:: كيف هي طبيعة تعاملنا مع القرآن الكريم ؟


هل نتعامل مع القرآن الكريم .. كما أوصانا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟

هل علاقتنا مع القرآن الكريم .. كما كانت علاقة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام مع القرآن ؟؟

هل نسعى لكي نكون حلفاء للقرآن .. كما كان الإمام زيد عليه السلام حليفاً للقرآن ؟؟

***

ألم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
(( كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ))

فهل إتصالنا بالقرآن الكريم .. إتصال جالب للهداية ؟ أم إتصال جالب للعنات ؟

***

علينا جميعاً ،، أن نحـدد موقعنا .. بناءً على تلك التساؤلات السابقة
صورة
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: [ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة المتوكل »

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

الحلقة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل : (( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوْا آيَاتِهِ وَليَتَذَكَّرَ أُوْلُو الألباب )) .
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وآله الطاهرين .

وبعــــد

لا شك أننا جميعاً نقرأ كتاب الله تعالى ،، ولا شك أننا نحرص على تـدبـره

وفي نفس الوقت فأغلبنا أيضاً يقرأ كتباً في مجالات شتى ، سواءً كتب الدراسة المدرسية والجامعية ، أو كتب الأدب والشعر ، أو كتب المفكرين ، أو كتب العلماء ..الخ .

ولكن .. ما الذي يميـز قراءة القرآن الكريم .. عن غيـره ؟
هل قراءتنا للقرآن الكريم مشابهه لقراءة كتب أخرى ؟
ربـما عند البعض ، لا تختلف قراءة القرآن عن قراءة أي كتاب ، إلا من ناحية التجويــد !!!؟

ترى كيف كانت علاقة أهل البيت (ع) مع القرآن الكريم ؟

لقـد كانت علاقتهم بالقرآن الكريم علاقة من نوع خاص
فكانـوا ( قـرناء القرآن ) ، و ( أهل القرآن ) ، وثقل مرتبط بالثقل الأكبر حتى تقوم الساعه

*****

تعالـوا لنطلع سوياً على تعاليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ووصاياه لنا حول القرآن الكريم
لنبني علاقتنا بالقرآن الكريم بالشكل المطلوب .


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافعٌ مشفعٌ ، وماحلٌ مصدقٌ ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه قاده إلى النار ، هو الدليل الذي يدل على خير سبيلٍ وكتاب تفصيلٍ وبيانٌ وتحصيلٌ والفصل ليس بالهزل ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنارات الحكمة ، والدليل على المعرفة لمن عرف الطريقة ، فليولج رجلٌ بصره ، وليبلغ الطريقة نظره ، ينج من عطبٍ ويتخلص من أشبٍ فإن التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور بحسن تخلصٍ وقلة تربصٍ )).

إخواني .. وأخواتي

علينا أن نـتـدبـر القرآن الكريم
علينا أن نـثـق بالقرآن ، علينا أن نتفهم آياته

يجب أن تكون نظرتنا للقرآن صحيحة
يجب أن يكون القرآن عنواناً داخلاً في أعماق نفوسنا ، عنواناً أمامنا .


نتحرك في الناس على أساسه ، نقيّم الأحداث كلها من خلاله ، نقيّم الآخرين كلهم من خلاله ، نقيّم أنفسنا من خلاله ، نقيّم أنفسنا على أساس مقاييسه ، وهكذا .

يجب أن نتعامل مع القرآن بجدية ، هو فصل في كل القضايا .
إنه كتاب عملي ، كتاب للحياة ، كتاب للنفوس ، كتاب للهداية
.

---

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن أحق الناس بالصلاة الكثيرة في السر والعلانية حامل القرآن ، وإن أحق الناس بالخشوع الكثير في السر والعلانية حامل القرآن ، وينبغي لحامل القرآن أن يعرف في ليله إذا الناس نيامٌ ، وفي نهاره إذا الناس يتبطلون ، وفي بكائه إذا الناس يضحكون ، وفي حزنه إذا الناس يفرحون، وفي صمته إذا الناس يخلطون.
يا حامل القرآن تواضع لله يرفعك الله ولا تتعزز فيذلك الله ، وتزين لله يزينك الله ولا تتزين للناس فيمقتك الله ، الله أفضل لك من كل شيءٍ هو دون الله ، ومن وقر القرآن فقد وقر الله ، ومن استخف بحق القرآن فقد استخف بحق الله ، وحرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده. وحملة القرآن يدعون في التوراة المخصوصين برحمة الله ، الملبسين نور الله المعلمين كتاب الله ، من والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عاد الله ، يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا ، ويدفع الله عن تالي القرآن بلوى الدنيا والآخرة
)).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أدام النظر في المصحف متعه الله ببصره ما بقي في الدنيا )).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( القرآن هو الدواء )).

---

الخطاب القرآني هو خطاب من نوع خاص ، هو خطاب لوجدان الإنسان ، لمشاعره الداخلية بشكل لا يستطيع أحد أن يصل تعبيره إلى خطاب ذلك الوجدان كما يخاطبه النص القرآني .

---
نسأل الله تعالى يجعلنا من حملة القرآن ، بأن يوفقنا جميعاً لأن نفهم كتابه ، ونهتدي بكتابه ، وأن يتقبل منا ، إنه على كل شيء قدير

وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله الطاهرين


---
يتبع ..
صورة
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: [ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة المتوكل »

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

الحلقة الثانية



بسم الله الرحمن الرحيم

تحدثنا في الحلقة السابقة عن أهمية تفاعلنا مع القرآن الكريم ، ونقلنا بعضاً من وصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتعاليمه في حول التفاعل مع كتاب الله عزوجل .

قال تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) . فقد كان "خلقه القرآن" ، أي أن مصدر ذلك الخلق العظيم هو القرآن الكريم .

القرآن هو كتاب للحياة كلها ، وكل أحداث الحياة لا يخلو حدث منها عن أن يكون للقرآن نظرة إليه وموقف منه ، ونحن جميعا نريد – إن شاء الله – أن نحيي القرآن في أنفسنا ، فإذا ما انطلقنا في تلاوته سواء في شهر رمضان أو في غيره ، تكون تلاوتنا له تلاوة إيجابية ، نتأمل ونتدبر لنستفيد من آياته .

ولا شك أن أي حديث حول القرآن الكريم ما يزال حديثا ناقصا وقاصر لا أحد يستطيع مهما بلغ في العلم والمعرفة أن يحيط علما بعمق القرآن الكريم لأن كثيرا مما يمكن أن يعطيه القرآن مما هو من مكنون أسراره إنما يساعد على كشفه وتجليه هو المواقف والمتغيرات والأحداث .

قراءة كتاب الله بتأمل وقراءة أحداث الحياة بتأمل وقراءة النفوس والسلوكيات الناس بتأمل مما يساعد الإنسان على أن يهتدي وأن يسترشد وأن يستفيد من القرآن الكريم وآياته المباركة .


تعالوا الآن لنتأمل سوياً ، كلام أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع) عن القرآن الكريم .
لنقرأ كلامه عليه السلام بإستشعار لمقتضى ودلالة كل كلمة من كلامه
.

-----

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام :-
(( واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش ، والهادي الذي لا يضل ، والمحدث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان : زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى. واعلموا أنه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من غنى ; فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ، فإن فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق ، والغي والضلال ، فاسألوا الله به، وتوجهوا إليه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، إنه ما توجه العباد إلى الله بمثله. واعلموا أنه شافع مشفع ، وقائل مصدق ، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه ، ومن محل به القرآن يوم القيامة صدق عليه ، فإنه ينادي مناد يوم القيامة : ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله ، غير حرثة القرآن ; فكونوا من حرثته وأتباعه، واستدلوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم. )) .

--

وقال عليه السلام :-
(( وإن الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل هذا القرآن ، فإنه "حبل الله المتين" ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره . )) .

--

وقال عليه السلام :-
(( ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، وسراجا لا يخبو توقده ، وبحراً لا يدرك قعره ، ومنهاجاً لا يضل نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه، وتبيانا لا تهدم أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزا لا تهزم أنصاره ، وحقا لا تخذل أعوانه. فهو معدن الإيمان وبحبوحته ، وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه ، وأثافي الإسلام وبنيانه ، وأودية الحق وغيطانه. وبحر لا ينزفه المستنزفون ، وعيون لا ينضبها الماتحون ، ومناهل لا يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضل نهجها المسافرون ، وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام لا يجوز عنها القاصدون. جعله الله ريا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاج لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزا لمن تولاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتم به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا لمن حاج به ، وحاملا لمن حمله ، ومطية لمن أعمله ، وآية لمن توسم ، وجنة لمن استلأم ، وعلما لمن وعى ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى.)) .

--

وقال عليه السلام :-
(( كتاب الله بين أظهركم ، ناطق لا يعيا لسانه ، وبيت لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه. )) .

--

وقال عليه السلام :-
(( فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق. حجة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقهم ، وارتهن عليهم أنفسهم ، أتم نوره ، وأكمل به دينه ، وقبض نبيه - صلى الله عليه وآله- وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به. )) .

--

وقال عليه السلام في سياق وصفه للمتقين وتفاعلهم مع القرآن :-
(( تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنوا أنها نصب أعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم )) .

--

وقال عليه السلام :-
(( وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث ، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب ، واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص. وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجة عليه أعظم ، والحسرة له ألزم ، وهو عند الله ألوم. )) .

--

وقال عليه السلام :-
(( وإن القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولا تكشف الظلمات إلا به. )) .

--

وقال عليه السلام من ضمن وصيته لأولاده :-
(( الله الله في القرآن ، لا يسبقكم بالعمل به غيركم. )) .

----
جعلنا الله وإياكم من السابقين للعمل به
وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله الطاهرين


---
يتبع ..
صورة
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: [ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة المتوكل »

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

الحلقة الثالثة


بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : (( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) .

عندما نعرض أنفسنا على هذه الآية الكريمة ، سنعرف نوع علاقتنا بالقرآن !؟

عندما نجد أن القرآن لا يؤثر فينا .. ولا يوجد تفاعل لأنفسنا معه
سنعرف إن علاقتنا بالقرآن علاقة غير سليمه .
سنعرف أننا غير مرتبطين بالله تعالى وبالقرآن حقاً .

في المقابل

كيف كان تأثير القرآن في مولانا الإمام زيد سلام الله عليه ؟

كان عليه السلام ينقطع للتأمل في كتاب الله عزوجل ، كان يقف مع الآية يرددها ويتأمل معانيها حتى يـخـر مغشياً عليه .. كان بحق حليفاً للقرآن .

رغم أن أول مصنف في التاريخ جمـعت فيه الأحاديث النبوية ، هو مسند الإمام زيد بن علي عليه السلام
لم يكن يدعى الإمام زيد بــ حليف السنه !؟
بل كان يدعى بـ حليف القرآن

هذا يوضح مدى إرتباطه بكتاب الله عزوجل .

----

لنـقـتـرب أكثر .. لنفهم علاقة الإمام زيد (ع) بالقرآن الكريم ، عبر أقواله التاليه :

---

قال حليف القرآن الإمام زيد بن علي (ع) :-
(( واعلموا رحمكم اللّه تعالى أن القرآن والعمل به يهدي للتي هي أقوم ، لأن اللّه تعالى شَرّفه وكرمه ، ورفعه، وعظمه ، وسماه: روحاً، ورحمة وشفاء، وهدى ، ونوراً ، وقطع عنه بمعجزِ التأليف أطماعَ الكائدين ، وأبانه بعجيب النَّظم عن حيل المتكلفين ، وجعله متلواً لا يُمَل ، ومسموعاً لا تَمُجُّه الآذان ، وغَضاً لا يخلق على كثرة الرد ، وعجيباً لا تنقضي عجايبه ، ومفيداً لا تنفد فوائده.
والقرآن على أربعة أوجه: حلال وحرام لا يسع جهله ، وتفسير يعلمه العلماء ، وعربية يعرفها العرب ، وتأويل لا يعلمه إلا اللّه ، وهو ما يكون مما لم يكن.
واعلموا رحمكم اللّه تعالى أن للقرآن ظهراً، وبطناً ، وحداً ، ومطلعاً ، فظهره: تنزيله ، وبطنه: تأوليه ، وحده: فرائضه وأحكامه ، ومطلعه: ثوابه وعقابه.
)) .

---

وقال عليه السلام :-
(( الإعتصام بالكتاب نجاة من الفتن والأهواء المضلات ، وذهاب العالم ذي الديانة صَدْعٌ في الدين لايرتق. )) .

---

وقال عليه السلام :-
(( يا قارئ القرآن ، فإنك لن تتلو القرآن حق تلاوته حتى تعرف الذي حَرَّفَه ، ولن تمسك بالكتاب حتى تعرف الذي نقضه ، ولن تعرف الهدى حتى تعرف الضلالة، ولن تعرف التقى حتى تعرف الذي تعدى ، فإذا عرفت البدعة في الدين والتكليف ، وعرفت الفرية على اللّه والتحريف ، رأيت كيف هدى من هدى.
واعلم يا قارىء القرآن أن القرآن ليس يعرفه إلا من ذاقه ، فأبصر به عَماه ، وأسمع به صَمَمَه وحيي به بعد إذ مات ، ونجي به من الشبهات.
واعلم يا قارىء القرآن ، أن العهد بالرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم قد طال ، فلم يبق من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، ولا من الإيمان إلا ذِكْرُه ، وأن اللّه تعالى لم يجعل ما قسم بيننا نهباً ، ولا ليغلب قويُنا ضعيفَنا ، ولا كثيرُنا قليلَنا ، بل قسم علينا برحمته الأقسام والعطيات. فَمَن أَجْرَء على اللّه تعالى ممن زعم أن له أقساماً بين العباد سواى ما حكم به في الكتاب ، فلو كانت الأحكام كما حكم به أهل الجور والآثام ، لما كان بيننا اختلاف ، ولا استعدينا إلى الحكام ، كما لا يستعدي بعضنا على بعض في اللحى والألوان ، ولا في تمام الخلق والنقصان.
وقديماً اتخذت الجبابرة دين اللّه دغلا، وعباده خولا ، وماله دُولا ، فاستحلوا الخمر بالنبيذ ، والمكس بالزكاة ، والسحت بالهدية ، يجبونها من سخط اللّه ، وينفقونها في معاصي اللّه ، ووجدوا على ذلك من خونة أهل العلم والتجار والزراع والصناع والمستأكلين بالدين أعواناً ، فبتلك الأعوان خَطَبَتْ أئمة الجور على المنابر ، وبتلك الأعوان قامت راية الفسق في العشاير ، وبتلك الأعوان أخيف العالم فلا ينطق ، ولا يتَّعظ لذلك الجاهل فيسأل ، وبتلك الأعوان مشى المؤمن في طبقاتهم بالتَّقية والكتمان ، فهو كاليتيم المفرد يستذله من لا يتق اللّه سبحانه.
)) .

---

وقال عليه السلام :-
(( وأوصيكم أن تتخذوا كتاب اللّه قائداً وإماماً ، وأن تكونوا له تبعاً فيما أحببتم وكرهتم ، وأن تَتَّهِموا أنفسكم ورأيكم فيما لا يوافق القرآن ، فإن القرآن شفاءٌ لمن استشفى به ، ونورٌ لمن اهتدى به ، ونجاة لمن تبعه ، من عمل به رَشَدَ ، ومن حكم به عدل ، ومن خاصم به فَلَج ، ومن خالفه كَفَر، فيه نبأُ مَنْ قبلكم، وخبرُ معادكم ، وإليه منتهى أمركم ، وإياكم ومشتبهات الأمور وبدعها ، فإن كل بدعة ضلالة. )) .

---

لقد كان القرآن محركاً للإمام زيد (ع) في مقارعة الظالمين والثورة عليهم
قال عليه السلام :-
(( وَاللَّهِ مَا يَدَعُنِي كِتَابُ اللَّهِ أَنْ تُكَفَّ يَدِي ، وَاللَّهِ مَا يُرْضِي اللَّهَ مِنَ الْعَارِفِيْنَ بِهِ أَنْ يَكُفُّوا أَيْدَيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ عَنِ الْمُفْسِدِيْنَ فِيْ أَرْضِهِ. )) .

---

لقد كان الإمام زيد (ع) يحاجج الناس بكتاب الله عزوجل

قال الإمام زيد عليه السلام :-

(( يَا مَعْشَرَ الشِّيْعَةِ لاَ تَجِيْئُوْنَ بِحَدِيْثٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- تَصْدُقُوْنُ فِيْهِ إِلاَّ جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )) ،

فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ قِيْلَ وَقَالَ .

فقال الإمام زيد (ع) : قوله تعالى : ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )) .

فقال رجل آخر : اتَّقُوا إِضَاعَةَ الْمَالِ .

فقال الإمام زيد (ع) : قوله تعالى : ((وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ )) .

فقال رجل آخر : إِنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيْباً وَسَيَعُوْدُ كَمَا بَدَأَ، فَطُوْبَى لِلْغُرَبَاءِ .

فقال الإمام زيد (ع) : قوله تعالى : ((كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ )) .

فما جاء أحد بحديث إلا جاء به الإمام زيد (ع) من القرآن .

---

لقد استغنى الإمام زيد (ع) بكتابه الله عزوجل .. عما دونه

يروى أن الإمام زيد (ع) .. في أحد الأيام .. سأل أخاه الإمام محمد الباقر (ع) كتاباً لأبيهما سلام الله عليه
فنسي الإمام محمد الباقر أن يبعث للإمام زيد بذلك الكتاب الذي طلبه
وبعد مرور عام على ذلك
تذكر الإمام محمد الباقر .. أمر الكتاب
وقال لأخيه الإمام زيد : مَا مَنَعَنِي أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلاَّ النِّسْيَانُ .
فقال الإمام زيد : قد استغنيت عنه
قال الإمام الباقر : تستغني عن كتاب أبيك ؟
فقال الإمام زيد : نعم .. استغنيت بكتاب الله .
قال الإمام الباقر : فأسألك عما فيه ؟
قال الإمام زيد : نعم .
فَبَعَثَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْكِتَابَ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَسَأَلُهُ عَنْ حَرْفٍ حَرْفٍ
وَأَقْبَلَ زَيْدٌ يُجِيْبُهُ حَتَّى فَرِغَ مِنْ آخِرِ الْكِتَابِ .
فقال الباقر لأخيه زيد : فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: وَاللَّهِ، مَا حَرَّفْتَ مِنْهُ حَرْفاً وَاحِداً.


---

نسأل الله تعالى أن يجعلنا حلفاء لكتابه الكريم
وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله الطاهرين .

---
يتبع ..
صورة
صورة

المتوكل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2274
اشترك في: الاثنين يناير 05, 2004 10:46 pm
مكان: صنعاء
اتصال:

Re: [ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة المتوكل »

[ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

الحلقة الرابعة



بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : (( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )) .

وقال تعالى : (( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة )) .

إخواني .. أخواتي ..

كتاب الله عزوجل يتردد على مسامعنا كثيراً ، والمواعظ تتردد على مسامعنا كثيراً ، والعلماء بين أظهرنا يتحدثون معنا كثيراً ..
ولكن صرنا نتلقى آيات القرآن ببرودة ! لا نتفاعل معها !؟
أصبح القرآن الكريم تقريباً مجرد عادة ، استماع المواعظ كذلك !؟


---

الإخوة .. والأخوات ..

إن لم نرجع إلى أنفسنا فنجعلها تتعامل مع آيات الله عزوجل بجـدية ..
إن لم نتفاعل مع القرآن بمصداقية ..
إن لم ننطلق بجـد وصدق لنطبق القرآن .. ونلتزم بالقرآن .. ونـثـق بالقرآن ..


إن لم يكن ذلك

سوف تقسوا قلوبنا .. نعوذ بالله من قسوة القلوب .


---

علينا أن نتعامل مع القرآن ، تعاملاً مرتبطاً بما أشار الله تعالى إليه .

القرآن كتاب هدايه .. فعلينا أن نرتبط به إرتباط الطالب والراغب في الهداية .
القرآن فيه شفاء ورحمه .. فعلينا أن نرتبط به إرتباط الطالب والراغب في الشفاء والرحمه .


---

الإخوة .. والأخوات ..

تعالوا معنا الآن .. لنتأمل كلام الإمام القاسم الرسي سلام الله عليه
لنتأمل طيات كلامه حول القرآن .. لنتأمل ونستشعر حيثات كلامه حول القرآن
لنصحح سوياً من نظرتنا وعلاقتنا وطريقة تعاملنا مع القرآن
.

---
قال عليه السلام :-
(( وإذا أردت أن ترى عجائب الأنباء والأنبياء ، وتعلم فضل عدل حكم الله في الأشياء ، فاسمع من الكتاب ولا تسمع عليه ، واكتف بحكم الله على العباد فيه ، فإنك إن تسمع صوتا عنه بأذن واعية ، ثم تُقْبِل عليه منك بنفس لحكمته راعية ، تسمع منه بالهدى صيِّتا ، وتعرف مَن جعله الله حيا ممن جعله ميتا ، فلعلك حينئذ عند معرفتك به للأشياء ، تهرب من الميتين وتلحق بالأحياء ، فتجد طيب طعم الحياة، وتثق بالقرار في محل النجاة ، فتنزل يومئذ منازل العابدين ، وتأمن الموت حينئذ أمن الخالدين )) .

---

وقال عليه السلام :-
(( فالويل كل الويل لمن لم يكتف في أموره وأمور غيره بتنزيل رب العالمين ، كيف عظم ضلاله وغيه ؟! وضلت أعماله وسعيه ، فَيَحْسبُه محسناً وهو مسيء ، ورشيداً في أمره وهو غوي ، كما قال سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى أهله: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِيْنَ أَعْمَالاً، الَّذِيْنَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِيْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحسْبُوْنَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُوْنَ صُنْعاً﴾، أفليس هذا هو الذي ظن والله المستعان ضُرَّهُ لَه نفعاً ؟! وحسب ضلالته هدى، وهدايته إلى الجنة ردى ، كما قال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِيْنٌ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّوْنَهُمْ عَنِ السَّبِيْلِ، وَيَحْسَبُوْنَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُوْنَ﴾ . )) .

---

وقال عليه السلام :-
(( وفيه وفي رحمة الله به وشفائه ، وما جعل فيه لكل ذي حكم من أكفائه ، ما يقول سبحانه: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوْنَ ﴾. فمن لم يكتف بضيائه فلا كُفي ، ومن لم يشتف بشفائه فلا شُفي ، ففيه شفاء كل داء ، وبيان كل قصد واعتداء ، فلا يعرض عنه أبداً مهتدٍ ، ولا يصد عنه إلاَّ كل معتدٍ ، هالك مهلَك ، يَأْفِكُ وَيُؤْفَك ، يفتري على الله الإفك والزور، ويؤثر على اليقين بالله الغرور، فهو أبداً التائه المغرور، وقلبه فهو الخراب البور، الذي لم يعمر بهدى الله منه معمور، ولم يسكنه من أنوار حكمة الله نور. )) .

---

وقال عليه السلام :-
(( فكتابَ الله أعانكم الله ما حييتم فاحفظوا ، وبه هداكم الله ما بقيتم فاتعظوا ، فإنه أوعظ ما اتعظ به متعظ ، وخير ما احتفظ به منكم محتفظ ، لما جعل فيه لحافظه من النجاة ، ووهب لمواعظه لمن اتعظ بها من الحياة ، فعليه فاحيوا ما حييتم ، وبه فتمسكوا ما بقيتم ، وفيه ما يقول لمن كان قبلكم رب العالمين: ﴿وَالَّذِيْنَ يُمْسِّكُوْنَ بِالكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَة إِنَّا لا نُضِيْعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِيْنَ﴾. فالتمسك به أحسن الإحسان ، وحقيقة الإصلاح والإيمان. )) .

---

وقال عليه السلام :-
(( فمن لم يستدل على أمر دنياه وآخرته بكتاب الله فلن يصيب عليه أبداً دليلاً ، ومن لم ينج به من خبوت الحيرة والجهالة ، ويحيى بروحه من موت العمى والضلالة ، لم يزل لسبيل الجهل سالكاً ، وبموت العمى والضلال هالكاً ؛ لأن الله جعله روحاً من موت الضلالة محيياً ، وضياءاً من ظلم الجهالة منيراً مصحياً ، فمن أحياه الله بروحه فهو الحيّ الرضي ، وما كان فيه من حق فهو المصحي المضيء ، لا تلتبس به الأغاليظ ، ولا تشوبه الأخاليط، فهو النقي المحض ، والجديد أبداً الغضّ ، لا يُخلِقُ جِدَّتَه تكرار ، ولا يدخل محضه الأكدار ، بل نقي من ذلك كله فصفى ، فأغنى بمنِّ الله وكفى ، فليس معه إلى غيره حاجة ولا فاقة ، ولا يغلب حجته من ملحد فيه لدد ولا مشآقَّة. بل حججه الحجج الغوالب ، وشهبُ نوره فالشهب الثواقب ، التي لا يخبو أبداً ضوء نورها ، ولا يخرب أبداً عمارة معمورها ، فيخبو بخبوِّها، نور ضوِّها ، ويخرب لو خربت لخرابها ، نعمة الله وهَّابِها ،، فيكون خرابها تغييراً لها ولنعمة الله فيها ، ولما جعله من هداه مضموماً إليها. )) .

---

[وصية الإمام القاسم الرسي (ع) بالقرآن]

قال سلام الله عليه :-
(( فعلى كتاب ربكم هداكم الله فاقتصروا ، وبه فهو ذو العبرة فاعتبروا ، ففيه نوافع العلم، وجوامع الكلم ، التي يستدل بقليلها على كثير من ملتبس قال وقيل ، ويُستشفى من علمها بتفسير أدنى ما فيها من دليل.

فسبيل قصده فاسلكوا ، وبه ما بقيتم فتمسكوا ، فهو ذروة الذرى ، وبصر من لا يرى، وعروة الله الوثقى ، وروح من أرواح الهدى ، سماويٌّ أحله الله برحمته أرضه ، وأحكم به في العباد فرضه ، فلا يُوصَلُ إلى الخيرات أبداً إلا به ، ولا تُكشف الظلمات إلا بثواقب شُهبه ، مَن صحبه صحب سماوياً لا يجهل ، وهادياً إلى كل خير لا يضل ، ومؤنساً لقرنائه لا يُمَلُّ ، وسليماً لمن صحبه لا يَغِلُّ ، ونصيحاً لمن ناصحه لا يغشّ ، وأنيساً لمن آنسه لا يوحش ، وحبيباً لمن حآبَّهُ لا يبغض ، ومقبلاً على من أقبل عليه لا يعرض ، يأمر بالبر والتقوى ، وينهى عن المنكر والأسواء ، لا يكذب أبداً حديثاً ، ولا يخذل من أوليائه مستغيثاً ، إن وعد وَعْداً أنجزه ، أو تعزَّز به أحدٌ أعزه ، لا تَهِنُ لأوليائه معه حجة ، ولا تبلى له ما بقي أبداً بهجه ، ولا يخلقه كرٌّ ولا ترداد ، ولا يلّم به وهنٌ ولا فساد ، ولا يعي به وإن لَكِنَ لسان ، ولا يشبه فرقانَه فرقان ، ومن قبلُ ما صَحِبَ الروحَ الأمين ، والملائكة المقربين ، فكان لهم هادياً ومبيناً ، وازدادوا به من الله يقيناً.

فاتخذِوه هادياً ودليلاً ، واجعلوا سبيله لكم إلى الله سبيلاً ، حافظوا عليه ولا ترفضوه ، واتخذوه حبيباً ولا تبغضوه ، فإنه لا يحب أبداً له مبغضاً ، ولا يُقبل على من كان عنه معرضاً ، ولا يُهدَى إليه من عاداه ، ومن تعامى عنه أعماه ، ولا يبصر ضياءه إلا من تأملَّه ، ولا يُعْطِي هداه إلا أهله ، من ضل عنه أضله ، يُقلَّد جَهْلَه مَنْ جَهِلَه ، إن أُدبِر عنه أَدبر ، أو أُقبِل عليه بصَّر .

جعله الله يتلوّن في ذلك بألوان ، ويتفنن فيه على أفنان ، فهو الهادي المضل ، وهو المدبر المقبل ، وهو المسمع المصم ، وهو المهين المُكرِم ، وهو المعطي المانع ، وهو القريب الشاسع ، وهو السر المكتوم ، وهو العلانية المعلوم ، فمرّةً يهدي إليه من اصطفاه ، ومرّةً يُضل من أبى قبول هداه ، ومرّةً يُقبل على من أقبل إليه ، ومرة يدبر عن من التوى في الهدى عليه ، ومرَّةً يُسمع من استمع منه ، ومرّةً يُصِم من أعرض عنه ، ومرّةً يهين الأعداء ، ومرّةً يكرم الأولياء ، يعطي من قَبِلَ عطاه ، ويمنع من أبى قبول هداه ، يَقرُب لمن ارتضاه ، ويَشْسع عمن سخط قضاه ، يَعْلَنُ لأوليائه ويَظْهَر ، ويكتتم عن أعدائه ويسترُّ ، نور هدىً على نور ، وفرقان بين البِرِّ والفجور ، أرشدُ زاجرٍ وآمرٍ ، وأعدل مقسط ومعذِّر ، يوقظ بزجره النُّوَماء ، ويعظ بأمره الحكماء ، ويُحيي بروحه الموتى ، ولا يزيد من مات عنه إلا موتاً ، يعدل أبداً ولا يجور ، وكل أمره فَقَدرٌ مقدور ، ظاهره ضياء وبهْجَة ، وباطنه غور ولجّة ، لا يُملك حَسنُ أنواره ، ولا يُدرك باطنُ أغواره ، فمن ظهر لظاهر مَنَاظِره ، رأى أعاجيبه في موارده ومصادره ، ومن بَطُنَ لمستَبطَنِه ، رأى مكنون محاسنه ، من غرائب علمه ، وأطايب حِكَمِه ، لبابُ كل لباب ، وفصل كل خطاب ، وحكمه من حكم رب الأرباب ، اكتفى به منه في هداه لأوليائه ، واصطفى به من خصّه الله سبحانه باصطفائه ، فمصابيح الهدى به ، تُزْهِر واهجة ، وسُبُل التقوى به إلى الله تلوح ناهجة ، يُحتاج إليه ولا يَحتاج ، سراجه أبداً بنوره وهَّاج، يُعلِّم ولا يُعلَّم ، ويُقوِّم ولا يُقوَّم، فهو المهيمن الأمين ، والفاصل المبين، والكتاب الكريم ، والذكر الحكيم، والرضى المقنع ، والمنادي المسمع، والضياء الأضوى ، والحبل الأقوى ، والطود الأعلى ، الذي يعلو فلا يُعلى ، ولا يؤتى لسورة مِن سوره أبداً بمثل ولا نظير ، ولا يوجد فيه اختلاف في خبر ولا حكم ولا تقدير ، فصل كل خطاب ، وأصل كل صواب.

فجعلنا الله وإياكم من أهله ، وعصمنا وإياكم بحبله ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد النبي وأهله وسلم تسليماً.
)) .

---

وصلّ اللهم على سيدنا محمد وآله الطاهرين

---
يتبع ..
صورة
صورة

مفتاح السعادة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 41
اشترك في: الثلاثاء يوليو 07, 2009 11:41 pm

Re: [ القرآن عند أهل البيت (ع) .. العلاقة والإرتباط ]

مشاركة بواسطة مفتاح السعادة »

كلام يدخل القلب ويختلج مع المشاعر في وقت اصبح القران فيها مهجورا

القرآن والعترة الارتباط بينهما وثيق كتاب الله وعترتي

عبارات الشكر قليلة في الأستاذ المتوكل وننتظر بقية الكلام

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس الروحي“