قال تعالي < خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعــــــــارفوا> صدق الله ،، ولتعارفوا أجمل الوقائع بقلبي وربما أحرها وهنا أقصد حرارة الكي ،، فالتعارف هنا يحث عليه ديننا العظيم وهو تبادل المعرفة في كل الإتجاهات الثقافية العلمية ،، ولعل الإلمام بإبداعات الآخرين وآدابهم ونشاطهم الإجتماعي قد دفعني للدخول بأكثر من ورطة ... لكن ورطة الورطات هي الدخول بمكابرة مجال لست أهلا له ..
خلال تجوالي مع جاليات أسيوية وجدت الفلبينيين أكثر ألفة ويسهل التواصل معهم بل والتأقلم مع عاداتهم بالراغم أنني إستهجنت بعض عاداتهم السيئة التي تخص جانب الطعام رغم أننا كنا نأكل سوية مما لذ وطاب ولكن من الإسماك والقشريات البحرية والقواقع ... وجذبني لهم إعتزازهم بزعيمهم الخالد السلطان لابولابو ، ورغم أن غالبيتهم الساحقة من الكاثوليك لكنهم يعتزون بلابولابو ، وهو السلطان المسلم الذي قتل المتكشف الإسباني ماجلان عندما وطئت قدماه تراب سلطنة السولو ( الفيلبين حاليا) المسلمة التي سماها الإسبان فيما بعد الفيلبين نسبة لإسم ملكهم فيليب ..
الفيلبينين يشعرون بميل عظيم تجاهنا كعرب ، وهم بسيطين ومتعاونين وأمناء وعمال نشيطين ... كان الجدل الحاد معهم عندما تطوع أحدهم ليشرح لي مدى جودة لحم الكلب ، ولكنني إستوقفته بدهشتي ، بقولي تقصد كلب أو الحيوان الذي ينبح ... هو هو.. صديق الإنسان وحارسه الإمين المطواع الصبور القنوع .. فقال وعليه علامة الإستغراب من دهشتي نعم بكل تأكيد ، كان ذلك الفلبيني حديث العهد بالمسلمين ،، وقد أغاظني كثيرا حيث أنني لاأقبل ان يكن صديقي المخلص وجبة سائغة مهما تكن الظروف .. وسارع زملائه لتغطية القضية ، لكن أحدهم إستدرك مضيفا أن القرود تعتبرالذ من الكلاب طعما .. وزاد الطين بلة وسرى الغثيان لجسمي وفكري ..
لم تتوقف نوبة التعارف لدي .. وذهبت مع أخوين من بلاد البنغال التي تسبح بمياه الفيضان معظم العام ... ذهبنا ليكشفوا لي مطعما سياميا ( تايلانديا ) وكنت قبل أي شئ أريد التعرف لطريقة إعداد الطعام وآدابه وديكورات المنزل وملابس السكان والغناء والرقص ... وكان لي ما أردت حيث زودوني بألبوم كامل من الصور وكانت للجنوب التايلاندي أي فطاني المسلمة المظطهدة .. أما الطعام فكدت أطير إلى القدور طيرانا التوابل تعبق والأسماك ألوانا وأصناف ... والكزبرة التايلاندية التي تشبه رائحتها الزكية الريحان .. يألاهي إن لفطاني لمذاق عجيب ، وقد عرف الأخوة بدهشتي وإعجابي وقامو يتداولون الأمر فيما بينهم ، وقدموا لزميلي البنغاليين طعاما به التوابل والبهارات الفواحة ، بيمنا قدموا طبقا خاليا منها .... وثرت وكدت أن أكسر الطبق ... للتفرقة ، فعاد النادل مبتسما بود وأدب جم ويقول أنتم العرب لاتحبون البهارات الحارة وقد حسبنا ذلك فأعطيناك شيئا خال منها ، فأخبرته أنني من اليمن وأن أكثر زراعتنا الرائجة هي الفلفل الحار ( البسباس ) حتى أننا نطلق الإسم على بعض شوارع المدن وعلى بعض الأشخاص المهمين حيث نقول الحاج بسباس ، وأردفت قائلا ومؤكدا أن الشئ الوحيد الذي لانظع به البسباس هو قهوة البن فقط ... لكننا نستخدم الزنجبيل بها .. وشاعرنا يقول :
اللحم بابشم ( أتخم) والسمن باسدم ( أصاب بالملاريا) والبسباس ياجالي الهم .
وبعد الجدل الطويل أتاني النادل بطبقي وقد أضاف التوابل والفلفل .. وبالطبع كان حارا بدرجة مقبول .. لكن زميلي ظلا يحملقان بحبيبات العرق بجبيني ويفسرانها بحرارة الطعام .. فماكان مني وبحق القبيلة ، سوى النداء على النادل طالبا منه فلفل أكثر حرارة من السابق ، وبالفعل أتاني بنوعية غريبة تشبه عيدان الثقاب (الكبريت) صغيرة الحجم ، قضمت إحداها فتغيرت ملامح وجهي وكأن جهنم الحمراء غشيتي وبحق القبيلة شربت شيا من الماء فقهقه زميلاي ، فقمت بقظم بسباسي آخر .. وشعرت كأنني صببت أسيد إلى فمي ، وبالرغم من ذلك أكملت وجبيتي ولم أعد أشعر بما يدور لشدة الألم ... وعرفت أنه يجب علي وضع القبيلة بدولاب المنزل عندما اذهب للتعارف مع الآخرين ..
القبيَله .... والبســـباس .
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال:
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 118
- اشترك في: الاثنين ديسمبر 20, 2004 1:35 am
- مكان: ستوكهولم
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال: