كيف تقتل من ينظٌرلك ,,, بدم بارد ...؟

[الهاشمي اليماني]

نفخر نحن اليمانون أننا أكثرشعوب العالم رقة ورأفة وأن حضارتنا يكاد العنف والتعسف بحده الأدنى إن لم يكن منتفيا بها ... وقد وصفنا سيد البشر (ص) بالأرق أفئدة وهو الذي لاينطق عن الهوى ... قد يكن العنف سمة حضارية لأمم ربما تكن على رأسها الأمم الآرية .. فمعلوم أن النوردك ( أسلاف الإسكندنافيين ) كانوا من العنف أن يقضوا على مدن بكل سكانها من البشر ولاينجو من غزواتهم سوى أجمل الفتيات حتى تسترق كجارية .. والنوردك أو الفايكنق لم يكونوا الوحيدين بأوروبا فالرومان كانوا يتلذذون في مسارحهم العامرة بمنظر إنسان يقتل آخر ، أو إنسان يفترسه أسد ... وهكذا وربما وصل مسلسل العنف الأوروبي والتلذذ بمنظره لمحاكم التفتيش بإسبانيا حيث كان يساق المسلمين بنسائهم وأطفالهم ليحرقوا أحياء أمام الجماهير على أبواب الكنائس ... ومن الصعب توجيه سؤال بعصرنا.. كيف تقتل من ينظر إليك بدم بارد ؟ ، وقد أجاب كارلوس الثائر الشهير بأن العملية بغاية الصعوبة ، ومن منا لايعرف كارولوس ..
وفي الحقيقة هي عملية بها شيئا من ضياع الشعور الإنساني منظر القتل وكفى ،، ولكن هناك من يحب التحدي والعنف ... ومنظر القتل بدم بارد لمن ينظر إليك ، وعلى رأس القائمة تأتي تصفية الجانحين ، والتي تتم أحيانا بغرض القتل من أجل القتل وتعميم المنظر المرعب حتى وإن كان الجانح لايستحق عقوبة الموت وكان بإمكانه الإستفادة من الحديث الشريف إدرؤا الحدود بالشبهات ... لكنه يصبح أضحية للعظة والعبرة وزعم إصلاح المجتمع والذي كان ينبغي إصلاحه بالمنهج والقدوة والتربية... والعنف لايولد إلا العنف ..
لعل منظر ذبح من ينظر إليك به الكثير من القساوة .... وذاك ما يفسره لي إختفاء أبي عند ذبح شاه أو دجاجه وكان يرحمه الله يوكل المهمة لي ، حيث دربني خالي وعندما بلغت الحلم كنانعيش بمنطقة منعزلة وكان علينا تموين المنزل بالبروتين ... كان أبي يأتي بالدجاجة ويدعها لي مختفيا حتى تلفظ أنفساها الأخيرة بينما كنت أفق شامخا والسكين الملوثة بالدماء بيميني .... وفي مرة أحضرت لنا عنزا وكان على أمي وعمتي أن تساعداني بالإمساك بالشاه ، وبعد أن جرعتها الموت الزؤام ... شاهد أبي منظر الشاه مضرجة بدمائها وقد تبولت لهول الموت ... فبكى ، مرددا ما أظلمك يإبن آدم ... ولم يأكل منها ،، وقمت أقبل قدميه أن ينبذ مبداء أبي العلا المعري ويتناول معنا الغداء ... فما كان منه سوى مراعاتنا ( رحمه الله )...
وأخذتني حياة العمل لأعمل مع غربيين ،، وأستظفت أحدهم بمطعم يمني وطلبت له سلته ومرق ... فأكل وأستساغ الطعام حتى سال العرق وأخذ يصف لبني قومه مميزات الطعام اليمني ،، فكلفوني بإقامة حفلة لهم بها الطعام اليمني ، وبعد السلتة والمرقة أحضرت لهم خروفا كاملا ورأسه عليه وعيناه منفتحين ،، فهرولت النساء رعبا ... ورددن كيف نأكل هذا بيمنا يرمقنا بعينية الجاحظتين ،، ولم أستطع رد الكلام عليهم أن أسلافهم كانوا يتلذذون بأحراق إخوتنا بالأندلس ... وأن السلف والخلف لايختلفان فبينما محارق التفتيش بالأمس هناك محارق معاصرة تحرق المنزل بساكنيه أو البلدة بأهلها دون أن ترف لهم شعرة ، لإعتقادهم أن ذاك ذبح متحضر .. وأترك أصدقائي الغربيين لآروي حكاية لي بأحد المطاعم المصرية ،،
دخلت المطعم المتميز الذي لايقدم سوى السمك ، والتفتت لمنظر سمك البلطي الحي بحوض زجاجي وسألت هل بإمكاني الأكل منه فهو يبدو لي طازجا بكل تأكيد ... وأتفقت مع النادل وقام يبحث لي عن سمكة قال أنها الأروع والأكبر بالحوض ..
اخذت الكرسي أنتظر سمكتي التي أيقضت شهيتي ... وتطلعت لها بالصحن وكانت عيناها لازالاتا تحملقان وفمها عابس ... وتجاهلت النظرة والعبوس فالجوع يفتك ولامجال للعواطف .. لكن من كان بجواري صاح علي بقهقة ... أنظر للحوض ، نظرت فوجدت مجموعة السمك تكاد تكسر الحاجز الزجاجي وتقفز لطاولتي وقد فتحت أفمامها وبدى العبوس على وجوهها ... وأدرت لها ظهري لكن منظرها وذكرى أبي أطفئا لدي شهية الطعام ... نهظت عن الطعام ،، متسآئلا كيف تأكل من ينظر لك .. بدم بارد ؟؟

[نشوان الحميري]

شكرا اخي الهاشمي,

موضوع جميل جدا تمتعت بقرائته, وأسلوب تغبط عليه فمزيدا مزيدا

[محمد الغيل]

الواقع إن موضوعك هذا لطيف جدا لكني اتذكر أن بلادنا لها العديد من المناخات الجغرافية والحديث الثابت في اهل اليمن لعله ينطبق على اهل التهايم لكن تبقى مشكلة وهي أنهم يكثرون من اكل السمك ويصيدونه بدم غامق .
أما الجبالية فقد اصابهم الصقيع وقد اتوا على الاخضر واليابس وقرشونا قرشا وإن صح طرحونا فرشا ومن ثمت تعرف أيضا أن حمران العيون قد تعلموا من بيض الوجيه وزق العيون وصفر الجلود كيف ينفذون تعاليم الكابوي ورعات البقر في طريقة الذبح وعلى طريقة المافيا المنتشرة في بقاع الارض ولهذا ايضا تجد أن علب التونة والسردين في لندن بالذات مكتوب عليها مذبوح ولست مدبوخ بل مذبوح على الطريقة الاسلامية .
تحياتي لك وقبلاتي ايضا

[الهاشمي اليماني]

نشوان .... الف شكر لمرورك بالموضوع ، وفخر لي بصعديا آخر هو القاضي نشوان بن سعيد الحميري ، بكما أفتخر وأعتز ... مع خالص الحب والتقدير ..

محمد الغيل : الحبيب الغالي أهل تهامة ما من شك أنهم متمدنيين ولاننفي التمدن عن أهل الجبال ... لكن هناك دافع ومدفوع وبينهما مصالح شخصية لإنتهازيين ،، والإنتهازيين هم من كانوا بسالف الزمان يأتون التهامي ويطلبون منه دجاجة حبلى وتحولوا بقدرة قادر أو كما تخلق الفراشة .. لمرحلة نضال ليلي ، ثم دخول أبواب الثراء الواسعة وعلى حساب الكل التهامي والجبلي وحتى الصحراوي ... تحياتي وحبي وتقديري لشخصكم الرائع .

[نشوان الحميري]

شكرا اخي الهاشمي وكل الفخر والإعتزاز لي أنا بك, وربما أكون أعرفك شخصيا
مع خالص الحب والتقدير ..

[الهاشمي اليماني]

حبيبي نشوان ..... ذاك يزيد من سعادتي وفخري بك ، وآمل أن تكن صعديا كلقبك .