لقد أثار دهشتي الخبر الذي قرأته صباح اليوم على الصفحة الأولى لصحيفة ( الثورة ) وهي الصحيفة الرسمية للدولة ، حيث ذلك الخبر كان نصه كالتالي :-
================
لمخالفته تعاليم الإسلام وخروجه عن الكتاب والسنة
منع إقامة يوم ( الغدير )
الثورة نت
27/1/2005 م
أكد مصدر مسئول أن قرار منع إقامة ما يسمى بيوم ( الغدير أو النشور ) في بعض المناطق ، جاء من منطلق أن هذه الممارسات تتنافى مع أسس ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وتتعارض مع الكتاب والسنة .
وأوضح المصدر أن مايسمى بيوم الغدير بما يتخلله من فعاليات إنما تهدف إلى نشر الأفكار الهادمه والدخلية على العقيده الإسلامية وعلى المجتمع اليمني المتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأضاف المصدر أن المجتمع اليمني يرفض أي ممارسات دخيلة على معتقداته ومنها ما يسمى بيوم الغدير الذي يمثل بدعة مخالفة لحقائق الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه السمحه .. مشيراً إلى ما تسببه تلك الممارسات من إثارة للفتنه وشق وحدة الصف الوطني والإساءه لمعتقدات الشعب اليمني .
ونوه المصدر بأنه وانطلاقاً مما سبق فقد كان لازماً على سلطات الدولة إتخاذ هذه التدابير بمنع إقامة يوم الغدير .
=================
تعجبت وتذكرت ذلك الموضوع الذي روجت به الدولة للغدير بأسلوب غير مباشر على صفحات جريدة المؤتمر ( الناطقة باسم الحزب الحاكم ) !!! ؟؟؟
وإليكم هنا الموضوع الذي نُشر قبل حوالي عام في صحيفة ( المؤتمر ) :-
بنادق الزيدية ترفع أذان ( عيد الغدير ) من جبال صعده
"السبت, 28-فبراير-2004"
المؤتمر نت - تقرير: نزار خضير العبادي -
((الموضوع يُعاد نشره بعد مراجعة وتصحيح الاستاذ الفاضل / أحمد العمـــاد )) -
وحدهم يتعقبون خطى الأيام، ويعدّون بأصابعهم أنفاس المسافات التي تفصلهم عن صخب العيد ، ونفحات الفؤاد الضاميء للقاء مهجته ، اذ تجتمع الأحبة من كل صوب لتكبير الواحد الجبار ، والهيام بحب رسوله الكريم( ص ) ، وعناق ذكرى بيت النبوة الطاهرة الذين خصهم الرحمن بقوله: ( إنّما يُريدُ الله ليُذهب عَنكم الرّجس أهلَ البَيت ويُطهِّرَكُم تَطهيرا )
* الخلفية التاريخية للمناسبة:
(عيد الغديـــر) ليس كبقية أعياد الأمة الإسلامية ، إذ أن احتفالياته تفوق كل الأعياد . لكنه سمي "عيداً" كونه يعود في كل عام كمناسبة تحتفي بها عامة الناس . وقد توارثت " الشيعة " الاحتفال بيومه منذ قرون ، حتى بلغت به الأجيال زماننا الحاضر، حاملة معه كثير من التقاليد والطقوس الخاصة بهذا اليوم المميز من حياتهم .
وهكذا عظم شعائره أهل اليمن ، وتواصى به الأئمة الزيديين ممن آل إليهم حكم اليمن ضمن سلسلة أئمة الدولة الزيدية التي بسطت نفوذها على مناطق شمال اليمن منذ نجاح ثورة الإمام يحيى الهادي بصعدة، والذي يعتبر مؤسس المذهب الزيدي في اليمن الذي يستمد تسميته من (زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب)، ويصنّف ضمن فرق الشيعة المعروفة بتبنيها لفكر وفلسفة أهل البيت (عليهم السلام).
أما ارتباط هذا العيد بـ(الغدير)، فهو أمر عائد إلى المناسبة التي شهدها موضع في مكة المكرمة يقال له (غدير خُم) . إذ يروي علماء المسلمين عامة: أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقف في الثامن عشر من ذي الحجة في ذلك الموضع بعد انتهائه من حجة الوداع، وخطب بعدد من المسلمين، وكان علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) بجانبه، وقال: )من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والي من والاه، وعادِ من عاداه) فضلاً عن عبارات أخرى يصف بها الرسول منزلة عليّ منه كـ(منزلة هارون من موسى)مستدركاً( إلاّ أن لا نبيّ من بعدي ) وغير ذلك.وهذا الحديث" أخرجه الترمذي في الجزء الأول – برقم 3713في المناقب ، والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي والنسائي وأحمد بن حنبل في المسند ، والطبراني ، وابو بعلى.. وغيرهم ) وهو الأمر الذي تقول عنه الشيعة بأن تلك الخطبة كانت بمثابة وصية بالخلافة للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام) بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
* التحضير ليوم الغدير
تختص محافظة صعدة بإقامة شعائر عيد الغدير، كونها مهد الإمامة وفيها مرقد الإمام يحيى بن علي الهادي مؤسس المذهب الزيدي، وباعتبار أن ما يقارب 90% من سكانها يتدينون بالزيدية، ويحتضنون أكبر مدارسها الفقهية التي يتخرج منها سنوياً عدد كبير من العلماء والخطباء والمفكرين، فضلاً عن أن صعدة هي مدينة المخطوطات التاريخية في شتى علوم الحياة، والتي لا يكاد بيت فيها يخلو من مخطوطة.
ويحرص أبناء صعدة (الزيود) على التحضير والإعداد ليوم الغدير قبل مجيئه بعدة أسابيع، ليس فقط فيما يخص شراء الذخيرة الحية للبنادق ، بل أيضاً في تهيئة لافتات القماش التي تُكتب عليها بعض الشعارات الدينية والأحاديث النبوية، ومأثور أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
علاوة على ذلك، فقد تطورت الإعدادات منذ النصف الثاني من التسعينات كردة فعل على أنصار " الوهابية" ، ولتجاوز بعض الاساليب التي كانت متبعة عند الزيود ، فدخلت فيها الهياكل الفنية المعمولة من الفلين أو الفيبرجلاس والخشب والمعدن وغيرها. وهي ليست هياكل صغيرة وإنما كبيرة جداً لا تسعها بعض عربات الحمل الكبيرة، إلا أنها جميعاً مصممة على نحو فنّي رائع يمثل رموزاً دينية أو دلالات مقدسة، وقد تتخللها هياكل ضخمة لدور علم محمولة على ناقلات كبيرة ويظهر عليها أيضاً عدد من الأشخاص الذين يؤدون مشاهد تمثيلية تترجم حركة النهضة العلمية في اليمن (انطلاقا من المؤسسات الخاصة بأهل المذهب)، وقد يكون المشهد يعبر عن العمل الزراعي أو الصناعي.
ومن الأمور السابقة ليوم العيد هو اجتماع الشباب المتعلمين وعدد من المثقفين على صيغة حلقات تتولى كل منها إعداد المنشورات، المطويات، والملصقات المختلفة التي تتحدث جميعها عن المناسبة ومناقب أهل البيت. ودائماً يرافق ذلك خروج عدد من الشباب إلى الشوارع الرئيسية وكتابة العبارات المختلفة على واجهات الأبنية.
ولا شك أن الخطباء يكثفون من حثهم للناس على المشاركة بفعاليات العيد، ويعقدون العديد من المحاضرات التي تشرح أهمية الاحتفال. وفي الليلة السابقة ليوم الغدير يتم تجهيز خطط السير والمواقيت .
* احتفالية عيد الغدير
بعد فجر يوم 18 ذي الحجة تتجمع رجالات القبائل والفتية والصبيان كل في قريته أو المكان المتفق عليه سلفاً، وما أن يكتمل الجمع حتى ينتظموا بصفوف تتقدمها السّادة والوجهاء وعليّة القوم، ثم يبدأ التحرك على الطرق المؤدية إلى جبل يسمى (المخروق) من بلاد (نشور).
ومنذ الخطوة الأولى يبدأ إطلاق الرصاص إلى الجو إيذاناً بالعيد، وتتعالى الأصوات مرددة الزوامل (نوع من الزجل الشعري المتوارث في اليمن )، وجميعها تمتدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام علي بن أبي طالب وبقية آل بيت النبوة الطاهرة. ومن زوامل الغدير هذا الزامل الذي أنشده شاعرهم عبد المحسن النمري من وادي نشور:
* سلام له بارق وراعد .. هز المواقع والقواعد
ذكرى(علي) القايد.. خليفة من رسول الله
المصطفى قد قال شاهد.. . حديث يرجم كل حاقد
من كنت مولى له... فعلي من بعدي مولاه
وقد تلتقي العديد من القبائل أو المواكب على خط سير واحدة، فتشكل مسيرة حاشدة تختنق بها شوارع مدينة صعدة – خاصة- إذا ما التحمت بها مواكب أهل المدينة، وانضمت إليها العربات والناقلات ذات الهياكل الفنية ، وكذا حاملي اللافتات والبيارق الملونة.. إلا أن الأمر هنا سيبدو مثيراً للرهبة من جراء دوي الرصاص الذي لا يسكن لحظة واحدة أو ينتابه الفتور.
وفي الحقيقة أن جبل (المحروق) يقع على أطراف المدينة ولا يبعد عن مركزها بأكثر من نصف ساعة سيراً على الأقدام. وسرعان ما ستصله المواكب. لكن أهالي المدن البعيدة مثل (خمر، حوث، رازح، منبّه، آل عمار) وغيرها ربما يضطرون إلى الوصول إلى مركز مدينة صعدة بالسيارات ثم يترجلون من هناك على نفس الأسلوب. أما أهالي المحافظات الأخرى فغالباً ما يتوافدون على صعدة مساء اليوم السابق، ليجدوا أن هناك من هيأ لهم أماكن الضيافة وكل من يقف على خدمتهم. * نَصْع وبَرَع وزامِل
عند جبل (المحروق) سيكون بإمكان المرء الوقوف على مشهد حي لحالة تكاد تفوق أشرس معركة برية بمقدور جيش ما أن يخوضها.. فمئات الوافدين- من مختلف الأعمار والمراكز الاجتماعية- سيصوبون أسلحتهم إلى صدر الجبل ويطلق كل واحد منهم وابلاً من الرصاص عليه وسط صخب قوي جداً من التهليل والتكبير وضحكات الابتهاج.. بعض الآباء يصطحب صغاره معه، ويجد متعة في السماح لهم بإطلاق بضع رصاصات باتجاه الجبل، في حين يكون هناك الكثير من الصبية والفتيان ممن حضر المكان حاملين بنادق على أكتافهم، وبين الفينة والأخرى يطلقون الرصاص. وهو الأمر الذي تترتب عليه حوادث قتل بالخطأ في كل عيد.
وعلى كل حال، فأن الجميع ما يلبث أن ينتظم بحلقات أو مجموعات، البعض فيها ( يبترع) يرقص على إيقاعات ( الطاسة) , وبعضها الآخر يتجاذب الزوامل، في حين أن هناك من الشعراء من سيحول العيد إلى (سوق عكاظ) ينشد فيه القصائد المختلفة ذات الصلة بالمناسبة إلى جانب قيام فريق آخر بتوزيع المطبوعات على اختلاف مسمياتها. وفي هذه التجمعات البشرية الهائلة، سيجد البعض في الزوامل فرصة للتمدح بالإمام علي- على غرار هذا الزامل الذي أنشده شاعرهم عبد الله قاسم الضوء:
* في يوم الغدير الخُم ذكرى دَيْوله ودين
فيها النبي ولّى عليّ والناس شاهدين
في حجة الوداع وفي البخاري والصحاح الست ذا الخبر
ولا حدا يسمع بتغريد المخالفين
المذهب الزيدي قوي من بعد الأولين
واحنا على نهج النبي لو نطحن الحجر
* وهذا زامل آخر للشاعر سالم هادي ثالبة:
* ياسلام الله ما شنّت سبوله.. كل مزرع يمتلي
فضل في ذا اليوم محسن قبولـه.. شيعوا ذكرى علي
يوم قال المصطفي أنت الخليفة.
قد نزل جبريل لاعنده بقوله.. قال بلغ بالوصي
بانصدق قول ربي ورسوله.. والكتاب المنزلي
وانكذب ما أبرموه أهل السقيفة.
وهكذا تستمر مراسيم الاحتفاء بعيد الغدير حتى صلاة الظهر ثم يتفرق الجميع كل إلى جهته على أمل أن يلتقي الكثير منهم في المقايل لتداول حديث هذا اليوم الصاخب
..
===============
وإذا أردتم الإطلاع بأنفسكم على ذلك الموضوع في موقع المؤتمر نت وذلك لأني لم أنقل المقال كاملاً بسبب عدم قبول لوحة التنسيق لطول النص ، فهو على الرابط التالي :
http://www.almotamar.net/7079.htm
وأظن أن الأيام القادمه ستكون مليئه بالعجائب الأخرى .