رمضـــان‮ ‬يحيي‮ ‬ذگــــرى‮ ‬رحيل ؟

أضف رد جديد
مواطن صالح
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1606
اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
مكان: صنعاء حده
اتصال:

رمضـــان‮ ‬يحيي‮ ‬ذگــــرى‮ ‬رحيل ؟

مشاركة بواسطة مواطن صالح »

رمضـــان‮ ‬يحيي‮ ‬ذگــــرى‮ ‬رحـــيل‮ ‬الشيــخ‮ ‬الحــافظ‮/ ‬محمد‮ ‬حسين‮ ‬عامر‮ ‬

<object width="425" height="344"><param name="movie" value="http://www.youtube.com/v/aqtJlWcXTnY&hl ... ram><param name="allowFullScreen" value="true"></param><param name="allowscriptaccess" value="always"></param><embed src="http://www.youtube.com/v/aqtJlWcXTnY&hl=en&fs=1&" type="application/x-shockwave-flash" allowscriptaccess="always" allowfullscreen="true" width="425" height="344"></embed></object>[/youtube]





> يَحضُرُ الشيخُ الحافظ/ محمد حسين عامر في ذاكرة اليمنيين كواحد من أهم الشخصيات القليلة التي حازت الإجماعَ الوطني، وحققت الرقم القياسي في إكتساح إحترام الملايين وكافة شرائح المجتمع اليمني، نساءً ورجالاً، أطفالاً وشيوخاً، مثقفين وساسة..

وكان صوتُ الشيخ/ محمد حسين عامر وعبَقُ تلاوته وروائع إنشاده أكثر حضوراً وتأثيراً في ذائقة اليمنيين في ليالي وأيام شهر رمضان المبارك، حيث يصبح الشهر الكريم وكأنما هو الإسم المرادف للشيخ أو العكس، ولا يمكن تصور إنقضاء اليوم الرمضاني دون أَن يكونَ شيخـُـنا حاضراً بصوته القرآني وتجلياته العرفانية بتلاوة وأدعية وصوت فريد وطريقة في الأداء والقراءة تميز بها وأختصها لنفسه لتصبح فيما بعدُ مدرسةً يمنية عربية إسلامية عريقة في علوم القرآن وفنون التلاوة والإنشاد.

في أيام كهذه أيام الشهر الكريم رأت »البلاغُ« إتحافَ القراء والمتابعين بنبذة يسيرة تسلط الضوء على الشيخ الجليل بإعتباره واحداً من أعلام اليمن المهمين والقلائل ممن نبغوا في القرن العشرين.

وزيادة في إرتباط شيخنا بشهر رمضان أبت العنايةَ الإلهية إلا أن تأخذَه إِلـَـى جوار ربه في مثل هذه الأيام، حيث كانت وفاته في يوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك 1419هـ.

< حميد محمد



محمد حسين عامر

> إنطلقت صرخة طفل معلنةً قدومَ مولود كفيف، مثله مثل أخيه أحمد، كان ذلك في عام 1938م في منطقة سواد الحدا بالتحديد في قرية الظواهرة، وفي لحظة كان ينتظرها الوالد بصبر وترقب أمسك ولديه أحمد ومحمد كلٌّ بيد، وانطلق بهما وكانت وجهته صنعاء وقراره الجامع الكبير ومسكنهم مسجد العلمي، وخلال سنة وأربعة أشهر كان قد حفظ القرآنَ الكريمَ كاملاً.



ذات يوم طلب الوالد من محمد أن يسمعَه بعضَ السور تثبيتاً للحفظ، وكان محمد يقرأ بداية السورة ولا يستطيع إكمال الباقي، وطلب الوالد من أخيه أحمد نفسَ الطلب فكان يقرأ من بداية السورة ولا يستطيع إكمال الباقي، فكانت دهشة الوالد كبيرةً وكان إحباطه بذلك أكبر، وما هي إلا أيام قليلة وبعد أن نصح الوالد مَن هُم حوله من العلماء بأن يعطيَ ولدَيه قسطاً من الراحة ففعل الوالد ذلك عندها عاد الحفظُ اليهما، وكان ذلك الحفظ السريع للقرآن الكريم قد شد إنتباه مشايخ وعلماء الجامع الكبير.

وفي بداية الخمسينيات جذبت تلك التلاوةُ وذلك الأداء الكثيرَ منهم، وقد جاوز ذلك الحَدَّ لدى العلامة محمد محمد المنصور حفظه اللـَّـه الذي أخرج قلمَه من جيبه وكتب إلى القائمين على المدرسة العلمية التالي: (ولدان ضريران صغيران مع والدهما يتدارسان القرآنَ إذا سمعتهما يذكر أحدهما الآخر، يأخذك بهما سرور وغبطة).

فكانت هذه الكلمات هي البداية للدخول إلى المدرسة العلمية التي من خلالها تلقيا العلوم المختلفة والقراءات السبعية، وإذا كانت تلك التلاوة قد جذبت العلامة محمد بن محمد المنصور فإنها أيضاً قد جعلت الأستاذ/ أحمد محمد المروني والأستاذ أحمد حسين المروني يطالبان بضرورة ضم هذا الصوت إلى الإذاعة، وقد تحدد موعد التسجيل فوراً، ومن إذاعة صنعاء إنطلق ذلك الصوت عبر البث المباشر، حيث كانت الإذاعة في بداية الخمسينيات تبث برامجها مباشرةً ولم يكن هناك تسجيلٌ نظراً لقصر فترة البث والإرسال التي لم تكن تتجاوَزُ ساعات محدودةً من فترات معينة، فانتقل ذلك الإعجابُ إلى نفوس الكثير من مسؤولي وعاملي الإذاعة، منهم مدير الإذاعة آنذاك محمد أحمد الشامي، والأستاذ/ أحمد الرعيني والأستاذ/ محمد موسى رحمه اللـَّـه والدكتور/ عَـبْـدالعزيز المقالح والأستاذ/ يحيى ناصر الدرة وغيرهم، ولأن والده لم يتعود أن يفارقـَـه لحظة ذهابه للإذاعة يومياً، حيث كان مصدر خوف وقلق فلم يكن من المؤيدين لذلك إلا أن التشجيعَ على المواصلة، وخاصة من الأستاذ/ يحيى ناصر الدرة قد جعل الوالد يتراجَعُ عن قراره، وخاصة عندما بدأ التسجيل، فكانت أولُ تلاوة سجلها الشيخ/ محمد حسين عامر من سورة الأنعام، وبرغم الإرتباك والمفاجأة الكبيرة التي أحس بها الشيخ/ محمد حسين عامر عند سماعه لصوته لأول مرة من الإذاعة فقد زاد حبه للإذاعة وإستمرار العمل والتواصل، ونظراً لإعجابه بالسيد أحمد موسى والعزي النعماني رحمهما اللـَّـه وهما من أبرز المنشدين للتواشيح الدينية في صنعاء فإن ذلك الإعجاب قد تحول إلى ممارسة، فأضيف إلى جانب تسجيل القرآن الكريم تسجيل أول توشيح يقول مطلعه:

من مثل أحمد في الكونين نهواه..

بذلك الأداء المميز والصوت العذب والإجادة والإتقان.. وكل هذا قد مهد لتسجيل التوشيح الثاني الذي يقول مطلعه:



كيف ترقى رقيك الأنبياء

ولم يكن ذلك الصوت محصوراً في الإذاعة وحسب، بل انتقل إِلـَـى خارج الاذاعة، ففي الستينيات إنظم إِلـَـى التوجيه المعنوي، وانتقل ذلك الصوت الذي كان الناس يسمعونه في إذاعة صنعاء إِلـَـى إذاعة عدن، حيث سجل لإذاعة عدن وإذاعة تعز وإذاعة الحديدة.

وفي بداية الستينيات بدأت إذاعة صنعاء النقل المباشر لصلاة الفجر يومياً في شهر رمضان المبارك من الجامع الكبير بصنعاء، وفي مقدمة الجامع الكبير بدأ جلوسه خلف ميكرفون الإذاعة، ثم قامت إذاعة صنعاء بالنقل الأسبوعي المباشر لخطبتي وصلاة الجمعة من الجامع الكبير التي تسبقهما فترة قصيرة يستهلها الأستاذ/ يحيى ناصر الدرة، معلناً البدء المباشر بذلك التقديم الرائع الذي يوحي بالخشوع والتعظيم حين يقول: من رحاب الجامع الكبير المقدس بصنعاء، من هذه الرحاب الطاهرة ننقل لكم وعلى الهواء مباشرة تلاوة مباركة يرتلها علينا فضيلة الشيخ الحافظ/ محمد بن حسين عامر.

واستمر هذا العطاء من بداية الستينيات حتى أسس مدرسة لتحفيظ القرآن بمسجد النهرين، وتولى إدارتها، واستقبل الكثير من الطلاب الذين كانوا يأتون إليه من كـُــلّ مكان لتعلم القرآن والقراءات السبعية. وانشغل بالتدريس في الجامع الكبير ومسجد النهرين وفي المنزل، وكان يقوم بتقسيم أوقاته وتنظيمها.







الوقت عند الشيخ/ محمد حسين عامر

> لم يكن ليصل الحافظ/ محمد حسين عامر إِلـَـى المرتبة الرفيعة والمقام السامي لو لم يكن يعرف لوقته حقه ويقوم باستغلاله وتنظيمه بالصورة المثمرة، وكان يتجلى احترامه وتقديره للوقت من خلال إعجابه بسماع أصوات الساعات الحائطية، خاصة إحدى الساعات التي كانت موجودة بمسجد العلمي وأخرى بالجامع الكبير بصنعاء، ولم يكن يحتاج إِلـَـى حمل الساعات الصغيرة التي تلامسُها أنامله بهدف معرفة الوقت فقد كان لديه إحساس عجيب لمعرفة الوقت.


<object width="425" height="344"><param name="movie" value="http://www.youtube.com/v/tI49P8pnVOw&hl ... ram><param name="allowFullScreen" value="true"></param><param name="allowscriptaccess" value="always"></param><embed src="http://www.youtube.com/v/tI49P8pnVOw&hl=en&fs=1&" type="application/x-shockwave-flash" allowscriptaccess="always" allowfullscreen="true" width="425" height="344"></embed></object>[/youtube]



محمد حسين عامر الإنسان

> كان رحمه اللـَّـهُ من المعجبين والمحبين للطيور، وكان يقوم بشرائها وتربيتها في بيته بنفسه، وفي رحلاته إِلـَـى الخارج كان أول مكان يقصده حديقة الطيور، وكثيراً ما تشده الرحلات والجلوس في الأماكن المليئة بالأشجار معجباً بخرير المياه المنسابة من الجداول والأنهار والشلالات، وكم من مرة كان يداعب فيها أصدقاءَه ويخفف عنهم أحزانـَـهم بالطرف والمواقف الممزوجة بالإبتسامات الصادقة، وكان مسجد النهرين مقصده فجر كـُــلّ يوم لأداء الصلاة، حيث كان يمشي إليه لمفرده، وكان منزله مجاوراً للمسجد، وكثيراً ما شاهده البعض وهو يحمل والده على كتفه ويسير به عدة خطوات مداعباً له وكأنه يقول له: هكذا كنت تحملني وأنا صغير فأنا اليوم أحملك تقديراً وتعظيماً لما قدمته لي. وأياماً أكثر كان يحمل والدته ويداعبها ويجلس ساعات إِلـَـى جوارها، خاصة أثناء مرضها يقبل قدميها ويتحسس أوجاعها وكأنه ممرض ماهر.

أما في رحلاته وتنقله إِلـَـى قريته فكان يقوم بمداعبة الحيوانات الأليفة ويحملها ويضعها على صدره موصياً بالإهتمام بها والعناية والرفق بها وكان دائماً صاحب قلب حنون ومحب، وهو نعم الأب ونعم المعلم.

وكان رحمه اللـَّـه قوي الفراسة فبمجرد كلام يدور بينه وبين شخص يتفرس فيه الذكاء وكرم الأخلاق وكبر النفس وعظمتها، فقد عوضه اللـَّـه بالبصر نور البصيرة، وصدق فيه قول ابن عباس:

إن أذهب اللـَّـهُ من عيني نورهما

ففي فؤادي وعقلي منهما نورُ

قال عن وفاته الدكتور/ عَـبْـدُالعزيز المقالح: إن صنعاءَ لم تكن وحدَها الحزينة بفقده فقد ارتعش اليمن بأكمله لرحيل أحد أعلامها المميزين، فقد كان صوته العذبُ يبعَثُ الضوءَ في النفوس لا سيما في أسحار رمضان الكريم، ولم يكن غريباً أن تخرج صنعاء عن بكرة أبيها في وداع هذا القارئ الحافظ تعبيراً عن تقديرها لدوره كواحد من القلائل الحفظة ليس في بلادنا وحسب وإنما في الوطن العربي والإسلامي.

البردوني يشهد للشيخ عامر

> وقد أبَّـنـَهُ الشاعر الكبير/ عَـبْـداللـَّـه البردوني في مقال مطوَّل إنتقد فيه الإذاعات العربية خاصة منها إذاعات دول الخليج لتجاهلها تلاوات الشيخ/ محمد حسين عامر، وهي التي تبث الغث والسمين لمن هب ودب في العالم، وقال: لا يمكن السكوت عن تغاضي الإذاعات العربية وعلى وجه الخصوص في شبه الجزيرة والخليج عن تركها إذاعة تلاوته التي لا تغلق ليلاً ولا نهارا وتقبلت من الأصوات كل ما وردها أما تسجيلات تلاوة الشيخ محمد عامر فلا تخطر على بال مذيعي اليوم وبالأخص إعلاميي هذا الزمان؛ لأنهم موظفون لا مثقفون كما يقتضي شرط الإعلامي فإذا هان على الجيل السابق فهو على الجيل الذي يليه أهون، ولكن ليس في تلاوة عامر وإنشاده أي مأخذ ولا أهون الهنات، فالجهل عند الذين يتجاهلون تلاوته المختارة.

وقد جمعت البردوني بالشيخ محمد حسين عامر علاقة خاصة تكوَّنت في الجامع الكبير بصنعاء وقال عنها البردوني: إنه وَأثناء ما كان سجيناً سياسياً استخرج من نائب الإمام تصريحاً للحضور إِلـَـى الجامع الكبير طوال اليوم ثم العودة إِلـَـى السجن بعد العشاء، وخلال تلك المدة وأثناء لقائي بالأخ محمد حسين عامر كنت شكوت إليه نسياني لأغلب متن الحاجب وبسبب أنه أعمى لم يعلم إلى من يلجأ في صنعاء يقومُ بتحفيظه ما نسيه في السجن، فقال له الشيخ عامر: الكل يحترمونك. فقال البردوني: بل ينفرون مني بما فيهم والدك أي الحاج حسين عامر، وذلك لأنني سجينٌ سياسي. فقال الأخ محمد لا بد أن تجد في الحبس من يعينك ويلبي طلبك، فأعدت حفظ متن الحاجب على يد القاضي محمد الحجي في أسبوع؛ لأني كنت أستغل فرصة كـُــلّ وقت لتلاوة القرآن خوفاً من شروده الذي كان يخوفنا به (سيدنا) في معلامة القرية بصوته العالي: (إن للقرآن شردات كشردات الإبل).

وعن العلاقة التي جمعت البردوني بالشيخ الحافظ محمد حسين عامر يقول الأول: إلا أن صلتي بعامر بعد ذلك كانت قليلةً، إذ كان كـُــلُّ واحد منا يختلف عن الآخر مع وجود الصلة الودية على عكس أغلب العميان. ويضيف البردوني: وكنت أقدر دأبهما (محمد حسين عمر وأخوه أحمد) وأخاف عليهما من سلطة أبيهما الذي كان يبدو قوياً مخيفاً، وبالأخص إذا خف الجيب، أما أنا فقد كنت أنال نصف ريال كـُــلّ يوم مدة مكوثي في السجن، حتى أصبحت أخافُ من الإطلاق، إلا أني استرجعت مهنتي في مطلع الشباب وهي المحاماة، وذات يوم استضافني الشيخ عامر وأكد لي أنه يتابع مقالاتي التي كنت أنشرها في صحيفة 26سبتمبر، وقد وجدت مجلسه عامراً بالفقهاء والزهاد وأصحاب الفضيلة العلماء، وكان يفوق الكل، وإذا سأله أحد رد السؤال إليَّ، ولا أنسى قوله لي: يجب استكثاركم من الكتب حول تنزيل آيات القرآن وسبب نزول كـُــلّ آية وعلى من؟، ولمن؟، ومعرفة الموقف المستدعي لذلك، ثم معرفة المتشابه والمحكم والناسخ والمنسوخ، وكان في مكتبة الشيخ محمد تفسير الكشاف للزمخشري وتفسير ابن كثير فعلمت أنهما يجمعان بين علمين من علوم القرآن، إذ ركز الزمخشري على البلاغة القرأنية والتبصير بالفرق بين المثل الجاهلي والآية القرآنية من نوع المثل الجاهلي القائل (القتل أنفى للقتل) فلا يدنو هذا من نظام الآية (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) أما ابن كثير فكان يغوص في المضامين والتحليل، وبعد ذلك قال الشيخ عامر ناقلاً عن العلامة محمد المنصور: من يقبض لنا هذا البردوني لقد أصبح يملك شيطان الشعر والنثر أيضاً. وفي ذات مجلس يقول البردوني: إستضافنا الشيخُ/ علي فضة مع أولئك العلماء، وكان نقاش حول تفسير سورة إذا جاء نصر اللـَّـه والفتح، فقال البعض: إن جواب الشرط مقدر، فلاحظ مضيفنا سكوتي فسألني، فقلت: لماذا نجتلب جوابَ الشرط من خارج السورة وهو في صميمها (فسبح بحمد ربك) أليس حرف الفاء هو رابط الشرط إِلـَـى جوابه. ثم بعد ذلك عرفت أن الذي أشار إليَّ كمرجع هو الشيخ/ محمد حسين عامر، وكنت أعرفه منشداً مجيداً، وكانت القصائد التي ينشدها في المناسبات من الشعر الإلهي البليغ ومن المدائح النبوية إِلـَـى جانب غزليات عامة نزيهة من مثل:

يا صاحبي خذ الطريق الأيمن

وحذار من ضبيات ذلك المنحنى

وكان يراعي الوجوهَ المختلفة في المجلس فينشد أية قصيدة يختارها أحد الجلوس، وكان على كثرة حفظه من شعر الإنشاد، لكنه قليل المشاركة في الشعر المناسباتي، وكان يملك صوتاً جهيراً دقيق الذبذبات غير صافي الطبقات لعلة ضئيلة في صدره والدليل على هذا كثرة أمراضه.

وفي سنة 63م إستقبل قراء اليمن كوكبة من قراء مصر برئاسة الشيخ محمد، واجتمعت الوجوه المعروفة من أمثال أحمد زبارة المفتي ومحمد المنصور وحمود عباس المؤيد وعلي بن أحمد السياغي، وسأل الشيخ محمود خليل الحصري عامر: من هو شيخك؟. قال: هؤلاء جميعاً. قال الحصري: بل أنت شيخهم جميعاً. بعد تلاقي أسبوع يتدارسون فيه القرآن، واعتز الشيخ محمد بتلك الشهادة، وبعد تلك السنة عاودت الشيخ محمد الأمراض وكان يضل محتفظاً بعادته في التلاوة في البيت وفي الجامع بعد تحسن أحواله، إذ تعالج في مصر حوالى شهرين، وضل يتعهد صحته عند الأطباء المحليين، وقد سبقه أخوه أحمد إِلـَـى نداء ربه آخر الثمانينيات، وكان بينه وبين أخيه محمد رحمهما اللـَّـه حوالى تسعة أعوام، ولم يكن بين ميلادهما فارق كبير، إذ كان أحمد من مواليد 36 ومحمد من مواليد 38.

لقد كان محمد حسين عامر دؤوباً ودوداً جاداً، لم يسمع منه جليس كلمة سوء في أحد أو من أحد، وكان كثير التحرج يخاف عثرة اللسان إِلـَـى جانب أنه كان قوي الاحتمال للمرض على عادة أهل الحدا الذين كانوا لا يسمون الزكام والعرق والأرق مرضاً.

محمد حسين عامر مع رفيق دربه في إذاعة صنعاء الأستاذ عَـبْـدالوهاب الذاري

> لسنوات عديدة كان الذاري على موعد مع بالشيخ عامر يلتقيان فجر كـُــلّ يوم في شهر رمضان المبارك من كـُــلّ عام ليبثا إِلـَـى الناس عبر الأثير شعائر صلاة الفجر.. كان صوتُ المقرء محمد حسين عامر يشق سكون الليل، فيثير في القلوب دقات هي مزيج من الرغبة والرهبة لما يمثله جلال الموقف من قدسية لا توصف مهما كانت بلاغة الواصفين، وفي يوم الأحد الخامس عشر من رمضان العام 1419 يقول الأستاذ عَـبْـدالباري الذاري ذهبت إِلـَـى الجامع الكبير وما إن وصلت حتى أخذت مكاني لكنني رأيتُ الناس بل كـُــلّ شيء في المسجد يشكو إِلـَـى اللـَّـه رحيل فقيدنا الغالي، وكأن الدنيا قد تغيَّرت بعده. وبعد ذلك قال الذاري إنه نعى إِلـَـى الشعب اليمني من على نفس المكان الذي كان يقرأ فيه الشيخ عامر القرآن فجر كـُــلّ يوم رمضاني فقال: إخوة الايمان عندما يحس أحدنا أنه موجود، ويلقي نظره وراءه يتبين بهذه اللحظة التي بدأ منها المسير في هذه الحياة ليحصي ما مر به من أيام وأعوام لن يطول بها فكره؛ لأنه لا يرى إلا بداية غامضة، ثم تتجمع السنوات الطوال والليالي العراض فإذا هي وكأنها يوم واحد طويل متلاحق الأحداث. إلى أَن قال: إخوة الإيمان بالأمس ودعنا علماً من الأعلام هو الشيخ الحافظ/ محمد حسين عامر رحمه اللـَّـه بعد حياة حافلة بحفظ القرآن وتلاوته وتدريسه لطلبة العلم، نعم أيها الإخوة لقد أصبح من كان يدارس القـُـرْآن فإذا هو درس يذكر وَإن نسينا فلا ننسى ساعات الفجر في شهر رمضان المبارك من كـُــلّ عام، ونحن في جو هذا المسجد ننصت إِلـَـى تلاوة عذبة من كتاب اللـَّـه البينات يتلوها الشيخ الحافظ محمد حسين عامر. ويضيف الذاري: في ذلك اليوم كأني أنظر إِلـَـى وجهه رحمه اللـَّـه وأشهد ذلك الصمت العجيب وذلك الوقار الذي يغمر النفس هيبة وجلالاً قد انبعث في جو المسجد صوته يشق دجى الليل مرتلاً قوله تعالى (الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان...) الآية.



وفي منتصف شهر رمضان عام 1419هـ شهدت صنعاءَ أضخم موكب جنائزي عرفته اليمن في تـَــأريخها المعاصر، وتحوَّلَ الجامع الكبير إِلـَـى قبلة عشرات الآلاف لحضور مراسم تشييع الفقيد، وكانت الدولة ممثلة برئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء وكافة العلماء والمثقفين والشخصيات حاضرةً في مقدمة الموكب.

رحمك اللـَّـهُ يا شيخنا ويا شيخَ اليمن ويا شيخَ القرآن وتغمَّدَكَ بواسع الرحمة والرضوان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
< المرجع كتاب (50 عاماً في ظلال القرآن).
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif

الأمل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 227
اشترك في: الأربعاء يوليو 22, 2009 2:20 am

Re: رمضـــان‮ ‬يحيي‮ ‬ذگــــرى‮ ‬رحيل ؟

مشاركة بواسطة الأمل »

رحمة الله عليه
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشخصيات الإسلامية“