البغدادي في رسالة للأخ الرئيس:
ما زعمَتْه النيابةُ ضد الديلمي ومفتاح ينتهكُ القانونَ
Tuesday, 21 December 2004
رفع الأستاذ/ عبدالعزيز البغدادي رسالةً إلى فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية بخصوص القضية التي رفعتْها النيابة العامة ضد العلامة/ محمد مفتاح، والعلامة/ يحيى الديلمي.
واعتبر البغدادي في رسالته أن ملف القضية التي تُعده النيابة يؤدي إلى إنتهاك الكثير من المبادئ
القانونية والإنسانية، واسند ذلك بعدد من النصوص القانونية... وفيما يلي نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المشير/ علي عبدالله صالح
رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة الأكرم
تحيةُ الاحترام والتقدير وبعد..
من خلال إطلاعي على القضية التي تُجري حالياً التهيئة لرفعها من النيابة إلى المحكمة، والمتَّهَمُ فيها الأستاذ العلامة/ يحيى الديلمي، والأستاذ العلامة/ محمد مفتاح، وجدتُ أن كل التهم محل التحقيق لا تقوم سوى على الظن والتخمين وتدخل في باب الظن الآثم لأن أية تهمة يجب أن تقوم على الدليل اليقيني لا الظنِّي ما لم فإنها ستعود بالمردود السلبي وتمسُّ مباشرة روح التسامح والسلْم الاجتماعي في المجتمع اليمني، كما تجعل فئةً أو طائفةً من المجتمع تشعر بأنها مستهدفة وهذا شعور يكاد يكون عاماً عند من ينتمون إلى المذهب الزيدي حسبما لمستُ، ولا شك أن تصريحاتكم في الفترة الأخيرة بأن المذهب الزيدي ليس مستهدفاً يمكن أن تساعد على إيجاد بعض الاطمئنان لديهم، إلا أنه أرجو أن تسمحوا لي أيها الأخ الرئيس بأن أقول لكم: إن هذا لا يكفي والذي أود إيصاله إليكم انطلاقاً من واجب النصح هو أن لا تتخلوا عن روح التسامح وأن تعملوا بجد على إغلاق هذا الملف وكل ملف يمكن أن يثير الضغينة أو يؤدي إلى الشعور بعدم الاطمئنان لدى أية فئة أو شخص أو مجموعة في هذا الوطن، إنطلاقاً من المسؤولية التي تقع على عاتقكم، وكون مثل هذه الملفات ذات طابع سياسي.
أحرر هذا إليكم بعد أن اطلعتُ على أهم ما يجري إعداده في الملف على أنه أدلة ضد المذكورَين، لأن مزعوم تلك الأدلة يؤدي إلى انتهاك الكثير من المبادئ القانونية والإنسانية وذلك للأسباب الآتية:
١- لا توجد أية علاقة للمذكورَين بأي عمل من أعمال العنف وليسا ممن يميل إلى العنف وهذا ما يشهد به الكثير وتعلمون أن أي دين أو مذهب أو اعتقاد من أي نوع لا يُعَدُ جريمةً بل الجريمة أن يعاقَب المرءُ على معتقده.
٢- أنتم مسؤولون عن رعاية الاختلاف في المذهب أو الرأي أو الاعتقاد وحماية معتنقيه وعدم السماح لأحد باستخدام السلطة من حزب ضد حزب أو مذهب ضد آخر، وعن المساواة في إتاحة الفرص للتعبير عن الرأي وغيره، وترسيخ مبدأ القبول بالآخر لدى كل الأفراد والأحزاب وكل صاحب عقيدة وبذلك تنتعش الحياة الفكرية والثقافية والسياسية، وأنا أعرف أنكم تميلون إلى مبدأ التسامح والتعايش لكن هذا من باب التذكير، والذكرى تنفع المؤمنين.
٣- المذكوران يتمتعان بسمعة طيبة، وأية إساءة إليهما تعد إساءة إلى الثقافة السلمية أياً كانت وسواء يتفق معها الإنسان أو يختلف.
٤- طُرح لكم أن الاعتصام الذي نُسبت إلى المذكورَين المشاركةُ في الدعوة إليه يُعد من باب الدعم للعنف الذي جرى في صعدة، والذي أود قوله هنا: إن الاعتصام الذي كان المذكوران من بين الدَّاعين إليه ولم يتم إنما كان لمناشدتكم بوقف الاقتتال، وأعتقد أنه لا يوجد من الوطنيين من لم يَدْعُ لوقف الاقتتال بين اليمنيين، بل وأن يكون هذا مبدأه دائماً.. كما أود هنا أن أنوه بأن الاعتصام والتظاهر وكل وسائل التعبير السلمي عن الرأي هو البديل الحضاري عن استخدام العنف وأن مَنْعَ الناس من التعبير عن آرائهم سلمياً يدفعُهم دائماً إلى البحث عن وسائل العنف، وهنا يقع المحذور، ومن المعلوم أن لكل فعل ردَ فعل، والدول الديمقراطية يُفترض أن تستفيدَ من الوسائل السلمية لإصلاح الأخطاء التي لا يخلو منها جهازٌ، ويكذب من يقول لك خلاف ذلك، فالله وحده هو الذي لا يخطئ.
إنني لا أشكِّك في نزاهة ومقدرة الزملاء في النيابة والمحكمة، لكن الكثير من الاجتهادات خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي تكون عُرضة للخطأ غالباً، وهناك مبدأ شرعي وقانوني يقول: إنك إن تُخطئ في البراءة خيرٌ من أن تُخطئ في الإدانة، إعتماداً على الظن، لأن العفو في المراحل اللاحقة للأحكام الجائرة أقل جمالاً من الحرص على العدالة من حيث المبدأ.
آملُ مُخْلصاً أن يكونَ لديكم كاملُ اليقين بأني بهذا إنما أقدمُ النُصحَ لمن هو في موقع المسؤولية الوطنية والإنسانية والأخلاقية وإن كنتم أدرى، فإن وجد هذا إلى قلبكم وعقلكم طريقاً فبتوفيق من الله لكم ولي، وإن لم يكن ذلك فالأمر لله من قبل ومن بعد.
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب).
وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
عبدالعزيز البغدادي
مستشار قانوني