نبذة عن الامام الشهيد السيد محمد صادق الصدر(قدس سره)

أضف رد جديد
جرجيس
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 16
اشترك في: الثلاثاء يناير 20, 2009 1:28 pm

نبذة عن الامام الشهيد السيد محمد صادق الصدر(قدس سره)

مشاركة بواسطة جرجيس »

نسبه

هو السيد محمد بن محمد صادق بن محمد مهدي بن إسماعيل بن صدر الدين محمد بن صالح بن محمد بن إبراهيم شرف الدين [جد آل شرف الدين] بن زين العابدين بن السيد نور الدين علي بن السيد علي نور الدين [جد آل نور الدين] بن الحسين بن محمد بن علي بن محمد بن تاج الدين أبي الحسن [جد آل أبي الحسن] بن محمد شمس الدين بن عبد الله بن جلال الدين بن احمد بن حمزة الأصغر بن سعد الله بن حمزة الأكبر بن أبي السعادات محمد بن أبي محمد عبد الله بن أبي الحرث محمد [جد آل أبي الحرث] بن أبي الحسن علي بن عبد الله أبي طاهر بن أبي الحسن بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي بن موسى بن أبي سبحة [جد آل أبي سبحة] بن إبراهيم المرتضى بن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم .
وتعرف أسرته بآل الصدر نسبة إلى صدر الدين المتوفي [1263هـ]




ولادته ونشأته
بعد أن تزوج سماحة السيد محمد صادق الصدر [والد السيد الشهيد] من كريمة آل ياسين [والدة السيد الشهيد] بقيا فترة طويلة من الزمن لم يرزقا بأطفال حتى ذهبا إلى بيت الله الحرام وتشرفا بزيارة قبر النبي فهنالك دعيا ربهما أن يرزقهما ولدا و اسمه [محمد] كما دعا زكريا ربه فاستجاب لهما كما استجاب لزكريا فرزقا بـ[يحيى العصر] الذي أحيا القلوب الميتة التي طالما ران عليها, فجعلها تنبض بالحياة من جديد فاجتمع الناس من جديد, حول هذا الولي الناصح كما اجتمعت الناس حول نبي الله يحيى آنذاك .
فولد سماحته في [17 ربيع الأول عام 1362 للهجرة المباركة الموافق 23/3/1943م] وهو يوم المولد النبوي الشريف , ومولد الإمام الصادق ولا اعتقد أنها صدفة, وإنما هو تأييد من الباري عز وجل .
وعاش سماحته في كنف جده لامه آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين ــ وهو من المراجع المشهورين وقد زامنت فترة مرجعيته مرجعية السيد أبي الحسن الأصفهاني, ثم بعد وفاته أصبح المرجع الأعلى للشيعة, وكذلك عاش في كنف والده سماحة السيد الحجة محمد صادق الصدر , وقد نشأ سماحته في بيت علم وفضل, وزق العلم منذ صباه على يد والده السيد محمد صادق الصدر . وكان لنشأته وتربيته الدينية انعكاس في خلقه الرفيع وسماحته وبشاشته وصدره الرحب الذي يستوعب كل الأسئلة الموجهة إليه حتى المحرج منها, وليس عجيبا ذلك, فان هي إلا [كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء][[1]].

دراسته وتدرجه العلمي
دراسته :
بدا سيدنا الدرس الحوزوي في سن مبكرة حيث ارتدى الزي الحوزوي وهو في سن الحادية عشرة من عمره [1373هـ ــ 1954م] مبتدئاً بدراسة العلوم الحوزوية كالنحو و غيره على يد والده السيد محمد صادق الصدر , ثم على يد السيد طالب الرفاعي, ثم على يد الشيخ طراد العاملي [احد علماء الدين في لبنان حاليا] ثم أكمل بقية المقدمات على يد السيد محمد تقي الحكيم [صاحب كتاب الأصول العامة للفقه المقارن], والشيخ محمد تقي الايرواني.
وقد دخل سماحته كلية الفقه سنة [1376هـ ــ 1957م] وكان عمره الشريف آنذاك أربعة عشر عاما, دارسا على يد ألمع أساتذتها, فقد درس :
1. الفلسفة الإلهية على يد الشيخ محمد رضا المظفر .
2. الأصول و الفقه المقارن على يد السيد محمد تقي الحكيم .
3. الفقه على يد الشيخ محمد تقي الايرواني.
4. القواعد العربية على يد الشيخ عبد المهدي مطر.ٍ
وكان من أساتذته في هذه الكلية أيضا بعض الأساتذة من ذوي الاختصاصات والدراسات غير الحوزوية كـ :
1. اللغة الانكليزية على يد السيد عباس الوهاب الكربلائي .
2. علم الاجتماع على يد الدكتور حاتم الكعبي
3. علم النفس على يد الدكتور احمد حسن الرحيم
4. وعلم التاريخ على يد الدكتور فاضل حسين
وكان من زملائه في الكلية :
الشيخ الدكتور احمد الوائلي
الشيخ مسلم الجابري
السيد عدنان البكاء
السيد مصطفى جمال الدين
السيد احمد زكي الأمين
الشيخ محمود الكوثراني
الشيخ احمد القبيسي اللبناني
وقد تخرج سماحته من كلية الفقه ضمن الدفعة الأولى سنة [1381هـ ـ 1962م] حيث كان عمره تسعة عشر عاما .
ثم دخل مرحلة السطوح العليا حيث درس :
1. كتاب الكفاية [للشيخ محمد كاظم الخراساني الملقب بالاخوند] على يد السيد الشهيد الصدر .
2. بعض كتاب المكاسب [للشيخ مرتضى الأنصاري] على يد السيد محمد تقي الحكيم.
3. بقية كتاب المكاسب على يد الشيخ صدرا البادكوبي .
وبعدها ارتقى إلى مدارج البحث الخارج[وهي أعلى مراتب الحوزة]
حيث لم يتجاوز عمره اثنين وعشرين عاما فحضر بحث الخارج عند :
1. السيد محمد باقر الصدر/ دورة ونصف الدورة في علم الأصول وكتاب الطهارة في علم الفقه .
2. السيد المحقق الخوئي/ دورة كاملة في علم الأصول وكتاب الطهارة في علم الفقه .
3. السيد الخميني/ في المكاسب
4. السيد محسن الحكيم / في كتاب المضاربة .


إجازاته

إجازته في الرواية :
فقد سُئِلَ سماحته في أحد الاستفتاءات الموجهة إليه حول إجازته في الرواية, فأجاب أن له إجازة من عدة مشايخ, أعلاها من جناب آية الله ملا محسن الطهراني الشهير بأغا بزرك [صاحب كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة] عن أعلى مشايخه وهو الميرزا حسين النوري [صاحب كتاب مستدرك الوسائل] ومنهم أيضا الشيخ مرتضى آل ياسين, ووالده السيد الحجة محمد صادق الصدر, وابن عمه السيد أغا حسين خادم الشريعة, والسيد عبد الرزاق المقرم [صاحب كتاب مقتل الحسين ], وآية الله السيد حسين الخرسان, وآية الله السيد عبد الأعلى السبزواري, والدكتور حسين علي محفوظ وغيره .

إجازته في الاجتهاد :
قد أجيز بالاجتهاد من قبل استاذه السيد الشهيد محمد باقر الصدر في سنة [1369 هـ - 1977 م] وقد كان عمره آنذاك ثلاثة وثلاثين عاما . ويذكر انه قد طلب بعض فضلاء الحوزة من السيد محمد الصدر أن يباحثهم خارجا وقد سألوا السيد الشهيد محمد باقر الصدر عن ذلك, فبارك لهم ذلك, وشجعهم عليه, وذكر لهم تمام الأهلية لسماحة السيد محمد الصدر, وقد اتفقوا على أن تكون مادة البحث الخارج في الفقه الاستدلالي في كتاب [المختصر النافع] للمحقق الحلي لأنه فقه كامل ومختصر في نفس الوقت, فبدأ سماحته يباحث خارجا لأول مرة من أول [كتاب الطهارة] إلا أن الظرف في ذلك الوقت لم يخدمه فتفرق الطلاب وانقطع البحث وقد دام هذا البحث قرابة أربعة أشهر, وكان يلقي الدرس في مسجد الطوسي آنذاك .

طريقه العرفاني

أما مسيرته في هذا الطريق, فكان سماحته يعرف بعبادته القوية, وتقواه وزهده وورعه. يذكر انه في يوم ما, لم يأت السيد الشهيد محمد باقر الصدر إلى صلاة الجماعة, فقام طلبته بتقديم السيد محمد الصدر لإمامة الجماعة, لما يعرفونه من استقامته وفضله, ولكنه أبى أن يتقدم ويصلي مكان استاذه, ولكنهم أجبروه على الصلاة, ويذكر أيضا أن المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر جاء إلى السيد محمد باقر الصدر شاكياً له ولده السيد محمداً الصدر, لا من عقوق ولا جفاء ولا قصور أو تقصير, بل من كثرة عبادته وسهره في الدعاء والبكاء حتى أوشك على إتلاف نفسه, فما كان من السيد محمد باقر الصدر إلا أن بعث إليه, وطلب منه الاعتدال في العبادة فاستجاب له.
هذا, وهناك الكثير من الحوادث التي تبين مقامه, ولكن المقام لا يتسع لذكرها, وكان استاذه في هذا المجال الحاج عبد الزهرة حسين الكرعاوي أحد كسبة النجف الاشرف وهو من طلبة العارف بالله السيد هاشم الموسوي الحداد, الذي يعد احد ابرز طلبة العارف الكبير السيد علي الطباطبائي القاضي [قدس الله اسرارهم أجمعين].
فاستمر سماحته على هذا الطريق الإلهي إلى يوم استشهاده [قد], والذي لا يعرف مدياته وأسراره العرفانية إلا سماحته, فهو يعتبرها من الأسرار التي بينه وبين ربه, والتي لا يمكن البوح بها, وقد ألمح إلى ذلك في استفتاء, حيث قال ما مؤداه [إن الله قد أنذر وحذر وجعل الحجج ولكل إنسان استجابة مع ذلك تتناسب مع قابلياته واستعداداته فكلما استجاب الإنسان لها استحق المزيد].

مؤلفاته

وله العديد من الكتب المطبوعة والمخطوطة .
اما المطبوعة فهي :
1. نظرات إسلامية في إعلان حقوق الإنسان.
2. القانون الإسلامي. وجوده, صعوباته, منهجه.
3. أشعة من عقائد الإسلام.
4. موسوعة الإمام المهدي .
• تاريخ الغيبة الصغرى.
• تاريخ الغيبة الكبرى.
• تاريخ ما بعد الظهور.
• اليوم الموعود .
وكان من الممكن أن تصل إلى عشرة أجزاء, حيث أنها إجابة وشرح لكل ما يرد على الذهن حول قضية الإمام المهدي , وقد سُئل p الاكتفاء بالأجزاء المطبوعة فأجاب [لقد كان في البال أن تصل هذه الموسوعة إلى عشرة أجزاء, وبعضها قد يصل حجمه اكبر من الأجزاء التي رأيتموها, إلا أني كتبتها لله وتركتها لله] ولذلك فانه لم يطبع الجزء الخامس, رغم انه بيّضه, ولكنه منع من طبعه في حينها.
5. أضواء على ثورة الحسين.
6. شذرات من فلسفة تاريخ الحسين.
7. الرد على الشبهات من السنة والآيات.
8. مقالات الشهيد الصدر في الصحافة النجفية.
9. بين يدي القرآن.
10. منة المنان في الدفاع عن القرآن.
11. بحث حول الرجعة.
12. بحث حول البداء.
13. بحث حول الكذب.
14. ما وراء الفقه [في عشرة أجزاء].
15. فقه الأخلاق [في جزأين].
16. فقه الطب.
17. فقه العشائر.
18. فقه الفضاء.
19. الصراط القويم.
20. منهج الصالحين [في خمسة أجزاء].
21. مجمع مسائل وردود [في أربعة أجزاء].
22. الرسالة الاستفتائية [في ثلاثة أجزاء].
23. منهج الأصول [في خمسة أجزاء].
24. خطب الجمعة.
25. اللقاءات.
26. المواعظ.
27. فلسفة الحج ومصالحه في الإسلام.
28. الإفحام في مدعي الاختلاف في الأحكام.
29. بيان الفقه.
30. الفتاوى الخطية.
31. الأسرة في الإسلام.
32. فقه المجتمع.
33. رفع الشبهات عن الأنبياء.

وأما المخطوطة فهي :
1. الجزء الخامس من موسوعة الإمام المهدي بعنوان [هل المهدي طويل العمر]
2. بقية أجزاء كتاب منة المنان .
3. بقية أجزاء منهج الأصول .
4. دورة كاملة في علم الأصول من البحث الخارج الاستدلالي الذي حضره عند السيد الشهيد محمد باقر الصدر .
5. مباحث في كتاب الطهارة الاستدلالي في شرح العروة الوثقى من تقريرات السيد الشهيد محمد باقر الصدر .
6. دورة كاملة في علم الأصول من بحث الخارج الاستدلالي الذي حضره عند السيد الخوئي .
7. مباحث من كتاب الطهارة الاستدلالي في شرح العروة الوثقى من تقريرات السيد الخوئي .
8. بحث المكاسب الاستدلالي الذي حضره عند السيد الخميني .
9. اللمعة في أحكام صلاة الجمعة, وهي التقريرات لبحث تفصيلي عقده في شهر رمضان المبارك المرحوم سماحة الحجة السيد إسماعيل الصدر .




ذكائه الحاد ونبوغه المبكر

1. دخوله كلية الفقه وكان اصغر تلميذ, حيث كان عمره الشريف كما ذكرنا سابقاً أربعة عشر عاما, وكان منافساً لزملائه, حيث يذكر أن السيد محمد الصدر قد كتب انشاءا باللغة الانكليزية, تميز به عن كل الطلاب, وفضله مدرس المادة عن باقي إنشاءات الطلبة, وفي درس التاريخ الذي عده أستاذ المادة من أفضل تلامذته فيه وأهداه كتابا نادرا حينذاك اسمه [كومونة باريس] الذي كان صدر توا, لمطالعته وإعطائه إلى بقية التلاميذ.
2. تأليف الموسوعة : حيث بدأ السيد بتأليف الموسوعة قبل عام 1390 هـ - 1970 م, وهو العام الذي أنهى فيه الجزء الأول [الغيبة الصغرى] منها, ولم يكن عمره الشريف يتجاوز السادسة والعشرين, وقد شهد السيد الشهيد محمد باقر الصدر له بما لم يشهد لأحد من المؤلفين, حيث قال في مقدمته التي وضعها لكتاب الموسوعة: فإننا بين يدي موسوعة جليلة في الإمام المهدي عجل الله فرجه, وضعها احد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة البحاثة السيد محمد الصدر – حفظه الله تعالى – وهي موسوعة لم يسبق لها نظير في تاريخ التصنيف الشيعي حول المهدي , في إحاطتها وشمولها لقضية الإمام المنتظر d من كل جوانبها, وفيها من سعة الأفق وطول النفس العلمي واستيعاب الكثير من النكات واللفتات مما يعبر عن الجهود الجليلة التي بذلها المؤلف في انجاز هذه الموسوعة الفريدة, واني لاحس بالسعادة وأنا اشعر بما تملأه هذه الموسوعة من فراغ, وما تعبر عنه من فضل ونباهة والمعية, واسأل المولى سبحانه وتعالى أن يقر عيني به ويريني فيه عَلَماً من أعلام الدين] . وذكر السيد الشهيد محمد الصدر في لقاء الحنانة ما مؤداه انه يمكن أن تكون الموسوعة دليلاً على الاجتهاد .
وقد انتهى من إكمال الجزء الرابع [اليوم الموعود] في تاريخ /12/ محرم الحرام/1396 هـ الموافق لـ14/كانون الثاني/ 1976 م وكان عمره الشريف آنذاك اثنين وثلاثين عاماً .

موقفه من علماء الغرب

طالب السيد الشهيد علماء الغرب بتغيير بعض آراءهم, وخاصة في مسألة وجه القمر, ودقة ساعة بك بن, كما له آراء حول نظريتي اينشتاين ونيوتن, وكذلك له آراء قيمة في مسألة الزلازل واستفهامات طالب فيها علماء الجيولوجيا بالإجابة عليها ذكرها في كتابه ما وراء الفقه, وله وجهة نظر لطيفة في مسألة الحربين العالميتين, حيث اعتبرهما ليستا بعالميتين بل هما محليتان وذات إطار أوربي لأدلة ذكرها في احد لقاءاته .

مشروعه التغييري

أربع مفارقات :
ملف السيد الشهيد محمد الصدر من أكثر الملفات الإسلامية في تاريخ العراق المعاصر إثارةً ومفارقات
المفارقة الأولى : فالسيد الشهيد محمد الصدر لم يكن احد من الذين عايشوه قبل تصديه للمرجعية يتوقع أن ينهض بهذا الدور الضخم والمهم والخطير في مرحلة من أكثر مراحل المسار السياسي العراقي حساسيةً وتعقيداً إذ بدا عليه قبل هذا التصدي للمرجعية التواضع والزهد والمثابرة والبحث والجد في دراسته والتأثر بالثورة الحسينية .
المفارقة الثانية : إن الشائع عن شخصية السيد محمد الصدر أنها شخصية بسيطة حتى أن البعض لا يريد أن يصدق حتى بعد استشهاده انه استطاع أن ينجز هذا التحول الكبير في المسار الإسلامي في العراق وهو تحول أثبت الكثير من الذكاء والبراعة والإبداع .
المفارقة الثالثة : وتتعلق بزمن مشروعه التغييري فهو زمن لا يكاد يستوعب ضخامة هذا المشروع وأبعاده ومفرداته ومجالاته بضع سنوات استطاع فيها السيد الشهيد إنجاز ما لا يمكن إنجازه ربما في عقود .
المفارقة الرابعة : ترتبط بالمكان الذي تحرك فيه هذا المشروع, وهو العراق المحكوم إلى أعتى دكتاتورية في العالم, والى قيود سياسية هائلة والى تجارب سياسية لا يمكن أن تشجع أحداً على أن يفكر بالقدرة على تحييد السلطة, ومن ثم الانطلاق برحلة تأسيسية متسارعة لعمل إسلامي كان قبل سنوات يستفز هذه السلطة في أبسط مظاهره .

خطة متسلسلة

أثار مشروع السيد الشهيد محمد الصدر جدلاً حاداً في الواقع الإسلامي الداخلي في العراق غير أنه ايجابي في محصلته النهائية ورغم معرفة السيد الشهيد بما سيثيره مشروعه من جدل أو خلاف إلا أنه اجتهد أن يفجر قضية الإصلاح للواقع الإسلامي وفق خطة أولية متسلسلة, وهنا نشير إلى النقاط التالية :
1. انه قدم انموذجاً جديداً لتعاطي الفقيه مع السلطة وهو إنموذج يجد له مصاديق في تاريخ إشكالية العلاقة بين الفقيه الشيعي والسلطة, إلا أن الجديد فيه كما اشرنا في المفارقات هو سلطة صدام بكل خصوصياتها الدموية, وإمكانية تحييدها لفترة, وانتزاع بعض الأدوات من يدها.
لقد خاض السيد الشهيد هذه المعادلة والتقط كل الفرص الداخلية والخارجية لكي يكون طرفاً قوياً فيها وهذا مالم يفكر فيه فقيه أو مرجع في العراق .
2. ولقد انطلق هذا المشروع أول ما انطلق نحو بناء قاعدة شعبية متفاعلة وجاء هذا البناء متصاعداً عبر خطوات كبرى تحركت باتجاه الوسط الاجتماعي والعشائري تطلبت الخروج على المألوف المرجعي أو العرف المرجعي, فقام السيد الشهيد بإرسال المبعوثين والنواب عنه إلى العشائر العراقية والإطلاع على أوضاعها وبناء علاقات معها ووضع فقه خاص فيها [فقه العشائر] وقد أثبتت تجربة السيد الشهيد أن الشعب العراقي يختزن الاستجابة للعمل الإسلامي, إذ بمجرد أن تحرك السيد الشهيد باتجاهه فإنه استجاب استجابة واضحة لا تخلو من الشجاعة .
3. اذا كان تاسيس القاعدة الشعبية شكل محوراً أساسياً من محاور المشروع التغييري للسيد الشهيد, فان المحور الثاني كان محوراً إصلاحياً للوضع الإسلامي الداخلي, أي لوضع الحوزة, وكل ما يتعلق بشؤونها, بدءاً بمواصفات المرجع التي حددها السيد الشهيد وما أسماه التفريق بين المرجعية الناطقة والمرجعية الصامتة, ومروراً بأجهزتها الوكلائية والتبليغية والمالية وانتهاءاً بمنهاجها ومستواها المعرفي .
4. وكان المحور الآخر الذي شكّل معلماً من معالم مشروع السيد الشهيد التغييري يتمثل بالعلاقة بين الحوزة والأمة واكتشاف الآليات والأساليب والطرق الكفيلة بانجازها استطاع السيد الشهيد أن ينجزه عبر إيجاد علاقة من نوع آخر بينهما وكانت صلاة الجمعة اكبر آلية تواصلية بين الفقيه والمجتمع وبين الحوزة والأمة .
5. أن يؤسس منظومة مفاهيمية مغايرة وان يؤسس شبكة من المفاهيم الخاصة ــ مفاهيم دينية اجتماعية ومفاهيم حول شؤون القيادة ومفاهيم حول الشؤون الثقافية والسياسية الأخرى ــ كانت بمجملها نسيجاً معرفياً متجانساً ميزه عما سواه من الفقهاء وحدد ملامح مشروعه وتجربته, فلقد جاء هذا النسيج المعرفي بشيء من الفرادة والخصوصية والابتكار .
إن المنظومة المفاهيمية للسيد الشهيد لم تكن منظومة عشوائية مبعثرة, وإنما هناك قصدية واضحة في انتقاء أي مفهوم وعلاقته بالآخر .
6. إن الدور العملي الميداني الاجتماعي التجديدي للسيد الشهيد الذي ميز مشروعه التغييري لم يأت كما أشرنا إلا وفق خطة تحرك عليها هذا المشروع, خطة لمرتكزات وآليات وأولويات, بدأت بتحييد السلطة, ومن ثم ايجادمرتكز قاعدة شعبية, ومرتكز إصلاحي داخلي للواقع الإسلامي وواقع الحوزة, ومرتكز تأسيس منظومة مفاهيمية متجانسة ومتكاملة .
7. إن هذا المنهج التوحيدي الذي اقتضاه المشروع التغييري للسيد الشهيد, يمكن فهم الخطاب الذي تأسس عليه بتوصيف آخر غير توصيف الخطاب المتوتر, وهو توصيف الخطاب النقدي للواقع القائم .
8. إن التجربة الصدرية الثانية في العراق مثلت صورة تصاعدية من صور حركة الإسلام السياسي في المسيرة الإسلامية العامة في العالم الإسلامي وفي العالم أجمع .



الجريمة النكراء وأصداءها

ما قبل الجريمة :
قبيل الجريمة الكبرى التي أودت بحياة المرجع الكبير سماحة السيد الشهيد محمد الصدر p ونجليه الخالدين وقعت حوادث ومواجهات ساخنة وحادة بين السيد الشهيد وعدد من رموز السلطة, وفيما يلي قراءة سريعة لبعضها :
1. إن اتصالات سبقت اغتيال السيد الشهيد طلبت منه التراجع عن مطالبته السلطة بالإفراج عن عشرات المعتقلين من طلبة الحوزة الذين اعتقلوا خلال الأيام الماضية, حيث طالب السيد الشهيد في صلاة الجمعة قبل اغتياله بالإفراج عن المعتقلين باسم آلاف المصلين ورفع شعاراً ردده جميعهم معه يقول [نريد .. نريد .. نريد ..] [فوراً .. فوراً .. فوراً ..] أي نريد إطلاق سراح المعتقلين فوراً, وقد أكد السيد الشهيد في نفس الخطبة بان اعتقال هؤلاء هو بمثابة اعتقال له شخصياً .
2. جاء محافظ النجف المجرم مع المدعو محمد حمزة الزبيدي إلى السيد الشهيد, وقال له بالحرف الواحد: أبلغك بأمر السيد الرئيس [الهدام] يأمر فيه بعدم أداء صلاة الجمعة هذا الأسبوع, فأجابه السيد الشهيد [أصلي .. أصلي .. أصلي ..] فقال المحافظ الملعون سيحصل إذن ما لا يحمد عقباه .
3. ما جرى من تمرد جماهيري في محافظات العراق عامة, وفي محافظة الناصرية خاصة, عقب اعتقال أحد أئمة الجمع أدى إلى اصطدام دام بين رجال أمن السلطة والمتظاهرين قرب مديرية الأمن في الناصرية, وسقط العديد من الشهداء والجرحى .
4. مسألة الزيارة سيراً على الأقدام التي دعا إليها السيد الشهيد بمناسبة [زيارة الإمام الحسين في النصف من شعبان] حيث جاء إليه مدير الأمن العامة المدعو [طاهر جليل الحبوش] يطالبه بمنع المسير وإلا أطلق النار على الزائرين .
هذا وهناك حوادث أخرى لم نذكرها رجاءاً للاختصار .

الجريمة الكبرى

وقع الاغتيال على السيد الشهيد محمد الصدر ونجليه بإطلاق الرصاص عليه ليلاً في الساعة الثامنة مساءاً من يوم الجمعة المصادف الثالث من ذي القعدة من عام 1419 هـ الموافق لـ 19/2/1999 م وكانت أولى إشارات التبليغ عن الحادث في نفس الساعة, لقد اعتدى الآثمون الجناة على السيد الشهيد بعد أن ركب هو ونجلاه [السيد مصطفى والسيد مؤمل] سيارتهم الخاصة على اثر انصرافه من مكتبه الخاص في شارع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مدينة النجف الاشرف متوجهاً إلى منزله في حي الحنانة, وعندما وصلوا إلى الساحة الكبيرة التي تمثل ملتقى الطرق الرئيسية للمدينة, وهي ساحة ثورة العشرين, أتت سيارة أخرى في موازاتهم, وعندما أصبحت قريبة منهم أمطر جلاوزتها ببنادقهم الرشاشة الخفيفة سيارة السيد الشهيد برشقات كثيفة من الرصاص فاستشهد هو ونجلاه, سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً .


أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الشخصيات الإسلامية“