بيان بمناسبة المولد النبوي الشريف
قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
بمناسبة المولد الشريف: ندعو المسلمين إلى استشعار هذه المعاني:
1- أراد الله ورسوله أن نكون أمة واحدة، ربنا واحد، وكتابنا واحد، وديننا واحد، ونبينا واحد، وأن نكون كالجسد الواحد، وكالبنان والبنيان؛ فصرنا شيعًا وأحزابا: سنة، وشيعة، والسنة إلى سُنَنٍ، والشيعة إلى شِيَعٍ، وكلٌّ يكره الآخر، ويحتقره ويسبه، ويستحل دمه؛ فتعالوا يا أنصار النبي لنحترم مَنْ أظهر الإسلام؛ وشهد شهادتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، ونَكِلُ الضمائرَ إلى الله، ونحترم رأي غيرنا كما نحب أن يُحْتَرَمَ رأينا، ونتحاشى إيذاء مشاعر بعضنا؛ فقد عاش بجوار الرسول المنافقون، وقبل بأهل الكتاب، وَوَفَّرَ الحماية لشعائرهم وجميع حقوقهم .
2- حرم الله ورسوله قتل النفس، قال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[النساء:93]، وقال ÷: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فما بال المسلمين يقتل بعضهم بعضا، ويمارس بعضهم ما هو أشنع من القتل أحيانا؛ فالظلم، والاستئثار، وسوء السرائر، وفساد الأخلاق، وكل العصبيات الجاهلية قَتْلٌ لمبادئ الإسلام، فالله الله في وصية نبيكم.
3- حرم الله ورسوله العِرْضَ؛ فما بالنا صرنا نتشاتم، ونتنابز بالتكفير والتفسيق والتبديع، وصار أحلى الكلام عندنا الغيبةَ والنميمةَ والوشايةَ؟! فتعالوا لننشر المحبة، ونحسن الظن، ونتكلم بالمعروف، وإصلاح ذات البين؛ امتثالا لقوله تعالى: لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء:14، 15].
4- حرم الله ورسوله أكل أموال الناس بالباطل؛ فانتهك الكثيرُ الأوقافَ، واستُبِيحَ الربا، والرشوةُ، وأَكْلُ أموال المسلمين العامة والخاصة، والسطو على حقوق اليتامي والضعفاء وغير الضعفاء ممن لا قدرة له على رد الغاصب الغاشم؛ يقول الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة: 188]. والمخرج من هذا البلاء أن يتآزر الناس، ويرتصوا في وجه الباطل؛ فالمسلم أخو المسلم؛ فالتناصر بين الناس وقاية لهم من بطش الظالم، قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[آل عمران: 104، 105].
فيا أيها الملتمسون خطى رسول الله ÷ أنتم مدعوون بمناسبة (المولد النبوي الشريف)، بكل ما تُكِنُّونَه من مشاعر الحب والولاء والاعتزاز والانتماء إليه- للوقوف على عظيم خصاله، وجميل سيرته، وتعزيزِ الوحدة واللُّحْمَةِ التي بناها وحماها رسولنا الحبيب الرحيم بين أنصاره وأصحابه ومحبيه،؛ فالوحدة هي مَقْصِدُهُ الأسنى، وهدفه الأسمى، بل هي حصنه الشامخ، وأن يكون المسلم أخا المسلم ، ويتذكر كل منا أن المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه.
فالأُخُوَّةُ والوحدةُ أساس عزتنا، وسلامتنا، وكرامتنا. ولنجعل يوم المولد الذي هو يوم الهجرة يَوْمَ تجدد وانتقال من مرحلة إلى مرحلة، ويوم تخطيط ورسم للأهداف؛ فلن تُحَقِّقُوا نَتِيجَةً بدون رسم هدف. فالنبي الكريم نفسه جاء بهدف وهو: إنقاذ البشرية من براثن الشيطان، والوصول بـهم إلى جنات النعيم.
والوسيلة لبلوغ الهدف: العِلمُ، والعمل، وقد بََدَأَتْ آيات القرآن بالأمر بالقراءة، وقد أمر الله نبيه أن يدعوه؛ ليزيده علما: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا وامْتَنَّ عليه فقال: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تُكُنْ تَعْلَم وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا، ورفع الله درجة العلماء؛ فقال: شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكُةُ وَأُولُوا العِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ، فما عُصِيَ الله بمثل الجهل، ولو أن الشعوب الإسلامية امتلكت ناصية العلم، وسبقت الأمم إلى سبر أغوار الفضاء، والغوص في أعماق البحار- لكانت البشرية أو جُلُّهَا تتكلم لغة القرآن، وتنعم بـهداه. وفي هذه الذكرى العزيزة ندعوا الجميع لفتح صفحة التسامح والتآخي، ولا سيما القيادة السياسية، وندعوا لإطلاق المعتقلين.
نبارك للجميع مولد الهدى والنور، ونسأل المولى أن يجعل هَدْيَهُ ÷ نورا نستضيء به، وأن يجعلنا من المشمولين بقوله ÷: إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الآَخْلاَقِ. آمين اللهم آمين.وصلى الله على محمد وآله،،،
صدر بمركز بدر العلمي والثقافي- صنعاء.
12/ ربيع الأول/1430هـ- 9/3/2009م
http://www.almahatwary.org E-info@almahatwary.org-E-almahatwary@yahoo.com[/b]