غزة والخطاب الطائفي
الأربعاء 28 يناير-كانون الثاني 2009 2
حميد رزق
من أهم النتائج التي تمخضت بعد وأثناء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ، ارتباك الخطاب الطائفي التحريضي وتراجعه إلى مستويات الصفر ، وكأن قدر الاطفال والنساء الغزاويين إن يكن دمهم المسفوح ظلماً وعدواناً وصفة خلاص لأمة بدت قبل العدوان عالقة في شراك المخطط المذهبي الذي قطع شوطاً كبيراً في عزل الجماهير عن بعضها وإعادة انتاج المفاهيم والمصطلحات التي تقسم الشعب إلى طوائف واشتات متناحرة.
مشهد لم نكن نألفه في السنوات الأخيرة ، أن تخرج الجماهير العربية بمثل ذلك الحماس والعنفوان والتوحد صوب قضية واحدة جعلت منهم نسيجاً لا مكان فيه للتمايزات البدائية والضغائن الثانوية ، فكانت الملايين البشرية في مختلف الأقطار العربية والإسلامية رسالة قوية إلى المجتمع الدولي وإلى الكيان المعتدي ، كما أنها كانت برداً وسلاماً على نفوس الصامدين في غزة البطلة ، وكانت عامل احراج وقلق للنظم المتخاذلة والمتواطئة.. في هذه الأثناء غاب الخطاب الطائفي التحريضي بشكل شبه كلي عن الساحة الفكرية والإعلامية تحت وطأة الحرج أمام العدوان الساخر على الشعب العربي المسلم في غزة .. وأضفى الانحياز الصارم من قبل المقاومة اللبنانية مع المقاومة الباسلة في غزة مشهداً من مشاعر الارتياح في الشارع العربي السني الذي كان عرضة لكثير من عمليات الشحن الطائفي الذي يستهدف عزل هذه المقاومة عن عمقها العربي والإسلامي بذرائع مذهبية وطائفية واهية.
وأثبتت الحرب الإسرائيلية الأخيرة لجماهير أمتنا العربية والإسلامية ما قاله السيد حسن نصر الله في أحد خطاباته التضامنية مع غزة عندما أكد أن الأمريكان والاسرائيليين لا يقاتلوننا على عمائمنا ولا على لحانا ولا على إنتماءاتنا الطائفية والمذهبية لقد قاتلوا حزب الله بالأمس بسبب برنامجه السياسي وليس لانتمائه الشيعي كما أنهم اليوم عندما يستهدفون حماس إنما يستهدفون برنامجها السياسي وليس انتماءها السني..
بهذه الكلمات الوجيزة والدامغة أزاح السيد نصر الله كثيراً من ركام التعبئة والتحريض المستند للخلفية الفكرية والثقافية .. ومن رفعوا «قميص السنة كسيف في صدر المقاومة اللبنانية أصبحت مصداقيتهم في الحضيض حين وقفوا من غزة هاشم معقل المقاومة العربية السنية البطلة موقف المتواطئ والمتخاذل .. لأن المصطلحات الطائفية لا تحضر في قاموس هؤلاء إلا إذا كانت في أتون الصراع العربي ـ العربي والإسلامي ـ الإسلامي .. أما إذا كانت المعركة باتجاه اسرائيل المعتدية والمغتصبة فلم تحرك جرائم الاحتلال التي يندى لها جبين التاريخ شعرة في أجساد دعاة الفتنة والفرز الإثني والمذهبي.
ولا تلبث بعض وسائل الإعلام أن تتحفنا بمحللين يأتون بأعذار أقبح من ذنب التواطؤ والانحياز للكيان الإسرائيلي حين يحاولون تصوير ما يجري في غزة باعتباره حرباً بين اسرائيل ودول الاعتدال العربي من جهة وبين الحمساويين العملاء والممولين . خدمة لأجندة اقليمية تسعى لايجاد موطئ قدم لها في المنطقة من جهة أخرى وبالتالي يجب علينا تفهم الحرب الاسرائيلية كما أكد بعضهم من أنه لا يجب أن تخرج حماس منتصرة وأنه لن يسمح بإقامة ما أسماها إمارة طالبانية في غزة.
أما في اليمن فكان المشهد أكثر تعبيراً عن نجدة وعروبية هذا الشعب اليمني العظيم الذي شهد أضخم التظاهرات والحشود البشرية وقد كان الانسجام واضحاً بين القيادة والشعب خاصة في كلمة رئيس الجمهورية التي أشار من خلالها الى المعادلات الجديدة التي فرضتها المقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين.
لاشك أن غزة فضحت الخطاب الطائفي وأربكته بيد أنها لم تقض عليه وسيعاود الظهور بأشكال وأساليب جديدة لكنه أصبح مشلولاً وغير قادر على الحركة والنفاذ كما كان سابقاً بفعل الضربات الماحقة التي تلقاها من غزة والمقاومة.
غزة والخطاب الطائفي .. الكاتب حميد رزق ؟
-
- مشرف مجلس الأدب
- مشاركات: 404
- اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
- مكان: أمام الكمبيوتر !
غزة والخطاب الطائفي .. الكاتب حميد رزق ؟
هل تعلم أن :
( الزيدية : هي الإمتداد الطبيعي للمنهج الإسلامي القرآني الأصيل وأن بلاد الزيدية : هي البلاد الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مساجد خاصة بالشيعة وأخرى خاصة بالسنة ....)
( الزيدية : هي الإمتداد الطبيعي للمنهج الإسلامي القرآني الأصيل وأن بلاد الزيدية : هي البلاد الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مساجد خاصة بالشيعة وأخرى خاصة بالسنة ....)