مسند الإمام زيد ... دراسة موضوعية !!

هذا المجلس لطرح الدراسات والأبحاث.
أضف رد جديد
أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مسند الإمام زيد ... دراسة موضوعية !!

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

تكلمنا فيما مضى وأثبتنا أن الزيدية هي الهادوية وأن الهادوية هي الزيدية ، ولا اختلاف بين منهج الإمام زيد بن علي عليه السلام وبين منهج الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين إلا في الفروع أي الفقهيات وأما الأصول التي هي العقديات فما من اختلاف بحمدالله.

ونتكلم في هذه الحلقة عن مسند الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، فإنه قد كثر اللغط حول هذا المسند، ونسب إلى راويه التهم وهو عمرو بن خالد الواسطي رحمه الله.

علماً بأنه قد تعرض المسند وراوي المسند للنقد من قبل أخينا الفاضل ، في المنتدى نفسه الذي طرحت فيه الشبه حول الزيدية التي قد أجبنا عنها في الموضوع السابق هادوية زيدية .

وسأتبع الأسلوب الذي اتخذته في الكتابة سابقاً ، من عدم ذكر أسماء الأشخاص ، علماً بأن من طرح الشبه الماضية وهذه الشبه هو الشخص نفسه.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

بسم الله نبدأ وبه نستعين:

بدأ الأخ الفاضل حفظه الله في المقدمة الأولى بذكر علماء الحديث وبين فضلهم وحفظهم وجهودهم في البحث والنقل والتصحيح والتضعيف، ونقل كلاماً جميلاً عن الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، ثم ذكر فضل أهل البيت وإبداعهم عليهم السلام في كتابة مختلف العلوم، ثم ذكر أيضاً أن علماء الحديث أكثر ضبطاً للحديث من أهل البيت.


ثم انتقل سامحه الله إلى المقدمة الثانية وهي بعنوان أهل الحديث هم أهل الإنصاف والأمانة، وذكر مقدمة بسيطة فقال :

لقد كان أهل الحديث من أهل السنة والجماعة في الغاية من إنصاف الراوي , وأمانة النقل , ودقة الأداء , فبينوا الإسناد , وأظهروا العلل , ومحصوا الرواة ولم يحابوا في دين الله أحداً , ولا أعملوا الأهواء في شريعته.

وهذا أبين من أن يدلل عليه , وأوضح من أن يبرهن عليه , حتى أصبح من شك فيهم فقد شك في الإسلام وثبوته .
لكننا نورد بعض الأدلة على عظيم صدقهم , ونصحهم لأمتهم رضي الله عنهم وأرضاهم , اتباعاً لمن جعله الله إماماً للناس إبراهيم عليه السلام حين قال ( ولكن ليطمئن قلبي ) .

فمن دلائل ذلك : تضعيفهم الأحاديث الضعيفة التي توافق مذهبهم .
وذلك سواءً في الأصول : كأحاديث وردت في فضل سيدنا معاوية رضي الله عنه , وأخرى في فضائل الشيخين وشهيد الدار رضي الله عنهم .

أو في الفروع : كتضعيف محدثي الشافعية لكثير من أدلة إمامهم الشافعي في ( البدر المنير ) وخلاصته وغيرها , وكذا الحنفية والمالكية وغيرهم .


[ قلت : جزاهم الله خيراً فقد كتبوا ونفعوا، ولكن الكمال لله فما من بشر إلا ويخطئ إما عمداً وإما خطأ ].

ثم ذكر أسماء لرواة وثقها أئمة الحديث تأكيداً لإنصاف أئمة الحديث، وأنا هنا سأذكر بعض هذه الأسماء مع بيان نبذة بسيطة عن حال من تيسر لي جمع أقوال أئمة الحديث فيه فقال الأخ الفاضل:

ومنها : ثوثيقهم جماعات عدة عدول من المخالفين لهم .
فمثال لمن وثقوهم وهم من الشيعة :

- تليد بن سليمان المحاربي ؛ وكان شيعياً جلداً يطعن في عثمان رضي الله عنه .


[ قلت : أخي القارئ هذا تليد بن سليمان رحمه الله من ادعى الأخ الفاضل أن علماء الحديث وثقوه وهذا يدل على الانصاف !!!، فإليك شيئ بسيط مما قاله علماء الحديث وسأحرص على الاختصار، فماذا قال أهل الحديث عن هذا الراوي وهل صدق الأخ الفاضل في مقاله ؟؟؟ وقد نقلته من تهذيب الكمال :

" قال أبو بكر المَرُّوذِي: قال أحمد: كان مذهبه التَّشيع. و لم يَرَ به بأسا.
وقال أبو بكر الأثرم، عن أحمد: كتبتُ عنه حديثاً كثيراً، عن أبي الجَحّاف.

وقال عباس الدُّوري، عن يحيى&وقال في موضع آخر: كذَّاب، كان يشتُم عثمان، وكلّ من شَتَمَ عثمان، أو طلحة، أو أحداً من أصحاب رسول الله ، دجّالٌ، لا يكتبُ عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمَعين.
وقال في موضع آخر: قعدَ فوق سطحٍ مع مولى&
وقال البخاري: تكلَّم فيه يحيـى&
وقال أحمد بن عبد الله العِجْلي: لا بأس به، كان يتشيَّعُ، ويدلِّس.
وقال محمد بن عبد الله بن عَمَّار المَوْصِلِي: زعموا أنه لا بأس به.

وقال أبو داود: رافضيٌّ خبـيث، رَجُلُ سَوْءٍ، يشتم أبا بكر وعمر.

وقال النَّسائي: ضعيف.

وقال يعقوب بن سُفيان: رافضيٌّ خَبِيث، سمعتُ عُبَيدَ الله بن موسى&
وقال صالح بن محمد الحافظ: كان سيّىءَ الخُلُق، وكان أصحابُ الحديث يسمونه: بَلِيد بن سُلَيمان، لا يُحْتَجُّ بحديثه، وليس عنده كبير شيء.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجُوزجاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حدثنا تَلِيد بن سُليمان، وهو عندي كان يكذب.

وقال أبو أحمد بن عَدِي: يَتَبَـيَّنُ على&
روى له الترمذي: حديث أبـي الجَحَّاف عن عطِيَّة عن أبـي سعيد: قال النّبـيّ : «ما من نبـيّ إلاّ وله وزيران.. وقال حسن غريب " انتهى من تهذيب الكمال.

[ تعليق : فأين التوثيق من علماء الحديث ؟؟!! فالجمهور يكذبونه والبعض يلعنه، ولايوجد إلا القلة ممن يوثقه وقولهم الحق أقصد من وثقه،، ولنتابع البقية ] .

وسليمان بن قرم بن معاذ الضبي ؛ وثقوه مع إفراطه في التشيع .

[ قلت : ماذا قال صاحب تهذيب التهذيب في سليمان بن قرم بن معاذ الضبي رحمه الله:
"
قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: كان أبـي يتتبع حديث قطبة بن عبد العزيز، وسليمان بن قرم، ويزيد بن عبد العزيز بن سياه، وقال: هؤلاء قوم ثقات، وهم أتم حديثاً من سفيان وشعبة، وهم أصحاب كتب وإن كان سفيان وشعبة أحفظ منهم.

وقال محمَّد بن عوف عن أحمد: لا أرى به بأساً لكنه كان يفرط في التشيع.
وقال ابن معين: ضعيف، وقال مرة: ليس بشيء.

وقال أبو زرعة: ليس بذاك.

وقال أبو حاتم: ليس بالمتين.

وقال النسائي: ضعيف.

وقال ابن عدي: له أحاديث حسان أفراد، وهو خير من سليمان بن أرقم بكثير.
وقال ابن حبان: كان رافضياً، غالياً في الرفض، ويقلب الأخبار مع ذلك.

قال الآجري عن أبـي داود: كان يتشيع.

وذكره الحاكم في باب من عيب على مسلم إخراج حديثهم، وقال: غمزوه بالغلو في التشيع وسوء الحفظ جميعاً ـ أعني سليمان بن قرم ـ "انتهى من تهذيب التهذيب]

- وعلي بن بذيمة الحراني ؛ وثقوه مع أنه كان رأساً في التشيع .

[ قلت : ذكر عن علي بن بذيمة الحراني رحمه الله في تهذيب الكمال التالي :

"
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبـيه: صالحُ الحديث، ولكن كان رأساً في التَّشيع.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجُوزْجاني: زائغ عن الحق مُعْلِنٌ به.

وقال إسحاق بن منصور عن يحيـى&
وقال النَّسائي في موضع آخر: ليسَ به بأس.

وقال محمد بن عبد الله بن عَمَّار المَوْصلي: عبد الكريم، وعلي بن بَذِيمة، والحَرَّانيـين كلهم ثِقات.

وقال أبو حاتم: صالحُ الحديث، وهو أحب إليَّ من خُصَيْف.

وقال محمد بن سَعْد: كان ثقة."

- وسالم بن أبي حفصة العجلي .

[ قلت : وترجمة الراوي سالم بن أبي حفصة رحمه الله من كتاب تهذيب الكمال:

" قال عَمْرو بنُ علي: ضعيفُ الحديث، يفرط في التَّشيُّع، حدَّث عنه الثَّوريُّ وابنُ عُيَيْنة.
وقال عبد الله بنُ أحمد بن حَنْبَل: قال أبي: سالم بنُ أبـي حَفْصة أبو يونُس كان شِيعياً، ما أظُنُّ به بأساً في الحديثِ، وهو قليلُ الحديثِ.

وقال إسحاقُ بنُ مَنصور، وأحمد بنُ سَعْد بن أبي مريم، وعُثمان بنُ سعيد الدَّارِمي عن يَحيى بن معين: ثِقة.

وقال عَبَّاس الدُّوري، عن يَحيى بن مَعين: شِيعيٌّ.

وقال أبو حاتم: هو مِن عتق الشِّيعة، يُكتبُ حديثُه، ولا يُحتَج به.

وقال النَّسائي: وأبو بِشْر الدُّولابـيُّ: ليس بثقة.

وقال أبو أحمد بنُ عَدِي: له أحاديثٌ، وعامَّة ما يَرويه في فَضائِل أهلِ البيت، وهو مِن الغالين في مُتشيِّعي أهلِ الكوفة، وإنما عِيب عليه الغُلو فيه، وأما أحاديثُه فأرجو أنه لا بأسَ به.

وقال أبو زُرْعَة: ليِّن الحديث.

وقال أبو داود: شَيخ.
وذكَره ابنُ حِبَّان في كتابِ «الثِّقات»." انتهى من تهذيب الكمال]

[ ولنكتفي بهؤلاء ميلاً للاختصار ]


ثم قام الأخ الفاضل وتكلم بمقدمة عن فضل علماء الحديث وذكر فضل أهل البيت في الاهتمام بالعلوم وتفوق غيرهم عليهم أي على أهل البيت، ثم ذكر أسماء كثيرة لمن وثقهم علماء الحديث وأنصفوا معهم، ولكن المتأمل لكتب الجرح والتعديل يجد أن الموثقين من العلماء أقل من الجارحين لأكثر الأسماء المكتوبة، وبعضهم أقصد الاسماء المكتوبة اتفقوا أي علماء الجرح والتعديل على توثيقهم.
(صاحب الشبه قد ذكر اسماء عديدة وقد اختصرتها في الأسماء السابقة الذكر )
آخر تعديل بواسطة أبو فيصل في الجمعة ديسمبر 26, 2003 12:28 am، تم التعديل مرة واحدة.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »


والآن دعونا نتوجه إلى مناقشة صلب الموضوع والجزئية التي تتكلم عن الزيدية، فقال الأخ الفاضل سامحه الله في المقدمة الرابعه مالفظه:

المقدمة الرابعة : بيان أن أئمة الزيدية ومحرري أصولها وفروعها ومؤسسي مبانيها وممهدي مسالكها , قـد تلقـوا جميع كتب الحديث بالقبول التام بل وسعـوا في تحصيلها وصححوا أسانيدها .

وأنهم قد ارتضوا أئمة الإسلام كابن حنبل وغيره في أحكامهم على الرجال وبنوا على ذلك دينهم .

وأن لا غنى للزيدية عن الأخـذ بأحكامهم , والخطو إثر أقدامهم :


[ قلت : " والخطو إثر أقدامهم!! " إذا لم تستح فاصنع ماتشاء، ولعلي أذكرك بقول الإمام الباقر الذي ذكرته في مقالتك السابقة هادوية لازيدية! فقال عليه السلام أي الباقر " سلاح اللئام قبيح الكلام " ]

ثم قال الأخ الفاضل سامحه الله :

وفيما يلي نصوص لبعض علماء أهل البيت , تكشف حقيقة تعملهم مع نصوص السنة المطهرة التي نقلها لهم أئمة الحديث أهل السنة والجماعة :

- قال الإمام محمد بن إبراهيم الوزير الحسني في الروض الباسم : ( فالظاهـر من أقوال أئمة الزيـديـة من أهل البيت وشيعتهم ؛ موافقة سائر العلماء والمحدثين والفـقـهـاء وأهل السنة على ما ادعـوه من صحـة الصحيح من حديث هـذه الكتب .

وإنما قلنا : إنّ الظاهر إجماعهم على ذلك , لأن الاحتجاج بما صححه أهل هـذه الكتب ظاهر في كتبهم , شائع بين علمائهم من غير نكير , فقـد روى عنهم الإمام أحمد بن سليمان في كتابه { أصول الأحكام } على وجـهٍ يوجب القول بصحّـتها , فإنّه صنّـف كتابه في أحاديث الأحكام , وصـرّح في خطبته بالرواية منها , ولم يميّـز حديثها من حديث أهـل البيت , فتأمل ذلك ! .

وكذلك الإمام المنصور بالله في كثير من مصنفاته , منها كتاب : { العقد الثمين } ونصّ فيه على صحة أسانيدها .


وكذلك الأمير العلامة الحسين بن محمد في كتابه { شفـاء الأوام } - الذي لم يصنف أحـد من الزيدية في الحديث مثله - , فإنه صـرّح فيه بالرواية منها على سبيل الاحتجاج بحديثها .


وكذلك صاحب { الكشّاف } فإنه روى من " صحيح مسلم " وسمّـاه : صحيحاً .


وفي { تعليق اللمـع } – الذي هـو مدرس الزيدية – أنه يكفي المجتهد في معرفة الحديث : " الموطأ " أو " سنن أبي داود " , ذكره الفقيه علي بن يحيى الوشلي في تعليقه .


وكذلك قال القاضي العـلامة عبد الله بن حسن الدّوّاري في تعليقه على " الخلاصة " : إنه يكفي المجتهد { أصول الأحكام } وأحد الكتب الصحيحة المشهورة .


وكذا قال علامة الشيعـة : علي بن عبد الله بن أبي الخير في تعليقه على " الجوهرة " : إنه يكفي المجتهد كتابٌ جامع لأكـثر الأخبار الشرعية كـ " سنن أبي داود " وغيره .


فهذه كتب الزيدية المشهورة المتداولة بين علمائهم الأفاضل المدروسة على محققيهم الأواخـر منهم والأوائل قـد صرّحوا فيها بما يقتضي صحّـة " سنن أبي داود " وأمثالها من كتب السنن , فكيف بصحيحي البخـاري ومسلم ؟!!
وشاع ذلك وذاع ولم ينكره منهم أحد , فكيف تنكـر على مدعي الإجماع على صحـة مسند حديث البخاري ومسلم , وتقـدح فيه بمخالفة أهل البيت وشيعتهم ؟!! ... ) ا.هـ


[ قلت : ذكر الأخ الفاضل هنا استدلالات على أن أئمة الزيدية وفقهائها يحثون الناس على قراءة ومدارسة كتب الصحاح والسنن وأنهم يوثقونها، فلا أدري ما العيب في هذا أقصد في توثيق الزيدية لما جاء في الصحاح والسنن أو بتعبير أدق لبعض ماجاء في الصحاح والسنن، بل إن هذا مما يمتدح به هؤلاء الأئمة عليهم السلام، وذلك لحسن ظنهم بما جاء في هذه الصحاح والسنن، ولكن أئمة الزيدية في نفس الوقت لم يأخذوا بجميع مافي هذه الصحاح والسنن، فإنه من المعلوم أن بعض الأحاديث تخالف كتاب الله وهي موجودة للأسف في كتب علماء الحديث، فمثل هذه الأحاديث أقصد المخالفة لكتاب الله لم يأخذها أئمة الزيدية وعلماؤها، وفي الطرف الآخر أخذوا ما وافق كتاب الله عز وجل.

ولعلي أضرب هنا بعض مثالاً توضيحياً على أن أئمة الزيدية لم يأخذوا من الأحاديث الموجودة في السنن إلا ما وافق كتاب الله سبحانه وتعالى، فمثلا وقد تعمدت أن أورد هذا المثال لأنه شامل وعلى قولة المثل ( نضرب عصفورين بحجر واحد ، التجسيم وإيضاح المراد من الكلام السابق) :


ذكر البخاري في صحيحه في كتاب تفسير القرآن الحديث رقم 4437 مالفظه:

" حدثنا آدم ( ثقة ) حدثنا شيبان ( ثبت ) عن منصور ( أثبت أهل الكوفة ) عن إبراهيم ( ثقة ) عن عبيده ( ثقة لايسأل عن مثله ) عن عبدالله ( من الصحابة أسمى مراتب التوثيق) رضي الله عنه، قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يامحمد إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع!! والأرضين على إصبع!! والشجر على إصبع!! والماء والثرى على إصبع!! وسائر الخلائق على إصبع!! فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون)) " . انتهى من صحيح البخاري

فصدق الله العظيم ماقدروه حق قدره ، وأرجو من الله أن تكون الفكرة قد اتضحت، فأئمة الزيدية لايقبلون مثل هذا الحديث ولو كان رواته كلهم موثقين.

لا يقال أن أئمة الزيدية قد قصروا عن إيجاد الأحاديث النبوية في مرويات الأئمة من أهل البيت بداية بمسند الإمام زيد بن علي الفقهي والحديثي ثم أمالي الإمام أحمد بن عيسى ثم ... ثم ... الخ، فهذا غير صحيح ، ولكنهم أي الأئمة عليهم السلام توجهوا لكتب الحديث عند العامة كموطأ مالك وسنن أبو داود وغيرها لتوسعها واشتمالها على أحاديث مروية عن غير طريق أهل البيت عليهم السلام، فيما جل وأغلب الأحاديث المروية عند الزيدية عن طريق أهل البيت وبعضها عن صحابة رسول الله رضي الله عنهم. ولا يقال هنا أيضاً كما قال الأخ الفاضل من أن الأئمة عليهم السلام إنما توجهوا للصحاح والسنن لمجرد الإطلاع فقط، ولكنهم عليهم السلام درسوها فلم يجدوا بينها في الغالب اختلافات مع ما رواه أئمة وفقهاء الزيدية وعلى هذا الأساس وثقوها وعملوا على تدريسها إلى جانب تدريس كتب الزيدية في الحديث.

ولعل الأخ الفاضل يريد أن يصل من خلال طرحه لبعض آراء أئمة الزيدية في توثيقهم للصحاح والسنن إلى أن يقول للملأ:


" هؤلاء أئمة الزيدية قد رضوا بما جاء في الصحاح والسنن معتمدين على علماء الحديث كالبخاري ومسلم ومالك بن أنس وعلى مروياتهم، وبما أنهم أي أئمة الزيدية أخذوا الأحاديث من الصحاح ووثقوها فبالأحرى أن يكونوا قد وثقوا رواة تلك الأحاديث معتمدين كذلك على قول علماء الجرح والتعديل كأحمد بن حنبل ويحيى بن معين والنسائي، وهؤلاء أي علماء الجرح والتعديل قد جرحوا وضعفوا عمرو بن خالد الواسطي!!!".

فنجيب عليه وعلى غيره ممن يقول بهذا المقال، إنه من الخطأ أن يضن ضان أن جميع ماجاء في صحيح البخاري أو صحيح مسلم من الأحاديث كلها مكذوبة متروكة، ومن الخطأ أيضاً أن نقول أن جميع ماجاء في البخاري ومسلم من الأحاديث بأن كلها صحيحة، وأيضاً إنه من الخطأ أن نقول أن علماء الجرح والتعديل قد أخطأوا جميعاً في الحكم على الرواة والمحدثين، وأيضاً من الخطأ أن نقول أنهم قد أصابوا كل الصواب في الحكم على الرواة والمحدثين، فالإنسان ليس بمعصومٍ عن الخطأ والنسيان، والخطأ في الحكم أحياناً يكون عمداً أو نتيجة عدم تدقيق في حال الرواة وهو وارد، وأيضاً يكون الخطأ من غير قصد وهو وارد أيضاً، فمن هنا لم يأخذ الزيدية مما هو مكذوب في البخاري وغيره من كتب السنن، وكذلك لم يأخذوا بجميع أحكام علماء الجرح والتعديل والدليل أبو خالد الواسطي رحمه الله.

وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه: لماذا لم يدون أئمة وفقهاء أهل البيت أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبعبارة أصح وأدق لماذا لم يتوسع أهل البيت في الرواية عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما فعل البخاري ومسلم وغيرهما؟

فنقول إنه من المعلوم أن أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم أئمة الزيدية قد عاشوا في جهاد دائم لأئمة الجور والظلم من الأمويين والعباسيين ، وعاشوا أيضاً مشردين في البلاد ترقبهم عيون جواسيس السلطان، فما توفر لهم الأمن والأمان ومع ذلك فقد رووا أحاديث جدهم الرسول التي سمعوها من آباءهم عليهم السلام، بينما في الطرف الآخر نلاحظ أنه قد توفر للبخاري ومسلم وغيرهما الظروف التي تجعلهم يتبعون الرواة ويتبعون المحدثين في كل مكان. ]
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

ثم قام الأخ الفاضل بذكر أقوال علماء الجرح والتعديل في الحافظ أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي رحمه الله مشككاً في صدق رواية أبي خالد الواسطي لمسند الإمام زيد ومدعياً وضعه .

[ قلت وكلامي هذا موجه لكل من يقول بقول الأخ الفاضل في هذا أقصد مسند الإمام زيد والتشكيك في رواية أبو خالد الواسطي :

إخواني في الله ، إنه قد كثر الكلام والجدال حول مسند الإمام زيد بن علي عليهماالسلام، بداية براويه الحافظ أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي رحمه الله، ونهاية بالمسند والتشكيك فيما جاء فيه من أحاديث، وقد وجدت كتاباً جليلاً يتحدث عن الإمام زيد بن علي عليهما السلام وقد تكلم فيه مؤلفه عن مجموع الإمام زيد أي مسند الإمام زيد، وقد وجدت المؤلف رحمه الله أشبع هذا الجانب نقاشاً فتكلم عن عن أبي خالد الواسطي رحمه الله وذكر أسباب الطعن فيه ثم انتقل إلى الإجابة على هذه المطاعن في أبي خالد، ثم انتقل إلى دراسة متنون بعض الأحاديث التي شكك فيها الذهبي وادعى وضعها، ثم انتقل إلى الطبقات التي روت هذا المسند من الإمام زيد إلى الإمام الناطق بالحق السيد أبو طالب عليه السلام في القرن الرابع الهجري، وتكلم أيضاً عن اجتهاد الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهما السلام ومخالفته لبعض ماورد في المجموع كما أن المؤلف وضح أيضاً أسباب مخالفة الإمام الهادي لبعض ماجاء في مسند أو مجموع الإمام زيد عليه السلام، وقد وجدت هذا الكلام في كتاب الإمام زيد بن علي للشيخ محمد أبوزهرة، فعملت على نسخه وطباعته راجياً من الله أن ينتفع به إخواني المسلمين ، وأن يعدل المشككون عن شكهم وريبهم في هذا المجموع بداية من راويه أبي خالد الواسطي وانتهاءً بماجاء في المجموع من أحاديث.

ملاحظة :
- الكلام منقول بالنص عن كلام الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله.
- مابين الرمز [ ] و - .. - هو زيادة للتوضيح من عندي.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى سيدنا محمد "

قال الشيخ محمد أبوزهرة رحمه الله في كتاب الإمام زيد مانصه:

المجموع

[ مسند الإمام زيد بن علي عليه السلام ]

- أثر عن الإمام زيد باسم المجموع[ المسند ] كتابان هما: مجموع الحديث، ومجموع الفقه، وقد جمعهما أبوخالد عمرو بن خالد الواسطي،....، وقبل أن نتكلم في هذا الكتاب من حيث سنده ونسبته على الإمام زيد - عليه السلام – نتكلم في راويه.

والراوي هو من ذكرنا أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي الهاشمي بالولاء، أي أنه ليس هاشمياً بالنسب، وقد ولد بالكوفة ثم انتقل إلى واسط، وبذلك نسب إليه فقيل الواسطي، وقد لازم زيداً وهو في المدينة، وعندما ذهب إلى العراق لازمه في حله وترحاله، وقد روى عنه كتبه التي أثرت عنه، فهو الذي روى تفسير الغريب، وهو الذي روى كتاب الحقوق، كما روى المجموعين الفقهي والحديثي[ مسند الإمام زيد عليه السلام ]. وقد كانت وفاته بعد العشر الخامسة من المائة الثانية من هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد اختلف العلماء في كون أبي خالد هذا ثقة تقبل روايته، حتى يصح قبول مايرويه عن الإمام زيد، وهو المجموع [ المسند ] الذي يعد المصدر الأول لآراء الإمام زيد – عليه السلام – وكان اختلافهم على رأيين:

أحدهما – توثيقه، وقد وثقه الزيدية وقبلوا رواية المجموعين[ الحديثي والفقهي يقصد المسند ] وجرحه ولم يعدله الإمامية وغيرهم.

وبهذا يتبين أن الاختلاف ليس في الشخص إنما هو اختلاف المنزع الطائفي، فالزيدية والإمامية كلاهما يروي فقه آل البيت، وكلاهما يروي الأحاديث عن طريق آل البيت، وقد تخالفت روايات الزيدية عن روايات الإمامية في بعض الأخبار. وقد اتخذ الإمامية من هذا الاختلاف سبيلاً للطعن في أبي خالد هذا، ولكن الزيدية يوثقون الرواية عن زيد عن طريقه وغيره ولو خالف الإمامية، وقد قالوا في ذلك[ أي الزيدية ] : " إن قيل إن الباقر وأخاه زيداً أخذا العلم عن أبيهما، فكيف وقع الخلاف بينهما، والجواب أن رواة زيد بن علي هم عدول الزيدية الذين لاطعن عليهم، والرواة عن الباقر هم الإمامية ولم تثبت لنا عدالتهم".

[ثانيهما - ] وطعن فيه بعض رواة السنة، فقد قال فيه وكيع: " إنه كان في جوارنا ؤجل يضع الحديث هو عمرو بن خالد" وقال فيه أحمد بن حنبل كما روى يحيى بن معين:"كذاب غير ثقة ولا مأمون"، وقال فيه الطبراني برواية يحيى بن معين أيضاً" كذاب ليس بشيء"، وقال إسحاق بن راهويه وأبو زرعة" كان يضع الحديث " وقال أبو حاتم " متروك الحديث لايشتغل به".

ويجب أن يلاحظ أن بعض المحدثين من علماء السنة قبلوا حديثه ورووا عنه، فكان مقبول الرواية عندهم، فقد جاء في تهذيب الكمال في أسماء الرجال لابي الحجاج يوسف بن الزكي بن عبدالرحمن المزي الحافظ: " عمرو بن خالد الواسطي أبو خالد القرشيمولى بني هاشم، أصله كوفي انتقل انتقل إلى واسط، روى عن حبة بن أبي حبة الكوفي، وحبيب بن أبي ثابت، وزيد بن علي، وسعيد بن زيد بن عقبة الفزاري، وسفيان الثوري، وقطن بن خليفة، والباقر محمد بن علي، وأبي هاشم الرمانين وروى عنه إبراهيم بن الزبرقان، وإبراهيم بن زياد الطائي، وإبراهيم بن هراسة الشيباني ......، وقد روى له من رواة السنن ابن ماجة والدار قطني".

وفي الجملة إن الزيدية يعتبرونه ثقة، والإمامية لايوثقونه[ قلت : والإمامية يقولون أنهم لايجرحونه] ، ورواة السنة منهم من جرحه، ومنهم من عدله، وإذا كانت الثقة في أبي خالد هذا بمقدار الثقة في المجموع المروي عن الإمام أو بعبارة أدق المجموعين اللذين رواهما، وهما في الحديث والفقه- فإننا نتكلم عليه ببعض التفصيل في ضمن الكلام في رواية المجموع الذي اشتمل على الفقه والحديث.

رواية المجموع :

- قد تكلم العلماء في رواية المجموع، إذ تكلموا في راويه وفي طريق روايته، وفي موافقته للمروي في المذهب الزيدي عن غير طريق أبي خالد، وفي موافقته للمروي عن الإمام علي كرم الله وجهه، وقد افترقوا فريقين فريق طعن في الرواية [ وهو أهل السنة ]، وترتب على ذلك الشك في صدقها، وفريق تلقاه بالقبول [ وهم أهل البيت عليهم السلام أئمة الزيدية ]، ورد كل وجوه الطعن بمايدحضها. ولنذكر حجج الطاعنين حجة حجة:

[ القسم الأول : الطعن في راوي المجموع ]

1- أن أبا خالد عمراً قد رمي بالوضع والكذب من كبار علماء السنة، فالنسائي قال ليس بثقة ولايكتب حديثه.

2- أنه كان يشتري الصحف من الصيادلة، ويحدث بها وينسب ما فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق آل البيت.

3- مبالغته في الثناء على آل البيت عليهم السلام وذلك يجعله مبتدعاً متبعاً للأهواء.

4- انقطاعه إلى الإمام زيد عليه السلام، انقطاعاً تاماً، وكان يرى إثارة الفتن، وذلك ضار بالمسلمين.

[ القسم الثاني: الطعن في ذات المجموع ]

5- أن المجموع الذي رواه عن زيد منكر، لأن فيه أحاديث غريبه بعيدة النسبة إلى علي كرم الله وجهه.
6- أن بعض مارواه قد ثبت وضعه وكذبه، ومايثبت عليه الوضع والكذب لاتقبل روايته، فكيف يروي مجموعاً كبيراً كهذا المجموع.

7- أنه تفرد برواية المجموع، ولو كان المجموع معروفاً عن الإمام زيد لاشتهر ولكثر رواته كما حدث في موطأ الإمام مالك، فقد اشتهر وكثر رواته عن الإمام مالك رحمه الله.

هذا ما أثاروه[يقصد أهل السنة ]، ولنتكلم في كل واحد من هؤلاء[ يقصد المطاعن] بكلمة موضحة، ثم نبين رد الذين تلقوا المجموع بالقبول[ أي الزيدية]، ثم نوازن من بعد ذلك في مدى ماتؤدي إليه أوجه الطعن هذه.

[ القسم الأول : الطعن في راوي المجموع ]

1- أما الأول، وهو الطعن في الثقة به، فقد نقلنا أقوال بعض كبار أهل السنة فيه، وأن منهم من زكاه [ ابن ماجه والدار قطني ] وهم الأقلون، ومنهم من طعن في أمانته في الرواية، ومقدار الثقة فيه، فابن ماجه والدارقطني قبلا حديثه[ وإن كان البعض من أهل السنة قد نفى التوثيق من ابن ماجه والدارقطني وإن كتبهما مليئة بالرواية عن الضعفاء ]، والنسائي وغيره قد رداه، وقد قرر عدالته آل البيت والزيديون، وإن كان قد طعن فيه الإمامية، أي أتباع آل البيت، فليسوا من آل البيت، ولم يعرف أن أحداً من آل البيت قد طعن فيه، وقد روى عن محمد الباقر وروى عن جعفر الصادق، وروى عن غيرهما، ولو كان غير مقبول ماسمحوا بالتحدث إليه، وقد رأينا كيف كان الإمام محمد [ الباقر ] ينهر من يرى في فقهه موضع نقد، وقد نقلنا لك مقالته للإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما[ نقد الإمام محمد الباقر أبي حنيفه لأخذه بالقياس].

وإن العلماء قد قرروا بالنسبة للطعن الأول أن الطعن المطلق غير مقبول، فقد قرر المحققون من الأصوليين " أن الجرح لايخلو إما أن يكون مطلقاً غير مفسر السبب، وإما مقيداً ببيان سببه"، فالأول غير مقبول عند المحققين، لاختلاف الناس في الأسباب التي يجرح بها الشخص، فقد يكون الشيء جرحاً عند بعضهم ، ويكون تعديلاً عند البعض الآخر ، وهذا إذا كان الجارح والمعدل من مذهب واحد، أو نحلة واحدة.

فإذا اختلف المذهب أو النحلة أو الطائفة، فإن أسباب الجرح والتعديل تكون أوسع اختلافا، وأكثر منزعاً، فقد يجرح الشخص لأنه علوي المنزع، بينما يعدل عند الزيدية أو الإمامية، لأنه علوي المنزع.

وأما الثاني، وهو الجرح المسبب بسبب، فإنه إن عارضه تعديل فيه نفى السبب الذي جرح به فإنه يقارن بين المعدل والطاعن من حيث صدق القول والقرائن والتاريخ، وإن عارضه بتعديل مطلق، كأن رمي الراوي بترك الصلاة، فيعارض بأنه ثقة تقي مأمون، فإن المعدل أولى بالأخذ إذا كان قد اشتهر بالأمانة والصدق.

وبعد هذا نقول إن كل الطعون التي وجهت من أئمة السنة مطلقة غير مفسرة، فأحمد رماه بأنه كذاب!!، وهو طعن مطلق لم يفسر سببه، ولعل سببه أنه علوي!!، وأحمد ماكان يحب المتعصبين ذلك التعصب لآل البيت!!، ولأن أبا خالد يفضل علياً على أبي بكر وعمر.

وفوق ذلك إذ كان قد طعن بعض الرواة في أبي خالد فقد زكاه أئمة من آل البيت فقد زكاه عيسى بن زيد، وأحمد بن عيسى بن زيد وغيرهم من آل البيت، كالصادق.

وإن الرمي بالكذب رُمِي به الكثيرون من الثقات الذين قبل البخاري وغيره روايتهم، ولم يعتبروه لأنه جرح مطلق، ............ .

وكثيراً ماتطلق كلمة كذاب على من يخطئ في النقل أو يتوهم، ولذلك لايصح أن تغير هذه الكلمة الثقة في موثوق به.

وإن اختلاف الفرق قد يدفع إلى عدم الثقة بين الذين يخالفون الراوي، فالإمامية مثلاً يضعفون كل راوٍ من غير جماعتهم، ويبادلهم ذلك المحدثون من الجماعة الإسلامية [ كأهل السنة وغيرهم]، فقد طُعِن في عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء وواصل مع أنهما من الصادقين في ذات أنفسهم الذين لايكذبون، وقد تطاول بعض المنحرفين في تفكيرهم [ يقصد بعض أئمة السنة،] فطعن في أبي حنيفة الذي كان يتحفظ في الرواية، وسبب الطعن أنه كان يكثر من القياس، وما كان إكثاره من القياس إلا لتشدده في تحري الصادق من المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن صحابته، وإن المنصفين كانوا يتوسطون في أصحاب المذاهب فيصفونهم بالصدق، ويرمونهم بالابتداع لينصفوا الحق، وينصفوا مذهبهم، فمثلاً إبراهيم بن أبي يحيى الذي كان مشائخ الأثر قال فيه ابن حجر: " أكثر أهل الحديث على تضعيف ابن أبي يحيى، لكن الشافعي يقول إنه صدوق، وإنما كان مبتدعاً وابتداعه في أنه كان قدرياً، أي يقول إن الإنسان يخلق أفعال نفسه، وقد بينا ذلك المذهب من قبل. وقد قال الربيع راوي فقه الشافعي في مصر: سمعت الشافعي يقول كان إبراهيم بن أبي يحيى قدرياً، قيل للربيع فما حمل الشافعي على أن يروي عنه قال : " كان يقول لأن يخرَّ إبراهيم من بعد أحب إليه من أن يكذب" ( حاشية انظر التلخيص لابن حجر العسقلاني ).

وذلك هو النظر الدقيق للرواة ينظر الموثَّق إلى شخص الرجل لا إلى رأيه[ مذهبه]، فإذا كان رأيه منحرفاً في نظر الموثق أو الجارح لايقدح ذلك في صدقه، فلا ارتباط بينهما، لأن الصدق ينبعث من النظر والاستدلال، وقد يخطئ الرجل في رأيه، ولكن لايظن في صدقه وأمانته، ولكن لكثرة الكذب من بعض الآحاد في الفرق تعصباً لمذهبهم، على الذين جاؤا بعد الشافعي من الرواة والمرجحين الظن في كل الرواة من غير جماعة المحدثين السنيين.

وإنا لنلمح أن الطاعنين في أبي خالد كلهم من غير طائفة الزيدية، بل إن منهم [ أي أئمة السنة ] من يصرح بأن سبب اتهامه له بالكذب محبته لآل البيت، أو مغالاته في محبتهم، وتبريره خروجهم على بني أمية، كما سنبين. ولقد وجدنا بعض الذين يكتبون في أولياء الله من الذين آمنوا يهملون ذكر زيد، ويذكرون آباءه وإخوته وأولاد إخوته، وأولاد عمومته، لأنه خرج، وأحدث فتنة في زعمهم، وإذا كان هؤلاء وأشباههم يأخذون على مثل الإمام زيد هذا ويأخذون على أبي خالد إفراطه في محبة الإمام زيد، فإنا نأخذ عليهم إفراطهم ومغالاتهم في اعتبار كل خارج على حكام بني أمية من المشكوك في روايتهم، وإذا كان الأول إسرافاً لاضرر فيه [أي محبة الإمام زيد ومحبة القائم على الظالمين ]، فإنا نظن أن الإسراف الآخر فيه ضرر [ أي اعتبار كل خارج على بني أمية من المشكوك في روايتهم ]، وهو موالاة الظالمين، ورحم الله الشافعي في أوصافه وتقديره للحق في ذاته، ورحم الله أباحنيفة الذي قال في خروج زيد " ضاها خروجه خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر".

وننتهي من هذا إلى أن الذين يطعنون في أبي خالد سبب طعنهم زيديته، ولم ينظروا إلى شخصه أهو صادق؟ أمين؟ أم غير صادق؟ كما نظر الشافعي رضي الله عنه إلى إبراهيم ابن أبي يحيى مادام رأيه ليس كفراً، ولقد قال صاحب الروض النضير في وصف صلة أبي خالد بآل البيت – عليهم السلام -:" أبو خالد ممن تمسك بولاء آل البيت، ونشر فضائلهم وروى أحاديثهم، وانعزل عن الظالمين، وباينهم، ولم يخالط العلماء الذين يغشون أبوابهم، ويلزمون أعتابهم، فغير بعيد أن يضعوا لذلك من شأنه، وتحملهم حمية التعصب على المجازفة في تكذيبه، ونسبته إلى الوضع".

وكذلك إذا كان التعصب الإمامي وغيره [ السني ] هو الباعث على الطعن في أبي خالد، وليس طعناً موضوعياً مسبباً، فإنا لانرى أنه يكفي لرد راوٍ واعتباره كاذباً فيما روى، فإن مرجع الصدق إلى الشخص، لا إلى الرأي [ المذهب ]، كما قلنا من قبل، ولننتقل من بعد ذلك إلى التشكيك الثاني في رواية المجموع.

2- اتهامه بأخذ الصحف من الصيادلة وتحديثه بها:

هذا هو التشكيك الثاني في رواية المجموع [ المسند ]، وهو تشكيك في راويه، أو طعن هو أقبح من الطعن، وهو إذ لم يكن عليه دليل يسقط قول قائله في كل شيء، لا في الرواية وحدها، لأنه يكون بهتاناً بما لا يقبل في العقول، ولا تستسيغه الأفهام.

وإن هذا الطعن مبني على الطعن الأول، بل هو إسراف فيه، ومعنى هذا الطعن أنه كان يجيئ إلى مايكتبه صيدلاني عن فوائد العطور والأدوية ونحوها فيعتبره حديثاً عن آل البيت ويعلنه بين الناس كذلك.

وإنا نرى ذلك القول غير مقبول ابتداءً، لأنه لم يعين قولاً أخذه بالفعل من صحف الصيادلة ووضعه في كتاب أو في رواية، فإنه إذا عيَّنه [ يقصد من رمى أبي خالد بهذا ] وذكر شواهد قوله قد يكون موضع نظر، وتعرف مقدار الثقة في قوله، ومقدار ماتدل عليه الشواهد، وهل من مُزَكٍ لما يقول بالنسبة لهذه الرمية بالكذب؟؟ ولم يجيء أحد بكلام يزكي ذلك القول.
وإذا فُرِضَ وأنه أخذ بعض صحف الصيادلة، فهل ثبت أنه أضافها إلى المجموع الذي رواه؟ لم يبين شيء من ذلك، وإنه من المقررات الثابتة في القضاء أن الدعاوى المبهمة لايلتفت إليها ولاتسمع، وهذه دعوى مبهمة لاسبيل لإثباتها ولم يقدم بالتالي ما يثبتها، وفوق ذلك هي دعوى تحمل في نفسها دليل بطلانها، لأن تدوين صحف الصيادلة لم يكن قد اشتهر وانتشر في عصر الإمام زيد – عليه السلام -، إذ أن تدوين العلوم، وخصوصاً الطبية قد جاء بعد ذلك، وإذا كان منها أفكار فإنها لم تكن قد دونت في صحف، وتبادلها النساخ، إذ أن ذلك لم يتم إلا في عهد الرشيد، واستبحر واتسع في عهد المأمون.

ولقد قال في هذه التهمة بعض شراح المجموع: " هذا محض التحامل... فإن يكن قد رآها القائل بذلك وحكم عليها بالوضع ولم يبين هل كان ذلك في كل أو بعض متن أو سند، فقد أسرع في عدم التثبت، وأبدع في مقالته وأغرب، وإن لم يكن وإنما أُخْبِرَ[ أخبره عنها أحد] عنها فإن ذلك مما يقضي منه العجب "( حاشية، مقدمة شرح المجموع ص36) .

والخلاصة أن ذلك الاتهام غير قائم على أساس، وهو امتداد للطعن المطلق، وهو كلام ليس معه مايثبته، وهو دعوى مبهمة لا يلتفت إليها، وإنه لمن الغرابة أن تذكر على إنها طعن في كتاب قام عليه مذهب وتلقاه أهله في الأجيال بالقبول.

3- مبالغته في الثناء على آل البيت – عليهم السلام - :

هذا سبب من أسباب الجرح قد ذكره بعض الفقهاء والمحدثون من أهل السنة، وإن هذا الاتهام لايدري كيف يسميه أبو خالد لو وُوجه به، لعله كان يقول: " شرف لا أدعيه، وتهمة لا أنفيها " ، وإن هذا من تحكم مذهب في مذهب ، ورأي سياسي في رأي آخر ، وقد بينا بطلان الطعن بهذا فيما نقلناه عن الشافعي رضي الله عنه، من أنه كان ينظر إلى صدق الرجل لا إلى رأيه [ مذهبه]، ولو كان منحرف الرأي في نظره، ولقد احتاط لهذا المحققون من علماء الأصول، فقد اشترطوا في قبول الجرح والتعديل اتحاد مذهب المعدَّل والمعدَّل، والجارح والمجروح، فحكم من جُرِح عند قوم يكون تعديلاً عند آخرين، ولا شك أن الاتهام بالمبالغة بالثناء على آل البيت هو اتهام عند فريق [ أهل السنة ]، وشرف عند غيره [ الشيعة ].

على أن الزيدية الذين تخرجوا على الإمام زيد – عليه السلام -، لم يكن حبهم في آل البيت طعناً في غيرهم، بل إنهم يعدون معتدلين غير منحرفين، وإذا كانوا يفضلون علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر فليس ذلك بسبب للطعن بالكذب، وهم [أي الزيدية ] يقبلون كل الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أي طريق كانت الرواية مادام الرواة ثقات، ولو كانوا يخالفونهم في الرأي، وقد صار المتأخرون على هذا الأصل، واعتبروا الكتب الستة، وهي : ( الصحيحان البخاري ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ) وغيرها أصولاً للإسلام معتبرة يؤخذ بها، فكانوا بلاشك أوسع صدراً ممن طعنوا على أبي خالد بهذا الطعن الغريب.

ولقد قال بعض الزيدية في ترجمته لأبي خالد هذا : " ومما نقموا عليه روايته لفضائل أهل البيت بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تخالف مذهبهم، وهذه عادتهم، يقدحون بمجرد المخالفة للمذهب، ولو كان حقاً، ويعدلون من روى لهم أصول مذهبهم، ولو كان فاسقاً، فعدّوا أويساً القرني ( حاشية ، هو تابعي كان يناصر أهل البيت) وهو سيد التابعين من الضعفاء، وقال البخاري في إسناده نظر، وعدلوا مروان بن الحكم ونظراءه".

ولسنا نستطيع أن نساير الكاتب في قوله إنهم يعدلون الفساق ماداموا من نحلتهم، ولكن هم بلاشك يعتبرون من ليس من مذهبهم أو من خالف طريقة الكلام التي قالوا إنها طريقة السلف مشكوكاً في روايته، حتى لقد تكلم بعض المتعصبين[ من أهل السنة] في رواية سيد التابعين الحسن البصري، لأنه اتهم بالقول في القدر.


[4- شبهة انقطاعه إلى الإمام زيد وحبه لإثارة الفتن، وأنه لم يرو عن حفاظ عصره]

ومن هذا الباب في الطعن اتهامه بالانقطاع للإمام زيد، أو مناصرته له، وعدم مخالطته لحفاظ عصره، وهذا خطأ فالمناصرة قد شاركه فيها أبو حنيفة والأعمش وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وغيرهم من الفقهاء والمحدثين، حتى لقد عدت حركة الإمام زيد – عليه السلام – وخروجه حركة الفقهاء والمحدثين، وإن الإمام زيداً – عليه السلام – كان موضع رضا كل الطوائف الإسلامية، فالنساك والزهاد والمرجئة والمعتزلة والشيعة، كل هؤلاء كانوا يقدرونه، ومن ذا الذي لايقدر ذلك الشهيد، فإن كان ذلك موضع مذمة الطاعنين، فإن أبا خالد يرتضي هذه المذمة، وليبحث الذين يثيرونها عن موضعهم من المدح أو الذم، وحب آل البيت ونصرتهم على الحق هي موضع مدح لا موضع ذم، ورحم الله الشافعي إذ يقول:

إن كان رفضاً حب آل محمد ************فليشهد الثقلان أني رافضي

وأما قولهم إنه انقطع إلى زيد ولم يرو عن حفاظ عصره، فتلك دعوى منقوضة تكذبها حياته، فقد جاء في الكمال أنه أخذ عن زيد وعن أخيه محمد الباقر، وسفيان الثوري، فما كان منقطعاً عن الحفاظ، ولكنه كشأن كل طالب علم وحقيقة يلتزم شيخاً من الشيوخ، ويأخذ عنه، ويتعرف ماعند غيره، وكذلك كان الشأن في كل الأئمة، فأبو حنيفة رضي الله عنه لزم حماد بن أبي سليمان، وانقطع إليه، ولكنه كان يأخذ عن غيره، وخصوصاً في موسم الحج، والإمام الشافعي لزم الإمام مالكاً رضي الله عنه نحو تسع سنين، وكان قد تلقى من قبل من محدثي مكة، مثل سفيان بن عيينة، ومسلم بن خالد الزنجي، وغيرهما، فكل شاد في طلب العلم يطلبه من مصادره حتى يهتدي إلى من يلزمه، وينقطع إليه، ولقد سئل أبو حنيفة كيف جاء إليه هذا العلم، فقال: " كنت في معدن العلم، ولزمت شيخاً من شيوخه "، فليس من غضاضة على الطالب أن يلزم شيخاً من الشيوخ، وخصوصاً إذا كان ذلك الشيخ مثل الإمام زيد الذي اجتمع فيه من الصفات، مايعز اجتماعه في غيره، على نحو مابينا من صفاته.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

[ القسم الثاني : الطعن في ذات المجموع ]

ماذكرناه كان طعناً في راوي المجموع، ولم نجد في هذا الطعن مايجعلنا نتشكك في الرواية، وإننا نجد إسقاط الرواية بمثل هذا الطعن لايجعل رجلاً ثقة أبداً، ويؤدي هذا إلى التشكك في ذات السنة النبوية، فقد وجدنا الإمامية يجعلون بعض رواة السنة النبوية هدفاً يريشون سهامهم نحوه ليسقطوا روايته بمثل هذه الاتهامات المبهمة، وقد جعلوا أبا هريرة، وبعض الصحابة الذين أكثروا من الرواية غرضاً يقصدونه، ليوهنوا الرواية بأحاديث الجماعة، ولقد جاء في هذه العصور من يريد هدم السنة بالتشكيك في كل رواتها وطريق روايتها.

ومن أجل ذلك لم نسمح لأنفسنا بتأييد الطعن الذي يكون على هذا النحو [ يقصد الطعن المبهم مثل ماحصل مع أبي خالد ] لأن ذلك سلاح ذو حدين، فإن قبلناه في من روى المجموع، فإنه يجب أن نقبله في غيره من الرجال، وبذلك نهدم السنة، ونأتي على ثاني أصل من أصول الإسلام من قواعده، ولهذا لا نعتبر ذلك الطعن.

وإن أولئك الذين لايقبلون المجموع لايكتفون بالطعن في الراوي، بل ينتقلون إلى الطعن في المجموع مما اشتمل عليه وهو دراسة موضوعية، وقد نقلنا في الأمور السبعة التي لخصناها أنهم [ أي أهل السنة ] قالوا في المجموع : إنه يشتمل على احاديث موضوعة وثبت أنها مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه لم يثبت نسبة كل ما اشتمل عليه لعلي – عليه السلام -، وان راويه واحد فهو غريب، وان بعض الزيدية كالهادي قد خالف بعض ما اشتمل عليه المجموع، وأن المجموع لو كان للإمام زيد لاشتهر وعرف، وما انفرد بروايته واحد. هذه كلها سهام تتجه إلى ذات المجموع، لا إلى راويه.

- ادعاء الوضع في بعض الأحاديث التي اشتمل عليها المجموع:


قد ادعى الذهبي أن في المجموع أحاديث مروية بطريق علي – عليه السلام – أو عنه ثبت أنها موضوعة، وأنها ليست صحيحة النسبة إلى علي كرم الله وجهه، وإن ذلك يزكي قدح القادحين في الراوي، ويجعل النسبة كلها موضع شك، لأنه إذا كان الراوي غير ثقة بدليل ثبوت كذب مارواه، فالسند غير قويم، وإذا كان ذلك الموضوع في المتن، فالمتن غير سليم.

وقد قالوا: إنه[ أي الذهبي ] ذكر خمس أحاديث ادعى وضعها، وقد أثبت شراح المجموع نسبتها إلى علي من طريق آخر غير طريق المجموع، ولنذكر هذه الأحاديث، حديثاً حديثاً ليكون حكمنا على بينة، وبعد أن نسمع أدلة الفريقين.

الحديث الأول :

قال الذهبي إن في المسند أنه مروي عن علي – عليه السلام – أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن الذكرين يلعب أحدهما بصاحبه، وقد ادعى وضعه.

ولكن رد شراح المجموع دعواه بأن هذا الحديث روي عن طريق جامعي السنن، فقد ذكر السيوطي في جمع الجوامع من قسم الأفعال، فقال عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " سبعة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم و[ يقول لهم] ادخلو النار مع الداخلين إلا أن يتوبوا، الفاعل والمفعول به، والناكح يده، والناكح حليلة جاره، والكذاب الأشر، والمعسر المعتز، والضارب والديه حتى يستغيثاهوقد أخرجه ابن جرير، وقال: " لايعرف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا من رواية علي، ولا يعرف له مخرج عن علي إلا من هذا الوجه، غير أن معانيه قد وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، ولهذا الحديث غير الرواية عن علي – عليه السلام - شاهد من رواية عكرمة عن عبدالله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " لعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمَّهَ عن السبيل، ولعن الله من لعن والديه،ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط، وكررها ثلاثاً" وقد قال السيوطي إن هذا الحديث أخرجه أحمد في المسند، والحاكم، والبيهقي.

وبهذا يتبين أن ادعاء الوضع غير سليم، بل إن الحديث قد روي عن علي – عليه السلام – من غير طريق أبي خالد، وله شواهد من رواية ابن عباس، وقد ذكر أحمد وغيره شاهداً آخر له، وإذا كانت دعوى الوضع غير سليمة، لوجود الشواهد عليه، ولأن معانيه تتفق مع ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكارم الأخلاق، وما نهى عنه من مساوئ الأخلاق، بل إن معانيه تتفق مع مايدعو إليه القرآن الكريم، وما ينهى عنه من محرمات، فكيف يعد مع ذلك موضوعاً؟؟!!

وعلى فرض التسليم بأنه موضوع، فإن ذلك لايقدح في الكتاب [ أي المسند ]، والبخاري ذاته وهو أصح كتب السنة إسناداً قد أُخِذَت عليه أحاديث، وما كان ذلك مسوغاً لتكذيب البخاري والقدح فيه، ولا مسوغاً لنقض الصحيح الذي رواه، وعدم الأخذ بما فيه.


الحديث الثاني :-


الذي ادعى وضعه الذهبي وغيره هو ماروي في المجموع عن علي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " العالم في الأرض يدعو له كل شيء حتى الحوت في البحر " فقد ادعوا [ أي أهل السنة ] أنه موضوع على علي – عليه السلام – والحقيقة أنه لم ينفرد به، فإنه روي مثله عن أبي الدرداء، وهو شاهد له بالصدق، فقد روي عن كثير بن قيس قال: "كنت جالساً عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال: يا أبا الدرداء أتيتك من المدينة مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال فما جاء بك تجارة؟ قال: لا، قال : ولا جاء بك غيرها؟، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطلب العلم، وإن طالب العلم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الانبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر" وقد رواه ابن ماجه، وأخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود والترمذي في سننهما.

وعلى ذلك لايمكن أن يكون الحديث موضوعاً، وله شواهد من هذه الكتب المشهورة[ أي كتب أئمة الحديث]، ولاندري من أي طريق علم وضعه [ أي الذهبي ]، إن الحديث الموضوع يجب أن يثبت كذبه، إما لأنه مخالف لما ثبت من الدين بالضرورة أو مخالف للأحكام العقلية المقطوع بها، ولايمكن تأويله، وقد يقال إنه روي بطريق ضعيف أو في سنده بعض الضعفاء، على أنه يذهب الضعف إذا رُوي بطريق آخر أقوى سنداً، وأصدق رجالاً، والحديث المذكور ليس فيه سبب من أسباب الوضع.

وعلى فرض أنه موضوع، فهل يؤدي الحكم بوضعه إلى الحكم بأن كل هذه الكتب التي روته[ أي كتب السنة ] باطلة السند، وقد قلنا أن صحاح السنة التي لاريب في الثقة بها قد ثبت في بعض أخبارها الوضع، وما أدى ذلك إلى ضياع الثقة فيها، ومنع الصدق في نسبتها.


الحديث الثالث :-

ما رواه أبو خالد عن طريق محمد الباقر عن أبيه عن علي – عليه السلام – من أنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " لا تسم أصابعك السبابة " فقد حكم الذهبي بأنه موضوع ، ولايوجد سبب للحكم بوضعه بل إن له شاهداً مع أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحواله مع صحابته، فقد كان عليه السلام يغير أسماء بعض الصحابة لأنه يكره قبيح الأسماء، فقد روى أبو داود في سننه من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأله : ما اسمك؟ قال: حزن، قال: أنت سهل، وقيل عن أرض إنها قفرة فسماها خَضِرَة، وكذلك في الحديث المدعى وضعه سمى الأصابع السبابة بالأصابع المسبحة.

وإذا كانت هذه المعاني ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يمكن أن يكون هذا الحديث موضوعاً وله هذه الشواهد المزكية فهي بينات على صدقه.

وقد يقال إن علياً زين العابدين لم يلتق بعلي – عليه السلام - ، وليس في السند اسم من روى عن علي أي أن الحديث منقطع، ونقول إن المنقطع والمرسل كان يقبل في عصر الإمام زيد – عليه السلام -، بل إن البلاغات تقبل مادام الراوي ثقة، فالاعتماد على أمانته وعدالته أعظم من الاعتماد على سنده، والذي أرسل هو إمام الهدى علي زين العابدين، وناهيك به من ثقة عدل، فالمعتمد يكون على عدالته، ولا عبرة بإسناده، وإن التشدد بضرورة وصل السند إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحدث إلى بعد أن شاع الكذب وانتشر، فاحتاجوا إلى السند ليعرفوا الرواة واحداً واحداً ويطمئنوا إلى مقدار عدالتهم، وهذا الموطأ للإمام مالك رضي الله عنه فيه المنقطع وفيه المرسل وفيه البلاغات وماضعفه أحد، ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول: إذا جاء الحديث فمالك النجم الثاقب.

الحديث الرابع:-

وهو حديث ليس في المجموع، ولكن ذكر عن طريق أبي خالد عن ابن عمر، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أيما مسلم اشتهى شهوة، فردها،وآثر على نفسه غفر له" ولفظه كما في السيوطي: " أيما امرئ اشتهى شهوة فرد شهوته، وآثر على نفسه غفر الله له".

وإن القول بأن هذا الحديث موضوع غريب!، لأن معناه ثابت في الإسلام، إذ أن مؤداه أن من تتحرك عنده رغبة حادة في ناحية من النواحي فيضبط نفسه ويكبح جماح شهوته ويؤثر غيره بها فإن الله يغفر له سيئاته، فمن يتصدق بمال يرغب فيه، ويؤثر الغير على نفسه يغفر الله له سيئاته أو بعضها، وقد مدح الله أولئك الذين يكبحون جماح أهوائهم، ويؤتون المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وقال تعالى في أوصاف المؤمنين:" ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " والصدقة تطفئ المعصية كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " الصدقة تطفئ المعصية " وهذه الصدقة من أعلى درجات الصدقات، لأنها كبح نفس وعطاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " خير الصدقة، ان تصدق وأنت صحيح شحيح ترجو الغنى وتخشى الفقر " وهذه من هذا النوع.

الحديث الخامس :-

الذي اتهم الذهبي أبا خالد بوضعه هو مارواه عن علي – عليه السلام – من أنه مسح على الجبيرة عند الوضوء، ولا مكان للوضع في هذا، لأنه روي بطرق أخرى حسنة عن علي – عليه السلام – بغير طريق أبي خالد، فقد رواه السيوطي في مسند علي عن غير طريق أبي خالد، وأخرجه عبدالرزاق، وأبو نعيم، ورواية السيوطي عن علي هذا نصها: " أصابني جرح في يدي، فعصبت على الجبائر، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت : أمسح عليها أم أنزعها؟ فقال عليه السلام: بل امسح عليها"

وإن الحنفية أخذوا بهذا الحكم، ونقل إليهم من طرق من غير هذا، وهو يدل على أن ذلك الحكم كان معروفاً بين الصحابة، فكيف يتهم راويه بالوضع؟!!!

وبعد فهذه أحاديث اتهم فيها بالوضع أبو خالد، وطعن في المجموع لاشتمالها على أربعة منها، وإذا كان هذا فقط هو الذي أخذ عليه، فإنه لامأخذ فيه، إذ أن الوضع لم يثبت في واحد منها لوجود الشواهد من غير طريق أبي خالد عليه، ولأنه يتفق مع مقاصد الشريعة ومعانيها، وتشهد له النصوص القرآنية المحكمة، فوق السنة الصحيحة المروية، ولايحكم بالوضع لحديث يتفق في معانيه مع مقاصد الشريعة ومراميها.

وعلى فرض أنه ثبت عدم صحة النسبة في بعضها، فإنها عدد قليل لايسوغ اتهام راويها بالوضع والكذب، فإن احتمال الخطأ والوهم في ذلك العدد النادر أقرب من احتمال قصد الكذب والوضع ، وفرق بين الأمرين عظيم، إذ الخطأ يجوز على كل إنسان، والكذب على رسول الله لايجوز من مؤمن.

وننتهي من هذا إلى أن ذلك الجزء من الطعن لايمس المجموع، كما لايمس راويه.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

تفرد أبي خالد برواية المجموع :


طعن في المجموع بأن هذا الكتاب لايمكن أن يكون للإمام زيد، لأن الإمام زيداً كان له تلاميذ كثيرون ، إذ أنه منذ انصرف إلى العلم إلى أن خرج من محرابه إلى الجهاد، بل إلى أن قبضه الله تعالى إليه، وله أتباع من الفقهاء والمحدثين، فكيف لايروي كتابه إلا واحد، وينفرد بروايته، إن الأمر الذي لايمكن أن يقع إلا من جماعة لايمكن أن تقبل فيه رواية واحد منفرداً، إذ كيف ينفرد بالرواية واحد من عدد كبير، وإن تأليف كتاب بين أيدي تلاميذ كثيرين يوجب أن يعرفه أو يعرف جله الأكثرون من التلاميذ لا واحد منهم.

وإن هذا يبدو بادئ الرأي أنه اعتراض وجيه، وقد رد الزيدية على هذا الاعتراض بعدة ردود:

أولها – أن تلاميذ الإمام تفرقوا في البلاد بعد قتل، وما اجتمعوا فور مقتله – عليه السلام-، وطبيعة هذا التفرق توجب ألا ينقلوا جميعاً قوله، وقد كانت له رواياته الفقهية في حرز يد أمينة، هي يد تلميذ مخلص من تلاميذه فحفظ ذلك التراث، وإن التفرق بعد هذا الذعر الذي أصابهم بمقتل إمامهم وشيخهم لايجعلهم جميعاً قادرين على الجمع والنسخ، وقد انفرد أحدهم وارتضاه الباقون ورضاهم بروايته وقبولهم ماتضمنه كتابه يعد تصديقاً ويكون في حكم رواية الجميع، وإن انفرد بالنسخ والتدوين أحدهم، وقبولهم على هذا يتضمن أمرين. أحدها : تصديق الراوي. والثاني: تحملهم معه عبء الرواية ضمناً، بحيث يعد الطعن فيه طعناً فيهم، لأنه طعن في كل من قبلوا موضوع الطعن.

وثانيها - أن أولاد الإمام زيد قد قبلوا مارواه أبو خالد، فقد روي أن المجموع الذي رواه أبو خالد قد سمعه الإمام الشهيد يحيى بن زيد، ويروى أن بعض العترة من آل البيت كانوا لايقبلون الرواية إلا عن طريق أئمة آل البيت أنفسهم، فقيل له إنك تقبل رواية أبي خالد مع أنه ليس من أئمة آل البيت، فقال: لم أقبل روايته المجموع عن زيد إلا بعد أن رواه يحيى بن زيد، وقد أقر رواية أبي خالد للمجموع أيضاً عيسى بن الإمام زيد.

وثالثها- تلقى العلماء روايته[ أي أبي خالد ] بالقبول، لمزيد اختصاصه بالإمام زيد – عليه السلام-، فقد صحبه في المدينة قبل أن يجيء إلى العراق بخمس سنين، واستمر ملازماً له إلى أن قتل – عليه السلام - .


ورابعها
- أن الانفراد بالرواية لايكون سبباً للطعن، لأن التفرد بالرواية لايكون سبباً للقدح، وإن بعض التابعين من خواص الصحابة كانوا ينفردون بالرواية، فكان كل تابعي ينفرد بالرواية عن صحابي، وذلك لمزيد الاختصاص والملازمة، ولايضر ذلك فيما تفرد به.

وخامسها- أن عدم اعتراض التلاميذ عليهم، وقبول الأكثرين قبولاً إيجابياً، وليس سكوتياً دليل على عدم الانفراد.

وسادسها- أنه أشد تلاميذ الإمام ملازمة وأطولهم صحبة، وماعرف واحد منهم بملازمته كما لازمه، فكان المعقول أن ينفرد دونهم برواية لم يعلموها، وهذا أبو هريرة قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجموعة من الأحاديث لم يرو غيره مثلها وذلك لملازمته للنبي مدة، وإن كانت أقصر من ملازمة أبي خالد لزيد، وغيره كان مشغولاً بالتجارة أو العمل في الحياة أو الخروج في السرايا والغزوات.


- مخالفته للمروي عن علي – عليه السلام - :


ادعى الذين انتقدوا المجموع في جملته أن بعض ما أسند لعلي كرم الله وجهه من أقوال وأحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخالف بعض المروي عنه، وإن ذلك الكلام له شعبتان:

إحداهما : مخالفته للمروي عن علي – عليه السلام – في كتب السنة الثابتة الصحة عند الجمهور كالصحاح والسنن والمسانيد لأصحاب الرواية المحققين.

والشعبة الثانية : أنه خالف في الرواية عن علي – عليه السلام – بعض أئمة الزيدية، ومن هؤلاء إمام من أئمة ذلك المذهب، بل يعد الإمام الثاني له، وهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الذي عاش في النصف الأخير من القرن، وهو الذي نقل فقه الزيدية إلى اليمن، وشرق به وغرب بعد ذلك، وإن هذا النقد بلا شك أقوى مايوجه إلى المجموع إن صح، ولنتكلم في الشعبتين:

أما الشعبة الأولى : فقد ادعوا فيها [ أي أهل السنة ] أن النسخة التي تلقاها أبو خالد عن الإمام زيد تخالف المروي عن علي -عليه السلام-، وقد قرر الزيدية أن الحكم في هذا هو المطابقة بين المروي عن علي – عليه السلام – في هذا المجموع والمروي عنه في المسانيد والسنن عند الجمهور من علماء السنة، فإن توافقت فإن المجموع يكون صحيحاً، وإن تخالفت في الكثير يكون المجموع مشكوكاً فيه، لا أن يكون مكذوباً، وقد قرر شراح المجموع أن دعوى المخالفة باطلة، وقد قال بعضهم في هذا: " وأما من حكم عليه ( أي أبي خالد ) بأن له نسخة موضوعة، فقد سبرنا تلك النسخة، وراجعنا من السنن والمسانيد، فوجدناها مسندة من طرق أخرى صحيحة أو حسنة، وما جرح أبي خالد بالوضع بعد ذلك إلا كمن جرح رجلاً بأنه قتلا فلاناً عدواناً وظلماً، ثم نجد بعد ذلك الشخص حياً".(حاشية: مقدمة الروض النضيرص 38 ) .

ولا شك أن هذه الموازنة هي المقياس الضابط، وقد راجعنا شرح المجموع الذي تعرض للرواية عند الجمهور ووازن بينها وبين المروي عن علي – عليه السلام - ، فوجدنا المروي في الجملة يتوافق مع المروي عن علي في المسندات، وإن خالفها فهو متفق في كثير الأحيان مع السنن، ومع الشهور عند أئمة المذاهب الأربعة.

وإن ذلك هو المقياس الصحيح لصحة النسبة أو ضعفها، أو على الأقل لرجحان الصحة أو رجحان الضعف.


وأما الشعبة الثانية: من الاعتراض أو الطعن، وهي مخالفة الإمام الهادي لبعض ماجاء في المجموع فقد سلم الزيدية به، ولكنهم لم يعتبروه طعناً في صحة المجموع، وذلك لثلاثة أسباب:

1- أن الإمام الهادي إلى الحق قد كان له اختيار واجتهاد، ولعله في اختياره أو اجتهاده يختار رأياً آخر غير رأي الإمام زيد، وإن المذهب الزيدي يتسع صدره لمثل ذلك، وقد اتفق فقهاء المذهب الزيدي على أن الإمام الهادي له اختيار، وله اجتهاد، وله ترجيحات.

2- أنه مع مخالفته لبعض المروي في المجموع كان يحتج بأحاديث كثيرة مما اشتمل عليه المجموع، ولو كان مافي المجموع مردوداً في نظره، وراويه ضعيف ما احتج ببعض ما اشتمل عليه.

3- أن الهادي بلا ريب ثقة، وأبو خالد لم يثبت أنه غير ثقة، وتعارض روايات الثقات كثيرة في كتب السنة، وعمل المحققين في هذا هو الترجيح بينها من غير أن يكون في الأخذ برواية وعدم الأخذ بالأخرى طعن في الثقة، وبتطبيق هذه القاعدة المقررة في رواية السنن، يجب أن نقرر أنه لايصح رفض المجموع لمخالفة مافيه لبعض ماجاءت به الثقات.

وفوق ذلك فإن الثقات الذين يروون عن علي – عليه السلام – عن غير طريق المجموع يقررون ماجاء في المجموع، ويثبتون صحة المجموع بذلك التوافق، ويكون ذلك توثيقاً للمجموع ورداً لغيره، ولقد ذكروا [ أي الزيدية ] لذلك عدة أمثلة:

أ- بيع أمهات الأولاد: فإن المجموع روى عن علي – عليه السلام – جواز بيعهن(حاشية: أمهات الأولاد الإماء اللائي يتسرى بهن أولياؤهن فيعقبن منه نسلاً فإنه لايجوز بيعها عند الجمهور ويجوز بيعها عند علي كرم الله وجهه)، حتى لقد روي عنه أنه قال: اتفق رأيي ورأي أبي بكر وعمر على تحريم أمهات الأولاد، والآن أرى بيعهن، فقيل له : رأيك معهما أولى من رأيك وحدك.

وقد خالف الهادي إلى الحق يحيى، ومنع بيعهن، وأسند إلى أحمد بن عيسى بن زيد أنه سئل عن بيع أمهات الأولاد فكرهه، وقال: إني لأستوحش من ذلك، وقال كيف نعلم أن علياً كان يرى ذلك، وقد ذكر ذلك الهادي أيضاً.

وإن هذا الكلام لايؤدي إلى الطعن في رواية المجموع لما يأتي :

1- لأن قول الأئمة إنهم يستوحشون منه، ويكرهونه، ويستبعدون أن يكون علي – عليه السلام – قد رأى ذلك، لايدل على التكذيب بل يدل على عدم الثبوت في نظرهم، وعدم الثبوت في نظرهم ليس طعناً، وأقصاه أنهم تشككوا في المروي، فذلك ليس طعناً صريحاً فيه، وينقض الطعن قبول أكثر المروي، ولعل ذلك تشبث منهم برأي علي – عليه السلام – الأول، ومهما يكن من الأمر فقد تأيد رأي علي بالثقات، على أن موضع التشكك من هؤلاء الأئمة ليس هو الرأي المجرد، بل هو يومئ إلى وقوع البيع من علي – عليه السلام -، ونحن معهم في أن علياً لم يبع أمهات أولاد وإن كان يرى جوازه، فإن الفقيه قد يرى الرأي المبيح ولكنه لايستبيحه لنفسه، وهذا أبوحنيفة قد أباح بعض الأنبذة وكان لايشربها، وقد قال في ذلك: " لو هددت أن أغرق في الفرات أو أقول بتحريم هذه الأنبذة ماقلت، ولو هددت بأن أغرق في الفرات أو أشربها ماشربتها"، فهو رحمه الله ينزه نفسه عن أن يتهم بالتحريم،وينزه نفسه عن أن يتناول مشكوكاً في حله.

2- شهادة كتب السنة المختلفة برأي علي في هذا، وأنه رجع عن رأيه الأول الذي كان يتفق مع رأي أبي بكر وعمر.

3- أن الذين جزموا بالتحريم من الزيدية لم يعتمدوا على رواية عن علي – عليه السلام - ، بل اعتمدوا على إيراد أحاديث أخرى عن غير طريق علي كرم الله وجهه، فرووا حديث عتق مارية القبطية، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أيما وليدة ولدت من سيدها، فإنه لايبيعها، ولايهبها ولايورثها، وهو يستمتع بها، فإذا مات فهي حرة".

وإن الحق الذي نراه أن هذه المسألة شاهدة لصحة المجموع، لا لكذبه، فلا تصلح سبباً للطعن فيه.

ب- ومن هذه الروايات التي يقال إنها أخذت عن روايته عن علي كرم الله وجهه بأن زكاة خمس وعشرين من الإبل خمس من الشاء، فإن المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض، وإن ذلك هو الراجح عند جمهور المسلمين، وقد وافقهم كثيرون من أئمة الزيدية.

وإن ذلك لايعد طعناً في المجموع لثلاث أسباب:

1- أن المجموع لم ينفرد بهذه الرواية، بل رويت بعدة طرق، فقد رويت عن الشعبي عن عاصم عن علي – عليه السلام -، ورواها سفيان الثوري عن علي – عليه السلام -، وخالفها للحديث النبوي، ورواها الدارقطني عن علي وضعفها.

2- أنه لايضعف الرواية عن علي – عليه السلام – مخالفة الحديث النبوي لظاهرها، إذ التوفيق بينهما ممكن، بأن كان الرجل الذي وجبت زكاة الإبل في ماله ليس عنده بنت مخاض، فقومها علي – عليه السلام – بخمس من الشاء، فلم يمنع على وجوب بنت المخاض، ولكنه أجاز تقويمها بهذا العدد من الشاء.


3- ما تأوله بعض الزيدية من ان المسألة التي أفتى فيها علي – عليه السلام – كان موضوعها خمساً وعشرين من الإبل مشتركة بين اثنين أحدهما له عشرة والآخر له خمس عشرة، فأفتى علي كرم الله وجهه بما يجب عليهما، لا بما يجب على أحدهما.

ومهما يكن من الأمر، فإن الرواية مزكاة، وإذا كانت قد نُقِضَت لمخالفتها للسنة وللفقه، فإن ذلك لايطعن في الكتاب كله [ أي أن لها شواهد من كتب الحديث الأخرى ].

ج- ما رواه أبو خالد راوي المجموع عن علي كرم الله وجهه أنه قال: لاتقبل شهادة الولد لوالده إلا الحسنين، فقد روى هذا عن علي، وقال[ أي أبي خالد]: "إن صح هذا عن علي عليه السلام لم أجوز شهادة الولد لوالده" وإن ذلك يخالف المقرر في الفقه الإسلامي، والفقه الزيدي، والمأثور عن الأئمة، وقد رد الزيدية بأن ذلك لاينقض رواية المجموع، ولايكون مساغ طعن في راوي المجموع، وذلك للأسباب الآتية:

1- أن أبا خالد تشكك في صحة النسبة لعلي كرم الله وجهه، ولذلك قال: " إن صح هذا... الخ" فهو ينبه قبل غيره على شكه في الرواية.

2- أن هذه الرواية خاصة بالإمامين الحسن والحسين، فلا يخالف ذلك رأي الجمهور، وهذا رأي من علي، وليس حديثاً يسنده إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان الذين خالفوا علياً من الزيدية ممن حدثت بين أيديهم شهادة الحسنين، فاعتراض المعترضين على جواز شهادة أحد الحسنين منفرداً ليس له أثر عملي.


3- أن السيوطي في الجامع الكبير روى عن الشعبي أنه قال: " ضاع درع لعلي يوم الجمل، فأصابها رجل فباعها فعرفت عند رجل من اليهود، فخاصمه إلى شريح، فشهد لعلي الحسن ابنه، ومولاه قنبر، فقال شريح لعلي : زدني شاهداً مكان الحسن، فقال علي كرم الله وجهه: أترد شهادة الحسن، فقال: " لا ولكني حفظت منك : لاتجوز شهادة الوالد لولده" وقد ذكر السيوطي الحديث برواية أخرى: "أن علياً خاصم يهودياً إلى شريح في درع، فقال شريح: ماتشاء يا امير المؤمنين، فقال: درعي سقطت فالتقطها هذا اليهودي، فقال شريح للخصم: ماتقول؟ فقال : درعي وفي يدي، فقال شريح: صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك، ولكن لابد من شاهدين، فدعا قنبراً مولاه، والحسن ابنه، فشهدا أنها لدرعه، فقال شريح: أما شهادة مولاك فقد أجزناها، وأما شهادة ابنك الحسن لك فلا نجيزها، فقال علي : أما سمعت قول عمر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" قال اللهم نعم، قال: أفلا تجيز شهادة سيدا شباب أهل الجنة، ثم قال لليهودي خذ الدرع، فقال اليهودي : أمير المؤمنين جاء معي على قاضي المسلمين، فقضى عليه ورضي، صدقت والله يا أمير المؤمنين إنها لدرعك سقطت عن جمل لك، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فوهبها له علي كرم الله وجهه، وأجازه بسبعمائة، وكان معه في الجهاد".

وإن الرواية على هذا تشهد بصدق مانقله أبو خالد، وقد نقله متشككاً وليس جازماً.

ولكن لابد من فحص هذا المنقول ، فهل يدل كلام علي – عليه السلام – على أنه كان يرى جواز شهادة ولده الحسن له؟ نعم إنه قدم للإثبات مولاه وولده، ولعل ذلك لحمل الخصم على الإقرار، لا للإثبات، ولعل ذلك ليعلن للملأ من الأمة أن شهادة الولد لوالده لاتجوز، ولو كان في مثل مقام الحسن، والمدعي في مثل مقام أمير المؤمنين، وليعلن أن العبرة في البينات بالنظام الذي وضعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان المدعي لم يعرف يكذب قط[ أي علي – عليه السلام -]، ويزكيه في ادعائه من لم يعلم بالكذب [ أي الحسن ]، بل من شهد له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه سيد شباب أهل الجنة.

وإن رواية السيوطي فوق ذلك تدل على مقدار قوة علي – عليه السلام – في الإيمان بالعدالة، والرضا بمايحكم به القضاء، واعتقاد أن الناس جميعاً سواء في مجلس القضاء، والبينات هي التي ترجح لا الثقة السابقة، فليس لقاضي أن يقضي بثقته، ولكن يقضي بالحجج التي يدلي بها الخصوم بين يديه.


- هذه هي الطعون في الراوي الذي روى المجموع ، وقد اشتمل الطعن على السند والمتن، فنقد الراوي نقداً شديداً ، واستدركوا على المتن بعض مافيها، وقد رد الزيدية النوعين من النقدين ، فردوا طعن الطاعنين في الراوي ، وردوا طعن الطاعنين في ذات المجموع.

[ الخلاصة ]

وإنه بالنظرة الفاحصة بين قول الطاعنين والراوين ننتهي إلى جملة أمور:

1- أن طعن هؤلاء الطاعنين بعدم الثقة أكثره سببه التفرق المذهبي، والتفرق المذهبي لايصح أن يكون سبباً في عدم الثقة بالراوي، وقد نقلنا لك كلام الشافعي في ناس رماهم الإمام الجليل بالانحراف في التفكير ولكنه وصفهم مع ذلك بانهم صديقون، وإنه من المقررات الفقهية في المذهب الحنفي أن المسلمين عدول فيما بينهم إلا من حد في قذف، أو اشتهر بالكذب، ولم يوجد ذلك الاشتهار في الراوي، وقد كان القضاة يقبلون شهادة المبتدعة إلا الخطابية، وهم طائفة من الروافض كانت تجيز للواحد منهم أن يشهد بأنه رأى وعاين وذلك برؤية من يثق به ومعاينته، فكان رفض شهادتهم لهذا.

2- أن الطعون في الراوي كانت كلها طعوناً مطلقة، لم تذكر له واقعة ثبت كذبه فيها، وانه إذا كان قد وجد له طاعنون فقد وجد له مزكون، وأن التزكية المطلقة تقبل، والطعن المطلق لايقبل، لأن التزكية المطلقة شهادة بالاستمرار على الصدق، والطعن المطلق لا يصلح أن يكون شهادة بالاستمرار، لان الطعن يجب أن يبنى على وقائع.

3- أن الطعن في المجموع لم يكن في جملة ماروي، بل كان في بعض ماروي فيه، وقد ثبت أن البعض المطعون فيه قد كان له شاهد قوي أو ضعيف من جانب آخر، وذلك إن صح لايطعن في أصل المتن وإن كان يصيب بعض أجزائه، والطعن في جزء ضئيل من مجموعة مروية لايطعن في سائرها، وإن أصح كتب الأحاديث [ أي البخاري ] قد طعن في أجزاء منها، وقد فصلنا القول في ذلك في موضعه في هذا الكتاب، فالبخاري، وهو اصح الصحاح عند جمهور الفقهاء قد أخ عليه في بعض رجاله، وفي بعض مروياته، ولم ينزل به ذلك عن أن يكون أصح كتب الرواية وأكثرها قبولاً.

4- مخالفته لبعض آراء أئمة الزيدية، وقد ردوا على ذلك بما فيه الكفاية.

وإنا بعد الموازنة نرى أن وجه القبول أرجح من أوجه الطعن، ولذا نرجح صدق رواية أبي خالد، ولكن لابد لتمام الموضوع بالنسبة لروايته من أمرين أحدهما طبقات رواية الكتاب إلى أبي خالد، وتلقي الزيدية له.
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد

طبقات رواية المجموع :


ذكر شرف الدين الحسين بن أحمد بن الحسين شارح المجموع الكبير في كتابه الروض النضير سنده المتصل في رواية المجموع إلى أبي خالد راويه عن الإمام زيد – عليه السلام -، وقد توفى ذلك الشارح المحقق في جمادى الأولى سنة 1221، أي أنه يذكر طبقات الرواية في نحو أحد عشر قرناً، وإنها بلا شك سلسلة طويلة، وقد أخذ يثبت أن الرواة في هذه السلسلة جميعهم من ثقات، وإنا لانعنى بتحقيق الثقة في هؤلاء جميعاً، حتى نصل إلى راوي المجموع نفسه، بل إن الذي يهمنا بيان الثقة فيمن رووا إلى منتصف القرن الثالث الهجري أو أواخره، لأن كتب السنة اشتهرت واستفاضت في آخر هذا القرن، وما تلقاه العلماء في هذا القرن بالقبول تلقته الأجيال من بعدهم بالقبول، فكان ثبوت الثقة فيمن حملوا في هذه الفترة يؤنس بالصدق.

ومن جهة أخرى فإنه في آخر هذا القول جاء الإمام الهادي يحيى بن الحسين الذي يعد الإمام الثاني لهذا المذهب، فكان لابد أن نعرف الرواة إلى ذلك الإمام الجليل، ومقدار ثقتهم فيهم، وثقته فيما حملوه إليه وإلى عصره، وقد أخذ بالكثير مما جاء في المجموع، وإن خالف بعضه ، ولايغض ذلك من مقدار الثقة في الكتاب جملة ، وما خالف الذي خالف فيه إلا لأنه أطلق لنفسه الحرية في الاختيار من آراء الصحابة وآراء غيرهم ، وكان هو في ذاته مجتهداً.

[ إبراهيم بن الزبرقان ]

وإنه في السلسلة التي ذكرها صاحب الروض النضير قد ذكر أول من روى عن أبي خالد ، وهو إبراهيم بن الزبرقان ، وقد جاء في طبقات الزيدية أنه روى عن أبي خالد الواسطي مجموعي الإمام زيد، أي مجموع الحديث ومجموع الفقه ، وقد روى عنه عدة منهم أبو نعيم الحافظ ، وقد احتج بروايته أئمة الزيدية ، ووثقوه ، بل وثقه بعض المحدثين، وقد وثقة ابن معين، وقد قال فيه: تلميذه نصر بن مزاحم كان من خيار المسلمين، وقد كان ملازماً لأبي خالد ، وتلقى الجموعين مرتبين بترتيب أبي خالد هذا ، وقد توفي سنة 183.

وإنه كشيخه أبي خالد تعرض لطعن الطاعنين طعناً مطلقاً غير مبين، وكان الطاعنون من المحدثين الذين يعتبرون كل أصحاب مذهب يخالف مذهبهم في السياسة أو في بعض مسائل الاعتقاد غير ثقة، كما كان الطعن من الرافضة الذين يريدون أن يختصوا بمحبة آل البيت ، أو بالأحرى الأئمة الذين قدسوهم من آل البيت واختصوهم بهذا التقديس.

ولقد زكاه الزيدية جميعاً، ولم يطعن فيه منهم أحد، وكذلك زكاه المعتدلة من الإمامية الاثناعشرية، فقد قال ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة: " هو من رجال الحديث".

[ نصر بن مزاحم ]

وقد تلقى عن إبراهيم بن الزبرقان المجموع نصر بن مزاحم، ولم ينفرد بتلقيه عنه، كما لم ينفرد بالتلقي عن أبي خالد إبراهيم بن الزبرقان ، وقد قال نصر بن مزاحم عن إبراهيم: " حدثني المجموع الكبير، الحديث جميعه عن أبي خالد" ، وقد قالوا[ أي الزيدية] إنه[ أي نصر بن مزاحم ] روى المجموع بسندين أحدهما عال، والآخر نازل ، فقد روى عن أبي خالد الواسطي نفسه ، كما روى بنزول عن إبراهيم بن الزبرقان.

وقد كان نصر محدثاً ومؤرخاً ، فهو الذي أرخ لواقعة صفين ، وقد قال فيه الأصفهاني: " كان نصر ثبتاً في الحديث والنقل، جمع أخبار محمد بن محمد بن زيد، وولاه محمد بن محمد بن زيد السوق". ( حاشية : مقاتل الطالبيين ص 514) .

وكان ثقة عند الزيدية مقبولاً عند أئمتهم، حتى لقد روى عنه الإمام الهادي إلى الحق يحيى في كتابه الأحكام في كتاب الطلاق.
وأكثر الذي يخالفونه في المذهب يطعنون في صدقه، ومنهم من يذكر أن سبب الطعن هو تشيعه، وقد قال فيه الذهبي إنه رافضي! ، ولكن الحقيقة أنه ليس رافضياً ، لأن الزيدية كلهم أو جلهم على عدم رفض إمامة الشيخين أبي بكر وعمر ، والجارودية هم الذين تركوا مذهب الإمام زيد في هذا ، وكانوا يرفضون من بعد زيد – عليه السلام – إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، وما كان نصر كذلك ، بل كان زيدياً مناصراً لذرية زيد – عليه السلام - ، وممن ينتهجون آراءه ومذهبه ، فطعن الذهبي فيه بالرفض غير سليم ، إلا إذا كان في وهمه أن كل الشيعة روافض!.

وقد طعن فيه الإمامية أيضاً ، وكل هذا طعن مذهبي ، وهو طعن مطلق فلا يلتفت إليه.

وقد كان نصر من الزيدية الذين تقدموا للجهاد مع محمد محمد بن زيد الذي خرج على المأمون سنة 199 وكان قائد جيشه أبا السرايا ، وقد تولى لمحمد أمر السوق كما أشرنا ، وتولى من قبله الجهاد مع الإمام محمد بن إبراهيم، فلم يقتصر في تشيعه الزيدي على الفقه ودراسته ، بل تولى الجهاد مع المجاهدين ، وإدارة السوق عندما كان لهم سلطان، وقد توفي في النصف الأول من القرن الثالث.

[ سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي ]

روى نصر بن مزاحم كما رأيت المجموع عن أبي خالد ، وعن غيره[ أي إبراهيم بن الزبرقان ] ، وقد رواه عن نصر كثيرون منهم سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي، وقد روى المجموعين الفقهي والحديثي بترتيب أبي خالد الواسطي ، وإنه كان كسائر الرواة الزيديين موضع طعن المحدثين من الجمهور، إذ ضعفوه لتشيعه!، وموضع طعن الإمامية ضعفوه لعدم قوله بمقالتهم من رفض إمامة الشيخين أبي بكر وعمر، وقد سمع من سليمان هذا كثيرون من الزيدية ووثقوه جميعاً ، وقد كان أحد الناقلين للمجموع في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري الذي أخذ فيه الفقه الزيدي يتفرع ، وتتسع أبوابه، وقد توفي في هذا النصف من ذلك القرن.

[ علي بن محمد بن الحسن النخعي ]

وقد روى المجموع عن سليمان هذا حفيده ابن ابنته علي بن محمد بن أحمد بن الحسن النخعي، وقد كان هذا الحفيد فقيهاً مشهوراً ، وقد اختلط بفقهاء الحنفية في عصره، إذ كانت أسرته قد اشتهرت بالإمامة في الفقه الحنفي، بل قد عد من فقهاء الحنفية، وكان يعد شيخهم في عصره، وقد ذكره الذهبي في شيوخ الحنفية، فقال في سنة 324: توفي شيخ الحنفية علي بن محمد بن أحمد بن الحسن النخعي في هذه السنة.

ولقد كان موضع تزكية الكثير من فقهاء الجمهور ومحدثيهم على هذا الاعتبار [أي على اعتبار حنفيته ]، ولذلك لم يتعرض للطعن كما تعرض جده أو أمه[أي سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي]، وكما تعرض أكثر الرواة الزيدية ، وقد ذُكِرَ في طبقات الحنفية، فقد جاء فيها علي بن محمد بن الحسن الكاسي النخعي توفي سنة 324...

وإنه ثقة بلا ريب عند الزيدية ، وقد قرأ المجموع على جده سنة 265هـ. ولعل علياً هذا كان من واسطة العقد الذي ربط بين الفقه الزيدي والفقه الحنفي، وسنجد في فروع كثيرة تلاقي المذهبين في كثير من الحلول الفقهية، بل سنجد بعض توافق الأصول الفقهية في الجملة للمذهب الحنفي، وإن كانت تتلاقى مع غيرها إلى حد كبير.

[ عبدالعزيز بن إسحاق ]

وقد روى عن علي بن محمد هذا المجموع كثيرون منهم عبدالعزيز بن إسحاق شيخ الزيدية في بغداد ، فقد جاء في طبقات الزيدية : " روى مجموع الإمام زيد بن علي عليه السلام الفقهي الكبير المرتب المبوب عن علي بن محمد النخعي" وقد روي عن كثيرين غيره، ولكنه اختص هذا برواية المجموع عنه، وقد تلقى عنه الكثيرون، وقد كان هذا [ أي عبدالعزيز بن إسحاق] موضع طعن جمهور المحدثين من أهل السنة، كما كان موضع طعن الإمامية، ولكنه موضع تقدير وتوثيق الزيدية أجمعين، وقد روى عنه كثيرون منهم[أي من الزيدية]، وروى عنه السيد أبو طالب الناطق بالحق.


[ الإمام الناطق بالحق أبو طالب ]

وإذا كان قد ثبت جمع علي النخعي بين دراسة الفقه الحنفي ودراسة الفقه الزيدي، وكان مع أنه راوي المجموع عن الإمام زيد يعد شيخ الحنفية، فقد جمع أبو طالب هذا بين الرواية عن آل البيت وماعندهم من أخبار، مع رواية الأحاديث المعروفة عند أهل السنة ، وقد أُخِذَ عليه [ أي السيد أبو طالب ] أنه روى سنن الترمذي من غير أن يتلقاها تلقياً كشأن رواة الأحاديث واعتبره الذهبي من أسباب الطعن فيه، ولكن دُفِعَ طعنه بأن الكتب في ذلك القرن كانت قد شاعت، واشتهر كل ما اشتملت عليه، ولذلك لم يعتبر الحنفية الحجة في الاشتهار فيما يكون قد اشتهر بعد القرن الثالث أي بعد تابعي التابعين، لأن السنة قد دونت فاشتهرت كلها، اشتهر ضعيفها مع قويها بذلك التداول.

ما بعد أولئك الرواة :

بعد أولئك الرواة الذين ذكرناهم تلميذاً عن شيخ عن شيخ حتى القرن الرابع الهجري، حيث كثر التدوين الفقهي، قد أخذ الفقه الزيدي تتسع آفاقه بل إنه كان في أثناء هذه السلسة التي ذكرناها قد أخذ التفريع الكثير في الفقه الزيدي، ورويت آثار الإمام زيد والأحاديث التي رواها عن آل البيت بطرق أخرى غير طريق المجموع الكبير في الفقه والحديث.

وقد ظهر في هذه الأثناء الإمام الهادي إلى الحق يحيى الذي يعتبر محيي ذلك المذهب كما أشرنا فقد تولى الدعوة إليه ، وتفريع فروعه ، واستخراج ينابيعه، وقرب مابينه وبين مذاهب الجمهور ، وأسند فروعه ورجعها إلى أصولها ، وقد تسلم التاريخ من بعد ذلك كتب الفقه في المذهب الزيدي أصولاً وفروعاً ، وصار حكمها من حيث الصدق أو الرد حكم الكتب المذهبية المختلفة ، فصار حكمها حكم كتب الخصاف ، والطحاوي ، وغيرهما من أئمة المذهب الحنفي، وكذلك الشأن في كل المذاهب الفقهية ، فإنه بعد القرن الثالث صار التدوين يجمع دقائق لعلوم، ويتلقى العلماء الكتب في كل المذاهب، إذ تشتهر في حياة أصحابها، ولا تحتاج بعد ذلك إلى إثبات.

قبول المجموع :

تلقى علماء الزيدية المجموع بالقبول، ولقد لخصنا كل وجوه الطعن التي وجهت إليه وجهاً وجهاً، وما رد به الزيدية أقوال الطاعنين، وانتهينا إلى أن الطاعنين في رواية الأول أساس طعنهم فيه مذهبي وهو مطلق لايستند إلى وقائع ثابته تمكن الدارس من مشاركة الطاعنين في الوقائع التي أدت إلى الحكم بالطعن، ولذلك نحن نوافق من ردوا الطعن بأنه غير مقبول لإبهامه.

وما وجه إلى متن المجموع لايقبل أيضاً لأنه تبين أن الروايات التي اتهم فيها الراوي فيها بالنسبة لعلي كرم الله وجهه قد اتفقت مع ماروي عنه عند جمهور المحدثين، ولذلك لم يكن لهذا الاعتراض مورد يرد عليه، بل لعله ينتهي إلى تزكية ما اشتمل عليه المجموع، لا إلى رده ، فالتحري أدى إلى وجود شاهد بالصدق ، ولم يؤد إلى وجود طاعن بالكذب.

وقد يكون الطعن بانفراد الراوي بالرواية عن الإمام زيد مع كثرة التلاميذ غير أبي خالد الواسطي له وجاهته، ولكن يرد عليه بثلاثة أمور:

1- ما رد به شارح روض النضير الذي ذكرناه، وهو أن تلاميذ زيد قد تفرقوا في البلاد تحت تأثير الاضطهاد ، وتتبعهم أينما ثقفوا فمنهم من هاجر إلى الأقاليم النائية ومنهم من استخفى، ومنهم من ادرع بالتقية ، فكان مقتضى المنطق ألا يجتمعوا، وألا يكثر الرواة عن الإمام زيد، وإنه بعد ان اطلعوا على المروي وافقوا عليه.

2- أن كتب المذاهب المختلفة كان الراوي فيها واحداً أو اثنين، فكتب المذهب الحنفي مدونها وراوي مافيها هو الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله، وما كان من المعقول أن يكون تلاميذ أبي حنيفة ثم تلاميذ تلميذه أبي يوسف واحد فقط، هو محمد بن الحسن بل كانوا كثيرين ولكن لم يتجه إلى التدوين والجمع وحصر المروي سوى محمد بن الحسن وما كان ذلك مسوغاً للطعن فيها، وذلك لأن الجميع قد تلقوها بالقبول، ولم يترددوا في الاحتجاج بها، وقد روى سحنون عن عبدالرحمن بن القاسم المدونة ، ومع ذلك تلقاها العلماء بالقبول ، ولم يطعنوا فيها بانفراد عبدالرحمن بن القاسم برواية اقوال الإمام مالك لان الأكثرين تلقوا مافيها بالقبول، وكذلك راوي فقه الإمام الشافعي هو ربيع بن سليمان الماروي المؤذن ولم يطعن أحد في رواية الأم ولا الرسالة بانفرد الربيع بالرواية عن الإمام الشافعي لأن الذين عاصروه تلقوا روايته بالقبول، وكان الشافيون من البلاد الإسلامية يطلبون علم الشاعي من الأم ويفرعون عليه.


3- أن العلماء قد تلقوا بالقبول المجموعة العلمية التي اشتمل عليها المجموع وإنا نفصل ذلك بكلمة موجزة.

تلقي العلماء للمجموع بالقبول :

لقد تلقى الزيدية في كل الأجيال المجموع بالقبول ، فقد وافق على مافيه عيسى بن زيد – عليهما السلام - ، ولم يعترض على ما جاء فيه أحد من معاصري أبي خالد الواسطي، أو على الأقل لم يثبت أن أحداً اعترض على ماجاء فيه، واستمر ذلك في الأجيال التي جاءت بعد أبي خالد، لم يعترض احد على ماجاء فيه، حتى الذين خالفوا في آرائهم بعض ما اشتمل عليه المجموع كالإمام الهادي إلى الحق فقد خالف مافي المجموع في بعض الروايات، وبعض الفقه، ولكنه لم يطعن فيه بالكذب وقد تناقل الزيدية العبارات المختلفة الدالة على تلقيه بالقبول.

ومن ذلك ماجاء في الروض النضير: " هو[ أي المجموع] من الكتب المشهور المتداولة بين شيوخ العترة وشيعتهم، وقد سبق مانقلناه من نصوص الائمة من أنه تلقى بالقبول"، وأيضاً قال ابن حجر في نكته على ابن الصلاح " إن الكتاب المشهور غني بشهرته عن اعتبار الإسناد منا إلى مصنفه كسنن النسائي".

وإن أهل البيت العلوي – عليهم السلام – قد تلقوه بالقبول، وجاء في هذا الشرح أيضاً : " هذا المجموع الكبير قد تلقى بين أهل البيت بالقبول وقد قال الإمام الهادي إلى الحق عزالدين بن الحسن بعد ذكر الإمام زيد: له من كتب الفقه المجموع، وهو أول كتاب جمع الفقه، ورواه عنه أبو خالد الواسطي، تلقته الأمة بالقبول ، حتى إن الإمام محمد بن المطهر شرحه بجزئين سماه المنهاج الجلي فيه من غرائب العلم ونوادره شيء كثير، وقال الإمام أبو طالب عليه السلام في التذكرة: والمجموع الذي جمعه أبو خالد ورواه عن زيد بن علي معروف مشهور، وذكر الإمام يحيى بن الحسن بن محفوظ في رسالته الشتوية: أنه لم يكن للعترة عليهم السلام فقه قبل القاسم والهادي غير مجموع فقه الإمام زيد بن علي".

ويظهر أنه لايطعن أحد في سند الكتاب، ونسبة روايته إلى أبي خالد الواسطي، والشك في أبي خالد نفسه أو في متنه عند من يريدون أن يثيروا شكاً، وإذا كان ذلك كذلك فإن تلقي العلماء بالقبول وخصوصاً ممن عاصر أبا خالد من آل البيت يرجح جانب الصدق ويشهد لما انفرد به أبو خالد، وبذلك لايكون ثمة مساغ للنقد، فإن تلقي العلماء لكتب ظاهر الرواية التي رواها الإمام محمد[ أي محمد بن الحسن الشيباني ] بالقبول أزال مايثار حول الإنفراد ، وكذلك هنا يعتبر تلقي الزيدية وخصوصاً آل البيت يدل على صدق النسبة في المجموع.

وإن الطعن في أي مجموعة علمية يتلقاها العلماء المختصون فيها بالقبول نوع من الهدم العلمي، وقطع السلسلة العلمية التي تربط الحاضرين بالغابرين، فالمجموعات الفقهية في المذاهب المختلفة لو اطرحنا الثقة فيها التي بنيت على تلق الأجيال لها بالقبول، لانقطعت الروابط الفكرية بمن كتبوها، ولانقطعت الدراسات الفقهية التي تكون تتميأ لعمل من سبقوا وإن ذلك ليس شأن العلوم الفقهية والنظرية فقط، بل هو أيضاً شأن العلوم التجربية، فإن الحاضرين من العلماء يبنون على تجارب السابقين، ولايقضون الوقت في التشكيك في نسبة التجارب إلى من أسندت إليهم.

وقد رأينا فرقاً من الذين يدرسون الأدب لايفرضون حقائق قائمة، ولايفرضون أن تلقي العلماء أو الناقدين أو الأدباء مجموعة شعرية أو نثرية بالقبول دليلاً على صدقها، يجب من بعد ذلك التسليم بها، وحسبوا منهاجهم في الإنكار المجرد هو المنهاج العلمي، وكأن المنهاج العلمي يبنى على الإنكار المجرد الذي لا يقوم المنع في على سند وليس هذا من طرق البحث في شيء، لأن البحث ليس إنكاراً، إنما البحث بناء على القائم وإذا كان للإنكار موضع فلابد أن يكون إنكاراً له سند.

ولسنا نقول إن كل مايتلقاه العلماء بالقبول يكون مقبولاً في كل الأحوال، ولكن نقول إن الأصل فيه القبول، حتى يقوم دليل يناقضه ويمنعه، فإن قام دليل المنع، وأدى إلى النفي القاطع فإنا نتبع ماأدى إليه، وذلك لأن التلقي بالقبول ظاهر يشهد بالصدق، كاليد تكون دليل الملك ظاهراً، فإذا قامت البينات على عكس مايدل عليه الظاهر اتبعناها.

وقد تتبعنا كل ما أقامه الخصوم من بينات تنفي ماتلقاه العلماء بالقبول، فلم نجدها صالحة للإثبات، ولذلك اطرحناها ، وأخذنا بالظاهر ، وهو الذي قام على تلقي العلماء بالقبول.

وإن الضرورة الفكرية تحتم علينا الأخذ بما في المجموع، ذلك أننا نكتب في فقه الإمام زيد ورواياته، فلسنا نبتدع للإمام زيد آراء ليست عندهم ولا نتقحم عليهم بأقوال لايعرفونها، ولو أردنا ذلك ما أسعفنا الزمان بما نريد، فإنا لانجد مصادر لفقه الإمام زيد غير مايتداوله أولئك العلماء [ أي علماء الزيدية ] الذين يتدارسون مذهبه فيما نسب إليه، وفيما فرعوه عليه، وفيما أضيف إليه، وفيما اجتهدوا فيه هم والأئمة من آل محمد رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومنهم من خالف المأثور[ في بعض المسائل ] عن الإمام زيد ، كما كان يخالف أبو يوسف ومحمد شيخهما أبا حنيفة ، وكما خالف ابن وهب شيخه مالكاً ، وكما خالف المزني شيخه الشافعي.

وإذا كنا ندرس فقه الإمام زيد ، كما قرره الزيدية ، وكما تناقلوه برواياتهم عنهم، وقد صرح الأكثرون بأن المجموع يمثل فقه الإمام زيد ، فإنه من الواجب علينا أن نعتبر المجموع أصلاً في الدراسة ، كما اعتبره أكثرهم ، وأن نأخذه بالقبول كما أخذته الكثرة الكبيرة من فقهاء الزيدية.))) انتهى من كلام الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد


[ قلت : رحم الله أبا زهرة فقد كتب فأجاد في كتابته وقد أحاط بالموضوع من جميع جوانبه ولم يترك لمتشكك أدنى شك في عدالة راوي المسند أبي خالد الواسطي ، وكذلك في سلامة المسند من الوضع وسائر المطاعن ، ولن يبقى في دائرة التشكك ممن يقرأ كلام الشيخ محمد أبو زهرة إلا من اعتقد عصمة علماء الجرح والتعديل!! إلا من اعتقد أن هؤلاء العلماء لايخطئون في الحكم على المحدثين والرواة!!! ولكن دعونا ننظر بعين الإنصاف إلى أحكام علماء الجرح والتعديل فهل هي دائماً صائبة؟ أم أنها تصيب وتخطئ؟ ولذلك فقد جمعت بعض الإحصائيات التي تشتمل على أسماء لبعض المحدثين، وتشتمل أيضاً على أقوال علماء الجرح والتعديل فيهم ، ومن خلال ماسنراه انشالله سوف تتضح الرؤية في أقوال علماء الجرح والتعديل وفي أحكامهم التي قد تصيب وقد تخطئ ، ثم بعد ذلك أي بعد أن نثبت أن هؤلاء العلماء علماء الجرح والتعديل قد يصيبون و يخطؤن في إصدار الحكم على الراوي ، وجب النظر هل كان هذا الحكم من العالم على الراوي بالتخطئة كان عمداً ؟ أم كان ناتجاً عن عدم التدقيق في حال الراوي؟ ولكي لا نطيل في هذا فلنأخذ بعض النماذج من الرواة والأحكام عليهم:

[ احصائيات ]

- وقد كنت أريد أن أرفق جدولاً يوضح كم روى أئمة الحديث التسعة لمن سأذكر اسمه من الرواة، ولكن الجدول لم يظهر بالشكل المطلوب فحذفته .

أحد الرواة الذين رووا عنهم أئمة الحديث عند أهل السنة والجماعة.

مروان بن الحكم:

الاسم : مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية
النسب : الأموي المدني
الكنية : أبو عبدالملك
بلد الإقامة : الكوفة
تاريخ الوفاة : 65 هــ

[تعديل أهل السنة لمروان بن الحكم]

* قال عنه عروة بن الزبير : لا يتهم بالحديث.

* لم يُذكر في الكامل في الضعفاء نهائياً لعبدالله بن عدي الجرجاني .

* لم يُذكر في كتاب المجروحين لمحمد بن حبان.

* روى عنه أئمة الحديث كالبخاري والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأحمد بن حنبل ومالك والدارمي.

[ تجريح مروان بن الحكم من كتب أهل السنة وغيرها ]

* ما رواه الحاكم في المستدرك 4/8477 الصفحة526 في كتاب الفتن والملاحم.
"عن عبدالرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتي به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له فأُدخِلَ عليه مروان بن الحكم فقال: ((هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون))".
وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه - يعني البخاري ومسلم-.

* ومما رواه الحاكم في المستدرك 4/6767 الصفحة 21 من كتاب معرفة الصحابة باب ذكر أم المؤمنين أم سلمة.

"عن عطاء بن السائب قال: كنا قعوداً مع محارب بن دثار فقال: حدثني ابن لسعيد بن زيد أن أم سلمة أوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد خشية أن يصلي عليها مروان بن الحكم.

* وكذلك لم يُذكر في ثقات ابن حبان.

ومنها ما ذكر في المصابيح للإمام السيد أبو العباس أحمد بن إبراهيم عليه السلام.
" وأتى الحسين أهل بيته فقالوا: نحن معك حيث أخذت، فخرج من عندهم فاستقبله مروان، فقال: يا أبا عبد الله أطعني وبايع أمير المؤمنين يزيد. فاسترجع الحسين عليه السلام وقال: ويلك يا مروان، مثلك يأمرني بطاعته، وأنت اللعين ابن اللعين على لسان رسول الله فراده مروان فخرج مغضباً."





راوٍ آخر وثقه أئمة الحديث عند أهل السنة والجماعة:

عمران بن حطان:

الاسم : عمران بن حطان بن ظبيان
النسب : السدوسي
الكنية : أبو سماك
بلد الإقامة : البصرة
تاريخ الوفاة : 84 هــ

[تعديل أهل السنة لعمران بن حطان]
* قال عنه قتادة : لا يتهم في الحديث

* قال عنه العجلي : ثقة
* ذكره ابن حبان في الثقات

* روى عنه أئمة الحديث كالبخاري والنسائي وأبو داود وأحمد بن حنبل.
* رتبة عمران بن حطان عند أئمة الحديث: صدوق على مذهب الخوارج ويقال إنه رجع.

* لم يُذكر في كتاب المجروحين.

* لم يُذكر في الكامل في الضعفاء.

* ومما ذكر عنه الذهبي في كتابه الكاشف 2/348:
" عمران بن حطاب السدوسي وثق ، وكان خارجياً ، مديح ابن ملجم "

[ تجريح عمران بن حطان من كتب السنة ]

* ماذُكِر في البداية والنهاية لابن كثير 7/329 أن عمران يمدح قاتل الإمام علي وهذا :
"وقد امتدح ابن ملجم بعض الخوارج المتأخرين في زمن التابعين وهو عمران بن حطان وكان أحد العباد ممن يروى عن عائشة في صحيح البخاري فقال فيه:
يا ضـربة من تقـى ما أراد بها *******إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنــي لأذكره يوماً فأحسبه********** أوفـى البرية عند الله ميــزانا
"

* وأيضاً ما ذكره ابن كثير في كتابه البداية والنهاية 9/52 مانصه:

"عمران بن حطان الخارجي كان أولا من أهل السنة والجماعة فتزوج امرأة من الخوارج حسنة جميلة جدا فأحبها وكان هو دميم الشكل فأراد أن يردها إلى السنة فأبت فارتد معها إلى مذهبها وقد كان من الشعراء المفلقين وهو القائل في قتل علي وقاتله:

يا ضـربة من تقـى ما أراد بها ******** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إنـي لأذكره يوماً فأحسـبه **********أوفـى البريـة عنـد الله ميـزانا
أكرم بقوم بطون الطير قبرهم ***********لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانــا


مات عمران بن حطان سنة أربع وثمانين وقد رد عليه بعض العلماء في أبياته المتقدمة في قتل علي رضي الله عنه بأبيات على قافيتها ووزنها:

بل ضربة من شقي ما أراد بها *********** إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا
إنـي لأذكره يـوما فأحسـبه********** أشقى البرية عند الله مـيزانـا "


* قال عنه الدارقطني : متروك لسوء اعتقاده وخبث مذهبه.

* قال عنه أحمد بن حنبل: أنه كان من الخوارج.

* وقال العقيلي : عمران بن حطان لا يتابع وكان يرى رأي الخوارج يحدث عن عائشة ولم يتبين سماعه منها.

* ابن عبدالبر : وكذا جزم بن عبد البر بأنه لم يسمع منها- أي من عائشة-.

* قال بن حبان في الثقات: كان يميل إلى مذهب الشراة.

* قال بن البرقي : كان حروريا.

* قال المبرد في الكامل : كان رأس القعد من الصفرية وفقيههم وخطيبهم وشاعرهم.

=============================================


راوٍ آخر وثقه أئمة الحديث عند أهل السنة والجماعة:

عمر بن سعد بن أبي وقاض

الاسم : عمر بن سعد بن أبي وقاص
النسب: الزهري المدني
الكنية : أبو حفص
بلد الإقامة : الكوفة
تاريخ الوفاة : 67 هــ

[تعديل أهل السنة لعمر بن سعد بن أبي وقاص]

* قال عنه العجلي : ثقة

* روى عنه أئمة الحديث كالترمذي والنسائي وأحمد

* رتبة الراوي عند أئمة الحديث: صدوق

* ما ذُكر في تقريب التهذيب 1/413 من ترجمته ماهذا نصه:
" عمر بن سعد بن أبي وقاص المدني نزيل الكوفة صدوق ولكن مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الذين قتلوا الحسين بن علي، من الثانية قتله المختار سنة65 أو بعدها، ووهِمَ من ذكره في الصحابة فقد جزم ابن معين بأنه ولد يوم مات عمر بن الخطاب"

* لم يُذكر في كتاب المجروحين.

* لم يُذكر في الكامل في الضعفاء.

[ تجريح عمر بن سعد بن أبي وقاص من كتب السنة وغيرها ]

* قال عنه يحيى بن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟

* لم يُذكر في ثقات ابن حبان.

* ما ذكر في تاريخ الطبراني من إثبات خروج عمر بن سعد على الحسين 3/314
ماهذا نصه وغيرها كثير:

" قال وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين فقال أين بنو أختنا فخرج إليه العباس وجعفر وعثمان بنو علي فقالوا له: مالك وما تريد قال: أنتم يا بني أختي آمنون قال له الفتية لعنك الله ولعن أمانك لئن كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له قال ثم إن عمر بن سعد نادى يا خيل الله اركبي وأبشري فركب في الناس ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر وحسين جالس أمام بيته محتبيا بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه وسمعت أخته زينب الصيحة فدنت من أخيها فقالت يا أخي أماتسمع الأصوات قد اقتربت قال فرفع الحسين رأسه فقال إني رأيت رسول الله في المنام فقال لي إنك تروح إلينا قال فلطمت أخته وجهها وقالت يا ويلتا فقال ليس لك الويل يا أخية اسكني رحمك الرحمن"

* ما ذكره الإمام مجدالدين بن محمد المؤيدي أيده الله تعالى وأمد في عمره في كتابه التحف شرح الزلف ماهذا نصه:

" ثم قال[ الحسين] : أين عمر بن سعد، ادعوا لي عمر، فدعي له ، وكان كارهاً لا يحب أن يأتيه ، فقال : يا عمر ، أنت تقتلني تزعم أن يوليك الدعي بن الدعي بلادي الري وجرجان ، والله لا تتهنأ بذلك أبداً عهداً معهوداً ، فاصنع ما أنت صانع فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، ولكأني برأسك على قصبة قد نصبت بالكوفة يتراماها الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم"انتهى .

===================================
راو آخر وثقه أئمة الحديث عند أهل السنة والجماعة:

حريز بن عثمان الرحبي:

الاسم : حريز بن عثمان بن جبر
النسب: الرحبي المشرقي
الكنية : أبو عثمان
بلد الإقامة : الشام
تاريخ الوفاة : 163 هــ

[تعديل أهل السنة لحريز بن عثمان الرحبي]

* ترجم له في الكاشف 1/214 " ثقة له نحو مائتي حديث وهو ناصبي ".

* ترجم له في كتاب الجرح والتعديل 3/289 " ثقة متقن ".

* روى له أئمة الحديث كالبخاري والترمذي وأبوداود وابن ماجه وأحمد بن حنبل والدارمي.

* قال صاحب تاريخ الحمصيين: لم يكن له كتاب إنما كان يحفظ لا يختلف فيه ثبت في الحديث.

* وقال معاذ بن معاذ: حدثنا حريز بن عثمان ولا أعلم إني رأيت بالشام أحدا أفضله عليه

* وقال الآجري عن أبي داود: شيوخ حريز كلهم ثقات قال وسألت أحمد بن حنبل عنه فقال: ثقة ثقة وقال أيضا ليس بالشام أثبت من حريز إلا أن يكون بحير.

* وقال العجلي: شامي ثقة وكان يحمل على علي.

* وقال أحمد بن أبي يحيى عن أحمد: حريز صحيح الحديث إلا أنه يحمل على علي.

[ تجريح حريز بن عثمان الرحبي من كتب السنة ]

* ذكر في كتاب الكامل في الضعفاء.

* ذكر في كتاب المجروحين.

* لم يذكر في ثقات ابن حبان.

* وقال عمرو بن علي : كان ينتقص عليا وينال منه وكان حافظا لحديثه وقال في موضع آخر ثبت شديد التحامل على علي.

* وقال ابن عمار: يتهمونه أنه كان ينتقص عليا ويروون عنه ويحتجون به ولا يتركونه.

* وقال أحمد بن سليمان الرهاوي: سمعت يزيد بن هارون يقول وقيل له كان حريز يقول لا أحب عليا قتل آبائي فقال لم أسمع هذا منه كان يقول لنا إمامنا ولكم امامكم.[ أي لنا معاوية ولكم علي ]

* وقال الحسن بن علي الخلال: سمعت عمران بن إياس سمعت حريز بن عثمان يقول لا أحبه قتل آبائي يعني عليا.

* وقال أحمد بن سعيد الدارمي عن أحمد بن سليمان المروزي: سمعت إسماعيل بن عياش قال: عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه.

* وقال الضحاك بن عبد الوهاب: حدثنا إسماعيل بن عياش سمعت حريز بن عثمان يقول هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى حق ولكن أخطأ السامع قلت فما هو فقال إنما هو أنت مني بمنزلة قارون من موسى قلت عمن ترويه قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله وهو على المنبر.

* وحكى الأزدي في الضعفاء: أن حريز بن عثمان روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يركب بغلته جاء علي بن أبي طالب فحل حزام البغلة ليقع النبي صلى الله عليه وسلم قال الأزدي من كانت هذه حاله لا يروي عنه.

* وقال بن عدي: قال يحيى بن صاح الوحاظي أملى علي حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في تنقيص علي بن أبي طالب لا يصلح ذكره حديث معقل منكر جدا لا يروي مثله من يتقي الله قال الوحاظي فلما حدثني بذلك قمت عنه وتركته.

* وقال غنجار: قيل ليحيى بن صالح لم لم تكتب عن حريز فقال كيف اكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين مرة.

* وقال ابن حبان: كان يلعن عليا بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة فقيل له في ذلك فقال هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي وكان داعية إلى مذهبه يتنكب حديثه.

* وقد ذكر من ترجمته في كتاب المجروحين 1/268 ماهذا نصه :

" حريز بن عثمان الرحبي من أهل حمص كنيته أبو عثمان يروي عن راشد بن سعد واهل الشام وروى عنه بقية، ولد سنة 80 ومات سنة 163 وكان يلعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة، فقيل له في ذلك فقال: هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي بالقوس وكان داعيةً إلى مذهبه، وكان علي بن عياش يحكي رجوعه عنه، وليس ذلك بمحفوظ عنه.

حدثني إبراهيم بن محمد بن يعقوب بمهدان، ثنا محمد بن أبي هارون، ثنا محمد بن سهل البغدادي، ثنا أبو يافع بن بنت يزيد بن هارون، قال: رأيت يزيد بن هارون في المنام فقلت: مافعل بك ربك؟ قال: غفر لي وشفعني وعاتبني، فقلت له: أما قد غفر لك فقد علمت، ففيم عاتبك؟ قال: قال لي يزيد بن هارون كتبت عن حريز بن عثمان، قال: قلت: يارب ما رأيت منه إلا خيراً، قال: إنه كان يشتم علي بن أبي طالب عليه السلام.

حدثنا محمد بن إبراهيم الشافعي، ثنا ربيعة بن الحارث الجيلاني، ثنا عبدالله بن عبدالجبار الخبايري، ثنا إسماعيل بن عياش قال: خرجت مع حريز بن عثمان وكنت زميله فسمعته يقع في علي، فقلت : مهلاً يا أبا عثمان ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته، فقال: اسكت يارأس الحمار لأضرب صدرك فألقبك من الحمل."انتهى من كتاب المجروحين.
--------------------------------------


فقد رأينا يا اخوان الاختلاف بين علماء الجرح والتعديل في حال هؤلاء الرواة ، ولاشك في أن المخطئين لهم هم أهل الصواب، وأما من حكم عليهم بالتوثيق فقد أخطأ في حكمه والتاريخ وكتبه شاهدة على هذا وخصوصاً فيمن ذكرنا من الرواة ، لايقال إنه قد حصل الاجماع من علماء الجرح والتعديل على جرح أبي خالد الواسطي ومن سبق ذكرهم لم يحصل عليه الاجماع ، لأني سأقول كما قال أبوزهرة الدعاوى المبهمة لايؤخذ بها ، فعلماء الجرح والتعديل قد جرحوا هذا الحافظ جرحاً مطلقاً مبهماً بدون تفسير لأسباب هذا الطعن ، فمن قال ومن قال أنهم أي علماء الجرح والتعديل لم يفسروا ويوضحوا سبب إسقاط أبي خالد في الرواية، فقد قالوا هو ساقط في الرواية لأنه كذاب والبعض قال يضع الأحاديث فهذه أسباب للإسقاط ، قلنا له والاتهام بالكذب من غير ذكر قرينة دالة على كذبه يعد من الدعاوى المبهمة ، فلو أنني قلت فلان من الناس كذاباً لقال لي السامع وكيف عرفت أنه كذاب وفي هذه الحالة وجب عليَّ أن أذكر له سبب تهمتي لذلك الشخص بالكذب، وإلا لم يؤخذ بحكمي عليه ، وفي الحقيقة أنه لم يذكر أحد من علماء الجرح والتعديل سبباً لتكذيب عمرو بن خالد ، وأيضاً إن قال قائل قد اتهموه بوضع الأحاديث وذكر الذهبي منها خمسة أحاديث وهذا دليل كافٍ على إسقاطه ، قلنا له قد ثبتت هذه الأحاديث أقصد ماذكرها الذهبي وادعى وضعها بل قد ثبت أن بعض راوة الصحاح والسنن قد ذكروا مثلها أي مثل الأحاديث التي رواها أبو خالد الواسطي رحمه الله ، فلاحجة في هذا ،، وقد أشبع الشيخ محمد أبو زهرة هذا الموضوع نقاشاً ، وأيضاً ننصح من لم يقتنع بما ذكر في الأعلى بمراجعة شرح المجموع فهو قد تكلم عن المسند بالتفصيل ، ومن راجعه اقصد شرح المجموع ولم يقتنع فحسبنا الله ونعم الوكيل.]
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

حيدرة الحسني
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 144
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 03, 2003 4:49 pm

مشاركة بواسطة حيدرة الحسني »

احسن الله اليكم

عندي سؤال فيما يخص رد الامام الهادي على الراوي.

هل رفض الامام الهادي بعض ما جاء في الكتاب أو رفض الراوي مطلقا ؟
قال عبد اللّه بن بابك: خرجنا مع زيد بن علي إلى مكة فلما كان نصف الليل قال: يا بابكي ما ترى هذه الثريا؟ أترى أنّ أحداً ينالها؟ قلت: لا، قال: واللّه لوددت أنّ يدي ملصقة بها فأقع إلى الاَرض، أو حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة وأن اللّه أصلح بين أُمّة محمّد (ص)

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

أخي أبو فيصل
بارك الله فيك وفي صحتك نظير جهدك في البحث والتنقيب ، فمن الواضح أنك قد بذلت جهدا مضنيا حتى يخرج بحثك كاملا وافيا ، فناقشت الموضوع من جميع جوانبه ولكن...
ألست ترى معي أن اهتمامك جاء منصبا على الإسناد كعادة أهل الحديث ، والفقير يرى ما يراه الإمام القاسم الرسي (ع) أن سنة الرسول صلى الله عليه هي ما كان لها في القرآن ذكر أو معنى ، ومن ثم فمسند الإمام زيد (ع) رغم بحثك الرائع ، يظل كتابا تلقيناه يقال أن رجلا رواه ، ويقال أن أبناء الإمام زيد (ع) تقبلوه ، وإن قيل أيضا أن هناك ما أنكره الإمام أحمد بن عيسى (ع) كما ذكرت في بحثك .
وقد لاحظت بعض الأحاديث في المسند لم يتقبلها عقلي ولكني لا أملك أيا من الشروح على المسند ، فربما غاب عني المعنى أو اختلط عليّ ، ومن ذلك حديث القدرية ، من هم ؟؟ وما وجه تشبيههم بالمجوس ؟؟
ومن ذلك حديث القلم والعقل ( لتخط كل شيءٍ هو كائن إلى يوم القيامة من خلقٍ أو أجلٍ أو رزقٍ أو عملٍ إلى ما هو صائر إليه من جنةٍ أو نارٍ) ألا يفيد هذا الكلام القول بالجبر ؟؟؟
وحديث في الغناء يقول ((أول من تغنى إبليس لعنه الله ثم زمر ثم حدا ثم ناح)) والحدا وقد جعله أشر من الغناء ، قد سمعه النبي من أنجشة ، كما أنه كان أمرا معتادا عند العرب !! ، وقبله حديث ضرب الشيطانين صدر المغني أو النائح حتى يسكت لا يعقل ، لأن الأولى لهما أن يشجعاه على ذلك إن كان معصية ، كما أن في عقيدتنا أن الشيطان لا يملك للإنسان إلا الوسوسة ، أما النخس والضرب فلا قدرة لإبليس وأعوانه على فعل ذلك .
تحياتي لك .
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

أبو فيصل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 13
اشترك في: الخميس ديسمبر 11, 2003 1:25 am
اتصال:

مشاركة بواسطة أبو فيصل »

الأخ العزيز حيدرة الحسني

من رفض مسند الإمام زيد وادعى وضعه احتج علينا برد الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام لبعض ماورد في المسند ، والحقيقة أنه مارد هذه الروايات إلا لأنه اجتهد في رأيه وأدى به اجتهاده إلى العمل بما يخالف هذه الروايات ، مستندا على روايات أخرى كانت في نظره أقوى ، وكذلك فالإمام الهادي لم يشكك في أبي خالد الواسطي رحمه الله وقد روى عنه العديد من الأحاديث كما مر معنا في البحث ، فما من تشكيك من قبله عليه السلام في الراوي.


=========

الأخ العزيز واصل بن عطاء

أما عن اهتمامي في الإسناد كعادة أهل الحديث ،،

فمن المعلوم أن من عارض هذا المسند ،، كان من ضمن اعتراضه صحة الإسناد بل تعدى إلى القدح!! فمن هنا وجب أن ندرس هذا المسند من ناحية الإسناد لكي تزول الشبه ،،

وإلا فأنا أؤمن بأن الحديث إذا كان في مضمونه مخالفاً لكتاب الله عز وجل فهو رد .. ولو كان إسناد هذا الحديث صحيح . ولكن كما قلت سابقاً فالمعترض على المسند لايؤمن بهذا الكلام ولكن يؤمن بالأسانيد والأسانيد فقط ،، فمتى ماجاء الحديث مخالفاً لكتاب الله عز وجل وكان إسناده صحيحاً ورواته ثقات قبلوا هذا الحديث!!

وأما بخصوص ما ذكرته من تعليق حول بعض الأحاديث وخصوصاً فيما يتعلق بالجبر فلها عند أهل العلم تأويل ، فلا تحمل على معنى الجبر إطلاقاً ،، وأما غيرها من الأحاديث التي ذكرت أقصد حديث ضرب الشيطان ... فما أعتقد أنه كما فهمت ،،،

والسلام

أخوكم

أبو فيصل
وما مــن كاتـــب إلا سيفنــــى
ويبقــي الدهــر ماكتبت يــداه
كتبـت وقد أيقنت يــوم كتبته
بأن يدي تفنى ويبقــى كتابها
وأعــلم أن الله ســـائلهــا غــدا
فيا ليت شعري مايكون جوابها

واصل بن عطاء
---
مشاركات: 885
اشترك في: الاثنين ديسمبر 01, 2003 1:02 am
مكان: مصر المحمية بالحرامية
اتصال:

مشاركة بواسطة واصل بن عطاء »

أشكرك أخي أبو فيصل
وإن كنت أرجو أن لا تبخل علينا بالمزيد من الشرح والإيضاح ، وإن كان مولانا زيد عليه سلام الله قد أزال كل ريب بقوله (( إنما نحن مثل الناس ، منا المخطئ ومنا المصيب، فسائلونا ولا تقبلوا منا إلا ما وافق كتاب اللّه وسنة نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم)).
الموت لأمريكا .... الموت لإسرائيل .. النصر للإسلام (عليها نحيا وعليها نموت وبها نلقى الله عز وجل )

((لا بد للمجتمع الإسلامي من ميلاد، ولا بد للميلاد من مخاض ولا بد للمخاض من آلام.)) الشهيد سيد قطب

الشريف العلوي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 424
اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm

مشاركة بواسطة الشريف العلوي »

يا أبا فيصل هل أنت الكاظم نفسه؟

الكاظم
مشرف مجلس الدراسات والأبحاث
مشاركات: 565
اشترك في: الأربعاء مارس 24, 2004 5:48 pm

مشاركة بواسطة الكاظم »

نعم .... ( الكاظم ) ... هو ... ( أبو فيصل ) .

لمشاكل ( شخصيّة ) حصلت مع المعرف ( أبو فيصل ) ، استخدمنا الكاظم ، تبركاً بكاظم أهل البيت عليهم السلام ، ( موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن ناصر رسول رب العالمين أبي طالب ) عليه وعلى آبائه السلام ..

----------

بخصوص البحث حول المسند أعلاه .... فهو عندي الآن ( بعد مرور سنوات!! على طرحه ) بمثابة المسودّة ، الخاضعة للتدقيق والتنقيح في طريقة العرض . ( للإستفادة بشكل عام ) . وسنعمل عليه متى سنحت الظروف بإذن الله تعالى.

سبحان الله ... نعيشُ اليوم ... ونتعلّم المزيد ... فنقول لو أضفنا ، ولو أخرّنا !!!


السلام على من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته .
صورة
الوالد العلامة الحجّة عبدالرحمن بن حسين شايم المؤيدي
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الدراسات والأبحاث“