( من كتاب التصفية للقلوب من درن الأوزار والذنوب )
للأمام أمير المؤمنين المؤيد بالله يحي بن حمزة عليه السلام******************* ********************
اعلم ان شرف الأنسان وفضيلته التي فاق بها جملة من أصناف المخلوقات
بأستعداده لمعرفة الله تعالي التي هي في الدنيا جماله وكماله وفخره
وفي الاخره عدته وذخره هو القلب
إنما يستعد الأنسان لمعرفة الله تعالي بقلبه لا بجارحه من جوارحه
فالقلب هو العالم بالله تعالي وهو العامل بالله تعالي
والساعي إلي الله والمتقرب إليه والجوارح إنما هي أتباع وخدم له
وآلات يستخدمها القلب ويستعملها استعمال الملك للعبيد والراعي للرعية
وقال عليه السلام في موضع أخر ( في الخواطر الحاصلة في القلب )
تسمي خواطر من حيث أنها تخطر في القلب بعد أن كان غافلا عنها
والخواطر هي المحركات للأرادات فمبدأ الأفعال هي الخواطر
ثم الخواطر تحرك الرغبة والرغبة تحرك العزم
والعزم يحرك الأعضاء ثم أن الخواطر المحركة منقسمة إلي
ما يدعو إلي الشر وهو ما يضر في العاقبة ,
والي ما يدعو إلي الخير وهو ما ينفع في الدار الأخرة
فهما خاطران مختلفان , الخاطر المحمود يسمي الهاما
والخاطر المذموم الداعي الي الشر يسمي وسواسا
ثم ان سبب الخاطر الداعي الي الخير يسمي ملكا
وسبب الخاطر الداعي الي الشر يسمي شيطانا
واللطف الذي يتهيأ القبول يسمي توفيقا
والذي يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمي اغوائا أو خذلانا
فالمعاني المختلفة تفتقر إلي ألقاب مختلفة .
والملك عبارة عن خلق خلقه الله تعالي من شأنه إفاضة الخير
وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالمعروف
وقد خلقه الله تعالي وسخره من أجل ذالك
والشيطان عباره عن خلق خلقه الله من شأنه ضد ذالك
وهو الواعد بالشر الأمر بالفحشاء والتخويف بالفقر والوسوسة
والشيطان في مقابلة الملك والتوفيق في مقابلة الخذلان
والقلب متجاذب بين الشيطان والملك
والشيطان يضله ويغويه , والملك يرشده ويهديه
فمتي جاهد الإنسان نفسه بطرح الشهوات ولم يسلطها علي نفسه
وتشبه بأخلاق الملائكة صار قلبه مستقر الملائكة ومهبطهم
وأن اتبع الإنسان مقتضي الشهوة والغضب
ظهر تسليط الشيطان بواسطة الهوا وصار القلب عش شيطان ومعدنه
لأن الهوى مرتع الشيطان ومرعاه ....
*********************************
من كتاب التصفية للقلوب من درن الأوزار والذنوب
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 146
- اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 13, 2007 4:40 pm