مطلوب للعدالة الاباضية (علي بن أبي طالب) - لقطات من كتاب الخ
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
7- أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي :-
قال السابعي :-
(( تشير بعض الروايات إلى أن الإمام عليّاً كان ينحي باللائمة على أهل حروراء في كونهم أصروا على وقف القتال وأرغموه على قبول التحكيم( 70). وثمة من الروايات ما يؤكد نسبة هذه المقولة إلى الإمام علي، فقد روي أن جماعة ومعهم عصابة من (القراء الذين صاروا خوارج من بعد) جاءوا إلى الإمام علي حين رفعت المصاحف فقالوا له: يا علي أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم أو نفعل بك كما فعلنا بابن عفان، إنه علينا أن نعمل بما في كتاب الله عز وجل فقبلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك"( 71).
غير أن من الواضح وجود ما يناقض هذه الرواية المتضمنة كون كل أهل حروراء كانوا ممن وافق على وقف القتال أو دعوا إليه، يقول أبو وائل شقيق بن سلمة: "كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علي بمصحف وادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك، فجاء به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله (ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ) (72 )، فقال علي: نعم، أنا أولى بذلك، بيننا وبينكم كتاب الله، قال: فجاءت (الخوارج) ونحن ندعوهم يومئذ القراء وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما ينتظر هؤلاء القوم الذين على التل، ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم... ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفاً..."(73 ). ))
استشهد الباحث في هذه اللقطة برواية شقيق بن سلمة المعروف بإسم أبي وائل ، وقد سبقني الأستاذ المعتمد في بحثه الرائع إلى تحليل رواية شقيق وبين تناقضتها كما أنه كشف عن حقيقة لحاق شقيق بالخوارج وتبنيه رأيهم وموقفهم 0 وأنصح بمراجعة ماكتبه الأستاذ بخصوص هذه القضية 0
وسنحاول في بحثنا هذا أن ندشن ما قام به الاستاذ ونضيف إليه ما عثرنا عليه من أدلة وشواهد 0 وسيتناول بحثنا القضية من جهتين 00شخصية شقيق بن سلمة من جهة 00وروايته هذه من جهة ثانية 00 لكي نخرج في نهاية الامر بنتيجة بحثنا هذا 0
أ – شخصية شقيق بن سلمة :
شقيق بن سلمة شخصية متقلبة المزاج والهوى ، فقد بدأ حياته على دين الجاهلية ثم اعتنق الإسلام في وقت مبكر من عمره ثم ارتد مع من ارتد أيام أبي بكر ثم تاب ورجع إلى الإسلام ولذلك كان ابن مسعود عندما يراه يقول ( التائب ) 00 ثم نراه يتشيع لعلي ويعترف بذلك بنفسه ويقول (كان علي أحب إلي ) ولذلك نجده ممن يروي حديث الغدير عن علي ومناشدته لبعض الصحابة عن هذا الحديث ( أنساب الأشراف ) 00 ثم نراه يصبح عثماني الهوى ويعترف أيضا بنفسه حيث يقول ( ثم صار عثمان ) 00 وفي غمرة حرب صفين نجده يتبع الخارجين على علي ثم يغير رأيه ويخرج عليهم 00حيث يعترف بنفسه بذلك ويقول : (خرجنا أربعة آلاف، فخرج إلينا علي، فما زال يكلمنا حتى رجع منا ألفان ) 00 ولا ندري إن كان شقيقا من ضمن العائدين بعد تكليم علي لهم أو بعد تكليم ابن عباس أو بعد تكليم صعصعة 00 أو أنه رجع عنهم بعد أن رفعت راية الأمان في يوم النهروان 00 إلا أن المصادر تتفق على أن شقيق قد شهد النهروان مع علي 00 ولا ندري إن كان حضوره تلك المعركة اقتناعا منه بصواب موقف علي أم لا 00 لان ابن أبي الحديد ذكر أنه كان يقال أنه ( كان يرى رأي الخوارج ) 00 ونظرا لطبيعة بطلنا المتذبذبة نجد أنه يعلن الحرب الفكرية وينقلب على الخوارج ويتهمهم بالضلال في الدين 00 حيث نقل لنا صاحب لسان الميزان واقعة التقاء شقيق بن سلمة بشقيق الضبي والذي كان من رؤوس الخوارج 00فقال له شقيق بن سلمة : (يا شقيق هل وجدت دينك بعدما أضللته ) 00 وينخرط بطلنا بعد ذلك في صفوف العباد والزهاد والمتقشفين وينقل لنا التاريخ دررا من حكمه وأفعاله التقشفية 000 وفجأة ينقل لنا التاريخ انه كان مدمنا للنبيذ !! وهذا مانقله لنا صاحبه عاصم بن أبي النجود 00حيث قال : (أدركت أقواما يتخذون هذا الليل جملا وإن كانوا ليشربون نبيذ الجر ويلبسون المعصفر ) 00 بل نجد القيرواني في كتابه ( قطب السرور في أوصاف الخمور ) يؤكد هذا المعنى ويقول أنه كان يشرب نبيذ الخوابي !! وتستمر القصة لنرى شقيقا يصاحب زياد بن أبيه ويعمل عنده 00 إذ يروي صاحب الطبقات اعترافه بذلك فيقول :- (( قال كان بيني وبين زياد معرفة قال فلما جمعت له الكوفة والبصرة قال لي اصحبني كيما تصيب مني قال فأتيت علقمة فسألته فقال إنك لن تصيب منهم شيئا إلا أصابوا منك أفضل منه قال أي من دينه )) 00 وفي رواية أخرى على لسانه ينقلها لنا أبي نعيم في حلية الاولياء ؛ نجد أنه يعترف بأن القضية كانت عبارة عن اغراء ورشوة 00 حيث يقول : (: دخلت على عبيد الله بن زياد بالبصرة مع مسروق، فإذا بين يديه تل من ورق ثلاثة آلاف ألف من خراج أصبهان، قال: قال: يا أبا وائل ما ظنك برجل يموت ويدع مثل هذا? قال: فقلت: فكيف إذا كان من غلول? قال: فذاك شر على شر، قال: قال لي: إذا أتيت الكوفة فائتني لعلي أصيبك بمعروف، قال: فلما رجعت قلت لو أني شاورت علقمة في ذلك فأتيته فقلت: إني دخلت على ابن زياد، فقال لي كذا فكيف ترى? قال: لو أتيته قبل أن تستأمرني لم أقل لك شيئاً، فأما إذا استأمرتني فإني حقيق أن أنصحك، ووالله ما يسرني أني أن لي ألفين مع ألفين فإني أكره الناس عليه، قال: قلت: لم يا أبا شبل? قال: إني أخاف أن ينقصوا من أكثر مما انتقص منهم. ) 00
ولكن يبدو أن وعظ علقمة ونصيحته لم تصب قلب بطلنا المتذبذب 00 فالألفين التي كرهها علقمة أصبحت عطاءا ثابتا لشقيق 00وقد ذكر ذلك ابن عساكر في مختصره 00 ولذلك لا غرابة أن نرى شقيقا يأنف من الانكار على الحجاج الثقفي 00 فقد جاء في الطبقات عن سفيان عن بن عون أنه قال ( ذهب بي رجل إلى أبي وائل فقال يا أبا وائل أي شيء تشهد على الحجاج قال أتأمرني أن أحكم على الله ) 00 وينقل أبو نعيم شيئا شبيها 00 حيث يروي عن الزبرقان أنه قال: ( كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساوئه، فقال: لا تسبه وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي فغفر له? ) 00 ويروي عن عاصم انه قال: ( ما رأيت أبا وائل ملتفتاً في صلاة ولا في غيرها، ولا سمعته يسب دابة قط، إلا أنه ذكر الحجاج يوماً، فقال: اللهم أطعم الحجاج من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها، فقال: إن كان ذاك أحب إليك، فقلت: وتستثني في الحجاج? فقال: نعدها ذنباً ) 00 وتنتهي حياة بطلنا المتذبذب على فراش الموت 00حيث يأتي أبي بردة لتقبيل جبهته 00 ولا غرابة في أن يقبل أبو بردة جبهة رفيق دربه وصديق عمره الذي خدم معه زياد في بيت المال 00ولا غرابة أيضا أن يقبل أبو بردة جبهة شقيق وهو الذي قبل قبل ذلك يد قاتل عمار وقال له : لا تمسك النار أبدا !!
وبعد أن عرضنا جوانب من حياة شقيق 00نحب أن نلقي بعض الاضاءات على موقفه من معركة صفين 00حيث أنه قد اشتهر عنه مقولته عندما سأل ( أشهدت صفين ) قال (نعم وبئست الصفون كانت ) 00 فالواضح ان الرجل كان له موقفا سلبيا جدا من هذه المعركة 00 فقد نقل عنه البلاذري أنه قال (ما مررت بالصفارين قط إلا ذكرت يوم صفين ) وهذا يعني أن ذكريات تلك المعركة ماكانت لتفارق مخيلته أبدا 00 والغريب أنه كان يكذب أولئك الذين كانوا يزعمون أنهم يرون منامات ورؤوى تفيد نجاة جميع من قتل في صفين من الطرفين 00 فقد روى ابن العديم في كتاب بغية الطلب عدة روايات عن شقيق بن سلمة عن أبي ميسرة عمر بن شرحبيل تفيد أنه رأى في المنام أهل صفين قد دخلوا الجنة كلهم وأن أهل النهروان هلكوا 00 فعلق شقيق على تلك الرؤيا بقوله (إن صدقت رؤيا أبي ميسرة ) 00 إضافة إلى ذلك نجد شقيقا يستهزيء بقراء زمانه 00حيث نجد ابن قتيبة في عيون الاخبار ينقل عنه أنه وصف قراء زمانه فقال : (: ما مَثَلُ قُرّاء هذا الزمان إلا كمثل غنم ضوائنَ ذاتِ صوف عجافٍ أكلتْ من الحَمْض وشَرِبت من الماء حتى انتفخت خواصرها، فمرّتْ برجل فأعجبته؛ْ فقام إليه فعَبَط منها شاةً فإذا هي لا تُنْقى، ثم عبط أخرى فإذا هي كذلك، فقال: افٍّ لك؛ سائر اليوم. ) 00 وبعد جمع كل هذه الملاحظات نخلص إلى أن الرجل المتذبذب كان لا يزال يحن إلى القراء المخلصين – حسب وجهة نظره – والذين كانوا رفقاء الامس في يوم من الأيام 00 ولذلك نجد أنه لم يقبل بتصديق دخولهم النار ودخول غيرهم الجنة 0لذا نجده ينتقد معركة صفين دائما 00وهذا التذبذب والتردد وعدم الثبات على موقف ما وحنانه الخفي لخوارج وقراء الأمس ونقمته على صفين واحداثها 00 جعله يروي ما حدث في صفين وبالذات عن خروج الخوارج عندما طلب منه ذلك بطرقة مشوهة معكوسة تتفق مع نظرته الخاصة لتلك الاحداث 0 ب – رواية شقيق بن سلمة :-
تنص الرواية أن حبيب بن أبي ثابت جاء فسأل شقيق بن سلمة فقال : (اتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال قلت فيم فارقوه ؟وفيما استجابوا له ؟ وفيما دعاهم ؟ وفيم فارقوه ثم استحل دماءهم ؟ ) 00 ويبدو أن شقيق لم يجب عن هذه الأسئلة بل بدا يعرض شريط الاحداث حسبما يحلو له وحسبما تقتضيه رؤيته الخاصة لتلك الاحداث 00 وقام بتركيب صورة خيالية لما حدث ذلك اليوم من 00 ولم ينس أن يمارس هوايته المعروفة ألا وهي ( الارسال) أي بمعنى ذكر الرواية دون ذكر الواسطة 00وهذا ما لاحظه عليه أئمة الحديث 00 فقد جاء في كتاب المراسيل لابن أبي حاتم ( قلت لأبي عبدالله أبو وائل سمع من عائشة قال ما أدري ربما أدخل بينه وبينها مسروق في غير شيء وذكر حديث إذا أنفقت المرأة ) 00 وجاء أيضا في نفس المصدر السابق (قلت لأبي أبو وائل سمع من أبي الدرداء شيئا قال أدركه ولا يحكي سماع شيء أبو الدرداء كان بالشام وأبو وائل كان بالكوفة قلت كان يدلس قال لا هو كما يقول أحمد بن حنبل ) 00 وجاء أيضا (سمعت أبي يقول أبو وائل قد أدرك عليا غير أن حبيب بن أبي ثابت روى عن أبي وائل عن أبي الهياج عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته ) 00 وأخيرا جاء فيه ( قال أبو زرعة أبو وائل شقيق بن سلمة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرسل )وهذا يعني أن شقيق كان يمارس هواية الارسال هذه دائما ومع كثير من الصحابة 00 والواضح أنه في روايتنا هذه والتي استشهد بها السابعي قد أكثر منه 00 ففي الوقت الذي نجده يقول في مسند أبي عوانة أن سهل بن حنيف قد قال خطبته الشهيرة تلك في يوم صفين نفسه 00نجده يخالف تلك الحقيقة عند البخاري ويقول أنه قد قالها بعد أن رجع من صفين وفي مكان آخر !! وهذا ما نقله الأستاذ المعتمد 00 وقد عثرت على رواية لشقيق تدل على أن سهل بن حنيف لم يقل تلك الخطبة فقط في صفين 00بل قالها في صفين وقبلها في يوم الجمل أيضا 00لاحظ ما نقله أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار : (عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَيَوْمَ صِفِّينَ يَقُولُ : " اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ ، وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ " ) 000 ثموهكذا نتأكد بان شقيق كان يرسم لوحة خاصة لاحداث صفين معتمدا في ذلك على مخيلته في المقام الأول 00 ثم يستمر في سرد أحداث تلك القصة ويمارس هوايته في الارسال بين الفينة والأخرى 00فمثلا يروي ما دار بين عمرو بن العاص وبين معاوية في نفس الوقت الذي يروي مادار عند علي !! ثم يرسل عن صعصعة ويروي محاورته لأهل حروراء خاصة إذا عرفنا أنه قد ذكر في مكان آخر أنه قد رجع بعد محاورة علي فكيف سمع محاورة صعصة !! ثم يقول بأن أولئك الخوارج رجعوا وفرقة منهم أخذت في استعراض الناس فقال لهم أصحابهم ( ويلكم ما على هذا فارقنا عليا ) ولا ندري في أي فرقة كان شقيق 00هل كان مع الفرقة التي لم تستعرض الناس 00 أم كان مع الفرقة التي استعرضت الناس لكي ينقل أقوالهم واعتراضهم !! ومرة أخرى نراه يبدأ بتدشين موقف الخوارج رفقاء الأمس فيذكر قوة شكيمتهم فيقول (فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ) !! ثم نجده يذكر قصة حدثت يوم النهروان قد ذكرها جميع الرواة 00إلا أنه يتفرد فيها بأحداث شاذة جدا عن الواقع الذي حكاه الآخرون لهذه القصة 00 ألا وهي قصة البحث عن المخدج بعد واقعة النهروان 00 حيث يقول شقيق في وصفه لهذه الواقعة مانصه ( 00 فقال علي اطلبوا الرجل فيهم قال فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم غرنا بن أبي طالب من اخواننا حتى قتلناهم فدمعت عين علي00) 00 طبعا يتفرد راوينا المتذبذب بهذا النقل تفردا ملحوظا يستطيع أي باحث أن يكتشفه وبكل سهولة 00 فكل الرواة الذين رووا قصة المخدج هذه لم ينقلوا تلك المقولة الشنيعة التي يزعم شقيق أن بعض الموجودين في جيش علي قد قالها 00 ألو هي عبارة ( غرنا بن أبي طالب ) !!
وقد اجتهدت أن أعثر على ما يقوي هذه العبارة من قارئن وأدلة في الروايات الأخرى ففشلت 00 وعرفت أن الرجل يتعمد الكذب في هذه المقولة إذ لا قرينة على كلامه 00 ثم تأكدت ان الرجل كان يصر على توهين موقف علي قدر الامكان أمام سائله 00 فنجده يستمر في مسلسل الكذب هذا بقوله ( فدمعت عين علي ) !! وهذا ما جعلني أسعى ثانية للعثور على قرائن معضدة لهذا الموضوع 00 فكانت المفاجأة المذهلة 00 حيث اكتشفت أن بعض الرواة قد رصدوا لنا تعابير وجه علي عند تلك الحادثة 00ولم يذكر أحدهم قضية الدمعة هذه 00لاحظ الروايات التالية :-
1- حلية الأولياء : عن أبي موسى الهمذاني (فجعل جبين علي يعرق )
2- فضيلة الشكر : عن أبي موسى الهمذاني ( وهو يعرق )
3- مسند البزار : عن زيد بن وهب (فجعل يرشح في يوم شاتي )
4- تاريخ بغداد : عن ابن عباس (فعرف ذلك في وجهه )
5- تاريخ بغداد : عن مالك بن الحارث ( فجعل جبينه يعرق وأخذه الكرب )
6- تعظيم قدر الصلاة : عن طارق بن زياد ( فبكينا )
7- السنة لأبي عاصم : عن زيد بن وهب (وإنا لنرى على وجهه كآبة )
8- تاريخ بغداد : عن أبي جحيفة السوائي (ثم يعرق من شدة الجزع في غير حين عرق )
9- مصنف ابن أبي شيبة : عن شقيق بن سلمة ( فدمعت عين علي )
10- مسند البزار : عن شقيق بن سلمة ( فبكى )
وبعد تأمل دقيق في عبارات جميع الرواة تلاحظ أن العرق والرشح والجزع الشديد والكآبة والكرب 00تحولت بقدرة قادر عند شقيق بن سلمة إلى دمعة 00 ثم ضخم كذبته أكثر وحولها إلى بكاء !! ويبدو أن البكاء الذي بكاه بعض جند علي حسب رواية طارق بن زياد قد تحول إلى بكاء عند علي !!
عموما نخلص في نهاية تحليل رواية راوينا المتذبذب إلى أنها رواية ساقطة من الاحتجاج لنكارتها ومخالفتها المشهور 00 ويبدو أن راوينا المتذبذب – لتذبذبه – قام في مقام آخر وفضح نفسه بان روى رواية أخرى مناقضة لهذه الرواية ناسفة لها 00 وهي قريبة جدا من الحقيقة المشهورة 00 حيث نجد راوينا في كتاب الروض المعطار في خير الأقطار يروي أحداث صفين فيقول اصحب الكتاب (( ال شقيق بن سلمة: والله لكأني أنظر يومئذ إلى رجل واقف على فرس على تل ومعه رمح طويل في رأسه مصحف يقول: بيننا وبينكم ما في هذا المصحف، ثم قرأ: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون" ثم يقول: من لفارس، من للروم، فقال أناس من أصحاب علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أنصف القوم، فقال علي رضي الله عنه: والله ما كتاب الله يريدون. فلم يزالوا به، قالوا له: ابعث حكماً منك وحكماً منهم. )) وهكذا تنطق الحقيقة على لسان شقيق نفسه 00 ولا غرابة في ذلك 00فجعبة صاحبنا المتذبذب المتقلب مملوءة بالمفاجآت كما هو واضح 0
بقي أن نشير إلى ملاحظتنا الأخيرة على موضوع شقيق بن سلمة الأسدي والتي استوقفتنا في كتاب السابعي 00 ففي الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب الخوارج والحقيقة الضائعة ص267 قام الباحث بمناقشة حديث المخدج (ذي الثدية ) ورصد جميع الروايات التي تعرضت لذكر المخدج ( ذي الثدية ) 00 وذكر كل الرواة الذين رووا ونقلوا هذا الحديث عن الصحابة الثلاثة الذين سمعوا هذا الحديث من الرسول (ص) وهم : أبو سعيد الخدري و جابر بن عبدالله و علي بن أبي طالب 00 ثم ذكر أسماء الرواة الذين رووا عن كل صحابي 00 وما لفت انتباهنا هو أنه قد ذكر أن عدد رواة هذا الحديث عن علي (ع) هم 16 وذكرهم بأسمائهم 00 وخلص في نهاية بحثه إلى النتيجة التالية ( وبناء على ماتقدم فإن زيادة ذي الثدية تعد شاذة ) 00 واكد هذا المعنى في خاتمة الكتاب صفحة 410 فقال في البند رقم 12 ( حديث المخدج لا يصح عن رسول الله (ص) وهو زيادة شاذة 0 ) 00 لكن الغريب أن الباحث قد نسي رواية شقيق بن سلمة الأسدي هذه التي اعتمدها الباحث كما لاحظنا في عدة مواطن من كتابه وعضد بها طرحه !! فرواية شقيق بن سلمة هذه قد احتوت على زيادة المخدج ذي الثدية وجاءت باللفظ التالي : ( 0 فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفتين بالحق علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة 00) 00 ولا أدري سبب نسيان أوتناسي هذه الرواية من قبل الباحث ؟؟!! ويحق لنا أن نتساءل : هل ياترى لو حكم الباحث على هذا الشطر من رواية شقيق بالشذوذ والنكارة يجعله يعيد النظر في كامل استشهاده بالرواية أم لا ؟؟؟
قال السابعي :-
(( تشير بعض الروايات إلى أن الإمام عليّاً كان ينحي باللائمة على أهل حروراء في كونهم أصروا على وقف القتال وأرغموه على قبول التحكيم( 70). وثمة من الروايات ما يؤكد نسبة هذه المقولة إلى الإمام علي، فقد روي أن جماعة ومعهم عصابة من (القراء الذين صاروا خوارج من بعد) جاءوا إلى الإمام علي حين رفعت المصاحف فقالوا له: يا علي أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم أو نفعل بك كما فعلنا بابن عفان، إنه علينا أن نعمل بما في كتاب الله عز وجل فقبلناه، والله لتفعلنها أو لنفعلنها بك"( 71).
غير أن من الواضح وجود ما يناقض هذه الرواية المتضمنة كون كل أهل حروراء كانوا ممن وافق على وقف القتال أو دعوا إليه، يقول أبو وائل شقيق بن سلمة: "كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علي بمصحف وادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك، فجاء به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله (ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ) (72 )، فقال علي: نعم، أنا أولى بذلك، بيننا وبينكم كتاب الله، قال: فجاءت (الخوارج) ونحن ندعوهم يومئذ القراء وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما ينتظر هؤلاء القوم الذين على التل، ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم... ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفاً..."(73 ). ))
استشهد الباحث في هذه اللقطة برواية شقيق بن سلمة المعروف بإسم أبي وائل ، وقد سبقني الأستاذ المعتمد في بحثه الرائع إلى تحليل رواية شقيق وبين تناقضتها كما أنه كشف عن حقيقة لحاق شقيق بالخوارج وتبنيه رأيهم وموقفهم 0 وأنصح بمراجعة ماكتبه الأستاذ بخصوص هذه القضية 0
وسنحاول في بحثنا هذا أن ندشن ما قام به الاستاذ ونضيف إليه ما عثرنا عليه من أدلة وشواهد 0 وسيتناول بحثنا القضية من جهتين 00شخصية شقيق بن سلمة من جهة 00وروايته هذه من جهة ثانية 00 لكي نخرج في نهاية الامر بنتيجة بحثنا هذا 0
أ – شخصية شقيق بن سلمة :
شقيق بن سلمة شخصية متقلبة المزاج والهوى ، فقد بدأ حياته على دين الجاهلية ثم اعتنق الإسلام في وقت مبكر من عمره ثم ارتد مع من ارتد أيام أبي بكر ثم تاب ورجع إلى الإسلام ولذلك كان ابن مسعود عندما يراه يقول ( التائب ) 00 ثم نراه يتشيع لعلي ويعترف بذلك بنفسه ويقول (كان علي أحب إلي ) ولذلك نجده ممن يروي حديث الغدير عن علي ومناشدته لبعض الصحابة عن هذا الحديث ( أنساب الأشراف ) 00 ثم نراه يصبح عثماني الهوى ويعترف أيضا بنفسه حيث يقول ( ثم صار عثمان ) 00 وفي غمرة حرب صفين نجده يتبع الخارجين على علي ثم يغير رأيه ويخرج عليهم 00حيث يعترف بنفسه بذلك ويقول : (خرجنا أربعة آلاف، فخرج إلينا علي، فما زال يكلمنا حتى رجع منا ألفان ) 00 ولا ندري إن كان شقيقا من ضمن العائدين بعد تكليم علي لهم أو بعد تكليم ابن عباس أو بعد تكليم صعصعة 00 أو أنه رجع عنهم بعد أن رفعت راية الأمان في يوم النهروان 00 إلا أن المصادر تتفق على أن شقيق قد شهد النهروان مع علي 00 ولا ندري إن كان حضوره تلك المعركة اقتناعا منه بصواب موقف علي أم لا 00 لان ابن أبي الحديد ذكر أنه كان يقال أنه ( كان يرى رأي الخوارج ) 00 ونظرا لطبيعة بطلنا المتذبذبة نجد أنه يعلن الحرب الفكرية وينقلب على الخوارج ويتهمهم بالضلال في الدين 00 حيث نقل لنا صاحب لسان الميزان واقعة التقاء شقيق بن سلمة بشقيق الضبي والذي كان من رؤوس الخوارج 00فقال له شقيق بن سلمة : (يا شقيق هل وجدت دينك بعدما أضللته ) 00 وينخرط بطلنا بعد ذلك في صفوف العباد والزهاد والمتقشفين وينقل لنا التاريخ دررا من حكمه وأفعاله التقشفية 000 وفجأة ينقل لنا التاريخ انه كان مدمنا للنبيذ !! وهذا مانقله لنا صاحبه عاصم بن أبي النجود 00حيث قال : (أدركت أقواما يتخذون هذا الليل جملا وإن كانوا ليشربون نبيذ الجر ويلبسون المعصفر ) 00 بل نجد القيرواني في كتابه ( قطب السرور في أوصاف الخمور ) يؤكد هذا المعنى ويقول أنه كان يشرب نبيذ الخوابي !! وتستمر القصة لنرى شقيقا يصاحب زياد بن أبيه ويعمل عنده 00 إذ يروي صاحب الطبقات اعترافه بذلك فيقول :- (( قال كان بيني وبين زياد معرفة قال فلما جمعت له الكوفة والبصرة قال لي اصحبني كيما تصيب مني قال فأتيت علقمة فسألته فقال إنك لن تصيب منهم شيئا إلا أصابوا منك أفضل منه قال أي من دينه )) 00 وفي رواية أخرى على لسانه ينقلها لنا أبي نعيم في حلية الاولياء ؛ نجد أنه يعترف بأن القضية كانت عبارة عن اغراء ورشوة 00 حيث يقول : (: دخلت على عبيد الله بن زياد بالبصرة مع مسروق، فإذا بين يديه تل من ورق ثلاثة آلاف ألف من خراج أصبهان، قال: قال: يا أبا وائل ما ظنك برجل يموت ويدع مثل هذا? قال: فقلت: فكيف إذا كان من غلول? قال: فذاك شر على شر، قال: قال لي: إذا أتيت الكوفة فائتني لعلي أصيبك بمعروف، قال: فلما رجعت قلت لو أني شاورت علقمة في ذلك فأتيته فقلت: إني دخلت على ابن زياد، فقال لي كذا فكيف ترى? قال: لو أتيته قبل أن تستأمرني لم أقل لك شيئاً، فأما إذا استأمرتني فإني حقيق أن أنصحك، ووالله ما يسرني أني أن لي ألفين مع ألفين فإني أكره الناس عليه، قال: قلت: لم يا أبا شبل? قال: إني أخاف أن ينقصوا من أكثر مما انتقص منهم. ) 00
ولكن يبدو أن وعظ علقمة ونصيحته لم تصب قلب بطلنا المتذبذب 00 فالألفين التي كرهها علقمة أصبحت عطاءا ثابتا لشقيق 00وقد ذكر ذلك ابن عساكر في مختصره 00 ولذلك لا غرابة أن نرى شقيقا يأنف من الانكار على الحجاج الثقفي 00 فقد جاء في الطبقات عن سفيان عن بن عون أنه قال ( ذهب بي رجل إلى أبي وائل فقال يا أبا وائل أي شيء تشهد على الحجاج قال أتأمرني أن أحكم على الله ) 00 وينقل أبو نعيم شيئا شبيها 00 حيث يروي عن الزبرقان أنه قال: ( كنت عند أبي وائل فجعلت أسب الحجاج وأذكر مساوئه، فقال: لا تسبه وما يدريك لعله قال: اللهم اغفر لي فغفر له? ) 00 ويروي عن عاصم انه قال: ( ما رأيت أبا وائل ملتفتاً في صلاة ولا في غيرها، ولا سمعته يسب دابة قط، إلا أنه ذكر الحجاج يوماً، فقال: اللهم أطعم الحجاج من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، ثم تداركها، فقال: إن كان ذاك أحب إليك، فقلت: وتستثني في الحجاج? فقال: نعدها ذنباً ) 00 وتنتهي حياة بطلنا المتذبذب على فراش الموت 00حيث يأتي أبي بردة لتقبيل جبهته 00 ولا غرابة في أن يقبل أبو بردة جبهة رفيق دربه وصديق عمره الذي خدم معه زياد في بيت المال 00ولا غرابة أيضا أن يقبل أبو بردة جبهة شقيق وهو الذي قبل قبل ذلك يد قاتل عمار وقال له : لا تمسك النار أبدا !!
وبعد أن عرضنا جوانب من حياة شقيق 00نحب أن نلقي بعض الاضاءات على موقفه من معركة صفين 00حيث أنه قد اشتهر عنه مقولته عندما سأل ( أشهدت صفين ) قال (نعم وبئست الصفون كانت ) 00 فالواضح ان الرجل كان له موقفا سلبيا جدا من هذه المعركة 00 فقد نقل عنه البلاذري أنه قال (ما مررت بالصفارين قط إلا ذكرت يوم صفين ) وهذا يعني أن ذكريات تلك المعركة ماكانت لتفارق مخيلته أبدا 00 والغريب أنه كان يكذب أولئك الذين كانوا يزعمون أنهم يرون منامات ورؤوى تفيد نجاة جميع من قتل في صفين من الطرفين 00 فقد روى ابن العديم في كتاب بغية الطلب عدة روايات عن شقيق بن سلمة عن أبي ميسرة عمر بن شرحبيل تفيد أنه رأى في المنام أهل صفين قد دخلوا الجنة كلهم وأن أهل النهروان هلكوا 00 فعلق شقيق على تلك الرؤيا بقوله (إن صدقت رؤيا أبي ميسرة ) 00 إضافة إلى ذلك نجد شقيقا يستهزيء بقراء زمانه 00حيث نجد ابن قتيبة في عيون الاخبار ينقل عنه أنه وصف قراء زمانه فقال : (: ما مَثَلُ قُرّاء هذا الزمان إلا كمثل غنم ضوائنَ ذاتِ صوف عجافٍ أكلتْ من الحَمْض وشَرِبت من الماء حتى انتفخت خواصرها، فمرّتْ برجل فأعجبته؛ْ فقام إليه فعَبَط منها شاةً فإذا هي لا تُنْقى، ثم عبط أخرى فإذا هي كذلك، فقال: افٍّ لك؛ سائر اليوم. ) 00 وبعد جمع كل هذه الملاحظات نخلص إلى أن الرجل المتذبذب كان لا يزال يحن إلى القراء المخلصين – حسب وجهة نظره – والذين كانوا رفقاء الامس في يوم من الأيام 00 ولذلك نجد أنه لم يقبل بتصديق دخولهم النار ودخول غيرهم الجنة 0لذا نجده ينتقد معركة صفين دائما 00وهذا التذبذب والتردد وعدم الثبات على موقف ما وحنانه الخفي لخوارج وقراء الأمس ونقمته على صفين واحداثها 00 جعله يروي ما حدث في صفين وبالذات عن خروج الخوارج عندما طلب منه ذلك بطرقة مشوهة معكوسة تتفق مع نظرته الخاصة لتلك الاحداث 0 ب – رواية شقيق بن سلمة :-
تنص الرواية أن حبيب بن أبي ثابت جاء فسأل شقيق بن سلمة فقال : (اتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال قلت فيم فارقوه ؟وفيما استجابوا له ؟ وفيما دعاهم ؟ وفيم فارقوه ثم استحل دماءهم ؟ ) 00 ويبدو أن شقيق لم يجب عن هذه الأسئلة بل بدا يعرض شريط الاحداث حسبما يحلو له وحسبما تقتضيه رؤيته الخاصة لتلك الاحداث 00 وقام بتركيب صورة خيالية لما حدث ذلك اليوم من 00 ولم ينس أن يمارس هوايته المعروفة ألا وهي ( الارسال) أي بمعنى ذكر الرواية دون ذكر الواسطة 00وهذا ما لاحظه عليه أئمة الحديث 00 فقد جاء في كتاب المراسيل لابن أبي حاتم ( قلت لأبي عبدالله أبو وائل سمع من عائشة قال ما أدري ربما أدخل بينه وبينها مسروق في غير شيء وذكر حديث إذا أنفقت المرأة ) 00 وجاء أيضا في نفس المصدر السابق (قلت لأبي أبو وائل سمع من أبي الدرداء شيئا قال أدركه ولا يحكي سماع شيء أبو الدرداء كان بالشام وأبو وائل كان بالكوفة قلت كان يدلس قال لا هو كما يقول أحمد بن حنبل ) 00 وجاء أيضا (سمعت أبي يقول أبو وائل قد أدرك عليا غير أن حبيب بن أبي ثابت روى عن أبي وائل عن أبي الهياج عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته ) 00 وأخيرا جاء فيه ( قال أبو زرعة أبو وائل شقيق بن سلمة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مرسل )وهذا يعني أن شقيق كان يمارس هواية الارسال هذه دائما ومع كثير من الصحابة 00 والواضح أنه في روايتنا هذه والتي استشهد بها السابعي قد أكثر منه 00 ففي الوقت الذي نجده يقول في مسند أبي عوانة أن سهل بن حنيف قد قال خطبته الشهيرة تلك في يوم صفين نفسه 00نجده يخالف تلك الحقيقة عند البخاري ويقول أنه قد قالها بعد أن رجع من صفين وفي مكان آخر !! وهذا ما نقله الأستاذ المعتمد 00 وقد عثرت على رواية لشقيق تدل على أن سهل بن حنيف لم يقل تلك الخطبة فقط في صفين 00بل قالها في صفين وقبلها في يوم الجمل أيضا 00لاحظ ما نقله أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار : (عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَيَوْمَ صِفِّينَ يَقُولُ : " اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ ، وَلَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ " ) 000 ثموهكذا نتأكد بان شقيق كان يرسم لوحة خاصة لاحداث صفين معتمدا في ذلك على مخيلته في المقام الأول 00 ثم يستمر في سرد أحداث تلك القصة ويمارس هوايته في الارسال بين الفينة والأخرى 00فمثلا يروي ما دار بين عمرو بن العاص وبين معاوية في نفس الوقت الذي يروي مادار عند علي !! ثم يرسل عن صعصعة ويروي محاورته لأهل حروراء خاصة إذا عرفنا أنه قد ذكر في مكان آخر أنه قد رجع بعد محاورة علي فكيف سمع محاورة صعصة !! ثم يقول بأن أولئك الخوارج رجعوا وفرقة منهم أخذت في استعراض الناس فقال لهم أصحابهم ( ويلكم ما على هذا فارقنا عليا ) ولا ندري في أي فرقة كان شقيق 00هل كان مع الفرقة التي لم تستعرض الناس 00 أم كان مع الفرقة التي استعرضت الناس لكي ينقل أقوالهم واعتراضهم !! ومرة أخرى نراه يبدأ بتدشين موقف الخوارج رفقاء الأمس فيذكر قوة شكيمتهم فيقول (فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ) !! ثم نجده يذكر قصة حدثت يوم النهروان قد ذكرها جميع الرواة 00إلا أنه يتفرد فيها بأحداث شاذة جدا عن الواقع الذي حكاه الآخرون لهذه القصة 00 ألا وهي قصة البحث عن المخدج بعد واقعة النهروان 00 حيث يقول شقيق في وصفه لهذه الواقعة مانصه ( 00 فقال علي اطلبوا الرجل فيهم قال فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم غرنا بن أبي طالب من اخواننا حتى قتلناهم فدمعت عين علي00) 00 طبعا يتفرد راوينا المتذبذب بهذا النقل تفردا ملحوظا يستطيع أي باحث أن يكتشفه وبكل سهولة 00 فكل الرواة الذين رووا قصة المخدج هذه لم ينقلوا تلك المقولة الشنيعة التي يزعم شقيق أن بعض الموجودين في جيش علي قد قالها 00 ألو هي عبارة ( غرنا بن أبي طالب ) !!
وقد اجتهدت أن أعثر على ما يقوي هذه العبارة من قارئن وأدلة في الروايات الأخرى ففشلت 00 وعرفت أن الرجل يتعمد الكذب في هذه المقولة إذ لا قرينة على كلامه 00 ثم تأكدت ان الرجل كان يصر على توهين موقف علي قدر الامكان أمام سائله 00 فنجده يستمر في مسلسل الكذب هذا بقوله ( فدمعت عين علي ) !! وهذا ما جعلني أسعى ثانية للعثور على قرائن معضدة لهذا الموضوع 00 فكانت المفاجأة المذهلة 00 حيث اكتشفت أن بعض الرواة قد رصدوا لنا تعابير وجه علي عند تلك الحادثة 00ولم يذكر أحدهم قضية الدمعة هذه 00لاحظ الروايات التالية :-
1- حلية الأولياء : عن أبي موسى الهمذاني (فجعل جبين علي يعرق )
2- فضيلة الشكر : عن أبي موسى الهمذاني ( وهو يعرق )
3- مسند البزار : عن زيد بن وهب (فجعل يرشح في يوم شاتي )
4- تاريخ بغداد : عن ابن عباس (فعرف ذلك في وجهه )
5- تاريخ بغداد : عن مالك بن الحارث ( فجعل جبينه يعرق وأخذه الكرب )
6- تعظيم قدر الصلاة : عن طارق بن زياد ( فبكينا )
7- السنة لأبي عاصم : عن زيد بن وهب (وإنا لنرى على وجهه كآبة )
8- تاريخ بغداد : عن أبي جحيفة السوائي (ثم يعرق من شدة الجزع في غير حين عرق )
9- مصنف ابن أبي شيبة : عن شقيق بن سلمة ( فدمعت عين علي )
10- مسند البزار : عن شقيق بن سلمة ( فبكى )
وبعد تأمل دقيق في عبارات جميع الرواة تلاحظ أن العرق والرشح والجزع الشديد والكآبة والكرب 00تحولت بقدرة قادر عند شقيق بن سلمة إلى دمعة 00 ثم ضخم كذبته أكثر وحولها إلى بكاء !! ويبدو أن البكاء الذي بكاه بعض جند علي حسب رواية طارق بن زياد قد تحول إلى بكاء عند علي !!
عموما نخلص في نهاية تحليل رواية راوينا المتذبذب إلى أنها رواية ساقطة من الاحتجاج لنكارتها ومخالفتها المشهور 00 ويبدو أن راوينا المتذبذب – لتذبذبه – قام في مقام آخر وفضح نفسه بان روى رواية أخرى مناقضة لهذه الرواية ناسفة لها 00 وهي قريبة جدا من الحقيقة المشهورة 00 حيث نجد راوينا في كتاب الروض المعطار في خير الأقطار يروي أحداث صفين فيقول اصحب الكتاب (( ال شقيق بن سلمة: والله لكأني أنظر يومئذ إلى رجل واقف على فرس على تل ومعه رمح طويل في رأسه مصحف يقول: بيننا وبينكم ما في هذا المصحف، ثم قرأ: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون" ثم يقول: من لفارس، من للروم، فقال أناس من أصحاب علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين أنصف القوم، فقال علي رضي الله عنه: والله ما كتاب الله يريدون. فلم يزالوا به، قالوا له: ابعث حكماً منك وحكماً منهم. )) وهكذا تنطق الحقيقة على لسان شقيق نفسه 00 ولا غرابة في ذلك 00فجعبة صاحبنا المتذبذب المتقلب مملوءة بالمفاجآت كما هو واضح 0
بقي أن نشير إلى ملاحظتنا الأخيرة على موضوع شقيق بن سلمة الأسدي والتي استوقفتنا في كتاب السابعي 00 ففي الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب الخوارج والحقيقة الضائعة ص267 قام الباحث بمناقشة حديث المخدج (ذي الثدية ) ورصد جميع الروايات التي تعرضت لذكر المخدج ( ذي الثدية ) 00 وذكر كل الرواة الذين رووا ونقلوا هذا الحديث عن الصحابة الثلاثة الذين سمعوا هذا الحديث من الرسول (ص) وهم : أبو سعيد الخدري و جابر بن عبدالله و علي بن أبي طالب 00 ثم ذكر أسماء الرواة الذين رووا عن كل صحابي 00 وما لفت انتباهنا هو أنه قد ذكر أن عدد رواة هذا الحديث عن علي (ع) هم 16 وذكرهم بأسمائهم 00 وخلص في نهاية بحثه إلى النتيجة التالية ( وبناء على ماتقدم فإن زيادة ذي الثدية تعد شاذة ) 00 واكد هذا المعنى في خاتمة الكتاب صفحة 410 فقال في البند رقم 12 ( حديث المخدج لا يصح عن رسول الله (ص) وهو زيادة شاذة 0 ) 00 لكن الغريب أن الباحث قد نسي رواية شقيق بن سلمة الأسدي هذه التي اعتمدها الباحث كما لاحظنا في عدة مواطن من كتابه وعضد بها طرحه !! فرواية شقيق بن سلمة هذه قد احتوت على زيادة المخدج ذي الثدية وجاءت باللفظ التالي : ( 0 فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفتين بالحق علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة 00) 00 ولا أدري سبب نسيان أوتناسي هذه الرواية من قبل الباحث ؟؟!! ويحق لنا أن نتساءل : هل ياترى لو حكم الباحث على هذا الشطر من رواية شقيق بالشذوذ والنكارة يجعله يعيد النظر في كامل استشهاده بالرواية أم لا ؟؟؟
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
مولانا المغيرة الله يحفظكم ويرعاكم بحث أكثر من رائع في أبو وائل
مع ان موضوعك يخص الخوارج ولكن لفت نظري أن حديث تسوية القبور هو لشقيق بن سلمة. وانا اعتقد أن هذا الثقة (اقولها استهزاءا) له يد في تزوير الحقائق. ومن كره هذا الرجل للإمام علي سلام الله عليه فإن القوم كانوا يعدونه ويدخرونه للدفاع عن معتقداتهم.
وبحثك ما شاء الله ممتاز.
السلام عليكم
مولانا المغيرة الله يحفظكم ويرعاكم بحث أكثر من رائع في أبو وائل
مع ان موضوعك يخص الخوارج ولكن لفت نظري أن حديث تسوية القبور هو لشقيق بن سلمة. وانا اعتقد أن هذا الثقة (اقولها استهزاءا) له يد في تزوير الحقائق. ومن كره هذا الرجل للإمام علي سلام الله عليه فإن القوم كانوا يعدونه ويدخرونه للدفاع عن معتقداتهم.
وبحثك ما شاء الله ممتاز.
8- عمـــــــــــــــــــــــــــــلاء في ثوب قــــــــــــــــــــراء :-
رفعت المصاحف ووقعت الفتنة في جيش علي ، ونجحت خطة عمرو بن العاص ، وكل الروايات في تلكم اللحظة كانت متمركزة حول مواقف علي وأصحابه ، ولكن ماذا عن الوجه الآخر من القصة ؟؟ ماذا عن البطل المحاصر بين صفوف كتائب الأشتر النخعي ؟؟ ونظرا لإلحاح هذه الأسئلة ارتأيت أن أسلط الضوء على هذا الجانب المنسي من القصة 00 وهو موقف معاوية في تلك اللحظة 0
بعد جولة متفحصة في كتب التاريخ وجدنا أنها احتفظت لنا بقدر معين من ذلك المشهد الحساس الذي مر به معاوية في تلك اللحظات العصيبة 00 حيث تشير تلك الروايات إلى أن معاوية قد هم بالفرار والهرب عندما حوصر في تلك اللحظات الفاصلة 000لولا أن حدث أمر ما ثناه عن عزمه 00 فما الذي حدث ؟؟
اعترف معاوية شخصيا بالحدث الذي ثناه عن الهرب 00 ولكنه – وبصفته أمير المؤمنين – لم يشأ أن يذكر الحقيقة كاملة 00 لذا جاءت الروايات عنه حبلى بالغموض والتورية 00 فقد روى ابن رشيق القيرواني في كتاب ( العمدة في محاسن الشعر ) أن معاوية قال : ( اجعلوا الشعر أكبر همكم، وأكثر دأبكم، فلقد رأيتني ليلة الهرير بصفين وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض، وأنا أريد الهرب لشدة البلوى فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة ) 00ورواها أبي علي القالي بلفظ قريب وهو : (لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين غير مرة، فما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة ) 00 وروها ابن أبي الحديد بما نصه : (أخذت بمعرفة فرسي ووضعت رجلي في الركاب للهرب، حتى ذكرت شعر ابن الإطنابة، فعدت إلى مقعدي، فأصبت خير الدنيا، وإني لراجٍ أن أصيب خير الآخرة ) 00 وهكذا تستمر المصادر الأخرى في النص على أن أبيات ابن الاطنابة هي التي منعت معاوية من الهرب 0
ولكن يبدو أن هنالك جزءا من الحقيقة لم يشأ معاوية أن يذكره للتاريخ 00 ولكنه أرغم ارغاما على قوله 00 فقد أورد ابن أبي الحديد رواية تفيد أن معاوية بعد أن انقضت صفين وخلص الأمر إليه 00 جاء له رجل فقال :- يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقاً، قال: وما هو00 قال: حق عظيم! قال ويحك! ما هو00 قال: أتذكر يوماً قدمت فرسك لتفر، وقد غشيك أبو تراب والأشتر، فلما أردت أن تستوثبه وأنت على ظهره، أمسكت بعنانك وقلت لك: أين تذهب! إنه للؤم بك أن تسمح العرب بنفوسها لك شهرين، ولا تسمح لها بنفسك ساعة، وأنت ابن ستين! وكم عسى أن تعيش في الدنيا بعد هذه السن إذا نجوت! فتلومت في نفسك ساعة، ثم أنشدت شعراً لا أحفظه ثم نزلت! فقال: ويحك! فإنك لأنت هو! والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
هكذا نجد ان خيوط اللغز قد بدات تتجمع 00 وهكذا نجد أن شعر ابن الاطنابة لم يكن كفيلا وحده بإنزال معاوية عن فرسه00 ولكن من هو هذا الرجل الذي استطاع أن يثني معاوية عن الهرب 00 وهل القصة قد اكتملت 00 أم انه لا يزال هنالك سر في الموضوع 00 ولكي نعرف شيئا ما عن شخصية هذا الرجل نقرأ معا هذا النص الذي يرويه التوحيدي في كتابه (البصائر والذخائر ) لنفس الحادثة 00حيث جاء فيها مايلي :- (وقف رجل على معاوية وهو في مجلس العامة فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي حرمة، قال: وما هي? قال: دنوت من ركابك يوم صفين وقد قربت ذابتك لتنهزم، ورأى أهل العراق الفتح والظفر، فقلت لك: والله لو كانت هند بنت عتبة مكانك ما هربت، واختارت أن تموت كريمة أو تعيش حميدة؛ أين تهرب وقد قلدتك العرب أزمة أمورها، وأعطوك قياد الأعنة? فقلت لي: اخفض صوتك لا أم لك، ثم ثبت وثابت حماتك إليك وتمثلت بقول عمرو بن الإطنابة:
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
قال: صدقت، ولوددت أنك خفضت من صوتك، يا غلام أعطه خمسين ألف درهم، ولو أحسنت الأدب لأحسنا لك الزيادة. ))
من خلال النص السابق 00يتضح لنا أن الرجل كان عارفا بموقف أهل العراق 00 وهذا يثير تساؤلا كبيرا عن تواجد شخص ملم بموقف العراقيين في صفوف جيش معاوية في تلك اللحظة الحرجة 0000إذن فالرجل عراقي !! 00 ولكي نؤكد هذا الطرح نستعين بشهادة (شاهد) سمع اعتارف معاوية شخصيا بذلك 00 فقد جاء عند ابن إبي الحديد في رواية عن كليب الحارثي ( والأصح الجرمي ) مانصه : (أخبرني ابن عباس قال: لقد حدثني معاوية أنه كان يومئذ قد قرب إليه فرساً له أنثى، بعيدة البطن من الأرض، ليهرب عليها؛ حتى أتاه آتٍ من أهل العراق، فقال له: إني تركت أصحاب عليٍ في مثل ليلة الصدر من منىً، فأقمت، قال: فقلنا له: فأخبرنا من هو ذلك الرجل? فأبى وقال: لا أخبركم من هو. ) 0
إذن فمسألة (عراقية ) هذ الرجل مفروغ منها 00 ولكن المتتبع لأحداث صفين يعلم جيدا أن الجيش العراقي في تلك اللحظات الحاسمة قد انقسم إلى فئتين متباينتين في الآراء 00فئة المصرين على وقف القتال 00وفئة المطالبين بإستمرار القتال 00فمن أي فئة كان هذا العميل ؟؟
ومرة أخرى يحتفظ التاريخ لنا بشيء من الحقيقة 00 فهاهو ابن عباس الذي تكتم على شخصية صاحبنا في الرواية السابقة 00يبين لنا انتماء وولاء ذلك الرجل الغامض 00ففي مصنف ابن أبي شيبة استوقفتنا رواية استشهد بها السابعي في كتابه 00وتناولها أخونا المعتمد في بحثه 00 واحتفظت لنا بشيء مهم عن شخصية هذا الرجل 00 أنظر إلى الرواية التالية :-
((مصنف ابن أبي شيبة ج7/ص551
عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال إني لخارج من المسجد إذ رأيت بن عباس حين جاء من عند معاوية في أمر الحكمين فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل يا بن عباس كفرت وأشركت ونددت قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا حتى دخلني من ذلك قال ومن هم هم والله السن الأول أصحاب محمد هم والله أصحاب البرانس والسواري قال فقال بن عباس انظروا أخصمكم وأجدلكم وأعلمكم بحجتكم فليتكلم فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب فقام فقال قال الله كذا وقال الله كذا كأنما ينزع بحاجته من القرآن في سورة واحدة قال فقال بن عباس إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت ووصلت أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية فكرهناها وأبيناها فلما أصابتكم الجروح وعضكم الألم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم تطلبونها ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه ثم أتاه آت منكم فقال إني تركت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة يقولون مختلفين في كل وجه مثل ليلة النفر بمكة 00إذن فمن خلال الرواية السابقة 00يتضح لنا أن صاحبنا كان من القراء المطالبين بوقف القتال 00 ويبدو أنه قد لعب دور المراسل بين الصفين 00 ولكن هذا الدور كان ثمنه غاليا جدا عند معاوية 0
وكما أسلفت سابقا بأن الرويات – وللأسف الشديد – لم تحتفظ لنا بالكثير من الحقيقة 00 بل تركتنا في حيرة وشك ازاء الكثير من حقائق التاريخ 00 لذا يحق لنا أن نتساءل الآن : من هو هذا الرجل ؟؟ هل هو من أولئك الناس الذين اندسوا وسط صفوف القراء ثم تركهم بعد محاورات ابن عباس أو صعصعة أو علي ؟؟ وهؤلاء كانوا ألوفا كما تشير بعض الروايات 00 أم أنه تركهم عندما رفعت راية الأمان 00 وهؤلاء أيضا كانوا عددا لا بأس به 00 أم أنه تركهم ضمن المنسحبين من القتال قبل بداية المعركة ؟؟ فقد روى أبو البقاء الحلي في كتابه (المناقب المزيدية في اخبار الملوك الاسدية ) أنه قد انقطع خمسمائة شخص من الخوارج قبل بداية المعركة وقالوا (أنا نخاف إن تكون روحتكم الى النار )0وقد نسب كلا من المبرد في كامله والمسعودي في التنبيه والإشراف والحموي في معجم الأدباء وابن أبي الحديد في شرحه هذه العبارة بألفاظ مقاربة لها إلى عبدالله بن وهب الراسبي 000وقد ذكر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ عددا من هؤلاء بأسمائهم00فقال : (00 ورجع عبد الله بن وهب قبل القتال وخرج مسعر بن فدكي إلى البصرة ومر أبو مريم السعدي إلى شهرزور ومر فروة بن نوفل إلى بندنيجين 00) 00فهل يا ترى يكون أحد هؤلاء هو صاحبنا الذي جاء إلى معاوية وثناه عن الهرب بقرينة بقائه إلى ما بعد تلك الاحداث ؟؟
وقد يستغرب البعض ورود إسم عبدالله بن وهب الراسبي ضمن قائمة المنسحبين من المعركة 00إلا أن القرائن المتوفرة ضمنن الروايات والمصادر الأخرى تفيد هذا المعنى 00فبالإضافة إلى ما أسلفناه من مصادر نجد أن نصر بن مزاحم المنقري في كتابه صفين يورد قصيدة لابن وهب الراسبي يذكر فيها تندمه ولجوءه إلى بيت الله !! أضف إلى ذلك ورود رواية عند الخطيب البغدادي تفيد أن (عبدالله بن وهب السبائي ) –وهو اسم عرف به الراسبي – كان موجودا يوم مقتل علي بن أبي طالب في المدائن وأنه أنكر مقتل علي (ع) 0
ختاما 000 نخلص إلى أن بعض القراء الذين خرجوا على علي (ع) كانوا يلعبون دورا لصالح معاوية 00 ويبدو أن هذا الدور كان مهما جدا لدرجة ان معاوية قد قال له : ( والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت ) 0
رفعت المصاحف ووقعت الفتنة في جيش علي ، ونجحت خطة عمرو بن العاص ، وكل الروايات في تلكم اللحظة كانت متمركزة حول مواقف علي وأصحابه ، ولكن ماذا عن الوجه الآخر من القصة ؟؟ ماذا عن البطل المحاصر بين صفوف كتائب الأشتر النخعي ؟؟ ونظرا لإلحاح هذه الأسئلة ارتأيت أن أسلط الضوء على هذا الجانب المنسي من القصة 00 وهو موقف معاوية في تلك اللحظة 0
بعد جولة متفحصة في كتب التاريخ وجدنا أنها احتفظت لنا بقدر معين من ذلك المشهد الحساس الذي مر به معاوية في تلك اللحظات العصيبة 00 حيث تشير تلك الروايات إلى أن معاوية قد هم بالفرار والهرب عندما حوصر في تلك اللحظات الفاصلة 000لولا أن حدث أمر ما ثناه عن عزمه 00 فما الذي حدث ؟؟
اعترف معاوية شخصيا بالحدث الذي ثناه عن الهرب 00 ولكنه – وبصفته أمير المؤمنين – لم يشأ أن يذكر الحقيقة كاملة 00 لذا جاءت الروايات عنه حبلى بالغموض والتورية 00 فقد روى ابن رشيق القيرواني في كتاب ( العمدة في محاسن الشعر ) أن معاوية قال : ( اجعلوا الشعر أكبر همكم، وأكثر دأبكم، فلقد رأيتني ليلة الهرير بصفين وقد أتيت بفرس أغر محجل بعيد البطن من الأرض، وأنا أريد الهرب لشدة البلوى فما حملني على الإقامة إلا أبيات عمرو بن الإطنابة ) 00ورواها أبي علي القالي بلفظ قريب وهو : (لقد وضعت رجلي في الركاب يوم صفين غير مرة، فما يمنعني من الانهزام إلا أبيات ابن الإطنابة ) 00 وروها ابن أبي الحديد بما نصه : (أخذت بمعرفة فرسي ووضعت رجلي في الركاب للهرب، حتى ذكرت شعر ابن الإطنابة، فعدت إلى مقعدي، فأصبت خير الدنيا، وإني لراجٍ أن أصيب خير الآخرة ) 00 وهكذا تستمر المصادر الأخرى في النص على أن أبيات ابن الاطنابة هي التي منعت معاوية من الهرب 0
ولكن يبدو أن هنالك جزءا من الحقيقة لم يشأ معاوية أن يذكره للتاريخ 00 ولكنه أرغم ارغاما على قوله 00 فقد أورد ابن أبي الحديد رواية تفيد أن معاوية بعد أن انقضت صفين وخلص الأمر إليه 00 جاء له رجل فقال :- يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقاً، قال: وما هو00 قال: حق عظيم! قال ويحك! ما هو00 قال: أتذكر يوماً قدمت فرسك لتفر، وقد غشيك أبو تراب والأشتر، فلما أردت أن تستوثبه وأنت على ظهره، أمسكت بعنانك وقلت لك: أين تذهب! إنه للؤم بك أن تسمح العرب بنفوسها لك شهرين، ولا تسمح لها بنفسك ساعة، وأنت ابن ستين! وكم عسى أن تعيش في الدنيا بعد هذه السن إذا نجوت! فتلومت في نفسك ساعة، ثم أنشدت شعراً لا أحفظه ثم نزلت! فقال: ويحك! فإنك لأنت هو! والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
هكذا نجد ان خيوط اللغز قد بدات تتجمع 00 وهكذا نجد أن شعر ابن الاطنابة لم يكن كفيلا وحده بإنزال معاوية عن فرسه00 ولكن من هو هذا الرجل الذي استطاع أن يثني معاوية عن الهرب 00 وهل القصة قد اكتملت 00 أم انه لا يزال هنالك سر في الموضوع 00 ولكي نعرف شيئا ما عن شخصية هذا الرجل نقرأ معا هذا النص الذي يرويه التوحيدي في كتابه (البصائر والذخائر ) لنفس الحادثة 00حيث جاء فيها مايلي :- (وقف رجل على معاوية وهو في مجلس العامة فقال: يا أمير المؤمنين، إن لي حرمة، قال: وما هي? قال: دنوت من ركابك يوم صفين وقد قربت ذابتك لتنهزم، ورأى أهل العراق الفتح والظفر، فقلت لك: والله لو كانت هند بنت عتبة مكانك ما هربت، واختارت أن تموت كريمة أو تعيش حميدة؛ أين تهرب وقد قلدتك العرب أزمة أمورها، وأعطوك قياد الأعنة? فقلت لي: اخفض صوتك لا أم لك، ثم ثبت وثابت حماتك إليك وتمثلت بقول عمرو بن الإطنابة:
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
قال: صدقت، ولوددت أنك خفضت من صوتك، يا غلام أعطه خمسين ألف درهم، ولو أحسنت الأدب لأحسنا لك الزيادة. ))
من خلال النص السابق 00يتضح لنا أن الرجل كان عارفا بموقف أهل العراق 00 وهذا يثير تساؤلا كبيرا عن تواجد شخص ملم بموقف العراقيين في صفوف جيش معاوية في تلك اللحظة الحرجة 0000إذن فالرجل عراقي !! 00 ولكي نؤكد هذا الطرح نستعين بشهادة (شاهد) سمع اعتارف معاوية شخصيا بذلك 00 فقد جاء عند ابن إبي الحديد في رواية عن كليب الحارثي ( والأصح الجرمي ) مانصه : (أخبرني ابن عباس قال: لقد حدثني معاوية أنه كان يومئذ قد قرب إليه فرساً له أنثى، بعيدة البطن من الأرض، ليهرب عليها؛ حتى أتاه آتٍ من أهل العراق، فقال له: إني تركت أصحاب عليٍ في مثل ليلة الصدر من منىً، فأقمت، قال: فقلنا له: فأخبرنا من هو ذلك الرجل? فأبى وقال: لا أخبركم من هو. ) 0
إذن فمسألة (عراقية ) هذ الرجل مفروغ منها 00 ولكن المتتبع لأحداث صفين يعلم جيدا أن الجيش العراقي في تلك اللحظات الحاسمة قد انقسم إلى فئتين متباينتين في الآراء 00فئة المصرين على وقف القتال 00وفئة المطالبين بإستمرار القتال 00فمن أي فئة كان هذا العميل ؟؟
ومرة أخرى يحتفظ التاريخ لنا بشيء من الحقيقة 00 فهاهو ابن عباس الذي تكتم على شخصية صاحبنا في الرواية السابقة 00يبين لنا انتماء وولاء ذلك الرجل الغامض 00ففي مصنف ابن أبي شيبة استوقفتنا رواية استشهد بها السابعي في كتابه 00وتناولها أخونا المعتمد في بحثه 00 واحتفظت لنا بشيء مهم عن شخصية هذا الرجل 00 أنظر إلى الرواية التالية :-
((مصنف ابن أبي شيبة ج7/ص551
عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال إني لخارج من المسجد إذ رأيت بن عباس حين جاء من عند معاوية في أمر الحكمين فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل يا بن عباس كفرت وأشركت ونددت قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا حتى دخلني من ذلك قال ومن هم هم والله السن الأول أصحاب محمد هم والله أصحاب البرانس والسواري قال فقال بن عباس انظروا أخصمكم وأجدلكم وأعلمكم بحجتكم فليتكلم فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب فقام فقال قال الله كذا وقال الله كذا كأنما ينزع بحاجته من القرآن في سورة واحدة قال فقال بن عباس إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت ووصلت أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية فكرهناها وأبيناها فلما أصابتكم الجروح وعضكم الألم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم تطلبونها ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه ثم أتاه آت منكم فقال إني تركت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة يقولون مختلفين في كل وجه مثل ليلة النفر بمكة 00إذن فمن خلال الرواية السابقة 00يتضح لنا أن صاحبنا كان من القراء المطالبين بوقف القتال 00 ويبدو أنه قد لعب دور المراسل بين الصفين 00 ولكن هذا الدور كان ثمنه غاليا جدا عند معاوية 0
وكما أسلفت سابقا بأن الرويات – وللأسف الشديد – لم تحتفظ لنا بالكثير من الحقيقة 00 بل تركتنا في حيرة وشك ازاء الكثير من حقائق التاريخ 00 لذا يحق لنا أن نتساءل الآن : من هو هذا الرجل ؟؟ هل هو من أولئك الناس الذين اندسوا وسط صفوف القراء ثم تركهم بعد محاورات ابن عباس أو صعصعة أو علي ؟؟ وهؤلاء كانوا ألوفا كما تشير بعض الروايات 00 أم أنه تركهم عندما رفعت راية الأمان 00 وهؤلاء أيضا كانوا عددا لا بأس به 00 أم أنه تركهم ضمن المنسحبين من القتال قبل بداية المعركة ؟؟ فقد روى أبو البقاء الحلي في كتابه (المناقب المزيدية في اخبار الملوك الاسدية ) أنه قد انقطع خمسمائة شخص من الخوارج قبل بداية المعركة وقالوا (أنا نخاف إن تكون روحتكم الى النار )0وقد نسب كلا من المبرد في كامله والمسعودي في التنبيه والإشراف والحموي في معجم الأدباء وابن أبي الحديد في شرحه هذه العبارة بألفاظ مقاربة لها إلى عبدالله بن وهب الراسبي 000وقد ذكر المقدسي في كتاب البدء والتاريخ عددا من هؤلاء بأسمائهم00فقال : (00 ورجع عبد الله بن وهب قبل القتال وخرج مسعر بن فدكي إلى البصرة ومر أبو مريم السعدي إلى شهرزور ومر فروة بن نوفل إلى بندنيجين 00) 00فهل يا ترى يكون أحد هؤلاء هو صاحبنا الذي جاء إلى معاوية وثناه عن الهرب بقرينة بقائه إلى ما بعد تلك الاحداث ؟؟
وقد يستغرب البعض ورود إسم عبدالله بن وهب الراسبي ضمن قائمة المنسحبين من المعركة 00إلا أن القرائن المتوفرة ضمنن الروايات والمصادر الأخرى تفيد هذا المعنى 00فبالإضافة إلى ما أسلفناه من مصادر نجد أن نصر بن مزاحم المنقري في كتابه صفين يورد قصيدة لابن وهب الراسبي يذكر فيها تندمه ولجوءه إلى بيت الله !! أضف إلى ذلك ورود رواية عند الخطيب البغدادي تفيد أن (عبدالله بن وهب السبائي ) –وهو اسم عرف به الراسبي – كان موجودا يوم مقتل علي بن أبي طالب في المدائن وأنه أنكر مقتل علي (ع) 0
ختاما 000 نخلص إلى أن بعض القراء الذين خرجوا على علي (ع) كانوا يلعبون دورا لصالح معاوية 00 ويبدو أن هذا الدور كان مهما جدا لدرجة ان معاوية قد قال له : ( والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت ) 0
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
9- هل عرف الخوارج خصماً أرحم وأعدل من علي ؟؟
(( وتورد بعض الروايات أن علياً طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنهم قالوا: "كلنا قتلته"( 43)، إلا أننا نجد - في المقابل - من الروايات ما ينفي عن أهل النهروان أنهم ارتضوا مسلك مسعر بن فدكي في الاستعراض والتقتيل أو سمحوا له بالبقاء في صفوفهم( 44).
ومع ذلك فإننا نرى الإمام عليّاً -كرم الله وجهه - زحف بجيشه إلى النهروان، فجرت هنالك معركة فاصلة قتل فيها معظم أهل النهروان، ولم ينج منهم إلا القليل(45). ))
حاول الباحث في هذه اللقطة أن يعطي للقاريء صورة مغايرة عن شخصية الإمام علي (ع) 00 فبعد أن اعتمد الباحث على روايات البرادي والشماخي في اثبات اسطورة طرد أهل النهروان لمسعر 00 نجد أنه قفز قفزة كبيرة متجاوزا عددا من الحوادث الهامة التي سبقت معركة النهروان ليضع القاريء مباشرة أمام صورة زحف علي بجيشه على النهروان 00ثم قتل معظم أهلها 00 ونجاة القليل منهم !!
ثم أوهذا دفعني للوقوف كثيرا أمام هذه اللقطة 00 متفكرا !! ودفعني لوضع عدسة التكبير على هذه الفترة الحساسة التي سبقت معركة النهروان 0 والحقيقة التاريخية – والتي تجاوزها الباحث – تنص على أن الإمام علي عليه السلام بعد أن طالب أهل النهراون بقتلة ابن خباب 00وبعد أن أجابوه بمقالتهم المشهورة (( كلنا قتلته )) 00 أمر بأن ترفع راية أمان عند أبي أيوب الأنصاري (رض) 00 وقد انسحب إلى هذه الراية عدد كبير من أولئك المتحزبين في صف الراسبي 00 بعد أن نادى فيهم علي (ع) (( من التجأ إلى هذه الراية فهو آمن ))0 00 وهذا مشهور في كثير من المصادر 0ن علي قال ((لا تبدؤهم بالقتال حتى يبدؤكم )) 00وهذا يعني أن الباديء بالقتال ليس علي 00بل أن المصادر تذكر أن الذي بدأ القتال هم الخوارج 0
وبعد أن انجلت الحقيقة عن الكيفية (العادلة ) التي بدأت بها معركة النهروان وفي ضوء تلك الأخلاق الإنسانية التي عامل بها علي خصومه في النهروان تبادر إلى ذهني السؤال الذي صدرت به هذه الفقرة 000 هل عرف الخوارج عبر التاريخ خصما أرحم وأعدل من علي ؟؟؟
فالتاريخ قد احتفظ لنا بالكيفية التي تعامل بها علي مع حزب ( الخوارج ) المعارض داخل الكوفة 00 وعبارته المشهورة شاهدة على ذلك 00حيث قال فيها ((إنا لا نمنعهم الفيء ولا نحول بينهم وبين دخول مساجد الله، ولا نهيجهم ما لم يسفكوا دماً وما لم ينالوا محرما )) 00 وفي لفظ آخر قال : ((لا أقاتلهم حتى يقاتلوني )) 00 وفي لفظ ثالث قال ((دعوهم ما لم يسفكوا دماً، أو يغصبوا مالاً )) 00 وفي لفظ رابع قال ((اتركوهم حتي يأخذوا؛ ويسفكوا دماً حراما))
وهذا يعني أن علي عليه السلام قد قبل بهم كحزب معارض داخل دولته وفي عاصمة حكمه 00خاصة إذا علمنا أنهم في بداية اعتزالهم قد لجأوا إلى حروراء وهي –كما يذكر الحموي- قرية بظاهر الكوفة تبعد عنها بميلين فقط !!بعكس خصوم الخوارج الآخرين 00 فهاهو الدينوري يروي لنا كيف أن ابن زياد كان لا يدع بالبصرة أحداً ممن يتهم برأي الخوارج إلا قتله، حتى قتل بالتهمة والظنة تسعمائة رجل 00 ويضيف إلى ذلك المبرد في كامله أنه كان لا يلبث الخوارج، يحبسهم تارة ويقتلهم تارة، وأكثر ذلك يقتلهم، ولا يتغافل عن أحد منهم 00 ثم يروي لنا عن زياد والد عبيدالله أنه كان يقتل المعلن ويستصلح المسر، ولا يجرد السيف حتى تزول التهمة !!
ويستوقفنا مشهد علي عليه السلام بعد أن فرغ من معركة النهروان وكيفية تعامله مع جرحى الخوارج 00
حيث يروي الدينوري أن عليا أمر
بمن كان منهم ذا رمق أن يدفعوا إلى عشائرهم، وأمر بأخذ ما كان في معسكرهم من سلاح ودواب، فقسمه في أصحابه، وأمر بما سوى ذلك، فدفع إلى وراثهم00 وعلى الجانب الآخر نرى كيف تصرف المهلب بن أبي صفرة مع جرحى الخوارج في إحدى معاركه معهم 000 حيث يروي
المبرد في كامله أن المهلب
قال لأصحابه: ابغوني رجلاً جلداً يطوف في القتلى، فأشاروا عليه برجل من جرم، وقالوا: إنا لم نر رجلاً قط أشد منه، قطوف ومعه النيرا، فجعل إذا مر بجريح من الخوارج قال: كافر ورب الكعبة! فأجهز عليه، وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله!!
ويروي لنا المبرد أيضا كيف أن ابن زياد أمر بأن يقطعوا يدي ورجلي عروة بن أدية ثم قتله وصلبه على باب داره 00 والعجيب أن عروة هذا
كان من أحد المرتثين يوم النهروان 00 أي أنه أحد الذين أمر علي بإرجاعهم إلى أهليهم !! والأعجب من ذلك أنه أول من حكم 00 أي أنه أول معارض في جيش علي عليه السلام !!
وقد احتفظ التاريخ بأفعال الحجاج الشنيعة مع الخوارج 00 حيث يروي المسعودي كيف أن الحجاج قد أمر بشق بطن أحد الخوارج بعد أن ظفر بجثته واستخرج قلبه !!
كل هذه الشواهد تجعلنا نتساءل ونطالب بأن نسمع إجابة الباحث الذي أولى جل اهتمامه في بحثه لتزكية موقف الخوارج وتنصيع دورهم في النهروان 00 نسأله ونقول :- هل عرف الخوارج عبر التاريخ خصما أرحم وأعدل من علي (ع) ؟؟؟
(( وتورد بعض الروايات أن علياً طالب أهل النهروان أن يسلموه القتلة وأنهم قالوا: "كلنا قتلته"( 43)، إلا أننا نجد - في المقابل - من الروايات ما ينفي عن أهل النهروان أنهم ارتضوا مسلك مسعر بن فدكي في الاستعراض والتقتيل أو سمحوا له بالبقاء في صفوفهم( 44).
ومع ذلك فإننا نرى الإمام عليّاً -كرم الله وجهه - زحف بجيشه إلى النهروان، فجرت هنالك معركة فاصلة قتل فيها معظم أهل النهروان، ولم ينج منهم إلا القليل(45). ))
حاول الباحث في هذه اللقطة أن يعطي للقاريء صورة مغايرة عن شخصية الإمام علي (ع) 00 فبعد أن اعتمد الباحث على روايات البرادي والشماخي في اثبات اسطورة طرد أهل النهروان لمسعر 00 نجد أنه قفز قفزة كبيرة متجاوزا عددا من الحوادث الهامة التي سبقت معركة النهروان ليضع القاريء مباشرة أمام صورة زحف علي بجيشه على النهروان 00ثم قتل معظم أهلها 00 ونجاة القليل منهم !!
ثم أوهذا دفعني للوقوف كثيرا أمام هذه اللقطة 00 متفكرا !! ودفعني لوضع عدسة التكبير على هذه الفترة الحساسة التي سبقت معركة النهروان 0 والحقيقة التاريخية – والتي تجاوزها الباحث – تنص على أن الإمام علي عليه السلام بعد أن طالب أهل النهراون بقتلة ابن خباب 00وبعد أن أجابوه بمقالتهم المشهورة (( كلنا قتلته )) 00 أمر بأن ترفع راية أمان عند أبي أيوب الأنصاري (رض) 00 وقد انسحب إلى هذه الراية عدد كبير من أولئك المتحزبين في صف الراسبي 00 بعد أن نادى فيهم علي (ع) (( من التجأ إلى هذه الراية فهو آمن ))0 00 وهذا مشهور في كثير من المصادر 0ن علي قال ((لا تبدؤهم بالقتال حتى يبدؤكم )) 00وهذا يعني أن الباديء بالقتال ليس علي 00بل أن المصادر تذكر أن الذي بدأ القتال هم الخوارج 0
وبعد أن انجلت الحقيقة عن الكيفية (العادلة ) التي بدأت بها معركة النهروان وفي ضوء تلك الأخلاق الإنسانية التي عامل بها علي خصومه في النهروان تبادر إلى ذهني السؤال الذي صدرت به هذه الفقرة 000 هل عرف الخوارج عبر التاريخ خصما أرحم وأعدل من علي ؟؟؟
فالتاريخ قد احتفظ لنا بالكيفية التي تعامل بها علي مع حزب ( الخوارج ) المعارض داخل الكوفة 00 وعبارته المشهورة شاهدة على ذلك 00حيث قال فيها ((إنا لا نمنعهم الفيء ولا نحول بينهم وبين دخول مساجد الله، ولا نهيجهم ما لم يسفكوا دماً وما لم ينالوا محرما )) 00 وفي لفظ آخر قال : ((لا أقاتلهم حتى يقاتلوني )) 00 وفي لفظ ثالث قال ((دعوهم ما لم يسفكوا دماً، أو يغصبوا مالاً )) 00 وفي لفظ رابع قال ((اتركوهم حتي يأخذوا؛ ويسفكوا دماً حراما))
وهذا يعني أن علي عليه السلام قد قبل بهم كحزب معارض داخل دولته وفي عاصمة حكمه 00خاصة إذا علمنا أنهم في بداية اعتزالهم قد لجأوا إلى حروراء وهي –كما يذكر الحموي- قرية بظاهر الكوفة تبعد عنها بميلين فقط !!بعكس خصوم الخوارج الآخرين 00 فهاهو الدينوري يروي لنا كيف أن ابن زياد كان لا يدع بالبصرة أحداً ممن يتهم برأي الخوارج إلا قتله، حتى قتل بالتهمة والظنة تسعمائة رجل 00 ويضيف إلى ذلك المبرد في كامله أنه كان لا يلبث الخوارج، يحبسهم تارة ويقتلهم تارة، وأكثر ذلك يقتلهم، ولا يتغافل عن أحد منهم 00 ثم يروي لنا عن زياد والد عبيدالله أنه كان يقتل المعلن ويستصلح المسر، ولا يجرد السيف حتى تزول التهمة !!
ويستوقفنا مشهد علي عليه السلام بعد أن فرغ من معركة النهروان وكيفية تعامله مع جرحى الخوارج 00
حيث يروي الدينوري أن عليا أمر
بمن كان منهم ذا رمق أن يدفعوا إلى عشائرهم، وأمر بأخذ ما كان في معسكرهم من سلاح ودواب، فقسمه في أصحابه، وأمر بما سوى ذلك، فدفع إلى وراثهم00 وعلى الجانب الآخر نرى كيف تصرف المهلب بن أبي صفرة مع جرحى الخوارج في إحدى معاركه معهم 000 حيث يروي
المبرد في كامله أن المهلب
قال لأصحابه: ابغوني رجلاً جلداً يطوف في القتلى، فأشاروا عليه برجل من جرم، وقالوا: إنا لم نر رجلاً قط أشد منه، قطوف ومعه النيرا، فجعل إذا مر بجريح من الخوارج قال: كافر ورب الكعبة! فأجهز عليه، وإذا مر بجريح من المسلمين أمر بسقيه وحمله!!
ويروي لنا المبرد أيضا كيف أن ابن زياد أمر بأن يقطعوا يدي ورجلي عروة بن أدية ثم قتله وصلبه على باب داره 00 والعجيب أن عروة هذا
كان من أحد المرتثين يوم النهروان 00 أي أنه أحد الذين أمر علي بإرجاعهم إلى أهليهم !! والأعجب من ذلك أنه أول من حكم 00 أي أنه أول معارض في جيش علي عليه السلام !!
وقد احتفظ التاريخ بأفعال الحجاج الشنيعة مع الخوارج 00 حيث يروي المسعودي كيف أن الحجاج قد أمر بشق بطن أحد الخوارج بعد أن ظفر بجثته واستخرج قلبه !!
كل هذه الشواهد تجعلنا نتساءل ونطالب بأن نسمع إجابة الباحث الذي أولى جل اهتمامه في بحثه لتزكية موقف الخوارج وتنصيع دورهم في النهروان 00 نسأله ونقول :- هل عرف الخوارج عبر التاريخ خصما أرحم وأعدل من علي (ع) ؟؟؟