دار خلال الأيام الماضية بين الكتاب والصحفيين جدل حول موضوع هيئة ( حماية الفضيلة والتصدي للمنكرات ) وهي هيئة شبيه بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية وتكاد تكون نسخة طبق الأصل منها ربما !!
هيئة ( حماية الفضيلة ) الجديدة يقوم عليها مجموعة من مشائخ جامعة الإيمان وهم يمثلون التيار السلفي في تنظيم الإخوان المسلمين باليمن .
فقد طلب هاؤلاء المشائخ قبل حوالي إسبوعين بالتزامن مع بدء الحرب على صعدة !! طلبوا مقابلة الرئيس ، وطرحوا عليه الفكرة ؟
ولم يخرجوا من بلاط السلطان إلا بموافقة مبدأية وإستحسان للفكرة من قبل الرئيس وضؤ أخضر للبدء بنشاطاتها !
لماذا الآن !
توقيت قيام هذه الهيئة له دلالات سياسية أكثر منها دينية أو أخلاقية أو إجتماعية ..!!
لأن إنتشار الرذيلة والمفاسد والمنكرات ليس أمراً طارئاً على هذه البلاد !
إن أهم تلك الدلالات السياسية هو أن قيام هذه الهيئة يأتي بالتزامن كما أسلفنا مع بدء شن الحرب الخامسة على محافظة صعدة ومناطق أخرى في محافظتي عمران و صنعاء ضد أنصار السيد الحوثي ومواطني تلك المناطق !
كما تأتي في ظل تواصل الفعاليات السلمية الجنوبية وتنامي حراك الجنوب الذي تم مواجهته من قبل السلطة بالإعتقالات والقمع غير المبرر !!
بل وصل الحال إلى إنتهاك حقوق نساء وناشطات أمثال المحامية عفراء الحريري ووفاء إبنة الرئيس الجنوبي الاسبق عبدالفتاح إسماعيل
وتأتي في ظل أوضاع إقتصادية مزرية وإنتشار للفساد الرسمي بمختلف أشكاله و سيطرته على الحياة السياسية والإدارية والإجتماعية !
وتأتي في ظل تواصل الإعتقالات اللا قانونية التي طالت الكثير من الناشطين والمعارضين السياسيين من المعتقلين على ذمة أحداث صعدة والذين إزدادات أعدداهم خلال الأيام الماضية مع تجدد الحرب ..... إلى المعتقلين على ذمة فعايات الجنوب الذين تهمتهم أنهم عبروا سلمياَ عن أرائهم وقناعاتهم !!
إلى إعتقال الفنان فهد القرني المعتقل سياسياً بسبب أشرطة الكاسيت التي إنتقد فيها الدولة وقادتها بأسلوب فكاهي و ساخر !!
إلى الصحفي محمد المقالح الذي لا زال معتقلاً لأكثر من شهر بتهمة الإبتسام أو الضحك في حضرة القاضي أثناء محاكمة الصحفي الخيواني !!
إلى غيرهم من المعتقلين السياسيين !!
كما أن العلاقة اليمنية الأمريكة مرت خلال الفترة الأخيرة بفتور ملحوظ !!
قد يتسائل البعض ما شأن تلك التطورات والقضايا بقيام هيئة دينية يقودها مشائخ جامعة الإيمان تدعو للمحافظة على الفضيلة والتصدي للمنكرات ؟
وسيزول بعض الإستغراب حينما يتم إستقرا تأريخ العلاقات التي ربطت نظام الحكم القائم بهذا التيار منذ ما قبل الوحدة عام 90 م !!
القضية واضحة !!!
سيتم إستخدام هذه الهيئة لمواجهة معارضين سياسيين هذا من جهة ومن جهة أخرى تقوم بمهمة إشغال المواطنين عن المنكرات والمفاسد الحكومية !!!!!
ومن جهة ثالثة لمحاولة إستقطاب تيار كامل في الإخوان أو بالأصح تقوية العلاقة به وهو التيار السلفي !!
لغرض محاولة إيجاد شرخ أو خلاف بين تيارات التنظيم الإخواني الأم !
إن الظاهر على الأقل – بالنسبة لي شخصياً – أن هذه الهيئة ستكون أداة طيعة في يد الحاكم ولن نستغرب حين تصدر منها مستقبلاً بيانات و فتاوى تصب بالمقام الأول في خدمة السلطة وأركانها وأزلامها !!
وقد تخرج علينا بفتاوى تعيد تكفير شرائح من المجتمع أو مجموعة من المعارضين وتستبيح دماء هم وقد تخرج فتاوى فيد أخرى !!
وقد نسمع فتاوى تحرم منافسة الحاكم كما حصل في الإنتخابات الماضية من ذات التيار السلفي حين أفتى بعض قياداته بذلك بل وأعتبروا المنافسة خروج عن طاعة ولي باأمر !!
وقد تخرج هلينا فتاوى تحرم النضال السلمي والمظاهرات والإعتصامات !!
وتحرم على الجياع والفقراء أن يعلنوا عن جوعهم ووجعهم !!
وقد تضفي وصف المؤمنين الصابرين على ضحايا الفقر والمجاعة من الساكتبين والصامتين في بيوتهم وقد تعطي من يموت منهم جوعاً وسام الشهادة !!!!!!!
كل ذلك ليس بمستبعد خاصة أن الشخصيات التي ظهرت كواجهة لهذه الهيئة الجديدة هي شخصيات معروفة بعلاقاتها الحميمة مع رأس ابنظام منذ عقود مضت !!
ماذا سيجني النظام ؟
من غير المعقول أن يوافق النظام الرسمي الحاكم في اليمن على خطوة إنشاء تلك الهيئة وعلى عملها دون أن يكون قد تأكد من أنه سيحصل من وراء ذلك على مكاسب سياسية راهناً أومستقبلاً !!
ولأن النظام الحاكم يدرك أن الخطاب الديني له أثره الكبير في المجتمع اليمني بالذات – فلذلك لازال حتى الآن تستهويه لعبة إستخدام الدين بشكل غير نزيه في صراعات السياسة وألاعيبها !!
ودهاليزها !!!
لقد أثبتت تجارب سابقة للنظام اليمين الحاكم أن المكاسب السياسية التي يجنيها من هكذا تحالفات خاصة مع قوى دينية متطرفة أو جماعات ضغط متشددة – هي مكاسب آنية فقط يحصل عليه النظام في حينه ، لكنه يبقى بعد ذلك في هم وتعب لإرضاء وإستقطاب تلك الجماعات كونها قد تعودت على دعم الحاكم في مواقف معينة لتأخذ بالمقابل تسهيلات أو أمتيازات ونفوذ !!
فقيادات بارزة في تنظيم القاعدة وجماعات الجهاديين تستطيع الآن أن تضغط على النظام وأن تواصل إبتزازه بما قدمته له من خدمات سابقة ضد معارضيه في الداخل !!
بل أن هناك الآن علاقات حتى على مستوى المصاهرة بين قيادات عليا في الدولة والجيش وبين قيادات في القاعدة !!
قيادات أخرى قبلية وسلفبية في تنظيم الإخوان المسلمين هي الأخرى مستعدة لأن تتخلى عن حزبها ومواقفه وأن تقف في إتجاه مضاد له حتى في – قرارات ومواقف قد تكون مصيربة مثل إنتخابات رئاسية – وذلك مقابل أن تبقى علاقاتها القوبة مع رأس النظام الحاكم في اليمن !
إن النظام القائم وسلطته يظنون أن كل مرة تسلم الجرة !!
وأن بمقدورهم الإستفادة كل مرة إلى أقصى ما يرومون في إستخدام بعض التيارات الدينية !!
وإفساح المجال لمثل هذه الهيئات الدينية ودعمها ،؛؛، مثل الهيئة الجديدة والتي لا شك لن تهتم بقضايا الناس الجوهرية وأهم المفاسد والمنكرات بقدر إهتمامها بأشياء تافهة ربما !! ولن تقصر أو تألوا جهداً في تمثيل دور الوصي على المواطنين وعلى مأكلهم وملبسهم وحرياتهم وأمورهم الخاصة جداً !!
إن عواقب مثل هذه السياسات التي يستمر النظام اليمني في إنتهاجها لا شك هي في غير صالحه إطلاقاً !!
سياسية أم دينية!
قد لا يختلف إثنان بأن ما يحصل من فساد ومنكرات وظلم وطغيان على يد عصابات النظام اليمني الحاكم وأركانه لهو أعظم أنواع الفساد والمنكر !!
وأنه ما يجب أن يتوجه العلماء والمصلحون للحديث عنه والنهي عنه وتغييره وفضح القائمين به !!
لكن الظاهر أن مثل هذه القضايا لن تشغل أي حيز في جدول إهتمامات الهيئة المزمع إنشائها ( هيئة الحفاظ على الفضيلة !!!!
فلا شأن لعلماء الدين إذاً - كما سيقال – بالفساد المتغلغل في كل مفاصل الدولة وأجهوتها الإدارية والتنفيذية !!
ولا شأن لهم بما يقترفه النافذون ضد المواطنين العزل !!
ولا شأن لهم فيما يحصل للمتهربين اليمنيين في حدود الجوار حتى وصل التعامل معهم كحيوانات !! بل كنفايات زائدة يتم التخلص منها بالحرق مع سبق الإصرار والترصد !!!!!!!!!
ولا شأن لهم بالإعتقالات التي مورست وتمارس بحق الأبرياء على خلفية قضية صعدة وعلى خلفية فعاليات الجنوب السلمية وعلى خلفية معارضة النظام !!!
ولا شأن لهم بتكميم الأفواه وإنتهاك الحريات والحقوق المختلفة !
ولا شأن لهم بأنهار الدماء التي تسيل بغزارة في صعدة ومناطق أخرى على ذمة حرب عبثية يقوده النظام إرضاءً لأسياده الإقليميين والدوليين وتجملاً معهم وتسجيل موقف عندهم وتسديداً للأموال المدنسة التي إستلمها منهم !!
لا شأن للهيئة الجديدة بكل تلك المنكرات والمفاسد والفضائع والجرائم أمثالها مما تزخر بها بلادنا السعيدة !!!
أجل سيكون الحديث عن تلك القضايا مغيب ، والنصرة المستضعفين معدوم والدفاع عن المظلومين والإنتقاد للفاسدين والظالمين غير موجود !!!!!!!!!
ليس هذا إستباقاً ولا تجنياً – وإن سيصنفه البعض كذلك - لأن الأيام القادمة ستثبت ذلك !!
وستوؤكد ما ذهبنا إليه !!
هيئة حماية الفضيلة ) دينية أم سياسية ؟!
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1036
- اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am
جل التحايا أخي علي
من جهتي أرى أنه بعد أن نجح النظام وبمستوى كبير في القضاء على هيبة ومكانة العلماء الذين كانوا محل إجماع من المخالف والموالف.
يتم الآن التحضير لعملية إنشاء إطار ديني حليف للنظام الحاكم - خاصة وأن أهم عقائده الطاعة شبه المطلقة ( قلت شبه المطلقة انصافاً لقدامى أصحاب هذه العقيدة) لولي الأمر وإن زنا وشرب الخمر وفسق وظلم وفجر و....الخ- يعمل على شرعنة خطوات النظام والتسويق لها عقدياً وستستخدم هذا الهيئة - إن تم تشكيلها فعلاً وبالتأكيد ستشكل- في كثير مما ذكرته في مقالك إجمالاً وما يتفرع عنه.
وخلاصة الأمر أن هذه الهيئة سواءً أكان اسمها (حماية الفضيلة) أم (الأمر بالمعروف)
فالغرض الأساسي منها هو
(فصل الدين عن الدولة)
وذلك بعد أن تم خلال الثلاثين عام الأخيرة - منذ بداية الثمانينيات- حصر الدين وتشويهه وإيجاد قاعدة متطرفة لحماية ذلك المسخ الفكري المشوه ....
أي ستكون هيئة لشرعنة الرذيلة أو في أدنى الحالات عدم الاهتمام بها، وحصر معاني الفضيلة في ممارسات بسيطة يكون حال المجتمع فيها
" عليكم أنفسكم" وبس
ستكون هيئة للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.... وتجربة المملكة أكبر شاهد
تحياتي لك أخي الكريم الرائع دوماً
من جهتي أرى أنه بعد أن نجح النظام وبمستوى كبير في القضاء على هيبة ومكانة العلماء الذين كانوا محل إجماع من المخالف والموالف.
يتم الآن التحضير لعملية إنشاء إطار ديني حليف للنظام الحاكم - خاصة وأن أهم عقائده الطاعة شبه المطلقة ( قلت شبه المطلقة انصافاً لقدامى أصحاب هذه العقيدة) لولي الأمر وإن زنا وشرب الخمر وفسق وظلم وفجر و....الخ- يعمل على شرعنة خطوات النظام والتسويق لها عقدياً وستستخدم هذا الهيئة - إن تم تشكيلها فعلاً وبالتأكيد ستشكل- في كثير مما ذكرته في مقالك إجمالاً وما يتفرع عنه.
وخلاصة الأمر أن هذه الهيئة سواءً أكان اسمها (حماية الفضيلة) أم (الأمر بالمعروف)
فالغرض الأساسي منها هو
(فصل الدين عن الدولة)
وذلك بعد أن تم خلال الثلاثين عام الأخيرة - منذ بداية الثمانينيات- حصر الدين وتشويهه وإيجاد قاعدة متطرفة لحماية ذلك المسخ الفكري المشوه ....
أي ستكون هيئة لشرعنة الرذيلة أو في أدنى الحالات عدم الاهتمام بها، وحصر معاني الفضيلة في ممارسات بسيطة يكون حال المجتمع فيها
" عليكم أنفسكم" وبس
ستكون هيئة للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.... وتجربة المملكة أكبر شاهد
تحياتي لك أخي الكريم الرائع دوماً
" أعيش وحبكم فرضي ونفلي .... وأحشر وهو في عنقي قلادة"