جئتٌ من حـوثٌ .....!!

[الهاشمي اليماني]

جئت من حوثٌ ... هي عبارة ساخرة معبرة بالماضي وربما بالحاضر ... فحوث ربما إستعصت على حرف الجر ولم تنخفض مخالفة كل قوانين الإعراب ومغظبة سيبويه والفراء وأبو ا لأسود الدؤلي ...
يقال حرف الجر من أستطاع جر السموات والأرض ولم يستطع جر حوث ... والقول منسوب للإمام يحى حميدالدين رحمه الله ، فقد كان فقيها مجتهدا وعالما ظليعا باللغة العربية وعلومها .. كان يجلس القرفصاء بجوار منزله يوميا لإستقبال المواطنين .. يبت بقضاياهم و يتناول الحديث معهم ويناقش أمورهم ... ويشاركهم حتى الطرفة والضحك ... يقال أن مواطنا كان يصيح بأعلى صوته .. مظلوم ... مظلوم .. وعلى غير عادة الإمام .. تجاهل الإمام ذلك الصوت ، لكن شخصا كان بقرب الأمام لفت نظر الإمام لينظر إلى المواطن ... فتبسم الإمام موجها كلامه للمواطن .. أنت قصير وما حد يظلمك ... فصاح المواطن وبقوة .. الذي ظلمني أقصر مني
وفي رحلة له ألى وادي ظهر أصطحب معه مجموعة وكان أن أستقر الجميع على منحدروعر يقع فوق الوادي وفيما أحدهم يتحدث فقد توازنه وكاد يسقط من هاوية سحيقة لكنه تمسك بشجرة .. فأتى المسعفين له ومن ضمنهم الإمام وبعد إنقاذ الرجل من السقوط بالهاوية السحيقة ... قال له الإمام أشكر الله ياهذا ... لكن الرجل رفض الدعوة وبعنف ... فلما أستفسره الإمام عن السبب .. أجاب أنا أحمد الله على سلامتي لكن .. لأنه يقول لئن شكرتم لأزيدنكم ..
كان الإمام يحى يتنقل إما مشيا وإما بحصان وإما بعربية يجرها حصانان وكانت العربية والأحصنة ملكا لبيت المال ... وكذا بيوته ومكتبه وكان يخصص لنفسه ما يؤده فقط من بيت المال مثل رطل لحم وكمية تكفيه من الطحين ... أبنائه وأسرته كان عليهم العمل ليعولوا أنفسهم ... بل أن البعض من أسرة الإمام كان يعاني شظف الحياة .. وشغفها ..
عودة لحوث ... وخاصة أنها لفتت الإنتباه عقب أحداث صعدة ، حيث تكهن البعض أن هناك نية لإلغاء إسم حوث وتبديله بإسم آخر ... وبالطبع حوث هجرة علمية يمنية قديمة وما يجاورها من القرى والمناطق لعبت دورا كبيرا بالتاريخ اليمني القديم والحديث ... ولقدم حوث كهجرة علمية نذكر العالم اليمني الكبير القاضي نشوان بن سعيد الحميري ِ، صاحب موسوعة شمس العلوم والذي تلقى تعليمه بهذه الهجرة العريقة ... وبالتالي يكن حلم من يتكهنون بإلغاء إسم حوث شبه مستحيل ... رغم أن ظروف العصر علمتنا شيئا آخر وهو أن كل شي جائز ... فحوث التي إستعصت على حرف الجر ... ربما ستنجر وتنحر كما نحر أحد أبنائها عبد الرب ساري بوضح النار وعلى مرأى الأشهاد بل ولم يسمح حتى بوسيلة الإسعاف لحمله وإنقاذه .. وترك ينزف حتى الموت .. وحوث كانت بها نيابة للإمام حيث أن أميرها كان يعتبر نائب الإمام وذاك يدل عل أهميتها ... لكن هناك من لايعرف أن حوثي صعدة ليست له صلة بحوث ... وصلته الوحيدة أن أحد جداده تلقى علومه بهجرة حوث الشهيرة العريقة ... التي أسقطت أخيرا وتفرق علمائها ونهبت خزائن المخطوطات بها وأندثرت مساجدها ... وأذل شيوخها .. نتيجة ثأرات شخصية ... وتكاد مران بصعدة أن تصبح نسخة لمأساة حوث ..