نظرة هامة على قصيدة كعب
نظرة هامة على قصيدة كعب
يقول كعب بن زهير في قصيدة المسماة بالبردة:
1ـ بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبول
2ـ وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
3ـهَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
4ـ تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
5ـ شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
6ـ تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
7ـ يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ
8ـ لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ
9ـ فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
10ـ وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
11ـ كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً
وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ
12ـ أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ
وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ
13ـ فَلا يَغُرَّنَكَ ما مَنَّت وَما وَعَدَت
إِنَّ الأَمانِيَ وَالأَحلامَ تَضليلُ
14ـ أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها
إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ
15ـ وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ
فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ
16ـ مِن كُلِّ نَضّاخَةِ الذِفرى إِذا عَرِقَت
عُرضَتُها طامِسُ الأَعلامِ مَجهولُ
17ـتَرمي الغُيوبَ بِعَينَي مُفرَدٍ لَهَقٍ
إِذا تَوَقَدَتِ الحُزّانُ وَالميلُ
18ـ ضَخمٌ مُقَلَّدُها فَعَمٌ مُقَيَّدُها
في خَلقِها عَن بَناتِ الفَحلِ تَفضيلُ
19ـ حَرفٌ أَخوها أَبوها مِن مُهَجَّنَةٍ
وَعَمُّها خَالُها قَوداءُ شِمليلُ
20ـ يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ
مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ
21ـ عَيرانَةٌ قُذِفَت في اللَحمِ عَن عُرُضٍ
مِرفَقُها عَن بَناتِ الزورِ مَفتولُ
22ـ كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها
مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ
23ـ تَمُرُّ مِثلَ عَسيبِ النَخلِ ذا خُصَلٍ
في غارِزٍ لَم تَخَوَّنَهُ الأَحاليلُ
24ـ قَنواءُ في حُرَّتَيها لِلبَصيرِ بِها
عِتقٌ مُبينٌ وَفي الخَدَّينِ تَسهيلُ
25ـ تَخدي عَلى يَسَراتٍ وَهيَ لاحِقَةٌ
ذَوابِلٌ وَقعُهُنُّ الأَرضَ تَحليلُ
26ـ سُمرُ العُجاياتِ يَترُكنَ الحَصى زِيَماً
لَم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكُمِ تَنعيلُ
27ـ يَوماً يَظَلُّ بِهِ الحَرباءُ مُصطَخِماً
كَأَنَّ ضاحِيَهُ بِالنارِ مَملولُ
28ـكَأَنَّ أَوبَ ذِراعَيها وَقَد عَرِقَت
وَقَد تَلَفَّعَ بِالقورِ العَساقيلُ
29ـ وَقالَ لِلقَومِ حاديهِم وَقَد جَعَلَت
وُرقُ الجَنادِبِ يَركُضنَ الحَصى قيلوا
30ـ شَدَّ النهارُ ذِراعاً عَيطلٍ نَصَفٍ
قامَت فَجاوَبَها نُكدٌ مَثاكيلُ
31ـ نَوّاحَةٌ رَخوَةُ الضَبعَين لَيسَ لَها
لَمّا نَعى بِكرَها الناعونَ مَعقولُ
32ـ تَفِري اللِبانَ بِكَفَّيها وَمِدرَعِها
مُشَقَّقٌ عَن تَراقيها رَعابيلُ
33ـ يَسعى الوُشاةُ بِجَنبَيها وَقَولُهُم
إِنَّكَ يَا بنَ أَبي سُلمى لَمَقتولُ
34ـ وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ
لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ
35ـ فَقُلتُ خَلّوا طَريقي لا أَبا لَكُمُ
فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ
36ـكُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ
يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ
37ـ أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني
وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
38ـ مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال
قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
39ـ لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم
أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ
40ـ لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ
أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
41ـ لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ
مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
42ـ مازِلتُ أَقتَطِعُ البَيداءَ مُدَّرِعاً
جُنحَ الظَلامِ وَثَوبُ اللَيلِ مَسبولُ
43ـ حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ
في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ
44ـ لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ
وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
45ـ مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً
بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
46ـ يَغدو فَيَلحَمُ ضِرغامَين عَيشُهُما
لَحمٌ مِنَ القَومِ مَعفورٌ خَراذيلُ
47ـ إذا يُساوِرُ قِرناً لا يَحِلُّ لَهُ
أَن يَترُكَ القِرنَ إِلّا وَهُوَ مَفلولُ
48ـ مِنهُ تَظَلُّ حَميرُ الوَحشِ ضامِرَةً
وَلا تُمَشّي بِواديهِ الأَراجيلُ
49ـ وَلا يَزالُ بِواديِهِ أخَو ثِقَةٍ
مُطَرَّحُ البَزِّ وَالدَرسانِ مَأكولُ
50ـ إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
51ـفي عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
52ـ زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
53ـ شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
54ـ بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ
55ـ يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
56ـ لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ
قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
57ـ لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
في المقدمة من ( 1 إلى 13) تحدث الشاعر عن فقده لمحبوبته وهذا الحديث عنها ووصفها يشكل ظاهرة الفقد عند كعب لسعاد
في وحدة الرحلة من(28 إلى32) شبه المرأة التيفقدت ابنها البكر وهي تضرب نفسها وتشق ثيابهاوالنساء حولها بالنافة عند سيرها الحثيث وهنا كذلك تظهر شدة الفقد
ومن الوحدتين السابقتين برزت ظاهلرة الفقد
في وحدة المدح (من 33 إلى آخر الأبيات) نلاحظ استمرار ظاهرة الفقد من خلال حديثه عن الأسد عندما يصل إليه الفرسان الشجعان فلا يعودوا إلى أهلهم لبطش الأسد بهم .
وهو في هذه القصيدة بكى بكاء شديدا على الجاهلية ويظهر فقده لها من خلال ظواهر الفقد الثلاث, ووصفه للخمر يدلل على حسرته على تلك الحياة
يقول الدكتور شوقي ضيف: لولا ثلاثة أبيات ما كنا نعرف أنها في رسول الله (ص):
1ـ أنبئت أن رسول الله................
2ـ مهلا هداك الذي...................
3ـ إن الرسول لنور .............
وكثيرا ما شبه الشعراء ممدوحيهم بالأسد ولكنه هنا جاء التشبيه ليؤكد عمق تلبسه بالفقد الشديد وهو كما يقول شوقي يمدح محمد القرشي لا محمد النبي
ويقول الدكتور زكي مبارك:
" ولقد نظرت طويلا في هذه القصيدة فقد قررت بأنها قصيدة جاهلية"
ومن هنا يجب علينا أن نعجب بهذه القصيدة لأسلوبها الفني لا للعامل الديني.
ويعد كعب على رأ س المحافظين على نمط القصيدة الجاهلية بكل مقوماتها وموضوهاتها في صدر الإسلام.
ووالده زهير بن أبي سُلمى الذي تنسب إليه إحدى المعلقات العشر التي مطلعها :
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم ***** بحومانة الدراج فالمتثلم
من أقوال الإمام علي عليه السلام:
يغطي عيوب المرء كثرة ماله*** يُصدَّق فيما قال وهو كـذوب
ويزري بعقل المرء قلة ماله ***يحـمقـه الأقـوام وهـو لبيـب

يغطي عيوب المرء كثرة ماله*** يُصدَّق فيما قال وهو كـذوب
ويزري بعقل المرء قلة ماله ***يحـمقـه الأقـوام وهـو لبيـب
