السلام عليك يا أخي
ونرحب بك في هذه المجالس مجالس كل زيدي وكل حر يبحث عن الحقيقة
وأحيي فيك شجاعتك في ثباتك على مبدئك خرج بلدك ،
وأحيي فيك تقصيك وسؤلك هذه الأسئلة ، التي تعبر عن إنفتحك على الأخرين وعلى البحث عن الحق .
بالنسبة لسؤلك الأول :
فأنا شخصياً نشأة في مجتمع زيدي ولكن الغزو الوهابي الذي غزى اليمن كنت أنا من ضحاياه فبدأت أتبعه ، فلم أجد نفسي إلا وأنا عدواً لأهل بيت النبي(ص) بصورة غير مباشرة .
لا اخرج من الموضوع فقد كنت أنا أتباعي لهم أضم فأعترض عليا بعض الأخوة في ذلك .
فما كان مني إلا أن بحثت عن حقيقة هذا الموضوع فتركت الضم عن يقين وقناعة داخلية ، و تركت هذه المذاهب الوهابية ، وتمسكت بما أوصاني حبيبي ونبيي رسول الله(ص) كتاب الله عترتة أهل بيتة .
واكتفي هنا بإيراد 1- بعض الكلام من بحث أخي الكاظم الذي هو بعنوان الرَّدُّ الجَلَيّ عَلَى صَاحِبِ القَوْلِ الجَلِيّ
فِي الذَّبِّ عَنْ مَذَهَبِ الإمَام زَيد بنُ عَلِي عن هذا الموضوع
وهو في هذه المجالس على هذا الرابط
http://71.18.61.110/forum/viewtopic.php?t=7996
2- وقصة وقعت وأنا موجود
وإذا أردت أي استفسار فنحن وأخواني على أتم الاستعداد
1- المَسألَةُ الأولَى : الضّمُ في الصّلاة :
تَعْرِيفُه :
الضّم بِعمُوم ، وَصفٌ لِمَن وضَعَ يدَهُ على يَدِه ، وهُوَ يُرادِفُ التّكتّف ، وهُو هَيئةٌ يُرى وجهُهَا في الصّلاة وفي غير الصّلاة ، وقد يُعبَّرُ عنهَا بِلفظِ (التّكفير) .
مَعناهَ :
الضّم عادَةٌ حَسنَةٌ في الأصل ، وهي تَعني التأدّب ، والاحترام ، وهي فمُرتَبطَةٌ بالأخلاق ارتباطاً واضحاً أثرُه ، إذ هِيَ مُلازمةٌ للسّمت ، والتّواضع ، والاتّعَاظ ، فالخُطبَاء على المنَابِر يَضمّونَ أيدِيَهُم تأدّباً ، والمُسلمون فيَضمّون أيدِيَهُم حال دَفن إخوانهِم تأدّباً وإجلالاً واتّعاظاً ، والمُسلمون فَيضُمّون أيدِيَهُم حالَ التوجّه إلى الله تعالى –قبل التكبير- في الصّلاة ، والمُسلمونَ فَيضُمّون أيدِيَهُم مُطيلينَ الفِكرَة في مخلوقاتِ الله ، وأمام كَعبَة الله ، وأمام قبر الرّسول (ص) ، وأمام قبور وآثار أهل بيت الرّسول (ص) ، وأمام آثار الصّحابة وأهل القرون الأولى من المُتّقين والعُبّاد والزُّهاد ، وأمام آثار الأنبياء وأقوامِهِم السّابقين .
هَيئاتُه :
الضمّ في الصلاة لهُ هَيئاتٌ مُتعدّدة ، اختلفَ فيها الفقهاء ، والضمّ في غيرِها كالمواقِف المذكورة سابِقاً ، فله هيئةُ واحِدة ، وهي وَضعُ اليَدِ اليُمنى على رِسغ اليد اليُسرى تحتَ السّرّة ، وأمّا في الصلاة فإنّها قد تكونُ بوضعِ الكفّ الأيمن على الكَفِّ الأيسَر ، وقَد تكون بوضعِ اليد اليُمنى على رِسغ اليد اليُسرَى ، إمّا فوقَ الصّدر ، وإمّا عليه ، وإمّا تحتَهُ ، وإمّا فوقَ السّرَة وإما عليهَا ، وإمّا تَحتَها ، وللفقهاء أقوالٌ مَبسوطةٌ في هذه الهيئات ، وللعَوامّ أفعالٌ بها .
كَيفَ يَنظُرُ المُسلمون للضمّ :
للضمّ عند المُسلمين قَولان مشهوران ، وهي :
القَول الأوّل : أنّ الضّم سُنّة ثابِتَة عن رَسول الله (ص) ، داومَ الرّسول (ص) على فِعلِها إلى أنْ مات ، وهذا قولُ سواد أهل المذاهب الأربعة ، إلاّ ما أُثِرَ عن المالكيّة من خِلاف حول تأكيد هذه السّنة مِن عَدِمها ، الأمر الذي جعلَنا نَرى بعضَهم يحكيها عن مالك في النّفل دون الفَرض .
القَول الثّاني : أنّ الضّم سُنّةُ مَنسوخَةٌ على لسانِ الرّسول (ص) ، وما نُسِخَ فلَم يَعُد القولُ به لازماً ، لا سُنّةً ، ولا استحبَاباً ، ووجُهُ النّسخ فيه مُخالفَة اليهود والنّصارى ، لأنّ المأثور عنهُم الضّم في الصّلاة ، وهذا فقولُ الزّيديّة .
نعم ! يَهُمّنَا هُنا مُناقِشَةُ القَول الثّاني ، لأنّه متى صحَّ سقطَ الوجهُ الأوّل ، ونِقاشُه يَعني نِقاشَ القوَل الأوّل ، ونَبدأُ النّقاش ، باستعراضِ مَعقوليّة النّسخ لمُعارَضة ومُخالَفَة أهل الكتاب ومنهُ سُنّةُ الضّم التي أمرَ الرّسول (ص) بِتركِهَا ، مُخالفةً لليهود ، فهَل كانَ الرّسول (ص) يَحُثّ على مُخالفَة اليهود في العِبادات ، للإجابَة نَسردُ هُنا عدّة مظاهر حثّت على مُخالفَة أهل الكتاب وغيرِهم .
مَظاهِر لمُخالفَاتِ المُسلمين لليَهود وغيرِهِم بأمرِ الرّسول (ص) :
أولاً : في مَسألة الصّلاة بالخفّ والنّعال :
- رَوى الحاكم في المُستدرَك ، بسنده ، عن أوس ، عن أبيه ، قال : قالَ رسولُ الله (ص) : ((خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ في نِعَالِهِمْ ولا خِفَافِهِمْ))[207] ، ورواهُ غيرُه[208] .
- قال العَيني صاحب (عُمَدَة القارئ) في معنى الحديث السّابق : ((فَيكُونُ مُستحبّاً مِنْ جِهَةِ قَصْدِ مُخَالَفَةِ اليَهود))[209] ، وقال ابن حجر : ((فَيكُونُ استحبَابُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَصْدِ المخَالَفَة المَذكُورَة))[210] . وقال صاحب فيض القَدير : ((وحِكمَةُ الصّلاةِ فِي النّعلَين مُخَالَفَةُ أهل الكِتَاب))[211] .
ثانياً : في مسألة صيام يوماً قبلَ عَاشورَاء أو بَعدَه :
- روى ابن سلامَة الّطحاوي ، عن ابن عَبّاس ، عن النّبي (ص) فِي صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ : ((صُومُوهُ وَصُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أو بَعْدَهُ يَوْمًا وَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُود))[212] ، وجاء في الاستذكار للقرطبي ، عن عَطاء ، أنّهُ سَمِعَ ابن عبّاس يَقول : ((خَالِفُوا اليهود ، صُومُوا التّاسِع وَالعَاشِر))[213] .
- قال ابن حَجر : ((وَقَدْ كَانَ (ص) يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أهل الكِتاب فِيمَا لَمْ يُؤمَر فِيه بِشَيء ، ولا سِيّمَا إذَا كَانَ فِيمَا يُخِالِفُ فِيهِ أهل الأوثَان ، فَلمّا فُتِحَتْ مَكّة وَاشْتُهِرَ أمْرُ الإسَلام أحَبّ مُخَالََفَةَ أهل الكِتاب))[214] ، وقال ابن عبد البر : ((وَكَانَ (ص) يُحِبُّ مُخَالَفَةَ أهلِ الكِتَاب وَسَائرَ الكُفّار))[215] ،
ثالثاً : في مَسألة حفّ الشَوارب ، وإعفاء اللّحى :
- روى مسلم في صحيحه ، عن ابن عُمَرَ ، قال : قال رسول اللَّهِ (ص) : ((خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَوْفُوا اللِّحَى))[216] .
رابعاً : في مسألَة الخِضاب والصّبغَة :
- روى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : ((إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ))[217] .
- قال العظيم آبادي : ((والحَدِيثُ يَدُلّ عَلى أنَّ العِلّةَ فِي شَرْعِيّة الخِضَاب هِي مُخَالَفَة أهل الكِتَاب ، وَبِهَذا يَتَأكّد استحبَابُ الخِضَاب))[218] .
خامساً : في مسألَة الضّم في الصّلاة :
- رَوى الإمام المُرتضى محمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن طالب (ع) ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي (ع) ، أنّه قال : نَهَى رَسول الله (ص) أنْ يَجْعَلَ الرّجُلُ يَدَهُ عَلى يَدِهِ على صَدرِه فِي الصّلاة، وَقَال: ((ذَلِكَ فِعْلُ اليَهُود وَأمَرَ أنْ يُرْسِلَهُمَا))[219] .
قالَ الحسن البَصري ، قالَ رسول الله (ص) : ((كأنّي أنْظُرُ إلى أحْبَارِ بَنِي إسْرَائيل وَاضِعِي أيَمَانِهِم على شَمَائِلِهِم فِي الصّلاة))[220] ، وكانَ الحسن البَصري يُرسِلُ يَديهِ في الصّلاة[221] ، ورواية الحسن عن رسول الله (ص) ليسَت مُرسلَة كما يعتقدُ البعض ، بَل هيَ مُسندَة عنه عن أمير المؤمنين علي (ع) ، عن رسول الله (ص) ، قال يونس بن عُبيد : ((سَألتُ الحسن قُلتُ : يا أبا سَعيد إنّك تَقول قَالَ رَسول الله (ص) ، وإنّكَ لَمْ تُدْرِكْه!! . قَال : يا بن أخِي لَقَد سَألتَنِي عَن شَيءٍ مَا سَألنِي عَنه أحدُ قَبلَك ، ولولا مَنزِلَتُكَ مِنّي مَا أخْبَرتُك ، إنّي فِي زَمَانٍ (زمان بني أميّة) كَمَا تَرى وكلّ شَيء سَمِعتني أقَول : قَالَ رسول الله (ص) فَهُو عَن علي بن أبي طَالب ، غَير أنّي فِي زَمَانٍ لا أستَطِيعُ أن أذْكُرَ عَليّاً))[222] . قُلتُ : وهذا يُقوّي ما رواه المرتضى عن آبائه ، عن علي (ع) ، نعني في النّهي عن الضّم ، لأنّه لا وَجهَ لرواية الحسن البصري إلاّ إفادة تَرك الضّم ومخالفَة اليَهود ، وهذا ما تَرجمَهُ الحسن البصري عندما كان يُرسل يديهِ في الصلاة ، وكذلك كان غيره من السلف .
شَواهِد تَشهَد بِصحّة نَسخِ الضّم ، وعدَم عَدّهِ من هيئات الصّلاة :
الشّاهِد الأوّل :
مَا رواهُ صاحبُ رَسول الله (ص) ، أبي حُميد السّاعِدي ، وصَدّقَهُ عليه عَشْرَةٌ مِنَ الصّحابَة ، وفيهِ برواية أبي داود : ((حدثنا أَحْمَدُ بن حَنْبَلٍ ، ثنا أبو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بن مَخْلَدٍ ، وثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا يحيى ، وَهَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ قال : أخبرنا عبد الْحَمِيدِ يَعْنِي بن جَعْفَرٍ ، أخبرني محمد بن عمرو بن عَطَاءٍ ، قال : سَمعتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ في عَشْرَةٍ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ (ص) ، منهم أبو قَتَادَةَ ، قال أبو حُمَيْدٍ : أنا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رسول اللَّهِ (ص) . قالوا : فَلِمَ ، فَوَاللَّهِ ما كُنْتَ بِأَكْثَرِنَا له تَبَعًا ، ولا أَقْدَمِنَا له صُحْبَةً ، قال : بَلَى . قالوا : فَاعْرِضْ . قال : كان رسول اللَّهِ (ص) إذا قام إلى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ، حتى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ في مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ، ثُمَّ يَقْرَأُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ، فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ يَعْتَدِلُ فلا يَصُبُّ رَأْسَهُ ولا يُقْنِعُ ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فيقول سمع الله لِمَنْ حَمِدَهُ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ مُعْتَدِلًا ، ثُمَّ يقول الله أَكْبَرُ ، ثُمَّ يَهْوِي إلى الأرض فَيُجَافِي يَدَيْهِ عن جَنْبَيْهِ ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عليها وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إذا سَجَدَ وَيَسْجُدُ ، ثُمَّ يقول الله أَكْبَرُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عليها حتى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إلى مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ يَصْنَعُ في الْأُخْرَى مِثْلَ ذلك ، ثُمَّ إذا قام من الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كما كَبَّرَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ يَصْنَعُ ذلك في بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ حتى إذا كانت السَّجْدَةُ التي فيها التَّسْلِيمُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ مُتَوَرِّكًا على شِقِّهِ الْأَيْسَرِ . قالوا : صَدَقْتَ ، هَكَذَا كان يُصَلِّي (ص)))[223] ، وهُو حسنٌ صحيح.
تعليق : الكَلامُ على هذا الأثر ، مِنْ أربَعةِ أوجُه :
الوَجهُ الأوّل : أنّ هَذا الخَبَر حكاهُ السّاعِدي وَاصِفاً صلاةَ رَسولِ الله (ص) التي كانَ يُصلّي بِها إلى أن تَوفّاهُ الله ، بدلالَة قولِه : ((أنا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رسول اللَّهِ (ص))) ، وبقولِ الصّحابَة العَشرَة : ((صَدَقْتَ هَكَذَا كان يُصَلِّي (ص))) .
الوَجه الثّاني : أنّه خَبرَ صَحِيح السّند والمَتن ،صحّحَه الّترمذي[224] ، ليس تَعلّه أيّ عِلَة ، على شرط أهل الحديث .
الوَجه الثّالث : أنّ هذا الخَبَر يُسَاوي عشر رواياتٍ مِنْ مِثلِه ، عن كلّ صحابيٍّ شَهِد بصحّة وَصف أبي حُميدٍ السّاعدي ، ومِنْ هؤلاء الصّحابَة العشَرة ، أبو أَسِيدٍ ، وَسَهْلُ بن سَعْدٍ ، وَمُحَمَّدُ بن مَسْلَمَةَ[225] ، وأبو قُتادَة الحارِث بن رِبعي[226] .
الوَجه الرّابع : أنّهُ يَدُلّ على أنَّ الضّم ليسَ بِسُنّةٍ مُحمّديّة ، وهُو يَحكي الإرسالَ عَن رَسولِ الله (ص) ، فإن قيلَ : وكيفَ استَنْبَطتُم هذا ، فالحديثُ مُخبرٌ عن الأركان والواجبات دونَ السُّنَن ، والضّم فليسَ إلاّ سُنّة من سُنَن الصّلاة . قُلنا : لا نُسلِّمُ لكُم ، لوَجهَين اثنَين ، الوَجه الأوّل : أنّه ذكرَ سُنّة رَفع اليَدين مع كلّ تكبيرَة . والوَجه الثّاني: أنّهُ كانَ يحكي جميع أفعَال الصّلاة ، الأركان ، والواجبات ، والسّنَن ، والضّم فَفِعل ، وهُو سُنّةٌ عندَ المُخالِف ، ومعَ ذلِك لم يَذكُرْهُ السّاعدي ، وصَدّقَهُ بَقيّة الصّحابة على عدم ذِكر الضّم من صِفة صلاة رَسول الله (ص) ، نعم! سَلَّمنَا (جَدَلاً) أنّ الحديث مُختَصٌّ بالأركان والواجبات دون السُّنَنَ ، ولكن الإرسال ظاهرٌ وَجهَهُ لَو تأمّلت قولَ السّاعدي في وَصفِه : ((إذا قام إلى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ، حتى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ في مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ، ثُمَّ يَقْرَأُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يَرْكَعُ)) ، فَذَكَرَ :
1- إذا قام إلى الصَّلَاةِ.
2- يَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ.
3- ثُمَّ يُكَبِّرُ.
4- حتى يَقِرَّ كُلُّ عَظْمٍ في مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا ، (تأمّل) .
5- ثُمَّ يَقْرَأُ.
6- ثُمَّ يُكَبِّرُ .
7- فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حتى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ .
نعم! ، وهُنا تأمّل أنّ الرّسول (ص) لَم يَقرأ إلاّ بعدَ أنْ رفعَ يديهِ حَذوَ مَنكِبيه ، ثمّ أعادهُما بحيث يَرجِعُ كُلّ عَظمٍ إلى مَوضعِه ، مُعتدلاً ، ومَوِضع اليد الأصلي حالَ القيام والاعتدال هُو على الفَخذَين ، لا بِتَشابُكِ الأيدي ، على الصّدر أو تحتَه أو فوقَه ، أو على السّرة أو تحتَها أو فوقَها ، ثمّ تأمّل قراءةَ الرّسول (ص) مُباشرةً بعد رجوعِ عظام اليد إلى مواضِعِها الأصليّة على الفَخذين ، وهَذا فواضِحٌ وجْهُه ، لمِنَ تعَقّل وأرادَ الفَهم ، وهُوَ ففيهِ الكِفايَة للوجه الذي ذكرناهُ ، من تصديق عشرةٍ مِنَ الصّحابة ، مِن غيرِ الواصِف .
الشّاهِد الثّاني :
مَا رواهُ العَيني في العُمدَة : ((حَدَّثَنَا عبدالله بن مَسْلَمَة عن مَالِك عَن أبي حَازِم عَن سَهْل بن سَعْد ، قَال : ((كَانَ النّاسُ يُؤمَرُون أنْ يَضَعَ الرّجُل اليَدَ اليُمنَى على ذِرَاعِه اليُسْرَى فِي الصّلاة)) ، قَال أبو حَازم : لا أعْلَمُهُ إلاَّ يَنمِي ذَلِكَ إلى النّبي (ص)))[227] .
تعليق : الكَلامُ على هذا الأثر ، مِنْ أربَعةِ أوجُه :
الوَجهُ الأوّل : أنّ هَذا الخَبَر يُثبتُ نَسخَ الضّم في الصّلاة ، لأنَّ سَهل بن سَعد يتكلّم بصيغَة الماضِي الذي كانُوا يُؤمَرون به ، وهُوَ الضّم في الصّلاة ، يُقوّيهِ تَصديقُهُ للهيئةَ التي ذكَرَها السّاعدي في الأثر السّابق ، والسّاعِدي فلَم يَذكُر الضّم ، بل أومأ تصريحاً بالإرسال ، وهذا فيدلُ أنّ الضّم سُنّةٌ مَنسوخَة ، وما نُسِخَ فلا وَجهَ لكونه من السنّة المُحمّديّة .
الوَجهُ الثّاني : أنّ مِن رُواةِ هذا الأثَر ، مالِك بن أنس ، وهُوَ التّابعي الذي اشتُهِرَ عنهُ الإرسال في الصّلاة ، فلَو أنّه رحمه الله فَهِمَ منهُ الأمر المُحمّدي السُّنّي المُطلقَ الثّابتَ ، ما ذهبَ إلى الإرسال دونَ الضّم ، وهذا فدليلٌ على أنّه فَهِمَ مِنَ الحديثِ النّسخ ، ولَم يَروِ أصحابُ مالِك عنهُ (معَ رِوايَتِه لهذا الأثر) أيّ تأكِيدٍ على الضّم ، فهُم بين الكَراهيَة في الفروض والرّخصَة في النوافل ، وبين اللاّبأس ، والاستحسَان[228] ، وهذا تَعارُضٌ منه في المواقِف ظاهِر ، لا يرقَى بالضّم عندَهُ إلى السّنة النّبويّة الثّابتِة ، مع روايتِه للأثر السّابق .
الوَجهُ الثّالث : أنّ الحَسن البصري ، وهُو فمِنْ كِبار التّابعين ، قَدْ فَهِمَ النّسخ في هَذِه المَسألَة ، وعدم سُنيّتها ، وذلكَ واضحٌ مِن روايته عن علي عن رسول الله (ص) ، وما فَهِمَ مِنها ، قال الحَسن البصرِي : قالَ رسول الله (ص) : ((كأنّي أنْظُرُ إلى أحْبَارِ بَنِي إسْرَائيل وَاضِعِي أيَمَانِهِم على شَمَائِلِهِم فِي الصّلاة))[229] ، والمأثورُ عن الحسن البَصري أنّهُ كانَ يُرسِلُ يَديهِ في الصّلاة[230] ، وهذا فَفهمٌ واضحٌ ، معناهُ عدم ثبوتِ هذه السّنة .
الوَجهُ الرَّابع : أنّ سَعيد بن المُسيّب ، وهُو فِمَن ثِقات كِبار التّابعين ، لَم يُؤثَر عنه إلاّ الإرسَال دونَ الضّم[231] ، فلَو كانَ الضّم سُنّةً ما انفَكَّ هذا الثّقةُ عنَ العَمَل به ، خُصوصاً مَع قُربِ العهد بِعَهد الخلافَة والصّحابَة .
الوَجهُ الخامِس : أنّ سَعيد بن جُبير ، على جلالَته ، أُثرَ عنهُ أنّه أثناء طوافِه بالكعبَة ، رأى رجلاً واضعاً إحدى يَديه على الأخرى ، فقصدَهُ وفَرَّق بينَ يَديهِ ، وعاد ، ولفظ الحِكايَة بالنّص : ((عن عبد اللهِ بن الْعَيْزَارِ ، قال : كُنْت أَطُوفُ مع سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ ، فَرَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَاضِعًا إحْدَى يَدَيْهِ على الأَخْرَى ، هَذِه على هَذِه ، وَهَذِهِ على هذه ، فَذَهَبَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ جاء)) ، وقد تأوّل ابن عبد البر أنّ سعيد بن جبير قد يكون رآهُ واضِعاً الشّمال على اليمين ، فَعدّلها ، اليَمِين على الشّمال[232] ، أقول : هذا غيرُ مَفهوم مِن سِياق الأثر ، فالأثر جاءَ بالتّفريق ، وتفريقُ اليدَين ، إبعادُهُما عن بعضِهِما ، والإبعاد هُوَ الإرسَال ، نعم! فَلو كانَ الإرسالُ سُنّةً ثابِتَة ما جازَ لابن جُبير تَفريقُ يدِ الرّجل عَن بعضِها البَعض ، إذ السّنن مُزيّنةٌ ومُكمّلَةٌ (مِنَ الكَمَال) للصّلوات .
وللمزيد راجع البحث.
واخيراً أنّ الضّم سُنّةُ مَنسوخَةٌ على لسانِ الرّسول (ص) ، وما نُسِخَ فلَم يَعُد القولُ به لازماً ، لا سُنّةً ، ولا استحبَاباً ، ووجُهُ النّسخ فيه مُخالفَة اليهود والنّصارى ، لأنّ المأثور عنهُم الضّم في الصّلاة ، وهذا هو الصحيح الذي يتوصل اليه كل باحث منصف وكل شخص يبحث عن ذلك.
2- القصة
في احد الأيام كنت وبعض الأخوة نستمع لمحاضرة في احد المساجد لأحد العلماء حفظه الله.
فقدم ألينا رجل يقدر عمره في 43عاماً ،
فقال الرجل ياستاذ : إننا كنا في صلاتنا نرسل اليدين فجأنا بعض السلفية وقالوا لنا : لابد أن تضعوا ايديكم على الصدرفي الصلاة أي الضم، فأنا الآن ياستاذ اضم ولن اترك الضم ،
فقام الأستاذ من مكانة وامر تسعه ممن كان يستمع للمحاضرة بالقيام والصتفاف مثل الصتفاف للصلاة ،فاخذ بيد الاول وجعلة يضم تحت السرة والثاني جعلة يضم على السرة والثالث جعلة يضم فوق السرة والرابع جعلة يضم على صدرة والخامس عند منحرة أي تحت الرقبة والسادس جعلة يضم على صدرة وان يضع الأكف على الكف والسابعة جعله يضم على صدره ويضع الرسغ على الرسغ والثامن جعله يضم الكتف على الكتف والتاسع جعله يضم ويمسك بيده اليمين معصم اليد اليسرى،
وذالك الرجل ينظر الى مايفعل الأستاذ بتعجب.
فقال الأستاذ للرجل : الرسول (ص) بأي وضعية صلى من هذه التسعة الأوضاع.
فقال الرجل :والله لا اعلم،
فقال الأستاذ: ان من يقولون بالضم ، يختلفون في موضعه الصحيح ، فمثلاً هذا الذي يضم تحت السرة يقول إن من لا يضم تحت السرة مبتدع لأنه ترك سنة الرسول (ص)وهي ضم تحت السرة على ماروي في مذهبة ، والذي يضم على صدره يرى ان كل من لا يضم على صدره مبتدع وهكذا فكل واحد يقول في الآخر ممن لايوفقه في الموضع بأنه مبتدع، وكل واحد يستدل بحديث يناقض ما ورد من حديث عند الآخر ،
ثم واصل الأستاذ كلمه: فقال الم يكن رسول الله (ص) يصلي بالمسلمين في اليوم خمس مرات ، فكيف بمجرد أن مات رسول الله (ص) اختلفوا في موضع الضم ،
ثم واصل الأستاذ كلمه: فقال اذا أتا يوم القيامة وصح ان الضم سنة فأن الله لن يعاقبنا بتركها لأنها سنة ، ولكن اذا صح أن الضم ليس صحيح فهنا سوف تكون المعضلة ، لماذا عملت عملا ولم تتاكد من صحتة ، ولذالك فمن اراد ان يصلي ويطمئن بأن صلاة صحيحة عليه بأن يرسل اليدين لأن هذه الصلاة مجمع على صحتها عند جميع طوائف الأسلامية سنة وشيعة ،
فقال :الرجل والله أني سوف ارسل ولأن اضم بعد هذا،_(على حد التعبير)
والرسول قال لا تجمع أمتي على خطاء او كما قال ، واما من يعمل ما هو مختلف فبة كالضم فهو أنسان لا يحتاط لدينة و يريد أن يفرق الأمة لأنه لم يعمل بما أجمع علية ،وإنما بما اختلف علية ،
أما بالنسبة للسؤال الثاني :
فأكتفي بما ذكرة العلامة أحمد محمد الو شلي حفظة الله في كتابة الطهارة والصلاة حيث قال بعد كلامة عن شروط إمام الصلاة قال :
تنبيـه: (الإمام حاكم في الصلاة) هذه القاعدة الفقهية العظيمة التي تميّز بها المذهب الزيدي كفيلة بتقارب المسلمين، وإحياء روح الأخوة والوحدة في نفوسهم، فالزيدي مثلاً حينما يصلي خلف الشافعي مثلاً ويعتقد صحة صلاته حملاً له على السلامة، واعترافاً بمكانة العلماء وتصويباً لاجتهاداتهم، فذلك هو السبيل إلى جمع الشتات، وتأليف القلوب حتى يصبحوا أخوناً متعاونين على البر والتقوى، إن هذه القاعدة الجليلة تبعث روح التسامح بين المسلمين، وتجعل كل مسلم يحسن الظن بأخيه المسلم، وعند ذلك يُسكتُ العقلاءُ من هذه الأمة كلَّ من يوقد نار الفرقة ويزيد الطين بلة، وتستيقظ الأمة من سباتها، ثم تستعيد مكانتها في حمل رسالة الإسلام وهداية بني الإنسان .
أما بالنسبة لسؤال الثالث
فهؤلاء عندنا نسميهم أهل الدعوة وهم ليسو زيدية بل هم سلفية أما بالنسبة لي فقد ذهبت ودرست عند هؤلاء السلفيون باعتقادي أننا مسلمون ولا يوجد من خلاف بيننا إلا الشيء القليل الذي لا يؤثر ، ولكن بعد استمراري لحضور الدروس لمدة تزيد على أربعة أشهر ، وكانوا يأملون أنهم سوف يستطيعون أن يغيروا مبدأي ، ولكن عندما وجدوا عدم جدوا ذلك ، غيروا موعد الدرس ، وكلما تواصلت معهم عن متى وقت الدرس ، أعطوني موعداً فاذهب فلا يوجد أحد ، واستمروا في الكذب عليا، لخمس مرات ، بمعنى أنهم لا يريدونني أن أحضر معهم ،
ونصيحتي إذا أنت يأخي خرجت معا هؤلاء فثبت على مبدئك ، وقد لا يرغبوا بك إذا وجدوا أنك متمسك بمبدئك ،
واخيراً : هناك الكثير من الشبهات التي سوف تعترضك في تمسكك بالزيدية تمسكاً حقاً لكن أقول لك اطرح كل شبة يعترضك في هذه المجالس وسوف يجيب عليك إخواني العلماء .
ومقولتي ((( إنني أتبع المذهب الزيدي لأنني أنا مقتنع به ليس لأنه مذهب أبي وجدي)))