قصتي مع الإمام زيد بن علي (ع)

مجلس للمشاركات الأدبية بمختلف أقسامها...
أضف رد جديد
عمار بن ياسر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 35
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 28, 2006 11:08 am

قصتي مع الإمام زيد بن علي (ع)

مشاركة بواسطة عمار بن ياسر »

بعد يوم كثير المشاغل والأعمال؛ وتأمل في حال هذه الأمة المتشتتة ؛المتضاربة فيما بينها ؛المتنازعة في أمرها ؛عدت إلى منزلي في حالة يرثى لها ؛ علّيّ أجد ما يخفف ألمي ؛ وحزني وكربي؛ دخلت مكتبتي أبحث ؛ قد أجد حلاً لما نحن فيه..... فوقَعت عيني على كتاب من كتب التاريخ الإسلامي في ركن على رف من رفوف مكتبتي ؛ فمدت يدي وفتحته وقلبت صفحاته........انه يحكي قصة إمام الأئمة الإمام الشهيد زيد بن علي (ع) ......عندئذ أخذت الكتاب ؛ وقعدت في مكاني غارقاً في قراءة هذا الكتاب .....الورقة تلو الورقة ؛الفصل تلو الفصل؛ مرت الدقائق والساعات؛حتى غلبني النوم في مكاني ......فرأيت فيما يرى النائم ؛ أنني أمشي في قفرة جرداء- قد انبسطت رمالها على سطحها ؛متجعدة تجعد الأمواج في البحار ؛وكانت الشمس قد مالت للإياب؛ فلم أرى في بطحائها ضلاً غير ظلي المستطيل الذي خطته يد الشمس ؛ فأخطأت في رسمه وتصويره ؛ كأنما تصورتني آدم أبا البشر؛ فأوسعتني طولاً-لا أعرف لي مذهبا؛وأنى يكون ذلك في صحراء؛ قد تشابهت مسالكها ؛ وتشاكلت طرقها؛ واتسعت ما بين قاصيها ودانيها؛حتى نامت الشمس إلى مستقرها؛وطار خفاش الليل من مكمنه؛ ومد الظلام أجنحته السوداء في الأفق - حتى وجدت نفسي حيران ؛أحيَر من دمعة في عين عاشق (يدفعها الحب ويمنعها الحياء) – ولا أعلم هل أنا سر كامن في باطن الظلماء أو صوت مضطربٌ في أعماق الماء ؛ وأحياناً كان يخيّل لي أني في جوف حوت يونس بن متى ؛ فأمد يدي أتلمس جدرانه عليّ أجد مخرجاً ؛ ولم أزل كذلك ؛حتى شعرت بأن الظلام قد بدت تنقشع صبغته ؛ وأن ذراته تتطاير ؛هاهنا و هاهنا - ولا تسل عما ألم بقلبي من الهم وعقلي من الخبل - حينما وجدت نفسي لاأعلم أين أنا ؛والى أين أتجه ؛وعندئذ رأيت أن العروج إلى السماء ؛ أقرب إلى الأمل من السفر في هذه الفيافي والقفار؛وحرت بين الأقدام والإحجام؛فلم أرى محيصاً من الاستسلام لمقدور الحِمام ؛وأنا أتمثل بقول أبي العلاء:
........ضجعة الموت رقدة يستريح الـ ..... جسم فيها والعيش مثل السهاد
وماهي إلا لحظات قليله حتى أحسست بسلسبيل بارد من الأمل ؛يتسرب إلى قلبي فينقع غلته ؛ ويطفي لوعته ،لأنني رأيت أقواماً يضعون خيامهم في جانب من تلك النواحي؛فكان ما ألم بنفسي من السرور؛ أنساني ما ألم بجسمي من النصب .....فجعلت أمشي الخطوة تلو الخطوة نحوهم؛ حتى وصلت إليهم ،فإذا أنا برجل قد قارب الخمسين من عمره ؛ يجلس متوسطاً أصحابه ( أبيض اللون؛ أعين؛مقرون الحاجبين؛ تام الخلق؛ طويل القامة؛ كث اللحية؛عريض الصدر؛أقنى الأنف؛أسود الرأس واللحية قد خالطه الشيب في عارضيه ).
فجعلت أكلم نفسي يا ترى ؛هل هذا حلم أم حقيقة؟!!
هل حقاً أني بين يدي ابن رسول الله!!
..... انه زيد بن علي!!
عندئذ عرف الجميع ما يدور في قرارة نفسي؛ فأشار لي أحدهم قائلاً:
من أنت ومن أتيت؟
فأجبته:
....إنني القادم من الزمن اللاحق المتأخر.....
...إنني القادم الباحث عن الحلول لمشاكل هذه الأمة......
...إنني القادم أبحث عن القدوة الصالحة..

ولكن أين أنا و من أنتم ؟!!
فأجابني:
...انك في الطريق نحو الكوفة؛وهذا زيد بن علي بن رسول الله؛ ونحن أصحابه ……..
عندها أصابتني الدهشة................
نظر لي أحدهم قائلاً:
صف لنا زمانك ؟
فأجبته قائلاً:
لقد أصبحنا في زمان فشى فيه الفساد؛ وضيعت الحقوق ؛والأموال تؤكل ظلما؛صار المعروف منكر؛ والمنكر معروفا؛فالشباب إذا سقطوا في الشهوات لم يحاول الكبار منعهم من ذلك ؛ والنساء إذا ابتذلن في المجتمع لم يحاول المسئولون رفع مكانتهن؛أما الحكام فقد أذلوا الشعوب بعد أن ضمنوا مكوثهم على الذل.......لم يعد المؤمن(الكيس العارف بالدين ....العالم بالسياسة....القوي في أموره)هو المؤمن الحقيقي ؛ وإنما أصبح الأكثر ركوعاً وسجوداً والأبعد عن الانسجام مع الحياة هو المعروف بالكمال .......لم يعد الحاكم(الملتزم بمبادئ الدين.... والأبعد عن الانسياق وراء الشهوات)هو الحاكم الأكثر شعبيه؛ وإنما أصبح الحاكم الغارق في شهواته؛ الباسط يده على الحرام والحلال هو؛ من تعطيه الجماهير ثقتها.

لقد أصبحنا في زمان كثر فيه مدعوا العلم ومنتسبوه ؛وقل فيه العلماء العاملون؛ الآمرون بالمعروف؛ والناهون عن المنكر.لقد أصبح العالم من علماء عصرنا يعيش في دائرة شهواته؛ تاركاً ما يجري في المجتمع ؛ قد تحول من عبادة الله إلى عبادة السلطان ؛ فأصبح مستعدا لحرق ضميره من أجل إرضاء الحكام وذوي الجاه والمال.

لم يعد العلماء يفكرون في مصير الأمة.....أصبحوا مستعدين بالتضحية بالأمة كلها ؛من أجل الحصول علي مغنم بسيط؛ وبسيط جداً...علماء؛ لم يعد يتمتعون بالأخلاق الاسلاميه؛فلا حب ؛ولا إيثار ؛ولا تواضع ؛ولاكرم ؛ولاانسانيه....بل طمع؛ و جشع؛ واستغلال.
علماء؛ انكبوا على الدنيا ؛ ونقادو لظلمه ؛ وأمنوا الخونة ؛ و شهدوا لأهل الباطل ؛ لاينهون عن شيء ؛ رغبة في عرض الدنيا ؛ ورغبة في السحت ؛ مداهنة ومصانعة منهم على أنفسهم ؛ ومواتاة للظالمين.....إذا دعوناهم لنكون جميعاً ضد المفسدين والظالمين ؛ نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر .....نهون قائلين: أنا ندعوهم إلى بدعه؛(وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار).
لقد أصبح العالم في عصرنا؛ صاحب (متجر) يبيع فيه فتاويه؛ من أجل كسب المغانم.....والرئاسة......والقرب من الظلمة.....فيبيحون الدماء والأعراض...علماء؛ كبني اسرئيل في اجتهادهم على قتل أنبيائهم ؛وهؤلاء اجتهدوا في قتل أبناء نبيهم.......إنهم علماء من ذوي الماركات الجيدة بالنسبة للجبابرة.


عندها التفت الإمام زيد بن علي (ع) قائلاً:


قد مَيَّزَكم اللّه تعالى حَقَّ تميز، ووسَمَكم سِمَةً لا تخفى على ذي لُبّ، وذلك حين قال لكم: ﴿وَالمُؤْمِنُوْنَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيْاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَيُطِيْعُوْنَ اللَّهَ وَرَسُوْلَهَ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عزيز حَكِيْمٌ﴾ [التوبة: 71].
فبدأ بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده.
ولعَمْرِي لقد استفتح الآية في نَعْت المؤمنين بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا بالموعظة.
وقال تعالى في الآخرين: ﴿وَالْمُنَافِقُوْنَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأَمُرُوْنَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوْفِ﴾[التوبة:67].
فلعَمْرِي لقد استفتح الآية في ذمهم بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فاعتبروا عباد اللّه وانتفعوا، واعلموا أن فريضة اللّه تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشَدِيْدُها، وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو: الدعاء إلى الإسلام، والإخراج من الظُّلْمَة، ورَدّ الظالم، وقِسْمَةِ الفَيء والغنائم على منازلها، وأخذ الصَّدقات ووضعها في مواضعها، وإقامة الحدود، وصِلَةِ الأرحام، والوفاء بالعهد، والإحسان، واجتناب المحَارم، كل هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول اللّه تعالى لكم: ﴿وَتَعَاوَنُوْا عَلَىْ البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوْا عَلَىْ الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوْا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيْدُ العِقَابِ﴾ [المائدة:2]، فقد ثَبَتَ فرضُ اللّه تعالى، فاذكروا عهد اللّه الذي عاهدتموه وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ﴾[المائدة: 7].
عباد اللّه فإنما تصلح الأمورُ على أيدي العلماء، وتفسد بهم إذا باعوا أمر اللّه تعالى ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين، فكذلك الجهال والسفهاء إذا كانت الأمور في أيديهم، لم يستطيعوا إلا بالجهل والسَّفَه إقامتها، فحينئذ تَصْرُخُ المواريث، وتضج الأحكام، ويفتضح المسلمون.
وأنتم أيها العلماء عصابةٌ مشهورة، وبالورع مذكورة، وإلى عبادة اللّه منسوبة، وبدراسة القرآن معروفةٌ، ولكم في أعين الناس مهابةٌ، وفي المدائن والأسواق مكرمةٌ، يهابكم الشَّريف، ويكرمكم الضَّعيف، ويرهبكم من لا فضل لكم عليه، يُبدَأ بكم عند الدُعْوَةِ والتُحْفَة، ويشار إليكم في المَجَالس، وتشفعون في الحاجات إذا امتَنَعَت على الطَّالبين، وآثارُكم مُتَّبَعَةٌ، وطُرُقُكُم تُسْلَك، كل ذلك لما يرجوه عندكم مَنْ هُوَ دونكم مِنْ النَّجاة في عرفان حق اللّه تعالى، فلا تكونوا عند إيثار حق اللّه تعالى غافلين، ولأمره مضيِّعين، فتكونوا كالأطباء الذين أخذوا ثَمَنَ الدَّواء وأعطبوا المرضى، وكرُعَاةٍ استوفوا الأجر وضلوا عن المرعى، وكحراس مدينة أسلموها إلى الأعداء، هذا مثل علماء السوء
عباد اللّه لا تُمَكِّنوا الظالمين من قِيَادكم بالطمع فيما بأيديهم من حُطامِ الدنيا الزَّائل، وتراثها الآفل، فتخسروا حظكم من اللّه عز وجل.
فيا علماء السوء، هذا مِهَادكم الذي مَهَدْتمُوه للظالمين، وهذا أمانكم الذي ائتمنتموه للخائنين، وهذه شهادتكم للمبطلين، فأنتم معهم في النار غداً خالدون: ﴿ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُوْنَ فِيْ الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِمَاكُنْتُمْ تَمْرَحُوْنَ﴾[غافر: 75]، فلو كنتم سَلَّمتم إلي أهل الحق حقهم، وأقْرَرْتم لأهل الفضل بفضلهم، لكنتم أولياء اللّه، ولكنتم من العلماء به حقاً الذين امتدحهم اللّه عز وجل في كتابه بالخشية منه.
فلا أنتم عَلَّمتم الجاهل، ولا أنتم أرشدتم الضَّال، ولا أنتم في خلاص الضعفاء تعملون، ولا بشرط اللّه عليكم تقومون، ولا في فِكَاكِ رقابكم [تعملون].
يا علماء السوء اعتبروا حالكم، وتفكروا في أمركم، وستذكرون ما أقول لكم.
يا علماء السوء إنما أمنتم عند الجبَّارين بالإدْهَان، وفزتم بما في أيديكم بالمُقَارَبَة، وقربتم منهم بالْمُصَانَعَة، قد أبحتم الدين، وعطلتم القرآن، فعاد عِلْمُكم حجة للَّه عليكم، وستعلمون إذا حَشْرَجَ الصَّدر، وجاءت الطامة، ونزلت الدَّاهية.
يا علماء السوء أنتم أعظم الخلق مصيبة، وأشدهم عقوبة، إن كنتم تعقلون، ذلك بأن اللّه قد احتج عليكم بما استحفظكم؛ إذ جعل الأمور ترد إليكم وتصدر عنكم، الأحكام من قِبَلِكم تُلْتَمَس، والسُّنن من جِهَتِكم تُخْتَبَر. يقول المتبعون لكم: أنتم حجتنا بيننا وبين ربنا. فبأي منزلة نزلتم من العباد هذا المنزلة؟
فيا علماء السوء محوتم كتاب اللّه محواً، وضربتم وجه الدين ضرباً، فَنَدَّ والله نَدِيْدَ البَعِيْرِ الشارد، هرباً منكم ...............
عباد الله..... فبالكتاب قَوَام الإيمان، وبالسُّنَّة يثبت الدين، وإنما البدع أكاذيب تُخْتَرَع، وأهواء تُتَّبَع، يتولى فيها وعليها رجالٌ رجالاً صدُّوهم عن دين اللّه، وذادوهم عن صراطه، فإذا غَيَّرها المؤمن، ونهى عنها المُوَحِّد، قال المفسدون: جاءنا هذا يدعونا إلى بدعة!!
وأيم اللّه ماالبدعة إلا الذي أحدث الجائرون، ولا الفساد إلا الذي حكم به الظالمون،
عباد اللّه إن الظالمين قد استحلوا دماءنا، وأخافونا في ديارنا، وقد اتخذوا خُذْلانَكم حجة علينا فيما كرهوه من دعوتنا، وفيما سفهوه من حقنا، وفيما أنكروه من فضلنا عناداً لله، فأنتم شركاؤهم في دمائنا، وأعوانهم في ظلمنا، فكلُّ مالٍ للَّه أنفقوه، وكل جمعٍ جمعوه، وكل سيف شَحَذُوه وكل عدل تركوه، وكل جور رَكِبوه، وكل ذمة للَّه تعالى أخفروها، وكل مسلم أذلوه، وكل كتاب نَبَذوه، وكل حكم للَّه تعالى عطلوه، وكل عهد للَّه نقضوه فأنتم المعينون لهم على ذلك بالسكوت عن نهيهم عن السوء.
عباد اللّه إن الأحبار والرُّهبان من كل أمة مسؤلون عما استحفظوا عليه، فأعِدُّوا جواباً للَّه عز وجل على سؤاله.
صورة

عمار بن ياسر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 35
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 28, 2006 11:08 am

مشاركة بواسطة عمار بن ياسر »

سيدي : لقد كثر الخلاف والاختلاف بين الأمة الاسلاميه ؛حتى أصبحنا أحزاباً متفرقة؛ لايلمنا شيء ؛ إذا قلنا القران يجمعنا ؛ فكل واحد يفسر و يحمل القران على ماهو عليه؛فكيف الخلاص من هذا الاختلاف؟ وكيف نعرف أهل الحق؟


......قد رأيتَ ما وقع الناس فيه من الاختلاف، تبرءوا [من بعضهم] وتأولوا القرآن برأيهم على أهوائهم،[و] اعتنقت كل فرقة منهم هوى، ثم تولوا عليه، وتأولوا القرآن على رأيهم ذلك ، بخلاف ما تأوله عليه غيرهم، ثم برئ بعضهم من بعض، وكلهم يزعم فيما يُزَيَّنُ له أن على هدى في رأيه وتأوله، وأن مَنْ خالفه على ضلالة أو كفر أو شرك، لابُدَّ لكل أهل هوى منهم أن يقولوا بعض ذلك.
وكل أهل هوى من أهل هذه القبلة يزعمون أنهم أولى الناس بالنبي صلى اللّه عليه وآله، وأعلمهم بالكتاب الذي جاء به، وأنهم أحق الناس بكل آية ذكر اللّه فيها صَفْوَةً أو حَبْوَةً أو هدى لأمة محمد صلى اللّه عليه وآله، وكلهم يزعم أن من خالفهم - في رأيهم وتأويلهم - من أهل بيت نبيهم برؤا منه، وأن أهل بيت نبيهم صلى اللّه عليه وآله لن يهتدوا إلا بمتابعتهم إياهم.
وقد عرفت أن أهل تلك الأهواء يُعرَفون وإن لم نسمهم بأسمائهم التي يُسَمَّون بها، وإن لم أصف قولهم الذي يقولون به، فكيف يستقيم لرجل فَقُهَ في الدين أن يسمي هؤلاء كلهم مؤمنين، [و] أمة واحدة على هدى وصواب وهم يتبرأ بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم بعضا؟

سيدي: أوليس هم أمة محمد صلى الله عليه واله وسلم؛ حيث كانوا مجتمعين في عصره؟

نعم، فلما تفرقوا كما تفرق من كان قبلهم وقد نهوا عن التفرق صاروا أمماً كما كان من قبلهم حين تفرقوا بعد أن كانوا أمة واحدة، قال اللّه تبارك وتعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوْا بِحَبْلِ اللّه جَمِيْعاً وَلاَ تَفَرَّقُوْا وَاذْكُرُوْا نِعْمَةَ اللّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوْبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانَاً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُوْنَ﴾ [آل عمران: 103]. وليس الإخوان في الدين بالذين يتبرأ بعضهم من بعض، ويقتل بعضهم بعضاً، قال اللّه تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَكُوْنُوْا كَالَّذِيْنَ تَفَرَّقُوْا وَاخْتَلَفُوْا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ﴾[آل عمران: 105].
وقد بيَّن اللّه لكم أمر من كان قبلَ أمةِ محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم، بني إسرائيل كانوا أمَّة في عهد موسى صلى اللّه عليه، فَلمَّا تَفَرَّقوا سمَّاهم اللّه أمَماً، فقال: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمْ فِيْ الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَالِحُوْنَ وَمِنْهُمْ دُوْنَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾[الأعراف: 168]. بلوا لأنَّهم تفرقوا بعد موسى، يزعُمُون كُلُّهم أنهم مُتَّبِعون لموسى مصدقون بالتَّوراة ويَستقبلون قِبْلَة واحدة، قال اللّه تبارك وتعالى: ﴿لَيْسُوْا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةً قَائِمَةً﴾[آل عمران: 113] فَسمَّاهم اللّه أهلَ الكتاب، ثم سمى أهلَ الحقِّ منهم أمةً قائمة، ثم وصَفَها، فقال: ﴿يَتْلُوْنَ آيَاتِ اللّهِ آنَاءَ اللَّيْل وَهُمْ يَسْجُدُوْنَ يُؤْمِنُوْنَ بَاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِالمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُسَارِعُوْنَ فِيْ الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ﴾[آل عمران: 113 - 114].
فكُل فرقة من أهل هذه القِبْلة نصبوا أدياناً يَتَأوَّلون عليها ويتبرءون ممن خالفهم، فهم أمَّةٌ على هُدًى كانوا أم على ضَلالة، قال اللّه جَلَّ جلاله: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للَّهِ حَنِيْفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِيْنَ﴾[النحل:120]. فسمَّاه اللّه حين كان على دين لم يكن عليه أحَدٌ غيره: أمَّةً. قال اللّه جل ثناؤه لقوم اتَّبَعوا ضلالة آبائهم: ﴿إَنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُوْنَ﴾[الزخرف: 23].
وكذلك تفرَّقت هذه الأمَّةُ بَعْدَ نبيها صلى اللّه عليه وآله وسلم، أمَماً، كما تَفرقت بنو إسرائيل بعد مُوسى أمماً، وقد قال اللّه جل ثناؤه: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوْسَى أُمَّةٌ يَهْدُوْنَ بِالحَقِ وَبِهِ يَعْدِلُوْنَ﴾[الأعراف: 159].
فلم يُخْرِج اللّه منهم الحقَ بَعْدَ أنْ جَعَله فيهم، ثم لم يُسمِّهم حين تفرقوا: (أمَّةً واحدة) فكذلك قال اللّه تعالى لهذه الأمة: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةً يَهْدُوْنَ بَالحَقِ وَبِهِ يِعْدِلُوْنَ﴾[الأعراف: 181]، وقال:﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُوْنَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ﴾[آل عمران:104]، فإن استَطَعْتَ أن تَلْتَمِسَ تلك الأمةَ من أمةِ محمَّد صلى اللّه عليه وآله إذا تَفَرَّقت فَافْعَل، فواللّه ما هي إلا التي استقامت على الأمر الذي تركها عليه نبيُّها صلى اللّه عليه وآله وسلم.


سيدي :قد تفرقوا ؛ ولكنهم يقرون بالكتاب وبالنبي محمد صلى الله عليه واله وسلم؟

انظر هل في كتاب اللّه عز وجل تفضيل لبعض أهل هذه القبلة على بعض؟ [فـ]ينبغي أن تعرف أهل ذلك التفضيل في كتاب اللّه جل ثناؤه، وتُفَضِّلهم بما فضلهم اللّه عز وجل، وتكون بهم مقتدياً.
فإن أحببت أن تعلم ذلك إن شاء اللّه فانظر في القرآن هل بعث اللّه نبياً إلا سمى له أهلا؟ وهل أنزل كتاباً إلا وقد سمى لذلك الكتاب أهلا في كتابه وعلى لسان نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم. ثم قَصَّ عليكم أعمال من نجا منهم وأعمال من هلك منهم، وأخبركم مَنْ كان أهلَ صفوته من الأمم الذين نجوا مع أنبيائهم، ومن كان بقية أهل الحق بعد الأنبياء عليهم السلام.
فإن وجدت في الكتاب أن أهل الأنبياء ومن اتبعهم نجوا مع أنبيائهم، وأن بقية الحق من الأمم كانوا ذرية الأنبياء؛ فاعلم أن هذه الأمة لن تنجوَ إلا بمثل ما نجا به مَنْ كان قبلهم، حين اختلفوا في دينهم، وقتل بعضهم بعضاً على دينهم.
ثم انظر هل تجد لنبيكم أهلاً وذُرِيَّة سماهم اللّه في كتابه كما سماهم للأنبياء قبله، وهل كان أهل الأنبياء وذرياتهم نجوا هم ومن اتبعهم، أو هلكوا ونجا غيرهم؟ فإن وجدتهم هم أهل النجاة مع الأنبياء، وهم بقية معادن الحق بعدهم، فاعلم أن هذه الأمة لا تنجو إلا بمثل ما نجا به الأمم من قبلهم.


سيدي: هلا؛ أوضحتم لي ذلك؟


....بعث اللّه نوحاً وبينه وبين آدم من القرون ما شاء اللّه على دين آدم، واصطفاه كما اصطفى آدم، ثم مَنَّ اللَّه على نوح فنجاه وأهله إلا مَنْ خَالَفَه، ونجا من اتبعه من المؤمنين، وليس كلُّ من كان مع نوح في السفينة أهلَه، فقال: ﴿اِحْمِلْ فِيْهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَاآمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيْلٌ﴾[هود: 40].
ثم مَنَّ على نوح وأكرمه أن جعل ذُرِيَّتَهُ هم الباقين، وليس كل الباقين ذرية نوح، ثم قال: ﴿ذُريةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوْحٍ﴾[الإسراء: 3]، ثم قال: ﴿اِهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أَمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيْمٌ﴾[هود: 48]، فجعل أهل بقية الحق والبركات - التي يعتصم بها الناس بعد نوح - من ذريته، وقال اللّه تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوْحاً وَإِبْرَاهِيْمَ وَجَعَلْنَا فِيْ ذُريتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيْرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُوْنَ﴾[الحديد: 26] وقال لإبراهيم عليه السلام: ﴿رَحْمَةُ اللّه وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إَنَهُ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ﴾[هود: 73]. فهذه البركة التي جعلها اللّه في ذريتهما.
وإنما أنبأكم اللّه جل ثناؤه بأنه جعل الكتابَ حيث جَعَلَ النُّبُوة، فقال لنبيكم صلى اللّه عليه وآله وسلم: ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيْداً بَيْنِيْ وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ﴾[الرعد: 43].
فليس كتابٌ إلا وله أهلٌ هم أعلم الناس به، ضل منهم من ضل واهتدى من اهتدى.
ثم بعث اللّه تبارك وتعالى إبراهيم صلى اللّه عليه، وبينه وبين نوح صلى اللّه عليه ماشاء اللّه من القرون، فجعل اللّه بقية الحق في ذريته وشيعته، فقال: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوْحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيْبُوْنَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيْمِ﴾[الصافات:75 -76]، ثم قال: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيْعَتِهِ لإِبْرَاهِيْمُ﴾[الصافات:83]، ثم اصطفاه اللّه كما اصطفى نوحاً.
ثم أكرم اللّه إبراهيم إذا جعل بقية الحق في أهله فقال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ لأَبِيْهِ وَقَوْمِهِ إِنَنِيْ بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُوْنَ إِلاَّ الَّذِيْ فَطَرَنِيْ فَإِنَّهُ سَيَهْدِيْنِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِيْ عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾[الزخرف: 26 - 28]، والعقبُ: الذرية، فقال: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ﴾[الزخرف: 28]، فلم يرجع أحد من الأمم إلى الحق بعد إبراهيم صلى اللّه عليه - حين ضلوا بعد أنبيائهم - إلا بذرية إبراهيم، [فـ]هي كلمة الحق التي جعلها اللّه باقية في عقبة.
وقال لنبيكم: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا فِيْ قُلُوْبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللّه سَكِيْنَتَةُ عَلَى رَسُوْلِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِيْنَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوْا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْماً﴾[الفتح: 26] وقال: ﴿أَلَمْ تَرَكَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةً أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِيْ السَّمَاءِ تُؤْتِيْ أُكُلَهَا كُلَّ حِيْنٍ بِإِذْنِ ربهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلْنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُوْنَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيْثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيْثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَالَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِيْنَ آمَنُوْا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِيْ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفَيْ الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِيْنَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾[إبراهيم: 24 - 27]، وقال: ﴿ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِيْ التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِيْ الإِنْجِيْلِ﴾[الفتح: 29]، فقد ضرب اللّه لكم الأمثال في التوراة والإنجيل وفي كتابكم، فكانت ذرية إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.
فأما بنو إسحاق فقد قص اللّه عليكم نبأهم لتتعظوا بذكرهم، وهما هاتان الطائفتان اللتان ذكر اللّه في الكتاب فقال: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوْهُ وَاتَّقُوْا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُوْنَ أَنْ تَقُوْلُوْا إِنَّما أُنْزِلَ الكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِيْنَ﴾[الأنعام: 155 - 156].
فأما بنو إسماعيل فهم أمِّيون لم يكن لهم كتابٌ، ولم يُبْعَثْ فيهم غيرُ محمدٍ صلى اللّه عليه وآله وسلم، فبعثه اللّه على ملة إبراهيم صلى اللّه عليه ونَسَبَهُ إلى إبراهيم وجعله أولى الناس به حين بعثه ، وبينه وبين إبراهيم ما شاء اللّه من القرون، فقال: ﴿إَنَّ أَوْلَىْ النَّاسِ بِإِبْرَاهِيْمَ لَلَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِيْنَ﴾[آل عمران: 68].
فانظروا من بقية أهل الحق من القرون، فإن اللّه تبارك وتعالى قال لنوح صلى اللّه عليه وسلم: ﴿وَجَعَلَنَا ذُريتَهُ هُمْ الباَقِيْنَ﴾[الصافات: 77]. وقال لبني إسرائيل: ﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوْسَى وَآلُ هَارُوْنَ﴾[البقرة: 248].
فالتمسوا الفضل من قريش حيث جعله اللّه، فبقية الحق منهم، فإن اللّه جل ثناؤه يقول: ﴿اللّه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾[الأنعام: 124]، فإن كان اللّه ذَهَبَ بنبينا وجعله خاتم النبيين، فإن فيكم أهل وذُرِيَّتَهُ معتصمين بكتاب اللّه.
(وقد) سمى لنبيكم صلى اللّه عليه وآله وسلم أهلاً حيث سمى للذين نبأهم أهلا، قال اللّه عز وجل: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾[طه: 132]، فهم أهله كما جعل للأنبياء أهلا، فاتَّبَعُوه وأطاعوهُ فيما اخْتَصَّهم به من المواعظ على لسان نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ثم قال عز وجل: ﴿قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِيْ القُربى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيْهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُوْرٌ شَكُوْرٌ﴾[الشورى: 23]، وقال: ﴿وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ﴾[الإسراء: 26]، فنحن ذوو قرباه دون الناس، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُريدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وُيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً﴾[الأحزاب: 33].
صورة

عمار بن ياسر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 35
اشترك في: الثلاثاء نوفمبر 28, 2006 11:08 am

مشاركة بواسطة عمار بن ياسر »

سيدي: إن البعض؛ يزعم أن هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُريدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وُيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً﴾ نزلت في أزواج النبي خاصة؟



....انظر في القرآن فإن كان إنما جعل أهل الأنبياء أزواجهم في الكتاب الذي أنزله عليهم فصدقوه، وإن كان سَمَّى للأنبياء أهلا سوى أزواجهم فهذه الجهالة بأمر اللّه؟ أرأيت نوحاً ولوطاً عليهما السلام حيث أمرا بترك امرأتيهما، أليس قد كان أهلُهما سواهما؟ قال عز وجل لنوح: ﴿احْمِلْ فِيْهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ مِنْهُمْ﴾[هود: 40].
وقال: ﴿وَإِنَّ لُوْطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِيْنَ إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِيْنَ إِلاَّ عَجُوْزاً فِيْ الغَابِرينَ﴾[الصافات: 133 - 135].
وقال ليوسف(ص): ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيْكَ ربكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيْلِ الأَحَادِيْثِ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوْبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ﴾[يوسف: 6]، أفترى أن آل يعقوب إلا النساء؟ ثم قال: ﴿سَلاَمٌ عَلَى آَلِ يَاسِيْنَ﴾[الصافات: 130].
وقال لإسماعيل (ص): ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ﴾[مريم: 55].
وقال تعالى - في الصفوة -: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وُنُوْحاً وَآلَ إِبْرَاهِيْمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِيْنَ﴾[آل عمران: 33].
وقال:﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ﴾[هود:73].
أفترى أن اللّه تبارك وتعالى أراد بهذه الصفوة، وما ذكر من أهل الأنبياء نساءهم، أم رأيت موسى صلى اللّه عليه حين يقول: ﴿وَاجْعَلْ لِيْ وَزِيْراً مِنْ أَهْلِي﴾[طه: 29] أهله الذي سأل منهم الوزير أزواجه؟!
أرأيت إذ يقول لقوم صالح صلى اللّه عليه: ﴿قَالُوْا تَقَاسَمُوْا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُوْلَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُوْنَ﴾[النمل: 49]؟ أليس ترى أن له أهلا وأن له ولياً دون قومه؟ وقال زكريا صلى اللّه عليه: ﴿فَهَبْ لِيْ مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِيْ وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوْبَ وَاجْعَلْهُ ربْ رَضِيّاً﴾[مريم: 5 - 6]، أفلا ترى أن للأنبياء أولياء دون قومهم؟ أفلا ترى أن الأنبياء قَبْلَ محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم أوتوا أهلا فما أهل الأنبياء بأعدائهم، وما أعداء الأنبياء بأهليهم.
فانظروا في أهل نبيكم ومن كان أهل العداوة من قومه، قال اللّه عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِيْنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوْحِيْ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوْراً وَلَوْ شَاءَ ربكَ مَا فَعَلُوْهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُوْنَ﴾[الأنعام:112]، أرأيت حيث يقول: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِيْنَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيْلاً﴾[الأحزاب: 28].
وقال: ﴿عَسَى ربهُ إِنْ طَلَقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً﴾[التحريم: 5]؟ أرأيت لو طلقهن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، ما كان له أهل بيت من أهله وذريته؟ سبحان اللّه العظيم!! إنما يقول جل ثناؤه لهن: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِيْ بُيُوْتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيْفاً خَبِيْراً﴾[الأحزاب: 5].
وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا لاَ تَدْخُلُوْا بُيُوْتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرينَ إِنَاهُ﴾[الأحزاب: 53]، إنما يريد اللّه جل شأنه بهذه الآيات المسكن من البيوت.
وأما الآية التي ذكر اللّه فيها التطهير فإنما هو بيت النبي صلى اللّه عليه أهله وذريته، وإنما قال: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْراً﴾[الأحزاب: 33] ولم يقل إنما يريد اللّه ليذهب عنكنَّ الرِّجْسَ، ثم قال: ﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ﴾[الأحزاب: 23] فلم يُفَضِّلهن على أحد من النساء بآبائهن، ولا بأمهاتهن، ولا بعشيرتهن، ولكن إنما جعل اللّه الفضل لهن لمكانتهن من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، فكيف لا يكون لأهل بيته الفضل على بيوت المسلمين، ولورثته على ورثتهم، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم هو جدنا، وابن عمه المهاجر معه أبونا، وابنته أمنا، وزوجه أفضل أزواجه جدتنا، فمن أهل الأنبياء إلا من نزل بمنزلتنا من نبينا صلى اللّه عليه وآله.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم من بعده لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) .......نحن والله ذرية النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وأهل بيته، مُتَّبِعُوْنَ له، معتصمون بالكتاب الذي جاء به، نُحَرِّمُ حَرَامَهُ ونُحِلُّ حلاله، ونُصَدِّقُ به، ونعلم منه أفضل مما يعلم الناس من تلاوته، ونؤمن من تأويله بما يعلم الناس منه وما يجهلون،


سيدي: كيف هذا و" آل محمد" يختلفون ؛والأمر واحد؛ كما تقولون؟



...إن دَاوُد وسليمان اختلفا﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِيْ الحَرْثِ﴾[الأنبياء:78] وقد قال اللّه تبارك وتعالى: ﴿وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمَاً وَعِلْماً﴾ [الأنبياء: 79]، أفيجوز أن نردَّ قول اللّه عزوجل، فنقول: إن داود حكم بغير الحقِّ، أو أخطأ؟
فاختلافنا لكم رحمة، فإذا نحن أجمعنا على أمرٍ لم يكن للناس أن يَعْدوه.
فآل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم في الناس رجلان: رجل عالِمٌ بما تحتاج إليه الأمة من دينها، دَعَا إلى كتاب اللّه وسُنَّة نبيِّه، ومجاهدة من استحلَّ حرام اللّه، وحرَّم حلاله، فعلى الناس نُصرتُه، ومؤازرته، والجهادُ معه، حتى تفيء الباغية إلى اللّه، أو تلحق روحُه وأرواحهم بالجنَّة، قال اللّه عز وجل:﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىْ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرْ وَمَابَدَّلُوْا تَبْدِيْلا﴾[الأحزاب:23].
وقال: ﴿فَأيَّدْنَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا عَلَىْ عَدُوِّهِمْ فَأصْبَحُوْا ظَاهِرينَ﴾ [الصف: 14].
ورجل بضعةٌ من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، استنصر من مظلمة فقُتِل، أو حُبِس، أو ضُرِب، أو استحلت حرمته، فعلى الأمة إجابته ونصرته ومؤازرَتُه حتى يمنعوه أو تفنى رُوحُه وأرواحهم، فيكونُ كمَنْ نصر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في حياته ووفاته، ونَصْرُ أهلِ بيته بعد وفاته كنُصرتِه، فإنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قد أخذ عليهم أن يمنعوه وذريَّته من بعده مما يمنعون منه أنفسهم وذرا ريهم.
فأهل هذا البيت البقيةُ بعد الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم والدُّعاة إلى اللّه؛ لأنه قد جعلهم مع نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم في السَّبق والتطهير والعلم، وأنهم الدعاة إلى اللّه بعد رسوله.......(ف)انه لاتكون هداة الامه الامنهم فلا يصرفك عنهم الجاهلون ولا يزهدك فيهم الذين لايعلمون وإذا رأيت الرجل منصرفا عن هدينا زاهدا في علمنا راغبا عن مودتنا فقد ضل ولاشك عن الحق وهو من المبطلين الضالين وإذا ضل الناس عن الحق لم تكن الهداة الامنا.
سيدي: إننا في عصر؛ قد كثر فيه المحدثين في الدين ؛وقد مضوا على الإحداث فيه؛ واتخذوه سنة ومنهج......وقد شهد لهم بعض من يدعي العلم جهلا ً؟
من شهد للمُحْدِثين في دين اللّه تعالى أنهم من أهل الحق، وهو لا يعلم ذلك، فقد تهوك في الباطل، واتبع هواه بغير هداية من اللّه. ولو علمهم مبطلين فشهد أنهم كانوا محقين، تمرداً وعتواً، كان في النار أشدَ عذاباً من الشاهد الذي لا يعلم، فإن اللّه عز وجل قد قال في هؤلاء: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِيْنَ اتَّبِعُوْا مِنْ الَّذِيْنَ اتَّبَعُوْا وَرَأَوُا العَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابَ﴾ [البقرة: 166]، وقال اللّه سبحانه: ﴿الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌ إِلاَّ المُتَقِيْنَ﴾ [الزخرف: 67]. فقد حذر اللّه تعالى بقوله: ﴿قَالُوْا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلَّونَا﴾ [الأحزاب: 67]، فهذا كله تحذير، يقولون: قومنا عاندوا اللّه، واتبعوا أهل الجور.
فإياكم والآثار، وأفاعيل أئمة أهل الضلال، فلا تكونوا من المتصلين بالمقارنة، فأئمة الضلالة سامرية، قالوا: لا جهاد في الدين، وخذلوا أهل الحق عند عصمة أمرهم، وفارقوا القرآن. وناكثةٌ نكثوا عن إمام الهدى، وحاربوا اللّه بمعصيته. وحرورية مارقة، مرقوا من الدين. [و] قاسطون، نسوا اللّه فنسيهم، فهؤلاء خلف لهم في زمنك، يجب البراء منهم فَابَرأ منهم،



سيدي : لقد كثر الكذابون ؛وقد كثر من ينسبون إليكم كلاماً؛ فيه الكلام الذي قد يخالف ما عليه أهل بيتك؛ أو مالا يستقيم مع ما قد ثبت عنكم؟


إن الظن لا يغني من الحق شيئاً، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿إِلا مَنْ شَهِدَ بالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُوْنَ﴾[الزخرف: 68] ، فمن جاءك عني بأمر أنكره قَلَبُك، وكان مبايناً لما عهدته مِنِّي، ولم تفقهه عَنِّي، ولم تره في كتاب اللّه عز وجل جائزاً، فأنا منه برئ، وإن رأيت ذلك في كتاب اللّه عز وجل جائزاً، وللحق مُمَاثِلاً، وعهدت مثله ونظيره مني، ورأيته أشبه بما عهدته عني، وكان أولى بي في التحقيق، فأقبله فأن الحق من أهله ابتدأ وإلى أهله يرجع.


سيدي: إني اقرأ القران؛ ولكن لا أجد أثرا يظهر عليّ!! فكيف أقرأه وأتمسك به؟


...إنك لن تتلو القرآن حق تلاوته حتى تعرف الذي حَرَّفَه، ولن تمسك بالكتاب حتى تعرف الذي نقضه، ولن تعرف الهدى حتى تعرف الضلالة، ولن تعرف التقى حتى تعرف الذي تعدى، فإذا عرفت البدعة في الدين والتكليف، وعرفت الفرية على اللّه والتحريف، رأيت كيف هدى من هدى.
واعلم يا قارىء القرآن أن القرآن ليس يعرفه إلا من ذاقه، فأبصر به عَماه، وأسمع به صَمَمَه وحيي به بعد إذ مات، ونجي به من الشبهات.
واعلم يا قارىء القرآن، أن العهد بالرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم قد طال، فلم يبق من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، ولا من الإيمان إلا ذِكْرُه، وأن اللّه تعالى لم يجعل ما قسم بيننا نهباً، ولا ليغلب قويُنا ضعيفَنا، ولا كثيرُنا قليلَنا، بل قسم علينا برحمته الأقسام والعطيات. فَمَن أَجْرَء على اللّه تعالىممن زعم أن له أقساماً بين العباد سواى ما حكم به في الكتاب، فلو كانت الأحكام كما حكم به أهل الجور والآثام، لما كان بيننا اختلاف، ولا استعدينا إلى الحكام، كما لا يستعدي بعضنا على بعض في اللحى والألوان، ولا في تمام الخلق والنقصان.
وقديماً اتخذت الجبابرة دين اللّه دغلا، وعباده خولا، وماله دُولا، فاستحلوا الخمر بالنبيذ، والمكس بالزكاة، والسحت بالهدية، يجبونها من سخط اللّه، وينفقونها في معاصي اللّه، ووجدوا على ذلك من خونة أهل العلم والتجار والزراع والصناع والمستأكلين بالدين أعواناً، فبتلك الأعوان خَطَبَتْ أئمة الجور على المنابر، وبتلك الأعوان قامت راية الفسق في العشاير، وبتلك الأعوان أخيف العالم فلا ينطق، ولا يتَّعظ لذلك الجاهل فيسأل، وبتلك الأعوان مشى المؤمن في طبقاتهم بالتَّقية والكتمان، فهو كاليتيم المفرد يستذله من لا يتق اللّه سبحانه.


سيدي: فبماذا تنصحون به أنا ؛و إخواني من المؤمنين والمؤمنات؟

لا تظلموا فتمقتوا، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان يسلم لكم دينكم، ويحسن القالة فيكم، والكتاب ناطق، والرسول صادق، والحق أبلج، والسبيل منهج، ولكل في الحق سعة، ومن حاربنا حاربناه، ومن سلمانا سلمناه،(ف)حقٌ لمن أمر بالمعروف أن يجتنب المنكر؛ ولمن سلك سبيل العدل أن يصبر على مرارة الحق ؛(ف)كل نفس تسموا إلى مناها.......(واعلم أن) الناس عندنا كلهم آمنون، إلا رجلا نصب نفسه لنا، أو رجلا أعان علينا بماله أو شتمنا، ولو شئت قلت: أو رجلا قال فينا، أو نال من أعراضنا، ولكن حسب كل امرئ ما اكتسب، وسيكفي اللّه الظالمين.




ما إن وصلنا في الحديث مع الإمام زيد بن علي (ع) إلى هذا الحد؛ حتى كان قد أحضر الطعام لي ؛فأكلت وشربت؛ وكان قد أمر الإمام بان يمهدوا لي مرقدا وثيرا ؛فقد جاء الليل.......فأخذت مكاني الذي أوعد لي ؛فنمت نوما هادئاً مطمئناً؛لا تروعني فيه خواطر الموت ؛ولا وساوس الهلاك.



فلم أستيقظ إلا على صوت المؤذن وهو ينادي للصلاة......فإذا إنا لازلت في منزلي في مكاني وفي يدي الكتاب ...أخذت نفسي وقمت متجهاً صوب المسجد كي أحضر إحياء ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي (ع).




تلك هي الصحبة التي صحبتهم وأحببت أن أكون منهم لولا أن لله سنة لا تتبدل وشأناً لا تتحول.
صورة

علي الحضرمي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 1036
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am

مشاركة بواسطة علي الحضرمي »

لله درك .. لي عودة أكيدة

الثائر
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 111
اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 8:25 pm
مكان: اليمن

مشاركة بواسطة الثائر »

جميل جداً أخي(عمار) :D
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأدب“