بحث فى الفتن و الملاحم
بحث فى الفتن و الملاحم
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الدكتور زكريا المحرمي في كتابه (قراءة في جدلية الرواية والدراية ) في باب الفتن والملاحم الخرافة والأسطورة:
( نتيجة لسيادة فكر أهل الحديث الهرمسي في الأمة الإسلامية التي امتزج فكر الإسلام الصافي لدى بعض طوائفها برواسب موروثاتها الثقافية القديمة، ونتيجة لتبني السلطة لفكر الإرجاء انتشرت في الأمة أفكار وخرافات أسطورية تتحدث عن أحداث ستقع قبل يوم القيامة، وأن تلك الأحداث هي من علامات الساعة، كنزول المسيح، وظهور الدجال والمهدي وغيرها، هذه الأفكار التي انتقلت إلينا من أصحاب الملل والنحل الوثنية -كما سنأكده لاحقاً- أصابت كيان الأمة الإسلامية في مقتل، حيث قتلت فيها روح العمل والجهاد، فانقلب حال الأمة من العمل والجدّ والجهاد الإيحابي إلى حال الكسل والتواكل والإنتظار السلبي، كل ذلك اعتماداً على الروايات الأسطورية التي تزعم سيادة الكفر على الإيمان وانتصار الشر على الخير إلى آخر الزمان حيث ينزل المسيح ويظهر المهدي ليقاتلوا الدجال زعيم الشر.
هذه هي الحقيقة المرة التي أقرّ بها المحدث أبو غُدّة قائلاً "هناك فكرة شائعة لدى عدد من عوام المسلمين، وهي أنهم يتخذون من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه العلامات متكأً لهم في ترك العمل الجدّي إلى إعادة الحياة الإسلامية الصحيحة، وقد ربطوا بعلامات الساعة أمراً لا صلة له بها، وهو أن العمل الآن لا يجدي، لأنه لا بد أن يزداد الفساد، وينتشر الضلال، وتأتي الخوارق التي تتقدم الساعة، من ظهور المهدي ونزول عيسى عليه السلام ، وحينئذ يعود الإسلام، وينتصر الدين، وينتشر الحق، ويقوى أهله، ويسود الحكم بالإسلام على وجهه، فلا جدوى الآن من مقاومة الباطل وأهله مهما حاول الإنسان المسلم.
وهذه الفكرة الضالة الخبيثة، وقد تكون دخيلة على المسلمين بمخارز أعدائهم الناعمة أسقطت السعي الجدّي الواجب، والوعي الإسلامي الصحيح عند هؤلاء الجاهلين ومن يدور في فلكهم من المسلمين الين، فقد أثرت فيهم تأثيراً سلبياً، وأحبطت منهم العمل الجدّي والسعي المتواصل لإعادة الحياة الإسلامية. وكثيراً ما خدع هؤلاء الجاهلون الأغرار من المسلمين أشباههم، بقولهم لهم: إن العالم قد اقترب من نهايته، وأن الأحاديث النبوية تدل على استمرار التدهور في شأن الإسلام والمسلمين، ولما كان الأمر هكذا، كان لا جدوى من السعي لعمل شيء في وقف هذا التيار الفاسد، ومنع هذا الانحدار، إذ هو أمر قدّره الله تعالى، وبلّغه رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا بد أنه واقع، فما علينا إلا التسليم والسكون"( 1).
____________
(1) عبد الفتّاح أبو غُدّة في تقديمه لكتاب "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" لمحمد الكشميري ص (و-ز).
حاول أبو غُدّة معالجة هذه المشكلة التي خلفها الركام الروائي لأهل الحديث، بيد أن محاولته لم تخرج عن إطار منهج المحدّثين، فهو يقول: "ولو كانت هذه الفكرة صحيحة سليمة ثابتة لما كان الجهد والجهاد من السلف في دفع كل زيغ وانحراف"!، هكذا وبكل براءة وعفوية يريد المحدّث أبو غُدّة من الذين طمرت عقولهم روايات أهل الحديث أن لا يستسلموا لبريقها وجاذبيتها الذي يخدّر العقول فيجعلها تعيش في وهم الخرافات والأساطير، ليس لأن تلك الروايات مخالفة لنصوص الكتاب العزيز، ولا لإنها تصف الإسلام بالخرافة والأسطورية والغنوص الميثولوجي، لا!!، بل لأن السلف لم يفكر هذا التفكير!.
ولو كان السلف المقصود هم الصحابة والتابعون وتابعوهم ممن لم يَنقَد لفكر السلطة الخرافي فهو محق، وإن كان يقصد بالسلف أئمة أهل الحديث فهم أشد الناس تواكلاً وتثبيطاً للناس من التحرر ضد أغلال السلطة الحاكمة، ولا أدّل على ذلك من الروايات الانهزامية التي تأمر بالتخاذل والهوان كالقول المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم "إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"( 1)، وأنه صلى الله عليه وسلم حين سُأل: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ قال: "اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم"(2 ).
_______________
(1) مسلم [4779]48-(1845).
(2) مسلم [4782]49-(1846)، و[4783]50.
يقول الدكتور زكريا المحرمي في كتابه (قراءة في جدلية الرواية والدراية ) في باب الفتن والملاحم الخرافة والأسطورة:
( نتيجة لسيادة فكر أهل الحديث الهرمسي في الأمة الإسلامية التي امتزج فكر الإسلام الصافي لدى بعض طوائفها برواسب موروثاتها الثقافية القديمة، ونتيجة لتبني السلطة لفكر الإرجاء انتشرت في الأمة أفكار وخرافات أسطورية تتحدث عن أحداث ستقع قبل يوم القيامة، وأن تلك الأحداث هي من علامات الساعة، كنزول المسيح، وظهور الدجال والمهدي وغيرها، هذه الأفكار التي انتقلت إلينا من أصحاب الملل والنحل الوثنية -كما سنأكده لاحقاً- أصابت كيان الأمة الإسلامية في مقتل، حيث قتلت فيها روح العمل والجهاد، فانقلب حال الأمة من العمل والجدّ والجهاد الإيحابي إلى حال الكسل والتواكل والإنتظار السلبي، كل ذلك اعتماداً على الروايات الأسطورية التي تزعم سيادة الكفر على الإيمان وانتصار الشر على الخير إلى آخر الزمان حيث ينزل المسيح ويظهر المهدي ليقاتلوا الدجال زعيم الشر.
هذه هي الحقيقة المرة التي أقرّ بها المحدث أبو غُدّة قائلاً "هناك فكرة شائعة لدى عدد من عوام المسلمين، وهي أنهم يتخذون من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه العلامات متكأً لهم في ترك العمل الجدّي إلى إعادة الحياة الإسلامية الصحيحة، وقد ربطوا بعلامات الساعة أمراً لا صلة له بها، وهو أن العمل الآن لا يجدي، لأنه لا بد أن يزداد الفساد، وينتشر الضلال، وتأتي الخوارق التي تتقدم الساعة، من ظهور المهدي ونزول عيسى عليه السلام ، وحينئذ يعود الإسلام، وينتصر الدين، وينتشر الحق، ويقوى أهله، ويسود الحكم بالإسلام على وجهه، فلا جدوى الآن من مقاومة الباطل وأهله مهما حاول الإنسان المسلم.
وهذه الفكرة الضالة الخبيثة، وقد تكون دخيلة على المسلمين بمخارز أعدائهم الناعمة أسقطت السعي الجدّي الواجب، والوعي الإسلامي الصحيح عند هؤلاء الجاهلين ومن يدور في فلكهم من المسلمين الين، فقد أثرت فيهم تأثيراً سلبياً، وأحبطت منهم العمل الجدّي والسعي المتواصل لإعادة الحياة الإسلامية. وكثيراً ما خدع هؤلاء الجاهلون الأغرار من المسلمين أشباههم، بقولهم لهم: إن العالم قد اقترب من نهايته، وأن الأحاديث النبوية تدل على استمرار التدهور في شأن الإسلام والمسلمين، ولما كان الأمر هكذا، كان لا جدوى من السعي لعمل شيء في وقف هذا التيار الفاسد، ومنع هذا الانحدار، إذ هو أمر قدّره الله تعالى، وبلّغه رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا بد أنه واقع، فما علينا إلا التسليم والسكون"( 1).
____________
(1) عبد الفتّاح أبو غُدّة في تقديمه لكتاب "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" لمحمد الكشميري ص (و-ز).
حاول أبو غُدّة معالجة هذه المشكلة التي خلفها الركام الروائي لأهل الحديث، بيد أن محاولته لم تخرج عن إطار منهج المحدّثين، فهو يقول: "ولو كانت هذه الفكرة صحيحة سليمة ثابتة لما كان الجهد والجهاد من السلف في دفع كل زيغ وانحراف"!، هكذا وبكل براءة وعفوية يريد المحدّث أبو غُدّة من الذين طمرت عقولهم روايات أهل الحديث أن لا يستسلموا لبريقها وجاذبيتها الذي يخدّر العقول فيجعلها تعيش في وهم الخرافات والأساطير، ليس لأن تلك الروايات مخالفة لنصوص الكتاب العزيز، ولا لإنها تصف الإسلام بالخرافة والأسطورية والغنوص الميثولوجي، لا!!، بل لأن السلف لم يفكر هذا التفكير!.
ولو كان السلف المقصود هم الصحابة والتابعون وتابعوهم ممن لم يَنقَد لفكر السلطة الخرافي فهو محق، وإن كان يقصد بالسلف أئمة أهل الحديث فهم أشد الناس تواكلاً وتثبيطاً للناس من التحرر ضد أغلال السلطة الحاكمة، ولا أدّل على ذلك من الروايات الانهزامية التي تأمر بالتخاذل والهوان كالقول المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم "إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"( 1)، وأنه صلى الله عليه وسلم حين سُأل: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ قال: "اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم"(2 ).
_______________
(1) مسلم [4779]48-(1845).
(2) مسلم [4782]49-(1846)، و[4783]50.
وهذه الخرافات الأسطورية التي تُعدّ في قاموس أهل الحديث من علامات الساعة التي يكفر منكرها، هي بلا ريب نقل نصي لخرافات وأساطير أهل الكتاب المدونة في كتبهم المقدسة "التوراة والإنجيل والتلمود"، وسوف نبين للقاريء الكريم بطلان هذه الروايات وتعارضها مع النصوص القطعية من الكتاب العزيز، وتعارضها مع الحس والعقل الإسلامي المستنير، بالإضافة إلى توثيق مصادرها من الكتب الإسرائيلية المحرّفة!.
من أمثلة تلك الروايات الأسطورية ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفه للدجال: "إنه شاب قطط عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزي بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالاً، يا عباد الله فأثبتوا. قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا. اقدروا له قدره ... فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ... ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ... فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ... فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ... فيرسل الله طيراً كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ... ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة"( 1).
وإذا حاولنا قراءة هذه الرواية وفق المنهج السليم سنجدها مخالفة للكثير من ضوابط المنهج الإسلامي الصحيح المستوحى من النصوص المحكمة:-
أولاً:
مخالفتها لمنهج القرآن الكريم حيث تتحدث عن يوم القيامة وتصفه بدقة رقمية، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الفترة الزمنية التي ستكون فيها، بينما يخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز أن يوم القيامة سيأتي بغتة وأن النبي صلى الله عليه وسلم مثله مثل بقية البشر لا يعلم شيئاً عن الزمان الذي ستكون فيه، يقول تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} الأعراف: 187.
ثانياً: هذه الروايات تعطي أرقاماً محددة عن أوقات تلك الفتن وأزمانها، ومن أمثلة ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأل كم سيلبث الدجال في الأرض. قال: "أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". بينما نجد أن القرآن الكريم لا يتعامل بنفس تلك الصورة الرقمية مع الأحداث التي يتنبأ بها، فالله تعالى حين بشر بنصر الدين لم يذكر الفترة الزمنية التي سيتم خلالها هذا النصر {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}التوبة: 33، وحين ربطت البشارة القرآنية بالتحديد الزمني جاء النص القرآني مع دقة التعبير معبراً عن فترة زمنية مفتوحة، حيث يقول تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ*فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ}الروم: 2-4.
ثالثاً:
أن هذه الروايات تتحدث عن انقلاب في القوانين والسنن الكونية قبل يوم القيامة، فالرواية السابقة مثلاً تتحدث عن تغير طول اليوم من أربع وعشرين ساعة إلى أسبوع، وشهر، وسنة، وهذا الطول في مدة اليوم يستلزم تباطؤاً في دوران الأرض حول محورها مما يؤدي بالضرورة إلى تجمّد الأرض، واختلال اتزانها، وانعدام الحياة فيها، ونفس الأمر يقال في الروايات التي رواها أبو هريرة وتدّعي طلوع الشمس من المغرب على أنها علامة من علامات الساعة( البخاري 4635، مسلم [396]248-(157).)، وذلك يعني دوران الأرض في اتجاه معاكس لما هي عليه الآن، مما يستلزم تباطؤ حركتها، ثم توقفها، وبعد ذلك بدء الحركة في الاتجاه المعاكس، وعملية التباطؤ وحدها كفيلة بإحداث انهيار كامل في مظاهر الحياة على سطح الأرض، فكيف بالتوقف، والحركة العكسية!.
والظاهر أن مختلقي مثل هذه الأساطير كانوا يجهلون كروية الأرض، ويفترضون مفاجأة الشمس لهم بخروجها من المغرب، ولم يتفطنوا أن الشمس قبل أن تظهر لهم من المغرب يستلزم توقفها عن الإشراق على البشر في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية!، هذا إذا افترضنا صمود الغلاف الجوي الارضي أمام هذا التغيير الفلكي الهائل. وهذه التغيرات الكونية المزعومة مخالفة قوله تعالى {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الفتح: 23.
رابعاً:
تلك الروايات محدودة الجغرافيا حيث تتحدث عن الأقاليم المرتبطة بتاريخ بني إسرائيل، فهي تتحدث عن دمشق، والعراق، وبيت المقدس، وطور سيناء، والقسطنطينية، وكأن أحداث البشرية ستظل مرتبطة بالجغرافيا المشكلة للخلفية المعرفية لمحرّفي التوراة والإنجيل.
خامساً:
تتحدث الروايات عن أسلحة بدائية (السيف، الرمح، الحربة ...)، وهي الأسلحة التي تشكل الخلفية المعرفية العسكرية لعصر التدوين، وهذه الأسلحة تعتبر بدائية جداً أمام أبسط أسلحة هذا العصر، فكيف بالعصور القادمة!. وهذا يتناقض مع الدقة الرقمية للزمان والمكان والشخصيات لأحداث تلك الروايات الأسطورية.
سادساً:
تتحدث الروايات عن فتح القسطنطينية في آخر الزمان حين يظهر الدجال، وينزل المسيح، وقد أفرد مسلم في صحيحه باباً أسماه"باب في فتح قسطنطينية، وخروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم" جاء فيه من طريق أبي هريرة: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ... فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون ... فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته"( مسلم [7278]34-(2897))، بينما فتحت القسطنطينية عام 1453م على يد المسلمين، ولم يحدث شيء من تلك الأحداث الملحمية إلى الآن!.
من أمثلة تلك الروايات الأسطورية ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفه للدجال: "إنه شاب قطط عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزي بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالاً، يا عباد الله فأثبتوا. قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا. اقدروا له قدره ... فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ... ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ... فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ... فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ... فيرسل الله طيراً كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ... ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة"( 1).
وإذا حاولنا قراءة هذه الرواية وفق المنهج السليم سنجدها مخالفة للكثير من ضوابط المنهج الإسلامي الصحيح المستوحى من النصوص المحكمة:-
أولاً:
مخالفتها لمنهج القرآن الكريم حيث تتحدث عن يوم القيامة وتصفه بدقة رقمية، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الفترة الزمنية التي ستكون فيها، بينما يخبرنا الله عز وجل في كتابه العزيز أن يوم القيامة سيأتي بغتة وأن النبي صلى الله عليه وسلم مثله مثل بقية البشر لا يعلم شيئاً عن الزمان الذي ستكون فيه، يقول تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} الأعراف: 187.
ثانياً: هذه الروايات تعطي أرقاماً محددة عن أوقات تلك الفتن وأزمانها، ومن أمثلة ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأل كم سيلبث الدجال في الأرض. قال: "أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم". بينما نجد أن القرآن الكريم لا يتعامل بنفس تلك الصورة الرقمية مع الأحداث التي يتنبأ بها، فالله تعالى حين بشر بنصر الدين لم يذكر الفترة الزمنية التي سيتم خلالها هذا النصر {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}التوبة: 33، وحين ربطت البشارة القرآنية بالتحديد الزمني جاء النص القرآني مع دقة التعبير معبراً عن فترة زمنية مفتوحة، حيث يقول تعالى: {غُلِبَتِ الرُّومُ*فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ}الروم: 2-4.
ثالثاً:
أن هذه الروايات تتحدث عن انقلاب في القوانين والسنن الكونية قبل يوم القيامة، فالرواية السابقة مثلاً تتحدث عن تغير طول اليوم من أربع وعشرين ساعة إلى أسبوع، وشهر، وسنة، وهذا الطول في مدة اليوم يستلزم تباطؤاً في دوران الأرض حول محورها مما يؤدي بالضرورة إلى تجمّد الأرض، واختلال اتزانها، وانعدام الحياة فيها، ونفس الأمر يقال في الروايات التي رواها أبو هريرة وتدّعي طلوع الشمس من المغرب على أنها علامة من علامات الساعة( البخاري 4635، مسلم [396]248-(157).)، وذلك يعني دوران الأرض في اتجاه معاكس لما هي عليه الآن، مما يستلزم تباطؤ حركتها، ثم توقفها، وبعد ذلك بدء الحركة في الاتجاه المعاكس، وعملية التباطؤ وحدها كفيلة بإحداث انهيار كامل في مظاهر الحياة على سطح الأرض، فكيف بالتوقف، والحركة العكسية!.
والظاهر أن مختلقي مثل هذه الأساطير كانوا يجهلون كروية الأرض، ويفترضون مفاجأة الشمس لهم بخروجها من المغرب، ولم يتفطنوا أن الشمس قبل أن تظهر لهم من المغرب يستلزم توقفها عن الإشراق على البشر في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية!، هذا إذا افترضنا صمود الغلاف الجوي الارضي أمام هذا التغيير الفلكي الهائل. وهذه التغيرات الكونية المزعومة مخالفة قوله تعالى {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الفتح: 23.
رابعاً:
تلك الروايات محدودة الجغرافيا حيث تتحدث عن الأقاليم المرتبطة بتاريخ بني إسرائيل، فهي تتحدث عن دمشق، والعراق، وبيت المقدس، وطور سيناء، والقسطنطينية، وكأن أحداث البشرية ستظل مرتبطة بالجغرافيا المشكلة للخلفية المعرفية لمحرّفي التوراة والإنجيل.
خامساً:
تتحدث الروايات عن أسلحة بدائية (السيف، الرمح، الحربة ...)، وهي الأسلحة التي تشكل الخلفية المعرفية العسكرية لعصر التدوين، وهذه الأسلحة تعتبر بدائية جداً أمام أبسط أسلحة هذا العصر، فكيف بالعصور القادمة!. وهذا يتناقض مع الدقة الرقمية للزمان والمكان والشخصيات لأحداث تلك الروايات الأسطورية.
سادساً:
تتحدث الروايات عن فتح القسطنطينية في آخر الزمان حين يظهر الدجال، وينزل المسيح، وقد أفرد مسلم في صحيحه باباً أسماه"باب في فتح قسطنطينية، وخروج الدجال، ونزول عيسى بن مريم" جاء فيه من طريق أبي هريرة: "لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ ... فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون ... فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فأمهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريهم دمه في حربته"( مسلم [7278]34-(2897))، بينما فتحت القسطنطينية عام 1453م على يد المسلمين، ولم يحدث شيء من تلك الأحداث الملحمية إلى الآن!.
سابعاً:
تتحدث الروايات عن تلك الأحداث الأسطورية على أنها أشراط للساعة بينما يظهر لمتدبر الكتاب العزيز أن أشراط الساعة قد ظهرت وتجلت. يقول تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}محمد: 18، وأهم هذه الأشراط هي بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يقول تعالى في حق موسى عليه السلام : {إِنَّ السَّاعَةَ أَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}طه: 15، ويقول عزّ وجل في حق عيسى عليه السلام : {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}الزخرف: 61، وقال تعالى في مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : {هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى* أَزِفَتْ الْآزِفَةُ}النجم: 56-57، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بعثت أنا والساعة كهاتين. وقرن بين السبابة والوسطى( البخاري 5301.).
ثامناً:
تصف هذه الروايات موعد يوم القيامة وصفاً دقيقاً، وتعطي أرقاماً وتفاصيلاً كثيرة حول تلك الفترة، ولا يحتاج المرء الذي يعيش تلك الأحادث إلى كثير جهد لمعرفة أنه في لحظات الدنيا الأخرى قبل قيام الساعة!، وهذا مخالف لعنصر المفاجأة الذي جعله الله تعالى في يوم القيامة، {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً}محمد: 18
تاسعاً:
معظم هذه الروايات آحادية، والكثير منها ضعيف الإسناد، ومعظمها جاءت من طريق أبي هريرة وغيره ممن تتلمذ على يدي كعب الأحبار
ولو عرضنا جميع روايات الفتن والملاحم على الضوابط السابقة لاستطعنا تنقية الشريعة الإسلامية من الكثير من الأدران التي ألصقها بها أهل الحديث، ولاستطعنا أن ننفخ في شباب الأمة روحاً إيجابية جديدة مليئة بالنشاط والتفاؤل وحب العمل، ولاستطاعت الأمة القيام مجدداً على رجليها، وأن تتخلص من الأثر المخدرلروايات أهل الحديث، ولاستطاعت أن تقود الأمم، وأن تحقق وعده تعالى بالتمكين {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}التوبة: 32-33.
تتحدث الروايات عن تلك الأحداث الأسطورية على أنها أشراط للساعة بينما يظهر لمتدبر الكتاب العزيز أن أشراط الساعة قد ظهرت وتجلت. يقول تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}محمد: 18، وأهم هذه الأشراط هي بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يقول تعالى في حق موسى عليه السلام : {إِنَّ السَّاعَةَ أَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}طه: 15، ويقول عزّ وجل في حق عيسى عليه السلام : {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}الزخرف: 61، وقال تعالى في مبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : {هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى* أَزِفَتْ الْآزِفَةُ}النجم: 56-57، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بعثت أنا والساعة كهاتين. وقرن بين السبابة والوسطى( البخاري 5301.).
ثامناً:
تصف هذه الروايات موعد يوم القيامة وصفاً دقيقاً، وتعطي أرقاماً وتفاصيلاً كثيرة حول تلك الفترة، ولا يحتاج المرء الذي يعيش تلك الأحادث إلى كثير جهد لمعرفة أنه في لحظات الدنيا الأخرى قبل قيام الساعة!، وهذا مخالف لعنصر المفاجأة الذي جعله الله تعالى في يوم القيامة، {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً}محمد: 18
تاسعاً:
معظم هذه الروايات آحادية، والكثير منها ضعيف الإسناد، ومعظمها جاءت من طريق أبي هريرة وغيره ممن تتلمذ على يدي كعب الأحبار
ولو عرضنا جميع روايات الفتن والملاحم على الضوابط السابقة لاستطعنا تنقية الشريعة الإسلامية من الكثير من الأدران التي ألصقها بها أهل الحديث، ولاستطعنا أن ننفخ في شباب الأمة روحاً إيجابية جديدة مليئة بالنشاط والتفاؤل وحب العمل، ولاستطاعت الأمة القيام مجدداً على رجليها، وأن تتخلص من الأثر المخدرلروايات أهل الحديث، ولاستطاعت أن تقود الأمم، وأن تحقق وعده تعالى بالتمكين {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}التوبة: 32-33.
نزول المسيح عليه السلام وعقيدة بولس:
عاش اليهود في مصر حياة بائسة ذليلة، عانوا خلالها من القهر والاستبداد، ولكن ما هو أهم في الحسابات القيمية هو حالة الهزيمة النفسية وحالة الاستسلام الفكري والتبعية الثقافية للحضارة الفرعونية، هذه التبعية تجسدت في الفطرة الوثنية التي جبل عليها الفكر اليهودي، فبعد أن تشربت قلوبهم بحب العجول والأبقار التي كانت تعتبر آلهة الخصب في مصر الفرعونية اتخذوا العجل إلهاً قبل أن تجف أقدامهم من عبور البحر مع موسى عليه السلام {وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}البقرة: 92-93
ولم يعتبر اليهود من الدرس، ولم يقدّروا توبة الله عليهم، فساخت أقدامهم في طريق الوثنية من جديد، فسلط الله عليهم فيالق نبوخذ نصر الملك البابلي {فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً}الإسراء: 5، فنهبوا الأموال، وسبوا النساء وأسروا الرجال ( سفر الملوك الثاني 24/8.).
وعلى عقيدة بعث العجل بمجرد أن يموت، وعلى عقيدة بنوة الملك الفرعوني آمين رع (Amen Ra) لإله الوجود آمين (Amen) "انطلق اليهود في آشور وفي بابل تحت سقف السبي، يبحثون عن هوية جديدة تُبعث عليها دولتهم لتضاهي (حخور) حاكمة السماء، وتكون كالروح الحية للأشجار كما تقول عقيدة الأبقار، وتحت سقف البحث عن هوية، وبعد سقوط دولة بابل وظهور دولة الفرس اتفق اليهود مع السومريين على إعادة كتابة التوراة في بابل، وشكل العلماء لجنة لهذا الغرض برئاسة (عزرا)، وقد جمعت هذه اللجنة معلومات من التاريخ القديم للمسيرة اليهودية، ومعلومات أرادوا إدخالها على النصوص الأصلية"( سعيد آيوب "ابتلاءات الأمم" ص76-110.)، فظهرت أسفار التوراة المحرفة التي اختلط فيه القبس الإلهي بالوضع الوثني.
وقع اليهود في قهر الدولة الرومانية عام 63 ق.م حتى عام 633 ق.م( سعيد آيوب "ابتلاءات الأمم" ص122.)، "إلا أنهم لم يكونوا لقمة سائغة للرومان بل كانوا كالشوكة في خاصرة الإمبراطورية الرومانية، كانوا في ترقب وانتظار لوصول المسيح الجديد (new messiah) ليطرد الرومان، كان الانتظار يثير حماس الناس المحلّيين، والمتعصبون اليهود كانوا يغتالون كل متعامل مع السلطات الرومانية، وعندما ظهر المسيح عيسى عليه السلام (Jesus) أو ابن الله كما يسميه الناس المحليون في هذا الوقت العصيب، انقلب اليهود ضده بسبب إنكاره للتعديلات الوثنية التي أوجدوها في التوراة، فألبوا عليه السلطة الحاكمة التي أرادت صلبه، إلا أن جهل الرومان بشخصية المسيح جعلتهم يصلبون رجلاً آخر وهو يهودي متعصب كان معارضاً للرومان، وقد أورد ماثيو في المخطوطات الأولى في الإصحاح 16: 27 اسم الرجل المصلوب كاملاً وهو (Jesus Barabbas) وبارباس تعني ابن الله!، فتم صلب اليهودي المتعصب بدل المسيح عليه السلام الذي اختفى عن انظار السلطة واليهود {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ} النساء: 157، إلا أنه قد تم في وقت متأخر حذف القسم الأول (Jesus) من اسم اليهودي المصلوب، وابقوا على القسم الثاني (Barabbas) الذي يعني ابن الله، ليخلوا لهم الجو لترسيخ عقيدتهم الوثنية"( Christopher Knight "The Hiram" page: 66.).
بعد اختفاء عيسى عليه السلام ظهر بولس (شاول) على الساحة، "نشأ بولوس في طرسوس حيث كان تمثال ضخم للإله اليوناني هراكليس (هرقل عند الرومان) يعرض خلال شوارع المدينة سنوياً، كان هراكيلس عند اليونان ابن الإله زوس zeus وكانوا يعبدونه لما يعتقدون فيه من جلب الحظ السعيد، ولكونه مخلّص المؤمنين، ففي الدراما الإغريقية الميثولوجية ألكستيس Alkestis كتابة الأديب يوريبيديس Euripides، ترد قصة نصف الإله هراكليس وهو يغامر بالنزول إلى عالم الموت لإنقاذ ألكستيس زوجة صديقه، فلابد أن بولس في طرسوس كان يشاهد سنوياً ومنذ نعومة أظفاره الجموع الهيستيرية التواقة لغسيل خطاياها، وهي تهتف لمخلصها نصف الإله هراكليس، حاملة تمثاله الضخم عبر شوارع المدينة، وأن بولس بعدما نشأ وترعرع في هذا الوسط الوثني اكتسب من القناعة والأمل أنه يمكن للبشر بكل ما فيهم من آثام أن يغسلوا خطاياهم بدم مخلّص ما، تماماً كما اعتقد الوثنيون في طرسوس أنهم يغسلون خطاياهم بدم الإله ميثراس، أو كما اعتقدوا أنه يمكن إنقاذهم من قبل نصف الإله هراكليس الذي نزل إلى عالم الموت لإنقاذ أرواح البشر ( محمد فاروق الزين "المسيحية والإسلام والاستشراق" ص137-138.).
كان بولس يهودياً متطرفاً كارهاً للنصارى، وهو يقرّ بذلك قائلاً: "إن اليهود جميعاً يعرفون نشأتي من البداية ... ليشهدوا أني كنت فريسياً أي تابعاً للمذهب الأكثر تشدداً في ديانتنا"( أعمال الرسل 26/5-7.).
بولس الذي امتزجت في لبّه وثنيات الفراعنة التي نقلها اليهود مع ميثولوجيات الأغريق أراد تطبيق أحلامه الوثنية على أتباع المسيح الذين يبغضهم بغضاً شديداً، وزعم بولوس أنه بينما كان متجهاً إلى دمشق لإلقاء القبض على بعض أتباع المسيح سمع صوتاً يقول له: "شاول. شاول. لماذا تضطهدني؟ فسأل: من أنت؟ فجاءه الجواب: أنا يسوع الذي تضطهده"( أعمال الرسل 9/3-7.)، وأنه قال له: "فقد ظهرت لك لأعيّنك خادماً لي، وشاهداً بهذه الرؤيا التي ترانا فيها الآن، وبالرؤى التي ستراني فيها بعد اليوم، وٍسأنقذك من عبك ومن الأمم التي أرسلها إليك الآن"( أعمال الرسل 26/15-17.)
ومن هذا النقطة بدأ بولس في تشويه الدين النصراني، وأول شيء فعله هو الادعاء بأن عيسى هو ابن الله، وأن روحه هي تجلي للإله في جسد بشر لتخليص البشرية من أخطائها، وقام بإلغاء الشريعة وقال: "إن المسيح حررنا بالفداء من لعنة الشريعة. إذ صار لعنة عوضاً عنا. لأنه قد كتب: ملعون كل من علق على خشبة"( غلاطية 3/13.).
لقد كانت الطبيعة الوثنية المتمكنة من شغاف قلوب بني إسرائيل كفيلة بتسهيل الأمر بالنسبة لبولس لبث فكرته "الفرعوإغريقية"، كما أن اختفاء المسيح المفاجيء بالنسبة للبسطاء من أتباعه دفعهم للاعتقاد بأنه رجع إلى السماء حيث يوجد أبوه "الإله الأب"، وأعيد كتابة الأناجيل بعد زمن وفق رؤية بولس القائلة بعروج عيسى في السماء، ومن تلك النصوص: "وأخرجهم خارجا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم، وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلي السماء، فسجدوا له ورجعوا إلي أورشليم بفرح عظيم، وكانوا كل حين في الهيكل يسبّحون ويباركون الله"( لوقا 24: 51-53.).
نص آخر اختلقته مخيلة بولوس وأتباعه: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض، ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم، وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض، وقالا: أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء، إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء"( أعمال الرسل 1: 8-11.).
وقد تسربت عقيدة بولس "الفرعوإغريقية" إلى المسلمين عن طريق كعب الأحبار وأمثاله من مسلمة أهل الكتاب، فقد جاء في كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد (ت 229هـ) ثلاثة أبواب في نزول عيسى عليه السلام وسيرته ومدة بقائه وقتاله الدجال، وأورد ابن حماد في هذه الفصول تسعاً وأربعين رواية، إحدى عشرة منها جاءت من طريق كعب الأحبار!، ورواية واحدة من طريق عبدالله بن سلام!، ورواية أخرى من طريق نوف البكالي!، وتسع روايات من طريق أبي هريرة!، وروايتان من طريق عبدالله بن عمرو بن العاص!، وهما ممن تتلمذ على يدي مسلمة أهل الكتاب كما أسلفنا في المقدمة، وهذا يؤكد نظرية تسرب هذه الفكرة إلى المجتمع الإسلامي من أسفار أهل الكتاب، ثم تلقفها بعض الصحابة الذين انبهروا بغرائب بني إسرائيل، ورفعها الرواة خطأً إلى الرسولصلى الله عليه وسلم .
يقول بسر بن سعيد: "اتقوا الله، وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة، فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "( الذهبي "سير أعلام النبلاء" ج2ص606. وقد أسهبنا في توضيح كيفية تغلغل الإسرائيليات من خلال بعض الصحابة المنبهرين بأخبار أهل الكتاب في المقدمة والفصل الأول من هذا الكتاب.).
ونتيجة لاستغلال كعب الأحبار وكتيبته للآيات المتشابهات والعبث بتأويلها عن طريق التفسير الهرمسي، وتحميلها ما لا تحتمل من معان انخدع الكثير من المسلمين بهذه الفكرة، ولأن هذه الفكرة توافق عقيدة العلّو الحسي التي ينتحلها أهل الحديث قام هؤلاء بتعليب الكثير من الروايات لترسيخ هذه الفكرة.
عاش اليهود في مصر حياة بائسة ذليلة، عانوا خلالها من القهر والاستبداد، ولكن ما هو أهم في الحسابات القيمية هو حالة الهزيمة النفسية وحالة الاستسلام الفكري والتبعية الثقافية للحضارة الفرعونية، هذه التبعية تجسدت في الفطرة الوثنية التي جبل عليها الفكر اليهودي، فبعد أن تشربت قلوبهم بحب العجول والأبقار التي كانت تعتبر آلهة الخصب في مصر الفرعونية اتخذوا العجل إلهاً قبل أن تجف أقدامهم من عبور البحر مع موسى عليه السلام {وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}البقرة: 92-93
ولم يعتبر اليهود من الدرس، ولم يقدّروا توبة الله عليهم، فساخت أقدامهم في طريق الوثنية من جديد، فسلط الله عليهم فيالق نبوخذ نصر الملك البابلي {فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً}الإسراء: 5، فنهبوا الأموال، وسبوا النساء وأسروا الرجال ( سفر الملوك الثاني 24/8.).
وعلى عقيدة بعث العجل بمجرد أن يموت، وعلى عقيدة بنوة الملك الفرعوني آمين رع (Amen Ra) لإله الوجود آمين (Amen) "انطلق اليهود في آشور وفي بابل تحت سقف السبي، يبحثون عن هوية جديدة تُبعث عليها دولتهم لتضاهي (حخور) حاكمة السماء، وتكون كالروح الحية للأشجار كما تقول عقيدة الأبقار، وتحت سقف البحث عن هوية، وبعد سقوط دولة بابل وظهور دولة الفرس اتفق اليهود مع السومريين على إعادة كتابة التوراة في بابل، وشكل العلماء لجنة لهذا الغرض برئاسة (عزرا)، وقد جمعت هذه اللجنة معلومات من التاريخ القديم للمسيرة اليهودية، ومعلومات أرادوا إدخالها على النصوص الأصلية"( سعيد آيوب "ابتلاءات الأمم" ص76-110.)، فظهرت أسفار التوراة المحرفة التي اختلط فيه القبس الإلهي بالوضع الوثني.
وقع اليهود في قهر الدولة الرومانية عام 63 ق.م حتى عام 633 ق.م( سعيد آيوب "ابتلاءات الأمم" ص122.)، "إلا أنهم لم يكونوا لقمة سائغة للرومان بل كانوا كالشوكة في خاصرة الإمبراطورية الرومانية، كانوا في ترقب وانتظار لوصول المسيح الجديد (new messiah) ليطرد الرومان، كان الانتظار يثير حماس الناس المحلّيين، والمتعصبون اليهود كانوا يغتالون كل متعامل مع السلطات الرومانية، وعندما ظهر المسيح عيسى عليه السلام (Jesus) أو ابن الله كما يسميه الناس المحليون في هذا الوقت العصيب، انقلب اليهود ضده بسبب إنكاره للتعديلات الوثنية التي أوجدوها في التوراة، فألبوا عليه السلطة الحاكمة التي أرادت صلبه، إلا أن جهل الرومان بشخصية المسيح جعلتهم يصلبون رجلاً آخر وهو يهودي متعصب كان معارضاً للرومان، وقد أورد ماثيو في المخطوطات الأولى في الإصحاح 16: 27 اسم الرجل المصلوب كاملاً وهو (Jesus Barabbas) وبارباس تعني ابن الله!، فتم صلب اليهودي المتعصب بدل المسيح عليه السلام الذي اختفى عن انظار السلطة واليهود {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ} النساء: 157، إلا أنه قد تم في وقت متأخر حذف القسم الأول (Jesus) من اسم اليهودي المصلوب، وابقوا على القسم الثاني (Barabbas) الذي يعني ابن الله، ليخلوا لهم الجو لترسيخ عقيدتهم الوثنية"( Christopher Knight "The Hiram" page: 66.).
بعد اختفاء عيسى عليه السلام ظهر بولس (شاول) على الساحة، "نشأ بولوس في طرسوس حيث كان تمثال ضخم للإله اليوناني هراكليس (هرقل عند الرومان) يعرض خلال شوارع المدينة سنوياً، كان هراكيلس عند اليونان ابن الإله زوس zeus وكانوا يعبدونه لما يعتقدون فيه من جلب الحظ السعيد، ولكونه مخلّص المؤمنين، ففي الدراما الإغريقية الميثولوجية ألكستيس Alkestis كتابة الأديب يوريبيديس Euripides، ترد قصة نصف الإله هراكليس وهو يغامر بالنزول إلى عالم الموت لإنقاذ ألكستيس زوجة صديقه، فلابد أن بولس في طرسوس كان يشاهد سنوياً ومنذ نعومة أظفاره الجموع الهيستيرية التواقة لغسيل خطاياها، وهي تهتف لمخلصها نصف الإله هراكليس، حاملة تمثاله الضخم عبر شوارع المدينة، وأن بولس بعدما نشأ وترعرع في هذا الوسط الوثني اكتسب من القناعة والأمل أنه يمكن للبشر بكل ما فيهم من آثام أن يغسلوا خطاياهم بدم مخلّص ما، تماماً كما اعتقد الوثنيون في طرسوس أنهم يغسلون خطاياهم بدم الإله ميثراس، أو كما اعتقدوا أنه يمكن إنقاذهم من قبل نصف الإله هراكليس الذي نزل إلى عالم الموت لإنقاذ أرواح البشر ( محمد فاروق الزين "المسيحية والإسلام والاستشراق" ص137-138.).
كان بولس يهودياً متطرفاً كارهاً للنصارى، وهو يقرّ بذلك قائلاً: "إن اليهود جميعاً يعرفون نشأتي من البداية ... ليشهدوا أني كنت فريسياً أي تابعاً للمذهب الأكثر تشدداً في ديانتنا"( أعمال الرسل 26/5-7.).
بولس الذي امتزجت في لبّه وثنيات الفراعنة التي نقلها اليهود مع ميثولوجيات الأغريق أراد تطبيق أحلامه الوثنية على أتباع المسيح الذين يبغضهم بغضاً شديداً، وزعم بولوس أنه بينما كان متجهاً إلى دمشق لإلقاء القبض على بعض أتباع المسيح سمع صوتاً يقول له: "شاول. شاول. لماذا تضطهدني؟ فسأل: من أنت؟ فجاءه الجواب: أنا يسوع الذي تضطهده"( أعمال الرسل 9/3-7.)، وأنه قال له: "فقد ظهرت لك لأعيّنك خادماً لي، وشاهداً بهذه الرؤيا التي ترانا فيها الآن، وبالرؤى التي ستراني فيها بعد اليوم، وٍسأنقذك من عبك ومن الأمم التي أرسلها إليك الآن"( أعمال الرسل 26/15-17.)
ومن هذا النقطة بدأ بولس في تشويه الدين النصراني، وأول شيء فعله هو الادعاء بأن عيسى هو ابن الله، وأن روحه هي تجلي للإله في جسد بشر لتخليص البشرية من أخطائها، وقام بإلغاء الشريعة وقال: "إن المسيح حررنا بالفداء من لعنة الشريعة. إذ صار لعنة عوضاً عنا. لأنه قد كتب: ملعون كل من علق على خشبة"( غلاطية 3/13.).
لقد كانت الطبيعة الوثنية المتمكنة من شغاف قلوب بني إسرائيل كفيلة بتسهيل الأمر بالنسبة لبولس لبث فكرته "الفرعوإغريقية"، كما أن اختفاء المسيح المفاجيء بالنسبة للبسطاء من أتباعه دفعهم للاعتقاد بأنه رجع إلى السماء حيث يوجد أبوه "الإله الأب"، وأعيد كتابة الأناجيل بعد زمن وفق رؤية بولس القائلة بعروج عيسى في السماء، ومن تلك النصوص: "وأخرجهم خارجا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم، وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلي السماء، فسجدوا له ورجعوا إلي أورشليم بفرح عظيم، وكانوا كل حين في الهيكل يسبّحون ويباركون الله"( لوقا 24: 51-53.).
نص آخر اختلقته مخيلة بولوس وأتباعه: "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى أقصى الأرض، ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون، وأخذته سحابة عن أعينهم، وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض، وقالا: أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء، إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء"( أعمال الرسل 1: 8-11.).
وقد تسربت عقيدة بولس "الفرعوإغريقية" إلى المسلمين عن طريق كعب الأحبار وأمثاله من مسلمة أهل الكتاب، فقد جاء في كتاب "الفتن" لنعيم بن حماد (ت 229هـ) ثلاثة أبواب في نزول عيسى عليه السلام وسيرته ومدة بقائه وقتاله الدجال، وأورد ابن حماد في هذه الفصول تسعاً وأربعين رواية، إحدى عشرة منها جاءت من طريق كعب الأحبار!، ورواية واحدة من طريق عبدالله بن سلام!، ورواية أخرى من طريق نوف البكالي!، وتسع روايات من طريق أبي هريرة!، وروايتان من طريق عبدالله بن عمرو بن العاص!، وهما ممن تتلمذ على يدي مسلمة أهل الكتاب كما أسلفنا في المقدمة، وهذا يؤكد نظرية تسرب هذه الفكرة إلى المجتمع الإسلامي من أسفار أهل الكتاب، ثم تلقفها بعض الصحابة الذين انبهروا بغرائب بني إسرائيل، ورفعها الرواة خطأً إلى الرسولصلى الله عليه وسلم .
يقول بسر بن سعيد: "اتقوا الله، وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة، فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب ثم يقوم، فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "( الذهبي "سير أعلام النبلاء" ج2ص606. وقد أسهبنا في توضيح كيفية تغلغل الإسرائيليات من خلال بعض الصحابة المنبهرين بأخبار أهل الكتاب في المقدمة والفصل الأول من هذا الكتاب.).
ونتيجة لاستغلال كعب الأحبار وكتيبته للآيات المتشابهات والعبث بتأويلها عن طريق التفسير الهرمسي، وتحميلها ما لا تحتمل من معان انخدع الكثير من المسلمين بهذه الفكرة، ولأن هذه الفكرة توافق عقيدة العلّو الحسي التي ينتحلها أهل الحديث قام هؤلاء بتعليب الكثير من الروايات لترسيخ هذه الفكرة.
لقد أكدّ الله تعالى على بطلان عقيدة بولس "الفرعوإغريقية"، وأكدّ على حقيقة وفاة المسيح عليه السلام بقوله: { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}آل عمران: 55. وفيها أيضاً يؤكد على أن من آمن بالمسيح عليه السلام سيكون لهم الغلبة على اليهود إلى يوم القيامة، وهذا ما حدث مع اعتماد قسطنطين الديانة النصرانية كديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية، ومن ثم مجيء الإسلام الذي رسخ عقيدة التوحيد التي جاء بها عيسى عليه السلام والأنبياء من قبله، وإلى وقتنا الحاضر يعيش اليهود في جماعات مشتتة في أصقاع العالم، ويأكد الله تعالى لنا حقيقة وفاة المسيح عن طريق إيراد إقرار المسيح عليه السلام بموته، وعدم معرفته ما الذي حدث بعد وفاته قائلاً: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} المائدة: 117.
وتعلق أهل الحديث بشبهة واهية لتفسير معنى الوفاة، فقالوا: إن المقصود بها هو النوم، واستدلوا لذلك بقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الأنعام: 60، وهم بذلك يغالطون أنفسهم، لأن الله تعالى يخبرنا في هذه الآية أنه هو من يتوفانا "يميتنا" بالليل، لأن الغالب على حالات الوفاة الطبيعة أنها تحدث بالليل بسبب السكون والراحة التي تقلل من الشحنات العصبية القادمة من الدماغ مما يؤدي إلى توقف عضلة القلب والرئة عن الحركة، وهذا معلوم من مشاهدات الناس لأكثر حالات الوفاة والتي تحصل غالباً في الليل، ويؤكد الله تعالى على هذا المعنى الواضح الصريح بقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الزمر: 42.
وقد تكرر مصطلح الوفاة بمعنى الموت خمسة عشرة مرة في القرآن الكريم، وهي جميعاً تعني الموت فقط لا غير. وهذا ما يؤكده الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي يقول: "والوفاة: المنية، وتُوّفَيَّ فلان، وتوفاه الله، إذا قبض نفسَهّ"( الخليل بن أحمد الفراهيدي "كتاب العين" ج3ص1972.).
ولم يذكر أن الوفاة يراد بها النوم، مما يؤكد على أن هذا المصطلح "الوفاة= النوم" مصطلح حادث، اخترعته عقلية أهل الحديث للدفاع عن عقيدة بولوس "الفرعوإغريقية".
أما الرفع في قوله تعالى {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، وقوله {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} النساء: 158، الذي أثار حوله أهل الحديث الكثير من الضجيج لتوجيه أوهام الناس إلى المعاني الهرمسية التي يؤمنون بها، فهي تعبير قرآني يراد به رفع المكانة، ومثال ذلك قوله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}الأعراف 176، ففي هذه الآية يخبرنا الله عن أحد الظالمين جاءته آيات الله البينات لكنه أعرض عنها واتبع هواه فكان من الخاسرين، وأنه لو أخذ بتلك الآيات لرفعه الله تعالى درجات عظيمة.
آية أخرى تؤكد معنى الرفع في القاموس القرآني هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة: 11، ولم نرى أحداً من المؤمنين يعلو في طبقات الفضاء!، مما يؤكد على أن الرفع المقصود هو رفع المكانة والمنزلة وليس رفع المكان والمنزل، وكذلك قوله تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الانشراح: 4، يجري نفس المجرى.
ومن الشواهد المؤكدة على أن الرفع يراد به رفع المكانة والمنزلة، وليس المكان والمنزل هو قوله تعالى في حق إدريس عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} مريم:56-57. فيتوجب عليهم أن يثبتوا أيضاً أن إدريس في السماء أيضاً!. وقد ذهب إلى ذلك بعضهم كما سنبينه في مناقشة قضية المعراج.
ومن بين المخالفات الصريحة في هذه الفكرة لنصوص الكتاب العزيز إدعاء خلود عيسى عليه السلام إلى آخر الزمان، والله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} الأنبياء 34. كذلك تعارض قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} الأنبياء: 7-8. التي تؤكد موت وفناء جميع الأنبياء الرسل ولا شك أن عيسى عليه السلام واحد منهم.
كما أن سنة الله في خلقه تستلزم وفاة البشر بعد سن معين، وبقاء عيسى عليه السلام هذه المدة يناقض تلك السنن التي أكدها الله تعالى بقوله: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الأحزاب: 62، وقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الفتح: 23.
وقد يحتج بعض الهرامسة بطول عمر نوح عليه السلام ، ولا حجة في ذلك، فقد كان في طول عمر نوح عليه السلام آية لقومه، ولكنهم مع ذلك كفروا بالله، وليس بناء السفينة بمعجزة لأن بناء السفن من مقدور البشر {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} القمر: 13، والمعجزة هي ما يعجز الإنسان عن الإتيان بمثله.
كما أن عصر المعجزات الحسية قد انتهى بنزول القرآن الكريم الذي حوّل المعجزة إلى سنة كونية وقانون إلهي لا يمكن اختراقه إلا باستخدام الأسباب، والدليل على ذلك أن المشركين حين طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بإنزال الآيات قال لهم {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} العنكبوت: 50-51، والرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذه الحقيقة فأخذ بأسباب النصر في بدر، وحين تخلى المسلمون عن تلك الأسباب في معركة أحد عاقبهم الله تعالى بإنزال الهزيمة عليهم، ليربيهم على الأخذ بالأسباب.
ولا يظنن المسلم أن نزول الملائكة ببدر كان معجزة لا تحصل لغير أهل بدر، وذلك أن دور الملائكة في بدر كان تثبيت المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين، يقول تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} الأنفال: 12. فتثبيت قلوب المؤمنين هي مهمة الملائكة، وضرب أعناق الكافرين هي مهمة المجاهدين، ولو كان الملائكة يحاربون بالسيوف كما يُزعَم، لما كانت لأهل بدر مزيّة، فكيف لاينتصرون على ألف مقاتل كافر وهم معهم خمسة آلاف مقاتل من الملائكة مدججين بالسيوف!، وكأن الملائكة يعيشون عصراً بدائياً لا يعرفون فيه المدافع والرشاشات والقنابل الذرية!، يقول تعالى مؤكداً على حقيقة مهمة الملائكة في معركة بدر وأنها لطمئة المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}آل عمران:126
وتعلق أهل الحديث بشبهة واهية لتفسير معنى الوفاة، فقالوا: إن المقصود بها هو النوم، واستدلوا لذلك بقوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} الأنعام: 60، وهم بذلك يغالطون أنفسهم، لأن الله تعالى يخبرنا في هذه الآية أنه هو من يتوفانا "يميتنا" بالليل، لأن الغالب على حالات الوفاة الطبيعة أنها تحدث بالليل بسبب السكون والراحة التي تقلل من الشحنات العصبية القادمة من الدماغ مما يؤدي إلى توقف عضلة القلب والرئة عن الحركة، وهذا معلوم من مشاهدات الناس لأكثر حالات الوفاة والتي تحصل غالباً في الليل، ويؤكد الله تعالى على هذا المعنى الواضح الصريح بقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الزمر: 42.
وقد تكرر مصطلح الوفاة بمعنى الموت خمسة عشرة مرة في القرآن الكريم، وهي جميعاً تعني الموت فقط لا غير. وهذا ما يؤكده الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي يقول: "والوفاة: المنية، وتُوّفَيَّ فلان، وتوفاه الله، إذا قبض نفسَهّ"( الخليل بن أحمد الفراهيدي "كتاب العين" ج3ص1972.).
ولم يذكر أن الوفاة يراد بها النوم، مما يؤكد على أن هذا المصطلح "الوفاة= النوم" مصطلح حادث، اخترعته عقلية أهل الحديث للدفاع عن عقيدة بولوس "الفرعوإغريقية".
أما الرفع في قوله تعالى {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، وقوله {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} النساء: 158، الذي أثار حوله أهل الحديث الكثير من الضجيج لتوجيه أوهام الناس إلى المعاني الهرمسية التي يؤمنون بها، فهي تعبير قرآني يراد به رفع المكانة، ومثال ذلك قوله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}الأعراف 176، ففي هذه الآية يخبرنا الله عن أحد الظالمين جاءته آيات الله البينات لكنه أعرض عنها واتبع هواه فكان من الخاسرين، وأنه لو أخذ بتلك الآيات لرفعه الله تعالى درجات عظيمة.
آية أخرى تؤكد معنى الرفع في القاموس القرآني هي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة: 11، ولم نرى أحداً من المؤمنين يعلو في طبقات الفضاء!، مما يؤكد على أن الرفع المقصود هو رفع المكانة والمنزلة وليس رفع المكان والمنزل، وكذلك قوله تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} الانشراح: 4، يجري نفس المجرى.
ومن الشواهد المؤكدة على أن الرفع يراد به رفع المكانة والمنزلة، وليس المكان والمنزل هو قوله تعالى في حق إدريس عليه السلام: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} مريم:56-57. فيتوجب عليهم أن يثبتوا أيضاً أن إدريس في السماء أيضاً!. وقد ذهب إلى ذلك بعضهم كما سنبينه في مناقشة قضية المعراج.
ومن بين المخالفات الصريحة في هذه الفكرة لنصوص الكتاب العزيز إدعاء خلود عيسى عليه السلام إلى آخر الزمان، والله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} الأنبياء 34. كذلك تعارض قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} الأنبياء: 7-8. التي تؤكد موت وفناء جميع الأنبياء الرسل ولا شك أن عيسى عليه السلام واحد منهم.
كما أن سنة الله في خلقه تستلزم وفاة البشر بعد سن معين، وبقاء عيسى عليه السلام هذه المدة يناقض تلك السنن التي أكدها الله تعالى بقوله: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الأحزاب: 62، وقوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} الفتح: 23.
وقد يحتج بعض الهرامسة بطول عمر نوح عليه السلام ، ولا حجة في ذلك، فقد كان في طول عمر نوح عليه السلام آية لقومه، ولكنهم مع ذلك كفروا بالله، وليس بناء السفينة بمعجزة لأن بناء السفن من مقدور البشر {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} القمر: 13، والمعجزة هي ما يعجز الإنسان عن الإتيان بمثله.
كما أن عصر المعجزات الحسية قد انتهى بنزول القرآن الكريم الذي حوّل المعجزة إلى سنة كونية وقانون إلهي لا يمكن اختراقه إلا باستخدام الأسباب، والدليل على ذلك أن المشركين حين طالبوا النبي صلى الله عليه وسلم بإنزال الآيات قال لهم {وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ * أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} العنكبوت: 50-51، والرسول صلى الله عليه وسلم وعى هذه الحقيقة فأخذ بأسباب النصر في بدر، وحين تخلى المسلمون عن تلك الأسباب في معركة أحد عاقبهم الله تعالى بإنزال الهزيمة عليهم، ليربيهم على الأخذ بالأسباب.
ولا يظنن المسلم أن نزول الملائكة ببدر كان معجزة لا تحصل لغير أهل بدر، وذلك أن دور الملائكة في بدر كان تثبيت المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين، يقول تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} الأنفال: 12. فتثبيت قلوب المؤمنين هي مهمة الملائكة، وضرب أعناق الكافرين هي مهمة المجاهدين، ولو كان الملائكة يحاربون بالسيوف كما يُزعَم، لما كانت لأهل بدر مزيّة، فكيف لاينتصرون على ألف مقاتل كافر وهم معهم خمسة آلاف مقاتل من الملائكة مدججين بالسيوف!، وكأن الملائكة يعيشون عصراً بدائياً لا يعرفون فيه المدافع والرشاشات والقنابل الذرية!، يقول تعالى مؤكداً على حقيقة مهمة الملائكة في معركة بدر وأنها لطمئة المؤمنين وإلقاء الرعب في قلوب الكافرين: {بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}آل عمران:126
ومن دلائل معارضة فكرة بولس لنصوص الكتاب العزيز، معارضتها لقوله تعالى {قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}الأعراف: 24-25. بينما تدعي هذه العقيدة حياة عيسى عليه السلام في السماء خارج الأرض!.
ومن بين المخالفات الصريحة لروايات نزول المسيح لنصوص الكتاب العزيز أن تلك الروايات تتحدث عن "رفع الجزية" عن أهل الذمة، حيث جاء في أحدها بأن المسيح سينزل في آخر الزمان وأنه "يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد"( البخاري 3448 ومسلم[389] 242-(155).)، على أن الجزية على أهل الذمة من شرائع الإسلام التي لا يجوز نسخها لثبوتها بنصوص الكتاب العزيز، يقول تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}التوبة:29.
إذاً هذه الروايات تروج لفكرة مفادها أن عيسى عليه السلام سينزل بشرع جديد يلغي الجزية!، وكما هو معلوم أن الشريعة الإسلامية خالدة لا يمكن نسخ شيء منها ولا التلاعب به، لأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}الأحزاب:40، وهذه الروايات تبين أن عيسى عليه السلام هو خاتم النبيين لأنه سيأتي آخر الزمان ويغير في شريعة الإسلام!.
وعقلاء الأمة رفضوا هذه الروايات، يقول الشيخ عبدالله السالمي: "أعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام لا نبي معه ولا بعده، فما رواه قومنا من نزول عيسى عليه السلام لم يصح عند أصحابنا رحمهم الله تعالى"(عبدالله بن حميد السالمي "معارج الأمال" ج1ص52. ).
وقال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: "وفي أخبار قومنا أن الله يبعث المهدي، ويخرج الدجال، وينزل عيسى من السماء، وكل هذا في نفسي بعيد من الصواب، ومعي أن الخضر هو ميت، وعيسى كذلك لقوله تعالى { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}"(نقله الشيخ جميل بن خميس السعدي في "قاموس الشريعة" ج6ص140-141. ).
والآية التي استغلها كعب الأحبار وأهل الحديث من بعده لترسيخ فكرة بولس "الفرعوإغريقية" هي قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}الزخرف: 61، وقالوا أن نزول المسيح هو أحد علامات الساعة!.
وهذا الفهم الهرمسي لهذه الآية المتشابهة المبتسرة من سياقها المسلوخة من تركيبها الكلّي أفرز لنا فكرة بولس الهرمسية في ثوب مُأسلم!، ولو وضعنا الآية في سياقها العام لأدركنا أن المقصود بها غير ما ذهب إليه هؤلاء، يقول تعالى قبل هذه الآية مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه مؤكداً على أن النبي صلى الله عليه وسلم والوحي والقرآن هو العلامة والإشارة ليوم القيامة التي سيسأل عنها الجميع: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} الزخرف: 40-44.
ثم يخبرنا تعالى بأن بعثة المسيح عليه السلام إلى اليهود المنحرفين تعد بالنسبة لهم علامة من علامات الساعة التي سيسألون عنها: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} الزخرف: 59-61.
= الهرمسية
Background
لقد كانت الأجواء مواتية لحكام بني أمية لبثّ مثل هذه العقائد بين المسلمين لأسباب عديدة، أولها احتكاك المسلمين هناك بالمجتمع النصراني العربي، بما يحمله من أحقاد نصرانية ضد الإسلام ونبيه الكريم، كما أنهم كانوا قريبين جداً من الكنيسة الرومانية التي اعتمدت الهرمسية فلسفة لها، والهرمسية هي عبارة عن ردة فكرية للعقلانية اليونانية الأرسطية، أشعل أوراها المشاكل الإجتماعية والإقتصادية التي خلقتها حملة الاسكندر المقدوني، مما أدى إلى تمزق العقلانية اليونانية وتناحر أتباعها، وبروز شروخ الشكاك في جدرانها، إلى أن أخذت في إلتهام نفسها مفرخة حالة من اللاعقلانية استغلها الفيلسوف اليهودي إفلوطين ليعيد قراءة فكر فيثاغورث اللاعقلاني ممزوجاً بالميراث الفكري اليهودي الخرافي، وكان يغذيها وقود الخرافة والعلوم الكهنوتية الفارسية القديمة كالسحر والتنجيم، وتم صب هذه العلوم الخرافية في قوالب فلسفية تمت إحاطتها بالعصمة عن طريق نسبتها إلى هرمس "المثلث بالحكمة والنبوة والملك"( 1). فظهر بعد ذلك ما عرف بالفكر الهرمسي الذي اتخذ من حرّان بالشام مركزاً له، ومن هذه المدينة ظهر ابن تيمية الذي أحيى الكثير من تلك الأفكار الهرمسية
.فبعثة المسيح عليه السلام هي علامة من علامات الساعة بالنسبة لليهود، كما أن القرآن هو علامة من علامات الساعة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته. يقول تعالى: {وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} الزخرف: 63-66.
وكذلك يعتبر مبعث موسى عليه السلام علامة من علامات الساعة لقومه { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ أَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} طه: 11-15.
وهذا ليس مستغرباً في التعبير القرآني فقد ذكر الله تعالى لنا قبل أربعة عشر قرناً أن الساعة أقرب من لمح البصر {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النحل: 77. هذا هو تأويل الآية التي بنى عليها أهل الحديث تأويلاتهم الخرافية والأسطورية المصادمة للعقل والنقل.
ومن بين المخالفات الصريحة لروايات نزول المسيح لنصوص الكتاب العزيز أن تلك الروايات تتحدث عن "رفع الجزية" عن أهل الذمة، حيث جاء في أحدها بأن المسيح سينزل في آخر الزمان وأنه "يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد"( البخاري 3448 ومسلم[389] 242-(155).)، على أن الجزية على أهل الذمة من شرائع الإسلام التي لا يجوز نسخها لثبوتها بنصوص الكتاب العزيز، يقول تعالى: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}التوبة:29.
إذاً هذه الروايات تروج لفكرة مفادها أن عيسى عليه السلام سينزل بشرع جديد يلغي الجزية!، وكما هو معلوم أن الشريعة الإسلامية خالدة لا يمكن نسخ شيء منها ولا التلاعب به، لأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}الأحزاب:40، وهذه الروايات تبين أن عيسى عليه السلام هو خاتم النبيين لأنه سيأتي آخر الزمان ويغير في شريعة الإسلام!.
وعقلاء الأمة رفضوا هذه الروايات، يقول الشيخ عبدالله السالمي: "أعلم أن نبينا عليه الصلاة والسلام لا نبي معه ولا بعده، فما رواه قومنا من نزول عيسى عليه السلام لم يصح عند أصحابنا رحمهم الله تعالى"(عبدالله بن حميد السالمي "معارج الأمال" ج1ص52. ).
وقال الشيخ ناصر بن أبي نبهان: "وفي أخبار قومنا أن الله يبعث المهدي، ويخرج الدجال، وينزل عيسى من السماء، وكل هذا في نفسي بعيد من الصواب، ومعي أن الخضر هو ميت، وعيسى كذلك لقوله تعالى { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}"(نقله الشيخ جميل بن خميس السعدي في "قاموس الشريعة" ج6ص140-141. ).
والآية التي استغلها كعب الأحبار وأهل الحديث من بعده لترسيخ فكرة بولس "الفرعوإغريقية" هي قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}الزخرف: 61، وقالوا أن نزول المسيح هو أحد علامات الساعة!.
وهذا الفهم الهرمسي لهذه الآية المتشابهة المبتسرة من سياقها المسلوخة من تركيبها الكلّي أفرز لنا فكرة بولس الهرمسية في ثوب مُأسلم!، ولو وضعنا الآية في سياقها العام لأدركنا أن المقصود بها غير ما ذهب إليه هؤلاء، يقول تعالى قبل هذه الآية مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم وقومه مؤكداً على أن النبي صلى الله عليه وسلم والوحي والقرآن هو العلامة والإشارة ليوم القيامة التي سيسأل عنها الجميع: {أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ * أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ * فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} الزخرف: 40-44.
ثم يخبرنا تعالى بأن بعثة المسيح عليه السلام إلى اليهود المنحرفين تعد بالنسبة لهم علامة من علامات الساعة التي سيسألون عنها: {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} الزخرف: 59-61.
= الهرمسية
Background
لقد كانت الأجواء مواتية لحكام بني أمية لبثّ مثل هذه العقائد بين المسلمين لأسباب عديدة، أولها احتكاك المسلمين هناك بالمجتمع النصراني العربي، بما يحمله من أحقاد نصرانية ضد الإسلام ونبيه الكريم، كما أنهم كانوا قريبين جداً من الكنيسة الرومانية التي اعتمدت الهرمسية فلسفة لها، والهرمسية هي عبارة عن ردة فكرية للعقلانية اليونانية الأرسطية، أشعل أوراها المشاكل الإجتماعية والإقتصادية التي خلقتها حملة الاسكندر المقدوني، مما أدى إلى تمزق العقلانية اليونانية وتناحر أتباعها، وبروز شروخ الشكاك في جدرانها، إلى أن أخذت في إلتهام نفسها مفرخة حالة من اللاعقلانية استغلها الفيلسوف اليهودي إفلوطين ليعيد قراءة فكر فيثاغورث اللاعقلاني ممزوجاً بالميراث الفكري اليهودي الخرافي، وكان يغذيها وقود الخرافة والعلوم الكهنوتية الفارسية القديمة كالسحر والتنجيم، وتم صب هذه العلوم الخرافية في قوالب فلسفية تمت إحاطتها بالعصمة عن طريق نسبتها إلى هرمس "المثلث بالحكمة والنبوة والملك"( 1). فظهر بعد ذلك ما عرف بالفكر الهرمسي الذي اتخذ من حرّان بالشام مركزاً له، ومن هذه المدينة ظهر ابن تيمية الذي أحيى الكثير من تلك الأفكار الهرمسية
.فبعثة المسيح عليه السلام هي علامة من علامات الساعة بالنسبة لليهود، كما أن القرآن هو علامة من علامات الساعة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته. يقول تعالى: {وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} الزخرف: 63-66.
وكذلك يعتبر مبعث موسى عليه السلام علامة من علامات الساعة لقومه { فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ أَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} طه: 11-15.
وهذا ليس مستغرباً في التعبير القرآني فقد ذكر الله تعالى لنا قبل أربعة عشر قرناً أن الساعة أقرب من لمح البصر {وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} النحل: 77. هذا هو تأويل الآية التي بنى عليها أهل الحديث تأويلاتهم الخرافية والأسطورية المصادمة للعقل والنقل.
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 161
- اشترك في: الخميس يونيو 17, 2004 7:31 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
الأباضي شيخك الدكتور المحرمي أو الضوء الساطع مشرف في شبكة السبلة العمانية الذي يطرد ويستهزء ويقفل المواضيع على كيفيه لانها لا تعجبه أو لأنها تنسف مذهب الاباضية من أساسه.
ثم على عقولكم يالاباضية العفا
ألم تطالعوا أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل عندكم لتعلموا أن المسيح والمسيح الدجال مذكوران في مسند الربيع؟
أم أن أصحابكم لايكتفوا بأن يكون عمي البصيرة بل هم عمي البصر أيضا.
واعذرني على جوابي القاسي عليك.
فمثلك لا يستطيع النقاش بل هو مثل البغبغاء ناقل علم إلى من هو أعلم منه.
أما بالنسبة للملاحم والفتن فقد ذكر القرآن الكريم أمثلة لذلك. ولو كان كلام صاحبك المحرمي, حرمه الله من ريح الجنة, له عقل لبدأ بخرافات القرآن الكريم والعياذ بالله قبل أن يبدأ بخرافة الاحاديث النبوية الشريفة والعياذ بالله.
أو لبدأ بخرافات الربيع الذي كشف لأصحابة عن السماوات السبع حتى بان لهم عرش الرحمن.
أو لبدأ صاحبك بخرافات فضائل أبو بكر وعمر الذين لا يعلم لهم فضيلة ولكن مع هذا تسيرون كالعميان وراء تلك الفضائل الموضوعة.
والان أسألك السؤال الذي سألته للشريف العلوي
أثبتوا لنا فضيلة الصديق لأبو بكر لنرى هل تحكمون على الامور بمظار الحق أم الباطل.
السلام عليكم
الأباضي شيخك الدكتور المحرمي أو الضوء الساطع مشرف في شبكة السبلة العمانية الذي يطرد ويستهزء ويقفل المواضيع على كيفيه لانها لا تعجبه أو لأنها تنسف مذهب الاباضية من أساسه.
ثم على عقولكم يالاباضية العفا
ألم تطالعوا أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل عندكم لتعلموا أن المسيح والمسيح الدجال مذكوران في مسند الربيع؟
أم أن أصحابكم لايكتفوا بأن يكون عمي البصيرة بل هم عمي البصر أيضا.
واعذرني على جوابي القاسي عليك.
فمثلك لا يستطيع النقاش بل هو مثل البغبغاء ناقل علم إلى من هو أعلم منه.
أما بالنسبة للملاحم والفتن فقد ذكر القرآن الكريم أمثلة لذلك. ولو كان كلام صاحبك المحرمي, حرمه الله من ريح الجنة, له عقل لبدأ بخرافات القرآن الكريم والعياذ بالله قبل أن يبدأ بخرافة الاحاديث النبوية الشريفة والعياذ بالله.
أو لبدأ بخرافات الربيع الذي كشف لأصحابة عن السماوات السبع حتى بان لهم عرش الرحمن.
أو لبدأ صاحبك بخرافات فضائل أبو بكر وعمر الذين لا يعلم لهم فضيلة ولكن مع هذا تسيرون كالعميان وراء تلك الفضائل الموضوعة.
والان أسألك السؤال الذي سألته للشريف العلوي
أثبتوا لنا فضيلة الصديق لأبو بكر لنرى هل تحكمون على الامور بمظار الحق أم الباطل.