والأنظار مهاجرة ما بين شمال الوطن وجنوبه
صعدة.. الصفقة القادمة!
; صعدة -عبدالله الحكيم:
[13/11/2007]
قد تكون الأنظار ذهبت شيئاً قليلاً عن محافظة صعدة، بعيد أيام قلائل لهفوت صوت الدور القطري الذي غادر البلاد دونما أي مقدمات سوى الاحتجاج على عدم الاستجابة التي لم يجدوا لها أثراً لدى جانب الحوثيين في حينها، ولم تسفر جميع الجهود المبذولة من جانب قطر إلا عن المزيد من التراكمات في الأزمة الصعدية.
ومع أن الوساطة القطرية قالت بعودتها لاستئناف جهودها مجدداً بعد شهر رمضان وأنها لن تنسحب نهائياً من الدور الذي تلعبه، غير أن المعلومات الأخيرة التي تكشفت قسراً تقول بأن هذا التوقف سيكون على مستوى بعيد خلال مدة زمنية طويلة تفوق العام -أي حتى مارس من عام 2008م القادم- ضمن مهلة تم الاتفاق عليها بعيداً عن أنظار المراقبين، وهذا على ما يبدو هو ما دفع الرئيس صالح إلى التعديل ولو شيئاً قليلاً في رأيه ما بين مقابلة صحيفة الوسط التي قال فيها حينها: أن الحوثي لم يقدم للجنة الوساطة القطرية شيئاً وأنه إذا لم يذعن لمساعي الوساطة فليس أمام الدولة سوى اللجوء إلى الحسم المسلح من جديد.. وما بين مقابلته الأخيرة مع قناة الجزيرة التي اكتفى فيها بالقول أنه يتم التحاور مع الجانب القطري بخصوص قضية أزمة صعدة.
إن الكثير من المراقبين البسطاء في محافظة صعدة كان غالبيتهم يتوقعون عودة المواجهات بمجرد حلول شهر شوال لما لمسوه من مؤشرات جعلت غالبيتهم يعتقدون اعتقاداً جازماً أنه ليس من مناص عن عودة المواجهات، وفي نفس الوقت الذي كان يحدوهم الأمل بنجاح الوساطة القطرية فإنهم كانوا يأملون تفادي عودتها لما لحق بهم من خسائر مادية وبشرية ومعنوية ونفسية.. وأسباب أخرى كثيرة ومختلفة..
المكاسب
وإن كانت الوساطة لم تتمكن من النجاح في أي شيء من الأمور التي كان أسندها إليها جميع المتابعين لأزمة صعدة غير أنها لم تثبت، إلا أنها لا تختلف كثيراً عن الجهود المبذولة من المساعي اليمنية محلياً من قبل وعلى مختلفها.. بل إن الأمر الجلل هنا سيكون أعظم مما كان عليه في السابق!! فمن خلال الجهود المنسوبة للجانب القطري استطاع أتباع الحوثي وحتى اللحظة تحقيق الأمور التالية:-
- الأول: الخروج من المأزق البالغ الذي كانوا قد وصلوا إليه من شدة الضيق، والانعتاق من بوتقة الحصار الذي بلغ بهم أشده حد الخناق، بطردهم من أكثر المديريات التي كانوا وصلوا إليها بعد تمكن القوات المسلحة من إلحاق بالغ الخسائر في الأرواح والمعدات والعتاد، وكان قد ضاعف خسائرهم بلاهة الطرح الذي اتسم به تناول القضية من قبل الفار يحيى الحوثي في أكثر من مناسبة مدفوعة تم الترتيب لها مسبقاً من جهات تكاد تكون معروفة لتحقيق مآرب معينة.
- والثاني: أتاح لهم استعادة حيويتهم وتعويض إمكانياتهم التي خسروها في الآونة الفائتة أثناء الحرب التي فرضت التخوفات السياسية على السلطة، مما جعلها تعيد حساباتها وبزاوية حادة، ولم تكن كما يتصور البعض استجابة للتوجهات المحلية المختلفة، وإن كان المرجفون في البلد قد جعلوا من أزمة صعدة أمراً عظيماً له أبعاد ذات شجون عميقة ولم يكن ذلك لشيء سوى لتحقيق مآربهم المطمورة بأطماع سياسية ومادية محضة، وعلى مستويات قيادية رفيعة تجاوزات القدرات المناطة بكرسي الحكم الذي حجبت عنه الرؤية في كثير من الأمور..
- وثالثه الأثافي: أن المتمردين من قيادة وأتباع الحوثي قد تمكنوا من إعادة بنيتهم وترتيب أوضاعهم وتنظيم صفوفهم مادياً ومعنوياً وسياسيا وإعلاميا وكسب العديد من الأنصار الجدد وإكسابهم مختلف الفنون والمهارات القتالية بأنواعها.
وإذا كان الحوثيون قد تمكنوا على فعل كل هذا وأكثر منه في هذه الفترة الوجيزة فإنهم سيكونون قادرين على فعل الكثير خلال المدة المضروبة سراً كهدنة بين الدولة والحوثيين -إن ثبتت الرواية- وعندها فإنهم سيكونوا قادرين على فعل الكثير والكثير جداً، ولن يستطيع أحد تخيل الوضع والمأساة التي سيصير الأمر إليها.. ومن جهتي فلا أجد تفسيراً لذلك أدق مناسبة من تعبير نسب إلى عبدالله عيضه الرزامي في قوله: (لقد تمكنا في هذه الحرب من الاستيلاء على مديريات، وإذا نشبت حرب أخرى فسنكون قادرين على الاستيلاء على محافظات بأكملها).
الصفقة المرتقبة
وإن كانت الأنظار قد خطفت صوب المحافظات الجنوبية وما يدور فيها من أحداث دامية وأليمة بعد المضاعفات التي حدثت كنتاج طبيعي لسلسلة التعامل الفج من قبل الحكومة، كونه ومهما كان طابع الأوضاع تلك فإن الواجب على الدولة إغلاق جميع المنافذ، وسد كل الذرائع ببذل الحقوق وإنصاف المظلومين مهما بلغت، حتى لا يتم استغلالها من قبل البعيد أو القريب.. ولكن تلك الأنظار الفارة لا بد وأن تعود مرة أخرى إلى هذه المحافظة وبقوة لأنها لم تعلن بعد إسدال الستار على أزمتها التي لا يبدو أن نهايتها ستكون قريبة أبداً.
إن الطامعين في الملك والحكم والسيادة، واللاهثين وراء الأرض وامتلاك زعامة الوطن كحق من الحقوق المنهوبة عليهم لن يعييهم العمل لذلك، حتى ولو كان من خلال إحياء العقائد المنسية.. والجمع بينها وبين ابتداع حيل غير مألوفة لكنها تصب في نفس المسار.. لتأتي في النهاية مكملة لها في صناعة الهدف المنشود، وقد ساعدت الأحداث في المحافظات الجنوبية الحوثيين وصبت فوائدها الجمة في جعبة المتمردين ليواصلوا بذلك جني الثمار أمام الجزء البسيط الذي تقدمه الدولة من المعالجات المحدودة، كإرسال بعض المدرسين العرب إلى صعدة، وضرب عقود إضافية لمدراء المدارس المحسوبين على الحزب الحاكم كموجهين تابعين للأوقاف، وإن كانت الأوضاع تبدو وكأنها تسير نحو التصعيد في محافظة صعدة خلال الأيام القليلة الأخيرة التي نشبت فيها بعض المواجهات في عدد من المناطق وسقط فيها العديد من القتلى والجرحى، إلا أن حقيقة الأمر ليس على ظاهره الحقيقي، لأن المتمردين هم أكثر من يستفيد من الوضع ويرسم لاستغلاله، وحتى شهر مارس من عام 2008م الهدنة المزعومة سنكون على مشارف انتخابات برلمانية جديدة، وفي نفس الوقت سنكون عندها على وشك السماع بعقد صفقة جديدة، بين الدولة والحوثيين مماثلة للصفقة التي تم ضربها بين الطرفين قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وحينها سيكون الجميع مدعوون دعوة مفتوحة لمعرفة الأسبق لقطف العنب وجني الثمار..؟؟
http://www.alahale.net/details.asp?id=1740&catid=4
الحرب على صعدة 2007 - مقالات عن الأحداث
-
- مشرف مجلس الأدب
- مشاركات: 404
- اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
- مكان: أمام الكمبيوتر !
-
- مشرف مجلس الأدب
- مشاركات: 404
- اشترك في: السبت ديسمبر 23, 2006 3:46 pm
- مكان: أمام الكمبيوتر !
الرئيس يتذكر أحداث يناير وينسى مجازر صعدة
عبدالرحمن الأهدل
إن رجل الدولة الذي يعي مسئولياته ويشعر بأهمية الواجبات الملقاة على عاتقه إزاء الذين أولوه المسئولية من أبناء شعبه لا يقدم على نكئ جراحات الأحداث التي وقعت في البلاد ، حتى لا يثير الكوامن المحزنة في النفوس ويفتح أبوباً جديدة للثارات والأحقاد التي تؤدي إلى التوترات الاجتماعية وغياب السلم الاجتماعي الذي يؤدي بدوره إلى سقوط هيبة الدولة أكثر فأكثر لاسيما في وضع مأزوم ومهترئ كاليمن الذي تصنف دولته بالهشة والفاشلة حسب التقييمات في المجتمع الدولي ، إن تسمية ما هو قائم في اليمن من أسلوب إداري بالدولة هي تسمية على الورق فقط ، أما الواقع الموجود فهو عصابة صادرات الدولة وحلت محلها كأفراد وتحكموا بمصائر الأمة ويمارسون ممارسات عصابات قطع الطريق التي لا يحكمها نظام ولا قانون ولا حتى قواعد وأعراف العصابات الدولية كما هو حال المافيا العالمية .
في الخطاب الذي ألقاه الأخ الرئيس في محافظة أبين يوم الاثنين 5 نوفمبر أمام السلطات المحلية تذكر ما عمله أعضاء الحزب مع بعضهم في أحداث يناير 1986م وما قلبها، وغاب عن باله أن تلك الأحداث كانت تجري بين أطراف في السلطة أعضاء في حزب واحد ، ولم يقوموا بتجريد القوات المسلحة لضرب وتدمير القرى الآمنة وقتل الأبرياء كما حدث في صعدة وغيرها .
فما جرى بين أطراف في السلطة قد يكون في العرف الدولي أقل تجريما من قتل المواطنين العزل ، ولهذا لا يحق لمن بيته من زجاج أن يرمي بيوت الآخرين، والأيادي الملطخة بالدماء هي آخر من يحق لها أن تصدر أحكاما بإدانة غيرها، إن التاريخ يسجل في كل صفحاته أفعال كل الأفراد والأطراف الذين تولوا الشأن العام ليظهر سيئاتهم وحسناتهم في الوقت المناسب ، والإعلام الصاخب والزعيق المرتفع الصوت مهما كانت لكنته الدعائية فإنه لا يصنع التاريخ، وأكبر شاهد على ذلك في التاريخ العربي صوت مذيع " صوت القاهرة " أحمد سعيد في حرب الأيام الستة عام 1967 م ، لم يصنع نصراُ ولم يغط الوجه القبيح للهزيمة النكراء والبشعة التي منيت بها الأمة ، كما أن وزير دعاية هتلر "جوبلز" لم يتمكن من ستر جرائم قائدة في الحرب العالمية الثانية .. فهل نحن معتبرون.
نقلا عن أسبوعية "الثوري"
عبدالرحمن الأهدل
إن رجل الدولة الذي يعي مسئولياته ويشعر بأهمية الواجبات الملقاة على عاتقه إزاء الذين أولوه المسئولية من أبناء شعبه لا يقدم على نكئ جراحات الأحداث التي وقعت في البلاد ، حتى لا يثير الكوامن المحزنة في النفوس ويفتح أبوباً جديدة للثارات والأحقاد التي تؤدي إلى التوترات الاجتماعية وغياب السلم الاجتماعي الذي يؤدي بدوره إلى سقوط هيبة الدولة أكثر فأكثر لاسيما في وضع مأزوم ومهترئ كاليمن الذي تصنف دولته بالهشة والفاشلة حسب التقييمات في المجتمع الدولي ، إن تسمية ما هو قائم في اليمن من أسلوب إداري بالدولة هي تسمية على الورق فقط ، أما الواقع الموجود فهو عصابة صادرات الدولة وحلت محلها كأفراد وتحكموا بمصائر الأمة ويمارسون ممارسات عصابات قطع الطريق التي لا يحكمها نظام ولا قانون ولا حتى قواعد وأعراف العصابات الدولية كما هو حال المافيا العالمية .
في الخطاب الذي ألقاه الأخ الرئيس في محافظة أبين يوم الاثنين 5 نوفمبر أمام السلطات المحلية تذكر ما عمله أعضاء الحزب مع بعضهم في أحداث يناير 1986م وما قلبها، وغاب عن باله أن تلك الأحداث كانت تجري بين أطراف في السلطة أعضاء في حزب واحد ، ولم يقوموا بتجريد القوات المسلحة لضرب وتدمير القرى الآمنة وقتل الأبرياء كما حدث في صعدة وغيرها .
فما جرى بين أطراف في السلطة قد يكون في العرف الدولي أقل تجريما من قتل المواطنين العزل ، ولهذا لا يحق لمن بيته من زجاج أن يرمي بيوت الآخرين، والأيادي الملطخة بالدماء هي آخر من يحق لها أن تصدر أحكاما بإدانة غيرها، إن التاريخ يسجل في كل صفحاته أفعال كل الأفراد والأطراف الذين تولوا الشأن العام ليظهر سيئاتهم وحسناتهم في الوقت المناسب ، والإعلام الصاخب والزعيق المرتفع الصوت مهما كانت لكنته الدعائية فإنه لا يصنع التاريخ، وأكبر شاهد على ذلك في التاريخ العربي صوت مذيع " صوت القاهرة " أحمد سعيد في حرب الأيام الستة عام 1967 م ، لم يصنع نصراُ ولم يغط الوجه القبيح للهزيمة النكراء والبشعة التي منيت بها الأمة ، كما أن وزير دعاية هتلر "جوبلز" لم يتمكن من ستر جرائم قائدة في الحرب العالمية الثانية .. فهل نحن معتبرون.
نقلا عن أسبوعية "الثوري"
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 724
- اشترك في: الأحد يناير 08, 2006 4:40 pm
- مكان: مجالس آل محمد
- اتصال:
مرة أخرى..فن الممكن في الحرب القذرة..حروب صعدة أنموذجاً
يمن حر-ضياء الآنسي- تقرير خاص
عندما تحدث أستاذنا الجليل أحمد الوادعي في أربعينية الشهيد الشاب هاشم حجر عن القصد الجنائي الذي ارتكبته النيابة الجزائية المتخصصة وشعبة الاستئناف المتخصصة والذي أدى إلى جريمة قتل هاشم حجر بقصد وتعمد عند رفض الجناة قرار المحكمة الجزائية المتخصصة الابتدائية إحالة الشهيد إلى العناية الطبية لتلقي العلاج اللازم والذي أدى ذلك الرفض والتعنت غير اللأخلاقي إلى وفاته كان يعني ما يقوله تماماً رابطاً تعمد قتل الشهيد بدم بارد إلى القتل الحاصل في حروب صعدة وبدم بارد في سلسلة ممارسات دافعها الأساس العصبية أطالت الحروب وشرعت لسفك الدماء بدعاوى جاهلية لا صلة لها بالدين ولا العرف ولا الإنسانية .
هاشم حجر جزء صغير من مأساة كبيرة أسمها مأساة أبناء صعدة وإن مثل قتله حرقة في نفوس الناس إلا أن المصيبة لم تتوقف عند مقتله فحسب بل سبقها مصائب أراق دماء أبرياء من أناس لا ذنب لهم سوى أنهم يدفعون ثمن حرب قذرة أفحموا فيها جبراً في أربع حروب متتالية وخامسة تلوح في الأفق بوادر تأججها .والسبب والمتسبب هي العصبية والمتعصبون.
دلت أحداث حروب صعدة على أن هناك مسببات دينية وسياسية ونفسية ساهمت في إطالة أمد هذه الحروب من قبل القوات المسلحة اليمنية التي رغب قادتها في اللجوء إلى الحرب لمعالجة قضية ثانوية صغيرة لا يستدعي معها إطلاق رصاصة واحدة من مسدس فردي يمتلكه أصغر جندي تابع للقوات المسلحة والأمن .وعند ما شن هؤلاء أول حملة في هذه الحرب كانوا يمنون أنفسهم ومن وراء أنفسهم أصحاب القرار بأن المعركة لن تستغرق تنفيذ سوى 72ساعة بالكثير وتنتهي .وها نحن اليوم عشنا أكثر من 37200ساعة دون أن تسفر الحرب عن نتيجة سوى المزيد من الأحقاد والدماء والدمار . والملاحظ أن رغبة قادة الحروب في بداية الأمر وللوهلة الأولى كان من منطلقات عصبية دينية تمثلت في ضرب الفكر الزيدي الإسلامي وحضوره في المنطقة باستخدام إمكانيات الدولة العسكرية والأمنية والسياسية عبر ذلك بالبيانات الأولية التي نشرت في صحيفة الجيش وقتها بإدعاءات متناقضة بداية بدعوى النبوة ثم الإمامة ثم الإمامية وهكذا .
وعند غرق الهيلمان الرسمي في مستنقع حيدان وساقين في الحرب الأولى ولحوق العار بقدرات قوات المنطقة الشمالية الشرقية وفشلها في الحسم المبكر تداخلت بعدها مسببات أخرى وإن كانت لا تزال تغذيها العصبية الدينية كواجهة أساسية لهذه الحروب والتي تمثلت إلى جانب إزهاق الأرواح البرية ملاحقة العناصر الحركية للمذهب الزيدي وإشراك قوى وهابية سلفية في المعارك إلى صف القوات المسلحة التي يبدو لي أنها بهذه الخطوة قد كشفت عن الجانب الديني المتعصب الذي قاتلت الزيدية من أجله لإفساح المجال في الساحة الشمالية والشرقية لهذا الوطن للتواجد السلفي الوهابي وهو ما عبر عنه بوضوح السيطرة السلفية على مساجد محافظة صعدة إجمالاً والرؤية المذهبية الضيقة للجماعات السلفية المتعصبة تمثله شرعنه إباحة قتل الزيدية بدم بادر وكواجب شرعي مقدس إنبرى له ثلة المجاهدين من الجماعات الوهابية السلفية التي قاتلت جنباً إلى جنب مع أفراد قواتنا المسلحة البواسل هذا يؤكد دور العصبية الدينية في الحرب القذرة غير المتكافئة في صعدة مما يدعونا إلى السؤال هل أن الدولة بكل إمكانياتها قد خاضت حرباً ضد الزيدية مدفوعة الثمن لصالح المد الوهابي المتشدد في اليمن ؟
والحقيقة لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نشير إلى معدلة استحلى النظام استخدامها طيلة وجوده وهي معادلة اللعب عبر المتناقضات وفي حرب صعدة ذكرنا خطاب الرئيس مع العلماء بعد تطور الحرب الأولى إلى الدور الذي لعبه شخصياً في دعم حسين الحوثي الزيدي لمواجهة التواجد السلفي في صعدة وبالأخص جماعة شيخ دماج مقبل بن هادي الوادعي أي أن المسألة عند رأس النظام كانت محاولة كسب تواجد سياسي لنظامه عبر ضرب هذا بذاك لإضعاف ذاك وهذا وإن المسألة الدينية لم تكن عنده سوى أداة لإطالة أمد حكمه .غير أن هناك أطراف في النظام ساهمت ولا تزال تساهم في دعم التواجد السلفي في اليمن بداية بتجنيد الشباب إلى أفغانستان ومروراً بالأوامر الصريحة والشخصية لغرض خطيب هنا وإمام هناك هذا الدعم لم يكن أيضاً مسألة دينية بحتة وإنما أداة بيد تلك الأطراف لكسب وجود قوي داخل أجنحة هذا النظام غير أن الفارق بين هذا الطرف ورأس النظام لزوم الطرف دعم توجه واحد فقط تمثل في السلفية .إذا الدولة لم تكن تحارب الزيدية لصالح المد الوهابي بل استخدمت العصبية السفلية أداة من أدوات هذه الحرب القذرة.
من هنا فإن الغالب على هذه الحرب أنها حرب دينية عند بدايتها تداخلت فيها العوامل النفسية والسياسية والعسكرية والمناطقية لاحقاً كلما طالت أيام الحرب وتوسعت مناطقها فالنتائج اللاحقة لكل حرب حدة تختلف عن سابقتها وإن اشتركت في نتيجة واحدة هي عدم قدرة الجيش في الحسم إلا أن هناك نتائج يمكن إجمالها على وجه التقريب في النقاط التالية:
1- تعدد الجهات المشاركة في الحرب ابتداءً بالجيش والأمن بمشاركة القوى السلفية الجهادية المتعصبة واستمرارها حتى اللحظة وإشراك قوى شعبية قبلية من مناطق الأحداث وما جاورها والتي وسعت حدود المتضررين من هذه الحروب .
2- ازدياد النقمة الشعبية الرافضة لهذه الحروب وتعبيرها الصارخ عن الرفض تدريجيا حيث أن الحرب الأولى لاقت سكوتاً مريعاً سرعان ما تحول بعدها إلى تحركات سياسية وشعبية وحقوقية لأساليب الهمجية التي مارسها الجيش في حربه في صعدة .
3- ازدياد حالات الحقد والكراهية في نفوس القادة العسكريين التي أنتجتها المدة الزمنية الطويلة لهذه الحرب وتوسع مناطقها خصوصاً أنها تقع في محيط منطقة عسكرية ذات قدرات وصلاحيات واسعة داخل القوات المسلحة اليمنية.
4- أضف إلى ذلك ازدياد عدد القتلى والجرحى وازدياد الانتهاكات للحقوق والحريات تحت مبررات حرب صعدة وما لاقاه العلماء ،وطلاب العلم الشريف للزيدية من ملاحقات ومحاكمات واعتقالات طالت الكثير منهم.
كل تلك النتائج من الحروب الأربع الأولى التي أحدثت رغبات انتقامية عارمة مدى الجيش والقوى المشاركة معها ولدى الجانب الأضعف في هذه المواجهات التي دفعت إلى محاولة الإستقواء للدفاع عن النفس هي ما يؤهل لنشوب حرب خامسة وسادسة وعاشرة وإلى ما لا نهاية طالما والعقول المتعصبة ما زالت تدير تلك المواجهات وبالأخص العقول العسكرية منها التي تدل الدراسات النفسية لهذه الفئات من البشر أنها في الأغلب والأعم مسكونة بداء العظمة والكبرياء للتربية النفسية القاسية التي يعيشها منتسب القوات المسلحة والأمن والمسكون بالأوامر الصارمة التي عنوانها البارز "نفذ ثم تظلم".
إذا فإن هذه النفسيات عند امتلاكها لوسائل القوة والقدرة ترفض دائماً الجنوح للسلم وتخوض دائماً حرباً قذرة غير متكافئة مع عدو مفترض وهمي لإثبات الوجود وتختار بعناية ذلك العدو من أوسط الفئات الضعيفة لتفرض عليه حربها.غير أنها في هذه الحرب قد خسرت الرهان وإن قتلت وأسرت وحاكمت فهي في كل يوم توسع دائرة الرفض والتحدي خصوصاً أنها اختارت منطقة لازال يحكمها عرف وعادات تجعل السيطرة عليها بالوسائل الغير مشروعة والكذب والخداع أمر في غاية الصعوبة وهو ما لمسناه من حالة النقمة للمشاركين من القبائل "المتطوعين" إلى جانب الجيش الذين وعدوا بالمال والوظائف وحالفت الدولة وعودها فكانت النقمة التي بدت شرارتها الأولية بحالات التقطع للسيارات الحكومية لأن الكذب عند هذه القبائل منقصة وعيب لا يغتفر خصوصاً الكذب على الرجال!!!؟
وخلاصة القول وإن كنا لم نستعرض معالم الانتكاسات المصاحبة لهذه الحروب القذرة في حراك الجانب الأضعف في هذه المواجهة الذي بصبره ودفاعه عن نفسه قد قلب الطاولة على أصحابها والعوامل المحيطة بهذه الثلة الصابرة الإ أننا نؤكد رغم تلك الانتكاسات والفشل الذي رافق هذه الحرب في الجانب الرسمي وحلفائه أن هناك قوى عسكرية هي المؤجج الفعلي لإطالة هذه الحرب بدليل الإصرار على رفض الحلول والوساطات المحلية والدولية والتحرشات المستمرة ضد الحوثين في النقاط العسكرية والقرى القريبة من المعسكرات ورفض العودة بالقوات المسلحة إلى الأماكن الطبيعية التي كانت تتواجد فيها قبل هذه الحروب والبسط على ممتلكات المواطنين ومزارعهم والتمترس فيها واستباحة الأعراض عبر التعرض للنساء واعتقالهن داخل المعسكرات الذي يعد من أشد الاستفزازات التي تثير الجانب الآخر والوقوف ضد تنفيذ بند إطلاق المعتقلين على ذمة هذه الأحداث وعدم تنفيذ بند التعويضات للمتضررين من هذه الحرب والذي يشهده واقع الحال رغم الجنوح للسلم الذي أبداه الجانب الأخر وضبطه للنفس في كل انتهاك أو استفزاز يتعرض له من الجيش .كل ذلك وغيرة يدل دلالة لا لبس فيها أن بعض قادة الجيش المسكونين بداء العظمة والمتلبسين برداء العصبية الدينية المقيتة هم وراء إفشال كل المساعي الخيرة والوساطات التي سعت إلى طي صفحة في تاريخ اليمن السعيد وإغلاق ملف هذه القضية ومعالجة آثارها والتي منها على سبيل المثال المبادرة القطرية التي وافق الجانبان عليها في البداية غير أن عدم رغبة هؤلاء القادة في الحل قد أفشل تلك المساعي الحميدة ويقال أن للجارة الكبرى صاحبة المذهب الوهابي الرافضة لأي دور إيجابي للشقيقة قطر في حل هذا الملف قد ساعدت في تاريخ هذا الدور ودعم الجهات المنفذة داخل السلطة التي التزمت دعم السلفية الوهابية في إعاقة دور القطريين للحل.
ومن خلال النتائج التي عرفناها سابقاً نستطيع معرفة الأطراف المتسببة في إطالة الحروب القذرة في صعدة ولو بنسب متفاوتة لكل طرف من هذه الأطراف إلا أن الطابع الذي يغلب على جميعها هو طابع العصبية.
1- أما القوات المسلحة بقيادة بعض رموزها في الحوار الشمالي الشرقي فطابع العصبية واضح في النفسية العسكرية أي أنها عصبية عسكرية.
2- أما الجماعات الجهادية السلفية المشاركة إلى جنب القوات المسلحة كحليف إستراتيجي في هذه الحروب فطابع العصبية واضح في الرؤى الفكرية والمذهبية المتعصبة باسم الدين.
3- أما قوات المتطوعين من رجال القبائل والذي لا أظن أن أسم البشمرجة ينطبق على حالهم كما سار إلية بعض الصحفيين لفارق الأهداف بين الاسم وبين دافع المشاركة للمتطوعين فيظهر طابع العصبية في النفسية القبلية التي تحكمها عادات وأعراف لا زالت هي المحرك لهذه القبائل كالمناكفات بين حاشد وبكيل على سبيل المثال .
غير ان المسبب الثالث دوره ثانوي غير مؤجج لإطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها لأسباب يعود أغلبها إلى اتضاح الرؤية لدى بعض مشايخ تلك المناطق عن دواعي هذه الحرب وإحساسهم بالغبن الذي لقوه من الدولة عند عدم تنفيذ ما وعدو به إضافة إلى أنهم لا يرغبون من الناحية القبلية توسيع دائرة الثارات القبلية التي سيواجهونها من أبناء المناطق المستهدفة في هذه الحروب وإن كانوا غير الوصيين وبعضها لوجود روابط النسب والقبيلة مع هذه المناطق وغيرها كثير لا يسع الحديث عنها في هذه العجالة لأنها تحتاج لدراسة مستقلة جغرافياً وقبلياً لتك المناطق لمعرفة المزيد من الأسباب التي ترجح عدم رغبة هذه الفئة في إطالة أمد هذه الحروب.
إلا أن الفئتين الأولى والثانية هما من أكثر العصبيات التي ستطيل أمد الحروب وتوسع من نطاقها للأسباب التالية:
1- أنهما بدأتا منسجمتين في الهدف وفي الإستراتيجية لضرب الوجود الزيدي الممتد في هذه المناطق عبر المئات السنين الماضية منذ دخول الإمام الهادي "ع" إلى اليمن بل ومن قبل هذا الدخول.
2-أنهما حليفتان إستراتيجيان يدعم كل طرف صاحبه وقد تشاركا سوياً في حروب سابقة على حروب صعدة كحرب صيف 194م وحصل كل طرف على أهدافه الأول عسكرياً والثاني مذهبياً.
3- أنهما أبديا عداوة وكراهية غير مسبوقة منذ الولهة الأولى لاندلاع شرارة هذه الحروب ولازالت هذه النفسية المتشددة هي القاسم المشترك لكليهما بدليل بروز أصوات سلفية في الآونة الأخيرة تدعوا وتبارك مواصلة الحروب و القضاء على الحوثيين على سبيل المثال كما تناقلتها بعض المصادر الصحفية والاستفزازات العسكرية التي طالت الآمنين بل واخترقت الدين والعادات والتقاليد باحتجاز النساء في المعسكرات التي لا شك تثير الكثير من التوترات عند كل غيور فما بالك بمن أختطفت نسائهم .أليس هذان المثالان دليل على خطورة الفئتين العسكرية والسلفية في إطالة هذه الحروب القذرة.
ماذا نعمل حيال كل ذلك؟
إن المعلوم من مفاهيم الحروب القذرة استخدام القوى المتمكنة وسائل غير أخلاقية في إدارة هذه الحروب ضد قوى مستضعفة لا تملك من إمكانيات المهيمنين ما يحدث توازن قوى وفي حرب صعدة تم استخدام هذه الوسائل عسكرياً استخدام جميع وحدات القوات المسلحة براً وبحراً وجواً وسياسياً بتبني رؤوس النظام الحاكم خطاباً معادياً للحوثيين ومحرضاً ضدها وأمنياً ضيقت الحريات وحركة الناس وجعلت من الحوثية أداة لتصفية حسابات ضد ناس لا ناقة لهم ولا جمل ودينياً استخدمت المنابر والإعلام والندوات للتعبة الدينية ووصفة الحوثيين بالكفر ليسهل على لآخر الرضا بالفعل القاسي ضدهم وهذا معلوم ل يحتاج إلى تدليل ، إلا أننا إذا أردنا الخروج من هذه الحروب وتوسيع نطاقها فيجب على القوى المحبة للخير وللإنسانية أن تبحث في أسباب هذه الحروب وتقف في وجهها وأن تتخذ التدابير والأعمال التالية"
1- دعوة جميع مشائخ وأعيان ووجهاء صعدة وما حولها لعقد حلف أخلاقي يرفض الظلم مهما كان مسطرة ويرفض الزج بالقبائل في أتون هذه المعارك وأن لا تستباح أرض صعدة لتكون أرضاً لتصفية حسابات وصراعات لم يكن لهم يداً في نشوئها والعودة بهذه المناطق إى حالة الإنسجام الديني بين سكانها التي عاشوها طيلة عشرات المئات من السنين الماضية .ووضع حلول عملية وعادلة لمعالجة الآثار النفسية السيئة التي خلفتها هذه الحروب والوقوف صفاً واحداً أمام من يعرقل جهود وحلول هذا الحلف.
2- الضغط في اتجاه تفعيل دور الوساطة القطرية وإحيائها من جديد لصدقها أولاً ولإنها حظيت بقبول من جميع الأطراف ولواقعيتها ومعالجتها لأمور يعلم الجميع عجز الدولة اليمنية في معالجتها كالتعويضات وإعادة بناء ما دمرته الحرب على سبيل المثال .
3- تبني خطابات إعلامية وسياسية ودينية مضادة للخطابات المحرضة على القتل عموماً والقتل بدم بارد في صعدة على وجه الخصوص بالوسائل المتاحة .
4- الضغط في اتجاه تعميق المبادئ السامية للإسلام الرافض للعصبية مهما كان نوعها والداعي إلى نصرة المظلوم بأخذ حقه من الظالم ونصرة الظالم بردعة عن الظلم قولاً وعملاً.
وبذلك لن نكون شهود زور على مجازر ترتكب بحق أبرياء وإمكانيات بلاد تدمر لأجل سواد قلة من الشواذ المتعصبين وتجار السلاح والذي تكون نتائجها لا محالة دمار اليمن كل اليمن أرضاً وإنساناً.
http://www.yemenhurr.net/modules.php?na ... e&sid=1049
يمن حر-ضياء الآنسي- تقرير خاص
عندما تحدث أستاذنا الجليل أحمد الوادعي في أربعينية الشهيد الشاب هاشم حجر عن القصد الجنائي الذي ارتكبته النيابة الجزائية المتخصصة وشعبة الاستئناف المتخصصة والذي أدى إلى جريمة قتل هاشم حجر بقصد وتعمد عند رفض الجناة قرار المحكمة الجزائية المتخصصة الابتدائية إحالة الشهيد إلى العناية الطبية لتلقي العلاج اللازم والذي أدى ذلك الرفض والتعنت غير اللأخلاقي إلى وفاته كان يعني ما يقوله تماماً رابطاً تعمد قتل الشهيد بدم بارد إلى القتل الحاصل في حروب صعدة وبدم بارد في سلسلة ممارسات دافعها الأساس العصبية أطالت الحروب وشرعت لسفك الدماء بدعاوى جاهلية لا صلة لها بالدين ولا العرف ولا الإنسانية .
هاشم حجر جزء صغير من مأساة كبيرة أسمها مأساة أبناء صعدة وإن مثل قتله حرقة في نفوس الناس إلا أن المصيبة لم تتوقف عند مقتله فحسب بل سبقها مصائب أراق دماء أبرياء من أناس لا ذنب لهم سوى أنهم يدفعون ثمن حرب قذرة أفحموا فيها جبراً في أربع حروب متتالية وخامسة تلوح في الأفق بوادر تأججها .والسبب والمتسبب هي العصبية والمتعصبون.
دلت أحداث حروب صعدة على أن هناك مسببات دينية وسياسية ونفسية ساهمت في إطالة أمد هذه الحروب من قبل القوات المسلحة اليمنية التي رغب قادتها في اللجوء إلى الحرب لمعالجة قضية ثانوية صغيرة لا يستدعي معها إطلاق رصاصة واحدة من مسدس فردي يمتلكه أصغر جندي تابع للقوات المسلحة والأمن .وعند ما شن هؤلاء أول حملة في هذه الحرب كانوا يمنون أنفسهم ومن وراء أنفسهم أصحاب القرار بأن المعركة لن تستغرق تنفيذ سوى 72ساعة بالكثير وتنتهي .وها نحن اليوم عشنا أكثر من 37200ساعة دون أن تسفر الحرب عن نتيجة سوى المزيد من الأحقاد والدماء والدمار . والملاحظ أن رغبة قادة الحروب في بداية الأمر وللوهلة الأولى كان من منطلقات عصبية دينية تمثلت في ضرب الفكر الزيدي الإسلامي وحضوره في المنطقة باستخدام إمكانيات الدولة العسكرية والأمنية والسياسية عبر ذلك بالبيانات الأولية التي نشرت في صحيفة الجيش وقتها بإدعاءات متناقضة بداية بدعوى النبوة ثم الإمامة ثم الإمامية وهكذا .
وعند غرق الهيلمان الرسمي في مستنقع حيدان وساقين في الحرب الأولى ولحوق العار بقدرات قوات المنطقة الشمالية الشرقية وفشلها في الحسم المبكر تداخلت بعدها مسببات أخرى وإن كانت لا تزال تغذيها العصبية الدينية كواجهة أساسية لهذه الحروب والتي تمثلت إلى جانب إزهاق الأرواح البرية ملاحقة العناصر الحركية للمذهب الزيدي وإشراك قوى وهابية سلفية في المعارك إلى صف القوات المسلحة التي يبدو لي أنها بهذه الخطوة قد كشفت عن الجانب الديني المتعصب الذي قاتلت الزيدية من أجله لإفساح المجال في الساحة الشمالية والشرقية لهذا الوطن للتواجد السلفي الوهابي وهو ما عبر عنه بوضوح السيطرة السلفية على مساجد محافظة صعدة إجمالاً والرؤية المذهبية الضيقة للجماعات السلفية المتعصبة تمثله شرعنه إباحة قتل الزيدية بدم بادر وكواجب شرعي مقدس إنبرى له ثلة المجاهدين من الجماعات الوهابية السلفية التي قاتلت جنباً إلى جنب مع أفراد قواتنا المسلحة البواسل هذا يؤكد دور العصبية الدينية في الحرب القذرة غير المتكافئة في صعدة مما يدعونا إلى السؤال هل أن الدولة بكل إمكانياتها قد خاضت حرباً ضد الزيدية مدفوعة الثمن لصالح المد الوهابي المتشدد في اليمن ؟
والحقيقة لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نشير إلى معدلة استحلى النظام استخدامها طيلة وجوده وهي معادلة اللعب عبر المتناقضات وفي حرب صعدة ذكرنا خطاب الرئيس مع العلماء بعد تطور الحرب الأولى إلى الدور الذي لعبه شخصياً في دعم حسين الحوثي الزيدي لمواجهة التواجد السلفي في صعدة وبالأخص جماعة شيخ دماج مقبل بن هادي الوادعي أي أن المسألة عند رأس النظام كانت محاولة كسب تواجد سياسي لنظامه عبر ضرب هذا بذاك لإضعاف ذاك وهذا وإن المسألة الدينية لم تكن عنده سوى أداة لإطالة أمد حكمه .غير أن هناك أطراف في النظام ساهمت ولا تزال تساهم في دعم التواجد السلفي في اليمن بداية بتجنيد الشباب إلى أفغانستان ومروراً بالأوامر الصريحة والشخصية لغرض خطيب هنا وإمام هناك هذا الدعم لم يكن أيضاً مسألة دينية بحتة وإنما أداة بيد تلك الأطراف لكسب وجود قوي داخل أجنحة هذا النظام غير أن الفارق بين هذا الطرف ورأس النظام لزوم الطرف دعم توجه واحد فقط تمثل في السلفية .إذا الدولة لم تكن تحارب الزيدية لصالح المد الوهابي بل استخدمت العصبية السفلية أداة من أدوات هذه الحرب القذرة.
من هنا فإن الغالب على هذه الحرب أنها حرب دينية عند بدايتها تداخلت فيها العوامل النفسية والسياسية والعسكرية والمناطقية لاحقاً كلما طالت أيام الحرب وتوسعت مناطقها فالنتائج اللاحقة لكل حرب حدة تختلف عن سابقتها وإن اشتركت في نتيجة واحدة هي عدم قدرة الجيش في الحسم إلا أن هناك نتائج يمكن إجمالها على وجه التقريب في النقاط التالية:
1- تعدد الجهات المشاركة في الحرب ابتداءً بالجيش والأمن بمشاركة القوى السلفية الجهادية المتعصبة واستمرارها حتى اللحظة وإشراك قوى شعبية قبلية من مناطق الأحداث وما جاورها والتي وسعت حدود المتضررين من هذه الحروب .
2- ازدياد النقمة الشعبية الرافضة لهذه الحروب وتعبيرها الصارخ عن الرفض تدريجيا حيث أن الحرب الأولى لاقت سكوتاً مريعاً سرعان ما تحول بعدها إلى تحركات سياسية وشعبية وحقوقية لأساليب الهمجية التي مارسها الجيش في حربه في صعدة .
3- ازدياد حالات الحقد والكراهية في نفوس القادة العسكريين التي أنتجتها المدة الزمنية الطويلة لهذه الحرب وتوسع مناطقها خصوصاً أنها تقع في محيط منطقة عسكرية ذات قدرات وصلاحيات واسعة داخل القوات المسلحة اليمنية.
4- أضف إلى ذلك ازدياد عدد القتلى والجرحى وازدياد الانتهاكات للحقوق والحريات تحت مبررات حرب صعدة وما لاقاه العلماء ،وطلاب العلم الشريف للزيدية من ملاحقات ومحاكمات واعتقالات طالت الكثير منهم.
كل تلك النتائج من الحروب الأربع الأولى التي أحدثت رغبات انتقامية عارمة مدى الجيش والقوى المشاركة معها ولدى الجانب الأضعف في هذه المواجهات التي دفعت إلى محاولة الإستقواء للدفاع عن النفس هي ما يؤهل لنشوب حرب خامسة وسادسة وعاشرة وإلى ما لا نهاية طالما والعقول المتعصبة ما زالت تدير تلك المواجهات وبالأخص العقول العسكرية منها التي تدل الدراسات النفسية لهذه الفئات من البشر أنها في الأغلب والأعم مسكونة بداء العظمة والكبرياء للتربية النفسية القاسية التي يعيشها منتسب القوات المسلحة والأمن والمسكون بالأوامر الصارمة التي عنوانها البارز "نفذ ثم تظلم".
إذا فإن هذه النفسيات عند امتلاكها لوسائل القوة والقدرة ترفض دائماً الجنوح للسلم وتخوض دائماً حرباً قذرة غير متكافئة مع عدو مفترض وهمي لإثبات الوجود وتختار بعناية ذلك العدو من أوسط الفئات الضعيفة لتفرض عليه حربها.غير أنها في هذه الحرب قد خسرت الرهان وإن قتلت وأسرت وحاكمت فهي في كل يوم توسع دائرة الرفض والتحدي خصوصاً أنها اختارت منطقة لازال يحكمها عرف وعادات تجعل السيطرة عليها بالوسائل الغير مشروعة والكذب والخداع أمر في غاية الصعوبة وهو ما لمسناه من حالة النقمة للمشاركين من القبائل "المتطوعين" إلى جانب الجيش الذين وعدوا بالمال والوظائف وحالفت الدولة وعودها فكانت النقمة التي بدت شرارتها الأولية بحالات التقطع للسيارات الحكومية لأن الكذب عند هذه القبائل منقصة وعيب لا يغتفر خصوصاً الكذب على الرجال!!!؟
وخلاصة القول وإن كنا لم نستعرض معالم الانتكاسات المصاحبة لهذه الحروب القذرة في حراك الجانب الأضعف في هذه المواجهة الذي بصبره ودفاعه عن نفسه قد قلب الطاولة على أصحابها والعوامل المحيطة بهذه الثلة الصابرة الإ أننا نؤكد رغم تلك الانتكاسات والفشل الذي رافق هذه الحرب في الجانب الرسمي وحلفائه أن هناك قوى عسكرية هي المؤجج الفعلي لإطالة هذه الحرب بدليل الإصرار على رفض الحلول والوساطات المحلية والدولية والتحرشات المستمرة ضد الحوثين في النقاط العسكرية والقرى القريبة من المعسكرات ورفض العودة بالقوات المسلحة إلى الأماكن الطبيعية التي كانت تتواجد فيها قبل هذه الحروب والبسط على ممتلكات المواطنين ومزارعهم والتمترس فيها واستباحة الأعراض عبر التعرض للنساء واعتقالهن داخل المعسكرات الذي يعد من أشد الاستفزازات التي تثير الجانب الآخر والوقوف ضد تنفيذ بند إطلاق المعتقلين على ذمة هذه الأحداث وعدم تنفيذ بند التعويضات للمتضررين من هذه الحرب والذي يشهده واقع الحال رغم الجنوح للسلم الذي أبداه الجانب الأخر وضبطه للنفس في كل انتهاك أو استفزاز يتعرض له من الجيش .كل ذلك وغيرة يدل دلالة لا لبس فيها أن بعض قادة الجيش المسكونين بداء العظمة والمتلبسين برداء العصبية الدينية المقيتة هم وراء إفشال كل المساعي الخيرة والوساطات التي سعت إلى طي صفحة في تاريخ اليمن السعيد وإغلاق ملف هذه القضية ومعالجة آثارها والتي منها على سبيل المثال المبادرة القطرية التي وافق الجانبان عليها في البداية غير أن عدم رغبة هؤلاء القادة في الحل قد أفشل تلك المساعي الحميدة ويقال أن للجارة الكبرى صاحبة المذهب الوهابي الرافضة لأي دور إيجابي للشقيقة قطر في حل هذا الملف قد ساعدت في تاريخ هذا الدور ودعم الجهات المنفذة داخل السلطة التي التزمت دعم السلفية الوهابية في إعاقة دور القطريين للحل.
ومن خلال النتائج التي عرفناها سابقاً نستطيع معرفة الأطراف المتسببة في إطالة الحروب القذرة في صعدة ولو بنسب متفاوتة لكل طرف من هذه الأطراف إلا أن الطابع الذي يغلب على جميعها هو طابع العصبية.
1- أما القوات المسلحة بقيادة بعض رموزها في الحوار الشمالي الشرقي فطابع العصبية واضح في النفسية العسكرية أي أنها عصبية عسكرية.
2- أما الجماعات الجهادية السلفية المشاركة إلى جنب القوات المسلحة كحليف إستراتيجي في هذه الحروب فطابع العصبية واضح في الرؤى الفكرية والمذهبية المتعصبة باسم الدين.
3- أما قوات المتطوعين من رجال القبائل والذي لا أظن أن أسم البشمرجة ينطبق على حالهم كما سار إلية بعض الصحفيين لفارق الأهداف بين الاسم وبين دافع المشاركة للمتطوعين فيظهر طابع العصبية في النفسية القبلية التي تحكمها عادات وأعراف لا زالت هي المحرك لهذه القبائل كالمناكفات بين حاشد وبكيل على سبيل المثال .
غير ان المسبب الثالث دوره ثانوي غير مؤجج لإطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها لأسباب يعود أغلبها إلى اتضاح الرؤية لدى بعض مشايخ تلك المناطق عن دواعي هذه الحرب وإحساسهم بالغبن الذي لقوه من الدولة عند عدم تنفيذ ما وعدو به إضافة إلى أنهم لا يرغبون من الناحية القبلية توسيع دائرة الثارات القبلية التي سيواجهونها من أبناء المناطق المستهدفة في هذه الحروب وإن كانوا غير الوصيين وبعضها لوجود روابط النسب والقبيلة مع هذه المناطق وغيرها كثير لا يسع الحديث عنها في هذه العجالة لأنها تحتاج لدراسة مستقلة جغرافياً وقبلياً لتك المناطق لمعرفة المزيد من الأسباب التي ترجح عدم رغبة هذه الفئة في إطالة أمد هذه الحروب.
إلا أن الفئتين الأولى والثانية هما من أكثر العصبيات التي ستطيل أمد الحروب وتوسع من نطاقها للأسباب التالية:
1- أنهما بدأتا منسجمتين في الهدف وفي الإستراتيجية لضرب الوجود الزيدي الممتد في هذه المناطق عبر المئات السنين الماضية منذ دخول الإمام الهادي "ع" إلى اليمن بل ومن قبل هذا الدخول.
2-أنهما حليفتان إستراتيجيان يدعم كل طرف صاحبه وقد تشاركا سوياً في حروب سابقة على حروب صعدة كحرب صيف 194م وحصل كل طرف على أهدافه الأول عسكرياً والثاني مذهبياً.
3- أنهما أبديا عداوة وكراهية غير مسبوقة منذ الولهة الأولى لاندلاع شرارة هذه الحروب ولازالت هذه النفسية المتشددة هي القاسم المشترك لكليهما بدليل بروز أصوات سلفية في الآونة الأخيرة تدعوا وتبارك مواصلة الحروب و القضاء على الحوثيين على سبيل المثال كما تناقلتها بعض المصادر الصحفية والاستفزازات العسكرية التي طالت الآمنين بل واخترقت الدين والعادات والتقاليد باحتجاز النساء في المعسكرات التي لا شك تثير الكثير من التوترات عند كل غيور فما بالك بمن أختطفت نسائهم .أليس هذان المثالان دليل على خطورة الفئتين العسكرية والسلفية في إطالة هذه الحروب القذرة.
ماذا نعمل حيال كل ذلك؟
إن المعلوم من مفاهيم الحروب القذرة استخدام القوى المتمكنة وسائل غير أخلاقية في إدارة هذه الحروب ضد قوى مستضعفة لا تملك من إمكانيات المهيمنين ما يحدث توازن قوى وفي حرب صعدة تم استخدام هذه الوسائل عسكرياً استخدام جميع وحدات القوات المسلحة براً وبحراً وجواً وسياسياً بتبني رؤوس النظام الحاكم خطاباً معادياً للحوثيين ومحرضاً ضدها وأمنياً ضيقت الحريات وحركة الناس وجعلت من الحوثية أداة لتصفية حسابات ضد ناس لا ناقة لهم ولا جمل ودينياً استخدمت المنابر والإعلام والندوات للتعبة الدينية ووصفة الحوثيين بالكفر ليسهل على لآخر الرضا بالفعل القاسي ضدهم وهذا معلوم ل يحتاج إلى تدليل ، إلا أننا إذا أردنا الخروج من هذه الحروب وتوسيع نطاقها فيجب على القوى المحبة للخير وللإنسانية أن تبحث في أسباب هذه الحروب وتقف في وجهها وأن تتخذ التدابير والأعمال التالية"
1- دعوة جميع مشائخ وأعيان ووجهاء صعدة وما حولها لعقد حلف أخلاقي يرفض الظلم مهما كان مسطرة ويرفض الزج بالقبائل في أتون هذه المعارك وأن لا تستباح أرض صعدة لتكون أرضاً لتصفية حسابات وصراعات لم يكن لهم يداً في نشوئها والعودة بهذه المناطق إى حالة الإنسجام الديني بين سكانها التي عاشوها طيلة عشرات المئات من السنين الماضية .ووضع حلول عملية وعادلة لمعالجة الآثار النفسية السيئة التي خلفتها هذه الحروب والوقوف صفاً واحداً أمام من يعرقل جهود وحلول هذا الحلف.
2- الضغط في اتجاه تفعيل دور الوساطة القطرية وإحيائها من جديد لصدقها أولاً ولإنها حظيت بقبول من جميع الأطراف ولواقعيتها ومعالجتها لأمور يعلم الجميع عجز الدولة اليمنية في معالجتها كالتعويضات وإعادة بناء ما دمرته الحرب على سبيل المثال .
3- تبني خطابات إعلامية وسياسية ودينية مضادة للخطابات المحرضة على القتل عموماً والقتل بدم بارد في صعدة على وجه الخصوص بالوسائل المتاحة .
4- الضغط في اتجاه تعميق المبادئ السامية للإسلام الرافض للعصبية مهما كان نوعها والداعي إلى نصرة المظلوم بأخذ حقه من الظالم ونصرة الظالم بردعة عن الظلم قولاً وعملاً.
وبذلك لن نكون شهود زور على مجازر ترتكب بحق أبرياء وإمكانيات بلاد تدمر لأجل سواد قلة من الشواذ المتعصبين وتجار السلاح والذي تكون نتائجها لا محالة دمار اليمن كل اليمن أرضاً وإنساناً.
http://www.yemenhurr.net/modules.php?na ... e&sid=1049