Tuesday, 13 November 2007
بقـلم/ العلامة إبراهيم الوزْير

> هناك ظلمٌ ، وإقصاءٌ ، وظلمٌ ، وإيذاءٌ على بني هاشم في اليمن واضحٌ وبَيِّـنٌ ، وهناك عملٌ متواصلٌ للقضاء على المذهب الزيدي منذُ فترة ليست بالقصيرة ، ولكنه اليوم إشتدَّ بصورة كبيرة وواضحة ، وكُـلُّ هذا الظلم لا يجوزُ عملـُه ، والقيامُ به ، ولا يجوزُ السكوتُ عنه ؛ لأنه يخالفُ أوامرَ الـلـَّـه سُبْحَانـَـهُ وتعالى ، فشرائحُ المجتمع كلـُّها واحدةٌ في الحقوق والواجبات ، ولا يجوزُ أن تـُـخَصَّ واحدةٌ منها بالإقصاء والإلغاء والتهميش والإذلال .. هذا ما نطالبُ به ، وندعو إليه ، ونأملُ أن تعودَ السلطة إلى رُشدها ، وأن تعيَ مصلحتـَها ، ومصلحة العباد والبلاد وهذا جانب ، وهو جانبٌ مُهمٌّ وأساسي.
ولكن في الجانب الآخر هُناك من الهاشميين وغيرهم من أصحاب المناصب في الدولة ، أو المال الكثير ، أو المكانة الإجتماعية مَن يعتقدُون أنهم أعلى من غيرهم ، أو أنهم يستحقون التقدير والإحترام لا لشيء إلا لنسبهم ، وأنهم من بني فلان كائناً من كان ، أو لمناصبهم وأعمالهم في الدولة ، أو لمالهم الكثير ، أو لمكانتهم الإجتماعية ولو كانوا سيئين وأخلاقهم رديئة ، وسلوكهم غير حسنة ولو كانوا ظلمة.
إن هذا الإعتقادَ خطأ كبيرٌ ، وذنبٌ عظيم ، وانحرافٌ خطير عمَّا يريدُه الـلـَّـهُ من عبده المسلم ، وعن تعاليم رَسول الـلـَّـه ــ صَلـَّى الـلـَّـهُ عَلـَيْه وَآلـَـهُ وَسَلـَّـمَ ــ وسيرته ، والـلـَّـهُ سُبْحَانـَـهُ وتعالى يقول لنا في كتابه العزيز : (إن أكرمَكم عند الـلـَّـه أتقاكم).
ولذلك فإن على كُـلِّ مسلم أن يعرفَ أن المساواة في الحُقوق والواجبات بين المسلمين جميعاً هي ما جاء به الإسلامُ ، فلا إذلال وتهميش ، ولا استكبار واستعلاء.
إن العُنصريةَ التي يحذرُ منها المصلحون والحكماء ذات شقين كلاهما سيئٌ سيئ ، إما أن يشعُرَ البعضُ بأنهم متميزون ويستكبرون على الآخرين لمجرد نسبهم ، وإما أن يهمشَ البعضُ ويُذلَّ ويُقصى بيد الآخرين لمجرد نسبهم .. كُـلُّ ذلك حرامٌ ، وكُـلّ ذلك مكروهٌ عند الـلـَّـه ، لا يحبه الـلـَّـه لعباده المؤمنين ، ولا يرضاه.
فلا تشعر يا أخي المسلم أنك فوق الآخرين لنسبك ، أو لمنصبك ، أو مالك ، أو مكانتك الإجتماعية ، فذلك لا يُرضي الـلـَّـهَ تعالى ، وليس من أخلاق الإسلام ، ولا تؤذِ يا أخي المسلم الآخرين ، أو تذلهم ، أو تقصِهم ، أو تهمشْهم ، أو تتدخلْ في معتقداتهم وما يعبُدون الـلـَّـهَ به لمجرد نسبهم ، أو أن معتقداتهم لا تروقُ لك ؛ أو لأن الناس يحترمونهم ويحبونهم ويقدرونهم ؛ أو لأنك تعتقد أن وجودَهم يحولُ بينك وبين طموحاتك ، فذلك حرامٌ حرامٌ حرامٌ حرام.
الإسلامُ جاء بالمحبة والأخوَّة والتعاون ، يقول الـلـَّـه جَلَّ وعلا : (إنما المؤمنون إخوة) ، ويقول جل وعلا : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعُدوان) ، ويقول تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحُكم) ، ويقولُ الرسولُ الأعظم ــ صَلـَّى الـلـَّـهُ عَلـَيْه وَآلـَـهُ وَسَلـَّـمَ ــ : »المؤمنُ أخو المؤمن لا يُسلمْهُ ولا يحقرْه ولا يظلمْه« ، ويقول : »إياكم وفساد ذات البين فإنها الحالقة لا أقول تحلق الشعَرَ ولكن تحلق الدين«.
هكذا جاء الإسلامُ بالمحبة والأخوة والدعوة إلى التعاون وصلاح ذات البين ، فهل أنتم أيها الإخوة مسلمون مؤمنون مصدقون ، إذا كنتم مسلمين موحدين مؤمنين يا إخوان فاعملوا بما أمركم الـلـَّـهُ تعالى به ، إن الـلـَّـهَ لا يرضى يا إخوان ، وأخص الإخوان المسؤولين بالذات ، إن الـلـَّـهَ يا إخوان لا يرضى لما ينال بني هاشم اليوم في اليمن من إذلال وتهميش وعمل متواصل لمحو مذهبهم والقضاء عليه ، إنكم ستلقون الـلـَّـهَ وسيسألكم الـلـَّـه عما تعملون ، وسيسأل الساكتين عن هذا المنكر وهم قادرون على الكلام ، وعلى تغيير المنكر أو استنكاره والنهي عنه.
الـلـَّـهُ سُبْحَانـَـهُ وتعالى لا يرضى بهذا المنكر ، وسيسألكم الـلـَّـه سُبْحَانـَـهُ وتعالى عن هذا التهميش ، وهذا العمل الجاد للقضاء على مذهب آل رسول الـلـَّـه في اليمن ومحبتهم التي أمر الـلـَّـهُ تعالى بها ، واستبدال مذهب الجبر والتجسيم بدلاً عن مذهب العدل والتوحيد ، وإذا كنتم تجهلون أيُّهما أفضل وأصَحُّ فإن الـلـَّـهَ قال لكم : (فاسألوا أهلَ الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، فاسألوا علماءَكم الذين اتبعتموهم ألف سنة بل يزيد وسيقولون لكم الحقيقة ، إسألوا العلامة الحُجة/ حمود المؤيد ، واسألوا العلامة/ محمد بن محمد المنصور ، واسألوا العلامة الحجة/ مجد الدين وخلفاء مجد الدين ، أم أن هؤلاء صاروا اليوم عندكم لا قيمة لكلامهم ، ولا معنى لفتاواهم بعد أن اتبعتموهم ألفَ عام؟ ، ولا حول ولا قوة إلا بالـلـَّـه العلي العظيم ، ولا تسألوا الذين يستلمون الأموالَ الطائلة من الحُكومة ، ومن خارج اليمن ، فهؤلاء لم يعودوا يستطيعون التفكيرَ بتجرد.
وإذا كنتم متشككين في فتاوى علمائكم فاتركوا المسألةَ لله تعالى ، ولا تقفوا مع هذا ولا مع ذاك ، ولا تهمشوا هذا ، ولا تدعموا ذاك ، وقولوا كما قال الـلـَّـه تعالى : (قل كُـلٌّ يعملُ على شاكلته فربُّـكم أعلمُ بمَن هو إهدى سبيلاً) ، أتركوا للناس حريةَ الإعتقاد ، ولا تدعموا أيةَ جهة ، إنني أحذرُكم من ظلم آل محمد بن عبدالـلـَّـه ــ صَلـَّى الـلـَّـهُ عَلـَيْه وَآلـَـهُ وَسَلـَّـمَ ــ وذريته فستنالكم عقوبة كبيرة أنتظروا لها وما ربك بغافل عما تعملون.
وعلى بني هاشم أن لا يظنوا أنهم أعلى من غيرهم لمجرد نسبهم ، إحذروا هذا الإدعاءَ وهذا الشعور يا بني هاشم ، فقد أذل الـلـَّـهُ تعالى بني إسرائيل وفرّق شملهم بسبب ذنوبهم بعد أن فضّلهم على العالمين ، ومَن كان عالماً فله مكانة لعلمه واجتهاده ، تواضعوا للمسلمين واضربوا المثلَ الأعلى في التواضع والتسامح حتى عن الحقوق التي تقدرون على التسامُح عنها.
وكونوا خُدّاماً للمُسلمين متواضعين صابرين ، وكونوا قدوةً للآخرين في مكارم الأخلاق والتواضع والتسامح والبر والتقوى ، بهذا عُرف الأولون منكم ، ونالوا تقديرَ الناس واحترامَهم وحبَّهم ، ليس لكم حقٌّ على إخوانكم المؤمنين غير المودة والحب إن كنتم صالحين ، وما عدا ذلك من الحقوق والواجبات فأنتم وغيركم سواء ، والحبُّ الذي لكم إن كنتم صالحين مؤمنين هو أمرٌ قلبي يأتي بدون فرض ولا طلب ، وإنما يشعُرُ به المؤمنُ من ذات نفسه تقديراً وحُباً ومجازاة لرسول الـلـَّـه ــ صَلـَّى الـلـَّـهُ عَلـَيْه وَآلـَـهُ وَسَلـَّـمَ ــ إن كنتم صالحين ، وكنتم قدوةً في كُـلِّ خصال الخير والبر والتقوى.
المحبةُ هي ما جاء به الإسلامُ ، والكراهية لا يرضاها الـلـَّـهُ ولا رسوله ــ صَلـَّى الـلـَّـهُ عَلـَيْه وَآلـَـهُ وَسَلـَّـمَ ــ ، ولا المؤمنون.
وأريدُ أن أنبهَ إلى شيء مهم قبلَ أن أختم كلامي ، ذلك أن الحكومةَ والسلطةَ والمسؤولين هم الذين يستطيعون بالإمكانيات المتاحة لهم من إعلام ومال وتربية وتعليم وسُلطة ، هم الذين يستطيعون بإمكانياتهم تلك أن ينشروا ثقافة المحبة والأخوَّة بين أبناء الشعب ، أو ينشروا ثقافةَ الكراهية والبَغضاء ، فالسلطة هي الأساسُ ، والناسُ على دين مُلوكهم ، إن نشرَ ثقافة الكراهية سيؤدي إلى وجود الصراع والنزاع بين أبناء الشعب ، ويعصفُ بالبلاد وبأهلها ، ثم يعصفُ بالمسؤولين الذين نشروا ثقافةَ الكراهية أنفسهم ، سُنةٌ من سنن الـلـَّـه ، ولن تجدَ لسُنة الـلـَّـه تبديلاً ، ولن تجدَ لسُنة الـلـَّـه تحويلاً.
إن الذين يتعمدون نشر الكراهية بين أبناء الشعب لينشغلَ بعضُهم ببعض ويسلموا هم إنهم سيتمتعون بهذا قليلاً ثم يبدأ الناسُ يكرهونهم ، وتعصفُ الأقدارُ بهم.
وأن أصحابَ السلطة اليومَ وكُـلَّ مسؤول ، أو صاحبَ مكانة في الدولة يتحملُ جزءً من مسؤولية ما يجري.
إن المسؤولين اليوم ينشُرون ثقافةَ الإذلال والإستعباد للآخرين ، والإستيلاء على كُـلِّ شيء ، وهذا سيدمّرُ البلادَ ، ويدمِّرُهم هُم أخيراً.
فمتى سيعودون إلى رُشدهم ، ويعرفون مصلحتـَهم لدينهم ودُنياهم ولآخرتهم وأولادهم ؟، متى سيعرفون ذلك ويغيّرون أسلوبَهم ؟!.
متى سيعون ويستفيدون من تجارب الآخرين ، وأحداث التأريخ؟ ، متى سيكون ذلك ؟ ، متى ؟ متى ؟..
والـلـَّـهُ الهادي إلى سواءِ السبيل.
حسبُنا الـلـَّـهُ ونعم الوكيل.. نعم المولى ، ونعم النصير.. وعلى الـلـَّـهِ توكلت..