كنتُ قد عزمتُ على أنْ لا أكتبَ ، بل أجعلـُها فترةَ استجمام وأنا أعيشُ خارجَ بلدي ، ولكني فوجئتُ بغيابِ قاضٍ جليلٍ ، وشيخٍ عزيزٍ نبيلٍ كريم ، ذكّراني بقاضٍ سبقهما صادقٍ مؤمنٍ كريم القاضي العلامة/ إسماعيل بن أحمد الجرافي ، هذا الرجلُ المؤمنُ التقيُّ العالمُ الجليلُ المحققُ المطلع ، الذي كان يمشي على الأرض هَوْناً ، والذي لا يحملُ حسداً أو كراهية لأحد ، وليس في قلبه ذرةٌ من العُنصرية المشؤومة ضد آل محمد صلى الله عليه وآلـَـه وسلم ، ولا ضد أحد من المسلمين ، بل ولا من الناس أجمعين ، فالناسُ كلُّهم عند القاضي إسماعيل الجرافي رضي الله عنه كما يقول الإمامُ عليُّ بنُ أبي طالب عليه السلام: »إما أخٌ لك في الدين ، أو نظيرٌ لك في الخلق« ، لا امتياز لمؤمن على مؤمن ، ولا كراهية تصدُرُ عن مؤمن لمؤمن ، يعرفُ القاضي إسماعيل رضي الله عنه معنى قول الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) ويطبِّقـُها على حقيقتها.
عرفتُ القاضيَ إسماعيل الجرافي رحمه الله منذُ زمن طويل ، فقد كان وهو مندوبٌ عن اليمن في مصر كلما يأتي صنعاء يتحفُ والدي السيد العلامة التقي الجليل/ محمد بن أحمد الوزير بأحد الكتب الجيدة العلمية أو التأريخية يشتريها من مصر ويقدمُها هديةً للوالد ، ويتحفـُنا بزيارة الوالد رضي اللهُ عنهما معاً ، ولم يكنْ ذلك أيامَ تـَسَنـُّمِ آل الوزير مناصبَ الدولة في أيامَ توليهم المناصب الكبيرة قبل ثورة ٨٤، بل كان ذلك بعد فشل ثورة ٨٤ مما يدُلُّ على أن القاضي إسماعيل يقدِّرُ العلمَ والتقوى لذاتها ، وليس للمناصب وزخرُف الحياة الدنيا.
وعرفتُ القاضيَ إسماعيل أميناً عاماً لمجلس الشورى حينما كنتُ عضواً فيه بعد تأسيس مجلس الشورى ، وكان نِعمَ العاملُ الهادئُ الأمين الذي لا يبخلُ بتعاونه مع أيِّ أخٍ من أبناء بلده ، وكان لا يبخَلُ بالتعاوُن مع كلِّ أعضاء مجلس الشورى والموظفين فيه ، ويحاولُ إيصالَ الخير لهم بالطرُق المشروعة والقانونية.
وعرفتُ القاضيَ إسماعيل الجرافي عندما أهدى لنا نـُسَخاً من كتاب »التصفية« للإمام الجليل الشهير يحيى بن حمزة الذي ضريحُه في ذمار مشهورٌ مزور ، وكان قد حقق ذلك الكتابَ هو والقاضي الجليل/ أحمد الهيصمي رحمه الله ورضي عنه ، وهو كتابٌ نفيسٌ في تزكية النفس ، وقد تشرفت دارُ الحكمة التي أسَّسناها بصنعاء بإعادة طباعة هذا الكتاب مرةً أخرى.
وبرحيل القاضي/ إسماعيل الجرافي يكونُ قد انتهى شخصٌ كان يمثلُ عهداً في اليمن ، كان يزخرُ بالرجال المتقين المؤمنين الصادقين الذين لا يكذبون ، ولا يغشون ، ولا يخدعون ، وإنما يتعاملون بكلِّ صدق وتواضع ، ومحبة للآخرين ، فرحم اللهُ القاضيَ/ إسماعيل الجرافي ، ورحم اللهُ عهدَه المباركَ الذي كان يزخرُ بأمثاله من الرجال الصادقين المؤمنين.
وبرغم حزني على هذا الرجل الجليل فإنني أشعُرُ بشيء من الإطمئنان والإرتياح؛ لأنني لم أنسْه رغم بُعده عن ناظرَيَّ ، وبقائه في منزله فترةً طويلةً فزرتـُـه في رمضانَ من العام الماضي بعد صلاة العصر إلى منزله المتواضع في شارع حدة جوارَ المدرسة الصينية ، وقد استقبلني بكل ترحيب ومحبة ، ورغم كبر سنه ، وأنه أشرف على بلوغ المائة عام ، وكانت دقائقُ في الحديث معه روحانية فيها يُمن وخير وبركات ، وقبيلَ أذان المغرب إستأذنته وكان ذلك وداعاً لهذا القاضي الجليل غير مقصود.
وقد خلف القاضي/ إسماعيل الجرافي ولده الدكتور الشهير/ إبراهيم الجرافي الذي يُشبهُ أباه في أخلاقه وتقواه.
رحم اللهُ القاضيَ/ إسماعيل الجرافي ، وجعله في أعلى الدرجات في جنات النعيم مع الذين أنعم اللهُ عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقاً، ذلك الفضلُ من الله وكفى بالله عليماً.
وإن أنسَ فلا أنسى القاضيَ المؤمنَ الصادقَ الجليلَ القاضيَ/ محمد بن علي الزهيري الذي كان قوّالاً بالحق ، وله مساعٍ جيدةٌ ، وقد ذهبت في أحد الأعوام الماضية قبل سنوات عديدة إلى السعودية فوجدتُ اليمنيين هُناك يشكرون القاضيَ محمداً بنَ علي الزهيري ويثنون عليه ثناءً عاطراً.
فقد كان سفيراً لليمن في السعودية في عهد الإمام أحمد حميد الدين ، وقال لي الإخوة اليمنيون في السعودية إنه كان يطلبُ من سلطات الأمن السعودي كشفاً بأسماء اليمنيين الذين في السجون السعودية ويناقشُهم في التهم الموجهة إليهم ، ويذهبُ إلى إلى المساجين أيضاً ويناقشُهم ويتعرفُ على أحوالهم ، ويستخرجُ من السجن كلَّ مَن ليس عليه تهمةٌ واضحةٌ ، ويدافعُ عن كل مَن لم يعط إقامةً لأسباب ضعيفة حتى يمنح إقامة ، وهكذا كان يعملُ الخيرَ ابتغاءَ رضوان الله.
فرحم اللهُ القاضيَ/ محمد بن علي الزهيري ، ورحم اللهُ القاضيَ/ إسماعيل بن أحمد الجرافي ، ورضي الله عن المؤمنين الصادقين ، وأسألُ اللهَ تعالى أن يلحقـَنا بالصالحين ، وأن يجمعَنا وإياهم في جنات النعيم .
❊ ❊ ❊
الشيخُ الجليلُ محمد عاطف المصلي
> فاجأني نبأُ وفاة الشيخ الجليل/ محمد عاطف المصلي ، ذلك الشيخُ الجليلُ الذي كان مثالاً للوفاء والصدق والسيرة الحَسَنة وحُسن الخلق ، لا أعرفُ أنه آذى أحداً ، أو تكبَّرَ على أحد ، بل كان يمشي على الأرض هَوْناً ، يحبُّ الصالحين ، ويميلُ إلى الصادقين ، ويُصاحبُ الأخيارَ ، ويحبُّ اللَه تعالى ورسولـَه الكريمَ صلى الله عليه وآلـَه وسلم وآلَ رسول الله الأكرمين ، ولا عَجَبَ فهو إبنُ الشيخ الجليل الكبير الشيخ/ عاطف المصلي الذي كان حُبُّه لآل محمد صلواتُ الله وسلامُه عليه وآله عنواناً لحياته ، وجاء ولدُه محمد عاطف يُشبهُ أباه في صدقه وأخلاقه وتواضُعه وشهامته ، وللشيخ محمد عاطف المصلي مواقفُ عديدةٌ في قول الصدق ، وردْع الباطل في أحرج المواقف ، وأرفع المجالس ، ولقد خلّف الشيخُ/ محمد عاطف المصلي أولاداً نجباء أكبرُهم الشيخُ/ عبدالوهاب بن محمد عاطف ، ومحمد بن محمد، وصادق بن محمد.
وله أخٌ كريمٌ هو الشيخُ/ عاطف بن عاطف المصلي ، وكان عمُّهم الشيخُ/ علي وقد تعمَّرَ طويلاً رحم اللهُ مَن قد سبق منهم وأبقى ورعى من لا يزالُ منهم ولا أراهم مكروهاً.
ونحن إذ نعزيهم في والدهم وأخيهم الجليل الشيخ/ محمد عاطف المصلي نسألُ اللهَ العليَّ القديرَ أن يرحمَه ، ويرفعَ درجاته في جنات النعيم ، ويحشرَه في زمرة مُحمد وآل محمد علي وفاطمة والحسن والحسين ، وزين العابدين علي بن الحسين ، وأن لا يفرقَ بينه وبينهم حتى يدخلـَه مدخلَهم ، وأن يظلـَّـه وإيانا وإياه وعمَّه وآلَ المصلي جميعاً ، وجميعَ صالحي المؤمنين مع رسول الله محمد وآل رسول الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، ولا باقي إلا وجهُه ، وأن يؤلفَ بين قلوب المسلمين ، ويجمعَ كلمتَهم على ما يرضيه ، إنه على كلِّ شيءٍ قديرٌ ، وبالإجابة جديرٌ..
وهو وحدَه حسبُنا ونعم الوكيلُ.
نعم المولى ، ونعم النصير.
وعلى الله توكلتُ.
وسلامٌ على المرسلين ، والحمدُلله رَبِّ العالمين
قاضيان جليلان وشيخ عزيز كريم
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1606
- اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
- مكان: صنعاء حده
- اتصال:
قاضيان جليلان وشيخ عزيز كريم
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1036
- اشترك في: الثلاثاء مايو 09, 2006 10:20 am
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 424
- اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm
رحم الله القاضيين اسماعيل الجرافي واحمد الهيصمي
ورحم الله الشيخ الكريم محمد عاطف المصلي
اخي مواطن صالح كان هذا المقال رائعا في التنويه بفضل اولي
الكرم وسماحة النفس
ولكنك لم تشر الى من هو كاتب المقال وكان الاقل ان تذكر اسمه بعد ايراد ماكتب
وماظن ذلك الا سهوا
امل منك تبيين من هو كاتب المقال مع انه قد ذكر في مقاله ان والده هو السيد محمد بن احمد الوزير
شكرا لكم على هذه اللفته في حق القاضيين الجرافي والهيصمي والشيخ محمد عاطف المصلي
ورحم الله الشيخ الكريم محمد عاطف المصلي
اخي مواطن صالح كان هذا المقال رائعا في التنويه بفضل اولي
الكرم وسماحة النفس
ولكنك لم تشر الى من هو كاتب المقال وكان الاقل ان تذكر اسمه بعد ايراد ماكتب
وماظن ذلك الا سهوا
امل منك تبيين من هو كاتب المقال مع انه قد ذكر في مقاله ان والده هو السيد محمد بن احمد الوزير
شكرا لكم على هذه اللفته في حق القاضيين الجرافي والهيصمي والشيخ محمد عاطف المصلي
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1606
- اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
- مكان: صنعاء حده
- اتصال:
حياكم الله ياااخى كاتب المقال هو العلامه_ابراهيم الوزيراخي مواطن صالح كان هذا المقال رائعا في التنويه بفضل اولي
الكرم وسماحة النفس
ولكنك لم تشر الى من هو كاتب المقال وكان الاقل ان تذكر اسمه بعد ايراد ماكتب
وماظن ذلك الا سهوا
امل منك تبيين من هو كاتب المقال مع انه قد ذكر في مقاله ان والده هو السيد محمد بن احمد الوزير
شكرا لكم على هذه اللفته في حق القاضيين الجرافي والهيصمي والشيخ محمد عاطف المصلي
فى صحيفه البلاغ ......
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif