جسد المرأة بين الحميري والهامشي
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 105
- اشترك في: الخميس مارس 30, 2006 2:21 pm
جسد المرأة بين الحميري والهامشي
بسم الله الرحمن الرحيم
جسد المرأة بين الحميري والهامشي
الأخوة الأعزاء المشتركون في هذه المجالس المباركة .. بعد التحية الصادقة الخالصة ،،
رغم ظروف الحرب التي فرضت علينا ويقتل فيها إخواننا وشبابنا وأهلونا وتستباح فيها مدننا وبيوتنا وحرماتنا إلا أن أحد الإخوان أصر عليَّ أن أدلي بدلوي في موضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" - لحسن ظنه بي – وللضيق الذي ألم به بسبب الفتاوى القبيحة التي قرأها للهامشي ، فأقول معتذرا من التقصير طالبا من الله السداد والتوفيق :
بداية لا أعطي نفسي الحق بتناول نوايا أي من المشاركين في الموضوع أو نزاهة قصده رغم مخالفته لقطعيات دين الإسلام التي أقدسها ، ولكني ولحرصي عليهم وعلى ما أعتقده دينا أعطيت نفسي الحق في أن أتدخل في هذا النقاش الجديد القديم الذي بدأ في موضوع "أول امرأة تؤم المسلمين للصلاة" وانتهى في هذا الموضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" وكان أقطابه الرئيسون هم الأخ نشوان الحميري ومن أيده في طرف والأخ الهامشي ومن لم يدرك مغزاه في طرف آخر ، مع وجود أسماء مهمة جدا ووجيهة ومحترمة اكتفت بمشاركات محدودة لم يطل الأخذ فيها والرد كما كان بين القطبين الرئيسين.
وبعد قراءة سريعة للموضوعين توصلت إلى تحليل شخصي مبني على ظواهر الحوار ، أما بواطنه فلا يعلمها إلا الله وأصحابها ، ولذلك فإن لهم كل الحق في الاعتراض على ما سأجتهد فيه ودحضه بمجرد النفي فليس سوى مجرد دعوى استلهمت بينتها بين السطور ، وليعذروا جرأتي في حق أشخاصهم المحترمة عندي جدا ولكن مهما كانت جرأتي كبيرة في حقهم فليست بقدر جرأتهم على الإفتاء باسم الله وهدم ما أعتبره من المقدسات ، وليطلب كل منا لأخيه العفو والمغفرة والهداية والتوفيق.
لاحظت - والله أعلم - أن الهامشي كان يستهدف وضع الحميري ومن إليه في حرج لعلهم يدركون التناقض البين الذي وقعوا فيه حين أقدموا على اجتهاداتهم المحدِثة ، ففي المرة الأولى حين فتح الحميري موضوع "إمامة المرأة للصلاة" وأبدى ميله إليها ابتكر الهامشي فكرة "صلاة المرأة بالمايوه" وطالب الحميري وجميع مؤيديه بتبيين الفرق بين إباحة إمامة المرأة للصلاة وبين إمامتها بالمايوه ، وبدلا من الخوض معه في نقاش علمي وتفنيد فكرة إمامة المرأة بالمايوه تهرب الحميري منه لإدراكه بأنه حين يفند فكرة الهامشي فإنما يفند ما ذهب إليه فآثر الصمت ، ولعل الإدارة الذكية من الهامشي للنقاش جعلت الحميري ومن إليه في نفس الزاوية التي كانوا ينظرون منها لجميع المشتركين الرافضين لإمامة المرأة للصلاة فأصبحوا بدلا من النقاش يتناولون النوايا فكان هذا في رأيي هو الانجاز الأكبر للهامشي فيه.
ولكن ما أثار اهتمامي هو التوتر الذي ساد أجواء الحوار بعد دخول الهامشي حلبته ، ولكنه اختلف في موضوعه بين الرافضين لإمامة المرأة وبين المؤيدين لها ، فالرافضون غضبوا لقدسية الإسلام وتألموا للإحداث فيه ، وبعض المؤيدين غضبوا لقدسية أنفسهم التي مسها الهامشي بالإحراج وحشرها في زاوية لا خلاص منها إلا بالمراوغة والهرب ولا أدري من يستحق الاحترام أكثر ، قوم يغضبون لقدسية الإسلام أم قوم يغضبون لقدسية أنفسهم ويتعاطون مع تراث الإسلام كأنما هو ترفٌ فكري أو لعبة للتذاكي أو حلقة من حلقات الصراع الأيديولوجي العالمي أو مكسب على الطريق للمؤمنين بقضايا المرأة ممن سلموا بكل سذاجة وبدون تأمل بأن فلسفة الغرب حول المرأة هي فلسفة صحيحة وعادلة واتخذوها معيارا تقاس به عدالة الأحكام الإسلامية وعصريتها ؟! ولكن لا أنسى أن بعض من كانوا يتعاهدون الحميري بالتأييد – بعد تجربة الهامشي - قد تركوا الخوض في قضايا من هذا النوع وما أحسب ذلك منهم إلا عقلا وإنصافا وحرصا على عدم الخوض فيما لم يُكلفوا ولذلك فهم يستحقون منا كل تقدير واحترام ولو كان جميع المتحاورين مثلهم وعلى مستواهم الأخلاقي والفكري لكان الحوار أوفر ثمرة وأجدى نفعا.
واليوم وفي موضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" يتكرر الموقف من جديد ولكن بمعطيات أخرى بعض الشيء فالحميري ومن إليه يقررون بأن "شعر المرأة ليس بعورة" فيزايد عليهم الهامشي ويبتكر على نفس منهجهم فتوى أكثر انفتاحا وإثارة للضحك والبكاء قائلا : "بل جسد المرأة ليس بعورة غير حلمتي الثدي وفتحتي الشرج والتناسل" والعياذ بالله ، ولسان حاله : "ليس الجدلُ شطارةً يا حميري" فبالإمكان أن ننقض بالجدل جميع الحقائق البديهية في الكون ، ولكني أخشى أن يكرر الحميري نفس السيناريو بأن يتهرب مرة أخرى من تفنيد فتوى الهامشي لإدراكه أنه حين يفعل ذلك إنما يفند ما ذهب إليه ، وأقول له وللحاضرين بأني وبعد استقراء بسيط لما كتبه الهامشي أدركت أنه لا يريد الإساءة إلى شخصكم (الكريم والمصون) - إلا إذا كان بينكما شئ خاص لا أعلم به - فهو لا يظهر إلا عندما تبدأون في الإفتاء بما ينقض المعلوم من الدين ضرورة لأنكم – وكما هو واضح - قد بدأتم المس بمقدساته المعلومات من الدين ضرورة (وهي فعلا قضايا مصونة ومقدسة وخطوط حمراء عند العلماء وعامة المسلمين وبإباحتها يباح الدين كله كما سأوضح) ، وأتمنى أن تكون غيرتكم على مقدسات المسلمين وحاسّتكم في إدراك الخطر عليها موازية – على الأقل - لغيرتكم على قداسة نفسكم وحاسّتكم في إدراك الحرج عليها.
والعجيب كل العجب أن يزعم الحميري ومن إليه بأن لا ردود علمية عليهم رغم كل الحرج الذي يضعهم فيه الهامشي وتناقضاتهم التي تظهر على يديه ، فكيف تقترحون أن تكون الردود العلمية عليكم وقد أفحمكم وعجزتم عن تفنيده وتمييز منهجكم عن منهجه ؟! هل تتوقعون أن ينزل جبرائيل عليه السلام بآية خاصة إليكم لتقول لكم اتقوا الله في دين محمد واعلموا ما يؤدي إليه منهجكم ؟! وكان الأولى أن ينزل بها على الملحدين والكفرة من قبلكم ، وإذا لم تدركوا أن الهامشي يناقشكم نقاشا علميا ويقوّض منهجكم من الأساس فإنكم حتما غير مؤهلين فكريا للخوض في أمر مقدس كأمر الإفتاء وأجزم حينئذ أنكم إنما تضلون الناس بجهل تحسبونه عِلما.
ولتبيين حكمي الذي قد لا ينسجم مع طموحاتكم بأنكم إنما تنتمون مع (ما يطرحه الهامشي بسخرية) إلى فئة فكرية واحدة منهجيا وبيان بعض النقاط التي ظلت عالقة بخاطري فإني أقول متوكلا على الحي القيوم :
1- كل منكم تناول النص الشرعي بطريقة جديدة وجريئة وصادمة – وإن كان الهامشي أكثر انفتاحا –
2- كل منكم أعطى لنفسه الحق في نبش أحكام إسلامية اتفق عليها فقهاء المسلمين وأصبحت بديهيات في الفقه الإسلامي.
3- كل منكم حاول أن يفهم النصوص وفق نسق منطقي خاص يعكس التأثر الواضح بفلسفة الغرب حول الحقوق والحريات ويحاول أن يستنطق النص الشرعي به ، ولا أدل على ذلك أن الأولين لم يخطر لهم ما خطر لكم ، وهم أهل الفصاحة والدراية والفطنة والذكاء والورع والتقوى ولا أعتقد أنكم تجرؤون على الزعم بأنكم أذكى من الأولين أو أكثر علما وورعا وتقوى منهم أو أكثر إلماما باللغة ومعانيها والآيات ودلالاتها وبالتالي وعند عملية تفكير بسيطة جدا نجد أن العامل الجديد الذي طرأ عليكم هو (التأثر بالغرب) وربما نضيف عليه التكلف في فهم اللغة العربية المبينة.
4- كل منكم تعامل مع النص الشرعي كأنما هو لغز من الألغاز أو أحجية من الأحاجي أو كلمة من كلمات البيت الأبيض وأشبعها تحليلا وجدلا ليعرف مغزاها وأبعادها الدفينة وخلفياتها الاجتماعية والسياسية ، وهذا خطأ فادح فالآيات القرءانية ليست ككلمات بوش وقد كان العرب يسمعونها ويعونها في منتهى الوضوح في جانبها التشريعي دون الحاجة لدراسة الخلفيات الاجتماعية العالمية وليست ألغازا ولا أحاجي وإلا فكيف نصفها بالإبانة والفصاحة والبلاغة وكيف تتم بها الحجة على الناس وكيف تكون محفوظة من تحريفات البشر وتأويلاتهم وقد احتاجت إلى كل هذه القرون لكي يأتي أحدهم ليفهمها في هذا القرن وهو يتكلف اللغة تكلفا ولا يكاد يبين.
5- لماذا أنتم والهامشي وجهان لعملة واحدة ؟ : إذا كان يحق لك أن تعيد النظر في الأحكام ويحق لك أن تتناول النص الشرعي بطريقة جديدة ويحق لك أن تتعامل مع النصوص كأنما هي لغز أو أحجية فقل لي بالله عليك : ما هو الفرق بينك وبين الهامشي ؟! لا فرق إلا في الأحكام لا في الطريق الموصلة إلى الأحكام ، فالطريق التي أوصلتك إلى "مَناخة" أوصلت الهامشي إلى "الحُدَيْدَة" وربما ستصل بك يوما ما إلى "الحُدَيْدَة" من يدري ؟! فذلك متوقف على مستوى مناعتك من المؤثرات الإعلامية والثقافية الدخيلة وأخشى أن المسألة هي مسألة وقت ، وطالما سمحت لنفسك بخوض هذا المنهج فأعجب العجب أن تستنكره من غيرك بل وتعتبره استهزاء وسخرية ، فإذا اعتبرته سخرية فإنما تسخر من فتواك وإن استهنت به فإنما تستهين بمنهجك وإن نظرت إليه فإنما تنظر إلى نفسك.
6- هل التعامل الجدلي مع النصوص هو شطارة ؟ : التعامل الجدلي مع أحد الأحكام الشرعية كحكم الحجاب للخلوص إلى نسق منطقي جدلي ليس "شطارة" ولا يدل على أن النص في دلالاته غير ثابت ، فبالإمكان أن يتعامل "الشطار" غيركم جدليا مع أوضح الحقائق في الكون كحقيقة "وجود الإنسان" والتشكيك فيها جدليا وما تزال هناك أسئلة محيرة في ذلك ، وهذا ما يسمى بالسفسطة وإني أربأ بكم عن ذلك ، فما هكذا يتعاطى العقلاء والباحثون عن الحق ، والهامشي هو أبرز مثال على السفسطة تلك فكما يبدو لي والله أعلم أنه يحاول أن يخبركم كيف أن التعاطي بالجدل مع أثبت النصوص وأوضح القضايا ممكن جدا وسهل ببعض الخيال والحذلقة والألاعيب اللغوية والشعارات ويمكن أن يظهر للمغفلين على شكل نسق منطقي متناسق – وإن كان صادما - ويضع علامات استفهام (أو شُبَها) تكون محيرة ، وإني أبشركم أن عجلة الجدل والسفسطة لن تجرف حكم الحجاب الذي تستهدفونه فقط بل من الممكن أن تجرف جميع الثوابت في دين الإسلام – طالما فتحتم هذا الباب – بما في ذلك أحكام الصلاة والصوم والزكاة والحج وثبوت القرءان وقضية ثبوت النبوة وقضية ثبوت الألوهية – إن كنتم تهتمون بها وتحرصون عليها وتخشون أن تلقوا الله تعالى بوزرها – ولا أعتقد أن حمى التأثر بالغرب قد وصلت بكم إلى حد التفريط بهذه الثوابت أو هكذا أحب أن أتخيل.
7- عجلة الجدل بمنهجكم قد تبيح دماءنا وأعراضنا وأموالنا : ومن زاوية أخرى فإني أبشركم بأن عجلة الجدل التي ترسُونها في تناول الأحكام الشرعية قد تجرف فيما تجرف جميع الثوابت وجميع الحرمات ومنها دماءنا وأعراضنا وأموالنا ، فيكفي في منهجكم أن يتمتع المجتهد المجادل مثلكم ببعض الخيال والذكاء والبحث عن مداخل في النصوص الشرعية لكي يفتي بهدر دم فلان وإباحة عرض فلان ، معللا فتواه بنصوص شرعية تناولها بتكلف لغوي وناقض بها الثوابت والمفاهيم المعلومة من الدين بالضرورة ، وهذا لعمري هو الجهل المبين وإن أظهره الذكاء في ثوب جدلي قشيب وطبَّـلتْ له المنظمات الدولية وزمَّرتْ له وسائل الإعلام.
8- أسلوبكم يشبه أسلوب المتسشرقين : كل منكم غير مؤهل للاجتهاد الشرعي فأنتم جميعا متطفلون على الفتوى الشرعية مهما سردتم أفكاركم وفق منطق منسجم ، ولا أظنكم أكثر منطقا وحنكة من المستشرقين الذين تناولوا الأحكام الإسلامية بتحليل تاريخي وحاولوا قدر الإمكان ربطها بالعادات والتقاليد الإنسانية لكي ينفوا قدسيتها ونسبتها إلى الله بل وأوصلهم تحليلهم التاريخي إلى أن النبي الكريم لم يكن إلا عبقرية إنسانية زعمت لنفسها النبوة بهدف الإصلاح الاجتماعي ، فهل تقرون منهجهم أم أن الأمر لا يعنيكم ؟! في رأيي وفي رأي الغيارى على محمد صلى الله عليه وآله ودينه أن تحليلاتهم التاريخية والفكرية ونظرياتهم الجدلية لا تعفيهم من كونهم متطفلين على الفتوى وجاهلين بحقيقة الإسلام ، فغاية ما ذهبوا إليه هو "النظرية" ومن الممكن بالخيال الخصب أن يؤسس الإنسان نظريات عن كل شيء تقريبا و"النظرية" في حد ذاتها لا تكتسب "قيمة علمية قطعية" ولا تقدر على دحض الواقع الملموس والبديهيات ولا تقوى على التأثير في القطعي المعلوم من الدين ضرورة ، بالإضافة إلى أن قراءتها تتم بالمعكوس وتتم فيها مصادرات كثيرة تفضي بالحكم منها إلى الخطأ ، فماذا لو ثبت لديك أن تغطية الرأس كان عادة عند العرب في الجاهلية ؟! هل كل ما في الجاهلية باطل وخاطئ ؟! فاعلم أنه إذا كان في الجاهلية وأد البنات فقد كان فيها حلف الفضول ، وإذا كان في الجاهلية الربا والظلم والعسف فقد كان فيها البطولة والوفاء والشهامة والحمية والكرم ، وإذا كان في الجاهلية الرايات الحمراء فقد كان فيها البيت الذي أخرج محمدا صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوجود من أطهر الأرحام وأفضل الأصلاب وأكرم العشيرة فكان صلى الله عليه وآله خيارا من خيار من خيار ، ثم ألم يكن الحج والكثير من مناسكه معروفا في الجاهلية وأصبح في الإسلام ركنا من الأركان وفريضة في الخَمْس ؟! فهل ينتقص ذلك من وجوبه أو نسكه ؟! وماذا لو ثبت لديك أن الحجاب عادة قدستها الحضارات القديمة ؟! فهل معنى ذلك أن البشر هم من أرسى قدسيتها ؟! أليس اتفاقهم عليها دليلا على أنها فطرة أو أنها مما فرضه الله على جميع الأديان بواسطة أنبياءه صلوات الله عليهم ؟! وماذا عن الألبسة عموما ، ألم تكن نساء الجاهلية يلبسن الثياب أيضا ، فهل تواتر لديكم أيضا أن ثياب النساء الساترة للأرداف والصدر والفخذين هي عادة جاهلية لا دخل للتشريع فيها ؟! أليس من الممكن أن ينسحب عليها الدور البشري التاريخي غير المقدس في إيجاب التغطية بما في ذلك الثدي والأرداف والأفخاذ وغيرها فتكون ضحية لأسلوبكم كما كان الخِمار؟! وماذا لو كان حكم العورات عند الرقيق مختلفا عنه في الحرائر ؟! هل معنى هذا أن تـُسقِط عورات الرقيق على عورات الحرائر؟! وكيف يكون الجيب عورة في حق الحرائر منصوصا عليها في القرءان وهو في الرقيق ليس بعورة – حسب قياسك - ؟! وإذا ما أردت أن يكون استدلالك صحيحا بتفاوت العورات بين الحرائر والرقيق فيجب عليك أن تفرق بين ما يعتمل في صدرك من شبهات حول ثبوت الحكم في الحرائر وبين علة ذلك الحكم ، فالاستدلال بأن عورة الرقيق لا تتضمن تغطية الرأس لا يؤدي – في المنطق السليم – إلا إلى الحيرة في علة الحجاب (وهي الفتنة) لا في ثبوت الحكم (وهو وجوب التغطية) ، وإلا فكيف فرض الله على الرقيق نصف ما على المحصنات من العذاب في حد الزنا ؟! فهل هذا التفاوت في الحد ينفي ثبوت حدين مختلفين بين الحرائر والرقيق لاختلاف الكمية ؟! وفي مقام العلة التي من المعقول منطقيا أن تحتار فيها بناء على التفاوت : هل التفاوت في الحدين ينقص من ردعية حد الزنا منه في الرقيق عنه في الحرائر فكأن الله يقول : لا بأس إن زنت الأمَة – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ؟
9- لماذا لا ينشغل المسلمون بتفنيد اجتهاداتكم ؟ وهل هم عاجزون عن ذلك ؟ : وقد غركم عدم انشغال الحريصين من أبناء الإسلام بتفنيد ما تبتدعونه وتبثونه على الهواء أولا بأول دون ورع ولا تقوى باسم حرية الرأي والرأي الآخر في إشارة أخرى لذوبانكم في فلسفة الغرب ، معتبرين أن عدم انشغالهم بتفنيد ما تبتدعونه علامة ٌعلى الضعف والعجز الفكري في منظومة الإسلام ! وهل يصح أن ينشغل العقلاء بتفنيد جميع الوساوس والتخيلات والنظريات التي تطرأ على أهل الجرأة والثقة الزائدة بالنفس وعلى الشاعرين بالصغار النفسي أمام وهج الحضارة الغربية الذي أعمى بصائرهم ؟ في رأيي المتواضع لا يصح ذلك وسيكون مضيعة للوقت والجهد لأنه سيتعلق بوساوس غير منتهية طالما ظل منبعها دافقا وخلاقا ، والأولى بالباحثين تجفيف منابع تلك الوساوس والتخيلات والنظريات لا الخوض في تفاصيلها غير المنتهية وبواعثها المتجددة ، فالنقاش الذي يتناول التفاصيل دون الأصول والمنابع هو نقاش قد يحل الإشكالات في ذلك التفصيل ولكنه لن يحل المشكلة الأساسية ، ولتوضيح وجه الخطأ فيه نضرب مثالا بالنقاش مع أحد الملحدين الذين يستنكرون إضاعة المسلمين لأوقاتهم في الصلاة فالصحيح في سير النقاش أن يتناول الأصل الذي سبب ذلك الاستنكار في نفسية الملحد ألا وهو إنكار الخالق والبعث والتكليف والذي سيجعله غير مطمئن لأي تبرير تفصيلي يتناول الفوائد الحياتية للصلاة لأن من الممكن جدليا وبالوسوسة الذاتية والخارجية إيجاد ثغرات فيها ، وإن كنت أحترم جدا الشباب الغيارى والعلماء الأجلاء الذين شغلوا أنفسهم بالرد على تفاصيل الشطحات المحدِثة وحاولوا تفنيدها بجهدهم الشريف – كتب الله أجرهم وأيدهم – وهكذا تكون الحمية على دين الإسلام.
ولذلك فإني ألزم أهل الجرأة بالفتوى ألزمهم الحجة أمام الله بأن عليهم التأكد من سلامة منهجهم الذي تتحول به الوساوس والتخيلات والنظريات إلى فتوى باسم الله ، ثم بيانه لنا ، ويبدو لي أن ذلك ما يريده الهامشي منهم ويحاول أن يدفعهم إليه ولكن دون جدوى ، وبدلا من أن يبينوا له و للناس سلامة منهجهم يهربون ، ثم يخرجون علينا بفتاوى جديدة بين الفينة والفينة فمتى سنتأكد من سلامة منهجهم ؟! بل متى سيتأكدون هم من سلامته ؟!
10- هل أنتم مؤهلون نفسيا للإفتاء ؟ : كل منكم غير مؤهل للاجتهاد الشرعي من زواية نفسية لأنكم جميعا تعيشون حالة أشبه ما تكون بالتنويم المغناطيسي وعدم الاتزان النفسي وتعكسون الانبهار الذي ترونه في الغرب بالنقمة على الأحكام الشرعية العتيقة لأنكم تستبطنون أنها سبب تخلف المسلمين وهزيمتهم أمام الغرب ، أو ترون في المجتمع الغربي مجتمع اليوتوبيا الذي طالما حلمتم به وذلك كله يجعلكم غير مؤهلين نفسيا للخوض في غمار الاجتهاد الشرعي حتى لو كنتم مؤهلين فنيا للفتوى ولستم كذلك كما سأبين - وهو ما لم يتأثر به السابقون ممن قرأوا النصوص الشرعية قبلكم وبالتالي لم يتوصلوا إلى ما توصلتم إليه - ولذلك فإني أرجوكم أن تقفوا مع ضمائركم وقفة تقوى وإيمان قبل الخوض في الفتوى والزعم بأن هذا حلال وهذا حرام والتأكد أنكم لا تعانون من حالة غسيل دماغ وفقدان للتوازن جراء الانبهار والدعاية الغربية المركزة.
11- ولا أدل على أنكم تعملون – من حيث لا تشعرون – بإيحاء من التأثر بالحضارة الغربية أن القضايا التي تتجرأون فيها على الفتوى إنما هي قضايا المرأة والجهاد والديمقراطية والحدود الشرعية والتي تجرح إحساس الغرب ، ولكنا لم نسمع أيا منكم يجتهد في قضايا عدد ركعات الصلاة لأن الغرب لا يتناول عددها في الإعلام فبقيت على قداستها عندكم ، ولأن القوة الثبوتية لأحكام المرأة والجهاد والحدود الشرعية هي كالقوة الثبوتية لصفة الصلاة فإنكم لا تعطون أنفسكم الفرصة لتتأملوا بأن النتيجة الحتمية لما تقدمون عليه من تقويض هذه القوة الثبوتية إنما هي فتح الباب لغيركم من أعداء الإسلام للتحريف في عدد ركعات الصلاة باسم الاجتهاد ولو في المستقبل فتأملوا.
12- هل أنتم مؤهلون فنيا للإفتاء ؟ : أسلوب البحث عن الثغرات في البناء الفقهي العتيق هو أسلوب يدل على أنكم غير مؤهلين فنيا للخوض في الفتوى الشرعية ، ذلك أن الكثير من الأحكام الفقهية إنما انبنت من الوعي العام بدلالة النصوص الشرعية من مجتمع عربي فصيح كان يفهم مغزى الآيات التشريعية بوضوح تام دون حاجة إلى التحليل والجهد الذي تقومون به لأن الله كان يخاطب العرب الفصحاء بالقرءان الكريم لكي يدركوه في جانبه التشريعي لا لكي يقتصر فهمه على العباقرة منهم بالتحليل أياما وليالي وقراءة تاريخ البشرية لمعرفة جذر الحكم الفلاني وعادات الشعوب في الحكم العلاني ، وكل ذلك الوعي العام بدلالة النصوص الشرعية منقول بالرواية الاتفاقية جيلا عن جيل وهذه الرواية الاتفاقية هي أعلى مراتب الثبوت الشرعي وبها يثبت القرءان الكريم نفسه ويعبر عنها بمنح الإجازة العلمية ، أما مقولات المرونة في الإسلام والاستنباط الشرعي فهما في الأحكام التي لم يعرف فيها العرب الفصحاء نصا عن الله ولا رسوله لا في التناول الجدلي لتلك النصوص ، ولو صح أسلوبكم هذا في نبش التراث الإسلامي وإعادة قراءة النصوص الشرعية لفتحتم باب الإلحاد على مصراعيه فالنصوص الشرعية – والقرءانية منها بالأخص - هي نصوص حمالة للأوجه ولذلك فقد كانت السنة النبوية مبينة لمجملها ومحددة لتفاصيلها ، والسنة كما يعلمها العلماء قول وفعل وتقرير وقد تروى نصا آحاديا ظني الثبوت فيجب العمل بها في الفروع ، وقد تروى كمفهوم عام أو تفسير لآية ويتفق عليها المسلمون فتكون مفهوما متواترا أو متلقى بالقبول قطعي الثبوت يجب العلم به والعمل ويقع مخالفوه ومنكروه في الكفر والعياذ بالله ، فهل ترضون أن تقابلوا الله باحتمال ولو بسيط بأنكم قد وقعتم في الكفر والصد عن سبيل الله وتحريف أحكامه ؟! وهل ترضون بأن تقابلوا رسول الله يوم القيامة وأنتم من فتح الباب لهدم الإسلام وقد تبعكم ملايين المغفلين ؟! وهل ترضون أن يناقش أحدهم نصوص الصلاة والزكاة بنفس الطريقة التي تناقشون بها حجاب المرأة اليوم فيتوصل إلى أن الصلاة هي الدعاء بالخير في اللغة العربية ولا أركان فيها ولا أذكار (لأن ذلك ممكن جدليا بنفس طريقتكم) ؟! وهل ترضون أن يأتي أحدهم ويفسر الرسالة الإسلامية الغراء جميعا بأنها حالة من العبقرية المحمدية والفرادة الإنسانية التي عجز العرب عن إدراكها لتخلف بيئتهم ففسروها بالغيبيات كالوحي والنبوة (وذلك ممكن جدليا بنفس طريقتكم)؟!
فالإمكان الجدلي إذن ليس المؤشر لعدم ثبات الأحكام الشرعية والعقلية ، فكل شئ تقريبا ممكن جدليا وإذا لم تصدقوني فعليكم بقراءة تاريخ الفلسفة ، وإني أخشى عليكم أن يصيبكم الجدل والمراء بموت الضمير وبرودة الحمية بخصوص منظومة الشريعة الإسلامية ، وأخشى أنه لم يعد يعنيكم سوى هدم ما تعتقدون أنه خاطئ وظالم ومتخلف ورجعي دون النظر إلى الآثار الهدامة التي تشرعونها على بقية الشريعة الإسلامية ، وهو - لعمري - بئس الزاد ليوم المعاد.
13- التحريف المعنوي : التحريف نوعان : تحريف النص وتحريف المعنى ، وأخشى أنكم وإن لم تحرِّفوا النصوص (لأن تحريف النص مستحيل وغير قابل للتسويق حاليا بين المسلمين) ، أنكم قد وقعتم في جُرم تحريف المعنى ، فالتواتر الذي نقل به نص القرءان إنما هو أحد المفاهيم المعلومة من الدين ضرورة والتي من الممكن بالجدل إثارة الشُبَه حولها أيضا ، فإن أبحتم لأنفسكم مراجعة المعاني القرءانية المتواترة المتفق عليها بين المسلمين فقد أبحتم لغيركم بأن يراجع ثبوت القرءان ونصه ، فهل تخشون من ذلك أم لا تفكرون إلا في تحرير المرأة وفق المفاهيم الغربية المفروضة عليكم نفسيا مهما كان الثمن غاليا ومقدسا ؟!
14- بين الإجماع والمعلوم من الدين بالضرورة : لعل الخلاف التاريخي الحاصل بين المسلمين حول ثبوت الدليل الثالث من الأدلة الشرعية المسمى بالإجماع وإمكانه قد أغراكم للخوض فيما تخوضون فيه من الاجتهاد والإفتاء في مسائل ومفاهيم متفق عليها بين المسلمين ولم تعد هناك حدود لاجتهاداتكم أو حرمة أو خطوط حمراء إلا بناء على الذوق والهوى ، وقمتم باستغلال ذلك الخلاف التاريخي حول الدليل الثالث وإثراءه جدليا للانطلاق منه إلى الاستهانة بعامة الأحكام الشرعية التي لم تستحسنوها (بخلفية المؤثرات العالمية) رغم أن من أثاروا هذا الخلاف التاريخي لم يبيحوا لأنفسهم ما أبحتموه لأنفسكم ؟!
لم تعد كلمة "مُجمع عليها" تحظى بنفس الهيبة في أدبياتكم أو أنفسكم بعد الزوابع الجدلية التي بذلتم لأجلها عقولكم وجهودكم وأحالت دليل الإجماع لديكم إلى ركام معتقدين أنكم قمت بأعظم الفتوحات في تاريخ الإسلام وحررتموه من ربقة الجمود والتحجر وأن ذلك سيفتح لكم المجال لتصحيح أحكامه لتكون عصرية وحقوقية وحرياتية ، ولكن هل لديكم منهج له إطار يمكن لنا أن نحترمه في ذلك ؟! وإذا كنتم قد توصلتم بالبحث الدقيق الشريف النظيف من المؤثرات الغربية أن الدليل الثالث من الأدلة الشرعية المسمى بالإجماع ليس صحيحا أو دليلا ظنيا ليست له حرمة ، فما هي المسائل الشرعية التي ستسقط بسقوطه ؟! هل فكرتم في آثار ذلك أم لا تعنيكم الآثار ؟! هل خطر عليكم أن تسقط صفة الصلاة بسقوطه أم لا يعنيكم الأمر؟!
وللأسف وفي غمرة العمل الدؤوب على هدم الدليل الثالث واستغلال الخلاف التاريخي فيه لم تتبينوا الفرق بين المفاهيم والأحكام التي ثبتت بالدليل الثالث وبين الأحكام التي تعتبر من الضروريات المسماة بالمعلومات من الدين ضرورة ، ويرتبط ثبوتها مباشرة بالعقل والقطع ، وأخذتم الثانية بذنب الأولى فكانت النتيجة كارثية على دين الإسلام ، وإني أقول لكم صادقا : لو أنكم اكتفيتم بالخوض في قضايا ثبتت بالدليل الثالث فهو أهون عندي من خوضكم في قضايا المعلومات من الدين ضرورة لأن الخوض في مسائل ظنية في دلالتها وثبوتيتها مقبول إذا ما قارناه بالخوض في قضايا قطعية في دلالتها وثبوتيتها ، ولذلك فإن الخطوة التصحيحية الأولى في منهجكم هي تحديد معيار دقيق للتفريق بين المسائل الثابتة بالدليل الثالث وبين المسائل المعلومة من الدين بالضرورة قبل الخوض فيما لا تعلمون ، وقد يستشكل بعضكم تفريقي بين مسائل الدليل الثالث (الإجماع) وبين المعلومات من الدين بالضرورة ويعتبر أن لا حاجة له بها ولكن فليقل لي : كيف تثبت لديكم صفة الصلاة ؟! أم أنه يجوز الاجتهاد فيها ؟! وكيف يثبت لديكم ارتباط الوضوء بالصلاة من مفهوم آية الوضوء ؟! أم أنه يجوز الاجتهاد فيها أيضا ؟! فإن لم تعوا الفرق بينها فلعمري إن الأولى بكم الإعراض عن طريق الفتوى والتنظير الإسلامي وابحثوا عن عمل آخر.
وبناء على كل ذلك فإني ألفتكم إلى أن كلمة "مُجمع عليها" أو "مُتفق عليها" أو "معلومة من الدين ضرورة" لا تعني الاستناد إلى الدليل الثالث من الأدلة الشرعية بصفته التي تتشككون فيها وفي إمكانها ودليلها ، لأن قطعية هذه المسائل لا يحتاج إلى نص ، لأن النص بنفسه لا يثبت بقيمته القطعية إلا بها وإن سقطت سقطت القيمة القطعية للنص معها وفتحنا باب الاجتهاد في ثبوته أيضا ، ومن الممكن حينئذ أن يطلع علينا نفر ليجتهدوا في أن القرءان الذي بين أيدينا ليس هو نفس القرءان الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم محتجين بروايات مبثوثة هنا وهناك ، فكيف ستجيبون هذا الاجتهاد ؟! أم أنكم تؤيدون حق هذا الرأي في التعبير عن نفسه وإبقاءه داخل البيت الإسلامي ؟
أما إمكان المعلومات من الدين ضرورة فإنه إمكان واقعي من أنكره فقد أنكر واقعية اتفاق المسلمين على أن القرءان الذي بين أيدينا اليوم هو ما أنزل على النبي بنفسه ولا أحسبكم تقبلون التضحية بقداسة القرءان إلا إن كنتم متآمرين على الإسلام.
15- الجانب المظلم في منهجكم : هناك باب آخر قد يفتحه استهانتكم بالإجماع وخلطكم بينه وبين المعلومات من الدين بالضرورة ألا وهو ظهور طائفة من الأحكام المضادة لروح بواعثكم الحقوقية والحرياتية كالإفتاء بجواز الاغتصاب لعدم وجود نص قطعي قرءاني فيه والإفتاء بنجاسة النساء بناء على الدلالة الظاهرية للنص "أو لامستم النساء" ، فكيف ستتعاملون مع هذه الطائفة من الفتاوى التي ستجد لها شرعية بمنهجكم ؟! هل ستستثنونها لمجرد تعارضها مع الحقوق والحريات ، ليكون هذا دليلا آخر على أنكم تقدسون تلك المفاهيم الغربية وتعتبرونها معيارا أعلى وكان لكم في دينكم وأصولكم مندوحة عنه ؟! وهل لديكم تصور بخطورتها أم لا تستوعب عقولكم الثائرة وحلومكم المتحررة هذا البعد المظلم في منهجكم ؟! فهل أنتم مؤهلون حينئذ استراتيجيا في مجال الحقوق والحريات للخوض في الفتوى الإسلامية ؟! لعلكم ترأفون بالحقوق والحريات أكثر من الإسلام !
وهناك جانب آخر مهم وهو : كيف ستدافعون عن الإسلام في وجه الملحدين الذين يقولون إن القرءان لم يمنع الاغتصاب ؟! هل ستقولون له إن هذا معلوم من الدين بالضرورة ولا يحتاج إلى نص ؟
16- قد يكون هدفكم هو تصحيح الإسلام وإعادة تسويقه : يجب أن أنوه أنني قد أعلم أنكم إنما تفعلون كل ذلك بحسن نية وبهدف تصحيح الإسلام وبهدف تلميع صورته وتقديمه بصورة جميلة وحضارية أمام العالم وبهدف نشره ليغمر الأرض والحضارات ، وهذا مقصد نبيل وشريف وعظيم ولكنه لا يكون على حساب الإسلام نفسه وعلى حساب أحكامه بتبديلها وتغييرها لتتلائم مع الأهواء والشعوب وإني أربأ بكم أن تكونوا كـ"بولس الرسول" الذي بدل بعض الأحكام لكي يدخل الناس في دين المسيح أفواجا ، ولكنه لم يعلم أنهم لم يدخلوا حينئذ في دين المسيح بل دخلوا في دين أهوائهم.
17- كيف نشأ منهجكم وكيف تطور : أتصور – ومن باب حسن الظن بكم - أن من الدوافع التي تدفعكم للتفكير في الاجتهاد الثوري وجود طائفة كبيرة من الشباب الذين يتلقون سيلا إعلاميا جارفا ومُركزا أصبح هو المُعلم والوالد والمُلهم فأصبحوا به حائرين في عدالة تشريعات الإسلام لاسيما في ظل الضغوط الغربية المتزايدة على ثقافتهم كما يحدث في فرنسا وأوروبا بخصوص الحجاب وما حدث من البابا بخصوص الجهاد وما حدث في الدنمارك من إساءة للنبي وما يحدث في عامة أجهزة الإعلام من جدل وجدل وجدل حول جميع الأصول والفروع أدى في نفوسهم إلى مزيد من الحيرة والحيرة التي تكاد أن تكون كفرا ، أما دور الأفلام والوسائل الغربية للثقافة فهي لا تخفى على عاقل فبإدمانها يمكن أن تتبدل القيم والمفاهيم ويصبح الصواب خطأ والخطأ صوابا ، والجميل قبيحا والقبيح جميلا والحق باطلا والباطل حقا ، فهي أخطر وأعم وسيلة وسوسة منظمة ظهرت في التاريخ ، وهذه الوسوسة كما تعلمون تدخل اليوم إلى بيوت المسلمين جميعا وتربي الأجيال على قيم أخرى غير التي نشأ عليها الأجيال الإسلامية السابقة.
وهؤلاء الشباب عندما يتواصلون معكم (باعتباركم عاملين في المجال الدعوي والإسلامي والفكري) يضغطون عليكم باستمرار ويجبرونكم شيئا فشيئا على إعادة قراءة الأحكام وما بنيت عليه لعلكم تجدون لهم متنفسا يبقيهم على دينهم وإيمانهم والتزامهم ولا يشعرهم بالتعود على اقتراف الحرام فيبقون على ولائهم للدين ، ولربما كنتم أنتم أيضا ضحية لهذه الوسوسة وهذه الضغوط مما أدى إلى تغيرات في القيم التي كنتم ترون بها الأحكام الإسلامية أحكاما عادية وغير قبيحة بالأمس ، وأدى ذلك إلى أزمات نفسية مررتم بها بين مقدسات الأمس المتجذرة في نفوسكم وبين مفاهيم اليوم والعصر الطارئة عليكم ، وهنا انتقلت الأزمة النفسية إلى مرحلة أخرى وتحولت وتطورت إلى عمل ممنهج وأسست لنفسها أصول فقه جديد وحاولت أن تبني منظومة فقهية جديدة تحل الأزمة النفسية وتتأسس على حاجات المسلمين في العصر وتراعي همومهم وتخفف من الضغوط التي يتعرضون لها في ظل الهزيمة النفسية العامة التي تمر بها الأمة وفي ظل القيم الطارئة على عقليتها وثقافتها ، ولكن الحل لهذه الأزمة النفسية المؤلمة كان مقدرا له التصادم الحتمي مع المنظومة الفقهية الأصلية التي تمسك بها من لم يعانوا من تلك الأزمة النفسية مما اضطر رواد المنظومة الطارئة إلى الجدل والتبرير ونبش الأحكام الإسلامية والتفتيش عن ثغرات في أصول الفقه لعلهم يؤكدون شرعية ما يفعلون !! فكانت المفاجأة في ظل الهرج والمرج العام الذي تمر به الأمة أن رد فعل المنظومة الفقهية الأصلية لم يكن على ذلك المستوى من القوة والحجة والبرهان ولم تستطع أن تبرر للمنظومة الطارئة أسبابا وجيهة تمنعها من نبش الإسلام العتيق واكتفت بردود مجملة وغير مُشبعة لنهمهم ، وهي عاجزة في نفس الوقت عن مجاراة السيل الإعلامي الغربي أو مقاومته لتحل الأزمة النفسية الطارئة ، فتحول المنهج الطارئ من مجرد فكرة هنا وهناك إلى ثورة وعقيدة يستميت في سبيلها الحداثيون ويبذلون فكرهم وجهودهم وولائهم وتعاطفهم ، وتستميل إليها جميع العقول الصاعدة النيرة ليوجهوا الضربة الأخيرة والقاضية للإسلام العتيق ، ويتحرروا من طوقه الضيق على أهوائهم الذي لم يعد ملائما لقيم العصر الطارئة في ظل الخلل في التوازن الإعلامي والاستراتيجي ، فإذا صح حدسي وكان لهذه التصورات مصاديقها على الواقع العملي فإني أسأل : هل يصح أن تكون الأزمة النفسية أساسا لمنهج تجديدي في الإسلام ؟! وهل يصح أخلاقيا أن نجعل المعايير المفروضة بالإعلام والخلل الاستراتيجي مقياسا أعلى للتجديد ؟! وهل يترتب على الخلل في التوازن الإعلامي والاستراتيجي بين ثقافة الإسلام وثقافة الغرب أن ثقافة الغرب صحيحة وهي المعيار الأعلى الذي تقاس به عدالة الإسلام ؟! وهل يصح أن يظل هذا المنهج التجديدي دون إطار يحمي الدين الذي ينطلق منه ؟! وهل يصح أن يقوم هذا المنهج التجديدي على أنقاض بديهيات الإسلام كالقرءان والنبوة والألوهية والصلاة والصوم والحج ؟! وهل يصح أن يقوم هذا المنهج التجديدي على التعايش مع الأهواء والوساوس الإعلامية على حساب البديهيات ؟!
18- ليس العلماء كهنة (أحد العلماء في المغرب) : إذا أفتى أحد العلماء المؤهلين فنيا في المغرب أو في الجزائر أو في اليمن أو في العراق أو في أي أرض من أرض الإسلام بإباحة كشف الشعر فليس ذلك بمبرر لإلصاق هذه الفتوى بالإسلام والاستهانة بحكمها الأصيل ، والسبب في ذلك أن العلماء في الإسلام ليسوا كهنة وليسوا باباوات وليسوا بأفرادهم معصومين عن الزلل والخطأ وليس من حقهم التحليل أو التحريم وليس من حقهم مخالفة القواعد التي أعطتهم الحق في الاجتهاد وهم محكومون بالمنظومة والقواعد الاجتهادية فمن خالف منهم تلك القواعد والنظم فقد سلب نفسه رخصة الاجتهاد حتى لو كان السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين بدر الدين بن أمير الدين الحوثي أو السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين مجد الدين بن محمد المؤيدي أو السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين محمد بن محمد المنصور ، فليس حق الاجتهاد تفويضا لا شروط فيه فهو مشروط بالتقيد بأصوله وقواعده ومنقوض بالإخلال بأحدها ، ولا يغرنكم شكل المفتي أو طريقة لباسه أو حجم عمامته أو ترديده للمصطلحات الفقهية والدينية أو اشتغاله بالدعوة الإسلامية وظهوره في الفضائيات فكل ذلك ليس إلا ظواهر قد تكون خادعة (مع أهميتها واحترامنا لها) والمعيار الفيصل في قبول فتاوى كهذه هو معيار الفتوى نفسها وموافقتها لشروط الاجتهاد وقواعده المعروفة المصونة والتي بهدمها يمكن أن يخرج ألف هامشي يفتي باسم الإسلام !!
وبناء على ذلك المعيار إذا سمعنا أن أحد العلماء المؤهلين فنيا للاجتهاد والإفتاء مع نزاهته وأخلاقه قد اصدر فتوى شاذة كالتي ادعاها أحد الأخوة في المغرب فهي فتوى شاذة وغير صحيحة وغير شرعية لأن ذلك المفتي ليس معصوما عن الزلل أو سوء الفهم أو نقص العقل وهو لا يدعي لنفسه الكمال وليس هذا المفتي كاهنا يحق له أن يحلل ويحرم ابتداء فهو ملزم بقواعد معينة للخلوص بالاجتهاد فإن خالفها كان اجتهاده باطلا وربما انتفت "رخصة اجتهاده" وإذا كانت لديه قواعد أخرى غير التي أصبح بها مجتهدا فقد سحب بتجاوزها "رخصة الاجتهاد السابقة" وانتسب لمدرسة فكرية أخرى لا علاقة لها بمدرسة الإسلام الفكرية ولا يهمنا إن حصل من تلك المدرسة الجديدة على "رخصة اجتهاد جديدة" أو منح نفسه "رخصة اجتهاد مدى الحياة وبلا شروط" ، وقد يكون نموذج الهامشي أحد أولئك العلماء المؤهلين فنيا للاجتهاد والإفتاء والذي يفتي بتلك الفتاوى القبيحة ، ومن الخطأ أن يفهم الناس أن اجتهاد الهامشي المؤهل فقهيا صحيح "يصبحُ به الخلاف ُ ظنيا ً" ، ففتوى الهامشي مردودة على صاحبها طالما كانت متجاوزة لقواعد الاجتهاد ولو كان في أعلى المراتب الفقهية والعلمية والافتائية أو يظهر للعوام بمظاهر إسلامية كأن يكون لابسا أهيب العمائم وأزهد الأثواب وحريصا على المسواك والشبشب ولا يقوم من مقامه إلا على وضوء ولا يخاطب الناس إلا بالقرءان والأحاديث والتأوهات ، فهل ستصبح فتوى الهامشي حينئذ فتوى شرعية وصحيحة ؟!
19- ألا تفكرون في المستقبل وما ستؤدي إليه فتاواكم: أعبر لكم عن قلقي الشديد – إذا ما أصررتم على نشر منهجكم - أن يأتي زمان ورجال ونساء يتعاطون مع النصوص الشرعية كما يتعاطى الهامشي معها فتظهر فتاوى في غاية القبح تنسب نفسها زورا وبهتانا إلى الله والإسلام ، وإذا كنتم اليوم تعون أنها استهزاء وسخرية فلربما يأتي جيل يستحسنها ويراها عصرية – كما ترون فتاوى كشف الشعر وغيرها - فهل هناك اقتراح عندكم لتفنيدها ؟! أم أنكم لا تهتمون بالدفاع عن الإسلام في وجه المحرفين ولو مستقبلا ؟! ولا تهتمون إلا بهدم الأحكام العتيقة لأنها غير عادلة وغير منسجمة مع النصوص – حسب ظنكم - ، فهل هذه نفسية مؤمنين غيورين على دين نبيهم حذرين من عاقبتهم ؟! لا يغارون ولا يتحركون إلا عندما تكون غيرتهم موافقة لمؤثرات الغرب ؟! على الأقل إن اخترتم السكوت فاسكتوا في الحالين.
20- لماذا لا تحترمون الهامشي أعني : لماذا لا تحترمون أنفسكم ؟! : وأنا أعلم أنكم تطمحون أن تحظى اجتهاداتكم بالاحترام والتقدير باعتبارها جهدا تبتغون به وجه الله لتصحيح مسار الإسلام وتستغربون أن يقابلكم المؤمنون بالإنكار والكراهية ولا يطالعون ما تكتبونه باهتمام واحترام !! ولكن وبفضل الهامشي هاأنتم ذا ترفضون أن تتعاملوا معه ومع فتاواه بنفس ما تطمحون لأنفسكم ، فأنتم تستهينون بها وتنكرونها وتعتبرونها استهدافا لأشخاصكم ولا تقدرون الجهد الذي بُذل فيها رغم أنها صورة طبق الأصل عنكم والفرق بينها وبينكم إنما هو في الأحكام فإذا كانت استهزاء بالإسلام فإن فتاواكم استهزاء أيضا ، وإن كانت فتاواكم إسلامية وعظيمة وفتحوية فما هو المانع أن تكون فتاوى الهامشي إسلامية وفتحوية وعظيمة ، وأنتم أخيرا وبحمد الله وبجهود الهامشي تنظرون من نفس زاوية من كنتم تصفونهم قديما بالمتزمتين ؟! والفرق بينكم وبينه ليس إلا خطوة من الخطوات التي مررتم بها سابقا وأخشى أن تصلوا إليها يوما من الأيام وتصبحوا من أشياعها والعياذ بالله.
21- للتدليل على ذلك أسألكم هذا السؤال : هل يمكن أن تصفوا اجتهادات الهامشي بأنها اجتهادات إسلامية ( مع الأخذ بعين الاعتبار أن النوايا لا يعلمها إلا الله والأصل فيها السلامة) ؟!
فإذا كنتم ستصفونها بأنها اجتهادات إسلامية فقولوا لي - بالله عليكم - ما هو الاستهزاء بالشريعة إذا لم يكن ذلك استهزاء بها ؟!
عدا أني أبشركم حينئذ بالعديد من الشباب وهو يعيد النظر في جميع المسلمات في الدين الإسلامي بما في ذلك حرمة الدماء والفروج ، وربما يجتهد بعضهم ليتوصل إلى أننا وإياكم مُهدروا الدم والعرض والمال ليكون اجتهادهم إسلاميا حسب منهجكم المنفتح والمحترم للاراء والشطحات..
22- وإذا وصفتم اجتهادات الهامشي بأنها غير إسلامية فما هو المعيار الذي اتخذتموه لنفي إسلاميتها وشرعيتها لاسيما وهي تنبني على منهجكم ؟! فليس مجرد انزعاجكم منها وإحراجكم بها سببا كافيا لنفي شرعيتها طالما صححتم المنهج الذي تقوم عليه ، وسيكون من حق المؤمنين حينئذ أن يصفوا اجتهاداتكم بأنها استهزائية أو غير شرعية لمجرد انزعاجهم بها فتأملوا.
23- كيف يمكنكم القضاء على شطحات الهامشي ؟! : لو افترضنا أنكم قد أدركتم خطورة فتاوى الهامشي على فتاواكم ثم عمدتم إلى تفنيد اجتهاداته فإني أحب تنويهكم أن من الخطأ تصور الحل في تفنيد المعنى اللغوي الذي يبني به فهذا ليس حلا جذريا ، لأن التفنيد اللغوي والتبريرات التي لا تتناول المنهج ستبقى تبريرات بشرية وغير مُقدسة في مواجهة تبريرات بشرية وغير مُقدسة وجميع التبريرات في النهاية تنسب نفسها إلى الله وتعرض نفسها في سوق الكساد الفكري ، وغاية ما ستؤدي إليه تلك التبريرات التي لا تهدم المنهج – حسب ما أشار الهامشي بنفسه – أنها ستخلق مذهبين شرعيين صحيحين - حسب منهجكم – وقد تكون بناتكم أو زوجاتكم أو أخواتكم ممن يتمذهبن بالمذهب الهامشي محتجات عليكم بقاعدة أن "الخلاف في المسألة يُصيّرها ظنية" (حسب فهمكم الخاطئ لهذه القاعدة) ولا أعتقد أن حميتكم على دينكم وأعراضكم قد وصلت بكم إلى هذا المستوى ، ولا حل للخلاص من اجتهادات الهامشي إلا بهدم المنهج لا بالتبرير لنفيه من خلال نفس المنهج فتحققوا.
24- الرسالة الإسلامية كانت محفوظة وستظل محفوظة: لكم أن تقولوا ما تشاءون ، وأن تتفلسفوا كما تشاءون ولكن اعلموا أنكم تتعرضون لرسالة الله التي كفل بحفظها منذ 1400سنة ، وأن الإسلام ليس كاليهودية والنصرانية ولم يكن في يوم من الإيام فهو محفوظ محفوظ وهو حجة الله في أرضه التي تركها لعباده ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فكيف يتحقق ذلك الحفظ رغم أن بعض الأحكام ظلت خافية على المسلمين 1400سنة حتى أتيتم أنتم لاكتشافها في هذا القرن ؟! وهل مات المسلمون من قبل ذلك جميعا بدون أن يعلموا ما هو الحكم الشرعي وبدون أن يفهموا دلالة النصوص التشريعية والأوامر والنواهي ؟! وهل دين الإسلام ألغاز وأحجيات احتاجت 1400سنة من الانتظار لكي يأتي رجال مثلكم وفي عصركم ليكتشفوها بتنوير بسيط من (الحضارة الغربية) ؟!
وأوجه كلامي للأخوين الحميري و الحميدي – إن كان في قلبهما مثقال ذرة من تقوى وحسبان لليوم الآخر الذي تشخص فيه الأبصار : ينبغي عليكما أن تحمدا الله تعالى الذي قيض لكما شخصا مثل الهامشي لكي يبين لكما بشاعة منهجكما وخطورة ما تشايعانه على دين الله وأحكام الإسلام ، فغيركما ابتدع البدع وأضل الناس بسببه أجيالا دون أن تتسنى له فرصة ليدرك بشاعة ما أقدم عليه ، فالحمد لله رب العالمين الذي خصكما بهذا اللطف دون أمثالكما من أهل الجرأة على الفتوى سواء أراد الهامشي ذلك أم لم يرده.
أما أسلوب الهامشي المستفز والصادم فهو – كما يبدو لي - أشبه ما يكون بأسلوب الإلزام الذي استخدمه الأصوليون من المعتزلة والأشاعرة لبيان قبح الرأي المستهدف باستخدام مقدماته للخلوص بقول في غاية الفظاعة ينفر منه صاحبه ويعرف كم كان مخطئا به ، فشكرا للهامشي إن كان يقصد ذلك وكتب الله أجره وزاد في عقله وقلمه وجعل أعماله خالصة لوجه الله الكريم ، ولكن عليه أن لا يسرف في هذا الأسلوب فيصدقه المغفلون !!
وأختم بالقول لكما : إذا لم تفندا ما يقوله الهامشي فإنكما بذلك كمن يعلن التراجع عما أفتى به لظهور خطأ المنهج الذي بنى عليه ، فأنصحكما بأن لا تتجاهلاه إن كنتما حقا تبحثان عن الحق وتطلبان السلامة في الدين ، فإذا أصررتما على تجاهله فإني أخشى أن يصدق من ظن إنكما لن تفنداه لأنكما حينئذ إنما تفندان مذهبكم وهو ما لا تحتملانه مهما كانت المخاطر على الإسلام.
وأنصح جميع المستنكرين لفتوى كشف شعر المرأة بدلا من السب والشتيمة والاستنكار للهامشي بأن يسعوا جاهدين في إلزام الحميري و الحميدي بتفنيد شطحات الهامشي ومنهجه الذي أتاح له نبش الإسلام من جديد والخلوص بأفكار من قبيل "إمامة المرأة بالمايوه" و"جواز كشف جميع جسد المرأة" وتبيين كيف سيمنعونه وأمثاله من تلك الشطحات الخطيرة فليس فتح هذا الباب لعبة بأيديهم يقدمون عليها ولا يدركون أبعادها الهدامة.
وأتمنى أن يتحلى كل من الحميري والحميدي بالشجاعة الكافية والتقوى ويترفعا عن التبرير للذات والحرص فقط لعدم الظهور في مظهر المخطئ على حساب شريعة الله وإدخالها في دوامات لا حاجة للأمة الإسلامية بها ولا تزيد الأمة إلا تفرقا وضعفا وهوانا بين الأمم.
وأرجو منهما قراءة موضوع "حقوق وحريات إبليس" الذي نشر قبل مدة لعل الله يفتح بيننا وبينهم بالحق وهو خير الفاتحين.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
جسد المرأة بين الحميري والهامشي
الأخوة الأعزاء المشتركون في هذه المجالس المباركة .. بعد التحية الصادقة الخالصة ،،
رغم ظروف الحرب التي فرضت علينا ويقتل فيها إخواننا وشبابنا وأهلونا وتستباح فيها مدننا وبيوتنا وحرماتنا إلا أن أحد الإخوان أصر عليَّ أن أدلي بدلوي في موضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" - لحسن ظنه بي – وللضيق الذي ألم به بسبب الفتاوى القبيحة التي قرأها للهامشي ، فأقول معتذرا من التقصير طالبا من الله السداد والتوفيق :
بداية لا أعطي نفسي الحق بتناول نوايا أي من المشاركين في الموضوع أو نزاهة قصده رغم مخالفته لقطعيات دين الإسلام التي أقدسها ، ولكني ولحرصي عليهم وعلى ما أعتقده دينا أعطيت نفسي الحق في أن أتدخل في هذا النقاش الجديد القديم الذي بدأ في موضوع "أول امرأة تؤم المسلمين للصلاة" وانتهى في هذا الموضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" وكان أقطابه الرئيسون هم الأخ نشوان الحميري ومن أيده في طرف والأخ الهامشي ومن لم يدرك مغزاه في طرف آخر ، مع وجود أسماء مهمة جدا ووجيهة ومحترمة اكتفت بمشاركات محدودة لم يطل الأخذ فيها والرد كما كان بين القطبين الرئيسين.
وبعد قراءة سريعة للموضوعين توصلت إلى تحليل شخصي مبني على ظواهر الحوار ، أما بواطنه فلا يعلمها إلا الله وأصحابها ، ولذلك فإن لهم كل الحق في الاعتراض على ما سأجتهد فيه ودحضه بمجرد النفي فليس سوى مجرد دعوى استلهمت بينتها بين السطور ، وليعذروا جرأتي في حق أشخاصهم المحترمة عندي جدا ولكن مهما كانت جرأتي كبيرة في حقهم فليست بقدر جرأتهم على الإفتاء باسم الله وهدم ما أعتبره من المقدسات ، وليطلب كل منا لأخيه العفو والمغفرة والهداية والتوفيق.
لاحظت - والله أعلم - أن الهامشي كان يستهدف وضع الحميري ومن إليه في حرج لعلهم يدركون التناقض البين الذي وقعوا فيه حين أقدموا على اجتهاداتهم المحدِثة ، ففي المرة الأولى حين فتح الحميري موضوع "إمامة المرأة للصلاة" وأبدى ميله إليها ابتكر الهامشي فكرة "صلاة المرأة بالمايوه" وطالب الحميري وجميع مؤيديه بتبيين الفرق بين إباحة إمامة المرأة للصلاة وبين إمامتها بالمايوه ، وبدلا من الخوض معه في نقاش علمي وتفنيد فكرة إمامة المرأة بالمايوه تهرب الحميري منه لإدراكه بأنه حين يفند فكرة الهامشي فإنما يفند ما ذهب إليه فآثر الصمت ، ولعل الإدارة الذكية من الهامشي للنقاش جعلت الحميري ومن إليه في نفس الزاوية التي كانوا ينظرون منها لجميع المشتركين الرافضين لإمامة المرأة للصلاة فأصبحوا بدلا من النقاش يتناولون النوايا فكان هذا في رأيي هو الانجاز الأكبر للهامشي فيه.
ولكن ما أثار اهتمامي هو التوتر الذي ساد أجواء الحوار بعد دخول الهامشي حلبته ، ولكنه اختلف في موضوعه بين الرافضين لإمامة المرأة وبين المؤيدين لها ، فالرافضون غضبوا لقدسية الإسلام وتألموا للإحداث فيه ، وبعض المؤيدين غضبوا لقدسية أنفسهم التي مسها الهامشي بالإحراج وحشرها في زاوية لا خلاص منها إلا بالمراوغة والهرب ولا أدري من يستحق الاحترام أكثر ، قوم يغضبون لقدسية الإسلام أم قوم يغضبون لقدسية أنفسهم ويتعاطون مع تراث الإسلام كأنما هو ترفٌ فكري أو لعبة للتذاكي أو حلقة من حلقات الصراع الأيديولوجي العالمي أو مكسب على الطريق للمؤمنين بقضايا المرأة ممن سلموا بكل سذاجة وبدون تأمل بأن فلسفة الغرب حول المرأة هي فلسفة صحيحة وعادلة واتخذوها معيارا تقاس به عدالة الأحكام الإسلامية وعصريتها ؟! ولكن لا أنسى أن بعض من كانوا يتعاهدون الحميري بالتأييد – بعد تجربة الهامشي - قد تركوا الخوض في قضايا من هذا النوع وما أحسب ذلك منهم إلا عقلا وإنصافا وحرصا على عدم الخوض فيما لم يُكلفوا ولذلك فهم يستحقون منا كل تقدير واحترام ولو كان جميع المتحاورين مثلهم وعلى مستواهم الأخلاقي والفكري لكان الحوار أوفر ثمرة وأجدى نفعا.
واليوم وفي موضوع "بل شعر المرأة ليس بعورة" يتكرر الموقف من جديد ولكن بمعطيات أخرى بعض الشيء فالحميري ومن إليه يقررون بأن "شعر المرأة ليس بعورة" فيزايد عليهم الهامشي ويبتكر على نفس منهجهم فتوى أكثر انفتاحا وإثارة للضحك والبكاء قائلا : "بل جسد المرأة ليس بعورة غير حلمتي الثدي وفتحتي الشرج والتناسل" والعياذ بالله ، ولسان حاله : "ليس الجدلُ شطارةً يا حميري" فبالإمكان أن ننقض بالجدل جميع الحقائق البديهية في الكون ، ولكني أخشى أن يكرر الحميري نفس السيناريو بأن يتهرب مرة أخرى من تفنيد فتوى الهامشي لإدراكه أنه حين يفعل ذلك إنما يفند ما ذهب إليه ، وأقول له وللحاضرين بأني وبعد استقراء بسيط لما كتبه الهامشي أدركت أنه لا يريد الإساءة إلى شخصكم (الكريم والمصون) - إلا إذا كان بينكما شئ خاص لا أعلم به - فهو لا يظهر إلا عندما تبدأون في الإفتاء بما ينقض المعلوم من الدين ضرورة لأنكم – وكما هو واضح - قد بدأتم المس بمقدساته المعلومات من الدين ضرورة (وهي فعلا قضايا مصونة ومقدسة وخطوط حمراء عند العلماء وعامة المسلمين وبإباحتها يباح الدين كله كما سأوضح) ، وأتمنى أن تكون غيرتكم على مقدسات المسلمين وحاسّتكم في إدراك الخطر عليها موازية – على الأقل - لغيرتكم على قداسة نفسكم وحاسّتكم في إدراك الحرج عليها.
والعجيب كل العجب أن يزعم الحميري ومن إليه بأن لا ردود علمية عليهم رغم كل الحرج الذي يضعهم فيه الهامشي وتناقضاتهم التي تظهر على يديه ، فكيف تقترحون أن تكون الردود العلمية عليكم وقد أفحمكم وعجزتم عن تفنيده وتمييز منهجكم عن منهجه ؟! هل تتوقعون أن ينزل جبرائيل عليه السلام بآية خاصة إليكم لتقول لكم اتقوا الله في دين محمد واعلموا ما يؤدي إليه منهجكم ؟! وكان الأولى أن ينزل بها على الملحدين والكفرة من قبلكم ، وإذا لم تدركوا أن الهامشي يناقشكم نقاشا علميا ويقوّض منهجكم من الأساس فإنكم حتما غير مؤهلين فكريا للخوض في أمر مقدس كأمر الإفتاء وأجزم حينئذ أنكم إنما تضلون الناس بجهل تحسبونه عِلما.
ولتبيين حكمي الذي قد لا ينسجم مع طموحاتكم بأنكم إنما تنتمون مع (ما يطرحه الهامشي بسخرية) إلى فئة فكرية واحدة منهجيا وبيان بعض النقاط التي ظلت عالقة بخاطري فإني أقول متوكلا على الحي القيوم :
1- كل منكم تناول النص الشرعي بطريقة جديدة وجريئة وصادمة – وإن كان الهامشي أكثر انفتاحا –
2- كل منكم أعطى لنفسه الحق في نبش أحكام إسلامية اتفق عليها فقهاء المسلمين وأصبحت بديهيات في الفقه الإسلامي.
3- كل منكم حاول أن يفهم النصوص وفق نسق منطقي خاص يعكس التأثر الواضح بفلسفة الغرب حول الحقوق والحريات ويحاول أن يستنطق النص الشرعي به ، ولا أدل على ذلك أن الأولين لم يخطر لهم ما خطر لكم ، وهم أهل الفصاحة والدراية والفطنة والذكاء والورع والتقوى ولا أعتقد أنكم تجرؤون على الزعم بأنكم أذكى من الأولين أو أكثر علما وورعا وتقوى منهم أو أكثر إلماما باللغة ومعانيها والآيات ودلالاتها وبالتالي وعند عملية تفكير بسيطة جدا نجد أن العامل الجديد الذي طرأ عليكم هو (التأثر بالغرب) وربما نضيف عليه التكلف في فهم اللغة العربية المبينة.
4- كل منكم تعامل مع النص الشرعي كأنما هو لغز من الألغاز أو أحجية من الأحاجي أو كلمة من كلمات البيت الأبيض وأشبعها تحليلا وجدلا ليعرف مغزاها وأبعادها الدفينة وخلفياتها الاجتماعية والسياسية ، وهذا خطأ فادح فالآيات القرءانية ليست ككلمات بوش وقد كان العرب يسمعونها ويعونها في منتهى الوضوح في جانبها التشريعي دون الحاجة لدراسة الخلفيات الاجتماعية العالمية وليست ألغازا ولا أحاجي وإلا فكيف نصفها بالإبانة والفصاحة والبلاغة وكيف تتم بها الحجة على الناس وكيف تكون محفوظة من تحريفات البشر وتأويلاتهم وقد احتاجت إلى كل هذه القرون لكي يأتي أحدهم ليفهمها في هذا القرن وهو يتكلف اللغة تكلفا ولا يكاد يبين.
5- لماذا أنتم والهامشي وجهان لعملة واحدة ؟ : إذا كان يحق لك أن تعيد النظر في الأحكام ويحق لك أن تتناول النص الشرعي بطريقة جديدة ويحق لك أن تتعامل مع النصوص كأنما هي لغز أو أحجية فقل لي بالله عليك : ما هو الفرق بينك وبين الهامشي ؟! لا فرق إلا في الأحكام لا في الطريق الموصلة إلى الأحكام ، فالطريق التي أوصلتك إلى "مَناخة" أوصلت الهامشي إلى "الحُدَيْدَة" وربما ستصل بك يوما ما إلى "الحُدَيْدَة" من يدري ؟! فذلك متوقف على مستوى مناعتك من المؤثرات الإعلامية والثقافية الدخيلة وأخشى أن المسألة هي مسألة وقت ، وطالما سمحت لنفسك بخوض هذا المنهج فأعجب العجب أن تستنكره من غيرك بل وتعتبره استهزاء وسخرية ، فإذا اعتبرته سخرية فإنما تسخر من فتواك وإن استهنت به فإنما تستهين بمنهجك وإن نظرت إليه فإنما تنظر إلى نفسك.
6- هل التعامل الجدلي مع النصوص هو شطارة ؟ : التعامل الجدلي مع أحد الأحكام الشرعية كحكم الحجاب للخلوص إلى نسق منطقي جدلي ليس "شطارة" ولا يدل على أن النص في دلالاته غير ثابت ، فبالإمكان أن يتعامل "الشطار" غيركم جدليا مع أوضح الحقائق في الكون كحقيقة "وجود الإنسان" والتشكيك فيها جدليا وما تزال هناك أسئلة محيرة في ذلك ، وهذا ما يسمى بالسفسطة وإني أربأ بكم عن ذلك ، فما هكذا يتعاطى العقلاء والباحثون عن الحق ، والهامشي هو أبرز مثال على السفسطة تلك فكما يبدو لي والله أعلم أنه يحاول أن يخبركم كيف أن التعاطي بالجدل مع أثبت النصوص وأوضح القضايا ممكن جدا وسهل ببعض الخيال والحذلقة والألاعيب اللغوية والشعارات ويمكن أن يظهر للمغفلين على شكل نسق منطقي متناسق – وإن كان صادما - ويضع علامات استفهام (أو شُبَها) تكون محيرة ، وإني أبشركم أن عجلة الجدل والسفسطة لن تجرف حكم الحجاب الذي تستهدفونه فقط بل من الممكن أن تجرف جميع الثوابت في دين الإسلام – طالما فتحتم هذا الباب – بما في ذلك أحكام الصلاة والصوم والزكاة والحج وثبوت القرءان وقضية ثبوت النبوة وقضية ثبوت الألوهية – إن كنتم تهتمون بها وتحرصون عليها وتخشون أن تلقوا الله تعالى بوزرها – ولا أعتقد أن حمى التأثر بالغرب قد وصلت بكم إلى حد التفريط بهذه الثوابت أو هكذا أحب أن أتخيل.
7- عجلة الجدل بمنهجكم قد تبيح دماءنا وأعراضنا وأموالنا : ومن زاوية أخرى فإني أبشركم بأن عجلة الجدل التي ترسُونها في تناول الأحكام الشرعية قد تجرف فيما تجرف جميع الثوابت وجميع الحرمات ومنها دماءنا وأعراضنا وأموالنا ، فيكفي في منهجكم أن يتمتع المجتهد المجادل مثلكم ببعض الخيال والذكاء والبحث عن مداخل في النصوص الشرعية لكي يفتي بهدر دم فلان وإباحة عرض فلان ، معللا فتواه بنصوص شرعية تناولها بتكلف لغوي وناقض بها الثوابت والمفاهيم المعلومة من الدين بالضرورة ، وهذا لعمري هو الجهل المبين وإن أظهره الذكاء في ثوب جدلي قشيب وطبَّـلتْ له المنظمات الدولية وزمَّرتْ له وسائل الإعلام.
8- أسلوبكم يشبه أسلوب المتسشرقين : كل منكم غير مؤهل للاجتهاد الشرعي فأنتم جميعا متطفلون على الفتوى الشرعية مهما سردتم أفكاركم وفق منطق منسجم ، ولا أظنكم أكثر منطقا وحنكة من المستشرقين الذين تناولوا الأحكام الإسلامية بتحليل تاريخي وحاولوا قدر الإمكان ربطها بالعادات والتقاليد الإنسانية لكي ينفوا قدسيتها ونسبتها إلى الله بل وأوصلهم تحليلهم التاريخي إلى أن النبي الكريم لم يكن إلا عبقرية إنسانية زعمت لنفسها النبوة بهدف الإصلاح الاجتماعي ، فهل تقرون منهجهم أم أن الأمر لا يعنيكم ؟! في رأيي وفي رأي الغيارى على محمد صلى الله عليه وآله ودينه أن تحليلاتهم التاريخية والفكرية ونظرياتهم الجدلية لا تعفيهم من كونهم متطفلين على الفتوى وجاهلين بحقيقة الإسلام ، فغاية ما ذهبوا إليه هو "النظرية" ومن الممكن بالخيال الخصب أن يؤسس الإنسان نظريات عن كل شيء تقريبا و"النظرية" في حد ذاتها لا تكتسب "قيمة علمية قطعية" ولا تقدر على دحض الواقع الملموس والبديهيات ولا تقوى على التأثير في القطعي المعلوم من الدين ضرورة ، بالإضافة إلى أن قراءتها تتم بالمعكوس وتتم فيها مصادرات كثيرة تفضي بالحكم منها إلى الخطأ ، فماذا لو ثبت لديك أن تغطية الرأس كان عادة عند العرب في الجاهلية ؟! هل كل ما في الجاهلية باطل وخاطئ ؟! فاعلم أنه إذا كان في الجاهلية وأد البنات فقد كان فيها حلف الفضول ، وإذا كان في الجاهلية الربا والظلم والعسف فقد كان فيها البطولة والوفاء والشهامة والحمية والكرم ، وإذا كان في الجاهلية الرايات الحمراء فقد كان فيها البيت الذي أخرج محمدا صلى الله عليه وآله وسلم إلى الوجود من أطهر الأرحام وأفضل الأصلاب وأكرم العشيرة فكان صلى الله عليه وآله خيارا من خيار من خيار ، ثم ألم يكن الحج والكثير من مناسكه معروفا في الجاهلية وأصبح في الإسلام ركنا من الأركان وفريضة في الخَمْس ؟! فهل ينتقص ذلك من وجوبه أو نسكه ؟! وماذا لو ثبت لديك أن الحجاب عادة قدستها الحضارات القديمة ؟! فهل معنى ذلك أن البشر هم من أرسى قدسيتها ؟! أليس اتفاقهم عليها دليلا على أنها فطرة أو أنها مما فرضه الله على جميع الأديان بواسطة أنبياءه صلوات الله عليهم ؟! وماذا عن الألبسة عموما ، ألم تكن نساء الجاهلية يلبسن الثياب أيضا ، فهل تواتر لديكم أيضا أن ثياب النساء الساترة للأرداف والصدر والفخذين هي عادة جاهلية لا دخل للتشريع فيها ؟! أليس من الممكن أن ينسحب عليها الدور البشري التاريخي غير المقدس في إيجاب التغطية بما في ذلك الثدي والأرداف والأفخاذ وغيرها فتكون ضحية لأسلوبكم كما كان الخِمار؟! وماذا لو كان حكم العورات عند الرقيق مختلفا عنه في الحرائر ؟! هل معنى هذا أن تـُسقِط عورات الرقيق على عورات الحرائر؟! وكيف يكون الجيب عورة في حق الحرائر منصوصا عليها في القرءان وهو في الرقيق ليس بعورة – حسب قياسك - ؟! وإذا ما أردت أن يكون استدلالك صحيحا بتفاوت العورات بين الحرائر والرقيق فيجب عليك أن تفرق بين ما يعتمل في صدرك من شبهات حول ثبوت الحكم في الحرائر وبين علة ذلك الحكم ، فالاستدلال بأن عورة الرقيق لا تتضمن تغطية الرأس لا يؤدي – في المنطق السليم – إلا إلى الحيرة في علة الحجاب (وهي الفتنة) لا في ثبوت الحكم (وهو وجوب التغطية) ، وإلا فكيف فرض الله على الرقيق نصف ما على المحصنات من العذاب في حد الزنا ؟! فهل هذا التفاوت في الحد ينفي ثبوت حدين مختلفين بين الحرائر والرقيق لاختلاف الكمية ؟! وفي مقام العلة التي من المعقول منطقيا أن تحتار فيها بناء على التفاوت : هل التفاوت في الحدين ينقص من ردعية حد الزنا منه في الرقيق عنه في الحرائر فكأن الله يقول : لا بأس إن زنت الأمَة – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ؟
9- لماذا لا ينشغل المسلمون بتفنيد اجتهاداتكم ؟ وهل هم عاجزون عن ذلك ؟ : وقد غركم عدم انشغال الحريصين من أبناء الإسلام بتفنيد ما تبتدعونه وتبثونه على الهواء أولا بأول دون ورع ولا تقوى باسم حرية الرأي والرأي الآخر في إشارة أخرى لذوبانكم في فلسفة الغرب ، معتبرين أن عدم انشغالهم بتفنيد ما تبتدعونه علامة ٌعلى الضعف والعجز الفكري في منظومة الإسلام ! وهل يصح أن ينشغل العقلاء بتفنيد جميع الوساوس والتخيلات والنظريات التي تطرأ على أهل الجرأة والثقة الزائدة بالنفس وعلى الشاعرين بالصغار النفسي أمام وهج الحضارة الغربية الذي أعمى بصائرهم ؟ في رأيي المتواضع لا يصح ذلك وسيكون مضيعة للوقت والجهد لأنه سيتعلق بوساوس غير منتهية طالما ظل منبعها دافقا وخلاقا ، والأولى بالباحثين تجفيف منابع تلك الوساوس والتخيلات والنظريات لا الخوض في تفاصيلها غير المنتهية وبواعثها المتجددة ، فالنقاش الذي يتناول التفاصيل دون الأصول والمنابع هو نقاش قد يحل الإشكالات في ذلك التفصيل ولكنه لن يحل المشكلة الأساسية ، ولتوضيح وجه الخطأ فيه نضرب مثالا بالنقاش مع أحد الملحدين الذين يستنكرون إضاعة المسلمين لأوقاتهم في الصلاة فالصحيح في سير النقاش أن يتناول الأصل الذي سبب ذلك الاستنكار في نفسية الملحد ألا وهو إنكار الخالق والبعث والتكليف والذي سيجعله غير مطمئن لأي تبرير تفصيلي يتناول الفوائد الحياتية للصلاة لأن من الممكن جدليا وبالوسوسة الذاتية والخارجية إيجاد ثغرات فيها ، وإن كنت أحترم جدا الشباب الغيارى والعلماء الأجلاء الذين شغلوا أنفسهم بالرد على تفاصيل الشطحات المحدِثة وحاولوا تفنيدها بجهدهم الشريف – كتب الله أجرهم وأيدهم – وهكذا تكون الحمية على دين الإسلام.
ولذلك فإني ألزم أهل الجرأة بالفتوى ألزمهم الحجة أمام الله بأن عليهم التأكد من سلامة منهجهم الذي تتحول به الوساوس والتخيلات والنظريات إلى فتوى باسم الله ، ثم بيانه لنا ، ويبدو لي أن ذلك ما يريده الهامشي منهم ويحاول أن يدفعهم إليه ولكن دون جدوى ، وبدلا من أن يبينوا له و للناس سلامة منهجهم يهربون ، ثم يخرجون علينا بفتاوى جديدة بين الفينة والفينة فمتى سنتأكد من سلامة منهجهم ؟! بل متى سيتأكدون هم من سلامته ؟!
10- هل أنتم مؤهلون نفسيا للإفتاء ؟ : كل منكم غير مؤهل للاجتهاد الشرعي من زواية نفسية لأنكم جميعا تعيشون حالة أشبه ما تكون بالتنويم المغناطيسي وعدم الاتزان النفسي وتعكسون الانبهار الذي ترونه في الغرب بالنقمة على الأحكام الشرعية العتيقة لأنكم تستبطنون أنها سبب تخلف المسلمين وهزيمتهم أمام الغرب ، أو ترون في المجتمع الغربي مجتمع اليوتوبيا الذي طالما حلمتم به وذلك كله يجعلكم غير مؤهلين نفسيا للخوض في غمار الاجتهاد الشرعي حتى لو كنتم مؤهلين فنيا للفتوى ولستم كذلك كما سأبين - وهو ما لم يتأثر به السابقون ممن قرأوا النصوص الشرعية قبلكم وبالتالي لم يتوصلوا إلى ما توصلتم إليه - ولذلك فإني أرجوكم أن تقفوا مع ضمائركم وقفة تقوى وإيمان قبل الخوض في الفتوى والزعم بأن هذا حلال وهذا حرام والتأكد أنكم لا تعانون من حالة غسيل دماغ وفقدان للتوازن جراء الانبهار والدعاية الغربية المركزة.
11- ولا أدل على أنكم تعملون – من حيث لا تشعرون – بإيحاء من التأثر بالحضارة الغربية أن القضايا التي تتجرأون فيها على الفتوى إنما هي قضايا المرأة والجهاد والديمقراطية والحدود الشرعية والتي تجرح إحساس الغرب ، ولكنا لم نسمع أيا منكم يجتهد في قضايا عدد ركعات الصلاة لأن الغرب لا يتناول عددها في الإعلام فبقيت على قداستها عندكم ، ولأن القوة الثبوتية لأحكام المرأة والجهاد والحدود الشرعية هي كالقوة الثبوتية لصفة الصلاة فإنكم لا تعطون أنفسكم الفرصة لتتأملوا بأن النتيجة الحتمية لما تقدمون عليه من تقويض هذه القوة الثبوتية إنما هي فتح الباب لغيركم من أعداء الإسلام للتحريف في عدد ركعات الصلاة باسم الاجتهاد ولو في المستقبل فتأملوا.
12- هل أنتم مؤهلون فنيا للإفتاء ؟ : أسلوب البحث عن الثغرات في البناء الفقهي العتيق هو أسلوب يدل على أنكم غير مؤهلين فنيا للخوض في الفتوى الشرعية ، ذلك أن الكثير من الأحكام الفقهية إنما انبنت من الوعي العام بدلالة النصوص الشرعية من مجتمع عربي فصيح كان يفهم مغزى الآيات التشريعية بوضوح تام دون حاجة إلى التحليل والجهد الذي تقومون به لأن الله كان يخاطب العرب الفصحاء بالقرءان الكريم لكي يدركوه في جانبه التشريعي لا لكي يقتصر فهمه على العباقرة منهم بالتحليل أياما وليالي وقراءة تاريخ البشرية لمعرفة جذر الحكم الفلاني وعادات الشعوب في الحكم العلاني ، وكل ذلك الوعي العام بدلالة النصوص الشرعية منقول بالرواية الاتفاقية جيلا عن جيل وهذه الرواية الاتفاقية هي أعلى مراتب الثبوت الشرعي وبها يثبت القرءان الكريم نفسه ويعبر عنها بمنح الإجازة العلمية ، أما مقولات المرونة في الإسلام والاستنباط الشرعي فهما في الأحكام التي لم يعرف فيها العرب الفصحاء نصا عن الله ولا رسوله لا في التناول الجدلي لتلك النصوص ، ولو صح أسلوبكم هذا في نبش التراث الإسلامي وإعادة قراءة النصوص الشرعية لفتحتم باب الإلحاد على مصراعيه فالنصوص الشرعية – والقرءانية منها بالأخص - هي نصوص حمالة للأوجه ولذلك فقد كانت السنة النبوية مبينة لمجملها ومحددة لتفاصيلها ، والسنة كما يعلمها العلماء قول وفعل وتقرير وقد تروى نصا آحاديا ظني الثبوت فيجب العمل بها في الفروع ، وقد تروى كمفهوم عام أو تفسير لآية ويتفق عليها المسلمون فتكون مفهوما متواترا أو متلقى بالقبول قطعي الثبوت يجب العلم به والعمل ويقع مخالفوه ومنكروه في الكفر والعياذ بالله ، فهل ترضون أن تقابلوا الله باحتمال ولو بسيط بأنكم قد وقعتم في الكفر والصد عن سبيل الله وتحريف أحكامه ؟! وهل ترضون بأن تقابلوا رسول الله يوم القيامة وأنتم من فتح الباب لهدم الإسلام وقد تبعكم ملايين المغفلين ؟! وهل ترضون أن يناقش أحدهم نصوص الصلاة والزكاة بنفس الطريقة التي تناقشون بها حجاب المرأة اليوم فيتوصل إلى أن الصلاة هي الدعاء بالخير في اللغة العربية ولا أركان فيها ولا أذكار (لأن ذلك ممكن جدليا بنفس طريقتكم) ؟! وهل ترضون أن يأتي أحدهم ويفسر الرسالة الإسلامية الغراء جميعا بأنها حالة من العبقرية المحمدية والفرادة الإنسانية التي عجز العرب عن إدراكها لتخلف بيئتهم ففسروها بالغيبيات كالوحي والنبوة (وذلك ممكن جدليا بنفس طريقتكم)؟!
فالإمكان الجدلي إذن ليس المؤشر لعدم ثبات الأحكام الشرعية والعقلية ، فكل شئ تقريبا ممكن جدليا وإذا لم تصدقوني فعليكم بقراءة تاريخ الفلسفة ، وإني أخشى عليكم أن يصيبكم الجدل والمراء بموت الضمير وبرودة الحمية بخصوص منظومة الشريعة الإسلامية ، وأخشى أنه لم يعد يعنيكم سوى هدم ما تعتقدون أنه خاطئ وظالم ومتخلف ورجعي دون النظر إلى الآثار الهدامة التي تشرعونها على بقية الشريعة الإسلامية ، وهو - لعمري - بئس الزاد ليوم المعاد.
13- التحريف المعنوي : التحريف نوعان : تحريف النص وتحريف المعنى ، وأخشى أنكم وإن لم تحرِّفوا النصوص (لأن تحريف النص مستحيل وغير قابل للتسويق حاليا بين المسلمين) ، أنكم قد وقعتم في جُرم تحريف المعنى ، فالتواتر الذي نقل به نص القرءان إنما هو أحد المفاهيم المعلومة من الدين ضرورة والتي من الممكن بالجدل إثارة الشُبَه حولها أيضا ، فإن أبحتم لأنفسكم مراجعة المعاني القرءانية المتواترة المتفق عليها بين المسلمين فقد أبحتم لغيركم بأن يراجع ثبوت القرءان ونصه ، فهل تخشون من ذلك أم لا تفكرون إلا في تحرير المرأة وفق المفاهيم الغربية المفروضة عليكم نفسيا مهما كان الثمن غاليا ومقدسا ؟!
14- بين الإجماع والمعلوم من الدين بالضرورة : لعل الخلاف التاريخي الحاصل بين المسلمين حول ثبوت الدليل الثالث من الأدلة الشرعية المسمى بالإجماع وإمكانه قد أغراكم للخوض فيما تخوضون فيه من الاجتهاد والإفتاء في مسائل ومفاهيم متفق عليها بين المسلمين ولم تعد هناك حدود لاجتهاداتكم أو حرمة أو خطوط حمراء إلا بناء على الذوق والهوى ، وقمتم باستغلال ذلك الخلاف التاريخي حول الدليل الثالث وإثراءه جدليا للانطلاق منه إلى الاستهانة بعامة الأحكام الشرعية التي لم تستحسنوها (بخلفية المؤثرات العالمية) رغم أن من أثاروا هذا الخلاف التاريخي لم يبيحوا لأنفسهم ما أبحتموه لأنفسكم ؟!
لم تعد كلمة "مُجمع عليها" تحظى بنفس الهيبة في أدبياتكم أو أنفسكم بعد الزوابع الجدلية التي بذلتم لأجلها عقولكم وجهودكم وأحالت دليل الإجماع لديكم إلى ركام معتقدين أنكم قمت بأعظم الفتوحات في تاريخ الإسلام وحررتموه من ربقة الجمود والتحجر وأن ذلك سيفتح لكم المجال لتصحيح أحكامه لتكون عصرية وحقوقية وحرياتية ، ولكن هل لديكم منهج له إطار يمكن لنا أن نحترمه في ذلك ؟! وإذا كنتم قد توصلتم بالبحث الدقيق الشريف النظيف من المؤثرات الغربية أن الدليل الثالث من الأدلة الشرعية المسمى بالإجماع ليس صحيحا أو دليلا ظنيا ليست له حرمة ، فما هي المسائل الشرعية التي ستسقط بسقوطه ؟! هل فكرتم في آثار ذلك أم لا تعنيكم الآثار ؟! هل خطر عليكم أن تسقط صفة الصلاة بسقوطه أم لا يعنيكم الأمر؟!
وللأسف وفي غمرة العمل الدؤوب على هدم الدليل الثالث واستغلال الخلاف التاريخي فيه لم تتبينوا الفرق بين المفاهيم والأحكام التي ثبتت بالدليل الثالث وبين الأحكام التي تعتبر من الضروريات المسماة بالمعلومات من الدين ضرورة ، ويرتبط ثبوتها مباشرة بالعقل والقطع ، وأخذتم الثانية بذنب الأولى فكانت النتيجة كارثية على دين الإسلام ، وإني أقول لكم صادقا : لو أنكم اكتفيتم بالخوض في قضايا ثبتت بالدليل الثالث فهو أهون عندي من خوضكم في قضايا المعلومات من الدين ضرورة لأن الخوض في مسائل ظنية في دلالتها وثبوتيتها مقبول إذا ما قارناه بالخوض في قضايا قطعية في دلالتها وثبوتيتها ، ولذلك فإن الخطوة التصحيحية الأولى في منهجكم هي تحديد معيار دقيق للتفريق بين المسائل الثابتة بالدليل الثالث وبين المسائل المعلومة من الدين بالضرورة قبل الخوض فيما لا تعلمون ، وقد يستشكل بعضكم تفريقي بين مسائل الدليل الثالث (الإجماع) وبين المعلومات من الدين بالضرورة ويعتبر أن لا حاجة له بها ولكن فليقل لي : كيف تثبت لديكم صفة الصلاة ؟! أم أنه يجوز الاجتهاد فيها ؟! وكيف يثبت لديكم ارتباط الوضوء بالصلاة من مفهوم آية الوضوء ؟! أم أنه يجوز الاجتهاد فيها أيضا ؟! فإن لم تعوا الفرق بينها فلعمري إن الأولى بكم الإعراض عن طريق الفتوى والتنظير الإسلامي وابحثوا عن عمل آخر.
وبناء على كل ذلك فإني ألفتكم إلى أن كلمة "مُجمع عليها" أو "مُتفق عليها" أو "معلومة من الدين ضرورة" لا تعني الاستناد إلى الدليل الثالث من الأدلة الشرعية بصفته التي تتشككون فيها وفي إمكانها ودليلها ، لأن قطعية هذه المسائل لا يحتاج إلى نص ، لأن النص بنفسه لا يثبت بقيمته القطعية إلا بها وإن سقطت سقطت القيمة القطعية للنص معها وفتحنا باب الاجتهاد في ثبوته أيضا ، ومن الممكن حينئذ أن يطلع علينا نفر ليجتهدوا في أن القرءان الذي بين أيدينا ليس هو نفس القرءان الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم محتجين بروايات مبثوثة هنا وهناك ، فكيف ستجيبون هذا الاجتهاد ؟! أم أنكم تؤيدون حق هذا الرأي في التعبير عن نفسه وإبقاءه داخل البيت الإسلامي ؟
أما إمكان المعلومات من الدين ضرورة فإنه إمكان واقعي من أنكره فقد أنكر واقعية اتفاق المسلمين على أن القرءان الذي بين أيدينا اليوم هو ما أنزل على النبي بنفسه ولا أحسبكم تقبلون التضحية بقداسة القرءان إلا إن كنتم متآمرين على الإسلام.
15- الجانب المظلم في منهجكم : هناك باب آخر قد يفتحه استهانتكم بالإجماع وخلطكم بينه وبين المعلومات من الدين بالضرورة ألا وهو ظهور طائفة من الأحكام المضادة لروح بواعثكم الحقوقية والحرياتية كالإفتاء بجواز الاغتصاب لعدم وجود نص قطعي قرءاني فيه والإفتاء بنجاسة النساء بناء على الدلالة الظاهرية للنص "أو لامستم النساء" ، فكيف ستتعاملون مع هذه الطائفة من الفتاوى التي ستجد لها شرعية بمنهجكم ؟! هل ستستثنونها لمجرد تعارضها مع الحقوق والحريات ، ليكون هذا دليلا آخر على أنكم تقدسون تلك المفاهيم الغربية وتعتبرونها معيارا أعلى وكان لكم في دينكم وأصولكم مندوحة عنه ؟! وهل لديكم تصور بخطورتها أم لا تستوعب عقولكم الثائرة وحلومكم المتحررة هذا البعد المظلم في منهجكم ؟! فهل أنتم مؤهلون حينئذ استراتيجيا في مجال الحقوق والحريات للخوض في الفتوى الإسلامية ؟! لعلكم ترأفون بالحقوق والحريات أكثر من الإسلام !
وهناك جانب آخر مهم وهو : كيف ستدافعون عن الإسلام في وجه الملحدين الذين يقولون إن القرءان لم يمنع الاغتصاب ؟! هل ستقولون له إن هذا معلوم من الدين بالضرورة ولا يحتاج إلى نص ؟
16- قد يكون هدفكم هو تصحيح الإسلام وإعادة تسويقه : يجب أن أنوه أنني قد أعلم أنكم إنما تفعلون كل ذلك بحسن نية وبهدف تصحيح الإسلام وبهدف تلميع صورته وتقديمه بصورة جميلة وحضارية أمام العالم وبهدف نشره ليغمر الأرض والحضارات ، وهذا مقصد نبيل وشريف وعظيم ولكنه لا يكون على حساب الإسلام نفسه وعلى حساب أحكامه بتبديلها وتغييرها لتتلائم مع الأهواء والشعوب وإني أربأ بكم أن تكونوا كـ"بولس الرسول" الذي بدل بعض الأحكام لكي يدخل الناس في دين المسيح أفواجا ، ولكنه لم يعلم أنهم لم يدخلوا حينئذ في دين المسيح بل دخلوا في دين أهوائهم.
17- كيف نشأ منهجكم وكيف تطور : أتصور – ومن باب حسن الظن بكم - أن من الدوافع التي تدفعكم للتفكير في الاجتهاد الثوري وجود طائفة كبيرة من الشباب الذين يتلقون سيلا إعلاميا جارفا ومُركزا أصبح هو المُعلم والوالد والمُلهم فأصبحوا به حائرين في عدالة تشريعات الإسلام لاسيما في ظل الضغوط الغربية المتزايدة على ثقافتهم كما يحدث في فرنسا وأوروبا بخصوص الحجاب وما حدث من البابا بخصوص الجهاد وما حدث في الدنمارك من إساءة للنبي وما يحدث في عامة أجهزة الإعلام من جدل وجدل وجدل حول جميع الأصول والفروع أدى في نفوسهم إلى مزيد من الحيرة والحيرة التي تكاد أن تكون كفرا ، أما دور الأفلام والوسائل الغربية للثقافة فهي لا تخفى على عاقل فبإدمانها يمكن أن تتبدل القيم والمفاهيم ويصبح الصواب خطأ والخطأ صوابا ، والجميل قبيحا والقبيح جميلا والحق باطلا والباطل حقا ، فهي أخطر وأعم وسيلة وسوسة منظمة ظهرت في التاريخ ، وهذه الوسوسة كما تعلمون تدخل اليوم إلى بيوت المسلمين جميعا وتربي الأجيال على قيم أخرى غير التي نشأ عليها الأجيال الإسلامية السابقة.
وهؤلاء الشباب عندما يتواصلون معكم (باعتباركم عاملين في المجال الدعوي والإسلامي والفكري) يضغطون عليكم باستمرار ويجبرونكم شيئا فشيئا على إعادة قراءة الأحكام وما بنيت عليه لعلكم تجدون لهم متنفسا يبقيهم على دينهم وإيمانهم والتزامهم ولا يشعرهم بالتعود على اقتراف الحرام فيبقون على ولائهم للدين ، ولربما كنتم أنتم أيضا ضحية لهذه الوسوسة وهذه الضغوط مما أدى إلى تغيرات في القيم التي كنتم ترون بها الأحكام الإسلامية أحكاما عادية وغير قبيحة بالأمس ، وأدى ذلك إلى أزمات نفسية مررتم بها بين مقدسات الأمس المتجذرة في نفوسكم وبين مفاهيم اليوم والعصر الطارئة عليكم ، وهنا انتقلت الأزمة النفسية إلى مرحلة أخرى وتحولت وتطورت إلى عمل ممنهج وأسست لنفسها أصول فقه جديد وحاولت أن تبني منظومة فقهية جديدة تحل الأزمة النفسية وتتأسس على حاجات المسلمين في العصر وتراعي همومهم وتخفف من الضغوط التي يتعرضون لها في ظل الهزيمة النفسية العامة التي تمر بها الأمة وفي ظل القيم الطارئة على عقليتها وثقافتها ، ولكن الحل لهذه الأزمة النفسية المؤلمة كان مقدرا له التصادم الحتمي مع المنظومة الفقهية الأصلية التي تمسك بها من لم يعانوا من تلك الأزمة النفسية مما اضطر رواد المنظومة الطارئة إلى الجدل والتبرير ونبش الأحكام الإسلامية والتفتيش عن ثغرات في أصول الفقه لعلهم يؤكدون شرعية ما يفعلون !! فكانت المفاجأة في ظل الهرج والمرج العام الذي تمر به الأمة أن رد فعل المنظومة الفقهية الأصلية لم يكن على ذلك المستوى من القوة والحجة والبرهان ولم تستطع أن تبرر للمنظومة الطارئة أسبابا وجيهة تمنعها من نبش الإسلام العتيق واكتفت بردود مجملة وغير مُشبعة لنهمهم ، وهي عاجزة في نفس الوقت عن مجاراة السيل الإعلامي الغربي أو مقاومته لتحل الأزمة النفسية الطارئة ، فتحول المنهج الطارئ من مجرد فكرة هنا وهناك إلى ثورة وعقيدة يستميت في سبيلها الحداثيون ويبذلون فكرهم وجهودهم وولائهم وتعاطفهم ، وتستميل إليها جميع العقول الصاعدة النيرة ليوجهوا الضربة الأخيرة والقاضية للإسلام العتيق ، ويتحرروا من طوقه الضيق على أهوائهم الذي لم يعد ملائما لقيم العصر الطارئة في ظل الخلل في التوازن الإعلامي والاستراتيجي ، فإذا صح حدسي وكان لهذه التصورات مصاديقها على الواقع العملي فإني أسأل : هل يصح أن تكون الأزمة النفسية أساسا لمنهج تجديدي في الإسلام ؟! وهل يصح أخلاقيا أن نجعل المعايير المفروضة بالإعلام والخلل الاستراتيجي مقياسا أعلى للتجديد ؟! وهل يترتب على الخلل في التوازن الإعلامي والاستراتيجي بين ثقافة الإسلام وثقافة الغرب أن ثقافة الغرب صحيحة وهي المعيار الأعلى الذي تقاس به عدالة الإسلام ؟! وهل يصح أن يظل هذا المنهج التجديدي دون إطار يحمي الدين الذي ينطلق منه ؟! وهل يصح أن يقوم هذا المنهج التجديدي على أنقاض بديهيات الإسلام كالقرءان والنبوة والألوهية والصلاة والصوم والحج ؟! وهل يصح أن يقوم هذا المنهج التجديدي على التعايش مع الأهواء والوساوس الإعلامية على حساب البديهيات ؟!
18- ليس العلماء كهنة (أحد العلماء في المغرب) : إذا أفتى أحد العلماء المؤهلين فنيا في المغرب أو في الجزائر أو في اليمن أو في العراق أو في أي أرض من أرض الإسلام بإباحة كشف الشعر فليس ذلك بمبرر لإلصاق هذه الفتوى بالإسلام والاستهانة بحكمها الأصيل ، والسبب في ذلك أن العلماء في الإسلام ليسوا كهنة وليسوا باباوات وليسوا بأفرادهم معصومين عن الزلل والخطأ وليس من حقهم التحليل أو التحريم وليس من حقهم مخالفة القواعد التي أعطتهم الحق في الاجتهاد وهم محكومون بالمنظومة والقواعد الاجتهادية فمن خالف منهم تلك القواعد والنظم فقد سلب نفسه رخصة الاجتهاد حتى لو كان السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين بدر الدين بن أمير الدين الحوثي أو السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين مجد الدين بن محمد المؤيدي أو السيد العلامة حجة الإسلام والمسلمين محمد بن محمد المنصور ، فليس حق الاجتهاد تفويضا لا شروط فيه فهو مشروط بالتقيد بأصوله وقواعده ومنقوض بالإخلال بأحدها ، ولا يغرنكم شكل المفتي أو طريقة لباسه أو حجم عمامته أو ترديده للمصطلحات الفقهية والدينية أو اشتغاله بالدعوة الإسلامية وظهوره في الفضائيات فكل ذلك ليس إلا ظواهر قد تكون خادعة (مع أهميتها واحترامنا لها) والمعيار الفيصل في قبول فتاوى كهذه هو معيار الفتوى نفسها وموافقتها لشروط الاجتهاد وقواعده المعروفة المصونة والتي بهدمها يمكن أن يخرج ألف هامشي يفتي باسم الإسلام !!
وبناء على ذلك المعيار إذا سمعنا أن أحد العلماء المؤهلين فنيا للاجتهاد والإفتاء مع نزاهته وأخلاقه قد اصدر فتوى شاذة كالتي ادعاها أحد الأخوة في المغرب فهي فتوى شاذة وغير صحيحة وغير شرعية لأن ذلك المفتي ليس معصوما عن الزلل أو سوء الفهم أو نقص العقل وهو لا يدعي لنفسه الكمال وليس هذا المفتي كاهنا يحق له أن يحلل ويحرم ابتداء فهو ملزم بقواعد معينة للخلوص بالاجتهاد فإن خالفها كان اجتهاده باطلا وربما انتفت "رخصة اجتهاده" وإذا كانت لديه قواعد أخرى غير التي أصبح بها مجتهدا فقد سحب بتجاوزها "رخصة الاجتهاد السابقة" وانتسب لمدرسة فكرية أخرى لا علاقة لها بمدرسة الإسلام الفكرية ولا يهمنا إن حصل من تلك المدرسة الجديدة على "رخصة اجتهاد جديدة" أو منح نفسه "رخصة اجتهاد مدى الحياة وبلا شروط" ، وقد يكون نموذج الهامشي أحد أولئك العلماء المؤهلين فنيا للاجتهاد والإفتاء والذي يفتي بتلك الفتاوى القبيحة ، ومن الخطأ أن يفهم الناس أن اجتهاد الهامشي المؤهل فقهيا صحيح "يصبحُ به الخلاف ُ ظنيا ً" ، ففتوى الهامشي مردودة على صاحبها طالما كانت متجاوزة لقواعد الاجتهاد ولو كان في أعلى المراتب الفقهية والعلمية والافتائية أو يظهر للعوام بمظاهر إسلامية كأن يكون لابسا أهيب العمائم وأزهد الأثواب وحريصا على المسواك والشبشب ولا يقوم من مقامه إلا على وضوء ولا يخاطب الناس إلا بالقرءان والأحاديث والتأوهات ، فهل ستصبح فتوى الهامشي حينئذ فتوى شرعية وصحيحة ؟!
19- ألا تفكرون في المستقبل وما ستؤدي إليه فتاواكم: أعبر لكم عن قلقي الشديد – إذا ما أصررتم على نشر منهجكم - أن يأتي زمان ورجال ونساء يتعاطون مع النصوص الشرعية كما يتعاطى الهامشي معها فتظهر فتاوى في غاية القبح تنسب نفسها زورا وبهتانا إلى الله والإسلام ، وإذا كنتم اليوم تعون أنها استهزاء وسخرية فلربما يأتي جيل يستحسنها ويراها عصرية – كما ترون فتاوى كشف الشعر وغيرها - فهل هناك اقتراح عندكم لتفنيدها ؟! أم أنكم لا تهتمون بالدفاع عن الإسلام في وجه المحرفين ولو مستقبلا ؟! ولا تهتمون إلا بهدم الأحكام العتيقة لأنها غير عادلة وغير منسجمة مع النصوص – حسب ظنكم - ، فهل هذه نفسية مؤمنين غيورين على دين نبيهم حذرين من عاقبتهم ؟! لا يغارون ولا يتحركون إلا عندما تكون غيرتهم موافقة لمؤثرات الغرب ؟! على الأقل إن اخترتم السكوت فاسكتوا في الحالين.
20- لماذا لا تحترمون الهامشي أعني : لماذا لا تحترمون أنفسكم ؟! : وأنا أعلم أنكم تطمحون أن تحظى اجتهاداتكم بالاحترام والتقدير باعتبارها جهدا تبتغون به وجه الله لتصحيح مسار الإسلام وتستغربون أن يقابلكم المؤمنون بالإنكار والكراهية ولا يطالعون ما تكتبونه باهتمام واحترام !! ولكن وبفضل الهامشي هاأنتم ذا ترفضون أن تتعاملوا معه ومع فتاواه بنفس ما تطمحون لأنفسكم ، فأنتم تستهينون بها وتنكرونها وتعتبرونها استهدافا لأشخاصكم ولا تقدرون الجهد الذي بُذل فيها رغم أنها صورة طبق الأصل عنكم والفرق بينها وبينكم إنما هو في الأحكام فإذا كانت استهزاء بالإسلام فإن فتاواكم استهزاء أيضا ، وإن كانت فتاواكم إسلامية وعظيمة وفتحوية فما هو المانع أن تكون فتاوى الهامشي إسلامية وفتحوية وعظيمة ، وأنتم أخيرا وبحمد الله وبجهود الهامشي تنظرون من نفس زاوية من كنتم تصفونهم قديما بالمتزمتين ؟! والفرق بينكم وبينه ليس إلا خطوة من الخطوات التي مررتم بها سابقا وأخشى أن تصلوا إليها يوما من الأيام وتصبحوا من أشياعها والعياذ بالله.
21- للتدليل على ذلك أسألكم هذا السؤال : هل يمكن أن تصفوا اجتهادات الهامشي بأنها اجتهادات إسلامية ( مع الأخذ بعين الاعتبار أن النوايا لا يعلمها إلا الله والأصل فيها السلامة) ؟!
فإذا كنتم ستصفونها بأنها اجتهادات إسلامية فقولوا لي - بالله عليكم - ما هو الاستهزاء بالشريعة إذا لم يكن ذلك استهزاء بها ؟!
عدا أني أبشركم حينئذ بالعديد من الشباب وهو يعيد النظر في جميع المسلمات في الدين الإسلامي بما في ذلك حرمة الدماء والفروج ، وربما يجتهد بعضهم ليتوصل إلى أننا وإياكم مُهدروا الدم والعرض والمال ليكون اجتهادهم إسلاميا حسب منهجكم المنفتح والمحترم للاراء والشطحات..
22- وإذا وصفتم اجتهادات الهامشي بأنها غير إسلامية فما هو المعيار الذي اتخذتموه لنفي إسلاميتها وشرعيتها لاسيما وهي تنبني على منهجكم ؟! فليس مجرد انزعاجكم منها وإحراجكم بها سببا كافيا لنفي شرعيتها طالما صححتم المنهج الذي تقوم عليه ، وسيكون من حق المؤمنين حينئذ أن يصفوا اجتهاداتكم بأنها استهزائية أو غير شرعية لمجرد انزعاجهم بها فتأملوا.
23- كيف يمكنكم القضاء على شطحات الهامشي ؟! : لو افترضنا أنكم قد أدركتم خطورة فتاوى الهامشي على فتاواكم ثم عمدتم إلى تفنيد اجتهاداته فإني أحب تنويهكم أن من الخطأ تصور الحل في تفنيد المعنى اللغوي الذي يبني به فهذا ليس حلا جذريا ، لأن التفنيد اللغوي والتبريرات التي لا تتناول المنهج ستبقى تبريرات بشرية وغير مُقدسة في مواجهة تبريرات بشرية وغير مُقدسة وجميع التبريرات في النهاية تنسب نفسها إلى الله وتعرض نفسها في سوق الكساد الفكري ، وغاية ما ستؤدي إليه تلك التبريرات التي لا تهدم المنهج – حسب ما أشار الهامشي بنفسه – أنها ستخلق مذهبين شرعيين صحيحين - حسب منهجكم – وقد تكون بناتكم أو زوجاتكم أو أخواتكم ممن يتمذهبن بالمذهب الهامشي محتجات عليكم بقاعدة أن "الخلاف في المسألة يُصيّرها ظنية" (حسب فهمكم الخاطئ لهذه القاعدة) ولا أعتقد أن حميتكم على دينكم وأعراضكم قد وصلت بكم إلى هذا المستوى ، ولا حل للخلاص من اجتهادات الهامشي إلا بهدم المنهج لا بالتبرير لنفيه من خلال نفس المنهج فتحققوا.
24- الرسالة الإسلامية كانت محفوظة وستظل محفوظة: لكم أن تقولوا ما تشاءون ، وأن تتفلسفوا كما تشاءون ولكن اعلموا أنكم تتعرضون لرسالة الله التي كفل بحفظها منذ 1400سنة ، وأن الإسلام ليس كاليهودية والنصرانية ولم يكن في يوم من الإيام فهو محفوظ محفوظ وهو حجة الله في أرضه التي تركها لعباده ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك فكيف يتحقق ذلك الحفظ رغم أن بعض الأحكام ظلت خافية على المسلمين 1400سنة حتى أتيتم أنتم لاكتشافها في هذا القرن ؟! وهل مات المسلمون من قبل ذلك جميعا بدون أن يعلموا ما هو الحكم الشرعي وبدون أن يفهموا دلالة النصوص التشريعية والأوامر والنواهي ؟! وهل دين الإسلام ألغاز وأحجيات احتاجت 1400سنة من الانتظار لكي يأتي رجال مثلكم وفي عصركم ليكتشفوها بتنوير بسيط من (الحضارة الغربية) ؟!
وأوجه كلامي للأخوين الحميري و الحميدي – إن كان في قلبهما مثقال ذرة من تقوى وحسبان لليوم الآخر الذي تشخص فيه الأبصار : ينبغي عليكما أن تحمدا الله تعالى الذي قيض لكما شخصا مثل الهامشي لكي يبين لكما بشاعة منهجكما وخطورة ما تشايعانه على دين الله وأحكام الإسلام ، فغيركما ابتدع البدع وأضل الناس بسببه أجيالا دون أن تتسنى له فرصة ليدرك بشاعة ما أقدم عليه ، فالحمد لله رب العالمين الذي خصكما بهذا اللطف دون أمثالكما من أهل الجرأة على الفتوى سواء أراد الهامشي ذلك أم لم يرده.
أما أسلوب الهامشي المستفز والصادم فهو – كما يبدو لي - أشبه ما يكون بأسلوب الإلزام الذي استخدمه الأصوليون من المعتزلة والأشاعرة لبيان قبح الرأي المستهدف باستخدام مقدماته للخلوص بقول في غاية الفظاعة ينفر منه صاحبه ويعرف كم كان مخطئا به ، فشكرا للهامشي إن كان يقصد ذلك وكتب الله أجره وزاد في عقله وقلمه وجعل أعماله خالصة لوجه الله الكريم ، ولكن عليه أن لا يسرف في هذا الأسلوب فيصدقه المغفلون !!
وأختم بالقول لكما : إذا لم تفندا ما يقوله الهامشي فإنكما بذلك كمن يعلن التراجع عما أفتى به لظهور خطأ المنهج الذي بنى عليه ، فأنصحكما بأن لا تتجاهلاه إن كنتما حقا تبحثان عن الحق وتطلبان السلامة في الدين ، فإذا أصررتما على تجاهله فإني أخشى أن يصدق من ظن إنكما لن تفنداه لأنكما حينئذ إنما تفندان مذهبكم وهو ما لا تحتملانه مهما كانت المخاطر على الإسلام.
وأنصح جميع المستنكرين لفتوى كشف شعر المرأة بدلا من السب والشتيمة والاستنكار للهامشي بأن يسعوا جاهدين في إلزام الحميري و الحميدي بتفنيد شطحات الهامشي ومنهجه الذي أتاح له نبش الإسلام من جديد والخلوص بأفكار من قبيل "إمامة المرأة بالمايوه" و"جواز كشف جميع جسد المرأة" وتبيين كيف سيمنعونه وأمثاله من تلك الشطحات الخطيرة فليس فتح هذا الباب لعبة بأيديهم يقدمون عليها ولا يدركون أبعادها الهدامة.
وأتمنى أن يتحلى كل من الحميري والحميدي بالشجاعة الكافية والتقوى ويترفعا عن التبرير للذات والحرص فقط لعدم الظهور في مظهر المخطئ على حساب شريعة الله وإدخالها في دوامات لا حاجة للأمة الإسلامية بها ولا تزيد الأمة إلا تفرقا وضعفا وهوانا بين الأمم.
وأرجو منهما قراءة موضوع "حقوق وحريات إبليس" الذي نشر قبل مدة لعل الله يفتح بيننا وبينهم بالحق وهو خير الفاتحين.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 2745
- اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
- اتصال:
لله درك من عالم عارف بالله سيدي / عبد الوكيل فتح الله عليك فتح العارفين ونفع بك الاسلام وابناء الدين آمين يارب العالمين ..!!
وإن كان هناك مجال للمشاركة فيكفي قول الشاعر الفحل :-
1- قلْ للملثمة التى *** ضحكتْ وحيتْ بالسلام ْ
2- أخفتْ وراءَ لثامها *** حُسْناً يبوح به اللثامْ
3- ومفاتِناً لو أظهرتها *** أخجلتْ بدرَ التمامْ
[tab]**** [tab]
4- لا تنزعيه وأعرضي *** عن شبهةٍ فيها الحرامْ
5- وتحمليه لترحمي الشب ---- بان من ويل الغرامْ
6- وتأكدي أن التعف ----- فَ زينةٌ بين الكرام ْ
[tab]****[tab]
7- والدينُ اجملُ فتنةٍ *** في الآنساتِ إذا استقامْ
8- والحسنُ أرخصُ سلعةٍ *** لو صار وقفاً لأنامْ
9- والحصنُ أخطرُ مسكنٍ *** ما دام في مرمى السهامْ
10- والوغدُ لو نظرَ السواف --- رَ عابثاً قد لا يُلامْ
[tab]****[tab]
11- فترفعي وتشبهي *** بنساءِ طه والإمامْ
12- هنَّ الشموسُ الساطعِ ---- ـات وهنَّ أسرابُ الحمامْ
13- نسج الضياءُ لثامهنَّ *** فكنَّ في أسمى مقامْ
تحياتي ..!!
وإن كان هناك مجال للمشاركة فيكفي قول الشاعر الفحل :-
1- قلْ للملثمة التى *** ضحكتْ وحيتْ بالسلام ْ
2- أخفتْ وراءَ لثامها *** حُسْناً يبوح به اللثامْ
3- ومفاتِناً لو أظهرتها *** أخجلتْ بدرَ التمامْ
[tab]**** [tab]
4- لا تنزعيه وأعرضي *** عن شبهةٍ فيها الحرامْ
5- وتحمليه لترحمي الشب ---- بان من ويل الغرامْ
6- وتأكدي أن التعف ----- فَ زينةٌ بين الكرام ْ
[tab]****[tab]
7- والدينُ اجملُ فتنةٍ *** في الآنساتِ إذا استقامْ
8- والحسنُ أرخصُ سلعةٍ *** لو صار وقفاً لأنامْ
9- والحصنُ أخطرُ مسكنٍ *** ما دام في مرمى السهامْ
10- والوغدُ لو نظرَ السواف --- رَ عابثاً قد لا يُلامْ
[tab]****[tab]
11- فترفعي وتشبهي *** بنساءِ طه والإمامْ
12- هنَّ الشموسُ الساطعِ ---- ـات وهنَّ أسرابُ الحمامْ
13- نسج الضياءُ لثامهنَّ *** فكنَّ في أسمى مقامْ
تحياتي ..!!
آخر تعديل بواسطة محمد الغيل في الأحد مايو 27, 2007 9:39 pm، تم التعديل مرة واحدة.

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون

-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 424
- اشترك في: الثلاثاء يوليو 20, 2004 7:35 pm
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين..........
يـــــــــــــــــا سبحان الله من علم وفهم و دراية و عظمة قد أودعها الله جنبات كلماتك الصادقة و تلك العبارات القيمة و الله و الحجج المبينة......
أقسم بالله أني قرأت هذه المقالة الطويلة و شعرت في أعماقي براحة عظيمة أفتقدتها منذ زمن طويل...جاءت الحجج و الدلائل التي يدركها و يتيقن منها كل ذي عقل فازاحت عني والله كل ذرة من وسوسة أو شك.....
يا سبحان الله العظيم عليك أخي الجليل عبد الوكيل.....توكلت على الله فأنطقك بأمره و فهمك بعلمه......أعجز عن الشكر والله و الله يكتب أجرك و يثيبك و يجعل كل كلمة كتبتموها في ميزان حسناتكم و جعلها تتضاعف كل ثانية الى أضعاف كما يحب الله....
أحييك أخي أحييك و يحييك العديد من القراء ذوي العقول والمفاهيم الصالحة..
أرحتني بجوابك الشافي و أرحتنا بدفاعك عننا جميعاً....صانك الله و كثر من أمثالك كي يعم الدنيا الخير......وصدق صلى الله عليه و آله و سلم حين قال:
(( الإيمااااااان يماااااااااااان و الحكمة يمااااااااااااااانية))
سلام الله عليكم سيدي و أستاذي الجليل محمد الغيل ،،
الأبيات الرائعات و في محلها....وكذلك دائما تأتي كلماتكم الطاهرات لترفع الهمم و توجه العقول لكل خير و كذا القلوب...تحياتي لكم أكرره و سلامي ،،
و أكرر سلامي لأستاذنا و أخينا الكريم عبد الوكيل التهامي...وكل من يدافع عن الحق بأي أسلوب يصوب المفاهيم و العقول والشبهات ...
تحياتي ،،
يـــــــــــــــــا سبحان الله من علم وفهم و دراية و عظمة قد أودعها الله جنبات كلماتك الصادقة و تلك العبارات القيمة و الله و الحجج المبينة......
أقسم بالله أني قرأت هذه المقالة الطويلة و شعرت في أعماقي براحة عظيمة أفتقدتها منذ زمن طويل...جاءت الحجج و الدلائل التي يدركها و يتيقن منها كل ذي عقل فازاحت عني والله كل ذرة من وسوسة أو شك.....
يا سبحان الله العظيم عليك أخي الجليل عبد الوكيل.....توكلت على الله فأنطقك بأمره و فهمك بعلمه......أعجز عن الشكر والله و الله يكتب أجرك و يثيبك و يجعل كل كلمة كتبتموها في ميزان حسناتكم و جعلها تتضاعف كل ثانية الى أضعاف كما يحب الله....
أحييك أخي أحييك و يحييك العديد من القراء ذوي العقول والمفاهيم الصالحة..
أرحتني بجوابك الشافي و أرحتنا بدفاعك عننا جميعاً....صانك الله و كثر من أمثالك كي يعم الدنيا الخير......وصدق صلى الله عليه و آله و سلم حين قال:
(( الإيمااااااان يماااااااااااان و الحكمة يمااااااااااااااانية))
سلام الله عليكم سيدي و أستاذي الجليل محمد الغيل ،،
الأبيات الرائعات و في محلها....وكذلك دائما تأتي كلماتكم الطاهرات لترفع الهمم و توجه العقول لكل خير و كذا القلوب...تحياتي لكم أكرره و سلامي ،،
و أكرر سلامي لأستاذنا و أخينا الكريم عبد الوكيل التهامي...وكل من يدافع عن الحق بأي أسلوب يصوب المفاهيم و العقول والشبهات ...
تحياتي ،،
اللهم ارحم موتانا و موتى المؤمنين والمؤمنات...و كتب الله أجر الصابرين و المجاهدين ،،



-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 62
- اشترك في: الخميس مايو 31, 2007 12:31 am