الزي بين التجمُّل والفتنة.....!!

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

الزي بين التجمُّل والفتنة.....!!

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

الزي بين التجمُّل والفتنة


اللّباس والزي من نِعَم اللَّه جلَّ جلاله علينا، نواري به من أجسادنا ما لا يجوز إظهاره للملأ، ونتدثَّر به إتِّقاءً للحر والبرد، ونتجمَّل به أمام إخواننا من دون تكبُّر وتفاخر.

فالألبسة والأزياء عُرفت منذ زمن طويل، وأقرَّتها الشريعة المقدَّسة ضمن ضوابط ونُظم، إضافة إلى آداب ومستحبات تبعث الدف‏ء والإلفة في المجتمع.‏

قال اللَّه جلّ جلاله: «يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يُواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير»(1).‏

واقعنا اليوم‏:‏

لكننا لاحظنا في العقود الأخيرة تفلُّتاً وتسيُّباً لافتين على صعيد الأزياء، في شكلها وألوانها وأحجامها ودورها، إلى درجة أنَّ بعض الألبسة لم تعد ألبسةً تقوم بالدور المفترض لها!‏

فالمتتبِّع لِدُور الأزياء العالمية بات يرى دون جهد أنَّ كشف الأجساد وتعريتها، وليس سترها وتغطيتها، أصبح الهدف الأساس من عروض الأزياء الكثيرة والمبتزلة والمملَّة والتي بدأت ولم تنته!‏

فعروض الأزياء هذه، والتي أصبحت لها قنوات فضائية خاصة، لكثرتها، كأنَّ هدفها الإغراء وعرض الأجساد، حتى أنَّ بعض المصممات العالميات وجمعيات نسائية بريطانية، دانت هذه الأساليب المنحطة التي لا دخل لها بما تُعلن عنه وتدَّعيه، وقد أبدى بعض هؤلاء تزمُّرَهم من الحالة التي وصلوا إليها، على ما نقلت الوكالات ونشرت الصحف، (الجمعة في 20 - 2 - 2003).‏

فبعض «الأزياء» لا أزياء فيها إلاَّ اللَّمم(2)، وبعضها مجموعة من «الاكسسوارات» العشوائية تُعرض لِلَفْت الأنظار، وبعضها صرعات لا تنفع إلاَّ على المسرح، وبعضها تُقصد بها حاملتها أكثر مما يُقصد المحمول نفسه!‏

الأزياء المُعَوْلمة:‏

هذه الأزياء أخذت تغزو مجتمعاتنا الإسلامية بكل «ثقة»، وهي من جملة العادات والمفاهيم «المُعَوْلمة» التي تُبثُّ لنا، ويتقبَّلها أكثرنا:‏

إمَّا لضعف ثقة بديننا وتاريخنا وأحكام شرعنا وبالتالي بأنفسنا.‏

وإمَّا لغياب الأصالة في العقول «المثقَّفة» المتعدِّية!‏

وإمَّا لعدم الحسم والجزم من أولي الأمر وأهل التأثير.‏

وإمَّا لإنصياعنا وخضوعنا لسياسة الاستيراد والقبول، دون صرف جهد في الإبداع والاجتهاد.‏

وإمَّا لعدم القيام بجهد مضاد يواجه الفضائيات وسياسة الإعلام الطائر، الذي لا يجد مَنّ يتصدَّى له بحزم وقوَّة.‏

فهذه الأزياء والألبسة، كثير منها منكرٌ شرعاً، وأكثرها غريب عن عاداتنا وتقاليدنا وتاريخنا والسلف الصالح ممَّن سبقنا... لكنَّها تغزونا تحت عنوان سحري يُسقط كلَّ المحرمات، ويفتح كلَّ الإحتمالات، يُعبَّر عنه بكلمة «الموضة»!‏

والموضة هذه خرجت عن معناها اللُّغوي الذي يعني الحداثة والتحضُّر، إلى معاني «إقتحامية» متعدِّدة الرؤوس والأهداف، تصبُّ جميعها في:‏

الترويج لمظاهر غريبة وعادات جاهلية بهدف إسقاط العقيدة الدينية، واستبدالها بعادات اجتماعية وحياتية «وقيَمِيَّة» جديدة، مع إرفاق ذلك بفوائد اقتصادية هائلة، تبلغ مئات المليارات من الدولارات سنوياً، تُضخُّ في جيوب اليهود والغربيين.‏

وهناك إحصاءات موثَّقة واعترافات منشورة، تُقرُّ بذلك حتى بلغ «شبح» الموضة أن تدخَّل في دقائق الأمور، فتعدَّى من الثياب إلى أدوات الزينة والأحذية والنظارات والجزادين والعدسات اللاصقة وغيرها...‏

ما هو موقف الإسلام مما يُحيط بنا:‏

بما أنَّ جوهر الإسلام وحقيقته يقوم على تهذيب نفوس البشر ليكونوا عباداً ربانيين، فلا بد أن تكون أحكامه المتعلِّقة بالثياب كما غيرها، تصبُّ في هذا المصب لبناء النفس الإنسانية على حقيقة التقوى.‏

قال اللَّه عزّ وجلّ: «وما خلقت الجن والإنس إلاَّ ليعبدون»(3).‏

فلا شك أنَّ الإسلام العزيز اهتم بالمظهر والشكل الخارجي، وجعل لذلك أبواباً في كتب الأخلاق، ومئات النصوص الشريفة، لكن، ليس بالطريقة التي يغلب فيه المظهر على الجوهر، والشكل على المضمون.‏

فالذي يقضي وقته باختيار أزياء لقبل الظهر وأخرى لبعدها، وأزياء صباحية (MATINE) وأخرى مسائية (SOIRE)، وألبسة لهذه المناسبة دون تلك، وما يُلبس في هذا المكان لا يتكرَّر في مكان آخر... لا شك أنَّ مثل هذه التصرفات والممارسات تُبعد عن الآخرة ودرجاتها.‏

ونعوذ باللَّه تعالى من أن نهتم لعين النَّاس، ولا نهتم لعين اللَّه تبارك وتعالى.‏

فلا مانع من أن يلبس المسلم ما يشاء، ويظهر بالمظهر الحسن، ويستنَّ بسنَّة رسول اللَّه (ص)، بشرط أن لا يتعدَّى حدود اللَّه عزَّ وجلَّ، ويخوض في عناوين محرَّمة، باتت منتشرة للأسف الشديد، وإن غفل عنها كثيرٌ من المسلمين، وذلك لقلَّة المذكِّرين من جهة، ولكثرة «المنفتحين» المتهاونين من جهة أخرى:‏

1ـ فلا يجوز التشبُّه بالكفار فيما يُعرفون به، أو يختصُّ بهم أو يكون لهم شعاراً، وهذا من أهم الضوابط، وأمَّا شياع التشبُّه على النحو الذي يُحيط بنا، فناتج عن عقدة النَّقص والإنهزامية.‏

ورد في النصِّ عن الإمام الصادق (ع): «لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي». وكان منهال عند الإمام الصادق (ع)، وكان يلبس حذاءً كما يلبس اليهود (من حيث شكله)... فأمره الإمام (ع) بتعديلها، ففعل.‏

وعن أبي الحسن أنَّه نظر لِمَنْ لبس مثل ذلك، ثم قال له مستنكراً عليه: «أتُريد أن تتهوَّر».‏

ولا ننس هنا فتوى مولانا ومقتدانا الإمام الخميني رحمة اللَّه عليه في تحريم لبس «ربطة العنق» من هذا المنطلق.‏

وعلى هذا المنوال أفرد سماحة السيد القائد الخامنئي، كما هي سُنَّة السَّلف الصالح، باباً خاصاً في «حرمة التشبُّه بالكفار».‏

ولا ريب أنَّ الكثيرين يتهاونون بهذا الأمر في أيامنا هذه.‏

2ـ عدم جواز التشبُّه بالفاسقين والفاسدين في شعاراتهم (الهيبيَّة مثلاً) ولباسهم ورقصاتهم وقبَّعاتهم... ممَّا ينسب المسلم إلى التهتُّك أو التهاون أو المنكر أو الجرأة على إمتطاء الحرام.‏

وهذا ممَّا انتشر كثيراً في السنوات الأخيرة، حتى في مجتمع النساء المتدِّينات اللواتي يلبسن أحياناً في مناسبات اجتماعية لباساً يُخرجهن عن حدود الإتزان، عندما يُقلِّدن المشهورات من الفاسدات كالممثلات وعارضات الأزياء والراقصات، فتُصبح المرأة عندها متهتِّكة في لباسها وتصرفاتها.‏

والمعروف «أنَّ مَنْ تشبَّه بلباس قوم أخذ من أخلاقهم، فالمقلِّد يتَّبع المقلَّد».‏

3 ـ أن لا يلبس الرجل لباس المرأة الخاص بها فقط ليكون «مخنَّثاً»، وهذا ممّا نهي عنه رسول اللَّه (ص) في نصوص كثيرة.‏

4 ـ أن لا يكون في لباسه، رجلاً كان أم امرأة، مُسْرفاً أو مبذِّراً أو مضيِّعاً للمال، فالمسرفون «هم أصحاب النار»(4).‏

وقال سبحانه وتعالى: «إنَّ المبذِّرين كانوا إخوان الشياطين»(5).‏

5ـ ن لا تُؤدِّي هذه الألبسة إلى خيلاء في نفسه وتكبُّر على غيره من إخوانه المسلمين.‏

وقد يسوقه ذلك، نعوذ باللَّه تعالى: إلى احتقار أو إزدراء عامة المسلمين وفقرائهم، وهذا من الحرام الواضح.‏

رُوي عن سيدنا رسول اللَّه (ص) «مَنْ لبس ثوباً يُباهي به ليراه النَّاس، لم ينظر اللَّه إليه حتى ينزعه».‏

ونهى (ص) أن يختال الرجل في مشيه، وقال: «مَنْ لبس ثوباً فاختال فيه، خسف اللَّه به من شفير جهنَّم، وكان قرينَ قارون، لأنَّه أولُ مَنْ اختال، فخسف اللَّه به وبداره الأرض، ومَنْ اختال فقد نازع اللَّه في جبروته».‏

وفي نصٍ آخر «لا يجد ريحَ الجنَّة عاق، ولا قاطع رحم، ولا مُرْخي الإزار خُيَلاء»(6).‏

6 ولخصوص المرأة المسلمة التي أرادها اللَّه عزَّ وجلَّ عفيفة طاهرة كريمة، قواعد شرعية معروفة في الستر وعدم لبس لباس الشهرة وما يُلفت النظر... ولو كان المجال هنا ضيِّقاً للخوض في التفاصيل، إلاَّ أنَّ ما ابتُلينا به كثير، بحيث أصبح المنكر منتشراً، بل أمراً عادياً، بل أنَّ الحياء فُقد، فترى الكاشفات العاريات يفتخرن، ويعتبرن فعلهن «جرأة».‏

وصدق أمير المؤمنين (ع) عندما قال: «يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شرُّ الأزمنة، نسوةٌ كاشفاتٌ عارياتٌ متبرِّجات... داخلاتٌ في الفتن، مائلاتٌ إلى الشهوات، مسرعاتٌ إلى اللَّذات، مستحلاَّت للمحرمات، في جهنَّم خالدات».‏

ختاماً...‏

لهذا الموضوع الذي نحن بصدده تداعيات كثيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية وتربوية... ودينية تستدعي التفصيل لاحقاً.‏

--------------------‏‏

بقلم: السيد سامي خضرا‏‏

--------------------‏‏

الهوامش:‏

(1) سورة الأعراف المباركة، الآية: 26.‏

(2) الشي‏ء القليل.‏

(3) سورة الذاريات المباركة، الآية: 56.‏

(4) سورة غافر المباركة، الآية: 43.‏

(5) سورة الإسراء المباركة، الآية: 27.‏

(6) راجع وسائل الشيعة، ج‏3، ص‏368 وما بعده.‏
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

آداب الحجاب الإسلامي


في تاريخنا الطويل لم يناقش أحد في الحجاب الإسلامي بضوابطه الشرعية المعروفة فضلا ً عن أصل وجوبه، إنما دخلت علينا الأفكار المشكِّكة والنافية والمحقرة للحجاب مع بدايات الغزو الثقافي والعسكري الإستعماري الغربي لبلادنا الإسلامية.

فمنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ الطعن بالحجاب علناً في ظاهرة غير مسبوقة، وذلك في العديد من البلدان الإسلامية الى أن شملها كلها مع بدايات القرن العشرين وانتشار المدارس الغازية والمتأثرين بالثقافة الغربية وبداية تخرجهم من معاهدهم ومدارسهم.‏

وبالرغم من ظاهرة عودة الحجاب في السنوات الأخيرة إلا أننا بتـنا نرى نماذج غريبة من ما يسمى بالحجاب وهو في الحقيقة خارج عن الضوابط المعتبرة شرعاً:‏

فمن الملون الى المزين الى المزركش الى الملفت في خياطته ولونه...حتى أصبح بعض الحجاب لا ينطبق عليه الستر الشرعي الذي قُصد في الآية القرآنية.....وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ (31)النور‏

هذا مع العلم ان لبس الحجاب في بلاد المسلمين كان شائعاً عند النساء المؤمنات، وبحسب الفطرة ، مما تتوافر فيه الشروط الذي ذكرها الإسلام، ومنها:‏

أولاً: تغطية تمام الجسد، مع إخراج الوجه والكفين كما هو رأي بعض الفقهاء ، وإن كان الإحتياط فيهما مطلوبا.‏

والملاحظ في السنوات الأخيرة وفي المجتمع اللبناني بشكل خاص، التساهل في إظهار بعض أنحاء الجسد مثل: المعصمين(مكان الساعة أو الإسوارة)، القدمين، أسفل الذقن... وهذه أمور من الواضح شرعا أنه لا يجوز إظهارها، وإن بلغ فيها التهاون مبلغا.‏

ثانياً: أن لا يكون ملفتاً لا في لونه ولا في شكله(موديله) بحيث يكون داعياً لوقوع نظر المتربصين أو الفاسدين أو ضعاف الإيمان أو الذين في قلوبهم مرض.‏

يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ (59)الأحزاب‏

وفيما يتعلق بخصوص اللون لا بد من اختيار الغامق منه وهذا ما درجت عليه عادات المؤمنات الصالحات.‏

فالهدف من الحجاب ستر الجسد ورد النظرات المسيئة، وإن كنا في أيامنا هذه نرى بعض أنواع الحجاب التي تدعو الأجانب(غير المحارم) الى إمعان النظر.‏

ثالثاً: أن لا يكون شفافاً يحاكي ما تحته، فهذا مخالف للحجاب بداهة.‏

رابعاً: أن يكون واسعاً فضفاضاً وهذا الشرط من أهم الشروط التي يجب التنبيه عليها في أيامنا هذه بعد أن شاع الضيِّق والمـُكسِّمُ للجسم من خلال ما يسمى بالحجاب "المودرن، أو حجاب الموضة، أو حجاب الشيك، أو الحجاب المنفتح، أو الحجاب الفرنسي.......".‏

خامساً: أن لا يكون ثوب تشبه بالرجال أي مما يلبسه الرجال خاصةً فقد لعن النبي (ص) لبس المرأة الذي تتشبه فيه بالرجال.‏

فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وآله «المتشبِّهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبِّهات من النساء بالرجال».‏

ورُوي عنه صلى الله عليه وآله: «ليس منَّا مَنْ تشبَّه بالرجال من النساء، ولا من تشبَّهَ بالنساء من الرجال».‏

وكان صلى الله عليه وآله يزجر الرجل أن يتشبَّه بالنساء، وينهى المرأة أن تتشبَّه بالرجال في لباسها‏

سادساً: عدم جواز التشبه بالفاسقين أو الفاسدين في ألبستهم وتهتكهم وتهاونهم، فمن تشبه بلباس قوم أخذ من أخلاقهم، والمقلِّد يتَّبع المُقلَّـد.‏

والجدير ذكره أن بعض الألبسة النسائية الكاشفة أو المغرية تختص بالزوج فقط دون غيره، ولبسها أمام المحارم فيه أضرار غير محمودة.‏

سابعاً : عدم جواز التشبُّه بالكفار فيما يُعرفون به، أو يختصُّ بهم ، وواضـح أنَّ سـبب التشـبُّه الشـائـع عقــدة النَّقص والانهزاميـة.‏

ورد في النّص عن الإمام الصادق عليه السلام عن نبيٍ من أنبياء الله تعالى أنَّه قال:‏

«لا تلبسوا لباسَ أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسـلكوا مسـالك أعدائـي، فتكونـوا أعدائــي كما هم أعدائي».‏

وكان منهال عند الإمام الصادق عليه السلام، وكان يلبس حذاء كما يلبس اليهود (من حيث شكله)... فعدَّلها، بعد أن لفت نظره الإمام إلى ذلك.‏

وعن أبي الحسن عليه السلام أنَّه نظر لِمَنْ لبس مثل ذلك، ثم قال له مُسْتنكراً عليه: «أتُريدُ أن تتهوَّد؟».‏

ومما لا شك فيه، ونرى ذلك كل يوم، أن التهاون في أمر الحجاب وتجاوز شروطه، يفسد المجتمع كله ، كما يشكل خطراً على الأسرة والعلاقة الزوجية، وما نراه اليوم من فساد الأخلاق وانتشار المحرمات والمتاجرة بالمرأة في الدعاية والترفيه والإعلام ومن تسهيل المعاصي.... إلا بعض نتائج ترك الحجاب أو التهاون في شروطه.‏

وهنا لا بد من الإشارة الى أن كل المجتمعات الإسلامية كانت تـتزيَّ بالعباءة أو ما يشباهها من حيث اللون والسعة ، وسمي ذلك بالملاءة أو العباءة أو التشادور أوالرداء أوالإزار( يُـشتمل به ، فيجلل جميع الجسد { لسان العرب لإبن منظور ج1 ص273}) وهي مسميات لشيء واحد ولكن تعددت أسماؤه تبعاً لإختلاف اللهجات العربية التي تستعملها وما شاكل ذلك.‏

ونحن في بلاد الشام، ومنها لبنان، وحتى قرن من الزمان، كانت النساء تتستر بالستر التام بما فيه الوجه، وذلك قبل أن يغزوها التغريب في عهد الاستعمار الغربي، فقد تعجب إذا عرفت بأن المسلمة عندنا كانت تستر وجهها بالنقاب، وهذا ما ذكره "فيليب حتي" في كتابه "تاريخ لبنان" (ص 516 متحدثًا عن أحوال بيروت: (تغلغل النفوذ الغربي إلى داخل البلاد، وأصبحت بيروت الميناء الرئيس ...(إلى أن يقول في وصفها) لم يكن مألوفًا أن يُرى الرجل متأبطًا ساعد امرأة خارج البيت، وقلّ أن يرى المرء في شوارع بيروت رجالا أوروبيين يرتدون ملابسهم الغربية....‏

(إلى أن يقول: ( وفي جميع هذه المدن كانت المرأة النصرانية تغطي وجهها بحجاب كما تفعل المرأة المسلمة.‏

ويقول الشيخ محمد رشيد رضا متحدثًا عن للبنان وأحواله حتى زمن القريب:كانت المسلمات في بيروت أشد محافظة على التقاليد..... وإنما يكن مع الرجال سادلات على وجوههن النقاب الإسلامبولي الأسود، لا سافرات.. (انظر: رحلات محمد رشيد رضا؛ للدكتور يوسف ايبش، ص 244 – 247(‏

ولا ننسى أن التهاون، إنما جاء بعد انهزامنا أمام الغرب وانصياعنا لأوامره حيث بدء المتأثرون به بنزع الحجاب والدعوة الى ذلك، وتجاوب معهم الكثيرون من المنهزمين وغير المسلمين.‏

وما زال الحقد على الحجاب قائماً، وسيبقى،لأنه من شعارات الإسلام ،وما نسمعه اليوم من مواقف غربية من الحجاب ليس جديداً فالمطلع على تاريخهم يرى كيف خططوا وشهَّروا وروَّجوا وحمَّسوا لنزع الحجاب، وقصصهم معروفة ومشهورة في الجزائر والمغرب ولبنان ومصر وسوريا وغيرها من البلدان الإسلامية.‏

وأثـناء كتابتي لهذه الكلمات، شكت المذيعة في قناة الجزيرة "خديجة بن قنة" من أن وزير الخارجية الفرنسي رفض اجراء مقابلة معها بعد موافقته المبدئية وذلك لسبب واحد هو:‏

إرتدائها الحجاب!!!‏

فيا ليتـنا نرجع الى الدقة الشرعية في ارتدائنا للحجاب وفي ذلك رضى الله تبارك وتعالى وطاعة له والذي لا يـُستبدل بأي شيء آخر، وفي ذلك أيضاً سعادة في الدنيا وفوزاً في الأخرة.‏

أيتها الأخوات الغيورات إن "فوضى الحجاب" الضاربة في مجتمعنا في السنوات الأخيرة ، يجب أن تحسم منكن وأنتن ترون هجمة الأعداء علينا فالمحافظة على شروط الحجاب ليس بحاجة الى اتصالات ومواصلات وأموال وقرارات وعبور للقارات، إنما بحاجة لفتاة مؤمنة تقية تملك قرارها من أجل رضى ربها.‏

فنحن في زمان فـقـد فيه الحيــاء ، فنـرى الكاشــفات العاريــات يفتخرن، وفي نفس الوقت يُعيِّرن المصونة، المحافظة على جسدها من بيعه مجاناً للناظرين والعابرين والطامعين.‏

رُوي عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن نساء آخر الزمان واقتراب الساعة، وهو شرُّ الأزمنة، قولُه:‏

«... داخلاتٌ في الفتن، مائلاتٌ إلى الشهوات، مسرعاتٌ إلى اللَّذات، مستحلاِّتٌ للمحرمات، في جهنَّم خالدات».‏

فيا أيتها الأخوات :‏

إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) الأحزاب‏

(للمزيد راجع للكاتب " العباءة النسائية...إلى أين ؟" و "قصةالحجاب الأعرج").‏

--------------------‏‏‏‏

بقلم: السيد سامي خضرا‏‏‏‏
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“