بُركان يؤكل في اليمن

[مواطن صالح]

السلتة الشعبية .. بُركان يؤكل في اليمن
قيل أن احد الأشقاء السودانيين دخل مطعمٌ شعبي متخصص في تقديم وجبة السلتة الصنعائية (نسبة إلى صنعاء) المعروفة شعبياً والتي تحضى بشعبية كبيرة على الموائد اليمنية إذ لاتكاد سفرة او مائدة يمنية تخلوا منها خصوصاً الموائد الصنعائية والذمارية وغيرها من المحافظات الشمالية لليمن وان كانت موجودة في اغلب المحافظات اليمنية بشكل عام بشكل اخف ، ورأى مقالي (جمع مقلى وهو الإناء الحجري الذي تطبخ فيه السلتة) تفور على نار الدافور المنبعثة بقوة كبيرة بسبب الجاز إذ لا يُستخدم الغاز في مطاعم السلتة لأنه اقل اشتعالاً وهدوءاً من الجاز (الكيروسين) ، كما شاهد الزبائن ورواد المطعم وهم ياكلون السلتة في مقالي حجرية حارة جدا ومكونات السلتة (الحلبة ، والرز ، واللحم المفروم ، والإدام ، والبطاطس، والفلفل الحار ، والمرق ، والكراث ، والبيض ، وغيرها من العناصر الثانوية) تغلي في ذلك المقلى ، فاحتار ماذا يطلب لأنه لايعرف اسم هذه الوجبة التي يأكلها اليمنيين بشراهة فصاح كعادة اليمنيين في المطاعم الشعبية لو سمحت نزل واحد بركان "تشبيهاً لها بالبركان".

وتعد وجبة السلتة اليمنية واحدة من أشهر الوجبات التي تقدم على الموائد في المنازل والمطاعم الشعبية في اليمن ، لكن شهرتها في المطاعم تفوق شهرتها في المنازل التي تحاول ربتها ان تتفنن في صناعتها وإعدادها الإعداد الجيد إلا أن رغبة "الالتهاب" في المطعم الشعبي هي الخيار الذي يفضله الرجال على أنغام الدوافير (جمع دافور) ، إضافة إلى صياح الزبائن وزحمة المطعم الذي عادة مايكون صغيراً حتى يخرجون إلى جواره ويفترشون الرصيف ليأكلوا أكلتهم المفضلة التي يقال أنها تعطي للقات الذي عادة مايكون بعدها مباشرة إذ أن وجبة السلتة تقدم في الظهر على الغداء فقط تعطي له نكهة خاصة ومذاقاً قارحاً ويعجل بالساعة السليمانية للقات.

كما ان الانية الخاصة بها او المقلى كما يسمى في صنعاء تصنع من الحجارة التي تنحت نحتاً لتصبح على شكل إناء يقدم فيه كوكتيل السلتة.
وللسلتة الجيدة طقوس خاصة يبدأ عند اختيار نوع (الحلبة) والتي عادة ماتفضل البلدي أي التي تزرع في بعض المناطق اليمنية وبعد استخراج حبوبها، يتم تحميصها قليلا على نار هادئة ثم تطحن، ويضاف إليها بعد ذلك (عود الحلبة)، وهي أعواد يتم طحنها وإضافة القليل منها إلى دقيق الحلبة، وبذلك يصبح العنصر الأول والأساسي متوفرا وليس جاهزا في وعاء ثم يملأ بالماء النظيف حتى النصف ، وترش كمية ليست كثيرة من دقيق الحلبة المعد مسبقاً عليه ليبدأ بالترسب، ويمكن شراء أنواع جيدة من الحلبة المطحونة من أسواق التوابل.

بعدها يتم ترسيب دقيق الحلبة في أسفل الوعاء ليكوّن طبقة صغيرة، ويترك ساعتين على الأقل، وكلما كانت المدة أطول كانت النتائج أفضل، بعدها يسكب الماء خارجا ، ويتم ضرب المخدش او المحواش في الأسفل، وتسمى هذه العملية "الخضيب"، ويجب أن تكون عملية الخضب قوية، وتتضمن ضرب المحتوى في جدران الإناء بقوة، وفي السابق كانت تستخدم الأيدي، لكنهم اليوم يستخدمون أعوادا الخشب ، وتستمر العملية حتى تزداد كثافة الخليط، وتبدأ في التغير من اللون الأصفر إلى الأبيض، وتتخلص من طعمها المر.

العنصر الأساسي لن يكون جاهزا قبل إضافة "زحاوق الحلبة" إليه، وهو كمية من "الكراث" أو القثاء، والفلفل بكمية كبيرة والملح والثوم والكبزرة أو البقدونس تسحق مع بعضها لتشكل عصارة خضراء وحارة تضاف إلى الحلبة المخضوبة حتى يصبح لونها أخضر، ويمكن فقط التخلص من كمية الثوم مثلا وليس الأوراق الخضراء.

يفترض بوعاء من الصلصال أو "حرضة" منحوتة من نوع خاص من الأحجار أن يكون على نار قوية فترة الخضيب، وفي هذه "الحرضة" وهي المفضلة يتم إعداد الأوليات، كمية من المرق وقليل من الطماطم، بيضة، وشيء من البطاطا وأحياناً الأرز واللحم المفروم، وهو يضاف في الطبق النموذجي فقط، كل هذه الأشياء تطبخ مع بعضها، ثم تطفأ النار وتضاف كمية بسيطة من عجينة الحلبة في الأعلى والتي لا يجب أن تحترق بالنار.

البعض يمكنه الاستغناء عن بعض العناصر الثانوية التي لا يفضلها، بالشكل الذي يجعل المطاعم الشعبية مختلفة، فهذا يضع البطاطا، وآخر لا يستخدم الكزبرة، حقيقة ليست هذه الفروق هي الشيء المهم، إن هوسا بأكل "السلتة" في مطاعم شعبية منتشرة بشكل لافت يتعلق بأشياء كثيرة منها الضجيج الذي يخلقه اندفاع النار تحت "الحرضات" المتسابقة، وصراخ الزبائن وموزعي الطبق الملتهب، وصكيك ملاعق الطباخ في مكان ظاهرة من المطعم وهو يضيف قليلا من كل المكونات إلى الحرضة التي تفور، كل هذه الأشياء تشعرك بالحركة والاشتعال، وهذا هو المطلوب، والشيء الذي لن تتمكن السيدات في المنازل من توفيره.

إن السلتة تتناول أصلا للاشتعال، لذا فهي تقدم حارة جدا بالبهارات التي تضاف إليها وساخنة جدا في النار التي تطبخ فيها، ويضيف البعض إلى جوارها مسحوق طماطم مع الجبنة البيضاء وبعض أنواع من السلطات يعدها أناس يتوفرون بكثرة إلى جوار هذه المطاعم.

[الرسي اليماني]

" بركان " !!! حلوه هذه