المهم هو أن الذي دفعني لكتابة ما هو بين أيديكم هو أني في إحدى الأيام وأنا اقلب القنوات لفت انتباهي برنامج عن العارضات وفتيات الأغلفة أو كما يعرفن بـ(الموديل) فدفعني الفضول للمتابعة وخلال متابعتي تعجبت ما هذه الحرية العجيبة التي يتولى الرجل فيها كل شيء يخص المرأة ابتداءً من تصميم ثوبها وانتهاءً بوقفتها وحركتها أثناء التصوير فهو الذي يصمم الثوب الذي ترتديه كما يحب، ويظهر من جسدها الشيء الذي يرغب في رؤيته هو وبالطريقة التي تعجبه هو، ويصفف شعرها كما يرغب وبالشكل الذي يعجبه وأحياناً يجعلوا منهن أضحوكة من خلال تلك الأشكال العجيبة التي يصفف بها شعرهن وكذلك زينة وجوههن فهو يظهر الشكل والجمال الذي يرغب في رؤيته، وأحيانا يرسم على وجوههن أشكال لا معنى لها سوى الامتهان لها كإنسان والمتعة ولو بإبداء الشيء الشاذ والعجيب كذلك وضعهن أثناء التصوير فهو يحدد لها الوضعية التي يحب أن يراها عليها وبالشكل الذي يستهويه كرجل، إذن هي تلبس كما يرغب وتتزين كما يحب وتقف كما يهوى .
ويصل الأمر إلى أنهن لا يتمكن من أكل ما يرغبن فيه فلا بد لهن من السير وفقاً لنظام غذائي معين للحفاظ على أجسادهن الرشيقة وكذلك عليهن أن يلتزمن بتأدية ما هو مطلوب منهن حتى في أقسى الظروف التي يمكن أن يمر بها الإنسان ومهما بلغن من الألم والحزن عليهن الالتزام بكل ما هن مطالبات به.
فما الذي بقى لهن من أنفسهن وقد أصبحن سلع تنهشها العيون الشرهة وتتلقاها الأيدي العابثة إذن هن جوار تدفع أجورهن إما باليوم أو بالشهر جوار لآلاف من الرجال.
بل استعبد كل جزء في أجسادهن ولم يبقى لهن من كرامة بني البشر شيء فهل يوجد فرق بينهن وبين جواري الماضي
ربما الفرق أن الجارية في الماضي كانت تحضى بقليل من الخصوصية أما ألآن فقد جردت من كل شيء حتى المشاعر فعليها أن تلبي رغبة السوق في أي وقت كان ومهما بلغت الظروف فهل هذه هي الحرية في المنظور العصري ....
وما عشت أراك الدهر عجبا

