للصداقة معنى ، لا يعرفه إلا القليل : قصة الصداقة

مجلس للمشاركات الأدبية بمختلف أقسامها...
أضف رد جديد
إنسان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 22
اشترك في: الاثنين ديسمبر 18, 2006 2:09 pm
مكان: ثوبي القديم
اتصال:

للصداقة معنى ، لا يعرفه إلا القليل : قصة الصداقة

مشاركة بواسطة إنسان »

هل تريدون أن تعرفوا ما معنى الصداقة ؟
إذن اسمعوا هذه القصة أحبائي الصغار

هكذا استهل الشيخ العجوز حكايته الليلية لأحفاده الصغار قبل النوم

كان يا ما كان .. في قديم العصر والأوان
كان هناك شابين متحابين
حسن والحسن
يسافران معاً ويجوبان الأقطار والبلدان
كانا لا يتفرقان أبداً
إذا مرض أحدهما مرض الآخر أكثر منه وجداً عليه
وإذا حصل أحدهما على كسرة خبز
قسمها نصفين ليأكلها مع صديقه بطعم ألذ من العسل
كانا آية في الصداقة والمحبة
ولأنهما كانا كذلك فقد كانت السعادة لا تفارقهما
لم يكن أحدهما يخفي شيئاً على الآخر .. إلا ..
أمر ينبض به الفؤاد ولا يتكلم عنه اللسان
ربما عبرت عنه أعينهما خلسة .. لكن اللسان لا يقوى على النطق به
وذات يوم .. قرر ( حسن ) أن يكتب ذلك الأمر في ورقة صغيرة
وكلما كان يغيب صديقه ( الحسن ) كان يخرجها ويكرر قراءتها
وما أن يراه عائداً .. يعيدها إلى جيبه مباشرة

ولاحظ صديقه هذا التصرف منه .. فآلمه وحز بقلبه
ما الذي يخفيه عني صديقي ؟! هل بات لا يثق بي !
واستمرت هذه الحال وبدأ ( الحسن ) يرى كل تصرفات صديقه ( حسن ) بشكل سئ
تارة يقول لا يثق به .. وأخرى يقول ملّه .. ومرة كرهه ..
إن كلمه رغبةً .. قال هو يجامل ..
وإن سكت خوفاً من إزعاجه .. قال مل من محادثتي ...
وإن غاب عنه .. قال وجد الفرصة ليستريح من وجودي معه ..
وفي يوم نسي ( حسن ) ورقته في مكانه وغادر .. ورآها ( الحسن )
كانت نفسه تراوده عن قراءتها .. عله يعرف السر الذي يخفيه عنه صديقه .. ويحز في قلبه
لكنه لم يطاوع نفسه .. ظل يتأملها من مكانه حافظاً سر أعز الناس عليه ..
وعندما جاء ( حسن ) وانتبه إلى ورقته ومكانها من ( الحسن )
قال بحدة : هل أخذت الورقة وقرأتها ؟
وقع السؤال .. مجرد السؤال .. على قلب ( الحسن ) كالطعنة ...
وترقرقت من عينه دمعة كاللؤلؤة .. وغادر المكان ..
غادره إلى مكان مجهول يبحث فيه عن صديق ..
جاب البلدان وتنقل في كل مكان .. ولم يجد بغيته ..
وطوال ذلك الزمان كانت صورة صديقه ( حسن ) لا تفارق مخيلته
كان يشاهد الناس كلهم بصورة ( حسن )
وكم هي المرات التي يجري فيها إلى شخص بكل لهفة ... ليعرف عندما يصل إليه أنه ليس ( حسن ) بل شخص آخر

وذات يوم زار حكيما من الحكماء وأخبره عن قصة بحثه عن صديق
فقال له الحكيم بعد أن استمع قصته باهتمام : إنك لن تجد الصداقة إلا عند شخص واحد ... فسرك الأعظم موجود لديه .
- أين أجد هذا الصديق أيها الحكيم .. وما اسمه .. وكيف صفته ؟
- كل ما أعرفه هو أن اسمه ( حسن ) .
( حسن ) !! وهل سري الأعظم عند ( حسن ) !
لقد كان يشعر بالفرحة وهو يردد اسم صديقه .. وإن كان كبريائه يأبى عليه ذلك طويلاً
وعاد أدراجه إلى صديقه القديم ..
أين أنت يا ( حسن ) يا صديقي القديم ... يا أحب الناس إلى قلبي ..
عاد إليه ليجده في نفس المكان الذي تركه فيه ..
قد نحل جسمه .. واصفر لونه ..
رآه مسنداً ظهره إلى شجرة يتأمل في تلك الورقة ..
رفع ( حسن ) عينيه الدامعتين إلى ( الحسن ) وقال : لقد انتظرتك طويلاً ... أين كنت يا صديقي ..
خذ اقرأ ...

أتدرون ماذا قرأ بتلك الورقة يا أحبائي الصغار ؟
آآآآه لقد نام جميع الأطفال .. وغطوا في سبات عميق
إلا واحداً .. كانت عيناه الصامتتان تسح بالدموع ... وفمه يتمتم بكلمات في صوت خافت ...
فهمها الجد جيداً ...
فنهض إليه .. وقبّل جبينه ..
وقال له : نعم يا حبيبي .. تلك هي الكلمات .. وأنت الوحيد الذي يعرف معناها بينهم .. وحدك يا حبيبي ( حسن ) ..

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

يا سلام قوي تخلي الجسم يقشعر خصوصا النهاية الرائعة


بالفعل هادفة واذا كان خيالك الراقي هو من نسج حبكتها فأنت بحق مبدع :)
آخر تعديل بواسطة محمد الغيل في الأربعاء ديسمبر 20, 2006 10:54 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

ياسر الوزير
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 404
اشترك في: الجمعة مارس 19, 2004 11:48 pm
مكان: النهرين

مشاركة بواسطة ياسر الوزير »

لقد هيجت هذه القصة في قلبي أشجاناً كثيرة ،،،
مجرد نقلك لها - حتى وإن لم تكن لك في الحقيقة - يعني أنك من أولئك القليل ، أيها الإنسان ( الحسن )
ذكرتني قصتك بقصة قرأتها ذات يوم في مروج الذهب للمسعودي ، أنقلها هنا فالشئ بالشئ يذكر :
وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن جابر قال:
كنت أجلس يوم الجمعة في حلقة إبراهيم الحربي، وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية الحسن والجمال من الصورة والبزَّة من أبناء التجار من الكرخيين، وبزَّتهما واحدة، كأنهما روحان في جسد، إن قاما قاما معاً، وإن قعدا قعدا معاً، فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما وقد بان الاصفرار بوجهه والانكسار في عينيه، فتوسمت أن غيبة الآخرة لعلة وقد لحق الحاضر من أجل ذلك الانكسار، فلما كان الجمعة الثانية حضر الغائب ولم يحضر الذي كان في الجمعة الأولى منهما، وإذا الصفرة والِإنكسار بين في لونه ونشاطه، فعلمت أن ذلك للفراق الواقع بينهما، ولأجل الألفة الجامعة لهما، فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة، فأيهما سبق صاحبه إلى الحلقة لم يجلس الآخر، فصح عندي ما كان تقدم في نفس جواز كونه.
فلما كان في بعض الجمع حضر أحدهما فجلس إلينا، وجاء الآخر فأشرف على الحلقة، فإذا صاحبه قد سبق، إذا المسبوق المطلع إلى الحلقة قد خنقته العَبْرة، فتبينت ذلك في حماليق عينيه، وإذا في يسراه رقاع مكتوبة فقبض بيمينه رقعة من تلك الرقاع وحذف بها في وسط الحلقة، وانساب بين الناس ماراً مستحياً، وأنا أرْمُقه ببصري، وكذلك جماعة ممن كان جالساً في الحلقة، وكان إلى جانبي على اليمين أبو عبد اللّه علي بن الحسين بن حوثرة، وذلك في عنفوان الشباب وأوان الحداثة، فوقعت الرقعة بين يحي إبراهيم الحربي، فقبضس عليها ونَشَرَها وقرأها، وكان من شأنه فعل ذلك إذا وقعت فىِ يده رقعة فيها دعاء أن يدعو لصاحبها مريضاً كان أو غير ذلك، ويؤمِّنُ على دعائه مَنْ حضر، فلما قرأ الرقعة أقبل يتأمل ما فيها تأملاً شافياً لأنه رأى ملقيها، ثم قال: اللهم اجمع بينهما، وألِّف بين قلوبهما، واجعل ذلك مما يقرب منك ويُزْلِف لديك، وأمَّنُوا على دعائه كما جرت العادة منهم بفعله، ثم أعرج الرقعة بسبَّابته وإبهامه وحذفني بها، فتأملت ما فيها، وقد كنت مستطلعاً نحوها لتبين الملقى لها، فإذا فيها مكتوب:
عَفَا اللَّه عن عبد أعَانَ بـدعـوة *** لًخِلّين كانا دائمين عـلـى الـود
إلى أن وشى واشي الهوى بنميمة *** إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد
فكانت الرقعة معي فلما كانت الجمعة الثانية حضرا معاً وإذا الاصفرار والانكسار قد زالا عنهما، فقلت لابن حوثرة: إني لأرى الدعوة قد سبقت لهما بالإِجابة من اللّه تعالى، وإن دعا الشيخ كأن على التمام إن شاء اللّه تعالى؛ فلما كان في تلك السنة كنت ممن حج فكأني أنظر إليهما بين مِنِى وعرفات محرمين جميعاً، فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن كهلا، وأرى أنهما في صف أصحاب الديباج في الكرخ، أو غيره من الصفوف.
عسى مشربٌ يصفو فتروى ظميةٌ *** أطال صداها المنهل المتكدرُ

إنسان
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 22
اشترك في: الاثنين ديسمبر 18, 2006 2:09 pm
مكان: ثوبي القديم
اتصال:

مشاركة بواسطة إنسان »

الأستاذ محمد الغيل
أشكركم على الإطلالة الكريمة
الإبداع هو أنتم يا خير الأخوان ..

الأستاذ ياسر الوزير
إن كنت أنا من القليل ..
فمِن مَن تكون أنت يا ترى ؟!
صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس الأدب“