الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ في أعلى درجات التضحية

أضف رد جديد
عبدالواحد العمدي
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 67
اشترك في: الأربعاء فبراير 11, 2004 8:58 pm
مكان: اليمن - صنعاء
اتصال:

الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ في أعلى درجات التضحية

مشاركة بواسطة عبدالواحد العمدي »

بسم الله الرحمن الرحيم

الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ في أعلى درجات التضحية وبعد النظر والإدراك العميق


تمهيد
الزيدية ليست فرقة من الفرق التي نشأت بسبب الخلافات الفقهية والكلامية لأفراد وعلماء تعصبوا لآرائهم، وصار لهم أتباع وأنصار لمجرد تلك الآراء التي رأوا أنهم على صواب في الأخذ بها وغيرهم كان على خطأ لعدم متابعتهم والقول بما قالوا.
وذلك لأن الزيدية تعد الخط الممتد من عصر النبوة وحتى عصرنا هذا، وليس تسميتها بالزيدية يعني أنها خط جديد، أو مذهب جاء به دعوة شخص لتفرده بآرائه، وإنما سميت زيدية نسبة إلى الإمام الأعظم زيد بن علي ـ عليه السلام ـ وذلك لأنه أقام الحجة، ودعا إلى الإصلاح في أمة جده - صلى الله عليه وآله وسلم - في وقت كاد الإسلام يضيع، وكادت معالمه تمحى وتضمحل. ولأن دعوته كانت تهدف إلى إعادة هيكلة وبناء الدولة الإسلامية، في زمن ضاعت فيه حقوق المسلمين، وأصبح الجور والظلم هو السائد للناس، في حين لم يكن هنالك من يدعو إلى رفض الاستبداد، فأصبحت بذلك دعوته ثورة أنارت للمستضعفين حياتهم، وأطلقت ألسنتهم وسيوفهم ضد الظلام الذي كاد يغشاهم بجبروته، ولأن المجتمع في ذلك الحين أصبح مستسلماً لما هو فيه، حتى رجال العلم أثر في نفوسهم ما قام به الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ، وما دعا إليه، حتى سمي كل من ناصر دعوته - قولاً أو فعلاً - بزيدي لمتابعته زيد بن علي ـ عليه السلام ـ في دعوته إلى الإصلاح، ورفض الفساد، وإقامة شرائع الدين الإسلامي، ومن هنا يدرك كل عاقل متجرد أن كل من رفض الظلم، ودعا إلى الإصلاح، وإقامة شريعة محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو زيدي الفكر والدعوة، وهذا ما جاء به الدين الإسلامي، وما أراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يحققه بغض النظر عن التسميات.

لذلك نجد أن هذا الفكر يتجه في حواره إلى مخاطبة العقل البشري، الذي بدوره يستطيع أن يستخرج الأحكام الشرعية والمفاهيم العلمية من أسسها الإسلامية متمثلة بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ليصل الإنسان إلى كل ما يحتاجه لإصلاح حياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.

كما يعكس لنا سعة آفاق المصدر الذي يستند إليه هذا الفكر، وأن دعوته التي يدعو الإنسان إلى الانتماء إليها هي دعوة شاملة، محررة من كل مظاهر المذهبية المنغلقة، وهذا ما يميزه على غيره من المذاهب. كيف لا وهو يعتبر الامتداد الأصيل للدعوة المحمدية، التي جاءت لإنقاذ البشرية والوصول بها إلى أرقى درجات الحياة الإنسانية السامية؟

بعد النظر والإدراك العميق
يقول الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ : "والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا، ثم أقع منها حيث أقع، فأتقطع قطعة قطعة ويصلح الله بذلك أمر أمة محمد".
فعندما نتأمل في هذا القول الدال على بعد نظر صاحبه بكل المقاييس والمدرك لحركة المجتمع الإسلامي على طول الخط، ندرك نحن أيضاً أموراً لا يمكن تجاهلها في شخصية ذلك الإمام، ومن تلك الأمور:

أولاً: إحساسه بكامل المسؤولية، وتحمله لواجبه تجاه دينه وعقيدته وأمته، وما آلت إليه الأوضاع من تدهور في شتى مجالات الحياة سواء على الصعيد الديني والعقائدي أو على الصعيد المعيشي والاجتماعي، فقد أدرك المعاناة التي تعيشها أمته في ذلك الحين، وأصبح من اللازم عليه أن يؤدي دوره، ويقوم بواجبه الذي يحتمه عليه دينه وعقيدته، حتى لو أدى ذلك إلى الشهادة في سبيل الله؛ وهنا نجد المفارقة التي لا يملكها غيره من أبناء أمته، فلم يكن أحد يفكر بأن المسؤولية والواجب تقع على عاتقه. مما يدل على أن عدم قدرة غيره على حمل ذلك هو الدليل على عدم صلاحية غيره لقيادة الأمة، فروح المسؤولية دائماً لا تنبع إلا من الشخصيات القيادية في المجتمع، وهذا ما كان عليه أئمة الهدى من الزيدية عبر التاريخ، قال تعالى: &
ثانياً: مبادرته للخروج ورفضه للظلم والاستبداد وهذا في حد ذاته يُعَدُّ معلماً بارزاً في شخصية الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ فلم يوجد في ذلك الحين شخص تجرأ على رفض الجور وجهاً لوجه قولاً أو فعلاً، مما أدى إلى سكون المجتمع بأسره بما فيهم رجال العلم ن حتى أصبح أكثر الفقهاء - رجال العلم - مترساً يدافع عن الحكام ورجال السلطة وسنتكلم عن ذلك لاحقاً.

إذن كانت مبادرة الإمام زيد ـ عليه السلام ـ في الرفض للحكم الاستبدادي ركيزة أساسية للثوار في جميع أنحاء العالم وعلى مر العصور لمقارعتهم كل أشكال الظلم ومظاهره، وهذه هي عالمية الرسالة الإسلامية، وما تحمله من مفاهيم ومدلولات إنسانية وما الإمام زيد ـ عليه السلام ـ إلا أحد قادة تلك الرسالة العالمية الذين حملوا مشاعل الحق لينيروا به دروب البشرية.

ثالثاً: بُعد النظر، ونفاذ البصيرة، وعمق التفكير، في مصير الإسلام والمسلمين إذا دام الحال على تلك الوتيرة، وما ستجنيه الأمة من نتائج سلبية لديمومة ذلك الوضع؛ لذلك كان تفكير الإمام زيد ـ عليه السلام ـ أعمق من ثورة يقيمها ضد هشام بن عبدالملك فحسب؛ لم يكن ذلك هو الهدف الوحيد فقد أدرك الخطر البعيد الذي سيعم المجتمع الإسلامي إذا لم يكن للحق خطٌ ممتدٌ يغاير خط الباطل عبر مسيرة الزمان، فسعى وهو يعلم بأن النصر الذي يريد تحقيقه هو التأسيس الجذري لأهم قاعدة من قواعد الدين الإسلامي ألا وهي قاعدة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى: &
ولن نبالغ عندما نقول بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخيار الأوحد لإقامة العدل والحرية والمساواة بين الناس في أي مجتمع كان، لما يقدمه هذا الخيار من ضمانات أكيدة للبشرية وهذا ما لا يدركه إلا القليل من أبناء البشر، لذلك دأبت كثير من الأنظمة المتسلطة جاهدة في تمييع هذه القاعدة الإلهية، لما يعلمه المنتفعون من أصحاب تلك السلطات من خطورة تطبيق هذا المبدأ العظيم وأنه يتعارض مع إقامة حكمهم وسلطانهم غير الشرعي، وهذا لا ينطبق على حكام بني أمية وحدهم بل إنك تجد ذلك في كثير من الحكومات التي عمَّدتْ قواعدها بدماء الأبرياء والمستضعفين في الأرض، وهذا ما كان يدركه الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ وفعلاً استطاع أن يحقق النصر الذي من أجله خرج وثار، وإن كانت ثورته لم تحقق النصر العسكري فقد انتصرت مبادئه وأهدافه، وأصبحت ثورته خطاً سار عليها أئمة أهل البيت - عليهم السلام - بعده وتبناها كثير من العلماء والمفكرين عبر التاريخ.

رابعاً: إيقاظ الأمة الإسلامية من السبات والاستسلام الذي ظهر في أوساطهم، والذي تولد نتيجة لسعيهم وراء الدنيا، وكسب لقمة العيش، دون التفكير في حقوقهم الإنسانية الأخرى الأهم، إضافة إلى القمع الذي كان يمارسه الحاكم ضد كل من تسول له نفسه قول كلمة حق تتعارض مع قوانينه وأهوائه، وهذا ما بث الرعب والخوف بين الناس، وأخرس ألسنتهم، وحولهم إلى مجتمع إنهزامي لا يفكرون بالانتصار حتى لأبسط حقوقهم الاجتماعية لذلك قرر الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ أن يعكس هذه الصورة السلبية التي صنعتها حكام بني أمية إلى صورة إيجابية تنعش المجتمع، وتوقظه من سباته العميق، وتحيي راية الحق من جديد، وهذا ما تفتقر إليه المجتمعات الإسلامية قديماً وحديثاً، لأنها تحتاج دائماً إلى العناصر الحية التي تمدها بالحيوية الفكرية، وتستخرج منها العقول النافذة، وتستنهض الهمم الصالحة لصياغة المجتمع الإسلامي الأصيل بعيداً عن كل مظاهر الانحراف والأفكار الدخيلة التي تؤدي بالمجتمع إلى السكون والخضوع لهيمنة الحاكم وتسلطه، ولكي يتحقق ذلك لابد أن يوجد في المجتمع من يكون القلب النابض فيه، وهذا ما مثله الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ في مجتمعه فقد كان أقوى ضمير حي في أمته استطاع أن يحيي ضمائرهم، ويبعث فيهم الحياة الكريمة التي أرادها الله ورسوله للبشرية.

خامساً: إدراكه الكامل بأن الإصلاح المطلوب لأمة جده محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- لن يتحقق إلا بتقديم التضحيات والفداء، لذلك نجده بذل نفسه أولاً حين قال: ((والله لوددت أن يدي ملصقة بالثريا، ثم أقع، فأتقطع قطعة قطعة ويصلح الله بذلك أمر أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم )).

نعم هذه هي الروح السامية التي كان يحملها الإمام زيد ـ عليه السلام ـ روح تتهيج بالإيمان المطلق، روح العطاء غير المحدود، روح التفاني والإيثار، وهذه الصفات لا تنطبق إلا فيمن قال الله فيهم &وهذا مصداقٌ لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم : ((من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)).
ولأنه أيضاً أراد أن يقدم لأمته النموذج المطلوب، ويسترجع حقوقها المسلوبة، وهذا ما نجح فيه بالفعل، فقد استطاع أن يحيي نفوس الأحرار في مجتمعه، ويدفعها نحو التضحية والفداء والنيل ممن سلب حريتهم، وأغتصب حقوقهم؛ ولقد سجل التاريخ في أنصع صفحاته ذلك الخروج وتلك الثورة التحررية، فهذا أبو حنيفة يقول: "والله لقد ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدر".

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إدراكه الحي لاحتياج أمته إليه وإلى ثورته العظيمة، التي تأصلت في النفوس، وسار على نهجها الكثير من الأحرار على طول التاريخ الإسلامي، وكتب حولها العديد من الكتاب والمفكرين.

وهذا انعكاس وترجمة للمبدأ الذي كان الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ يعتقده ويؤمن به، لذلك سار عليه، واستشهد من أجله: &استشهد من أجل الرسالة، وجاد بنفسه ودنياه، ووقف أمام قوى الظلم والفساد، فعندما عقد النية لله لم يندم، وعندما خرج على الظلم وخذله الناس لم يتراجع، ولم يغير مبدأه أو يبدل عهده، بل سار قدماً نحو الوفاء لله تعالى والشهادة من أجل أمته ومجتمعه.

وختـــــاما :
لقد كان الإمام زيد بن علي ـ عليه السلام ـ يدرك بكل ما لديه من بصيرة نافذة خطورة الوضع الذي كانت تعيشه أمته آنذاك، كان قد استخدم عدة وسائل سلمية في محاولات عديدة ومواقف مختلفة لتلافي خطورة الوضع، وعندما أدرك أنه قد استنفد كل وسائل الإصلاح السلمي، وأن الأمر أصبح يحتاج إلى وسائل أخرى أكثر فاعلية وتأثيراً، أقدم بكل إيمان وإخلاص وإرادة وعزيمة صادقة على خيار الثورة، فمضى بنفس مطمئنة، وخطوات راسخة وهو يعلم أن الموت ينتظره، ولطالما كانت الشهادة مطلبه، واستمر في المضي نحو هدفه، دون قلق أو خوف، محيطاً بكل ما يدور حوله، لم يخرجه هول الموقف من طمأنينته، بل كان كلما تقدم خطوة، زاد ثباتاً وإيماناً، واستنارت بصيرته نفاذاً، حتى وصل إلى مبتغاه واعتلى أرقى درجات الشهادة والتضحية، وحلق بروحه في سماء الطهر، مخلفاً وراءه سمو الشهادة وعطاء الحرية وكرامة الإنسان.

وأصبحت ثورته مقياساً جديداً للثورات، لتنجب لمبادئ الإنسان معانياً أعمق، ودروساً أوثق، وعبراً أدق وأعمق، فتحول الفرد إلى إنسان الحرية، والجماعة إلى ثورة الأحرار، والموت إلى حياة الشهادة، والعطاء إلى بذل الروح...، معان لا حدود لعمقها، ومواقف لا نظير لها، وضياء صفحات لا سطوع لغيرها، عبرة مؤثرة، وذكرى خالدة، ونصر مؤزر، ورضوان من الله.
﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ﴾[الأحزاب:23]
لا عقيدة أسمى من الحقيقة

الزيدي ومحب أهل البيت(ع )
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 46
اشترك في: الاثنين إبريل 24, 2006 11:02 am
مكان: في ارض الله الواسعه

مشاركة بواسطة الزيدي ومحب أهل البيت(ع ) »

أحسن الله اليك عبدالواحد العمدي


بس ياليت انك تكتب الاية التي لم تضعها

قال تعالى &<<<< ما هناك اية ارجوا المراجعه


والله يكتب الاجر لنا ولك


احترامي وتقديري لك

Talib Ali
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 66
اشترك في: الاثنين يونيو 26, 2006 6:17 am

مشاركة بواسطة Talib Ali »

صورة

أضف رد جديد

العودة إلى ”مجلس السيرة وتراجم الأئمة“