أحكام ظالمة تطال الهاشميين وتستهدف المذهب الزيدي
28/11/2006 )
معاذ المقطري
في جلستها يوم الأربعاء 22/11/2006م قضت المحكمة الابتدائية الجزائية الاستثنائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة باعدام ابراهيم عيسى شرف الدين
المتهم الأول في قضية ما تسمى بـ "خلية صنعاء الحوثية" وحبس بقية المتهمين ما بين ثلاث إلى عشر سنوات واكتفت بالمدة التي قضاها بعضهم في السجن، وبرأت محمد أحمد الدرواني وعبدالعالم حمود عبد الباري المتوكل وحميد سنان أحمد علي النعمي من قائمة الستة والثلاثين متهما.
أيا كان منطوق الحكم وأيا كانت القضية والتهم المنسوبة فالمحكمة الجزائية المتخصصة هي محكمة استثنائية عن جهاز القضاء الطبيعي المستقل وهو ما يعني أنها محكمة يجرم إنشاءها واجراءاتها دستور الجمهورية اليمنية الذي تضمنت نصوصه بصريح العبارة منع إنشاء المحاكم الاستثنائية، لكونها تعبر عن استبدادية النظام السياسي وتؤكد وجود سلطة ديكتاتورية مستبدة لا تقر بسلطة القضاء الطبيعي ولا تحتكم إليه، ومن ثم فاستمرار هذا النوع من المحاكم بما تحمل في احشائها من رجالات أمن ومخابرات وإجراءات أمنية مشددة، يضرب على اثرها المحامون ويطردون ويمنع المتهم فيها حتى من تصوير محاضر القضية، يعطي الدليل القاطع على أن السلطة من الناحية الواقعية والإجرائية قد شكلت انقلابا حقيقيا على الديمقراطية بالقدر الذي مثلت فيه المحكمة مخالفة صارخة للدستور وكشفت عن نوايا مبيتة من السلطة لحسم صراعاتها مع خصوم لها في منأى عن المعطى الدستوري والنهج الديمقراطي السلمي.
وللمحكمة الجزائية الاستثنائية في بلادنا سوابق إجرائية حملت ظلما لا يؤيده المنطق ولا تقربه معايير العدالة الإنسانية، أيا كانت هذه المعايير.. فهي منذ نشأتها تقوم في الغالب بمحاكمات سياسية لمن ترى فيهم السلطة خصوما لها وأخفقت في مجاراتهم عبر الوسائل والأساليب الديمقراطية السلمية فتلجأ إلى تصفية الحسابات معهم باستخدام القوة العسكرية وأجهزة الأمن والمخابرات وما المحكمة الجزائية إلا إحدى الأدوات الأمنية تلوى بها السلطة أذرع خصومها الذين فشلت محاولاتها معهم لتطويعهم عبر الممارسة الديمقراطية التي ينهجها ويجسدها في الغالب خصومها الذين يتعاضم دورهم وتأثيرهم في الحياة الاجتماعية والسياسية كالعلامة يحيى حسين الديلمي والعلامة محمد مفتاح والقاضي لقمان وعبدالكريم الخيواني وسعيد ثابت وغيرهم. ولقد رأينا كيف سيق هؤلاء إلى المحكمة وكيف لفقت لهم التهم وكيف تم محاكمتهم إنها محاكمات أقرب منها للجريمة في قاعة أقرب ما تكون إلى ساحة جريمة منها إلى ساحة تقاض وإجراءات يبتكرها مخبرون ولا تقوم على أي مسوغات قانونية ودستورية ورأينا كيف يحرم المتهم من حقوقه المكفولة في كل بقاع الدنيا إلى درجة أنه يحرم من تصوير محضر ومحاموه يُضرَبون وقد حدث هذا للمحاميين محمد ناجي علاو وجمال الجعبي وطرد المحامي أحمد الوادعي من قاعتها.
من هنا يمكننا القول أن ما قضت به المحكمة بحق من اسمتهم "خلية صنعاء الحوثية"، حكم تم التحضير له أمنيا ومخابراتيا من محكمة غير دستورية وأن السياق العام للمحاكمة، سواء تلك التي تمت بشأن الديلمي ومفتاح ولقمان والخيواني أو التي شملت الستة والثلاثين متهما، يأتي في سياق استهداف المذهب الزيدي والهاشميين في البلد، وما الحرب التي أشعلتها السلطة في صعدة وتداعياتها الخطيرة على السلم الاهلي والاجتماعي والاستقرار السياسي والاقتصادي إلا البعد العسكري لذلك الاستهداف.
والمتابع لطبيعة العلاقة بين السلطة السياسية الحاكمة والمذهب الزيدي ومعه الهاشميون يمكنه الإحاطة بجحم الاستهداف الذي يدفع ثمنه هذا الأخير من الدم والمال والحرمان والأمن والإقصاء الذي طال الهاشميين من جهاز القضاء والسلك الأمني والعسكري والمرافق الحكومية وخاصة الوزارات السيادية وسلسلة المداهمات المتكررة التي طالت مركز بدر الديني الذي يرأسه د.المرتضى المحطوري واقتحام أجهزة الأمن القومي والسياسي لمقار اتحاد القوى الشعبية ومصادرة ممتلكاته واستنساخه بتسهيلات ودعم من السلطة وإغلاق صحيفة الشورى وكذا الملاحقات والاعتقالات التي طالت نشطاء من البيت الهاشمي كان آخرهم الناشط الحقوقي والسياسي علي الديلمي ناهيكم عن الحملات الإعلامية المسعورة من قبل الاعلام الرسمي ومنابر الحزب الحاكم وتمكين قوى دينية مناهضة للزيدية من الجوامع التي كانت قبلا محسوبة لرجالات الزيدية كل هذه العلامات ما ظهر منها وما بطن لخير دليل على حملة سياسية وأمنية ودينية تدار بعقلية سلفية من قبل السلطة إزاء الزيدية كمذهب ديني له فقهه السياسي وإزاء الهاشميين كسلالة لها ثقلها السياسي وتراكماتها الفكرية والسياسية وتاثيرها الاجتماعي المنقطع النظير. والعجيب أن العقلية السلطوية التي تتبنى تلك الحملة قد ظلت لعقود محسوبة على المذهب الزيدي بمجرد انتماء صناع القرار فيها للجغرافيا الزيدية.
والمطلع على تاريخ اليمن السياسي تسكنه القناعة الأكيدة بأن المذهب الزيدي والهاشميين لم يتواجدوا في ظل السلطة، بل إن السلطة السياسية الحاكمة وجدت في ظلهم بل إنه في ظل وجودهم كمذهب وسلالة تعاقبت أنظمة وسلطات لكونهم جزء أصيلا في التركيبة الوطنية ولهم دورهم في رسم ملامح الهوية الوطنية وهم بالتالي ليسوا بحاجة إلى أن تعترف بهم السلطة وتقر باستحقاقاتهم الطبيعية في إطار استحقاقات الشعب اليمني بكل فئاته وانتماءاته، وليس هناك من مبرر لاستهدافهم حيث وأن ذلك الاستهداف ينافي دستورية النظام السياسي ويناقض نهجه الديمقراطي ويمثل انتهاكا صارخا لأحكام الدستور والشرعة الدولية لحقوق الإنسان التي كفلت حرية الفكر والوجدان والدين فما بال حقوق المواطنة التي تنسفها السلطة من خلال هجمتها الضارية على المذهب الزيدي والشريحة الهاشمية