لسنــا نهاب المــــوت...!!

هذا المجلس للحوار حول القضايا العامة والتي لا تندرج تحت التقسيمات الأخرى.
أضف رد جديد
أمة الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: الخميس نوفمبر 24, 2005 5:24 pm

لسنــا نهاب المــــوت...!!

مشاركة بواسطة أمة الله »

السعادة في داخل الإنسان



السعادة ليست في وفرة المال، ولا سطوة الجاه، ولا كثرة الولد، ولا نيل
المنفعة، ولا في العلو المادي.

السعادة شيء معنوي لا يرى بالعين، ولا يقاس بالكم، ولا تحتويه الخزائن،
ولا يشترى بالدينار، أو بالجنيه أو الروبل أو الدولار.

السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه.. صفاء نفس، وطمأنينة قلب،
وانشراح صدر، وراحة ضمير.

السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه.
حدثوا أن زوجاً غاضب زوجته فقال لها متوعداً: لأشقينك. فقالت الزوجة في
هدوء:
لا تستطيع أن تشقيني، كما لا تملك أن تسعدني.

فقال الزوج في حنق: وكيف لا أستطيع؟
فقالت الزوجة في ثقة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني، أو زينة من
الحلي والحلل لحرمتني منها، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون!

فقال الزوج في دهشة: وما هو؟
فقالت الزوجة في يقين: إني أجد سعادة في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي
لا سلطان لأحد عليه غير ربي!

هذه هي السعادة الحقة، السعادة التي لا يملك بشر أن يعطيها، ولا يملك أن
ينتزعها ممن أوتيها، السعادة التي شعر بنشوتها أحد المؤمنين الصالحين
فقال:
إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!

وقال آخر وهو ثمل بتلك اللذة الروحية التي تغمر جوانبه: إنه لتمر علي ساعات
أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذن في عيش طيب!

والذين رزقوا هذه النعمة يسخرون من الأحداث وإن برقت ورعدت، ويبتسمون للحياة
وإن هي كشرت عن نابها، ويفلسفون الألم، فإذا هو يستحيل عندهم إلى نعمة تستحق
الشكر، على حين هو عند غيرهم مصيبة تستوجب الصراخ والشكوى. كأنما عندهم غدد
روحية خاصة، مهمتها أن تفرز مادة معينة تتحول بها كوارث الحياة إلى نعم.

القدر المادي اللازم لتحقيق السعادة



ولا نجحد أن للجانب المادي مكاناً في تحقيق السعادة.. كيف وقد قال رسول
الإسلام_صلى الله عليه وآله وسلم_: "من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح،والمركب الصالح"
(رواه أحمد بإسناد صحيح من حديث سعد بن أبي وقاص).

بيد أنه ليس المكان الأول ولا الأفسح، والمدار فيه على الكيف لا على الكم،
فحسب الإنسان أن يسلم من المنغصات المادية التي يضيق بها الصدر، من مثل:
المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء، وأن يمنح الأمن والعافية، ويتيسر
له القوت في غير حرج ولا إعنات. وما أصدق وأروع الحديث النبوي "من أصبح منا
في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا حذافيرها"
(رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي وقال: حسن غريب، وابن ماجة).

وإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، والقلب الإنساني، فإن الإيمان
بالله وبالدار الآخرة هو ماؤها وغذاؤها، وهواؤها وضياؤها.

لقد فجر الإيمان في قلب الإنسان ينابيع للسعادة، لا يمكن أن تغيض، ولا أن
تتحقق السعادة بغيرها. تلك هي ينابيع السكينة، والأمن، والأمل، والرضا، والحب.




** نقلا عن كتاب: الإيمان والحياة للعلامة القرضاوي
حب علي وبنيه الطهر أهل الرشدِ **
فرضٌ على كل الورى من والدٍ وولد**
لو أبغضتهم مهجتي أخرجتها من جسدي**
فرضٌ من الله ومن يهدي الاله يهتدي**

الحرة
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 200
اشترك في: الأحد إبريل 02, 2006 4:34 am

مشاركة بواسطة الحرة »



سلمت يداك يا طيبة
:D هذه بسمة سعيدة

الله يرزقنا و اياكم سعادة الدارين
اللهم اعطنا القوة لنعرف ان الخائفين لا يحمون الدين و الوطن.
و ألخائنين لا يصنعون للخير و لا يحمون الشرف و الحرية و الاستقلال.
و المترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على التعمير و التجديد و البناء.

أمة الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: الخميس نوفمبر 24, 2005 5:24 pm

مشاركة بواسطة أمة الله »

الشهيدة بنت الشهيد كتب:
سلمت يداك يا طيبة
:D هذه بسمة سعيدة

الله يرزقنا و اياكم سعادة الدارين
حفظك الله أختاه....والحمد لله أستطاعت الكلمات تجديد الأمل عندي وعندك وعند الكثيرين بلا ريب...لأنها ليست كلمات فحسب وإنما كلنا نعلم أنها حقيقة ونحن مهما امتلأت الدنيــا جوراً وظلماً وطغيـــاناً....أبداً لن نهــــــاب المــــوت....

نحـــن جميعــاً لا نــهاب الموت....

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنـــت الوهـــــاب...آآآآمين اللهم آمين

شكراً لك أختي الشهيدة... :D وهذه ابتسامة صادقة مردودةً اليك ..

تحياتي
حب علي وبنيه الطهر أهل الرشدِ **
فرضٌ على كل الورى من والدٍ وولد**
لو أبغضتهم مهجتي أخرجتها من جسدي**
فرضٌ من الله ومن يهدي الاله يهتدي**

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

:)

لسنــا نهاب المــــوت...!!

لمولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب نصوص تصب في عمق عنوان هذا الموضوع الرائع

هل تعرفينها اختي امة الله ...؟؟؟؟ :o
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أمة الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: الخميس نوفمبر 24, 2005 5:24 pm

مشاركة بواسطة أمة الله »

سيدي محمد الغيل...حفظكم الله ورعاكم...

أنا لا أعرفها أو قد أكون نسيتها وأتمنى لو تدلوننا عليها فأكون أنا و جميع من يتوق الى معرفتها شاكرين لكم أبد الدهر.... :)

شكراً لك أستاذنا الفاضل ونحن في انتظار اشارتكم الى تلك النصوص فهي بغيتنا وأملنا لتجديد الحياة فينا....

بوركتم...آمين

تحياتي
حب علي وبنيه الطهر أهل الرشدِ **
فرضٌ على كل الورى من والدٍ وولد**
لو أبغضتهم مهجتي أخرجتها من جسدي**
فرضٌ من الله ومن يهدي الاله يهتدي**

محمد الغيل
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 2745
اشترك في: الأحد إبريل 18, 2004 3:47 am
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد الغيل »

:) بكل سرور اختي

النص الاول يقول فيه عليه السلام :

أَيُّها النَّاسُ، شُقُّوا أَمْوَاجَ الفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ، وَعَرِّجُوا عَنْ طَريقِ الْمُنَافَرَةِ، وَضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ. أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ، أوِ اسْتَسْلَمَ فَأَراحَ. هَذَا مَاءٌ آجِنٌ (1) ، وَلُقْمَةٌ يَغَصُّ بِهَا آكِلُهَا، وَمُجْتَنِي الَّثمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا (2) كالزَّارعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ. خلقه وعلمه فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا: حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ، وَإنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا: جَزِعَ (3) مِنَ المَوْتِ! هَيْهَاتَ (4) بَعْدَ اللَّتَيَّا وَالَّتِي (5) ! وَاللهِ لَاَبْنُ أَبي طَالِبٍ آنَسُ بالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْي أُمِّهِ، بَلِ انْدَمَجْتُ (6) عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَأَضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ (7) فِي الطَّوِيِّ (8) البَعِيدَةِ!

-----------------
1. الآجِنُ: المتغير الطعم واللون، لا يستساغ، والاشارة إلى الخلافة.
2. إينَاعُها: نضجها وإدراك ثمرها.
3. جَزِعَ: خاف.
4. هَيْهات: بَعُدَ، والمراد نفي ما عساهم يظنون من جَزَعه من الموت عند سكوته.
5. بَعْدَ اللّتَيّا والتي: بعد الشدائد كبارها وصغارها.
6. اندَمَجْتُ: انطَوَيْتُ.
7. الارْشِيَة: جمع رِشاء بمعنى الحبل.
8. الطّوِيّ: جمع طويّة وهي البئر، والبئر البعيدة: العميقة.
------------------

النص الثاني قال عليه السلام :

أُفٍّ لَكُمْ (1) ! لَقَدْ سَئِمْتُ عِتَابَكُمْ! أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ عِوَضاً؟ وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً؟ إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْ دَارَتْ أَعْيُنُكُمْ (2) ، كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِي غَمْرَةٍ (3) ، وَمِنَ الذُّهُولِ في سَكْرَةٍ، يُرْتَجُ (4) عَلَيْكُمْ حَوَارِي (5) فَتَعْمَهُونَ (6) ،فَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْ مَأْلُوسَةٌ (7) ، فَأَنْتُمْ لاَ تَعْقِلُونَ. مَا أَنْتُمْ لي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيَالي (8) ، وَمَا أَنْتُمْ بِرُكْنٍ يُمَالُ (9) بِكُمْ، وَلاَ زَوَافِرُ (10) عِزٍّ يُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ. مَا أَنْتُمْ إِلاَّ كَإِبِل ضَلَّ رُعَاتُهَا، فَكُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِن آخَرَ، لَبِئْسَ ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ سُعْرُ (11) نَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ! تُكَادُونَ وَلاَ تَكِيدُونَ، وَتُنْتَقَصُ أَطْرَافُكُمْ فَلاَ تَمْتَعِضُونَ (12) ; لاَ يُنَامُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ في غَفْلَةٍٍٍ سَاهُونَ، غُلِبَ وَاللهِ الْمُتَخَاذِلُونَ! وَأيْمُ اللهِ إِنِّي لْأَظُنُّ بِكُمْ أنْ لَوْ حَمِسَ (13) الْوَغَى (14) ، وَاسْتَحَرَّ الْمَوْتُ (15) ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ (16). وَاللهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ (17) ، وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ، وَيَفْرِي (18) جِلْدَهُ، لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ، ضَعِيفٌ ماضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ (19). أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ،فَأَمَّاأَنَا فَوَاللهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ (20) تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ (21) ، وَتَطِيحُ (22) السَّوَاعِدُ وَالْأَقْدَامُ، وَيَفْعَلُ اللهُ بَعْدَ ذلِكَ مَا يَشَاءُ.

----------------

1. أُفّ لكم: كلمة تضَجّر واستقذار ومهانة.
2. دوَرَان الأعين: اضطرابها من الجزع.
3. الغمرة: الواحدة من الغمر وهو: الستر، وغمرة الموت: الشدّة الّتى ينتهي إليها المحتضر.
4. يُرْتَجُ: بمعنى يغلق، تقول: رتج الباب أي: أغلقه.
5. الحَوار ـ بالفتح وربما كسر ـ: المخاطبة ومراجعة الكلام.
6. تَعْمَهُون: مضارع عَمِهَ، أي تَتَحَيّرون وتتردّدون.
7. المَألُوسة: المخلوطة بمس الجنون.
8. سَجِيس ـ بفتح فكسر ـ: كلمة تقال بمعنى أبداً، وسجيس: أصله من «سجس الماء» بمعنى تغيّر وتكدّر، وكان أصل الاستعمال: «مادامت الليالي بضلامها».
9. يُمال بكم: يُمَال على العدو بعزكم و قوتكم.
10. الزّافرة من البناء: رُكْنُهُ، ومن الرجل عشيرته وأنصاره.
11. السَّعْر ـ بالفتح ـ مصدر سَعَرَ النار ـ من باب نَفَعَ ـ: أوقدها، وبالضم جمع ساعر، وهو ما أثبتناه، والمراد «لبئس مُوقدوا الحرب أنتم».
12. امْتَعَضَ: غَضِبَ.
13. حَمِسَ ـ كفَرِحَ ـ: اشتد وصَلُبَ في دينه فهو حَمِسٌ.
14. الوَغى: الحرب، وأصله الصوت والجَلَبَة.
15. اسْتَحَرّ: بلغ في النفوس غاية حدّته.
16. انفرجتم انفراج الرأس: أي كما ينفلق الرأس فلا يلتئم.
17. يَعْرُقُ لَحْمَهُ: يأكل حتى لا يبقى منه شيء على العظم.
18. فَرَاه يَفْريه: مَزّقَهُ يمزقه.
19. ما ضُمت عليه الجوانح: هو القلب وما يتبعه من الأوعية الدموية، والجوانح: الضلوح تحت الترائب، والترائب: ما يلي التّرْقُوَتَينِ من عَظْم الصدر.
20. المَشْرفِيّة: هي السيوف التي تنسب إلى مشارف، وهي قرى من أرض العرب تدنو إلى الريف، ولا يقال في النسبة إليها: مشارفي، لأن الجمع ينسب إلى واحدة.0
21. فَرَاشُ الهامِ: العظام الرقيقة التي تلي القحف.
22. تَطِيحُ السواعِدُ: تَسْقُطُ، وفعله كباع وقال.

------------

النص الثالث :

قاله قبل شهادته علي سبيل الوصية لمّا ضربه ابن ملجم لعنة الله عليه:


وَصِيَّتِي لَكُمْ: أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئاً، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهٌ عَلَيْهِ وَآلِهِ- فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ، أَقِيمُوا هذَيْنِ الْعَمُودَينِ، وأَوْقِدُوا هذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وَخَلاَكُمْ ذَمَّ (1) أَنَا بِالْأََمْسِ صَاحِبُكُمْ، وَالْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ، وَغَداً مُفَارِقُكُمْ، إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ حَسَنَةٌ، فَاعْفُوا (أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) وَاللهِ مَا فَجَأَنِي مِنَ الْمَوْتِ وَارِدٌ كَرِهْتُهُ، وَلاَ طَالِعٌ أَنْكَرْتُهُ، وَمَا كُنْتُ إِلاَّ كَقَارِب (2) وَرَدَ، وَطَالِبٍ وَجَدَ، (وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأََبْرَارِ).

------------

النص الرابع : في استنهاض الناس


أَلاَ وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هؤُلاَءِ القَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَسِرّاً وَإِعْلاَناً، وَقُلْتُ لَكُمُ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ في عُقْرِ دَارِهِمْ (9) إِلاَّ ذَلُّوا، فَتَوَاكَلْتُمْ (10) وَتَخَاذَلتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغَارَاتُ (11) ، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الْأُوْطَانُ. وَهذَا أَخُو غَامِد قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبَارَ (12) ، وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ البَكْرِيَّ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا (13). وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالْأُخْرَى المُعَاهَدَةِ (14) ، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا (15) وَقُلْبَهَا (16) وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا (17) ، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالْإِسْتِرْجَاعِ وَالْإِسْتِرْحَامِ (18) ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ (19) ، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ (20) ، وَلاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِن بَعْدِ هَذا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. فَيَا عَجَباً! عَجَباًـ وَاللهِ ـ يُمِيتُ القَلْبَ وَيَجْلِبُ الهَمَّ مِن اجْتَِماعِ هؤُلاَءِ القَوْمِ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً (21) ، حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً (22) يُرمَى: يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْرُونَ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْن! فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِم فِي أَيَّامِ الحَرِّ قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ القَيْظِ (23) أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الحَرُّ (24) ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ: هذِهِ صَبَارَّةُ القُرِّ (25) ، أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا البَرْدُ، كُلُّ هذا فِرَاراً مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ!

------------------

والآن امعني النظر في هذا النص فهو والله يكتب بماء الذهب قال فيه يتبرّأ من الظلم


وَاللهِ لَأَنْ أَبِيتَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ (1) مُسَهَّداً (2) ، أَوْ أُجَرَّ فِي الْأَغْلاَلِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَرَسُولَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَغَاصِباً لِشَيْءٍ مِنَ الْحُطَامِ، وَكَيْفَ أَظْلِمُ أَحَداً لِنَفْسٍ يُسْرِعُ إِلَى الْبِلَى قُفُولُهَا (3) ، وَيَطُولُ فِي الثَّرَى (4) حُلُولُهَا؟! وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلاً وَقَدْ أمْلَقَ (5) حَتَّى اسْتَمَاحَنِي (6) مِنْ بُرِّكُمْ (7) صَاعاً، وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ (8) الشُّعُورِ، غُبْرَ (9) الْأَلْوَانِ، مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأَنَّمَا سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بِالْعِظْلِمِ (10) ، وَعَاوَدَنِي مُؤَكِّداً، وَكَرَّرَ عَلَيَّ الْقَوْلَ مُرَدِّداً، فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ سَمَعِي، فَظَنَّ أَنِّي أَبِيعُهُ دِينِي، وَأَتَّبِعُ قِيَادَهُ (11) مُفَارِقاً طَرِيقِي، فَأَحْمَيْتُ لَهُ حَدِيدَةً، ثُمَّ أَدْنَيْتُهَا مِنْ جِسْمِهِ لِيَعْتَبِرَ بِهَا، فَضَجَّ ضَجِيجَ ذِي دَنَفٍ (12) مِنْ أَلَمِهَا، وَكَادَ أَنْ يَحْتَرِقَ مِنْ مِيسَمِهَا (13) ، فَقُلْتُ لَهُ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ (14) ، يَا عَقِيلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِيدَةٍ أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَتَجُرُّنِي إِلَى نَارٍ سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ! أَتَئِنُّ مِنَ الْأَذَى وَلاَ أَئِنُّ مِنْ لَظىً (15) ؟! وَأَعْجَبُ مِنْ ذلِكَ طَارِقٌ طَرَقَنَا بِمَلْفَوفَةٍ (16) فِي وِعَائِهَا، وَمَعْجُونَةٍ شَنِئْتُهَا (17) ، كَأَنَّمَا عُجِنَتْ بِرِيقِ حَيَّةٍ أَوْ قَيْئِهَا، فَقُلْتُ: أَصِلَةٌ (18) ، أَمْ زَكَاةٌ، أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَذلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ! فَقَالَ: لاَ ذَا وَلاَ ذَاكَ، وَلكِنَّهَا هَدِيَّةٌ. فَقُلْتُ: هَبِلَتْكَ الْهَبُولُ (19) ! أَعَنْ دِينِ اللهِ أَتَيْتَنِي لِتَخْدَعَنِي؟ أَمُخْتَبِطٌ (20) أَنْتَ أَمْ ذُوجِنَّة (21) ، أَمْ تَهْجُرُ (22) ؟ وَاللهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلاَكِهَا، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جِلْبَ (23) شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ، وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا (24) ، مَا لِعَلِيّ وَلِنَعِيمٍ يَفْنَى، وَلَذَّةٍ لاَ تَبْقَى! نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سُبَاتِ (25) الْعَقْلِ، وَقُبْحِ الزَّلَلِ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ.

--------------
1. كأنه يريد من «الحَسَك» الشوك. والسَعْدان: نبت ترعاه الأبل له شوك تشبه به حلمة الثدي.
2. المُسَهّد: من سهّده إذا أسهره. المصفّد: المقيّد.
3. قُفولها: رجوعها.
4. الثرى: التراب.
5. أمْلَقَ: افتقر أشدّ الفقر.
6. استماحني: استعطاني.
7. البُرّ: القمح.
8. شُعْث: جمع أشْعثْ، وهو من الشعر المتلبد بالوسخ.
9. الغُبْر ـ بضم الغين، جمع أغبر ـ: متغير اللون شاحبه.
10. العِظْلِم ـ كزِبْرج ـ: سواد يصبغ به، قيل هو النيلج أي النيلة.
11. القِياد: ما يُقادُ به كالزِمام.
12. الدَنَف ـ بالتحريك ـ: المرض.
13. المِيسَم ـ بكسر الميم وفتح السين ـ: المكْواة.
14. ثَكِلَ ـ كفرح ـ: أصاب ثُكْلاً ـ بالضم ـ وهو فقدان الحبيب أو خاص بالولد. والثواكل: النساء.
15. لَظَى: اسم جهنم.
16. الملفوفة: نوع من الحلواء أهداها الأشعث بن قيس إلى عليّ.
17. شَنِئْتها: أي كرهتها.
18. الصلة: العطية.
19. هَبِلَتْكَ ـ بكسر الباء ـ: ثكلتك; والهَبُول ـ بفتح الهاء ـ: المرأة لا يعيش لها ولد.
20. أمُخْتَبِطٌ في رأسك: أمختلّ نظام إدراكك؟
21. ذوجِنّة: من أصابه مسّ من الشيطان.
22. تهجر: أي تهذي بما لا معنى له في مرض ليس بصرع.
23. جلب الشعيرة: قشرتها. وأصل الجلْب غطاء الرحل فتجوّزَ في إطلاقه على غطاء الحبة.
24. قَضِمَتِ الدابّةُ الشعيرَ ـ من باب عَلِمَ ـ: كسرته بأطراف أسنانها.
25. سُبات العقل: نومه. والزَلَل: السقوط في الخطأ.
1. كأنه يريد من «الحَسَك» الشوك. والسَعْدان: نبت ترعاه الأبل له شوك تشبه به حلمة الثدي.
2. المُسَهّد: من سهّده إذا أسهره. المصفّد: المقيّد.
3. قُفولها: رجوعها.
4. الثرى: التراب.
5. أمْلَقَ: افتقر أشدّ الفقر.
6. استماحني: استعطاني.
7. البُرّ: القمح.
8. شُعْث: جمع أشْعثْ، وهو من الشعر المتلبد بالوسخ.
9. الغُبْر ـ بضم الغين، جمع أغبر ـ: متغير اللون شاحبه.
10. العِظْلِم ـ كزِبْرج ـ: سواد يصبغ به، قيل هو النيلج أي النيلة.
11. القِياد: ما يُقادُ به كالزِمام.
12. الدَنَف ـ بالتحريك ـ: المرض.
13. المِيسَم ـ بكسر الميم وفتح السين ـ: المكْواة.
14. ثَكِلَ ـ كفرح ـ: أصاب ثُكْلاً ـ بالضم ـ وهو فقدان الحبيب أو خاص بالولد. والثواكل: النساء.
15. لَظَى: اسم جهنم.
16. الملفوفة: نوع من الحلواء أهداها الأشعث بن قيس إلى عليّ.
17. شَنِئْتها: أي كرهتها.
18. الصلة: العطية.
19. هَبِلَتْكَ ـ بكسر الباء ـ: ثكلتك; والهَبُول ـ بفتح الهاء ـ: المرأة لا يعيش لها ولد.
20. أمُخْتَبِطٌ في رأسك: أمختلّ نظام إدراكك؟
21. ذوجِنّة: من أصابه مسّ من الشيطان.
22. تهجر: أي تهذي بما لا معنى له في مرض ليس بصرع.
23. جلب الشعيرة: قشرتها. وأصل الجلْب غطاء الرحل فتجوّزَ في إطلاقه على غطاء الحبة.
24. قَضِمَتِ الدابّةُ الشعيرَ ـ من باب عَلِمَ ـ: كسرته بأطراف أسنانها.
25. سُبات العقل: نومه. والزَلَل: السقوط في الخطأ.
صورة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون
صورة

أمة الله
مشترك في مجالس آل محمد
مشاركات: 149
اشترك في: الخميس نوفمبر 24, 2005 5:24 pm

مشاركة بواسطة أمة الله »

السلام عليكم أخوتي جميعاً والسلام عليك سيدي القدير و معلمي الفاضل

بارك الله فيكم وحفظكم من كل شر...

أعتذر فلم أنتبه للرد سيدي...و إنها حقاً لكلمات تكتب بماء الذهب الخالص..
جعلنا الله أمة تنتهج نهج النبي الأمين صلى الله عليه وآله وسلم و وصيه أمير المؤمنين و العترة الأطهار المنتجبين...

آمين و أعيد شكري لكم ألف ألف مرة...
بارككم الله سيدي وأنالنا من علمكم المزيد..

شكراً لكم..

تحياتي
حب علي وبنيه الطهر أهل الرشدِ **
فرضٌ على كل الورى من والدٍ وولد**
لو أبغضتهم مهجتي أخرجتها من جسدي**
فرضٌ من الله ومن يهدي الاله يهتدي**

أضف رد جديد

العودة إلى ”المجلس العام“