(((الزَّوَاج بَيْنَ مَفْهُومِ الزَّوَاجِ الشَّرْعِي والمُتعَة)))
http://www.al-majalis.com/forum/viewtop ... 6a620981d3
* هُنا نَقل إجمَاع أهل البَيت (ع) على تَحرِيم المُتعَة ، بلا نِقاش ، والنّقاش في الرابط السّابق .
===================================
بسم الله الرحمن الرحيم
المُتعَة عندَ أهل البيت (ع)
والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ورضوانه على الصحابة الراشدين ، والتابعين لهم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدّين :
وبعد :
فإنّه لمّا كَثُرَ الكلام حول المتعة ، و زادَ التَراشق بين أهل ملّة الإسلام (من أهل السنة والجعفرية) ، مُستعرضينَ لأقوال أسلافِهِم في هذه المسألة ، جَاء فِي ذِهني عَرض أقوال أئمّة أهل البيت (ع) ، سادات الزيدية من أبناء الحسن والحسين ، المُتقدّمين منهم والمُتأخرين ، مُنبّها القارئ النبيه أن لا يفوتَهُ استنباط الإجماع الفاطمي المعصوم في هذه المسألة ، وقبل البدء في استعراض أقوال أئمّة أهل البيت (ع) في المُتعة ، أجدُني مُضطراً لذكر صِفَة المُتعة عن الشيعة الجعفرية ، ليكون طَرحُنا أدقّ ، وأقبَل ، فنقول :
[ صفة زواج المُتعَة عندَ الجعفرية ]
* روى الشيخ الصدوق في كتابه (مَن لا يحضرُه الفقيه) ، عن أبي عبدالله (ع) ، صِفَة المُتعة ، فقال الصادق (ع) ، يقول الرجل للمرأة : (( زَوجِينِي نَفسَكِ مُتعةً على كتاب الله وسنّة نبيّه ، نِكاحاً غير سِفاح ، عَلى أنْ لا أرِثُكِ ولا تَرِثِيني ، ولا أطْلُبُ وَلَدَكِ إلى أجل مسمّى ، فإنْ بَدَا لِي زِدتُكِ وزِدتِينِي)) .
* ومن صفته ، قولُ الرّجل للمرأة : ((أتَزَوجٌكِ كَذَا وَكَذَا يَوماً ، بِكَذَا وكَذَا دِرهماً ، فَإذا مَضَت تِلكَ الأيّام كانَ طَلاقُهَا فِي شَرطِهَا )) .
* إذاً المُتعَة باختصار : زواجٌ بلا ولي ولا شُهود ، زواجٌ بلا طلاق ينتهي بانتهاء المُدّة المُتفّق عليها ، زواجٌ بلا تَوارُث ، يجوز للرجلّ أن يتزوج متعةً ماشاء من النّساء ، وأنّ للمتُمتّع أجرٌ من الله عظيم.
نعم ! فهذه صفة المُتعة الجعفرية ، ونبدأ الآن بسرد ما وَعَدنَا به من أقوال أئمة اهل البيت (ع) في المتعة ، فنقول : منها ما :
[ مَا أُثِرَ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) (ت40هـ) ]
1- روى الإمام زيد بن علي بن الحسين السبط (ع) ، عن آبائه ، عن علي (ع) ، قال : ((نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر)). [ مسند الإمام زيد بن علي ، كتاب النكاح ، باب الولي والشهود في النكاح ] .
2- روى محمد بن منصور المرادي ، بسنده ، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن الحنفية، عن أبيهما عن علي (ع) : أنه قال لابن عباس وهو يفتي في المتعة ، فقال: ((مهلاً فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قد نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية )) . [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ( المُسمّاة رأب الصدع ) ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
3- روى الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط (ع) ، بسنده ، إلى الحسن وعبدالله ، عن أبيهما ، محمد بن علي رضي الله تعالى عنه، أنه سمع أباه علي بن أبي طالبٍ عليه السلام وقد لقي ابن عباسٍ وبَلَغَهُ أنّه يُرخّص فِي مُتعَة النّساء، فَقال له عليه السلام: (( إنك امرؤٌ تائهٌ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية )). [ أمالي الإمام أبي طالب ، الباب السابع والأربعون ] .
4- روى الإمام المتوكّل على الله أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهّر بن علي بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت556هـ) ، عن عبدالله المحض بن الحسن بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي (ع) ، أنّه قال : (( حَرّمَ رسول الله صلى الله عليه، المتعة مِنَ النساء يَوم خيبر، قال: لا أجدُ أحَدا يَعمَلُ بِهَا إلاَّ جَلَدتُه. )) . [ أصول الأحكام ، للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان ، كتاب النكاح ، باب ما يصح أو يفسد من النكاح ] .
[ مَا أُثِرَ عن زَيد بن عَلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت122هـ) ]
5- حدّثنا فقيه بني علي أبو الطاهر أحمد بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن زيد بن علي : أنّهُ سُئِلَ على المتعة ؟ فقال : (( هيَ مثل الميتة والدّم ولحم الخنزير )) . [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
6- سُئلَ الإمام زيد بن علي (ع) عن المتعة ؟ ، فقال : (( رُخصَةٌ نزل بها القرآن وحرّمَها لمّا نزلت العـدّة والمَواريث، وهذا إجماع أهل البيت -عليهم السلام - ؛ فقيل: يا ابن رسول الله، وما الذي نسخها ؟ فقال: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)...إلخ الآيات} [المؤمنون]، فلم يبح الله تعالى إلا الزوجة وملك اليمين )) . [ مجموع رسائل الإمام زيد بن علي (ع) ] .
[ مَا أُثِرَ عن عبدالله بن الحَسن بن الحَسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت145هـ) ]
7- حدّثنا زاهد أهل البيت عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الحسن ، أنّه قال لرجلٍ كانَ يتزوّج المُتعَة : (( اتّق الله ، ودَع ما أنتَ عليه )) ، [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
[ مَا أُثِرَ عن محمد بن عبدالله بن الحَسن بن الحَسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت145هـ) ]
8- روى محمد بن منصور المرادي ، بسنده ، عن مسكين السمّان ، أنّه قال : سألتُ محمد بن عبدالله النفس الزكيّة ، عن المتعة ؟ ، فقال : (( لا تُرِدهَا )) . [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
[ مَا أُثِرَ عن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت240هـ) ]
9- قال محمد بن منصور المرادي ، سألتُ أحمد بن عيسى ، عن المُتعَة ؟ ، فلَم يَرَهَا . [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
[ مَا أُثِرَ عن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت246هـ) ]
10- روى محمد بن منصور المرادي ، عن جعفر بن محمد النيروسي ، عن الإمام القاسم الرّسي بن إبراهيم (169-246هـ) ، أنّه قال : (( لا تَحِلّ المُتعَة ؛ لأن المتعة إِنّمَا كَانَت فِي سَفرٍ كَان فيه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، ثمّ حَرّم الله ذلك عَلى لسان رَسوله . وقد روي عَن علي -عليه السلام- بِمَا قَد صَح: (( أنّ النّبي – صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عنها)) . وأمّا مَن يَحتَجّ بِهذِه الآية مِمّن استَحَلّ الفَاحِشَةَ مِنَ الفِرقَة المَارِقَة فِي قَول الله سبحانه : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ }، فَالاستمتاع هُو الدّخول بهنَّ على وَجه النّكاح الصّحيح، وإيتاؤهنَّ أجورَهنَّ، فَهو إعطَاؤهنَّ مُهورهنَّ، إلاَّ مَا وَهَبنَ بِطيبٍ من أنفسهنَّ، والتّراضي فَهو التّعاطي، ولا يَجوز النّكاح إلا بوليٍ وشَاهِدَين؛ لأنّ فِي ذَلِك تَركُ مَا بَيّن الله عزّ وجلَّ فِيه، وخُروج النّساء مِن أيدِي الأولياء، وإبطَالُ مَا جَعَل الله عزّ وجل للأولياء فيهنَّ، ومَا حَكَم بِه الأولياء عَليهنَّ. ألا تَسْمَعُ كَيفَ يَقولُ لا شَريكَ له : { وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ }، وقَال عزّ وجل : {وَلاَ تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } ،وقال: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ }، فَلو كَان الأمرُ فِي ذَلك إليهنَّ، بَطلَ الأمرُ فِي هَذا كلّه مِن أيدي الرّجال، وخَرَج مِن أيدِي الأولياء ، أمهَاتهم، وبَنَاتهم، وأخواتهم، وحُرمَاتهم، ولقَد كانَ هَذا ومِثله فِي الجَاهليّة الجَهلاء، وإنّه ليُستعظَم، ويُريقُ فيه النّاس كثيراً مِنَ الدّماء، ويَكونُ فيه فَسادٌ عَظيمٌ بَين الأولياء مِنَ الرّجال والنّساء ، فَكيفَ فِي الإسلام الذي جَعَلَهُ الله عزّ وجلّ يُصلِحُ ولا يُفسِد، ويُؤكِّدُ الحقوقَ بينَ أهلِها، ويُسدّد، ولَقَد أدْرَكْنَا مَشَايخنَا مِن أهلِ البيت، ومَا يَرَى هذا مِنهُم أحَد، حَتّى كَانَ بِآخرِه أحدَاثٌ سُفهَاء ، رَوَوا الزّور والكَذِب [ يُريد القاسم (ع) أنّ هُناكَ من روَى كذباً وزوراً عن أهل البيت قولَهُم بالمتعة ، والله أعلم ] )) [ أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، باب ما ذكر في تحريم المتعة وإبطال النكاح إلا بولي وشهود ] .
11- قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (ع) : حدثني أبي [الحسين] عن أبيه [القاسم] أنه سئل عن نكاح المتعة؟، فقال: ((لا يحلّ نكاح المتعة ، لأنّ المتعة إنّما كَانَت فِي سَفَرٍ سَافَرَه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثمّ حَرّم الله ذلك على لسَان رَسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقَد رُويَ لنَا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بِمَا قَد صَحّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نَهَى عنه)). [ كتاب الأحكام ، للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ، كتاب النكاح ، باب القول في المتعة والوكالة بالتزويج والقول في تزويج الوصي ] .
[ مَا أُثِرَ عن الحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) (ت247هـ) ]
12- قال فقيه أهل البيت الحسن بن يحيى (247هـ) : (( أجمعَ آل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، عَلى كَرَاهَة المتعة والنّهي عَنهَا. وقالوا: إنّمَا كَانَت أُطلِقَت فِي سَفر ثمّ نَهَى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عَنها وحَرّمَها، وقَالوا: نَسَخَتهَا العدّة والمَواريث، وأجْمَعوا على أنّه لانِكَاح إلا بولي وشاهدين وصِداق بلا شرط في النكاح)) [ جامع آل محمد ، للشريف الحافظ محمد بن علي بن الحسن بن علي بن الحسين بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط ، كتاب النكاح ، باب مايصح أو يفسد من النكاح ] .
[ مَا أُثِرَ عن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت298هـ) ]
13- قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) : ((المُتعَةُ عِندَنَا فَهِي النّكَاحُ والاستمتَاع بِالنّسَاء على طَريقِ مُلك عقدَة النّكَاح بِعَقِد الأوليَاء وَشَهَادَة عَدْلَين مِنَ الشُّهَدَاء ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَقول الله تبارك وتعالى: ((فَمَا اسْتَمتَعتُم بِهِ مِنهُنّ فَآتوهنّ أجورَهُن فَريضَة)) ، يُريدُ مَا استَمْتَعتُم بِه مِنهنّ بإنكَاح أوليَائهِنّ ، فَآتوهنّ أجُورَهُنّ، والأجور هَاهُنا فَهِيَ المهور، فَأمّا مَا يَقولُ بِه أهْلُ الشنّاعَات، والطّالِبونَ لِلتعَللات، أنّها تَكونُ للحرمَات، مِنَ أنّ المرأةَ تَعقد عقدَة نِكَاحِهَا فِيمَا بَينها وَبينَ زَوجهَا مِن دونِ مَنْ جَعَل الله أمرهَا إليه مِن أوليائهِا ، فَلا يُلتفَتُ إلى قولِه، ولا يُتّكَلُ عَليه، لأنَّ الله سُبحانه قَد أبطَلَ قَولَ مْن قَال بذلك، وكانَ فِي القول في التعدّي كَذلك بِمَا بَيّن مِن الحكم بحكم عقدة النكاح للأوليَاء، وبيّن مِن حَظْرِ ذَلك على النّساء ، فَقال سبحانه: ((وأنْكِحُوا الأيَامَى مِنكُم والصّالحينَ مِن عبادِكُم وإمَائكُم)) ، وقَال سبحانَه: ((ولا تَعظلوهنّ أن ينكحن أزواجهن)) ، وقال سبحانه: ((فأنكحوهن بإذن أهلهنّ)) ، ففي كل ذلك يأمر الله سبحانه وينهى من جعل الله عقدة النكاح إليه من الأولياء، ولو كَانَ كَمَا يَقول المبطلون وَيتأول من الافتراء على الله المفترون، لأمَر النّساء ونَهَاهُنّ فِي ذَلك كَمَا أمَرَ أولياءهنّ ، ولكنّ الله رؤوف رحيم، ذو قُدرَة وامتنان كَريم ، وكَيفَ يُجيزُ ذَلك أو يَأمُرُ بِه، أو لهن يطلقه، وهُو يقول: ((إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون)) ، وأيّ فَاحِشَةٍ أعظَمُ مِن أفعَال مَن يُولي النّساء الإنكاح لأنفسهنّ دون الرّجال، إذاً لخرَجَ الحرم مِن أيدي أوليائهِنّ، ولَهَتَكنَ مَا ضَربَ الله من الحجَاب عليهنّ، ولمَا وُجِدَ فَاجِرٌ مَعَ فَاجِرَة يَفجُرُ بِهَا إلاَّ ادّعى وادّعَت أنّه تَزَوّجَهَا، لِيَصرِفَا بِذَلِكَ مَا حَكَمَ الله بِهِ مِنَ الحدود عَليهِمَا، وَلو كَانَ ذَلك كَذلِك ثمّ ادّعَيَا عِندَ ظُهورِ الشّهود عَليهِمَا ذَلك، لمَا صَحّت للشهود شَهَادَة ، ولا وَجَبَت عَلى أحدٍ بِشهادَتِهم عُقوبة، لأنّ الفَاسِقَين لا يَجْتريانِ على الفُسوقِ إلا وهُمَا على الكَذِبِ أجْرَأ، وبقول المحال ممّا يدرءان به الحد عن أنفُسِهِمَا أحْرَى، ولَو جَازَ ذَلك فِي المسلمين لمَا قَام شيءٌ مِنْ حُكمِ ربّ العَالمين فِي الزّانين الفَاسِقِين، ولاجْتَرَأ بِذَلك على الله سبحانه كلّ فَاجِر، ولَو كَانَ ذَلِكَ حقّا - تَعالى الله عنْ ذَلك - لمَا كَانَ لِقَولِه سبحانه: ((الزّانية والزّاني فَاجلدُوا كلّ واحد منهمَا مَائة جَلدة ولا تأخذكم بهمَا رأفة فِي دين الله)) ، مَعنى ، لأنّه لا يُوجَد زَانٍ أبداً فَيَجِبُ أن يُهتَك بين المسلمين هتكاً، بَلْ كَانَ يَدّعي التزويج لها، ولَكانت هي تُقرّ بِذلك له فيها، خَشيَةً مِن وُجوب الحدّ عَليه وعليها فَمَتى - لَو كانَ ذلك كمَا يقولون - يَصحّ حكمهم في الزّنا إذ يحكمون، والزّناة يَدّعون مَا يَدّعون مِن النّكاحِ لما بِه يَزنون، كَلاّ إنّ اللهَ لأحسنُ تَقديراً وحُكماً مِنْ أنْ يُجِيزَ قَولَ مَن يَقولُ مُحَالا وزُوراً . [ كتاب الأحكام ، للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ، كتاب النكاح ، باب القول في المتعة والوكالة بالتزويج والقول في تزويج الوصي ] .
14- قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (ع) : ((هَذَا الذي ذَكَرْنَا ، وَذَكَرَ جَدّي [يعني القاسم الرسي] رَحمَة الله عليه فِي المُتعَة هُو الحقّ ، لا مَا يأتونَ بِه ويَقولونَ بِه فِي المُتعة مِن شروطِهِم زَعَمُوا [يعني الجعفرية])) . [ كتاب الأحكام ، للإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (ع) ، كتاب النكاح ، باب القول في المتعة والوكالة بالتزويج والقول في تزويج الوصي ] .
[ مَا أُثِرَ عن الناطق بالحق يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن القاسم بن الحسن بن زيد بن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت424هـ) ]
15- قال الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين الهاروني الحسني : (( ونكاح المُتعة باطل، وهو: أن يتزوَّج الرجل امرأةً إلى أجل معلوم، فيرتفع النِّكاح بمضيه )). [ كتاب التحرير ، للإمام الناطق بالحق ، كتاب النكاح ، باب ما يصح من النكاح وما يفسد ] .
[ مَا أُثِرَ عن المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهّر بن علي بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت556هـ) ]
16- استطرد الإمام أحمد بن سليمان (ع) ، بعد ذكر رواية عبدالله المحض السابقة، قائلاً : (( لا خِلافَ فِي هَذه الأخبار ، وتحريم المُتعة ، إلاَّ مِنَ الإمَامية فإنّهم ذَهبُوا إلى جواز المُتعة، ... ، واستَدلّت الإمامية بالأخبَار المَنسُوخَة، ولقول الله تعالى: { فَمَا استمتعتمم به مِنهنّ فآتُوهنّ أُجُورَهُنّ} ، فَنقول : أمّا الأخبَار فَقد بَيّنت نَسخَها، وروي عن ابن عباس أنّه كَان يُفتي بالمتعة، ورُوي أنهُ رَجع عن ذلك، وأمّا قول الله تعالى: { فما استمتعتم به مِنهن} ، فَإن الاستمتاع فِي اللغة: هُو الإيقاع بالشيء ، ومنه قول الله تعالى: { أذْهَبتم طَيباتِكم فِي حَياتِكم الدّنيا واستَمتَعتُم بها }، وقوله تعالى: { فَاستمتعتم بِخَلاقكم كمَا استمتعَ الذينَ مِن قَبلِكُم بِخَلاقِهم } فالمراد بالاستمتاع بهنّ النّكاحُ الصحيح. )) [ أصول الأحكام ، للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان ، كتاب النكاح ، باب ما يصح أو يفسد من النكاح ] .
[ مَا أُثِرَ عن الحسين بن يحيى الحوثي أطال الله بقاه ]
17- السيّد العلامة يحيى بن الحسين الحوثي : ((ومن الخلاف بيننا وبينهم [ يعني الإمامية ] المتعة ؛ فنحن نحرمها لما رواه الإمام زيد بن علي، عن آبائه، عن علي ـ عليهم السلام، قال: نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن نكاح المتعة عام خيبر. ولما رواه أيضاً عن آبائه، عن علي ـ عليهم السلام ـ، قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدين ليس بالدرهم ولا بالدرهمين، ولا اليوم ولا اليومين شبه السفاح. ولقوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:7] ، ولقوله تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2]، فإنه لا يستطاع أن يقام هذا الحد على رجل ولا امرأة ؛ لأن كل زانٍ يدعي أنه تمتع. ولقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء:15]، لأنه لا يعرف بالشهادة إتيان الفاحشة ؛ لأنهن يدعين المتعة، ولأن الشهود لا يستطيعون أن يقيموا الشهادة ؛ لأنهم لا يعرفون المتعة من الفاحشة ؛ لكون المتعة بين الرجـل والمرأة بدون شهود ولا ولي ؛ فلا يعرفون المتمتع من الزاني، حتى يشهدون أنه زنى، وكذا القاذف لا يستطيع أن يأتي بأربعة شهداء على الزنا لعدم معرفة هذه من هذا حال المشاهدة فتكون هذه الآية وآية القذف عاريتين عن الفائدة. وكذا قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور:33]، ولو كانت المتعة حلالاً لدلهم عليها ولم يأمرهم بالاستعفاف ؛ لأنه يتمكن منها أفقر الفقراء. وكذا قوله: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:25]، ولو كانت المتعة حلالاً لم يدله على نكاح الأمة ؛ لأنه سيصير أولاده منها عبيداً مملوكين ولم يرخص في نكاحها إلا بشرط خشية العنت ؛ ثم قال: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [النساء:25]، ولو كانت المتعة حلالاً لم يخش العنت ولم يحتج إلى الصبر، مع أنها خلاف الحكمة والمصلحة ؛ لأنه يحصل منها مفاسد كثيرة ؛ لأنه ربما تمتع الغريب بامرأة فتحمل ثم يأتي رجل آخر فيتمتع بها، ويختلط النسل ، وربما تمتع بها بعده أبوه أو ابنه وهما لا يعرفانها ، وربما ولد للرجل من المتعة ابن أو ابنة ولا يدري ولا يعرفهما ولا يعرفانه إذا كـان غريباً، وربما تزوّجت البنت بأبيـها أو بأخيها أو بابن أخيها، وكذا الابن ربما تزوج بإخته أو من تحرم عليه، وقد يحرم الولد من ميراث أبيه ويظلم الورثة بعضهم بعضاً وهذه العلل التي حرم الزنا لأجلها وهي موجودة في المتعة. ومن الأدلة على نسخها وتحريمها ما روي في أمالي أحمد بن عيسى بن زيـد بن علي ...[ ثمّ ساق يحيى بن الحسين الأدلّة على تحريمه ، إلى أن قال ]..... فهذه تدل على بطلان نكاح المتعة ؛ لأن المتعة لا يشترط فيها الولي ولا الشهود. ومما يؤيد ذلك قول الله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء:25] ، {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} [النور:32]، {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة:232]، {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة:221]، ففي كل هذه الآيات يسند النكاح إلى الرجال ، انظر كيف قال الله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ} بضم أوله من أنكح غيره أي لا تنكحوا نساءكم المشركين ، وقال: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة:221]، بفتح أوله من نكح ينكح فهو ناكح لما كان الرجل هو الذي ينكح نفسه.... )) [ الجواب الكاشف للالتباس عن مسائل الإفريقي إلياس ، ويليه الجواب الراقي عن مسائل العراقي ، للسيد العلامة يحيى بن الحسين الحوثي ] .
18- قال السيّد العلامة يحيى بن الحسين الحوثي : ((وأما الشيعة والمراد بهم الإمامية فانحرافهم عن أهل البيت غير الاثني عشر ظاهر لا ينكر وكيف يستحلون المتعة. وقد روى النسخ والتحريم واشتراط الولي سادات أولاد الحسنين - عليهم السلام - وغيرهم كما قدمنا ذكرهم بدون مبالاة ولم يجعلوا رواياتهم تفيد الشبهة فيتوقفون ويحتاطون لدينهم ؛ فالمؤمنون وقّافون عند الشبهات ، ولم يذكروا غير الاثنى عشر [ يُريدُ أنّهم لا يُعوّلون على سادات بني الحسن والحسين من أهل البيت غير أئمتهم الاثني عشر ] في كتبهم في إصدار ولا إيراد، ولم يلتفتوا إلى رواياتهم ولا تواريخهم إلا نزراً بأن يذكروهم ثُوَّاراً. وأما اعتمادهم على الباقر والصادق والرضا والكاظم - عليهم السـلام - فهو ذهاب إلى سراب بقيعة ؛ لأنهم لا يَروون عنهم إلا بوسائط من أسْلافهم ليسَ فيهم أحد من أولاد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - . وإنما اعتمادهم في الحقيقة على هشام بن الحكم وهشام بن سالم، وصاحب الطاق ثم على الطبرسي والطوسي والكليني والمفيد ؛ فهؤلاء في الحقيقة عندهم سفينة نوح يدورون معهم أينما داروا وأولاد الحسنين عنها في معزل. )) . [ الجواب الكاشف للالتباس عن مسائل الإفريقي إلياس ، ويليه الجواب الراقي عن مسائل العراقي ، للسيد العلامة يحيى بن الحسين الحوثي ] .
وبهذا النقل المُختصر أختمُ كلامي هُنا ، مُصليّاً ومُسّلماً على أشرف الأنبياء والمُرسلين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين .
الأحد
13/6/1427هـ
