بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن اتبع هداه
وبعد:
بكل احترام وإعجاب يسعدني للمرة الثانية كأخ زائر (لمجالس آل محمد) والإخوة الكرام المشاركين في إحياء الندوات والحوارات في هذه المجالس المباركة. أن أحيي الجميع من الأعماق آملا أن أجد الفرصة للحديث عن الجهاد الذي لا يقتصر على القتل والقتال وسفك الدماء كما يتصوره بعض الأخوة المتعطشين للدماء بل ان كلمة الجهاد تشمل معاني كثيرة منها جهاد النفس الأمارة بالسوء وطلب العلم ومقارعة المشركين والظلمة بالحجة الدامغة من كتاب الله وسنة رسوله والكد في طلب الرزق وغيره كثير. وأستغرب حين قال أحد الإخوة ساخرا لا يوجد هناك قتال أكبر وقتال أصغر ولا أدري ما إذا كان يستهجن الحديث الشريف الذي نص على ضرورة التوجه للجهاد الأكبر وهو جهاد النفس بعد أن فرغ من الجهد لأصغر. علما بأني لم أشير لا من قريب ولا من بعيد عن قتال أصغر وقتال أكبر ولا أدري ماذا يريد الأخ من وراء هذا إذ إن الكلام مقصور على الجهاد بشموليته.
ولقد أصاب الأخ عبد الله حميد الدين فيما المح إليه عن الجهاد.
ولهذا أرجو من الإخوة المتحاورين أن ينطلقوا في حواراتهم في موضوع الجهاد من خلال المصادر العلمية الصحيحة. معتمدين في قراراتهم على العقل قبل العاطفة إذ المعروف بأن (الجهاد هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين) في أي زمان وفي أي مكان بالإضافة إلى أن إلزامية الجهاد تتوقف على وجود سلطة عليا تتمثل في الإمام أو الأمير بحيث يتحمل المسؤولية ويدعو الناس إلى الجهاد في حالة تعرض الوطن أو الدين الإسلامي إلى الإعتداء من قبل المشركين. إلى جانب الاستعداد للمواجهة بالعدة والعتاد (وأعدو لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) وإلا فمعنى ذلك الإنتحار الذي يحرمه الشرع والعقل. وما حدث في افغانستان هو من هذا القبيل بقيادة طالبان الذين حكموا بلادهم فترة من الزمن بالحديد والنار بما يشبه حكم الغاب باسم الإسلام الذي لا يعرفون منه إلا اسمه. وإلا كيف يجرون بلادهم إلى حرب طاحنة غير متكافئة مع الأمريكان ولا حتى بنسبة 5% فيقتل ويسجن ويشرد مئات الآلاف من الأبرياء دونما سبب يذكر. أما كان لهم أن يفكروا في النتائج قبل الإعتداء الانتحاري على مركز التجارة العالمي في نيويورك في سبتمبر عام 2001 حيث هدموا اكبر المعالم التاريخية الشاهقة في البنيان على رؤوس أصحابها الذي لا يقل عددهم عن ثلاثة ألاف ضحية غير عابهين بهوية الضحايا. ناهيك عن الخسائر الفادحة التي تكلف آلاف المليارات من الدولارات ظانين خطأ بأن مثل هذا العمل المتوحش سيدمر أمريكا نهائيا وفي نفس الوقت يعزز من مكانة الإسلام بين الأمم المتحضرة. بينما كانت النتائج عكس ما يتوهمون. أما كان الأحرى لهؤلاء(المهوسيين) أن يكفوا عن ارتكاب مثل هذه الأخطاء الفادحة لكي لا يعرضوا الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم للضرر كما هو الحال الآن. هذه صورة للجهاد الغير مبرر. ونخشى أن تتكرر هذه الصورة في أكثر من بلد إسلامي إذا كانت العواطف هي التي تتحكم في قراراتنا الجهادية وليس العقل و المنطق. وما يجري الآن في العراق وفلسطين ربما لا يبعد عن هذه الصورة التي ستقضي على الأخضر واليابس في الوقت الذي توجد فيه المخارج التي تبعدنا عن المغامرات المهلكة، قال تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله). والذي لا يتدبر تلك العواقب فعليه ان يسأل المصطلين بالنار مثل محمود عباس في فلسطين ونوري المالكي في العراق. فأيديهم في النار وأيدي غيرهم في الماء وليتدبر أولي الألباب.
وللحديث بقية مع تحياتي للجميع
أبو عصام