المسجد الحرام في اليمن
منير الماوري* ( 15/04/2006 )
مع قرب اكتمال بناء جامع الرئيس الصالح في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ستضم الجزيرة العربية أشهر مسجدين في التاريخ يحملان نفس الاسم. الأول هو المسجد الحرام في مكة المكرمة والثاني هو ما يطلق عليه اليمنيون المسجد الحرام في صنعاء حيث يتجنب أكثرهم استعمال التسمية الرسمية للمسجد ويفضلون التسمية الأكثر دقة لأنهم يعتبرونه مسجدا حراما ليس لضخامته وعظمته ولكن لأنه مبني من أموال حرام.
ربما أن الرئيس علي عبدالله صالح أراد من بناء الجامع تخليد اسمه بعد رحيله وهذا يدفعنا للتفاؤل بأن إضافة كل حجر إلى المسجد تعني الإيذان بقرب رحيل الرئيس الذي يقف عقبة أمام التغيير والإصلاح والتصحيح. ولكن إذا كان اسم المسجد قد غيره الشعب في حياة الرئيس فليس من المستبعد أن يتغير الإسم رسميا بعد رحيل الرئيس الصالح ولنا في تاريخنا الحديث شواهد على ذلك.
لقد أمر الرئيس صالح نفسه بتغيير اسم حديقة 13 يونيو إلى حديقة الثورة وصحيفة 13 يونيو إلى صحيفة 26 سبتمبر ومدينة الحمدي السكنية إلى اسم آخر وربما أنه هو الذي أمر بقلع الأشجار الذي زرعها إبراهيم الحمدي بيديه كي لا تذكره تلك الأشجار بإبراهيم الحمدي، وبما أن التاريخ كثيرا ما يعيد نفسه فليس هناك ما يضمن أن يحافظ العهد المقبل على اسم المسجد باسم الرئيس الصالح، وأن نعود للإحتفال بعيد الشجرة وعيد العصافير بدلا من الاحتفال ب 7 يوليو و17 يوليو أو بعيد الحرب وعيد الجلوس.
أتذكر أني كتبت مقالا عام 1993 تحت عنوان: هل نحن بحاجة إلى مساجد جديدة؟ ردا على انطباعات صحفية كتبها الاستاذ أحمد اسماعيل الأكوع عن زيارة له للمغرب ومشاهداته لمسجد الملك الحسن الثاني وهو مسجد مشابه لجامع الرئيس الصالح، وكان الزميل الأكوع مبهورا بضخامة المسجد وفخامته، لكنه من موقعه كمدير لتحرير صحيفة الثورة في ذلك الوقت رأى أن مقالي قد يسئ للعلاقات المتينة مع الأشقاء المغاربة، فلم يرى ذلك المقال النور. وها أنا اليوم أعود إلى نفس الموضوع ولكن المسجد لم يعد في دولة شقيقة وإنما في بلدنا نفسها التي هو أكثر حاجة من المغرب في للمطالبة بمصانع ومزارع ومشاريع انتاجية بدلا من التوسع في بناء مساجد لدينا منها ما يكفي ويزيد.
والذي أعاد هذا الموضوع إلى ذاكرتي هو حوار قرأته في منتدى المجلس اليمني الموقع الحواري الذي يجد فيه شباب اليمن متنفسا لطرح أفكارهم بنسبة عالية من الحرية والشفافية وعدم الخوف من جواسيس الأمن الإلكترونيين. وقد نشر الموقع مؤخرا صورا لآخر مراحل بناء مسجد الرئيس الصالح، وتعليقات القراء عليه التي تميزت بحس وطني ناقد يثير الإنتباه.
يتساءل أحد المشاركين في منتدى المجلس اليمني على شبكة الإنترنت من أين للرئيس الصالح الأموال اللازمة لإنشاء مؤسسة خيرية باسمه موازنتها السنوية بالملايين، ومن اين له ميزانيه بناء مسجد كهذا ؟؟؟ ولماذا يسميه باسمه إذا كانت الأموال ليست أمواله؟! ويضيف آخر إن المسجد مبني على أرض مسلوبة من أملاك آل زهرة وآل شارب وغيرهم، وليست من أملاك علي عبدالله صالح ولا حتى من أملاك الدولة ولا يجوز شرعا بناء مسجد على أرض مغتصبة من مالكيها.
وتدفع الغيرة مشارك آخر في المنتدى إلى الزعم بأن الصلاة لا تجوز في مسجد إذا كان المصلين يعلمون أنه مبني من أموال حرام 100%، ويقول المشارك إن بعض الأموال تؤخذ بالغصب أو بالإحراج للتجار وغيرهم ليساهموا في بناء مسجد الغرض منه المفاخرة وليس الطاعه والتقرب الى الله.
ويكشف أحدهم أنه سمع من تاجر صغير عضو في مجلس النواب أن الأخ علي عبدالله صالح اتصل به شخصيا وقال " ليش ما تساهم في مشروع الجامع ما شفناش منك أي مبادرة" وحسب رواية التاجر الذي نحتفظ باسمه قال " احترت لو أعطيه مليون ريال مش بحق اتصاله .. ولو اعطيه مائة مليون مش قادر ادفع هذا المبلغ .. فدفعت له ثلاثين مليون ريال".
نعم ثلاثون مليون ريال من تاجر بسيط فكم دفع كبار التجار بعد ابتزازهم؟ وكم صرف القطاع الخاص لهذا المسجد من مليارات؟ وكم تحملت ميزانية الدولة ؟
كل شئ غامض في المشروع رغم أن المؤسسات الخيرية يفترض أن تكون حساباتها مكشوفة. وبناء المساجد عادة ما يتولاه أهل الخير من أموالهم الخاصة برغبتهم الخاصة وبأسمائهم الخاصة وليس بالفرض والإجبار ولا بأموال تجبى بالإبتزاز أو بالتسول من التجار أو بالسرقة من الخزينة العامة.
لقد كان المسجد نذير شؤم على البلاد ليس لأنها فقدت المليارات فقط، وأثار بناؤه اشمئزاز أبناء الشعب الفقير وليس لأن بنائه جاء في وقت تمر فيه بضائقة اقتصادية خانقة بل لأن الوطن فقد أيضا بسبب المسجد شابا من خيرة شبابنا هو المهندس بشير البشيري الذي لم تتحمل نفسيته الشفافة ضغوط الإشراف على مشروع مثير للجدل كهذا، ولم تتحمل روحه المتفانية تقريع الرئيس له وانتقاداته الخشنة على تقصير لم يكن الشاب الفقيد سببا له فقرر الرحيل.
إن أي مشروع نفقد بسببه الأرواح والأموال دون أي مردود اقتصادي لهذا الشعب الفقير لا جدوى منه ولا يمكن اعتباره سوى جريمة من الجرائم الكثيرة التي ترتكب في حق هذا الوطن العظيم والشعب المسكين لبناء مجد مزيف لا داعي له.
ويرى أحد أصحاب الأصوات الحرة في المجلس اليمني أن الحاكم كان في السنوات الماضية يتفاخر بالمنجزات العملاقة مثل " الوحدة المغدورة" و استخراج النفط في مارب حسب تعبيره " من بير علي الى جيب علي" وسد مارب " الذي يعود الفضل في بنائه للشيخ زائد رحمه الله وابراهيم الحمدي الشهيد الحي في قلوب معظم اليمنيين".
ويضيف هذا المواطن اليمني " سمعت خطابا للاخ الرئيس او الوالد الرئيس يقول فيه: ان هناك مشاريع عملاقه مثل المساجد والجسور ...الكلام للرئيس. وهوا يقصد المسجد العملاق و جسر او جسرين بناهما الصينيون صدقة لنا.
ويقول هذا المواطن الغاضب " لن أصلي في المسجد حتى أعرف مصدر الأموال التي التي بني بها، ولن أزور قبر الرئيس داخله لأنه ليس من أولياء الله الصالحين، ولن أصلي فيه طالما صور الرئيس فوق المحراب المواجه للكعبة المشرفة" ثم يختم مشاركته قائلا " أنا لو مني احوله سكنا للشحاتين النائمين على ارصفة شارع تعز ".
ويرى آخر أن فكرة بناء المسجد جاءت عندما زار الرئيس الصالح البلدان العربية والإسلامية أثناء وفاة بعض ملوكها ورؤسائها .. ووجد مساجد فخمة ورأى أنه لا يوجد مثلها في اليمن واحتار أين سيصلي حكام العرب في وفاته فقرر أن يعمل هذا المشروع حتى لا يقول عنا الجيران أننا دولة متخلفة لا يوجد فيها مساجد كتلك التي في بلدانهم .. والدليل ديكور المسجد .." ثم يأتي صوت آخر قائلا " ليس على القائد الفذ أبو أحمد من ملامه فهو وجد شعبا بعد أن يسلخ جلده يصيح بالروح بالدم نفديك ياعلي ويذكرني ذلك بمن كانوا يصيحون لصدام حسين قبل احتلال بغداد وفي اليوم الثاني الجميع شاهد اولئك المنافقين ماذا فعلوا ...
ثم يشير نفس المشارك إلى أن " الرئيس انتقد مرة في أحد خطاباته الذين يبنون المساجد وربما أنه نسي تلك المقوله ولم يجد من يذكره بها ومع هذا أقول أن الشعب الذي الذي يخرج لملاحقة موكب الرئيس ويصيح بالروح بالدم نفديك ياعلي عليه أن يغير هذه الأسلوب ويرفع شعارات تنادي باصلاح الوضع الإقتصادي المتردي الذي يخنق ملايين الفقراء ويجبر الفتيات المحتاجات على الرذيلة التي اصبحت مع الأسف الشديد عيانا بيانا أمام أالأعين في الفنادق السياحية التي تملأ المدن اليمنيه المتراميه الأطراف.
وختاما لا يسعنا إلا أن نقول لرئيسنا وأولاده " لا نريد منكم حسنات ولا صدقات ولا مؤسسات خيرية بل نريد منكم فقط أن تكفوا عنا وعن أموالنا وأملاكنا وخيراتنا وتكتفوا برواتبكم التي يكفلها لكم الدستور والقانون، ولكم منا كل الود، أو كما يقول المثل اليمني والتعبير الدارج " سلموها وأسلموا".
--------------------------------------------------------------------------------
كاتب يمني مقيم في واشنطن
almaweri@hotmail.com
المسجد الحرام في اليمن
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 3099
- اشترك في: الخميس نوفمبر 17, 2005 4:22 pm
- مكان: قلب المجالس
المسجد الحرام في اليمن
رب إنى مغلوب فانتصر
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 668
- اشترك في: السبت أغسطس 07, 2004 3:39 pm
- اتصال:
للأسف الشديد ،،، تشييد المعابد من قبل الحكام لمحاولة الخلود أو حتى تخليدهم وسيلة قديمة قدم الدهر ... ولعلنا نعرف أن الحضارة المصرية فعلتها فملايين البشر ماتوا وهو يعملون كأرقاء في سبيل إقامة المعابد لتخليد الفراعنة ... ثم لمزيدا من التخليد أفنى الكثير منهم عمره بتشييد الإهرام وحقيقة الإهرام أنه قبر طراز خمسة نجوم ... وحسب ..
وجاء الإسلام وكان مسجد سيدي رسول الله من القش .... ولكن ؟ .... فالبر قابع بالرسالة الفكرية لا الرسالة الإسمنتية أو الحجرية ..
وعليه متى نسمع أن أحدهم قد أوقف أمواله ( الحلال بالطبع) في سبيل خدمة الأيتام كمبرة ، أو تبرع بها لإنشاء مكتبة عامة .... بالطبع ذلك لن يرد بعهود المغول أو مغول العصر ... التفكير فقط بالبهرجة والتهريج الذي يجذب السذج .... وربما اللعنات مستقبلا ..... وخاصة عندما تتسلل للأذن كلمة " من أين لك كل هذا " ...
وجاء الإسلام وكان مسجد سيدي رسول الله من القش .... ولكن ؟ .... فالبر قابع بالرسالة الفكرية لا الرسالة الإسمنتية أو الحجرية ..
وعليه متى نسمع أن أحدهم قد أوقف أمواله ( الحلال بالطبع) في سبيل خدمة الأيتام كمبرة ، أو تبرع بها لإنشاء مكتبة عامة .... بالطبع ذلك لن يرد بعهود المغول أو مغول العصر ... التفكير فقط بالبهرجة والتهريج الذي يجذب السذج .... وربما اللعنات مستقبلا ..... وخاصة عندما تتسلل للأذن كلمة " من أين لك كل هذا " ...
-
- مشترك في مجالس آل محمد
- مشاركات: 1606
- اشترك في: الجمعة يونيو 24, 2005 5:42 pm
- مكان: صنعاء حده
- اتصال:
موقع المسجد الحرام
تم الغاء عرض الصورة التي استخدمتها في التوقيع كون المستضيف لها يحتوي على برمجيات ضارة، يرجى رفعها على موقع آمن .. رابط صورتك القديمة::
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif
http://www.nabulsi.com/text/02akida/4ot ... age023.gif