وسوف اقول في هدا الموضوع بتقسيم المواضيع كما كان في الموضوع الاول
فاطمة في ميزان السماء
![Surprised :o](./images/smilies/icon_surprised.gif)
(قُلْ لا أسألُكُم عليهِ أجراً إلاّ المودّة في القُربى)(1).
العلاقة بين (الحب) و(المودّة) علاقة العموم والخصوص المطلق من الناحية المنطقيّة، فالمودّة أوسع مفهوماً وأكثر شمولاً من الحب، لأن الحب لا يعني الطاعة بالضرورة، في حين أن المودّة تقتضي الطاعة مع الحب، وبتعبير أكثر دقة نقول في المودة تعني: الحب + الطاعة. ويقول الفرزدق:
كفرٌ، وقربهمُ منجىً ومعتصمُ
من معشرٍ حبهم دين وبغضهمُ
أما أنه يحبه، فكل الناس يحبون علياً ويحبون محمداً وأهل بيته الطيبين الطاهرين، باستثناء الأفراد الذين يحملون قلوباً مملوءة بالحقد، فالقرآن الكريم أشار إليهم في سورة البقرة، ثم تلاها: (ختمَ اللهُ على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة) و(في قلوبهم مرضٌ فزادهم اللهُ مرضاً ولهم عذابٌ أليم).
بعد هذه المقدمة نقول: إن الله سبحانه وتعالى في سورة الشورى آية 23 يخاطب النبي قائلاً: (لا أسألكم) أيها المسلمون! (عليه أجراً) مادياً أو معنوياً يرجع إليّ، وإنما أنا رسول من قبل الله فليس لي أجر لا منكم ولا من غيركم، وإنما أجري الحقيقي على رسالتي، ولا يمكن من التمسك برسالتي (إلاّ) بشيء واحد فقط هو: (المودة في القربى). فأقربائي: هم فروعي التي تجسدني وأجري فيها، فاستمرُ من خلالها، فمودتكم لأقربائي تزيد من تمسككم برسالتي ... ولأنهم أكثر استيعاباً لرسالتي...
من الخلاصة: الآية تشير إلى (فرض) الله على المسلمين (مودة) أهل البيت (عليهم السلام). ذهب جمهور المسلمين إلى أن المراد بالقربى هم (علي وفاطمة والحسن والحسين)، وإن اقتراف الحسنة إنما هي في مودتهم ومحبتهم (ومنْ يقترفْ حسنةً نَزِدْ له فيها حُسناً إنِّ الله غفورٌ شكور).
فـفاطمة (سلام الله عليها) أحد هؤلاء الذين فرض الله مودتهم، وهناك عشرات الآيات التي وردت في حق سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام)، إذا أردت التفصيل فراجع كتاب فاطمة الزهراء في القرآن للسيد صادق الشيرازي جمع فيها المؤلف الآيات النازلة في حقها من كتب. فمولاتنا وسيدتنا الزهراء (عليها السلام) هي عظيمة عند الله في السماء العلوي، فتقييمها لا يمكن أن يحيط به البشر لأن الضيّق لا يمكن أن يحيط بالواسع، إذن فإن مكانتها وعظمتها (صلوات الله عليها) لا يمكن أن يستوعبها أي واحد من المخلوقات إلاّ النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام)... كما أنها (عليها السلام) تعلم الغيب كسائر المعصومين (عليهم السلام) لأنها بضعة النبي لا البضعة الماديّة فقط بل المعنوية أيضاً. ففي الحديث: (لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن لفاطمة (عليها السلام) كفء على وجه الأرض، آدم فمن دونه) البحار : ج 43، ص 107.
وهكذا تكررت شهادة الله في القرآن الكريم وشهادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في فضل فاطمة الزهراء (عليها السلام) وسمو منزلتها، وارتفاع مقامها... وأختم بحثي بالوسام الذي قلّده رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى فاطمة (عليها السلام) لتبقى ملازمةٌ لقلوب المؤمنين يومياً إلى يوم القيامة كفريضة الصلاة، علماً أن الهدية أو الوسام يجب أن يكون بمناسبة للمهدي إليه، فقد علّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة (عليها السلام) التسبيح الذي يعرف باسمها (تسبيح الزهراء) وللأئمة (عليهم السلام) عنايةً كبيرة بهذا التسبيح، وهو المقدم عندهم في التعقيب بعد كل فريضة، بل وحتى بعد الصلاة المستحبة.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) في كل يوم، في دبر كل صلاة أحبَّ إليَّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم) ثواب الأعمال : ص 163.
وقال (عليه السلام) أيضاً: (تسبيح فاطمة (عليها السلام) في دبر المكتوبة قبل أن يبسط رجليه، أوجب الله له الجنّة) فلاح السائل ص 150.
وهكذا شاء الله على لسان الرسول وأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أن تبقى فاطمة مُخلّدة إلى يوم القيامة، فإذا أردنا النجاة، فعلينا أن نركب سفينة محمد وأهل بيته، فإنها السفينة الوحيدة في العالم القادرة على خوض لجج البحار. وعواصف الأهوال والضياع.